tag:blogger.com,1999:blog-27224608401029602992024-03-19T03:53:55.456-07:00النظم الفهرسية الموسوعية الببلوجرافية للأحاديث النبوية وأهميتها bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.comBlogger19125tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-70782899939254247892022-04-17T01:05:00.001-07:002022-04-17T01:05:11.625-07:00تطريز رياض الصالحين {{كتَاب المنثُورَات وَالمُلَحِ}}<b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-family: Scheherazade New;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span></span></b><br /><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-family: Scheherazade New;"></span></span></b><div style="text-align: justify;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-family: Scheherazade New;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب المنثُورَات وَالمُلَحِ</span></span><br /><span style="font-size: x-large;">370-[بَابُ الْمَنْثُوْرَاتِ وَالْمُلَحِ]</span><br /><span style="font-size: x-large;">المنثورات: الأحاديث التي لا تتقيَّد بباب خاص.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والملح: جمع مُلحة: ما يُستملح ويُستعذب من الأحاديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1808] عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ. فَلَمَّا رُحْنَا إلَيْهِ، عَرَفَ ذلِكَ فِينَا، فَقالَ: «مَا شَأنُكُمْ؟» قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الغَدَاةَ، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فقالَ: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفنِي عَلَيْكُمْ، إنْ يَخْرُجْ وَأنَا فِيكُمْ، فَأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ؛ وَإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجيجُ نَفْسِهِ، واللهُ خَلِيفَتي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. إنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِيَةٌ، كَأنّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأ عَلَيْهِ فَواتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ؛ إنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِيناً وَعَاثَ شِمالاً، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا» قُلْنَا: يَا رسُولَ اللهِ، وَمَا لُبْثُهُ في الأرْضِ؟ قال: «أرْبَعُونَ يَوماً: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمْعَةٍ، وَسَائِرُ أيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قُلْنَا: </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1025) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ؟ قَال: «لا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قُلْنَا: يا رسولَ اللهِ، وَمَا إسْراعُهُ في الأرْضِ؟</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: «كَالغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأتِي عَلَى القَوْمِ، فَيدْعُوهُم فَيُؤمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرىً وَأسْبَغَهُ ضُرُوعاً، وأمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأتِي القَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَولَهُ، فَيَنْصَرفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلاً مُمْتَلِئاً شَبَاباً فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ، فَيُقْبِلُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إذْ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى المَسيحَ ابْنَ مَرْيَمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعاً كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأطَأَ رَأسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤ، فَلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إلا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي إلى حَيثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأتِي عِيسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوماً قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذلِكَ إذْ أوْحَى اللهُ تَعَالَى إلى عِيسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنِّي قَدْ أخْرَجْتُ عِبَاداً لي لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَيَبْعَثُ اللهُ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أوائِلُهُمْ عَلَى بُحيرَةِ طَبَريَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بهذِهِ مَرَّةً ماءٌ، وَيُحْصَرُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1026) </span><br /><span style="font-size: x-large;">رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْراً مِنْ مِئَةِ دينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى اللهِ تَعَالَى، فَيُرْسِلُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى الأرْضِ، فَلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إلا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتَنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى اللهِ تَعَالَى، فَيُرْسِلُ اللهُ تَعَالَى طَيْراً كَأَعْنَاقِ البُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ، فَتَطْرَحُهُمْ حَيثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ - عز وجل - مَطَراً لا يُكِنُّ مِنهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَقَةِ، ثُمَّ يُقَالُ للأرْضِ: أنْبِتي ثَمَرتكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقَحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أنَّ اللّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ؛ وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ؛ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى ريحاً طَيِّبَةً فَتَأخُذُهُمْ</span><br /><span style="font-size: x-large;">تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ؛ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيها تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قولهُ: «خَلَّةً بَينَ الشَّامِ والعِراَقِ» : أي طَرِيقاً بَيْنَهُمَا. وقولُهُ: «عَاثَ» بالعين المهملة والثاء المثلثة، وَالعَيْثُ: أَشَدُّ الفَسَاد. «وَالذُّرَى» : بضم الذال المعجمة وهو أعالي الأسْنِمَةِ وهوَ جَمعُ ذِروةٍ بضمِ الذالِ وكَسْرها « </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1027) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَاليَعَاسِيبُ» : ذُكُورُ النَّحْلِ. «وَجِزْلَتَيْنِ» : أيْ قِطْعَتَيْنِ، «وَالغَرَضُ» : الهَدَفُ الَّذي يُرْمَى إلَيْهِ بالنَّشَّابِ، أيْ: يَرْمِيهِ رَمْيَةً كَرَمْيَةِ النَّشَّابِ إلى الهَدَفِ. «وَالمَهْرُودَةُ» بالدال المهملة والمعجمة، وهي: الثَّوْبُ المَصْبُوغُ. قَولُهُ: «لا يَدَانِ» : أيْ لا طَاقَةَ. «وَالنَّغَفُ» : دُودٌ. «وَفَرْسَى» : جَمْعُ فَرِيسٍ، وَهُوَ القَتِيلُ. وَ «الزَّلَقَةُ» : بفتح الزاي واللام وبالقاف، ... وَرُوي: الزُّلْفَةُ بضم الزاي وإسكان اللام وبالفاء وهي المِرْآةُ. ... «وَالعِصَابَةُ» : الجَمَاعَةُ. «وَالرِّسْلُ» بكسرِ الراء: اللَّبَنُ. «وَاللِّقْحَةُ» : اللَّبُونُ. «وَالفِئَامُ» بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة: الجماعةُ. ... «وَالفَخِذُ» مِنَ النَّاسِ: دُونَ القَبِيلَة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «غير الدجال أخوفني عليكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: كذا في جميع نسخ بلادنا بالنون، وكذا نقله عياض رواية الأكثرين. قال: ورواه بعضهم بحذفها، وهما لغتان صحيحتان، معناهما واحد. ومعنى الحديث: أخوف مخوفاتي عليكم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1028) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ويبعث الله يأجوج ومأجوج» . هما أمتان عظيمتان يخرجون حين يفتح الله سدهم، ويجعله دكًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1809] وعن رِبعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، قال: انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري إلى حُذَيفَةَ بن اليمان - رضي الله عنهم -، فقال له أبو مسعود: حَدِّثْنِي ما سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدَّجَّالِ، قال: «إنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، وإنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَاراً، فَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تُحْرِقُ، وأمَّا الَّذِي يَرَاهُ النَّاسُ نَاراً فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ. فَمَنْ أدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقَعْ فِي الَّذي يَراهُ نَاراً، فَإنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ» . فقال أبو مسعود: وَأنَا قَدْ سَمِعْتُهُ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: قال العلماء: هذا من جملة فتنه التي امتحن الله بها عباده، يحق الحق، ويبطل الباطل، ثم يفضحه بعدُ، ويظهر عجزه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1810] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أرْبَعِينَ، لا أدْرِي أرْبَعِينَ يَوماً أو أرْبَعِينَ شَهْراً، أو أرْبَعِينَ عَاماً، فَيَبْعَثُ اللهُ تَعالَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيسَ بَينَ اثْنَينِ عَدَاوةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ - عز وجل -، ريحاً بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيرٍ أو إيمَانٍ إلا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ، لَدَخَلَتْهُ عَلَيهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1029) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ، وأحْلامِ السِّبَاعِ، لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، ولا يُنْكِرُونَ مُنْكَراً، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، فيَقُولُ: ألا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تأمُرُنَا؟ فَيَأمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمْ في ذلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فَلا يَسْمَعُهُ أحَدٌ إلا أصْغَى لِيتاً وَرَفَعَ لِيتاً، وَأوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ فَيُصْعَقُ ويُصْعَقُ النَّاسُ حولهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ - أو قال: يُنْزِلُ اللهُ - مَطَراً كَأَنَّهُ الطَّلُّ أو الظِّلُّ، فَتَنْبُتُ مِنهُ أجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقالُ: يا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إلَى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: أخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعَمِئَةٍ وَتِسْعَةً</span><br /><span style="font-size: x-large;">وتِسْعِينَ؛ فَذَلِكَ يَومٌ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيباً، وَذَلِكَ يَومَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«اللِّيتُ» : صَفْحَةُ العُنُقِ. وَمَعْنَاهُ يَضَعُ صَفْحَةَ عُنُقِهِ وَيَرْفَعُ صَفْحَتَهُ الأُخْرَى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: لا أدري أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين سنة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والجزم بأنها أربعون يومًا مقدَّم على هذا الترديد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1811] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيسَ مِنْ بَلَدٍ إلا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إلا مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ؛ وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1030) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أنْقَابِهِمَا إلا عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهُمَا، فَيَنْزِلُ بالسَّبَخَةِ، فَتَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، يُخْرِجُ اللهُ مِنْهَا كُلَّ كافِرٍ وَمُنَافِقٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: يجمع بينه وبين حديث: «لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال» . بأن الرعب المنفي: الخوف والفزع، حتى لا يحصل لأحد فيها بسبب الإِرفاق، وهو إشاعة مجيئه، وأنه لا طاقة لأحد به، فيسارع حينئذٍ إليه من يتصف بالنفاق أو الفسق، فظهر حينئذٍ تمام أنها تنفي خبئها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1812] وعنه - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ ألْفاً عَلَيْهِم الطَّيَالِسَةُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الطيالسة: جمع طيلسان، وهو الثوب الذي له علم، وقد يكون كساء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1813] وعن أم شريكٍ رضي الله عنها: أنها سَمِعَتِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «لينْفِرَنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الجِبَالِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1814] وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وذلك أنه لا ينجو من فتنته إلا النذر اليسير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأخرج أبو نعيم في ترجمة حسان بن عطية من (الحلية) بسند صحيح إليه، قال: (لا ينجو من فتنة الدجال إلا اثنى عشر ألف رجل، وسبعة آلاف امرأة) . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1031) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا لا يقال من قبل الرأي، فيحتمل أن يكون مرفوعًا أرسله، ويحتمل أن يكون أخذه من بعض أهل الكتاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1815] وعن أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤمِنِينَ فَيَتَلَقَّاهُ المَسَالِحُ: مَسَالِحُ الدَّجَّال. فَيقُولُونَ لَهُ: إلى أيْنَ تَعْمِدُ فَيَقُولُ: أعْمِدُ إلى هذَا الَّذِي خَرَجَ. فَيَقُولُونَ لَهُ: أوَمَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا؟ فَيقُولُ: مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ! فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ألَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أنْ تَقْتُلُوا أحَداً دُونَهُ، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إلى الدَّجَّالِ، فَإذَا رَآهُ المُؤْمِنُ قالَ: يا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّ هذَا الدَّجَّال الَّذي ذَكَرَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَيَأمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ؛ فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ. فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْباً، فَيقُولُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ المَسِيحُ الكَذَّابُ! فَيُؤْمَرُ بِهِ، فَيُؤْشَرُ بِالمنْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ. ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ القِطْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ، فَيَسْتَوِي قَائِماً. ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلا بَصِيرَةً. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ لا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ؛ فَيَأخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيَجْعَلُ اللهُ مِا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاساً، فَلا يَسْتَطِيعُ إلَيهِ سَبيلاً، فَيَأخُذُهُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّهُ قَذَفَهُ إلَى النَّارِ، وَإنَّمَا أُلْقِيَ فِي الجَنَّةِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هذا أعْظَمُ النَّاس شَهَادَةً عِندَ رَبِّ العَالَمِينَ» . رواه مسلم. وروى البخاري بعضه بمعناه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«المسالِح» : هُمُ الخُفَرَاءُ والطَّلائِعُ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1032) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين، أي: لأنه قال الحق عند الظالم الكاذب الجائر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: وروى البخاري بعضه بمعناه، ولفظه: «يأتي الدجال وهو محرَّم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فيدخل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذٍ رجل، وهو خير الناس أو من خيار الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثه، فيقول: أرأيتم إن قتلت هذا، ثم أحييته، هل تشكُّون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله، ثم يحييه، فيقول والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط ... عليه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1816] وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: ما سألَ أَحَدٌ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَألْتُهُ؛ وإنَّهُ قَالَ لِي: «مَا يَضُرُّكَ» قُلْتُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ. قالَ: «هُوَ أهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلكَ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عياض: معناه هو أهون من أن يجعل ما يخلقه على يديه مضلاً للمؤمنين، ومشككًا لقلوب الموقنين، بل ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، ويرتاب الذين في قوبهم مرض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1817] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، ألا إنَّهُ أعْوَرُ، وإنَّ رَبَّكُمْ - عز وجل - لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ما من نبي إلا وقد أنذر قومه الأعور الكذاب» ، وذلك لأنهم علموا بخروجه وشدة فتنته، وتوهم كل نبي إدراك أمته، فأنذرهم منه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1033) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «مكتوب بين عينيه ك ف ر» . هذا لفظ رواية مسلم. ولفظ البخاري: «وإن بين عينيه مكتوبًا كافر» . وفي رواية: «يقرؤه كل مؤمن، كاتب وغير كاتب» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1818] وَعَن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أُحدِّثُكمْ حديثاً عن الدجالِ ما حدَّثَ بهِ نبيٌّ قَومَهُ! إنَّهُ أعورُ، وَإنَّهُ يجيءُ مَعَهُ بِمِثالِ الجنَّةِ والنَّارِ، فالتي يقولُ إنَّها الجَنَّةُ هي النَّار» . متفقٌ عليهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فالتي يقول: إنها الجنة هي النار» . أي: وبالعكس، واكتفى بما ذكر لدلالته عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1819] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانَي النَّاسِ، فَقَالَ: «إنَّ اللهَ لَيْسَ بِأعْوَرَ، ألا إنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «طافية» بياء غير مهموزة، أي: بارزة، وبعضهم بالهمز، وهي التي ذهب ضوءها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والذي يتحصل من مجموع الأحاديث أن الصواب ترك همز طافية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1820] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاء الحَجَرِ وَالشَّجَرِ. فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ هذَا يَهُودِيٌّ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1034) </span><br /><span style="font-size: x-large;">خَلْفِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ؛ إلا الغَرْقَدَ فإنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: الغرقد نوع من شجر الشوك، معروف ببلاد بيت المقدس، وهناك يكون قتل الدجال واليهود. وقال الدينوري: إذا عظمت العوسجة، صارت غرقدًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1821] وعنه - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرجُلُ بالقَبْرِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هذَا القَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ، ما بِهِ إلا البَلاَءُ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فيتمرغ عليه» . أي: يتقلب على القبر مما أصابه من الأنكاد الدنيوية، وذلك لاستراحة الميت من نصب الدنيا وعنائها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1822] وعنهُ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يُقْتَتَلُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِئَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَيَقُولُ كُلُّ رجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أنْ أكُونَ أنَا أنْجُو» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفي رواية: «يُوشِكُ أنْ يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلا يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئاً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فمن حضره، فلا يأخذ منه شيئًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وذلك لأنه لا يصل إليه أحد إِلا بعد التقاتل، فلا يصل إليه حتى يقتل عددًا، وقد يقتل هو، وإذا لم يتوجه إليه وامتثل النهي، سلم في نفسه، وسلم منه غيره. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1035) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1823] وعنهُ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لا يَغْشَاهَا إلا العَوَافِي يُريد - عَوَافِي السِّبَاعِ والطَّيرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ المَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وُحُوشاً، حَتَّى إذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الودَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهمَا» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العوافي» ، يعني في آخر الزمان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال القاضي: إنه جرى في العصر الأول، فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت حين نقلت الخلافة إلى الشام والعراق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1824] وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يكُونُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَائِكُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَحْثُو المَالَ وَلا يَعُدُّهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1825] وعن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ فَلا يَجِدُ أَحَداً يَأخُذُهَا مِنهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، فلا يجد أحدًا يأخذها منه» . قال الشارح: وذلك لإِخراج الأرض كنوزها وفيضان المال. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1036) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1826] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَاراً، فَوَجَدَ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ، إنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أشْتَرِ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قالَ أحَدُهُما: لِي غُلاَمٌ، وقالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ قال: أنْكِحَا الغُلاَمَ الجَارِيَةَ، وأنْفِقَا عَلَى أنْفُسِهمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">العقار: كل ملك ثابت له أصل، كالدار، والنخل، والأرض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: تورع البائع والمشتري، وإنصاف الحاكم بينهما، وعدم طمعه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1827] وعنهُ - رضي الله عنه -: أنَّه سمعَ رسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «كانت امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابْنِ إحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وقالتِ الأخرَى: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَا إلى دَاوُدَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لا تَفْعَلْ! رَحِمَكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ للصُّغْرَى» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: الذي ينبغي أن يقال: إن قضاء دواد به لها لسبب اقتضى ترجيح قولها عنده، إذ لا بينة لإِحداهما. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1037) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن الجوزي: استنبط سليمان لما رأى الأمر محتملاً، فأجاد وكلاهما حكم بالاجتهاد. ودلت هذه القصة: أن الفطنة والفهم موهبة من الله تعالى لا تتعلق بكبر سن ولا صغره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1828] وعن مِرداس الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ أوِ التَّمْرِ لا يُبَالِيهُمُ اللهُ بَالَةً» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحُثالة: الرديء من كل شيء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: أي لا يرفع لهم قدرًا، ولا يقيم لهم وزنًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: وفي الحديث أن موت الصالحين من أشراط الساعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الندب إلى الاقتداء بأهل الخير، والتحذير من مخالفتهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1829] وعن رفاعة بن رافع الزُّرَقِيِّ - رضي الله عنه - قال: جاء جبريل إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: مَا تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قال: «مِنْ أفْضَلِ المُسْلِمِينَ» أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. قال: وَكَذلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْراً مِنَ المَلائِكَةِ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: عظيم فضل أهل بدر، وعدتهم ثلاث مئة وثلاثة عشر، عدة الذين جاوزوا النهر مع طالوت، وقد رتبهم أصحاب الطبقات، فقالوا: أفضل الصحابة الصديق، فعمر فعثمان، فعلي، فباقي الستة فأهل بدر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1830] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «إذَا أنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بِقَومٍ عَذَاباً، أصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ» . متفق عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1038) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} [الأنفال (25) ] ، فإذا نزل العذاب، عم البر والفاجر، ويبعثون على نياتهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1831] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إلَيْهِ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي فِي الخُطْبَةِ - فَلَمَّا وُضِعَ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلجِذْعِ مِثْلَ صَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى نَزَلَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوضَعَ يَدَهُ عَلَيهِ فَسَكَنَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي روايةٍ: فَلَمَّا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أنْ تَنْشَقَّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فصَاحَتْ صِيَاحَ الصَّبيِّ، فَنَزَلَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إلَيهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبي الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قال: ... «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذَّكْرِ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البيهقي: قصة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي نقلها الخلف عن السلف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث دلالة على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكًا كالحيوان بل كأشرف الحيوان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تأكيد لقول من يحمل: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} ... [الإسراء (44) ] . على ظاهره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الشافعي: ما أعطى الله نبيًا مثل ما أعطى محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد أعطى عيسى إحياء الموتى، وأعطى محمدًا حنين الجذع، حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1039) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1832] وعن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ جُرثومِ بنِ ناشر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا» حديث حسن. رواه الدارقطني وغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن سمعان: هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين وفروعه. من عمل به، فقد حاز الثواب، وأمن من العقاب؛ لأن من أدى الفرائض، واجتنب المحارم، ووقف عند الحدود، وترك البحث عما غاب عنه، فقد استوفى أقسام الفضل، وأوفى حقوق الدين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج البزار في (مسنده) والحاكم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم، فهو حرام. وما سكت عنه، فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئًا» ، ثم تلا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم (64) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1833] وعن عبد الله بن أبي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنهما، قالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأكُلُ الجَرَادَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي رِوَايةٍ: نَأكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب أكل الجراد، وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وخلقة الجراد عجيبة، فيها عشرة من الحيوانات، ذكر بعضها ابن الشهرزوري في قوله:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1040) </span><br /><span style="font-size: x-large;">لها فخذا بكر، وساقا نعامة ... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم</span><br /><span style="font-size: x-large;">حبتها أفاعي الرمل بطنًا وأنعمت ... عليها جياد الخيل بالرأس والفم</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: وفاته عين الفيل، وعنق الثور، وقرن الإبل، وذنب الحية، وهو صنفان طيار، ووثاب. واختلف في أصله، فقيل: أنه نثرة حوت، فذلك كان أكله بغير ذكاة، وهذا ورد في حديث ضعيف، ولو صح لكان فيه حجة لمن قال: لا جزاء فيه إذا قتله المحرم. وإذا ثبت فيه الجزاء، دل على أنه بَرِّيّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وجمهور العلماء على خلافه، وقد أجمع العلماء على جواز أكله بغير تذكية، إلا أن المشهور عند المالكية اشتراط تذكيته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ووافق مطرف منهم الجمهور في أنه لا يفتقر إلى ذكاة لحديث ابن عمر: «أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ونقل النووي: الإِجماع على حل أكل الجراد، لكن فصَّل ابن العربي في لا يؤكل، لأنه ضرر محض وهذا إن ثبت أنه يضر أكله بأنه يكون فيه سمية تخصه دون غيره من جراد البلاد تعين استثناؤه، والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1834] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ [وَاحِدٍ] مَرَّتَيْنِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يلدغ» خبر بمعنى الأمر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحض على الجزم، والحذر من الغفلة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال أبو عبيد: لا ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه أن يعود إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: وفيه: أدب شريف أدب به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمته، ونبههم كيف يحذرون مما يخافون من سوء عاقبته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1835] وعنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلاَثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1041) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَومَ القِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً بسِلْعَةً بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لأَخَذَهَا بِكذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَاماً لا يُبَايِعُهُ إلا لِدُنْيَا فَإنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر» ، خص العصر لعظيم الإثم فيه، واليمين الفاجرة محرمة في كل وقت، وكان السلف يحلفون بعد العصر تغليظًا لليمين، وقد قال الله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ} [المائدة 106] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1836] وعنه عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ» قالوا: يَا أبَا هُرَيْرَةَ أرْبَعُونَ يَوْماً؟ قالَ: أبَيْتُ، قَالُوا: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قال: أبَيْتُ. قالُوا: أرْبَعُونَ شَهْراً؟ قالَ: أبَيْتُ. «وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإنْسَانٍ إلا عَجْبَ الذَّنَبِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ، ثُمَّ يُنَزِّلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «بين النفختين» ، أي: نفخة الصعق، ونفخة البعث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر (68) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أبيت» قال النووي: مراده الامتناع من الجزم بل الذي يجزم به أنها أربعون، وقد جاءت مفسرة من رواية غيره في غير مسلم: «أربعون سنة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إلا عجب الذَّنب» ، هو بفتح العين المهملة وسكون الجيم، أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1042) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1837] وعنه قال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَومَ، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ، فَقالَ بَعْضُ القَومِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ: أيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قال: هَا أنا يَا رسُولَ اللهِ. قال: «إذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قال: كَيفَ إضَاعَتُهَا؟ قال: «إذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن المنير: ينبغي أن يجعل هذا الحديث أصلاً في أخذ الدروس، والقراءة، والحكومات، والفتاوى عند الازدحام على السبق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (النهاية) : أي أسند وجعل في غير أهله، يعني إذا سود وشرف غير المستحق للسيادة والشرف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: هو من الوسادة، أي: إذا وضعت وسادة الملك والأمر والنهي لغير مستحقها، وتكون «إلى» بمعنى اللام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1838] وعنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإنْ أصَابُوا فَلَكُمْ، وإنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه، وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «يصلون» ، أي: الأئمة. إلى أن قال: وروى أبو داود من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا: «من أمّ الناس، فأصاب الوقت، فله ولهم» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1043) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية أحمد: «فإن صلوا الصلاة لوقتها، وأتموا الركوع والسجود، فهي لكم ولهم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن المنذر: هذا الحديث يرد على من زعم أن صلاة الإمام إذا فسدت، فسدت صلاة من خلفه. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1839] وعنه - رضي الله عنه - {كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قالَ: خَيْرُ النَّاسِ للنَّاسِ يَأتُونَ بِهِمْ في السَّلاسِلِ فِي أعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإسْلاَمِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1840] وعنه عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «عَجِبَ اللهُ - عز وجل - مِنْ قَومٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاسِلِ» . رواهما البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">معناه: يُؤْسَرُونَ وَيُقَيَّدُونَ ثُمَّ يُسْلِمُونَ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «كنتم خير أمة أخرجت للناس» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: المعنى خير الأمم، وأنفع الناس للناس. وفي حديث درة بنت أبي لهب مرفوعًا: «خير الناس أقرؤهم وأفقههم في دين الله، وأتقاهم لله، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1841] وعنه عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أَحَبُّ البِلادِ إلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أسْوَاقُهَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أحب البلاد إلى الله مساجدها» ؛ لأنها البيوت الذي أذن الله أن </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1044) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ترفع ويذكر فيها اسمه بالتسبيح، والصلاة والذكر، وتلاوة القرآن، وسبب بغضه للأسواق أنها محل للفحش، والخداع، والربا، والأيمان الكاذبة، ونحو ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1842] وعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - من قولهِ قال: لا تَكُونَنَّ إن اسْتَطَعْتَ أوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصبُ رَايَتَهُ. رواه مسلم هكذا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه البرقاني في صحيحهِ عن سلمان قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا. فِيهَا بَاضَ الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فيها باض الشيطان وفرخ» ، أي: استوطنها وأحبها لكونه محل المعاصي من الغش، والخداع، والأيمان الكاذبة، والأفعال المنكرة ونحوها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1843] وعن عاصمٍ الأحوَلِ، عن عبدِ اللهِ بن سَرْجِسَ - رضي الله عنه - قال: قلتُ لِرسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا رسولَ اللهِ، غَفَرَ اللهُ لَكَ، قال: «وَلَكَ» . قال عاصمٌ: فَقُلْتُ لَهُ: أسْتَغْفرَ لَكَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: نَعَمْ وَلَكَ، ثُمَّ تَلا هذِهِ الآية: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ} [محمد (19) ] . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: قلت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا رسول الله، غفر الله لك، قال: «ولك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: مكافأة للحسنة بأحسن منها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1844] وعن أبي مسعودٍ الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» . رواه البخاري. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1045) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يعني: أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تهديد ووعيد لمنزوع الحياء، فإن الحياء يكف صاحبه عن ارتكاب القبائح، ودناءة الأخلاق، ويحثه على مكارم الأخلاق ومعاليها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعض السلف: رأيت المعاصي نذالة، فتركتها مروءة فاستحالت ديانة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1845] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاء» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: أول القضايا يوم القيامة يقضى فيها القضاء في الدماء التي وقعت بين الناس في الدنيا. وعند النسائي: «أول يحاسب عليه العبد صلاته، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث: عظم أمر الدماء، فإن البداءة إنما تكون بالأهم، والذنب يعظم بحسب المفسدة وتفويت المصلحة، وإعدام البنية الإنسانية غاية في ذلك. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة (30) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1846] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «خُلِقَتِ المَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الجَانُّ مِنْ مَارِجٍ من نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: المارج: اللهب الذي يعلو النار، فيختلط بعضه ببعض: أحمر، وأصفر، وأخضر. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1046) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد قال الله تعالى: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} [الرحمن (14، 15) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1847] وعنها رضي الله عنها قالت: كان خُلُقُ نَبِيِّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القُرْآن. رواهُ مسلم في جملة حديث طويل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم (4) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العوفي عن ابن عباس: وإنك لعلى دين عظيم، وهو الإسلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عطية: لعلى أدب عظيم. وعن جبير بن نفير قال: (حججت فدخلت على عائشة رضي الله عنها، فسألتها عن خلق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: كان خلق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرآن) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: ومعنى هذا أنه عليه الصلاة والسلام صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا، سجية له، وخلق تطبعه، وترك طبعه الجبلي. فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه. هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء، والكرم، والشجاعة، والصفح، والحلم، وكل خلق جميل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1848] وعنها قالت: قال رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ» . فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أكَراهِيَةُ المَوتِ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوتَ؟ قال: «لَيْسَ كَذَلِكَ، ولكِنَّ المُؤْمِنَ إذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وإنَّ الكَافِرَ إذَا بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وَسَخَطهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1047) </span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: رواه الطبراني عن معاوية وزاد: (قالوا: يَا رسول الله، كلنا نكره الموت. قال: «ليس ذلك كراهية الموت، ولكن المؤمن إذا احتضر جاء البشير من الله بما هو صائر إليه، فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله، فأحب الله لقاءه، وأن الفاجر إذا احتضر، جاءه ما هو صائر إليه من الشر، فكره لقاء الله، فكره الله لقاءه» .) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1849] وَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عَنها، قالتْ: كان النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعْتَكِفاً، فَأَتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأنْصَارِ رضيَ اللهُ عَنهُما، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسْرَعَا. فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فَقَالا: سُبْحانَ اللهِ يَا رسولَ اللهِ، فقالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإنِّي خَشِيْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً - أَوْ قَالَ: شَيْئاً -» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على جواز زيارة المرأة للمعتكف والتحدث معه، والمشي مع الزائر، وجواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: التحرز من التعرض لسوء الظن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1850] وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَومَ حُنَيْن، فَلَزِمْتُ أنا وأبو سُفْيَانَ بن الحارثِ بن ... عبد المطلب رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ، فَلَمَّا التَقَى المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ، وَلَّى المُسْلِمُونَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1048) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مُدْبِريِنَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبلَ الكُفَّارِ، وأنا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكُفُّهَا إرَادَةَ أنْ لا تُسْرِعَ، وأبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيْ عَبَّاسُ، نَادِ أصْحَابَ السَّمُرَةِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قالَ العَبَّاسُ - وَكَانَ رَجُلاً صَيِّتاً - فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أيْنَ أصْحَابُ السَّمُرَةِ، فَوَاللهِ لَكَأنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ البَقَرِ عَلَى أَوْلاَدِهَا، فقالوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ، فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ في الأنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، ثُمَّ قَصُرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ: «هَذَا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ» ، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: «انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ» ، فَذَهَبْتُ أنْظُرُ فَإذَا القِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيما أرَى، فَواللهِ مَا هُوَ إلا أنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أرَى حَدَّهُمْ كَلِيلاً وَأَمْرَهُمْ مُدْبِراً. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الوَطِيسُ» التَّنُّورُ، ومعناهُ: اشْتَدَّتِ الحَرْبُ. وقوله: «حَدَّهُمْ» هو بالحاء المهملة: أيْ بَأْسَهُمْ وَشِدَّتَهُمْ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: (ثُمَّ أَخَذَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حصياتٍ، فرمى بهنَّ وجوهَ الكفارِ، ثم قال: «انهزموا وربِّ مُحَمَّدٍ» .) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: معجزة له كما قال تعالى في قصة بدر: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} [الأنفال (17) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1851] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّباً، وإنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1049) </span><br /><span style="font-size: x-large;">المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ. فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون (51) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ... [البقرة (172) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، ومَلبسُهُ حرامٌ، وَغُذِّيَ بالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ.؟ رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: قاعدة من قواعد الإسلام وأصول الأحكام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى آداب الدعاء، وإلى الأسباب التي تقتضي إجابته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: إن اللدعاء جناحين: أكل الحلال، وصدق المقال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1852] وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلاَثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«العَائِلُ» : الفَقِيرُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الزنى، والكذب، والكبر، حرام على كل أحد، وخص هؤلاء الثلاثة بالوعيد؛ لأن الشيخ ضعفت شهوته عن الوطء الحلال، فكيف بالحرام! وكمل عقله ومعرفته بطول ما مر عليه من الزمان، وإنما يدعو إلى الزنى غلبة الشهوة، وقلة المعرفة، وضعف العقل الحاصل من الشباب، والإمام لا يخاف من أحد وإنما يحتاج إلى الكذب من يريد مصانعة من يحذره، والعائل قد عدم المال الذي هو سبب الفخر والخيلاء، فكان إقدامهم على المعصية من المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1050) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1853] وعنهُ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال السيوطي: هو على ظاهره، ولها مادة إلى الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1854] وعنه قال: أخَذَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَقَالَ: «خَلَقَ اللهُ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فيها الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الإثْنَينِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلاَثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأربِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ العَصْرِ مِنْ يَومِ الجُمُعَةِ في آخِرِ الخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ العَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: (أخذ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيدي) طلب للتيقظ من الغفلة إن كانت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: على قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف (54) ] . أراد به في مقدار ستة أيام؛ لأن اليوم من لدن طلوع الشمس إلى غروبها، ولم يكن يومئذ يوم ولا شمس ولا سماء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: ستة أيام الآخرة، وكل يوم كألف سنة. وقيل: كأيام الدنيا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال سعيد بن جبير: كان الله عزَّ وجلّ قادرًا على خلق السموات والأرض في لمحة ولحظة، فخلقهن في ستة أيام تعليمًا لخلقه التثبت والتأني في الأمور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن كثير: وأول الستة الأيام الأحد، فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق. ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار ليس مرفوعًا، والله أعلم، انتهى ملخصًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1051) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1855] وعن أَبي سليمان خالد بن الوليد - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدِ انْقَطَعتْ في يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَّةٌ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">مؤتة: موضع بقرب الشام، وكانت في جمادى سنة ثمان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1856] وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أصَابَ، فَلَهُ أجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ وَاجْتَهَدَ، فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فله أجران» ، أي: أجر لاجتهاده، وأجر لإصابته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وإن حكم واجتهد فأخطأ، فله أجر» ، أي: لاجتهاده. وقد قال الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} [الأنبياء (79) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1857] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالمَاءِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: الخطاب خاص بأهل الحجاز، وما والاهم إذ كانت أكثر الحميات تعرض لهم من العرضية الحادثة عن شدة الحرارة، وهذه ينفعها الماء البارد شربًا واغتسالاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن القيم: فالخطاب وإن كان لفظًا عامًا، إلا أن المراد به خاص. وأخرج ابن أبي شيبة عن الأسود قال: سألت عائشة عن النشرة، فقالت: ما تصنعون بهذا؟ فهذا الفرات إلى جانبكم من أصابه نفس، أو سم، أو سحر، فليأت الفرات، فليستقبل، فينغمس فيه سبع مرات. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1052) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1858] وعنها رَضِيَ اللهُ عنها عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَومٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَالمُخْتَارُ جَوَازُ الصَّومِ عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ لِهَذَا الحَدِيثِ، وَالمُرادُ بالوَلِيِّ: القَرِيبُ وَارِثاً كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الصيام عن الميت، فيتخير الولي بين الصيام والإطعام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1859] وعن عوف بن مالِك بن الطُّفَيْلِ: أنَّ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، حُدِّثَتْ أنَّ عبدَ اللهِ بن الزبير رضي الله عنهما، قَالَ في بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أعْطَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنها: واللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا، قالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا! قالوا: نَعَمْ. قَالَتْ: هُوَ للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أنْ لا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا، فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِيْنَ طَالَتِ الهِجْرَةُ. فَقَالَتْ: لا، واللهِ لا أشْفَعُ فِيهِ أبدًا، وَلا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيرِ كَلَّمَ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعبدَ الرحْمَنِ بْنَ الأسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وقَالَ لَهُمَا: أنْشُدُكُمَا اللهَ لَمَا أدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فَإنَّهَا لا يَحِلُّ لَهَا أنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي، فَأقْبَلَ بِهِ المِسْوَرُ، ... وَعَبدُ الرحْمَنِ حَتَّى اسْتَأذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالا: السَّلاَمُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، أنَدْخُلُ؟ قالت عَائِشَةُ: ادْخُلُوا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قالوا: كُلُّنَا؟ قالتْ: نَعَمْ ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلا تَعْلَمُ أَنَّ معَهُمَا ابْنَ الزُّبَيرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيرِ الحِجَابَ فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ المِسْوَرُ، وَعَبدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إِلا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولانِ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1053) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الهِجْرَةِ؛ وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَة مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ، طَفِقَتْ تُذَكرُهُمَا وَتَبْكِي، وَتَقُولُ: إنِّي نَذَرْتُ وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيرِ، وأعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعدَ ذَلِكَ فَتَبكِي حَتَّى تَبِلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة» ، وذلك من مزيد ورعها، وإلا فالواجب رقبة واحدة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1860] وعن عُقْبَةَ بن عامِرٍ - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إِلَى قَتْلَى أُحُدٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ ثَمَانِ سِنينَ كَالمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ إِلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ: «إنِّي بَيْنَ أيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وإنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ، وإنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا، أَلا وإنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أنْ تَنَافَسُوهَا» قَالَ: فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» . قَالَ عُقْبَةُ: فكانَ آخِرَ مَا رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى المِنْبَرِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ قَالَ: «إنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وإنِّي واللهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وإنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الأرْضِ، وإنِّي واللهِ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1054) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَالمُرَادُ بِالصَّلاَةِ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ: الدُّعَاءُ لَهُمْ، لا الصَّلاَةُ المَعْرُوفَةُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن التنافس في الدنيا، فإن التنافس فيها سبب للهلاك الديني والدنيوي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1861] وعن أَبي زيد عمرِو بن أخْطَبَ الأنصاريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: صلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفَجْرَ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ حَتَّى حَضَرَتِ العَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: معجزة له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخرق الأوقات، والمباركة فيها، حتى اتسعت لنشر ذلك كله، وذكره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1862] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلا يَعْصِهِ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث دليل على وجوب النذر في الطاعة، وإن نذر المعصية لا ينعقد. ولأبي داود من حديث ابن عباس مرفوعًا: «من نذر نذرًا لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا في معصية، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1863] وعن أمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ وقال: «كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إبْرَاهِيمَ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1055) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1864] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا في الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً دُونَ الأولَى، وَإنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَاً في أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وفي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وفي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ أهلُ اللُّغة: «الوَزَغُ» العِظَامُ مِنْ سَامَّ أَبْرَصَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الأمر بقتل الأوزاغ لعظم ضررها مع ما فيها من عداوة خيار العباد، وهو وإن لم يكن لنفخه تأثير في النار، إلا أن فيه إظهارًا للعداوة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: اتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذية، وأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتله، وحث عليه لكونه من المؤذيات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما سبب تكثيره في قتله بأول ضربة، ثم ما يليها، فالمقصود به الحث على المبالغة بقتله، والاعتناء به، وتحريض قاتله على أن يقتله بأول ضربة، فإنه إذا أراد أن يضربه ضربات، ربما انفلت وفات قتله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1865] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ زَانِيَةٍ؛ فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ! لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فوَضَعَهَا في يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ؟ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1056) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وعلى غَنِيٍّ! فَأُتِيَ فقيل لَهُ: أمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سارقٍ فَلَعَلَّهُ أنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وأمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ عَنْ زِنَاهَا، وأمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا آتََاهُ اللهُ» . رواه البخاري بلفظه ومسلم بمعناه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب إذا تصدق على غني، وهو لا يعلم. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: أي فصدقته مقبولة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن نية المتصدق إذا كانت صالحة، قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل صدقة السر، وفضل الإخلاص، واستحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع في الموقع. وأن الحكم للظاهر حتى يتبين سواه، وبركة التسليم، والرضا، وذم التضجر بالقضاء، كما قال بعض السلف: لا تقطع الخدمة، ولو ظهر لك عدم القبول. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1866] وعنه قَالَ: كنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في دَعْوَةٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً وقال: «أنا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاس مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ، فَيقُولُ النَّاسُ: أَلا تَرَوْنَ إلى مَا أنْتُمْ فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكُمْ، ألا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أبُوكُمْ آدَمُ، وَيَأتُونَهُ فَيقُولُونَ: يَا آدَمُ أنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1057) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وأمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وأسْكَنَكَ الجَنَّةَ، ألا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغْنَا؟ فَقَالَ: إنَّ رَبِّي غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأتُونَ نوحاً فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أنْتَ أوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أهلِ الأرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْداً شَكُوراً، ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، ألا تَرَى إِلَى مَا بَلَغْنَا، ألا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيقُولُ: إنَّ رَبِّي غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي،</span><br /><span style="font-size: x-large;">اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى إبْرَاهِيمَ، فَيَأتُونَ إبْرَاهِيمَ فَيقُولُونَ: يَا إبْرَاهِيمُ، أنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أهْلِ الأرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيقُولُ لَهُمْ: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاثَ كَذبَاتٍ؛ نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأتُونَ مُوسَى فَيقُولُونَ: يَا مُوسَى أنَتَ رَسُولُ اللهِ، فَضَّلَكَ اللهُ بِرسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فيقُولُ: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْساً لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي؛ اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى. فَيَأتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أنْتَ رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ في المَهْدِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فيَقُولُ عِيسَى: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1058) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْباً، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فيأتون مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «فَيَأتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أنتَ رَسُولُ اللهِ وخَاتَمُ الأنْبِياءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِداً لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأسَكَ، سَلْ تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأرْفَعُ رَأْسِي، فَأقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأبْوَابِ» . ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إني كذبت ثلاث كذبات» : اثنان منها في الله، وهي قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات (89) ] ، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء (63) ] . وأما الثالثة فهي قوله لسارة: أختي، يعني في الإسلام، وليست بكذب حقيقة، لكن لما كانت بصورة الكذب سماها كذبًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: الحكمة في أن الله تعالى ألهمهم سؤال آدم، ومن بعده في الابتداء، ولم يلهموا سؤال نبينا محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إظهار فضيلته، وحصل غرضهم، فهو النهاية في ارتفاع المنزلة، وكما القرب، وعظيم الإدلال والأنس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تفضيله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جميع المخلوقين. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1059) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة، كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى» . شك من الراوي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هجر: هي قاعدة البحرين، وهي الأحساء، وبصرى: مدينة معروفة، بينها وبين مكة شهر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1867] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جَاءَ إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ إسْماعِيلَ وَبِابْنِهَا إسْمَاعِيل وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعهَا عِنْدَ البَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوقَ زَمْزَمَ في أعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَاباً فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقاً، فَتَبِعَتْهُ أمُّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهذَا الوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أنِيسٌ وَلا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَاراً، وَجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قَالَتْ لَهُ: آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إذاً لا يُضَيِّعُنَا؛ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لا يَرُونَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حَتَّى بَلَغَ {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم (37) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ، وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ في الأرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أحَداً؟ فَلَمْ تَرَ أحَداً. فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِي، رَفَعَت طَرفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِي، ثُمَّ أتَتِ المَرْوَةَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1060) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فَقَامَتْ عَلَيْهَا، فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أحَداً؟ فَلَمْ تَرَ أَحَداً، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَلذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا» ، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتاً، فَقَالَتْ: صَهْ - تُريدُ نَفْسَهَا - ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيضاً، فَقَالَتْ: قَدْ أسْمَعْتَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ [فَأَغِثْ] ، فَإذَا هِيَ بِالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ في سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. وفي رواية: بِقَدَرِ مَا تَغْرِفُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَحِمَ اللهُ أُمَّ إسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ – أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً» قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: لا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإنَّ ها هُنَا بَيْتاً للهِ يَبْنِيهِ هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهْلَهُ، وكان البَيْتُ مُرْتَفِعاً مِنَ الأرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمٍ، أَوْ أهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمٍ مُقْبِلينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ، فَنَزلُوا في أسْفَلِ مَكَّةَ؛ فَرَأَوْا طَائِراً عائِفاً، فَقَالُوا: إنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بهذا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاء. فَأَرْسَلُوا جَرِيّاً أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإذَا هُمْ بِالمَاءِ. فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ؛ فَأَقْبَلُوا وَأُمُّ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فقالوا: أتَأذَنِينَ لَنَا أنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لا حَقَّ لَكُمْ في المَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ ابن عباس: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَألْفَى ذَلِكَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، وهي </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1061) </span><br /><span style="font-size: x-large;">تُحِبُّ الأنْسَ» فَنَزَلُوا، فَأرْسَلُوا إِلَى أهْلِهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِهَا أهْلَ أبْيَاتٍ وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِيْنَ شَبَّ، فَلَمَّا أدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأةً مِنْهُمْ: وَمَاتَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَما تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إسْمَاعِيلَ؛ فَسَأَلَ امْرَأتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خرَجَ يَبْتَغِي لَنَا - وفي روايةٍ: يَصِيدُ لَنَا - ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ؛ وَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإذَا جَاءَ زَوْجُكِ اقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئاً، فَقَالَ: هَلْ جَاءكُمْ مِنْ أحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءنا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا في جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكَ أبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أنْ أُفَارِقَكِ! الْحَقِي بِأَهْلِكِ. فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأتِهِ فَسَألَ عَنْهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ: كَيفَ أنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ تعالى. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتْ: اللَّحْمُ، قَالَ: فمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَت: الماءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ. قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ، قَالَ: فَهُمَا لا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلا لَمْ يُوَافِقَاهُ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1062) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي رواية: فجاء فَقَالَ: أيْنَ إسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَتْ امْرأتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ؛ فَقَالَتْ امْرَأتُهُ: ألا تَنْزِلُ، فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ؟ قَالَ: وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتْ: طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا المَاءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرابِهِمْ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو القاسم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بَرَكَةُ دَعوَةِ إبْرَاهِيمَ. قَالَ: فإذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَمُرِيِهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ قال: هَلْ أتاكُمْ مِنْ أحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أتانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَألَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرتُهُ، فَسَألَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ: فَأوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَأمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكَ أبِي، وأنْتِ العَتَبَةُ، أمَرَنِي أنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعدَ ذَلِكَ وإسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَريباً مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ وَالوَلَدُ بِالوَالدِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ: يَا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللهَ أمَرَنِي بِأمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أمَرَكَ رَبُّكَ؟ قالَ: وَتُعِينُنِي، قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإنَّ اللهَ أمَرَنِي أَنْ أَبْنِي بَيْتاً ها هُنَا، وأشَارَ إِلَى أكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالحِجَارَةِ وَإبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحجارة وَهُمَا يَقُولاَنِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة (127) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: إنَّ إبْرَاهِيمَ خَرَجَ بِإسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إسْمَاعِيلَ، مَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إبْرَاهِيمُ إِلَى أهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1063) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أُمُّ إسْماعيلَ حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءَ نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَالَ: إِلَى اللهِ، قَالَتْ: رَضِيْتُ باللهِ، فَرَجَعَتْ وَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشِّنَّةِ وَيَدُرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِيَ المَاءُ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَداً. قَالَ: فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أحداً، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَداً، فَلَمَّا بَلَغَتِ الوَادِي سَعَتْ، وأتَتِ المَرْوَةَ، وَفَعَلَتْ ذَلِكَ أشْوَاطَاً، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ الصَّبِيُّ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ، كَأنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا فَقَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أحَداً، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ ونظَرتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَداً، حَتَّى أتَمَّتْ سَبْعاً، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإذَا هِيَ بِصَوْتٍ، فَقَالَتْ: أَغِثْ إنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ، فَإذَا جِبْرِيلُ عليه السَّلام فَقَالَ بِعقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ بِعَقِبِهِ عَلَى الأرْضِ، فَانْبَثَقَ المَاءُ فَدَهِشَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَعَلَتْ تَحْفِنُ ... وَذَكَرَ الحَديثَ بِطُولِهِ، رواه البخاري بهذه الروايات كلها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الدَّوْحَةُ» الشَّجَرَةُ الكَبِيرَةُ. قولُهُ: «قَفَّى» : أيْ: وَلَّى. ... «وَالْجَرِيُّ» : الرَّسُولُ. «وَألْفَى» : معناه وَجَدَ. قَولُهُ: «يَنْشَغُ» : أيْ: يَشْهَقُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أم إسماعيل: اسمها هاجر، قبطية، وهبها لسارة ملك مصر الذي أراد سارة فمنعه الله منها، ووهبتها سارة لإبراهيم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب استقبال القبلة حال الدعاء، والتحريض للمقيم بمكة على عبادة المولى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته» . أخرج الفاكهي من </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1064) </span><br /><span style="font-size: x-large;">حديث علي بسند حسن: «إن إبراهيم كان يزور هاجر وإسماعيل كل شهر على البراق، يغدو غدوة ثم يأتي مكة، ثم يرجع فيقيل في منزله في الشام» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وقوع الطلاق بالكناية، وكنى عن المرأة بعتبة الباب لما فيها من الصفات الموافقة لها، وهي حفظ الباب، وصون ما في داخله، وكونها محل الوطء، ولهذا قال إسماعيل لزوجته الحقي بأهلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب مفارقة من لا صبر لها عند تعاور الشدائد، وبر الوالد وتنفيذ أمره والمسارعة إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد» أي: من الاعتناق والمصافحة وغير ذلك. وكان عمر إبراهيم يومئذٍ مئة سنة، وعمر إسماعيل ثلاثين سنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فعند ذلك رفع القواعد» ، أي: الأساس من البيت، ورفع البناء عليها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1868] وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: بابُ المنُّ شفاء للعين، وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والكمأة: نبات لا ورق لها ولا ساق، توجد في الأرض من غير أن تزرع، وهي كثيرة بأرض العرب، وتوجد بالشام ومصر، فأجوده ما كانت أرضه رملة قليلة الماء، ومنها صنف قتال يضرب لونه إلى الحمرة، وهي باردة رطبة في الثانية، رديئة للمعدة بطيئة للهضم. وإدمان أكلها يورث القولنج، والسكتة، والفالج، وعسر البول. والرطب منها أقل ضررًا من اليابس، وإذا دفنت في الطين الرطب، ثم سلقت بالماء والملح والسعتر، وأكلت بالزيت والتوابل الحارة قل ضررها. ومع ذلك ففيها جوهر مائي لطيف بدليل خفَّتها، فلذلك كان ماؤها شفاء للعين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: إنما اختصت الكمأة بهذه الفضيلة؛ لأنها من الحلال </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1065) </span><br /><span style="font-size: x-large;">المحض الذي ليس في اكتسابه شبهة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الغافقي: ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين إذا عجن به الإثمد، وأكحل به، فإنه يقوي الجفن، ويزيد الروح الباصرة حدة وقوة، ويدفع عنها النوازل. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">371- باب الاستغفار</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد (19) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: وقوله عزَّ وجلّ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد (19) ] ، هنا إخبار بأنه لا إله إلا الله، ولا يتأتى كونه آمرًا بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه قوله عزَّ وجلّ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ... وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد (19) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الصحيح: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول: «اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي هزلي، وجديِّ، وخطئي، وعمدي وكل ذلك عندي» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البغوي: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} ، أمر بالاستغفار مع أنه مغفور له لتستن به أمته، وذكر حديث الأغر المزني، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء (106) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس: « </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1066) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أنَّ نفرًا من الأنصار غزوا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فأظن بها رجلاً من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي. فلما رأى السارق ذلك عمد إليها، فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده. فانطلقوا إلى نبي الله ليلاً، فقالوا: يا نبيَّ الله، إنَّ صاحبنا بريء، وإنَّ صاحب الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علمًا، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس، وجادل عنه، فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فقام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبرَّأه وعذره على رؤوس الناس، فأنزل الله: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً} [النساء (105، 107) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البغوي: وقال مقاتل: إنَّ زيد بن السمين أودع درعًا عند طعمة فجحدها طعمة، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فقال: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} ، بالأمر والنهي والفصل. {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ} ، بما علمك الله، وأوحى إليك. {وَلا تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ} ، طعمة. {خَصِيماً} ، معينًا مدافعًا عنه. {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ} ، مما همت به من معاقبة اليهودي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال مقاتل: {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ} ، من جدالك عن طعمة. {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقَالَ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر (3) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قالت عائشة رضي الله عنها: (ما صلَّى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة بعد أن نزلت عليه: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلا يقول فيها: «سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، اللَّهُمَّ اغفر لي» .) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1067) </span><br /><span style="font-size: x-large;">إلَى قَولِهِ - عز وجل -: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران (15: 17) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: فضل الاستغفار في وقت السحر؛ لأنه وقت إجابة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء (110) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: عرض التوبة على المذنب، وحثِّه عليها، وإلا يتعاظم ذنبه، فإنه صغير في جنب عفو الله وفضله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال (33) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">عن ابن عباس قال: (كان المشركون يطوفون بالبيت، ويقولون: لبيك اللَّهُمَّ لبيك، لبَّيك لا شريك لك، فيقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قدٍ، قد» . ويقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك. ويقولون: غفرانك غفرانك، فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال (33) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: كان فيهم أمانان: النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والاستغفار، فذهب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبقى الاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران (135) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أخرج أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان من حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر الصديق - وصدق أبو بكر -: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «ما من رجل يذنب ذنبًا، ثم يقوم فيتطهر، فيحسن الطهور، ثم يستغفر الله عزَّ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1068) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وجلّ إلا غفر له» ، ثم تلا {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً} [آل عمران (135) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة معلومة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1869] وعن الأَغَرِّ المزني - رضي الله عنه - أنَّ رسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وإنِّي لأَسْتَغفِرُ اللهَ في اليَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (فتح الباري) : قال عياض: المراد بالغين فترات عن الذكر الذي شأنه أن يداوم عليه. فإذا فتر عنه لأمر ما، عُدَّ ذلك ذنبًا، فاستغفر منه، وقيل: هو شيء يعزي القلب من حديث النفس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1870] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمعتُ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: ... «وَاللهِ إنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأتُوبُ إلَيْهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريض على التوبة، والاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1871] وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ اللهُ تَعَالَى بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ تَعَالَى، فَيَغْفِرُ لَهُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الله تعالى يحب التوبة والإنابة، ولهذا ابتلي آدم بالذنب، ليتوب </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1069) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وينيب وينكسر. قال الله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه (121، 122) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1872] وعن ابن عمر رَضِي الله عنهما قال: كُنَّا نَعُدُّ لرسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المَجْلِسِ الواحِدِ مئَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» . رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث صحيح» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: زيادة في الخضوع لله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى أن من أدب الدعاء أن يختم الداعي دعاءه بما يناسبه من أسماء الله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1873] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَرَزَقهُ مِنْ حَيثُ لا يَحْتَسِبُ» . رواه أبو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن نفع الاستغفار يعود بحوز مطلوب الدنيا والآخرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1874] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ: أسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ الحَيُّ القَيُومُ وَأتُوبُ إلَيهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ، وإنْ كانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ» . رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال: «حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1070) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن من استغفر الله وتاب إليه، غفرت ذنوبه كلها، صغائرها وكبائرها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1875] وعن شَدَّادِ بْنِ أَوسٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إلهَ إلا أنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أنْتَ. وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي، فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ، وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«أبوءُ» بباءٍ مَضمومةٍ ثم واوٍ وهمزة ممدودة ومعناه: أقِرُّ وَأعْتَرِفُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعًا لمعاني التوبة كلها، استعير له اسم السيد، وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج، ويرجع إليه في الأمور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وأنا على عهدك ووعدك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: يريد أنا على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان، وإخلاص الطاعة لك ما استطعت. انتهى. يريد بذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} ... [الأعراف (172) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي قوله: «ما استطعت» إعلام لأمته أن أحدًا لا يقدر على الإتيان بجميع ما يجب عليه لله ولا الوفاء بكمال طاعة الله، والشكر على النعم، فرفق الله بعباده ولم يكلفهم من ذلك إلا وسعهم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1071) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن أبي جمرة: جمع - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث من بديع المعاني، وحسن الألفاظ ما يحق أن يسمى به سيد الاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ففيه: الإِقرار لله وحده بالألوهية، والاعتراف بأنه الخالق، والإقرار بالعهد الذي أخذ عليه، والرجاء بما وعد به، والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه، وإضافة النعماء إلى موجدها وإضافة الذنب إلى نفسه ورغبته في المغفرة، وإعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1876] وعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: كانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ اللهَ ثَلاَثاً وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَاذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ» قيلَ لِلأوْزَاعِيِّ - وَهُوَ أَحَدُ رُوَاتِهِ -: كَيفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قال: يقُولُ: أسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ اللهَ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الاستغفار بعد الصلاة ثلاث مرات: وفيه: إشارة إلى أن العبد لا يقوم بحق عبادة مولاه، لما يعرض له من الوسواس والخواطر، فشرع له الاستغفار تداركًا لذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1877] وعن عائشة رضي اللهُ عنها قالت: كان رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ مَوْتِهِ: «سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، أسْتَغفِرُ اللهَ، وأتوبُ إلَيْهِ» متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">تقدم في باب الازدياد من الخير أواخر العمر، وذلك امتثالاً لقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر (3) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1878] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1072) </span><br /><span style="font-size: x-large;">السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي، غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي، يا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً، لأَتَيْتُكَ بِقُرابِهَا مَغْفِرَةً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«عَنَانَ السَّمَاءِ» بفتح العين: قِيلَ هُوَ السَّحَابُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَنَّ لَكَ مِنْهَا، أيْ ظَهَرَ. «وَقُرَابُ الأرْضِ» بضم القاف، ورُوي بكسرِها، والضم أشهر. وَهُوَ ما يُقَارِبُ مِلأَها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا من الأحاديث القدسية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل الدعاء والرجاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر (60) ] . وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدعاء مخّ العبادة» . والرجاء يتضمن حسن الظن بالله، والله تعالى يقول «أنا عند ظن عبدي بي» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على الاستغفار. قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وأسواقكم، ومجالسكم، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال قتادة: إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال إبليس لعنه الله: أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله، والاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعض العارفين:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... أستغفر الله مما يعلم الله ... إنَّ الشقي لمن لا يرحم الله</span><br /><span style="font-size: x-large;">ما أحلم الله عمن لا يراقبه ... كلٌّ مسيء ولكن يحلم الله</span><br /><span style="font-size: x-large;">فاستغفر الله مما كان من زلل ... طوبى لمن كف عما يكره الله</span><br /><span style="font-size: x-large;">طوبى لمن حسنت منه سريرته ... طوبى لمن ينتهي عما نهى الله </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1073) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1879] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وأكْثِرْنَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ؛ فَإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» قالت امرأةٌ مِنْهُنَّ: مَا لَنَا أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قالت: ما نُقْصَانُ العَقْلِ وَالدِّينِ؟ قال: «شَهَادَةُ امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ، وَتَمْكُثُ الأَيَّامَ لا تُصَلِّي» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وتكفرن العشير» ، أي: تنسين معروف الزوج وجميله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئًا يسيرًا، قالت: ما رأيت منك خيرً قط» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">اللب: العقل الخالص وذلك لعظم كيدهنَّ، وقوة حيلهنَّ. قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب وعظ النساء، وتعلميهنَّ أحكام الإِسلام وتذكيرهنَّ بما يجب عليهنَّ وحثَّهنَّ على الصدقة والاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الصدقة والاستغفار من دوافع العذاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: بذل النصيحة والإخلاص للمحتاجين ولو كان الطالب غير محتاج، واستدل به على جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها أو على مقدار معين. والله أعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">372- باب بيان مَا أعدَّ اللهُ تَعَالَى للمؤمنين في الجنة</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورُهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْواناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1074) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر (45: 48) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الجنات: البساتين. وقوله: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ} ، أي: سالمين من الآفات، مسلم عليكم {آمِنِينَ} ، أي: من كل خوف وفزع، ولا تخشوا من إخراج، ولا انقطاع، ولا فناء، وقوله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} ، الغل: الشحناء والعدواة، والحقد، والحسد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي أمامة: قال: «لا يدخل الجنة مؤمن، حتى ينزع الله ما في صدره من غل، حتى ينزع منه مثل السبع الضاري» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الصحيح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يخلص المؤمن من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} ، أي: تعب {وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: هذه أنص آية في القرآن على الخلود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن كثير، وقوله: {لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} ، يعني المشقة والأذى، كما جاء في الصحيحين: «إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» {وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} ، كما جاء في الحديث: «يقال: يا أهل الجنة، إن لكم أن تصحوا، فلا تمرضوا أبدًا. وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدًا. وإن لكم أن تقيموا، فلا تظعنوا أبدًا» . وقال الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} ... [الكهف (108) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1075) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} [الزخرف (68: 73) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: وقوله تبارك وتعالى: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} ، ثم بشرهم، فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} ، أي: آمنت قلوبهم وبواطنهم، وانقادات لشرع الله جوارحهم وظواهرهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال المعتمر بن سليمان:، عن أبيه: إذا كان يوم القيامة، فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع، فينادي منادٍ: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} ، فيرجوها الناس كلهم. قال: فيتبعها ... {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} ، قال: فييأس الناس منها غير المؤمنين {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} ، أي: يقال لهم: ادخلوا الجنة {أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} ، أي: تتنعمون وتسعدون {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ} ، أي: زبادي آنية الطعام: {وَأَكْوَابٍ} ، وهي آنية الشراب، أي: من ذهب لا خراطيم لها، ولا عرى، {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ} ، أي: طيب الطعم والريح، وحسن المنظر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثم ذكر أحاديث، منها: ما رواه أحمد: حدثنا حسن، هو ابن موسى، حدثنا مسكين بن عبد العزيز، حدثنا أبو الأشعث الضرير، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من له لسبع درجات، وهو على السادسة، وفوقه السابعة. وإن له لثلاث مئة خادم، ويغدى عليه ويراح كل يوم ثلاث مئة صحفة» ، ولا أعلمه قال: إلا من ذهب، «في كل صحفة لون ليس في الأخرى، وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره. ومن الأشربة ثلاثة مئة إناء، في كل إناء لون ليس في الآخر. وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره. وإنه ليقول: يَا رب، لو آذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1076) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مما عندي شيء. وإن له من الحور العين لاثنين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا، وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ، أي: في الجنة {خَالِدُونَ} ، أي: لا تخرجون عنها، ولا تبغون عنها حولاً. ثم قيل لهم على وجه التفضل والامتنان: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ، أي: أعمالكم الصالحة كانت سببًا لشمول رحمة الله إياكم، فإنه لا يدخل أحدًا عمله الجنة، ولكن برحمة الله وفضله. وإنما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ} ، أي: من جميع الأنواع: {مِنْهَا تَأْكُلُونَ} ، أي: مهما اخترتم وأردتم. ولما ذكر الطعام والشراب، ذكر بعده الفاكهة، لتتم النعمة والغبطة. والله تعالى أعلم، انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الدخان (51: 57) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: إن المتقين، أي: لله في الدنيا {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} ، أي: في الآخرة، وهو الجنة، قد آمنوا فيها من الموت، والخروج من كل هم وحزن، وجزع وتعب ونصب، ومن الشيطان وكيده، وسائر الآفات والمصائب {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} ، وهذا في مقابلة ما الأشقياء فيه من شجرة الزقوم وشرب الحميم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ} وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها {وَإِسْتَبْرَقٍ} وهو ما فيه بريق ولمعان، وذلك كالرياش وما يلبس على أعالي القماش {مُّتَقَابِلِينَ} ، أي: على سرر لا يجلس أحد منهم وظهره إلى غيره. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1077) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} ، أي: هذا العطاء مع ما قد منحناهم من الزوجات الحور العين الحسان، اللاتي لم يطمثهنَّ إنس قبلهم ولا جان، كأنهن الياقوت والمرجان. وذكر حديث أنس: «لو أن حوراء بزقت في بحر لجي لعذب ذلك الماء، لعذوبة ريقها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله عزَّ وجلّ: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} ، أي: مهما طلبوا من أنواع الثمار أحضر لهم، وهم آمنون من انقطاعه، وامتناعه، بل يحضر إليهم كلما أرادوا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى} هذا استثناء يؤكد النفي، فإنه استثناء منقطع، ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">كما ثبت في الصحيحين، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم يقال: يَا أهل الجنة، خلود فلا موت. ويَا أهل النار خلود فلا موت» . وذكر أحاديث منها:</span><br /><span style="font-size: x-large;">ما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من اتقى الله دخل الجنة، ينعم فيها ولا ييأس، ويحيا فيها فلا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث جابر رضي الله عنه قال: قيل: يَا رسول الله، هل ينام أهل الجنة؟ فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} ، أي: مع هذا النعيم العظيم المقيم، وقد وقاهم وسلمهم ونجاهم وزحزحهم عن العذاب الأليم في دركات الجحيم، فحصل لهم المطلوب، ونجاهم من المرهوب ولهذا قال عزَّ وجلّ: {فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، أي: إنما كان هذا بفضله عليهم، وإحسانه إليهم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1078) </span><br /><span style="font-size: x-large;">كما ثبت في الصحيح، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: «اعملوا وسدّدوا، وقاربوا، واعلموا أنَّ أحدًا لن يدخله عمله الجنة» ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين (22: 28) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: ثم قال تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} ، أي: يوم القيامة هم في نعيم مقيم، وجنات فيها فضل عميم. {عَلَى الأَرَائِكِ} ، وهي السرر تحت الحجال، ينظرون في ملكهم، وما أعطاهم الله من الخير، والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: معناه على الأرائك ينظرون إلى الله عزَّ وجلّ، وهذا مقابل لما وصف به أوئك الفجار: {كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} . فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله عزَّ وجلّ، وهم عى سررهم وفرشهم. كما تقدم في حديث ابن عمر: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أعلاهم لمن ينظر إلى الله عزَّ وجلّ في اليوم مرتين» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} ، أي: تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم، أي: صفة الرأفة، والحشمة، والسرور، والدّعة، والرياسة، مما هم فيه من النعيم العظيم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} ، أي: يسقون من خمر من الجنة، والرحيق: من أسماء الخمر. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والحسن وقتادة، وابن زيد. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1079) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حثنا زهير، عن سعد أبي المجاهد الطائي، عن عطية بن سعيد العوفي، عن أبي سعيد الخدري، أراه قد رفعه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: «أيما مؤمن سقى مؤمنًا شربة ماء على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن أطعم مؤمنًا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيّما مؤمن كسا مؤمنًا ثوبًا على عري كساه الله من خضر الجنة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن مسعود في قوله: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} ، أي: خلطه مسك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال العوفي: عن ابن عباس: طيَّب الله لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها مسك، ختم بمسك. كذا قال قتادة والضحاك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال إبراهيم والحسن: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} ، أي: عاقبته مسك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي الدرداء {خِتَامُهُ مِسْكٌ} ، قال: شراب أبيض مثل القصَّة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} ، قال: طيبه مسك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} ، أي: وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويتكاثر ويسبق إلى مثله المستبقون، وليتباهى ويتكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون كقوله تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ} [الصافات (61) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} ، أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف، من تسنيم، أي: شراب يقال له: تسنيم، وهو: أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه. قاله أبو صالح، والضحاك. ولهذا قال: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} ، أي: يشربها المقربون صرفًا، وتمزج لأصحاب اليمين مزجًا. قاله </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1080) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وقتادة وغيرهم. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن كثير: - أيضًا - على قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً} [الإنسان (5، 6) ] ، وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: برد الكافور في طيب الزنجبيل، ولهذا قال {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً} ، أي: هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفًا، بلا مزج، ويروون بها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً} ، أي: ويسقون، يعني الأبرار أيضًا في هذه الأكواب كأسًا، أي: خمرًا كان مزاجها زنجبيلاً، فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور، وهو بارد، وتارة بالزنجبيل وهو حار، ليعتدل الأمر، وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة، ومن هذا تارة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفًا، وقد تقدم قوله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} ، وقال ها هنا: {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} ، أي: الزنجبيل عين في الجنة، تسمى سلسبيلاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عكرمة: اسم عين في الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال قتادة: {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} عين: سلسة مستقيد ماؤها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحكى ابن جيرير، عن بعضهم: أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق. واختار هو أنها تعم ذلك كله، وهو كما قال: انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة معلومة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: والآيات القرآنية فيما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة كثيرة في القرآن قال الله تعالى {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر (20) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1081) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً * جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَاباً} [النبأ (31: 36) ] ، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة (7، 8) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ * إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} [ص: (49: 54) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ، إلى قوله تعالى: ... {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الآيات الرحمن (46، 62) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاً ظَلِيلاً} . [النساء (57) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف (42، 43) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر (73: 75) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1880] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَأكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ فِيهَا، وَيَشْرَبُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَمْتَخِطُونَ، وَلا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1082) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَبُولُونَ، وَلكِنْ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ المِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ، كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن الجوزي: لما كانت أغذية أهل الجنة في غاية اللطافة والاعتدال، لم يكن فيها أذى ولا فضلة تستقذر، بل يتولد عن تلك الأغذية أطيب ريح وأحسنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: «يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: وجه التشبيه أن تنفس الإنسان لا كلفة عليه فيه، ولا بد له منه، فجعل تنفسهم تسبيحًا، وسببه: أن قلوبهم تنورت بمعرفة الرب، وامتلأت بحبه، ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1881] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة (17) ] » . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">معناه: أن الله تعالى أعد لعباده الصالحين في الجنة نعيمًا غير ما أطلعهم عليه، وأخبرهم به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1882] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءةً، لا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفُلُونَ، وَلا يَمْتَخِطُونَ. أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ - </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1083) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عُودُ الطِّيبِ - أزْوَاجُهُمُ الحُورُ العيْنُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً فِي السَّمَاءِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري ومسلم: «آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لا اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ، وَلا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبُ وَاحِدٍ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِياً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ واحدٍ» . رواه بعضهم بفتح الخاء وإسكان اللام وبعضهم بضمهما وكلاهما صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يبولون، ولا يتغوَّطون، ولا يتفلَّون، ولا يتمخَطون» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قد اشتمل ذلك على نفي جميع النقص عنهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولكل واحد منهم زوجتان» ، أي: من بنات آدم سوى الحور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1883] وعن المغيرةِ بن شعبة - رضي الله عنه - عن رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «سألَ مُوسَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ: ما أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قال: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ. فَيَقُولُ: أيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وأخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيقُولُ: رَضِيْتُ رَبِّ، فَيقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَيقُولُ في الخامِسَةِ. رَضِيْتُ رَبِّ، فَيقُولُ: هذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ. فَيقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ. قَالَ: رَبِّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً؟ قالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ؛ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1084) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولك ما اشتهت نفسك، ولذّت عينك» ، هذا شامل لكل أحد من أهل الجنة. قال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ} [الزخرف (71) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1884] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ. رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْواً، فَيقُولُ اللهُ - عز وجل - له: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى، فَيَرْجِعُ، فَيقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى ! فَيَقُولُ اللهُ - عز وجل - له: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فيأتِيهَا، فَيُخيَّلُ إليهِ أنَّها مَلأى، فيَرْجِعُ. فَيَقولُ: يا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأى، فيقُولُ اللهُ - عز وجل - لَهُ: اذهبْ فَادخُلِ الجنَّةَ. فَإنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشرَةَ أَمْثَالِهَا؛ أوْ إنَّ لَكَ مِثْلَ عَشرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا، فَيقُولُ: أتَسْخَرُ بِي، أَوْ تَضْحَكُ بِي وَأنْتَ المَلِكُ» قال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَكَانَ يقولُ: «ذلِكَ أَدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1885] وعن أبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ لِلمُؤْمِنِ فِي الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُها في السَّمَاءِ سِتُّونَ مِيلاً. لِلمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ فَلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً» متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«المِيلُ» : سِتة آلافِ ذِراعٍ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1085) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في رواية لمسلم: «عرضها ستون ميلاً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: ولا معارضة بينهما، فعرضها في مساحة أرضها، وطولها في العلو متساويان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1886] وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ في الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ السَّريعَ مِئَةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُها» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروياه في الصحيحين أيضاً من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «يَسيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها مئةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان سعة الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد (21) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران (133) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: أي: عرضها كعرض السماوات والأرض، أي: سعتها. وإنما ذكر العرض على المبالغة لأن طول كل شيء في الأكثر والأغلب أكثر من عرضه. يقول: هذه صفةُ عَرْضِها فكيف طولها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الزهري: إنما وصف عرضها، فأما طولها فلا يعلمه إلا الله، وهذ على التمثيل، لا أنها كالسماوات والأرض لا غير معناه كعرض السماوات والأرضين السبع عند ظنكم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وسئل أنس بن مالك رضي الله عنه، عن الجنة أفي السماء أم في الأرض؟ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1086) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فقال: أي أرضٍ وسماء تسع الجنة! فقيل: فأين هي؟ قال: فوق السماوات السبع تحت العرش.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: كانوا يرون الجنة فوق السماوات السبع تحت العرش، وأن جهنم تحت الأرضين السبع. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيح: «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى، فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وسقفها عرش الرحمن» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكذلك ما رواه الترمذي، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «في الجنة مئة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، منها تفجّر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1887] وعنه عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُق مِنَ المَشْرِقِ أو المَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ» قالُوا: يا رسول الله؛ تِلْكَ مَنَازِلُ الأنبياء لا يَبْلُغُها غَيْرُهُمْ قال: «بَلَى والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب» ، أي: أهل الجنة متفاوتوا المنازل بحسب درجاتهم في الفضل، حتى إن أهل الدرجات العلى ليراهم من هو أسفل منهم، كالنجوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: شبه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة، برؤية الرائي الكوكب المضيء الباقي في جانب الشرق أو الغرب في الاستضاءة مع البعد، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1087) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفائدة ذكر المشرق والمغرب بيان الرفعة، وشدة البعد. والمراد بالأفق: السماء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1888] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لَقَابُ قَوْسٍ أَحَدِكم مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وتَغْرُبُ» متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: هذا القدر من الجنة خير مما في الدنيا أجمع، لنفاسته ولدوامه وبقائه، كما في الحديث الآخر: «وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1889] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ في الجَنَّةِ سُوقاً يَأتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ. فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ، فَتَحْثُو في وُجُوهِهِم وَثِيَابِهِمْ، فَيَزدَادُونَ حُسناً وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ، وَقَد ازْدَادُوا حُسْناً وَجَمَالاً، فَيقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ لقدِ ازْدَدْتُمْ حُسْناً وَجَمَالاً! فَيقُولُونَ: وَأنْتُمْ وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْناً وَجَمالاً» ! . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: المراد بالسُّوق هنا، مجتمع لهم يجتمعون فيه كما يجتمع الناس في الدنيا في أسواقها، أي: تعرض الأشياء على أهلها، فيأخذ كل منهم ما أراد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: «يأتونها كل جمعة» ، أي: في مقدار كل أسبوع لفقد الشمس والليل والنهار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: «فتهب عليهم ريح الشمال – بفتح الشين وكسرها – فتحثو في وجوههم وثيابهم» ، حذف المفعول لتعميم ما تحثو به من النعيم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيزدادون حسنًا وجمالاً. عطف الجمال على الحسن، من عطف الخاص على العام. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1088) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1890] وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَراءونَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ كَمَا تَتَرَاءونَ الكَوكَبَ فِي السَّمَاءِ» متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: هو بمعنى حديث أبي هريرة السابق، إلا أن في ذلك أن الترائي لأهل الغرف، وفي هذا نفس الغرف وهما متلازمان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1891] وعنه - رضي الله عنه - قال: شَهِدْتُ مِنَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجْلِساً وَصَفَ فِيهِ الجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ في آخِرِ حَدِيثِهِ: «فيهَا مَا لا عَينٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ» ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} إلى قوله تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ ... أَعْيُنٍ} [السجدة (16: 17) ] . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة (16) ] . أي: يتهجدون بالليل يدعون ربهم خوفًا وطمعًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي الدرداء، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم: هم الذين يصلون العشاء الآخرة، والفجر في جماعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1892] وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ: إنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا، فَلا تَمُوتُوا أَبَداً، إنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا، فلا تَسْقَمُوا أبداً، وإنَّ لَكمْ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1089) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبداً، وإنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا، فَلا تَبْأسُوا أَبَداً» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">إذا أمن ابن آدم من هذه الأربع، كمّل عيشه: السقم، والبؤس، والهرم، والموت، وهي منتفية في الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1893] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ أدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِن الجَنَّةِ أنْ يَقُولَ لَهُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى وَيَتَمَنَّى فَيقُولُ لَهُ: هَلْ تَمَنَّيتَ؟ فيقولُ: نَعَمْ، فيقُولُ لَهُ: فَإنَّ لَكَ ما تَمَنَّيتَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الله تعالى يعطي عباده في الجنة ما يتمنون، ويزيدهم من فضله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1894] وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ الله - عز وجل - يَقُولُ لأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أهْلَ الجَنَّةِ، فَيقولُونَ: لَبَّيكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ في يَديْكَ، فَيقُولُ: هَلْ رَضِيتُم؟ فَيقُولُونَ: وَمَا لَنَا لا نَرْضَى يَا رَبَّنَا وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أحداً مِنْ خَلْقِكَ، فَيقُولُ: ألا أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ فَيقُولُونَ: وَأيُّ شَيءٍ أفْضَلُ مِنْ ذلِكَ؟ فَيقُولُ: أُحِلُّ عَلَيكُمْ رِضْوَانِي فَلا أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَداً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة (72) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1090) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1895] وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: كُنَّا عِندَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَظَرَ إلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَيَاناً كما تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة، ويشهد لهذا الحديث وغيره، قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ... [القيامة (22، 23) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «عيانًا» ، أي: معاينة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تضامون في رؤيته» ، أي: لا يصيبكم ضيم من زحام ونحوه حال رؤيته. ورُوي: «لا تَضَامُّون» . من التضام، أي: لا تتضامنون، وذلك لوضوح المرئي وظهوره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1896] وعن صُهيب - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُريدُونَ شَيئاً أَزيدُكُمْ؟ فَيقُولُونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ ألَمْ تُدْخِلْنَا الجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ فَيَكْشِفُ الحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث وغيره، قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس (26) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يخبر تعالى أنَّ لمن أحسن العمل في لدنيا بالإيمان، والعمل الصالح، الحسنى في الدار الآخرة، كقوله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [الرحمن (60) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1091) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَزِيَادَةٌ} هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، وزيادة على ذلك أيضًا، ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم، وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم. فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه، لا يستحقونها بعملهم بل بفضله، ورحمته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم، عن أبي بكر الصديق، وغيره. وذكر حديث صهيب وغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">منها: ما رواه ابن جرير، وغيره من حديث أبي بن كعب، أنه سأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قول الله عزَّ وجلّ: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} ، قال: «الحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله عزَّ وجلّ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فيها سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} ... [يونس (9، 10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين، وامتثلوا ما أمروا به، فعملوا الصالحات بأنه سيهديهم بإيمانهم، أي: بسبب إيمانهم في الدنيا، يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم حتى يجوزوه، ويخلصوا إلى الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">إلى أن قال: وقوله: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن جريج: أخبرت أن قوله: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} قال: إذا مر بهم الطير قالوا: سبحانك اللهم، وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما يشتهونه، فيسلم عليهم فيردون عليه، فذلك قوله: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1092) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم، فذلك قوله: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، إلى أن قال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هذا فيه دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبدًا، المعبود على طل المدا، ولهذا حمد نفسه عند ابتداء {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: (1) ] ، {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [الأنعام: (1) ] إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها، وأنه المحمود في الأولى والآخرة، في الحياة الدنيا وفي الآخرة، في جميع الأحوال، ولهذا جاء في الحديث: «أن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس» ، وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تزايد نعم الله عليهم، فتكرر، وتعاد، وتزاد، فليس لها انقضاء ولا أمد، فلا إله إلا هو، ولا ربّ سواه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وعلى آلِ إبْراهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كما بَاركْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إبراهيم في العالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال المؤلِّفُ:</span><br /><span style="font-size: x-large;">فَرَغْتُ مِنْهُ يَوْمَ الإثْنَيْنِ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَسِتِّ مِئَةٍ</span><br /><span style="font-size: x-large;">بِدِمشق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه بهذه الآية، والصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآله، إشارة إلى أنه لا مهتدي إلا من هداه مولاه، وأنه لا سبيل إلى الهداية إلا من طريق محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1093) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، وإلى ما أعدّ الله لأهلها فيها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفّها بالمكاره، ثم قال: يَا جبريل اذهب فانظر إليها، قال: فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد. قال: فلما خلق الله النار قال: يَا جبريل اذهب فانظر إليها، قال: فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات. ثم قال: يَا جبريل، اذهب فانظر إليها، قال: فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها» . رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن القيم رحمه الله تعالى:</span><br /><span style="font-size: x-large;">وما ذاك إلا غيرة أن ينالها ... سوى كفئها، والرب بالخلق أعلم</span><br /><span style="font-size: x-large;">وإن حجبت عنَّا بكل كريهة ... وحفّت بما يؤذي النفوس ويؤلم</span><br /><span style="font-size: x-large;">فلله ما في حشوها من مسرة ... وأصناف لذات بها يتنعم </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1094) </span><br /><span style="font-size: x-large;">============ </span></span></b></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-29046994041971805872022-04-17T00:59:00.001-07:002022-04-17T00:59:21.344-07:00 تطريز رياض الصالحين {الأذ كار والدعوات و كتاب الأمور المنهي عنها}<div style="text-align: center;"><span style="font-family: Lalezar;"><span style="background-color: #04ff00;"><b><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></b></span></span><br /><span style="font-family: Lalezar;"><span style="background-color: #04ff00;"></span></span></div><div style="text-align: center;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-family: Lalezar;"><span style="background-color: #04ff00;"><span style="font-size: x-large;">كتاب الأذْكَار</span></span></span><br /></span></b></div><div style="text-align: justify;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">244- باب فَضلِ الذِّكْرِ وَالحَثِّ عليه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَلذِكْرُ الله أكْبَرُ} [العنكبوت (45) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ذكر الله أفضل الطاعات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: يقول ولذكر الله أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ} [البقرة (152) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: اذكروني بطاعتي، أذكركم بمعونتي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الصحيح: يقول الله تعالى: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ والآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف (205) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: أَمَرَ أن يذكروه في الصدور، وبالتضرع إليه في الدعاء، والاستكانة، دون رفع الصوت، والصياح بالدعاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرَاً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال (45) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: افترض الله ذكره عند أشغل ما يكون عند الضرب بالسيوف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى قوله تعالى: ... {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب (35) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/771) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يخبر الله تعالى أنه هيَّأ لهؤلاء المذكورين مغفرة منه لذنوبهم، وثوابًا عظيمًا، وهو الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب (41، 42) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أشار بذلك للآيات بعد الرغبة في الذكر لما اشتملت عليه من صلاة الله وملائكته على الذاكرين، وهي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} [الأحزاب (43، 44) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَالآيَاتُ فِي البَابِ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: وكثرتها تمنع من استيعابها، دفعًا للتطويل، وفيما ذكر كفاية لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1408] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العظيمِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان سعة رحمة الله بعباده، حيث يجزي على العمل القليل بالثواب الجزيل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1409] وعنه - رضي الله عنه -: قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلا إلهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أكْبَرُ، أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «سبحان الله» . التسبيح: التنزيه لله عما لا يليق به. والحمد: الثناء عليه بنعوت الكمال. ولا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله. والتكبير: التعظيم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر (67) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/772) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1410] وعنه: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ؛ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي، وَلَمْ يَأتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال: «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان فضل الذكر، وسعة رحمة الله تعالى ومغفرته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1411] وعن أَبي أيوب الأنصاريِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ لا إلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ. كَانَ كَمَنْ أعْتَقَ أرْبَعَةَ أنْفُسٍ منْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في الحديث: دليل على أن الكافر الأصلي من ولد إسماعيل يرق كالكافر الأصلي من غيرهم، وخص ولد إسماعيل عليه السلام لشرفهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1412] وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ؟ إنَّ أَحَبَّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الواو: واو الحال، أي: أسبحه متلبسًا بحمدي له من أجل توفيقه لي، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/773) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فكانت سبحان الله وبحمده أحب الكلام إلى الله، لاشتمالها على التقديس والتنزيه، والثناء بأنواع الجميل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1413] وعن أَبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «الطُّهور شطر الإيمان» ، أي: نصفه؛ لأن خصال الإيمان قسمان: ظاهرة، وباطنة، فالطهور من الخصال الظاهرة، والتوحيد من الخصال الباطنة، ولهذا قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «والحمد لله تملأ الميزان» ، أي: عِظَم أجرها يملأ ميزان الحامد لله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السموات والأرض» ، أي: لو كان جسمين لملآ ما ذكر، ففيه عظم فضلهما وعلوِّ مقامهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1414] وعن سعد بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءَ أعْرَابيٌّ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلاَماً أقُولُهُ. قَالَ: «قُلْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، اللهُ أكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ للهِ كَثيراً، وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَالِمينَ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ» قَالَ: فهؤُلاءِ لِرَبِّي، فَمَا لِي؟ قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/774) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الذكر ثناء ودعاء، كما في سورة الفاتحة؛ ولهذا قال الأعرابي للجمل الأولى: فهؤلاء لربي فما لي؟ أي: فأي شيء أدعو به مما يعود لي بنفعٍ ديني أو دنيوي، فأمره أن يطلب من الله المغفرة، والرحمة، والهداية، والرزق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1415] وعن ثَوبانَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاثَاً، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ» قِيلَ لِلأوْزَاعِيِّ - وَهُوَ أحَدُ رواة الحديث -: كَيْفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: تقول: أسْتَغْفِرُ الله، أسْتَغْفِرُ الله. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الاستغفار بعد الصلاة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى أنه ينبغي عدم النظر لما يأتي به العبد من الطاعة، فذلك مزيد للقول، والتكرار للمبالغة في رؤية النقص فيما جاء به من العبادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1416] وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الجدُّ: الحظ والغنى، أي: لا ينفع صاحب الغنى عندك غناه، إنما ينفعه عنايتك به، وما قدمه من صالح العمل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء (88، 89) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1417] وعن عبدِ الله بن الزُّبَيْرِ رضي الله تَعَالَى عنهما أنَّه كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ، حِيْنَ يُسَلِّمُ: «لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/775) </span><br /><span style="font-size: x-large;">المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ، لا إلهَ إِلا اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إِلا إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إلهَ إِلا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ» . قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَكَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية التهليل خلف الصلاة المكتوبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1418] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ فُقَراءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: ذَهَبَ أهْلُ الدُّثورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أمْوَالٍ، يَحُجُّونَ، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ. فَقَالَ: «ألا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلا يَكُون أَحَدٌ أفْضَلَ مِنْكُمْ إِلا منْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «تُسَبِّحُونَ، وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ» . قَالَ أَبُو صالح الراوي عن أَبي هريرة، لَمَّا سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ ذِكْرِهِنَّ قَالَ: يقول: سُبْحَان اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ واللهُ أكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنهُنَّ كُلُّهُنَّ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وزاد مسلمٌ في روايته: فَرَجَعَ فُقَراءُ المُهَاجِرينَ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أهْلُ الأمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ؟ فَقَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الدُّثُورُ» جمع دَثْر - بفتح الدال وإسكان الثاء المثلثة - وَهُوَ: المال الكثير. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/776) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة الذكر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: التوسعة في الغبطة، والفرق بينها وبين الحسد المذموم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: المسابقة إلى الأعمال المحصِّلة للدرجات العالية، لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن العمل القاصر قد يساوي المتعدي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1419] وعنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ الله في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثاً وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثاً وَثَلاَثِينَ، وقال تَمَامَ المِئَةِ: لا إلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على استحباب هذا الذكر عقب الصلوات المكتوبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1420] وعن كعب بن عُجْرَةَ - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:</span><br /><span style="font-size: x-large;">«مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وَثَلاثونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلاثٌ وثَلاَثونَ تَحْمِيدَةً، وَأرْبَعٌ وَثَلاَثونَ تَكْبِيرَةً» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">سميت معقبات؛ لأنها تفعل مرة بعد مرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1421] وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَوَّذُ دُبُرَ الصَّلَواتِ بِهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/777) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مِنَ الجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الجُبْن: ضعف القلب، وهو ضد الشجاعة، والبخل: ضد السخاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأرذل العمر: الهرم. وعن عليّ رضي الله عنه، أنه خمس وسبعون سنة، ففيه ضعف القوى، وسوء الحفظ، وقلة العلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفتنة الدنيا: الابتلاء بالغنى، أو الفقر المشغل عن طاعة الله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفتنة القبر: سؤال منكر ونكير، فيثبت الله المؤمن، ويضل المنافق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم (27) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1422] وعن معاذ - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ بيده، وقال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">«يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ» فَقَالَ: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَة تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: شرف لمعاذ رضي الله عنه، وفي الدعاء بهذه الألفاظ القليلة مطالب الدنيا والآخرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1423] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أرْبَعٍ، يقول: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الاستعاذة بالله من هذه الأربع لعظم الأمر فيها وشدة البلاء في وقوعها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/778) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1424] وعن عليٍّ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، وَمَا أسْرَفْتُ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلهَ إِلا أنْتَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البيهقي: قدَّم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين، وأخَّر من شاء عن مراتبهم وثبطهم بمحنها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: خضوع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لربه، وأداؤه لحق مقام العبودية، وحثٌ للأمة على الاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1425] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب هذا الذكر في حال الركوع والسجود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: ومعنى «وبحمدك» ، أي: وبتوفيقك لي، وهدايتك، وفضلك عليَّ، سبحتك لا بحولي وقوتي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ففيه: شكر الله تعالى على هذه النعمة، والاعتراف بها، والتفويض إليه تعالى، وأن كل الأفضال له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1426] وعنها أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقولُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: ... «سبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/779) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في القاموس: وسبوح قدوس، ويفتحان، من صفاته تعالى؛ لأنه يُسَبَّحُ وَيُقَدَّسُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال في «النِّهاية» : يرويان بالضم والفتح، والفتح أقيس، والضم أكثر استعمالاً، وهو من أبنية المبالغة، والمراد بهما التنزيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وهما اسمان وضعا للمبالغة في النزاهة والطهارة عن كل ما لا يليق بجلاله تعالى، وكبريائه، وعظمته، وأفضاله، أي: ركعوي وسجودي لمن هو البالغ في النزاهة والطهارة، المبلغَ الأعلى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1427] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فَأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ - عز وجل -، وَأمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب تعظيم الله في الركوع، وكثرة الدعاء في السجود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1428] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب كثرة الدعاء في السجود، ولأنه من مواطن الإجابة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1429] وعنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ في سجودِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ: دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/780) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: التضرع إلى الله تعالى، وطلبه المغفرة من جميع الذنوب، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، وقد قال الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} [الفتح (1: 3) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1430] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: افْتَقَدْتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَتَحَسَّسْتُ، فإذا هُوَ راكِعٌ - أَوْ سَاجِدٌ - يقولُ: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لا إلهَ إِلا أنت» وفي روايةٍ: فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ في المَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا أحصي ثناءً عليك» ، أي: لا أطيق أن أحصره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم (34) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«أنت كما أثنيت على نفسك» ، بقولك: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية (36، 37) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وغيرها من الآيات والأحاديث القدسية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1431] وعن سعد بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كنا عِنْدَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أيعجزُ أحَدُكُمْ أنْ يَكْسِبَ في كلِّ يومٍ ألْفَ حَسَنَةٍ!» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ ألفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِئَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ ألْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ ألفُ خَطِيئَةٍ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/781) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الحُمَيْدِيُّ: كذا هُوَ في كتاب مسلم: «أَوْ يُحَطُّ» قَالَ البَرْقاني: ورواه شُعْبَةُ وأبو عَوَانَة، وَيَحْيَى القَطَّانُ، عن موسى الَّذِي رواه مسلم من جهتِهِ فقالوا: «ويحط» بغير ألِفٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: سعة فضل الله ورحمته، قال الله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام (160) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1432] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسْبيحَةٍ صَدَقةٌ، وَكُلُّ تَحْميدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيجْزئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">السُّلامى: هي المفاصل والأعضاء، قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خلق الله ابن آدم على ستين وثلاثِ مئةِ مفصل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ويجزي من ذلك ركعتان يركعها من الضحى» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: أي: يكفي من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء ركعتان، فإن الصلاة عملٌ لجميع أعضاء الجسد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1433] وعن أم المؤمنين جُويْريَةَ بنت الحارِث رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِيْنَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ في مَسْجِدِها، ثُمَّ رَجَعَ بَعدَ أنْ أضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ، فقالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/782) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الحالِ الَّتي فَارقَتُكِ عَلَيْهَا؟» قالت: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ اليَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: «سُبْحانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية الترمذي: «ألا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهَا؟ سُبحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرشِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرشِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: شرف هذا الذكر بأي صيغة من صيغه المذكورة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على فضل هذه الكلمات الجوامع، والأحسن الإتيان بجميع ما ذكر في هذه الروايات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1434] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه مسلم فَقَالَ: «مَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالبَيْتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العيني: وجه الشبه بين الذكر والحي: الاعتداد والنفع والضرر </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/783) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ونحوهما، وبين تارك الذكر والميت: التعطيل في الظاهر، والبطلان في الباطن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1435] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يقول الله تَعَالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرنِي في ملأٍ ذَكرتُهُ في مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على فضل الذكر سرًا وعلانية، وأن الله مع ذاكره برحمته، ولطفه، وإعانته، والرضا بحاله، وهذه معية خاصة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ... [النحل (128) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1436] وعنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَبَقَ المُفَرِّدُونَ» قالوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ؟ يَا رسولَ الله قال: «الذَّاكِرُونََ اللهَ كثيراً والذَّاكِرَاتِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَرُوي: «المُفَرَدُونَ» بتشديد الراءِ وتخفيفها والمشهُورُ الَّذِي قَالَهُ الجمهُورُ: التَّشْديدُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في القاموس: وَفَرَدَ تفريدًا، تفقّه واعتزل الناس، وخلا لمراعاة الأمر والنهي. ومنه: «طوبى للمفرِّدين، وسبق المفرِّدون» . وهم المهتزون بذكر الله تعالى، وهم أيضًا الذين هلكت لذَّاتهم وبقوا هُم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال في النهاية: سبق المفرِّدون. وفي رواية: «طوبى للمفرِّدين» . قيل: وما المفرِّدون؟ قال: «الذين اهتزوا في ذكر الله تعالى» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/784) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يقال: فرد برأيه، وأفرد وفرَّد، واستفرد، بمعنى: انفرد به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: فرد الرجل إذا تفقه واعتزل الناس، وخلا بمراعاة الأمر والنهي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: هم الهرمى الذين هلك أقرانهم من الناس، وبقوا يذكرون الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: واللفظان وإنْ اختلفا في الصيغة، فإن كل واحد منهما في المعنى قريب من الثاني إذ المراد المستخلصون لعبادة الله المتخلون لذكره عن الناس، المعتزلون فيه، المتبتلون إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1437] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «أفْضَلُ الذِّكْرِ: لا إلهَ إِلا اللهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">لا إله إلا الله، هي أفضل ما قاله النبيون، وهي كلمة التوحيد والإخلاص. وقيل: هي اسم الله الأعظم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1438] وعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطباً مِنْ ذِكْرِ الله تعالى» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">رطوبة اللسان بالذكر، عبارة عن مداومته، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران (190، 191) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: أحب عباد الله إلى الله أكثرهم له ذكرًا، وأتقاهم قلبًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل لبعض الصالحين: ألا تستوحش وحدك؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: «أنا جليس من ذكرني» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/785) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1439] وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «من قَالَ: سُبْحان الله وبِحمدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث الإِسراء عن إبراهيم عليه السلام: «إن الجنة قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1440] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقِيْتُ إبْرَاهِيمَ لَيلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ أقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُمْ أنَّ الجَنَّةَ طَيَّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الماءِ، وأنَّهَا قِيعَانٌ وأنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ، وَلا إلهَ إِلا اللهُ، واللهُ أكْبَرُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">تراب الجنة المسك والزعفران، وإذا طابت التربة وعذب الماء كان الغرس أطيب وأفضل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والقيعان: جمع قاع، وهو المكان الواسع المستوي من الأرض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العاقولي: معنى تقرير الكلام أنَّ الجنة ذات قيعان، وذات أشجار، فما كان قيعانًا فغراسه سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1441] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أعْمالِكُمْ، وأزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وأرْفَعِهَا في دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيرٍ لَكُمْ مِنْ إنْفَاقِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أن تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أعْنَاقَكُمْ؟» قَالَوا: بَلَى، قَالَ: «ذِكر الله تَعَالَى» . رواه الترمذي، قَالَ الحاكم أَبُو عبد الله: «إسناده صحيح» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/786) </span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: يدل على أنّ الذكر أفضل من الصدقة والجهاد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1442] وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - أنَّه دخل مَعَ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى امْرأةٍ وَبَيْنَ يَدَيْها نَوىً - أَوْ حَصَىً - تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: «أَلا أُخْبِرُكِ بما هُوَ أيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا - أَوْ أفْضَلُ -» فَقَالَ: «سُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا خَلَقَ في السَّمَاءِ، وسُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا خَلَقَ في الأرْضِ، وسُبْحَانَ الله عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وسُبحَانَ الله عَدَدَ مَا هو خَالِقٌ، واللهُ أكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، والحَمْدُ للهِ مِثْلَ ذَلِكَ؛ وَلا إلَهَ إِلا اللهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ مِثْلَ ذَلِكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أنَّ التسبيح بغير الأصابع جائز. لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم ينهها عن ذلك، لكنه دلّها على ما هو أفضل منه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1443] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟» فقلت: بلى يَا رسولَ الله قَالَ: «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النَّووي: المعنى أنَّ قائلها يحصِّل ثوابًا نفيسًا يُدَّخر له في الجنة، وهي كلمة استسلام، وتفويض. وأن العبد لا يملك من أمره شيئًا، ولا له حيلة في دفع شر، ولا في جلب خير إلا بإرادة الله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا حول ولا قوَّة إلا بالله» ، قال الشارح: أي، لا تحويل للعبد عن معصية الله، ولا قوَّة له على طاعة الله، إلا بتوفيق الله. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/787) </span><br /><span style="font-size: x-large;">245- باب ذكر الله تَعَالَى قائماً أَوْ قاعداً ومضطجعاً</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومحدثاً وجنباً وحائضاً إِلا القرآن فَلا يحل لجنب وَلا حائض</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران (190، 191) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} هذه في ارتفاعها واتِساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها، وما فيهما من الآيات العظيمة المشاهدة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي: تعاقبهما وتقارضهما، الطول والقصر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ} أي: العقول الذكية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} ، أي: في جميع أحوالهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، أي: ما فيهما من الحِكَم الدالة على عظمة الخالق، وقدرته، وتوحيده، وحكمته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عمر بن عبد العزيز: الكلام بذكر الله عزَّ وجلّ حسن، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1444] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: كَانَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ اللهَ تعالى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رواهُ مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: مشروعية الذكر على كل حال طاهرًا أو مُحْدثًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1445] وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ أنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أتَى أهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لم يضره» . في رواية: «لم يضره الشيطان أبدًا» ، أي: لم يسلّط عليه </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/788) </span><br /><span style="font-size: x-large;">لأجل بركة التسمية، بل يكون من جملة العباد الذين قال الله فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الإسراء (65) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد قال الله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الإسراء (64) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: إن الذي يجامع ولا يسمّي، يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل للبخاري: من لا يحسنها بالعربية يقولها بالفارسية؟ قال: نعم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب التسمية والدعاء والمحافظة على ذلك في كل حال، حتى في حالة الملاذ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الاعتصام بذكر الله ودعائه من الشيطان، والتبرك باسمه، والاستعاذة به من جميع الأسواء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أنّ الشيطان ملازم لابن آدم لا ينطرد عنه إلا إذا ذكر الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">246- باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1446] عن حُذَيفَةَ وأبي ذرٍ رضي الله عنهما قالا: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأموتُ» وَإذَا اسْتَيقَظَ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بعْدَ مَا أماتَنَا وإِلَيْهِ النُّشُورُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">النوم أخو الموت، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر (42) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/789) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب هذا الذكر عند الاضطجاع، وعند الانتباه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">247- باب فضل حِلَقِ الذكر</span><br /><span style="font-size: x-large;">والندب إِلَى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تريد زينة الحياة الدنيا} ... [الكهف (28) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويسألونه بكرةً وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يقال: إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يجلس معهم وحده، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه، فنهاه الله عن ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنَّا مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة، فقال المشركون للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اطرد هؤلاء لا يجترؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما شاء الله أن يقع، فحدَّث نفسه، فأنزل الله عزَّ وجلّ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام (52) ] . أخرجه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: ولا تجاوزهم إلى غيرهم، يعني: تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} ، أي: شغل عن الدِّين، وعبادة ربه بالدنيا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ، في طلب الشهوات {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} ، أي: ضياعًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/790) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1447] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدُوا قَوْمَاً يَذْكُرُونَ اللهَ - عز وجل -، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ - وَهُوَ أعْلَم -: مَا يقولُ عِبَادي؟ قَالَ: يقولون: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هَلْ رَأَوْنِي؟ فيقولونَ: لا واللهِ مَا رَأَوْكَ. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْني؟! قَالَ: يقُولُونَ: لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيداً، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحاً. فَيقُولُ: فماذا يَسْألونَ؟ قَالَ: يقُولُونَ: يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ. قَالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْها؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يقول: فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصاً، وأشدَّ لَهَا طَلَباً، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يقولون: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ؛ قَالَ: فيقولُ: وَهَلْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ مَا رَأوْهَا. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟! قَالَ: يقولون: لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَاراً، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فيقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/791) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلمٍ عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إن للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضُلاً يَتَتَبُّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإذَا وَجَدُوا مَجْلِساً فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِأجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فإذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعدُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْأَلُهُمْ اللهُ - عز وجل - وَهُوَ أعْلَمُ -: مِنْ أيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبادٍ لَكَ في الأرْضِ: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيَسْألُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يَسْألُونِي؟ قالوا: يَسْألُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ. قَالَ: فكيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتي؟! قالوا: ويستجيرونكَ. قَالَ: ومِمَّ يَسْتَجِيرُونِي؟ قالوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأوْا نَاري؟ قالوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟! قالوا: وَيَسْتَغفِرُونكَ؟ فيقولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَألُوا، وَأجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فيقولون: ربِّ فيهمْ فُلانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إنَّمَا مَرَّ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ. فيقُولُ: ولهُ غَفَرْتُ، هُمُ القَومُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الذكر يتناول الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، وتلاوة الحديث، ودراسة العلم الديني.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم» . قيل: من حكم السؤال إقرار الملائكة أنَّ في بني آدم المسبحين والمقدسين، فيكون كالاستدراك لما سبق من قولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا} [البقرة (30) ]</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فضلاً» منضبط بوجوه: أشهرها ضم أَوَّلَيه، وبضم، ففتح، أخره ألف </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/792) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ممدودة جمع فاضل. ومعناه على جميع الروايات أنهم زائدون على الحفظة، وغيرهم من المرتبين مع الخلائق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث: فضل الذكر والذاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم إكرامًا لهم، وإنْ لم يشاركهم في أصل الذكر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: محبة الملائكة لبني آدم، واعتناؤهم بهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنّ السؤال قد يصدر ممن هو أعلم بالمسؤول عنه من المسؤول، لإظهار العناية بالمسؤول عنه، والتنويه بقدره، والإعلان بشرف منزلته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1448] وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما قالا: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَقْعُدُ قَومٌ يَذكُرُونَ اللهَ - عز وجل - إِلا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ؛ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يقعد قوم يذكرون الله» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أبي هريرة: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتْلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» . السكينة هنا: الطمأنينة والوقار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وذكرهم الله فيمن عنده» ، أي: في الملأ الأعلى. كما في الحديث الآخر: «وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1449] وعن أَبي واقدٍ الحارث بن عوف - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ في المَسْجِدِ، والنَّاسُ مَعَهُ، إذْ أقْبَلَ ثَلاثَةُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/793) </span><br /><span style="font-size: x-large;">نَفَرٍ، فأقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَهَبَ واحِدٌ؛ فَوَقَفَا عَلَى رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فأمَّا أحَدُهُما فَرَأَى فُرْجةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأمَّا الآخرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وأمَّا الثَّالثُ فأدْبَرَ ذاهِباً. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ألا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ: أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأوَى إِلَى اللهِ فآوَاهُ اللهُ إِلَيْهِ. وَأمَّا الآخَرُ فاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللهُ مِنْهُ، وأمّا الآخَرُ، فَأعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل ملازمة حِلَقِ العلم والذكر، وجلوس العالم، والذكر في المسجد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الثناء على المستحيي، والجلوس حيث ينتهي به المجلس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها، وأن ذلك لا يعد من الغيبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1450] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: خرج معاوية - رضي الله عنه - عَلَى حَلْقَةٍ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/794) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أجْلَسَكُمْ؟ قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ. قَالَ: آللهِ مَا أجْلَسَكُمْ إِلا ذاك؟ قالوا: مَا أجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ، قَالَ: أما إنِّي لَمْ اسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كَانَ أحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَلَّ عَنْهُ حَديثاً مِنِّي: إنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أجْلَسَكُمْ؟» قالوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ الله وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا للإسْلاَمِ؛ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ: «آللهِ مَا أجْلَسَكُمْ إِلا ذَاكَ؟» قالوا: واللهِ مَا أجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ. قَالَ: «أمَا إنِّي لَمْ أسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، ولكِنَّهُ أتَانِي جِبرِيلُ فَأخْبَرَنِي أنَّ الله يُبَاهِي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: قال: «آلله ما أجلسكم إلا ذلك، أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وحذف المصنف جوابهم، وهو في مسلم ولفظه: فقالوا: (والله ما أجلسنا إلا ذلك) ، وهو من قلم الناسخ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">248- باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعَاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف (205) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ أهلُ اللُّغَةِ: «الآصَالُ» : جَمْعُ أصِيلٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ وَالمَغْرِبِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره كثيرًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{تَضَرُّعاً وَخِيفَةً} ، أي: رغبة ورهبة، وبالقول. ولهذا قال: ... {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} . وهكذا يستحب أن يكون الذكر، لا يكون نداءً وجهرًا بليغًا. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال مجاهد وغيره: أمر أن يذكروه في الصدور، وبالتضرع إليه في الدعاء، والاستكانة دون رفع الصوت، والصياح بالدعاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه (130) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: المراد من التسبيح: الصلاة المكتوبة. وقيل: على ظاهره. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/795) </span><br /><span style="font-size: x-large;">والصواب: أن الآية عامة للصلاة، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وجميع الذكر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإنْ استطعتم أنْ لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها فافعلوا» . ثم قرأ هذه الآية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ} [غافر (55) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ أهلُ اللُّغَةِ «العَشِيُّ» : مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وغُرُوبِهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: ابن كثير: وقوله تبارك وتعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [غافر (55) ] ، هذه تهييج للأمة على الاستغفار. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ... بِالْعَشِيِّ} ، أي: في أواخر النهار، وأوائل الليل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَالْإِبْكَارِ} ، وهي أوائل النهار، وأواخر الليل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسْبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ... } الآية [النور (36، 37) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: المساجد بيوت الله في الأرض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ} ، قال: مجاهد: أن تبنى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: أي: تعظم لا يذكر فيها الخنا من القول.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} ، قال ابن عباس: يتلى فيها كتابه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{يُسَبِّحُ لَهُ} ، أي: يُصَلَّ له فيها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/796) </span><br /><span style="font-size: x-large;">{رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: إشعار بهممهم السامية، وعزائمهم العالية التي بها صاروا عمّارًا للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وذكره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالعَشِيِّ وَالإشْرَاقِ} [ص (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي أنَّه تعالى سخَّر الجبال تسبِّح مع داود عند إشراق الشمس، وآخر النهار، كما قال عزَّ وجلّ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ (10) ] ، وكذلك كانت الطير تسبِّح بتسبيحه، وترجِّع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء، فسمعه وهو يترنَّم بقراءة الزبور ولا يستطيع الذهاب، بل يقف في الهواء ويسبح معه، وتجيبه الجبال الشامخات، ترجع معه وتسبح تبعًا له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1451] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يُصْبِحُ وَحينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِئَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأتِ أَحَدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلا أحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: إيماء إلى أن الاستكثار من هذا الذكر محبوب إلى الله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1452] وعنه قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رسولَ الله مَا لَقِيْتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ! قَالَ: «أمَا لَوْ قُلْتَ حِيْنَ أمْسَيْتَ: أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ: لَمْ تَضُرَّك» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: منذ سمعت هذا الخبر عملت عليه، فلم يضرني شيء إلى أنْ تركته فلدغتني عقرب ليلاً، فتفكرت في نفسي فإذا بي قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/797) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1453] وعنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه كَانَ يقولُ إِذَا أصْبَحَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإلَيْكَ النُّشُورُ» . وإذا أمسَى قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا، وبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ. وَإلْيَكَ النُّشُورُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في «النهاية» : «وإليك النشور» ، يقال: نشر الميت ينشر نشورًا، إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله: أي أحياه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وإليك المصير» ، أي: إليك المرجع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1454] وعنه: أنَّ أَبَا بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - قَالَ: يَا رسول الله مُرْني بِكَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ إِذَا أصْبَحْتُ وإذا أمْسَيْتُ، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ؛ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إِلا أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَّرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ» قَالَ: «قُلْهَا إِذَا أصْبَحْتَ، وإذَا أمْسَيْتَ، وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">زاد الترمذي من طريق آخر: «وأن نقترف على أنفسنا سوءًا، أو نجره إلى مسلم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: استحباب هذا الذكر عند الصباح والمساء وعند النوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1455] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ نبيُّ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَمْسَى قَالَ: «أَمْسَيْنَا وأمْسَى المُلْكُ للهِ، والحَمْدُ للهِ، لا إلهَ إِلا اللهُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/798) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ» قَالَ الراوي: أَرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: «لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدير، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ، وَعَذَابٍ في القَبْرِ» ، وَإذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أيضاً «أصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ للهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب هذا الذكر في الصباح والمساء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1456] وعن عبد الله بن خُبَيْب - بضم الخاء المعجمة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رَسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَأْ: قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، والمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبحُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب قراءة المعوذات في المساء والصباح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1457] وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلا في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، إِلا لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">رُوي أن أبان بن عثمان راوي الحديث، عن أبيه، كان قد أصابه طرف فالج، فجعل رجل ينظر إليه، فقال له أبان: أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذٍ ليمضي الله عليّ قدره. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/799) </span><br /><span style="font-size: x-large;">249- باب مَا يقوله عِنْدَ النوم</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ في خَلْقِ السَّماوَاتِ والأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهمْ وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ} الآيات [آل عمران (190، 191) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1458] وعن حُذَيْفَةَ وأبي ذرٍّ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِراشِهِ، قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وأَمُوتُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب هذا الذكر عند النوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1459] وعن عليٍّ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ ولِفَاطِمَةَ رضي الله عنهما: «إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - فَكَبِّرا ثَلاَثاً وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، واحْمِدا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ» وفي روايةٍ: التَّسْبيحُ أرْبعاً وثلاثينَ، وفي روايةٍ: التَّكْبِيرُ أرْبعاً وَثَلاَثينَ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه، من شغل ونحوه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قلت: ويشهد لهذا سبب هذا الحديث، وهو أن فاطمة سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خادمًا، فذكر لها هذا الذكر، وقال: «إنه خير لكما من خادم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1460] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَليَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ فإنَّهُ لا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/800) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبي، وَبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإنْ أَرْسَلْتَهَا، فاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب نفض الفراش قبل الاضطجاع لئلا يكون دخل فيه حية، أو عقرب، أو غيرهما من المؤذيات وهو لا يشعر، وقد قال الله تعالى: ... {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر (42) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1461] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بالمُعَوِّذَاتِ، ومَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لهما: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرأَ فيهِما: {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ} ، وَ {قَلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} ، وَ {قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثُمَّ مَسَحَ بِهِما مَا استْطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهما عَلَى رَأسِهِ وَوجْهِهِ، وَمَا أقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ أهلُ اللُّغَةِ: «النَّفْثُ» نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلا رِيقٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المعوِّذات: «قل هو الله أحد» ، والمعوذتين، كما فسره في الرواية الأخرى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والنفث: شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1462] وعن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أَتَيتَ مَضْجعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَن، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوضْتُ أَمْرِي إليكَ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/801) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وأَلْجَأتُ ظَهرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً وَرهْبَةً إليكَ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلا إليكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ، فإنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أسلمت نفسي إليك» ، أي: جعلتها منقادة لك، تابعة لحكمك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «فوَّضت أمري إليك» ، أي: رددته إليك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «ألجأت ظهري إليك» ، أي: اعتمدت عليك في أموري كلها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «ورغبةً ورهبةً إليك» ، أي: خوفاً من عقابك وطمعًا في ثوابك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك» ، أي: لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك، ولا منجا إلا إليك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «آمنت بكتابك الذي أنزلت» يعني: القرآن وجميع الكتب السماوية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «وبنبيّك الذي أرسلت» . وفي رواية: أنَّه قرأها البراء فقال: و «وبرسولك الذي أرسلت» . فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قل: وبنبيّك الذي أرسلت» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «فإن متَّ متَّ على الفطرة» ، أي: الدين. وفي رواية: «وإن أصبحت أصبت خيرًا، واجعلهنَّ آخر ما تقول ليكون ختمًا حسنًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1463] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وكفَانَا وآوانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِيَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تعداد العبد للنعم على نفسه، والنظر إلى من جعلهم الله دونه، فهو أجدر أن لا يزدري نعمة الله عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1464] وعن حذيفة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ، وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قِني </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/802) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه أَبُو داود؛ من رواية حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وفيهِ أنه كَانَ يقوله ثلاث مراتٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خضوع لمولاه، وأداء لحق مقام الربوبية، وتنبيه للأمة أنْ لا يأمنوا مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/803) </span><br /><span style="font-size: x-large;"> =====</span><br /><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0019.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span><br /><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0017.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span><br /><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span><br /><span style="font-size: x-large;">كتَاب الدَّعَوات</span><br /><span style="font-size: x-large;">250- باب فضل الدعاء</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر (60) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: أي اعبدوني دون غيري، أجبكم، وأثبكم، وأغفر لكم، فلمَّا عَبَّرَ عن العبادة بالدعاء، جعل الإِثابة استجابة، وساق بسنده حديث النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول على المنبر: «إنَّ الدعاء هو العبادة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى أبو يعلى عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يروي عن ربه عزَّ وجلّ قال: «أربع خصال، واحدة منهن لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين عبادي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فأما التي لي: فتعبدني لا تشرك بي شيئًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما التي لك عليَّ: فما عملت من خير جزيتك به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما التي بيني وبينك: فمنك الدعاء وعليَّ الإِجابة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما التي بينك وبين عبادي: فارض لهم ما ترضى لنفسك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} ... [الأعراف (55) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/804) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: المتجاوزين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال أبو مجلز: هم الذين يسألون منازل الأنبياء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن جريج: من الاعتداء رفع الصوت، والنداء بالدعاء والصياح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن جرير: {تَضَرُّعاً} : تذلُّلاً واستكانة لطاعته. و {خُفْيَةً} . يقال: بخشوع قلوبكم، وصحة اليقين بواحدنيته وربوبيته، فيما بينكم وبينه لا جهارًا ومرآةً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَإذا سَألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنِّي قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية [البقرة (186) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">عن معاوية بن حيدة، أنَّ أعرابيًّا قال: يَا رسول الله، أقريبٌ ربنا فنناجيه؟ أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عباس قال: قال يهود أهل المدينة: يَا محمد، كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمس مئة عام، وأن غلظ كل سماء مثل ذلك، فنزلت هذه الآية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: والمراد أنه تعالى لا يجيب دعاء داعٍ ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء. ففيه: ترغيب في الدعاء وأنه لا يضيع لديه تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي سعيد، أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما من مسلم يدعو الله عزَّ وجلّ بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل الله له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» . قالوا: يَا رسول الله! إذًا نكثر. قال: «الله أكثر» . رواه أحمد. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/805) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل (62) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضرّ المضرورين سواه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ} ، أي: خلفًا بعد سلف</span><br /><span style="font-size: x-large;">{أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} يقدر على ذلك {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1465] وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يعني: أن الدعاء هو خالص العبادة كما في حديث أنس عند الترمذي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الدعاء مخُّ العبادة» . والمعنى أن العبادة لا تقوم إلا بالدعاء، كما أن الإنسان لا يقوم إلا بالمخِّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القاضي عياض: أي: هو العبادة الحقيقة التي تستأهل أنْ تسمى عبادة، لدلالته على الإقبال على الله، والإعراض عما سواه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ... [الجن (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر (60) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف (5، 6) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/806) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1466] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كَانَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحِبُّ الجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أَبُو داود بإسناد جيدٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: يستحب الدعاء الجامع للمهمات والمطالب، فيكون قليل المبنى، جليل المعنى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1467] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أكثرُ دعاءِ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">زاد مسلم في روايتهِ قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أرادَ أنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، وَإِذَا أرادَ أنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يدخل في الحسنة، كل خير ديني ودنيوي، وصرف كل شر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1468] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى، والتُّقَى، والعَفَافَ، والغِنَى» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الهدى: ضد الضلالة. والتقى: امتثال الأوامر واجتناب النواهي. والعفاف: الكف عن المعاصي والقبائح. والغنى: الاستغناء عن الحاجة إلى الناس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1469] وعن طارق بن أَشْيَمَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلاَةَ ثُمَّ أمَرَهُ أنْ يَدْعُوَ بِهؤلاَءِ الكَلِمَاتِ: « </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/807) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِني، وَعَافِني، وَارْزُقْنِي» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ له عن طارق: أنَّه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأتاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رسول اللهِ كَيْفَ أقُولُ حِيْنَ أسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِني، وارْزُقْنِي، فإنَّ هؤلاَءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">بدأ بالمغفرة لكونها كالتخلية، لما فيها من التنزيه من إقذار المعاصي، وعقبها بالرحمة لكونها كالتحلية، وعطف عليها الهداية، عطف خاص على عام، وبعد تمام المطالب سأل الله العافية ليقدر على الشكر، وطلب الرزق لتستريح نفسه عن الهم بتحصيله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1470] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبنَا عَلَى طَاعَتِكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: صرّف على طاعتك قلوبنا، فلا تنزعها بعد الهدى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأول الحديث قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه كيف يشاء» . ثم قال: «اللَّهُمَّ مصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1471] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ قَالَ سفيان: أَشُكُّ أنِّي زِدْتُ واحدةً مِنْهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الجهد: المشقة. وكل ما أصاب الإنسان من شدة المشقة، وما لا طاقة له بحمله، ولا يقدر على دفعه عن نفسه، فهو من جهد البلاء. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/808) </span><br /><span style="font-size: x-large;">{رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة (286) ] ، قيل: إن التي زاد فيها سفيان هي شماتة الأعداء، وهذا دعاء جامع للتعوذ من شر الدنيا والآخرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1472] وعنه قَالَ: كَانَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِيني الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي، وأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا مَعَاشِي، وأصْلِحْ لِي آخِرتِي الَّتي فِيهَا مَعَادي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا من الأدعية الجوامع، فإن الله تعالى إذا وفق العبد للقيام بآداب الدين، ورزقه من الحلال كفافًا، ووفقه للإخلاص، وحسن الخاتمة، وأطال عمره على طاعته، ووقاه من الفتن، فقد حصل له سعادة الدنيا والآخرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1473] وعن علي - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قُلْ: اللَّهُمَّ اهْدِني، وسَدِّدْنِي» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «اللَّهمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى والسَّدَادَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي مسلم زيادة: «واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم» . الهدى: هنا الرشاد، وسداد العمل: تقويمه على السنَّة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1474] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، والهَرَمِ، والبُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/809) </span><br /><span style="font-size: x-large;">العجز: عدم القدرة على الخير. والكسل: التثاقل عنه. والجبن: الخوف، وضعف القلب، وهو ضد الشجاعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والهرم: الكِبَر والضعف في العقل. والبخل: ضد السخاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وأعوذ بك من عذاب القبر» ، أي: العذاب الكائن فيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، فإن حسن فما بعده أحسن، وإن قبح فما بعده أقبح» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات» ، أي: الحياة والموت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وَضَلَعِ الدَّيْنِ» ، أي: ثقله وشدته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعض السلف: ما دخل همُّ الدين قلبًا إلا ذهب من العقل ما لا يعود إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: «وغلبة الرجال» . فيه: إشارة إلى التعوذ من أن يكون مظلومًا أو ظالمًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1475] وعن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: أنَّه قَالَ لرسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ في صَلاَتِي، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «وفي بيتي» وَرُوِيَ: «ظلماً كثيراً» ورُوِي: «كبيراً» بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة؛ فينبغي أنْ يجمع بينهما فيقال: كثيراً كبيراً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ينبغي أنْ يحتاط فيجمع بين الروايتين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأحسن أن يؤتى بالدعاء على إحدى الروايتين، ويعاد ثانيًا باللفظ الآخر. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/810) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1476] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه كَانَ يدْعُو بِهذا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وإسرافِي في أمْرِي، وَمَا أنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي؛ وَخَطَئِي وَعَمْدِي؛ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، وَمَا أنتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأنْتَ المُؤَخِّرُ، وأنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الاستغفار بهذا الدعاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعض السلف: حسنات الأبرار سيئات المقربين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال بعضهم: هفوات الطبع البشري لا يسلم منها أحد. والأنبياء وإنْ عصموا من الكبائر لم يعصموا من الصغائر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1477] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقول في دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ ومنْ شَرِّ مَا لَمْ أعْمَلْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: استعاذ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أنْ يعمل في المستقبل من الزمان ما لا يرضاه الله تعالى. فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: استعاذ من أن يصير معجبًا بنفسه في ترك القبائح، وسأل أن يرى ذلك من فضل الله عليه، لا بحوله وقوته. وهذا تعليم منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأمته، وأداءٌ لحق الربوبية، وتواضعًا للحضرة الإلهية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1478] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ مِن دعاءِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ، وتَحَوُّلِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/811) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَافِيَتِكَ، وفُجَاءةِ نِقْمَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فُجَاءة: بضم الفاء وفتح الجيم ممدودة. وروي بفتح الفاء وسكون الجيم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">خص فجاءة النقمة بالاستعاذة؛ لأنها أشد من أن تصيبه تدريجًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1479] وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ... «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، والبُخْلِ والهَرَمِ، وَعَذابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ؛ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ؛ وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">العلم الذي لا ينفع، هو الذي لا يعمل به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: هو الذي لا يهذب الأخلاق الباطنة، فيسري منها إلى الأفعال الظاهرة وأنشد:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... يا من تباعد عن مكارم خلقه ... ليس التفاخر بالعلوم الزاخرة</span><br /><span style="font-size: x-large;">من لم يهذّب علمُه أخلاقَه ... لم ينتفع بعلومه في الآخرة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1480] وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ. فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أعْلَنْتُ، أنتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلهَ إِلا أنْتَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">زَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: «وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كمال الرجوع إلى الله تعالى، والركون إليه في الأحوال كلها، والاعتصام بحبله، والتوكل عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/812) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق (3) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعضهم:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... إذا لم يعنك الله فيما تريده ... فليس لمخلوق إليه سبيل</span><br /><span style="font-size: x-large;">وإن هو لم يرشدك في كل مسلك ... ضللت ولو أن السماك دليل</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1481] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يدعو بِهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ الغِنَى وَالفَقْرِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح) ؛ وهذا لفظ أَبي داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «من فتنة النار» ، أي: الفتنة المسبب عنها النار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومن شر الغنى» ، أي: الشر المرتب عليه، كالكبر والعجب، والشره، والحرص، والجمع للمال من الحرام، والبخل، والشح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وشر الفقر» : كالتضجر، والتبرم من القدر، والوقوع في المساخط بسببه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1482] وعن زياد بن عِلاَقَةَ عن عمه، وَهُوَ قُطْبَةُ بنُ مالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأخْلاَقِ، وَالأعْمَالِ، والأهْواءِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الأخلاق المنكرة، كالعجب، والكبر، والخيلاء، والفخر، والحسد، والتطاول، والبغي، ونحو ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأعمال المنكرة، كالزنى وشرب الخمر، وسائر المحرمات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأهواء المنكرة، كالاعتقادات الفاسدة، والمقاصد الباطلة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">زاد الترمذي: (والأدواء) . وهي الأدواء المنكرة، كالبرص، والجنُونِ والجذام، وسيِّء الأسقام. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/813) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1483] وعن شَكَلِ بن حُمَيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قلتُ: يَا رسولَ الله، علِّمْنِي دعاءً أَدْعُو بِهِ، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[. . .] () أن تواقعه في المعاصي، أو لا يستعملها في الطاعات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1484] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ، والجُنُونِ، والجُذَامِ، وَسَيِّيءِ الأسْقَامِ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيحٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">عطف سيء الأسقام على ما قبله، من عطف العام على الخاص.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1485] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ، فَإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وأعوذُ بِكَ منَ الخِيَانَةِ، فَإنَّهَا بِئْسَتِ البِطَانَةُ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: مشروعية الاستعاذة من الجوع لأنه يضعف القوى، ويخل بوظائف العبادة، والاستعاذة من الخيانة؛ لأنها من علامات النفاق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1486] وعن عليّ - رضي الله عنه - أنَّ مُكَاتباً جاءهُ فَقَالَ: إنِّي عَجِزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأعِنِّي، قَالَ: ألا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ عَلَّمَنِيهنَّ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْناً أدَّاهُ اللهُ عَنْكَ؟ قَالَ: قُلْ: «اللَّهُمَّ</span><br /><span style="font-size: x-large;">_________</span><br /><span style="font-size: x-large;">(1) [كلمة مطموسة في الأصل] . كذا قال محقق الكتاب. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/814) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اكْفِني بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِواكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الدعاء بهؤلاء الكلمات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1487] وعن عِمْرَانَ بن الحُصَينِ رضي الله عنهما: أنَّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ أبَاهُ حُصَيْناً كَلِمَتَيْنِ يَدْعُو بهما: «اللَّهُمَّ ألْهِمْني رُشْدِي، وأعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسي» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ألهمني بالتوفيق للأعمال الصالحة المقربة إليك. و «أعذني» : أي: أعصمني من شر نفسي فإنها الداعية لحتفي وطردي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [يوسف (53) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1488] وعن أَبي الفضل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله عَلِّمْني شَيْئاً أسْألُهُ الله تَعَالَى، قَالَ: «سَلوا الله العَافِيَةَ» فَمَكَثْتُ أَيَّاماً، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلتُ: يَا رسولَ الله عَلِّمْنِي شَيْئاً أسْألُهُ الله تَعَالَى، قَالَ لي: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رسول اللهِ، سَلُوا الله العَافِيَةَ في الدُّنيَا والآخِرَةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إرشاد إلى أنه ينبغي لكل أحد سؤال العافية في الدنيا بالسلامة من الأسقام، والمحن، والآلام. والآخرة بالعفو عن الذنوب، وإنالة المطلوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى الترمذي عن أنس: أنَّ رجلاً جاء إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، أيُّ الدعاء أفضل؟ قال: «سل ربك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة» . ثم أتاه في اليوم الثاني فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ فقال له مثل ذلك. ثم أتاه </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/815) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في اليوم الثالث، فقال له مثل ذلك. قال: «فإذا أُعطيتَ العافية في الدنيا، وأُعطيتها في الآخرة، فقد أفلحتَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1489] وعن شَهْرِ بن حَوشَبٍ قَالَ: قُلْتُ لأُمِّ سَلَمة رَضِيَ اللهُ عنها، يَا أمَّ المؤمِنينَ، مَا كَانَ أكثْرُ دعاءِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قالت: كَانَ أكْثَرُ دُعائِهِ: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: خضوع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لربه وتضرعٌ إليه، وإرشاد الأمة إلى سؤال ذلك، وإيماء إلى أن العبرة بالخاتمة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">زاد الترمذي في آخره، قالت: فقلت: يا رسول الله، ما أكثر دعائك: يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك. فقال: «يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن، من شاء أقام، ومن شاء أزاغ» . فقال: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران (8) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1490] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَ مِنْ دُعاءِ دَاوُدَ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أحَبَّ إلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وأهْلِي، وَمِنَ الماءِ البارِدِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">خص الماء البارد بالذكر، لشدة ميل النفس ونزعها إليه زمن الصيف، فهو أحب المستلذات إليها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: مشروعية الصلاة والسلام على جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/816) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1491] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألِظُّوا بـ (يَاذا الجَلاَلِ والإكْرامِ) » . رواه الترمذي، ورواه النسائي من رواية ربيعة بن عامِرٍ الصحابي، قَالَ الحاكم: «حديث صحيح الإسناد» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«ألِظُّوا» : بكسر اللام وتشديد الظاء المعجمة، معناه: الزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةَ وأكْثِرُوا مِنْهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: إن اسم الله الأعظم هو: يَا ذا الجلال والإكرام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن معاذ بن جبل قال: قد سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً يقول: يَا ذا الجلال والإكرام. فقال: «قد استجيب لك فسل» . رواه الترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1492] وعن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: دعا رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدُعاءٍ كَثيرٍ، لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئاً؛ قُلْنَا: يَا رسول الله، دَعَوْتَ بِدُعاءٍ كَثِيرٍ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئاً، فَقَالَ: «ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ؟ تقول: اللَّهُمَّ إنِّي أسَألُكَ مِنْ خَيْر مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ محمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وأعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا استَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنتَ المُسْتَعانُ، وَعَليْكَ البَلاَغُ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية رفع الصوت بالدعاء بما يسمعه الجليس، وأنه لا يدخل في الجهر المنهي عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1493] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ من دعاءِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/817) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مَغْفِرَتِكَ، والسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ، والغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، والفَوْزَ بالجَنَّةِ، والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ» . رواه الحاكم أَبُو عبد الله، وقال: «حديث صحيح عَلَى شرط مسلمٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«موجبات رحمة الله» : امتثال أمره، واجتناب نهيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف (156) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وعزائم مغفرتك» : أي: الظفر «بالجنة» . «والنجاة» : أي: الخلاص من النار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وفي ختم المصنف الباب بهذا الدعاء إيماءٌ إلى أن المطلوب من الأدعية كغيرها من الأعمال، وهو أداء العبودية لحق الربوبية، طلب النجاة من النار، ودخول الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران (185) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الشاعر:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... إن ختم الله برضوانه ... فكل ما لا قيته سهل</span><br /><span style="font-size: x-large;">251- باب فضل الدعاء بظهر الغيب</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمَانِ} [الحشر (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">لما ذكر الله تعالى السابقين من المهاجرين والأنصار، أثنى على التابعين منهم بإحسان، بدعائهم للمؤمنين الغائبين عنهم حال الدعاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {واسْتَغْفِرْ لِذنْبِكَ وَلِلْمُؤمِنِينَ والمؤْمِنَاتِ} [محمد (19) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَمَرَهُ الله تعالى بالاستغفار للجميع منهم الحاضرين والغائبين. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/818) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى إخْبَاراً عَن إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {رَبَّنا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسَابُ} [إبراهيم (41) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">كان استغفاره لأبيه أولاً كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة (114) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1494] وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلمٍ يدعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ إِلا قَالَ المَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1495] وعنه أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقول: «دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الدعاء للمسلم بظهر الغيب، وأنه يحصل للداعي مثلها، وأن دعوته لا ترد، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعوا لنفسه دعا لأخيه المسلم بتلك الدعوة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">252- باب في مسائل من الدعاء</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1496] وعن أسَامة بن زيد رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَقَالَ لِفاعِلهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيراً، فَقَدْ أبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: مشروعية الدعاء لمن فعل المعروف حسِّيًّا أو معنويًّا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/819) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1497] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ وَلا تَدعُوا عَلَى أوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أموَالِكُمْ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسألُ فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن الدعاء على من ذُكِر، لئلا يوافقوا ساعة استجابة فيستجاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1498] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أقْرَبُ مَا يكونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: الندب إلى كثرة الدعاء في السجود، كما في الحديث الآخر: «وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أنْ يستجاب لكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1499] وعنه أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ: يقُولُ: قَدْ دَعْوتُ رَبِّي، فَلَمْ يسْتَجب لِي» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لمسلمٍ: «لا يَزالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطيعَةِ رحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ» قيل: يَا رسولَ اللهِ مَا الاستعجال؟ قَالَ: ... «يقول: قَدْ دَعوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أرَ يسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الاستحسار: الإعياء، والله سبحانه يجيب دعوة الداع إذا دعاه، فأما أن يعجلها في الدنيا، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن جريج: إنَّ دعوة موسى وهارون على فرعون لم تظهر إجابتها إلا بعد أربعين سنة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/820) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1500] وعن أَبي أمامة - رضي الله عنه - قَالَ: قيل لِرسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيُّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">إنما كان جوف الليل أقرب للإجابة لكمال التوجُّه، وفقد العلائق والعوائق، وكذلك إدبار الصلوات؛ لأن الصلاة مناجاة العبد لربه، ومحل مسألته من فضله، وبعد تمام العمل، يظهر الأمل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1501] وعن عُبَادَةَ بنِ الصامت - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا عَلَى الأرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو الله تَعَالَى بِدَعْوَةٍ إِلا آتَاهُ اللهُ إيَّاها، أَوْ صَرفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: إِذاً نُكْثِرُ قَالَ: «اللهُ أكْثَرُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه الحاكم من روايةِ أَبي سعيدٍ وزاد فِيهِ: «أَوْ يَدخِرَ لَهُ مِن الأَجْرِ مثْلَها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب كثرة الدعاء، وانتظار الإجابة واحتساب ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1502] وعن ابنِ عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقولُ عِنْدَ الكَرْبِ: «لا إلهَ إِلا اللهُ العَظِيمُ الحَليمُ، لا إلهَ إِلا اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظيمِ، لا إلهَ إِلا اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إن الدواء من الكرب توحيد الله عز وجل، وعدم النظر إلى غيره أصلاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: حدثني أبو بكر الرازي، قال: كنت بأصبهان عند أبي نعيم </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/821) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أكتب الحديث عنه، وهناك شيخ يقال له: أبو بكر بن علي، عليه مدار الفتيا فَسُعِيَ به عند السلطان فحبسه، فرأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المنام وجبريل عليه السلام عن يمينه يحرك شفتيه بالتسبيح لا يفتر، فقال لي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قل: لأبي بكر بن علي يدعو بدعاء الكرب الذي في (صحيح البخاري) حتى يفرج الله عنه. قال: فأصبحت فأخبرته فدعا به، فلم يكن إلا قليلاً حتى أخرج من السجن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن البصري: أرسل إليَّ الحجاج فقلتهن، فقال: والله ما أرسلت إليك إلا وأنا أريد أنْ أقتلك، فلأنت اليوم أحب من كذا وكذا، فسل حاجتك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العيني: اشتملت الجملة الأولى على التوحيد الذي هو أصل التنزيهات، وعلى العظمة التي تدل على القدرة العظيمة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحكمة تخصيص الحليم بالذكر، أنّ كرب المؤمن غالبًا إنما هو نوع من التقصير في الطاعات، أو غفلة في الحالات، وهذا يشعر برجاء العفو المقلل للحزن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واشتملت الجملة الثانية على التوحيد، والربوبية، وعظم العرش.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ووجه تكرير الرب بالذكر من بين سائر الأسماء الحسنى، هو كونه مناسبًا لكشف الكرب الذي هو مقتضى التربية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ووجه تخصيص العرش بالذكر، كونه أعظم أجسام العالم، فيدخل الجميع تحته دخول الأدنى تحت الأعلى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وخص السموات والأرض بالذكر؛ لأنهما من أعظم المشاهدات. انتهى. ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">253- باب كرامات الأولياء وفضلهم</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {ألا إنَّ أوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى في الحَيَاةِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/822) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} [يونس (62: 64) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الكرامة: إحدى الخوارق للعادات، والولي هو المطيع لله، فكل من كان تقيًّا كان لله وليًّا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس وغيره: أولياء الله الذين إذا رُؤُا ذُكِرَ الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ من عباد الله عبادًا يغبطهم الأنبياء والشهداء» . قيل: من هم يَا رسول الله، لعلَّنا نحبهم؟ قال: «هم قوم تحابّوا في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس» . ثم قرأ: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس (62) ] ، رواه ابن جرير وغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس (64) ] ، قال: «الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له» . رواه أحمد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} [فصلت (30: 32) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ} [يونس (64) ] ، أي: لا تغيير لقوله، ولا خلف لوعده، {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس (64) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/823) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً} [مريم (25، 26) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا من خوارق العادة، وهي كرامة لمريم عليها السلام، وأشار بقوله {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} [مريم (29، 30) ] إلى تكلم عيسى ومخاطبته لقومها، ومحاورته عنها، من ولادته إرهاصًا لنبوته، وكرامةً لها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكرِيّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالت هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران (37) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء. في قصة مريم عدة كرامات، منها: حبلها من غير ذَكَر، وحصول الرطب الطري من الجذع اليابس، ودخول الرزق عندها في غير أوان حضور أسبابه، وهي لم تكن نبية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَقَالَ تَعَالَى: {وَإذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّيءْ لَكُمْ مِنْ أمْرِكُمْ مِرْفَقاً * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف (16، 17) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال بعض المفسرين: صرف الله عنهم الشمس بقدرته، وحال بينهم وبينها؛ لأنَّ باب الكهف على جانب لا تقع الشمس إلا على جنبه، فيكون كرامة لهم كما قال: ذلك من آيات الله إذا أرشدهم إلى ذلك الغار، وصرف عنهم الأضرار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي لبثهم ثلاث مئة وأزيد، نيامًا أحياء من غير آفة، مع بقاء القوة العادية بلا غذاء ولا شراب من جملة الخوارق. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/824) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1503] وعن أَبي محمد عبد الرحمن بن أَبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما: أنَّ أَصْحَابَ الصُّفّةِ كَانُوا أُنَاساً فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ، فَلْيَذْهَبْ بثَالِثٍ، وَمنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ» أَوْ كما قَالَ، وأنَّ أَبَا بكرٍ - رضي الله عنه - جَاءَ بِثَلاَثَةٍ، وانْطَلَقَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعَشَرَةٍ، وأنَّ أَبَا بَكرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ، فجاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ. قالت له امْرَأتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أضْيَافِكَ؟ قَالَ: أوَ ما عَشَّيْتِهمْ؟ قالت: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَذَهَبتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقالَ: يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وقالَ: كُلُوا لا هَنِيئاً وَاللهِ لا أَطْعَمُهُ أَبَداً، قَالَ: وايْمُ اللهِ مَا كُنَّا نَأخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إلا ربا من أسفلِها أكثرَ منها حتى شبعوا، وصارتْ أكثرَ مما كانتْ قبلَ ذلكَ، فنظرَ إليها أبو بكر فقالَ لامرأتِهِ: يا أختَ بني فراسٍ ما هذا؟ قالت: لا وقُرَّةِ عيني لهي الآنَ أكثرُ منها قبلَ ذلكَ بثلاثِ مراتٍ! فأكل منها أبو بكرٍ وقال: إنَّما كانَ ذلكَ من الشيطانِ، يعني: يمينَهُ. ثم أكلَ منها لقمةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللهُ أعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي رِوَايةٍ: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لا يَطْعَمُهُ، فَحَلَفَت المَرْأَةُ لا تَطْعَمُهُ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ. - أَو الأَضْيَافُ - أنْ لا يَطْعَمُهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ! فَدَعَا بالطَّعَامِ فَأكَلَ وأكَلُوا، فَجَعَلُوا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/825) </span><br /><span style="font-size: x-large;">لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إِلا رَبَتْ مِنْ أسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ: يَا أُخْتَ بَني فِرَاسٍ، مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: وَقُرْةِ عَيْنِي إنَّهَا الآنَ لأَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ أنْ نَأكُلَ، فَأكَلُوا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ أنَّهُ أكَلَ مِنْهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي رِوايَةٍ: إنَّ أَبَا بكْرٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمنِ: دُونَكَ أضْيَافَكَ، فَإنِّي مُنْطلقٌ إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَافْرُغْ مِنْ قِراهُم قَبْلَ أنْ أَجِيءَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمنِ، فَأَتَاهُمْ بما عِنْدَهُ، فَقَالَ: اطْعَمُوا؛ فقالوا: أين رَبُّ مَنْزِلِنا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قالوا: مَا نحنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَالَ: اقْبَلُوا عَنْا قِرَاكُمْ، فَإنَّهُ إنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا، لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ فأبَوْا، فَعَرَفْتُ أنَّهُ يَجِدُ عَلَيَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ؟ فَأخْبَرُوهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحمنِ، فَسَكَتُّ: ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمنِ، فَسَكَتُّ، فَقال: يَا غُنْثَرُ أقْسَمْتُ عَلَيْكَ إنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوتِي لَمَا جِئْتَ! فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: سَلْ أضْيَافَكَ، فقالُوا: صَدَقَ، أتَانَا بِهِ، فَقَالَ: إنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِي والله لا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ. فَقَالَ الآخَرُونَ: واللهِ لا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ مَا لَكُمْ لا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ؟ هَاتِ طَعَامَكَ، فَجَاءَ بِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، الأولَى مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «غُنْثَرُ» بغينٍ معجمةٍ مَضمُومَةٍ ثُمَّ نُونٍ ساكِنَةٍ ثُمَّ ثاءٍ مثلثةٍ وَهُوَ: الغَبِيُّ الجَاهِلُ. وقولُهُ: «فَجَدَّعَ» أَيْ شَتَمَهُ، والجَدْعُ القَطْعُ. قولُه «يَجِدُ عَليّ» هُوَ بكسرِ الجِيمِ: أيْ يَغْضَبُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كرامة ظاهرة لأبي بكر رضي الله عنه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/826) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1504] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ كَانَ فيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتِي أحدٌ فإنَّهُ عُمَرُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه مسلم من رواية عائشة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايتهما قَالَ ابن وهب: «محَدَّثُونَ» أيْ مُلْهَمُونَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المُحْدَّث: الرجل الصادق الظن، وهو مَنْ أُلْقي في روعه شيء من قبل الملأ الأعلى. وعند الترمذي: «إن الله جعل الحق على لسان عمر ... وقلبه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث آخر: «لو كان نبي بعدي لكان عمر» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: كرامة ظاهرة لعمر رضي الله عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عمر قال: بينا عثمان يخطب إذ قام إليه جهجاه الغفاري، فأخذ العصا من يده فكسرها على ركبته، فدخلت شظية في ركبته، فوقعت فيها الأكلة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن الحسن بن علي قال: قال علي: إنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح ظهري الليلة في منامي، فقلت يا رسول الله: ما لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ قال: «ادع عليهم» . قلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني. فخرج فضربه الرجل. رواهما ابن سيد الناس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ففي هذين كرامة للخليفتين رضي الله عنهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1505] وعن جابر بنِ سُمْرَةَ رضي الله عنهما، قَالَ: شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْداً يعني: ابنَ أَبي وقاص - رضي الله عنه -، إِلَى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فَعَزَلَهُ، واسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّاراً، فَشَكَوا حَتَّى </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/827) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ذَكَرُوا أنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا إسْحَاقَ، إنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعَمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي، فَقَالَ: أَمَّا أنا واللهِ فَإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا أُخْرِمُ عَنْها، أُصَلِّي صَلاَةَ العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَيَيْنِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ: ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إسْحَاقَ، وأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً - أَوْ رِجَالاً - إِلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أهْلَ الكُوفَةِ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِداً إِلا سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفاً، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِداً لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ، فَقال: أمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ سَعْداً كَانَ لا يَسِيرُ بالسَّرِيَّةِ وَلا يَقْسِمُ بالسَّوِيَّةِ، وَلا يَعْدِلُ في القَضِيَّةِ. قَالَ سَعْدٌ: أمَا وَاللهِ لأَدْعُونَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِباً قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ عَبدُ الملكِ بن عُمَيْرٍ الراوي عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ: فَأنا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وإنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوارِي فِي الطُّرُقِ فَيَغْمِزُهُنَّ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كرامة ظاهرة لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1506] وعن عروة بن الزبير: أنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ - رضي الله عنه - خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، وادَّعَتْ أنَّهُ أخَذَ شَيْئاً مِنْ أرْضِهَا، فَقَالَ سعيدٌ: أنا كُنْتُ آخُذُ شَيئاً مِنْ أرْضِهَا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟! قَالَ: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/828) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ أخَذَ شِبْراً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً، طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أرْضِينَ» فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لا أسْألُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سعيد: اللَّهُمَّ إنْ كَانَتْ كاذِبَةً، فَأعْمِ بَصَرَها، وَاقْتُلْهَا في أرْضِها، قَالَ: فَما ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وَبَيْنَما هِيَ تَمْشِي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرَةٍ فَماتَتْ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لِمُسْلِمٍ عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عُمَرَ بِمَعْنَاهُ، وأنه رآها عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تقولُ: أصابَتْنِي دَعْوَةُ سَعيدٍ، وأنَّها مَرَّتْ عَلَى بِئرٍ في الدَّارِ الَّتي خَاصَمَتْهُ فِيهَا، فَوَقَعَتْ فِيهَا، فَكَانتْ قَبْرَها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كرامة ظاهرة لسعيد بن زيد رضي الله عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1507] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دعَانِي أَبي من اللَّيلِ فَقَالَ: مَا أُرَاني إِلا مَقْتُولاً في أوْلِ مَنْ يُقْتَلُ من أصْحَابِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنِّي لا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنَّ عَلَيَّ دَيْناً فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْراً، فَأصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ في قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أنْ أتْرُكَهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فإذا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذنِهِ، فَجَعَلْتُهُ في قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كرامة ظاهرة لعبد الله أبي جابر رضي الله عنهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1508] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رجلين مِنْ أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/829) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بَيْنَ أَيْديهِمَا. فَلَمَّا افْتَرَقَا، صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أتَى أهْلَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">رواهُ البُخاري مِنْ طُرُقٍ؛ وفي بَعْضِهَا أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسَيْدُ بنُ حُضير، وَعَبّادُ بنُ بِشْرٍ رضي الله عنهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كرامة ظاهرة لأسيد بن حضير، وعبّاد بن بشر رضي الله عنهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1509] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: بعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَة رَهْطٍ عَيْناً سَرِيَّة، وأمَّرَ عَلَيْهَم عاصِمَ بنَ ثَابِتٍ الأنْصَارِيَّ - رضي الله عنه -، فانْطلقوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بالهَدْأةِ؛ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ؛ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْل يُقالُ لَهُمْ: بَنُو لحيانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَريبٍ مِنْ مِئَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا أحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وأصْحَابُهُ، لَجَؤا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأَحاطَ بِهِمُ القَوْمُ، فَقَالُوا: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأيْدِيكُمْ وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ أنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أحَداً. فَقَالَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا القَوْمُ، أَمَّا أنا، فَلا أنْزِلُ عَلَى ذِمَّةِ كَافِرٍ: اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَمُوهُمْ بِالنّبْلِ فَقَتلُوا عَاصِماً، وَنَزَلَ إلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى العَهْدِ والمِيثاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيدُ بنُ الدَّثِنَةِ وَرَجُلٌ آخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أطْلَقُوا أوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبطُوهُمْ بِهَا. قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أوَّلُ الغَدْرِ واللهِ لا أصْحَبُكُمْ إنَّ لِي بِهؤُلاءِ أُسْوَةً، يُريدُ القَتْلَى، فَجَرُّوهُ وعَالَجُوهُ، فأبى أنْ يَصْحَبَهُمْ، فَقَتَلُوهُ، وانْطَلَقُوا بِخُبَيبٍ، وزَيْدِ ابنِ الدَّثِنَةِ، حَتَّى بَاعُوهُما بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ؛ فابْتَاعَ بَنُو الحارِثِ بن عامِرِ بنِ نَوْفَلِ بنِ عبدِ مَنَافٍ خُبيباً، وكان خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فَلِبثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أسيراً حَتَّى أجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/830) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بِهَا فَأعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدتهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَالموسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ. فَقَالَ: أَتَخَشَيْنَ أن أقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ! قالت: واللهِ مَا رَأيْتُ أسيراً خَيراً مِنْ خُبَيْبٍ، فواللهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوماً يَأكُلُ قِطْفاً مِنْ عِنَبٍ في يَدِهِ وإنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ خُبَيْباً. فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ في الحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ: واللهِ لَوْلا أنْ تَحْسَبُوا أنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ: اللَّهُمَّ أحْصِهِمْ عَدَداً، وَاقْتُلهُمْ بِدَدَاً، وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً. وقال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... فَلَسْتُ أُبَالِي حِيْنَ أُقْتَلُ مُسْلِماً ... عَلَى أيِّ جَنْبٍ كَانَ للهِ مَصْرَعِي</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَذَلِكَ في ذَاتِ الإلَهِ وإنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكان خُبَيبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْراً الصَّلاَةَ. وأخْبَرَ - يعني: النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بنِ ثَابتٍ حِيْنَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أن يُؤْتَوا بِشَيءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وكَانَ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمائِهِمْ، فَبَعَثَ الله لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِروا أنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئاً. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قولُهُ: «الهَدْأَةُ» : مَوْضِعٌ، «والظُّلَّةُ» : السَّحَابُ. «والدَّبْرُ» : النَّحْلُ. وَقَوْلُهُ: «اقْتُلْهُمْ بِدَداً» بِكَسْرِ الباءِ وفتحِهَا، فَمَنْ كَسَرَ قَالَ هُوَ جمع بِدَّةٍ بكسر الباء وهي النصيب ومعناه: اقْتُلْهُمْ حِصَصاً مُنْقَسِمَةً لِكُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ نَصيبٌ، وَمَنْ فَتَحَ قَالَ معناهُ: مُتَفَرِّقِينَ في القَتْلِ واحداً بَعْدَ واحِدٍ مِنَ التَّبْدِيد. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/831) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في «القاموس» : الدَّبَر، بالفتح: جماعة النحل والزنابير، ويكسر فيهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: كرامة ظاهرة لخبيب وعاصم بن ثابت رضي الله عنهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الباب أحاديث كثيرةٌ صَحيحةٌ سَبَقَتْ في مَوَاضِعِها مِنْ هَذَا الكِتَابِ، مِنْهَا حديثُ الغُلامِ الَّذِي كَانَ يأتِي الرَّاهِبَ والسَّاحِرَ، ومنْها حَدِيثُ جُرَيْج، وحديثُ أصْحابِ الغَارِ الذين أطْبِقَتْ عَلَيْهِم الصَّخْرَةُ، وَحديثُ الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ صَوْتاً في السَّحَابِ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَالدلائِل في البابِ كثيرةٌ مشهُورةٌ، وباللهِ التَّوفيقِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: اعلم أن مذهب أهل الحق إثبات كرامات الأولياء، وأنها واقعة موجودة مستمرة في الأعصار، ويدل عليه دلائل العقول وصرائح النقول.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1510] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: مَا سَمِعْتُ عمر - رضي الله عنه - يقولُ لِشَيءٍ قَطُّ: إنِّي لأَظُنُّهُ كَذَا، إِلا كَانَ كَمَا يَظُنُّ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل للإمام أحمد بن حنبل: ما بال الكرامات في زمن الصحابة قليلة بالنسبة لما يروى عمن بعدهم من الأولياء؟ ! فقال: أولئك كان إيمانهم قويًا فما احتاجوا إلى زيادة يقوي بها إيمانهم، وغيرهم ضعيف الإيمان في عصره فاحتاج إلى تقويته بإظهار الكرامة، والله أعلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/832) </span><br /><span style="font-size: x-large;">========</span><br /><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0020.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span><br /><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0018.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span><br /><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span><br /><span style="font-size: x-large;">كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا</span><br /><span style="font-size: x-large;">254- باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا يَغْتَبْ بَعضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات (12) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: النهي عن الغيبة، وهي ذكرك المسلم بما يكره، وإن كان ذلك فيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: والغيبة محرمة بالإجماع، ولا يُستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل والنصيحة. كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر: «ائذنوا له بئس أخو العشيرة» . وكقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقد خطبها معاوية، وأبو الجهم: «أما معاوية فصعلوك، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» ، وكذا ما جرى مجرى ذلك، ثم بقيتها على التحريم الشديد، وقد ورد فيها الزجر الأكيد، ولهذا شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت، كما قال عزَّ وجلّ: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} ... [الحجرات (12) ] ، أي: كما تكرهون هذا طبعًا، فاكرهوا ذاك شرعًا، فإن عقوبته أشد من هذا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا من التنفير عنها، والتحذير منها. كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العائد في هبته: «كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه» . وقد قال: «ليس منا مثل السوء» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/833) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: يقول: لا تقل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال قتادة: لا تقل رأيتُ ولمْ تر، وسمعتُ ولم تسمع، وعلمتُ ولم تعلم. فإنَّ الله تعالى سائلك عن ذلك كله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ} [ق: 18] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ما يتكلم من كلام إلا وله حافظ يكتبه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، قال: يكتب كلما يتكلم به من خير أو شر حتى إنه ليُكْتَبُ قوله: أكلت. شربت. ذهبت. جئت. رأيت. حتى إذ كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقي سائره، وذلك قوله تعالى: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد (39) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن البصري: وتلا هذه الآية: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق (17) ] ، يَا ابن آدم، بسطتْ لك صحيفة، ووكّل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك. أما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيِّآتك. فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا متّ طُوِيَتْ صحيفتك، وجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة. فعند ذلك يقول تعالى {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء (13، 14) ] ، ثم يقول: عدل - والله - من جعلك حسيب نفسك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلا كَلاَماً ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ، لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/834) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1511] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا الحديث صَريحٌ في أنَّهُ يَنْبَغي أنْ لا يَتَكَلَّمَ إِلا إِذَا كَانَ الكلامُ خَيراً، وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ، ومَتَى شَكَّ في ظُهُورِ المَصْلَحَةِ، فَلا يَتَكَلَّم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يعني: من كان يؤمن الإيمان الكامل، المنجي من عذاب الله، الموصل إلى رضوان الله، فليقل خيرًا أو ليصمت؛ لأن من آمن بالله حق إيمانه خاف وعيده، ورجا ثوابه، واجتهد في فعل ما أمر به، وترك ما نهي عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1512] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ أَيُّ المُسْلمِينَ أفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: أن من سَلِم المسلمون من أذاه، أنه من أفضلهم، وخص اللسان واليد بالذكر، لغلبة صدور الأمر عنهما، فالقول باللسان، والفعل باليد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1513] وعن سهل بن سعد، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/835) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ من حفظ لسانه وفرجه عن الحرام دخل الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1514] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّه سمع النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومعنى: «يَتَبَيَّنُ» يَتَفَكِّرُ أنَّها خَيْرٌ أم لا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أنْ لا يكثر الكلام، وأن لا يتكلم إلا فيما يعنيه، وأن يحترز من الكلام حين الغضب؛ لأنه يتكلم عند الغضب بما يضره في دينه ودنياه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أبي ذر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يروي عن صحف إبراهيم عليه السلام: «وعلى العاقل أنْ يكون بصيرًا بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظًا للسانه ومن حسب كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1515] وعنه عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ما يلقى لها بالاً» ، أي، لا يصغى إليها، ولا يجعل قلبه نحوها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1516] وعن أَبي عبد الرحمن بِلالِ بن الحارِثِ المُزَنِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/836) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَومِ يَلْقَاهُ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ الله لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» . رواه مالك في المُوَطَّأ، والترمذي، وقال: ... (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافًا في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة» . إنها الكلمة عند السلطان الجائر الظالم يرضيه بها فيسخط الله عز وجل، ويزيّن له باطلاً يريده من إراقة دم، أو ظلم مسلم ونحوه مما ينحط به في حبل هواه، فيبعد من الله وينال سخطه، وكذا الكلمة التي يرضى بها الله عز وجل عند السلطان ليصرفه عن هواه، ويكفه عن معصيته التي يريدها يبلغ بها أيضًا رضوانًا من الله لا يحتبسه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1517] وعن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله حدِّثني بأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ: «قلْ: رَبِّيَ اللهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ» قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، مَا أخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الاستقامة: هي امتثال الأومر واجتناب المناهي. والحديث مقتبس من مشكاة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت (30) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن أعظم ما يهلك الإنسان لسانه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العاقولي: أسند الخوف إلى اللسان لأنه زمام الإنسان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1518] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تُكْثِرُوا الكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ؛ فَإنَّ كَثْرَةَ الكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/837) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اللهِ تَعَالَى قَسْوَةٌ لِلقَلْبِ! وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللهِ تعالى القَلْبُ القَاسِي» . رواه الترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الذكر: هو الثناء على الله تعالى، ودعاؤه، و (أشرف الذكر) : القرآن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقسوة القلب: غلظة وعدم تأثره بالمواعظ، فلا يأتمر بخير ولا ينزجر عن شر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1519] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجَنَّةَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: من حبس لسانه عن الشر، وأجراه في الخير، وحفظ فرجه عن الحرام دخل الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1520] وعن عقبة بن عامرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: هذا الجواب من أسلوب الحكيم، فإن السؤال عن حقيقة النجاة والجواب بسببها لأنه أهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1521] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسانَ، تَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإنَّما نَحنُ بِكَ؛ فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وإنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا» . رواه الترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">معنى: «تُكَفِّرُ اللِّسَانَ» : أيْ تَذِلُّ وَتَخْضَعُ لَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فإنما نحن بك» ، أي: مجازون بما يصدر عنك. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/838) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: الجمع بين هذا الحديث وحديث: «إن في الجسد مضغة» . أن اللسان خليفة القلب وترجمانه، وأن الإنسان عبارة عن القلب واللسان، والمرء بأصغريه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1522] وعن مُعَاذٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُني مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «لَقَدْ سَألتَ عَنْ عَظيمٍ، وإنَّهُ لَيَسيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ الله لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ، وتَصُومُ رَمَضَانَ، وتَحُجُّ البَيْتَ» ثُمَّ قَالَ: «ألا أدُلُّكَ عَلَى أبْوابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَما يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ تَلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} حَتَّى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ} [السجدة (16، 17) ] ثُمَّ قَالَ: «ألا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الأَمْرِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ» قُلْتُ: بَلَى يَا رسولَ اللهِ، قَالَ: «رَأسُ الأمْر الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ» ثُمَّ قَالَ: «ألا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ!» قُلْتُ: بلَى يَا رَسولَ اللهِ، فَأخَذَ بِلِسانِهِ قال: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» قُلْتُ: يَا رسولَ الله وإنَّا لَمُؤاخَذُونَ بما نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فقالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» . رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح) ، وَقَدْ سبق شرحه في باب قبل هَذَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ الأعمال سبب لدخول الجنة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/839) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أنَّ التوفيق كله بيد الله عز وجل، ولما رتب دخول الجنة على واجبات الإسلام، دلَّه بعد ذلك على أبواب الخير من النوافل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على أن الجهاد أفضل الأعمال بعد الفرائض، وأن كف اللسان إلا عن الخير هو أصل الخير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1523] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ» ؟ قالوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أخَاكَ بِما يَكْرَهُ» قِيلَ: أفَرَأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أقُولُ؟ قَالَ: «إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فقد اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن حقيقة الغيبة ذكر الإنسان بما فيه من المكروه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1524] وعن أَبي بَكْرة - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ في خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم التعرض لدم مسلم، أو ماله، أو عرضه، بما لم يأذن به الشارع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1525] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. قَالَ بعضُ الرواةِ: تَعْنِي قَصيرَةً، فقالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» ! قالت: وَحَكَيْتُ لَهُ إنْسَاناً فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أنِّي حَكَيْتُ إنْساناً وإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/840) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ومعنى: «مَزَجَتْهُ» خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِها وَقُبْحِهَا. وهذا مِنْ أبلَغِ الزَّواجِرِ عَنِ الغِيبَةِ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} . [النجم (3، 4) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قولها: وحكيت له إنسانًا، أي: حكت له بالفعل حركة إنسان يكرهها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العاقولي: قوله: «ما أحب أني حكيت إنسانًا» ، أي: فعلت مثل فعله. يقال: حكاه وحاكاه. وأكثر ما استعمل المحاكاة في القبيح، وهو في الغيبة المحرمة، كأن يمشي متعارجًا أو مطأطئًا، وغير ذلك من الهيئات يحكي بذلك صاحبها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1526] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَومٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ بها وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟ قَالَ: هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ!» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فائدة: روى الإمام أحمد أنه قيل: يا رسول الله، إنَّ فلانة وفلانة صائمتان، وققد بلغتا الجهد. فقال: «ادعهما» . فقال لإحداهما: ... «قيئي» . فقاءت لحمًا، ودمًا عبيطًا، وقيحًا. والأخرى مثل ذلك. ثم قال: «صامتا عما أحل لله، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، أتت إحداهما الأخرى فلم يزالا يأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما قيحًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1527] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تغليظ تحريم دم المسلم، وتحريم عرضه، وتحريمم ماله. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/841) </span><br /><span style="font-size: x-large;">255- باب تحريم سماع الغيبة</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها</span><br /><span style="font-size: x-large;">فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص ... (55) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: إذا سمعوا القبيح من القول أعرضوا عنه تكرُّمًا وتنزُّهًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {والَّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون (3) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: معرضون عن كل ما لا يعنيهم من قول أو فعل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي يُسأل العبد عنها يوم القيامة وتسأل عنه، وعما عمل فيها. وفي الدعاء المأثور: (اللهم إني أعوذ بك من شرّ سمعي، وشرّ بصري، وشرّ لساني، وشرّ قلبي، وشرّ مَنِيِّي) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام (68) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: نهاه الله أنْ يُجلس مع الذين يخوضون في آيات الله يكذبون بها، فإن نسي فلا يقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال السدي: فإذا ذكرت فقم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قال المسلمون: كيف نقعد في </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/842) </span><br /><span style="font-size: x-large;">المسجد الحرام، ونطوف بالبيت وهم يخوضون أبدًا؟ ! . فأنزل الله عزَّ وجلّ: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم} [الأنعام (69) ] ، أي: من إثم الخائضين {مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى} [الأنعام (69) ] ، أي: ذكروهم وعظوهم بالقرآن {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام (69) ] الخوض إذا وعظتموهم، فرخص في مجالستهم على الوعظ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1528] وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخيهِ، رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَومَ القيَامَةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: ثواب من رد عن عرض أخيه المسلم قبل الوقوع في الغيبة أو بعده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1529] وعن عِتبَانَ بنِ مَالكٍ - رضي الله عنه - في حديثه الطويل المشهور الَّذِي تقدَّمَ في بابِ الرَّجاء قَالَ: قام النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَقَالَ: «أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُمِ» ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ اللهَ ولا رَسُولهُ، فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَقُلْ ذَلِكَ ألا تَراهُ قَدْ قَالَ: لا إلهَ إِلا اللهُ يُريدُ بِذَلكَ وَجْهَ اللهِ! وإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلهَ إِلا اللهُ يَبْتَغي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وَعِتْبان» بكسر العين عَلَى المشهور وحُكِيَ ضَمُّها وبعدها تاءٌ مثناة مِن فوق ثُمَّ باءٌ موحدة. و «الدُّخْشُم» بضم الدال وإسكان الخاء وضم الشين المعجمتين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: رد الغيبة والإنكار على قائلها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/843) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تنبيه على أنَّ العمل الصالح لا ينفع منه إلا ما أريد به وجه الله تعالى، وأداء عبوديته، والتقرب به إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1530] وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - في حديثه الطويل في قصةِ تَوْبَتِهِ وَقَدْ سبق في باب التَّوبةِ. قَالَ: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جالِسٌ في القَومِ بِتَبُوكَ: ... «مَا فَعَلَ كَعبُ بن مالكٍ؟» فَقَالَ رَجلٌ مِنْ بَنِي سَلمَةَ: يَا رسولَ الله، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعاذُ بنُ جبلٍ - رضي الله عنه -: بِئْسَ مَا قُلْتَ، والله يَا رسولَ الله مَا علمنا عَلَيْهِ إِلا خَيْراً، فَسَكَتَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«عِطْفَاهُ» : جَانِبَاهُ، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسِهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إقرار النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لإِنكار معاذ على من فعل غيبة، أو تلبس بها، وتشريعًا لمثله بالرد على المغتاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">256- باب مَا يباح من الغيبة</span><br /><span style="font-size: x-large;">اعْلَمْ أنَّ الغِيبَةَ تُبَاحُ لِغَرَضٍ صَحيحٍ شَرْعِيٍّ لا يُمْكِنُ الوُصُولُ إِلَيْهِ إِلا بِهَا، وَهُوَ سِتَّةُ أسْبَابٍ:</span><br /><span style="font-size: x-large;">الأَوَّلُ: التَّظَلُّمُ، فَيَجُوزُ لِلمَظْلُومِ أنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ والقَاضِي وغَيرِهِما مِمَّنْ لَهُ وِلاَيَةٌ، أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ، فيقول: ظَلَمَنِي فُلاَنٌ بكذا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الثَّاني: الاسْتِعانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ المُنْكَرِ، وَرَدِّ العَاصِي إِلَى الصَّوابِ، فيقولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتهُ عَلَى إزالَةِ المُنْكَرِ: فُلانٌ يَعْمَلُ كَذا، فازْجُرْهُ عَنْهُ ونحو ذَلِكَ ويكونُ مَقْصُودُهُ التَّوَصُّلُ إِلَى إزالَةِ المُنْكَرِ، فَإنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَاماً. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/844) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الثَّالِثُ: الاسْتِفْتَاءُ، فيقُولُ لِلمُفْتِي: ظَلَمَنِي أَبي أَوْ أخي، أَوْ زوجي، أَوْ فُلانٌ بكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَمَا طَريقي في الخلاصِ مِنْهُ، وتَحْصيلِ حَقِّي، وَدَفْعِ الظُّلْمِ؟ وَنَحْو ذَلِكَ، فهذا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، ولكِنَّ الأحْوطَ والأفضَلَ أنْ يقول: مَا تقولُ في رَجُلٍ أَوْ شَخْصٍ، أَوْ زَوْجٍ، كَانَ مِنْ أمْرِهِ كذا؟ فَإنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الغَرَضُ مِنْ غَيرِ تَعْيينٍ، وَمَعَ ذَلِكَ، فالتَّعْيينُ جَائِزٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في حَدِيثِ هِنْدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الرَّابعُ: تَحْذِيرُ المُسْلِمينَ مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ، وذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:</span><br /><span style="font-size: x-large;">مِنْهَا جَرْحُ المَجْرُوحينَ مِنَ الرُّواةِ والشُّهُودِ وذلكَ جَائِزٌ بإجْمَاعِ المُسْلِمينَ، بَلْ وَاجِبٌ للْحَاجَةِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومنها: المُشَاوَرَةُ في مُصاهَرَةِ إنْسانٍ أو مُشاركتِهِ، أَوْ إيداعِهِ، أَوْ مُعامَلَتِهِ، أَوْ غيرِ ذَلِكَ، أَوْ مُجَاوَرَتِهِ، ويجبُ عَلَى المُشَاوَرِ أنْ لا يُخْفِيَ حَالَهُ، بَلْ يَذْكُرُ المَسَاوِئَ الَّتي فِيهِ بِنِيَّةِ النَّصيحَةِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومنها: إِذَا رأى مُتَفَقِّهاً يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ، أَوْ فَاسِقٍ يَأَخُذُ عَنْهُ العِلْمَ، وخَافَ أنْ يَتَضَرَّرَ المُتَفَقِّهُ بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ بِبَيانِ حَالِهِ، بِشَرْطِ أنْ يَقْصِدَ النَّصِيحَةَ، وَهَذا مِمَّا يُغلَطُ فِيهِ. وَقَدْ يَحمِلُ المُتَكَلِّمَ بِذلِكَ الحَسَدُ، وَيُلَبِّسُ الشَّيطانُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، ويُخَيْلُ إِلَيْهِ أنَّهُ نَصِيحَةٌ فَليُتَفَطَّنْ لِذلِكَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَمِنها: أنْ يكونَ لَهُ وِلايَةٌ لا يقومُ بِهَا عَلَى وَجْهِها: إمَّا بِأنْ لا يكونَ صَالِحاً لَهَا، وإما بِأنْ يكونَ فَاسِقاً، أَوْ مُغَفَّلاً، وَنَحوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ولايةٌ عامَّةٌ لِيُزيلَهُ، وَيُوَلِّيَ مَنْ يُصْلحُ، أَوْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَامِلَهُ بِمُقْتَضَى حالِهِ، وَلا يَغْتَرَّ بِهِ، وأنْ يَسْعَى في أنْ يَحُثَّهُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/845) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الخامِسُ: أنْ يَكُونَ مُجَاهِراً بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كالمُجَاهِرِ بِشُرْبِ الخَمْرِ، ومُصَادَرَةِ النَّاسِ، وأَخْذِ المَكْسِ، وجِبَايَةِ الأمْوَالِ ظُلْماً، وَتَوَلِّي الأمُورِ الباطِلَةِ، فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ العُيُوبِ، إِلا أنْ يكونَ لِجَوازِهِ سَبَبٌ آخَرُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">السَّادِسُ: التعرِيفُ، فإذا كَانَ الإنْسانُ مَعْرُوفاً بِلَقَبٍ، كالأعْمَشِ، والأعرَجِ، والأَصَمِّ، والأعْمى، والأحْوَلِ، وغَيْرِهِمْ جاز تَعْرِيفُهُمْ بذلِكَ، وَيَحْرُمُ إطْلاقُهُ عَلَى جِهَةِ التَّنْقِيصِ، ولو أمكَنَ تَعْريفُهُ بِغَيرِ ذَلِكَ كَانَ أوْلَى، فهذه ستَّةُ أسبابٍ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ وأكثَرُها مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَدَلائِلُهَا مِنَ الأحادِيثِ الصَّحيحَةِ مشهورَةٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد جمع هذه الأسباب بعض العلماء فقال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... القَدْحُ ليس بغيبةٍ في ستةٍ ... متظلّمٍ، ومعرّفٍ، ومحذّرٍ</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومجاهر بالفسق، ثمت سائلٌ ... ومن استعان على إزالة منكرٍ</span><br /><span style="font-size: x-large;">فمن ذَلِكَ:</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1531] عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رجلاً اسْتَأذَنَ عَلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئسَ أخُو العَشِيرَةِ؟» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">احتَجَّ بِهِ البخاري في جوازِ غيبَة أهلِ الفسادِ وأهلِ الرِّيبِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: إنَّ الرجل: عيينة بن حصن، وقيل: مخرمة بن نوفل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1532] وعنها قالت: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أظُنُّ فُلاناً وفُلاناً يَعْرِفانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئاً» . رواه البخاري. قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ بن سعدٍ أحَدُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/846) </span><br /><span style="font-size: x-large;">رُواة هَذَا الحديثِ: هذانِ الرجلانِ كانا من المنافِقِينَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ذلك مبينًا لما أخفياه من النفاق، لئلا يلتبس ظاهرُ حالهما على من يجهل أمرهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1533] وعن فاطمة بنتِ قيسٍ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلتُ: إنَّ أَبَا الجَهْم وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي؟ فَقَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمَّا مُعَاوِيَةُ، فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ، وأمَّا أَبُو الجَهْمِ، فَلا يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «وَأمَّا أَبُو الجَهْمِ فَضَرَّابٌ لِلنِّساءِ» وَهُوَ تفسير لرواية: «لا يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ» وقيل: معناه: كثيرُ الأسفارِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: والأول أولى؛ لأن الروايات يفسر بعضها ببعض، وإن كان لا مانع من الجمع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1534] وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قَالَ: خرجنا مَعَ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سَفَرٍ أصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عبدُ اللهِ بن أُبَيّ: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَنْفَضُّوا، وقال: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأخْبَرْتُهُ بذلِكَ، فَأرْسَلَ إِلَى عبدِ الله بن أُبَيِّ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ: مَا فَعلَ، فقالوا: كَذَبَ زيدٌ رَسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَقَعَ في </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/847) </span><br /><span style="font-size: x-large;">نَفْسِي مِمَّا قَالُوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أنْزلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ تَصْدِيقِي: {إِذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ} [المنافقون (1) ] ثُمَّ دعاهُمُ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: فاجتهد يمينه، أي: حلف وأكَّد الأيمان بتكراره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1535] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قالت هِنْدُ امْرَأةُ أَبي سفْيَانَ للنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفيني وولَدِي إِلا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ؟ قَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلدَكِ بِالمَعْرُوفِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الشحُّ: البخل مع حرص.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: جواز ذكر الإنسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاشتكاء، ونحو ذلك. وجواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والإفتاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: وجوب نفقة الزوجة، وأنها مقدرة بالكفاية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: اعتماد العرف في الأمور التي لا تحديد فيها من قبل الشرع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">257- باب تحريم النميمة</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهو نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإفساد</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في القاموس: النمُّ: التوريش والإغراء ورفع الحديث إشاعة له وإفسادًا، وتزيين الكلام بالكذب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَميمٍ} [القلم (11) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: {هَمَّازٍ} مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/848) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: هو الذي يغمز بأخيه في المجلس. كقوله: همزه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} : قتات يسعى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: حافظ حاضر أينما كان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: إنَّ الملائكة يجتنبون الإنسان على حالين: عند غائط، وعند جِمَاعِهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1536] وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد للنمّام، وزجر عن النميمة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1537] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ: أمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» . متفق عَلَيْهِ. وهذا لفظ إحدى روايات البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماءُ معنى: «وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ» أيْ: كَبيرٍ في زَعْمِهِمَا. وقِيلَ: كَبيرٌ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إثبات عذاب القبر، ووجوب إزالة النجاسة مطلقًا، والتحذير من ملابستها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ النميمة من الكبائر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1538] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ مَا العَضْهُ؟ هي النَّمَيمَةُ؛ القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/849) </span><br /><span style="font-size: x-large;">«العَضْهُ» : بفتح العين المهملة، وإسكان الضاد المعجمة، وبالهاء عَلَى وزن الوجهِ، ورُوِي «العِضةُ» بكسر العين وفتح الضاد المعجمة عَلَى وزن العِدَة، وهي: الكذب والبُهتان، وعلى الرِّواية الأولى: العَضْهُ مصدرٌ يقال: عَضَهَهُ عَضهاً، أيْ: رماهُ بالعَضْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في «النهاية» : القالة: كثرة القول، وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى للبعض عن البعض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">258- باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس</span><br /><span style="font-size: x-large;">إِلَى ولاة الأمور إِذَا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حاجة كخوف مفسدة ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة (2) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات، وهو التقوى، وينهاهم عن التَّناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1539] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئاً، فإنِّي أُحِبُّ أنْ أخْرُجَ إِلَيْكُمْ وأنَا سَليمُ الصَّدْرِ» . رواه أَبُو داود والترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على الستر، وإقالة ذوي الهيآت عثراتهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» ، أي: وذلك إنما </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/850) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يتحقق عند عدم سماع ما يؤثر في النفس حرارة، أو أثرًا ما، بحسب الطبع البشري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">259- باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ القَولِ وكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحيطاً} . [النساء (108) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يعني: قوله: {هَا أَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً * وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء (109، 110) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1540] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعادِنَ: خِيَارُهُم في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا، وتَجِدُونَ خِيَارَ النَّاسِ في هَذَا الشَّأنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَينِ، الَّذِي يَأتِي هؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المعادن: الأصول.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وتجدون خيار الناس في هذا الشأن» ، أي: الخلافة والإمارة. أشدهم كراهية له. كما في حديث عبد الرحمن بن سمرة: «وإنك إن أُعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمراد: بذي الوجهين: من يأتي كل طائفة، ويظهر لهم أنه منهم، ومخالف للآخرين متبغض لهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1541] وعن محمد بن زيدٍ: أنَّ ناساً قالوا لِجَدِّهِ عبدِ اللهِ بن عمر رضي الله عنهما: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاَطِيننَا فَنَقُولُ لَهُمْ بِخِلاَفِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/851) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ. قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفَاقاً عَلَى عَهْدِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يعني من أعمال المنافقين، إذ الصدق في الحضرة، والغيبة، شأن المؤمنين الصادقين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">260- باب تحريم الكذب</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تقل: رأيتُ ولم تر، وسمعتُ ولم تسمع، {السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَولٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: حافظ حاضر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1542] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّاباً» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">مصداق هذا الحديث قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار (13، 14) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحثُّ على تحرِّي الصدق، وهو قصده، والاعتناء به، والتحذير من الكذب والتساهل فيه، فإِنه إِذا تساهل فيه، أكثر منه، فعرف به، فكتب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1543] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/852) </span><br /><span style="font-size: x-large;">خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ نِفاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا أؤْتُمِنَ خانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَقَدْ سبق بيانه مَعَ حديث أَبي هريرة بنحوه في «باب الوفاءِ بالعهدِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وإذا خاصم فجر» ، أي، بالأيمان الكاذبة، والدعاوي الباطلة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1544] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْن وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَديثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بنافِخٍ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«تَحَلم» : أيْ قَالَ إنَّه حلم في نومه ورأى كذا وكذا، وَهُوَ كاذب. و «الآنك» بالمدّ وضم النون وتخفيف الكاف: وَهُوَ الرَّصَاصُ المذاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «من تحلَّم بحلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «عُذِّب حتى يعقد بين شعيرتين» . رواه أحمد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">لأنَّ الكذب في المنام، كذب على الله، فإِنَّ الرؤيا جزء من أجزاء النبوَّة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومن استمع إلى حديث قومٍ وهم له كارهون، صُبَّ في أذنيه الآنك يوم القيامة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد، والجزاء من جنس العمل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومن صور صورة عُذِّب وكُلِّف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن أبي جمرة: مناسبة الوعيد للكاذب في منامه وللمصور، أن </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/853) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الرؤيا خلق من خلق الله تعالى، وهو صورة معنوية، فأدخل لكذبه صورة معنوية لم تقع، كما أدخل المصور في الوجود صورة ليست بحقيقة؛ لأن الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح، فكلف صاحب الصورة بتكليفه أمرًا شديدًا، وهو أن يتم ما خلقه بزعمه، فينفخ الروح فيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ووقع عند كل منهما بأن يعذب حتى يفعل ما كُلِّف وليس بفاعل، وهو كناية عن دوام تعذيب كل منهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: والحكمة في هذا الوعيد، أن الأول: كذب على جنس النبوة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والثاني: نازع الخالق في قدرته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1545] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومعناه: يقول: رأيتُ، فيما لَمْ يَرَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أفرى الفرى» ، أي: أعظم الكذبات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: الفرية: الكذبة العظيمة التي يتعجب منها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومعنى نسبة الرؤيا إلى عينيه مع أنهما لم يريا شيئًا أنه أخبر عنهما بالرؤية، وهو كاذب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1546] وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟» فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أنْ يَقُصَّ، وإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاةٍ: «إنَّهُ أَتَانِيَ اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وإنَّهُمَا قَالا لِي: انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقتُ مَعَهُمَا، وإنَّا أَتَيْنَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/854) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأخُذُهُ فَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأسُهُ كَما كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأوْلَى!» قال: «قُلْتُ لهما: سُبْحانَ اللهِ! مَا هَذَان؟ قَالا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَديدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأتِي أحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، ومِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجانبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بالجَانِبِ الأوَّلِ، فَمَا يَفْرَغُ مِنْ ذَلِكَ الجانبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجانبُ كما كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي المرَّةِ الأُوْلَى» قَالَ: «قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هذانِ؟ قالا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ» فَأَحْسِبُ أنَّهُ قَالَ: ... «فإذا فِيهِ لَغَطٌ، وأصْواتٌ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فإذا فِيهِ رِجَالٌ وَنِساءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا</span><br /><span style="font-size: x-large;">هُمْ يَأتِيِهمْ لَهَبٌ مِنْ أسْفَلَ مِنْهُمْ، فإذا أتاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا. قَالَ: قُلْتُ: مَا هَؤلاءِ؟ قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ» حَسِبْتُ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَحْمَرُ مِثْلُ الدَّمِ، وَإِذَا في النَّهْرِ رَجُلٌ سابحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كثيرةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابحُ يَسْبَحُ، مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فاهُ، فَيُلْقِمُهُ حَجَراً، فَينْطَلِقُ فَيَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ، فَغَرَ لَهُ فَاهُ، فَألْقَمَهُ حَجَراً، قُلْتُ لهُما: مَا هذانِ؟ قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/855) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَلَى رَجُلٍ كَريهِ المرْآةِ، أَوْ كَأكْرَهِ مَا أنتَ رَاءٍ رجُلاً مَرْأىً، فإذا هُوَ عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قالا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَي الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ لا أَكادُ أَرَى رَأسَهُ طُولاً في السَّماءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلدانٍ رَأيْتُهُمْ قَطُّ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ وَمَا هؤلاءِ؟ قالا لي: انْطَلقِ انْطَلقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا إِلَى دَوْحَةٍ عَظيمةٍ لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أعْظمَ مِنْهَا، وَلا أحْسَنَ! قالا لي: ارْقَ فِيهَا، فارْتَقَيْنَا فِيهَا إِلَى مَدينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبنٍ ذَهَبٍ وَلَبنٍ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاها، فَتَلَقَّانَا رِجالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كأَحْسَنِ مَا أنت راءٍ! وَشَطْرٌ مِنْهُمْ كأقْبَحِ مَا أنتَ راءٍ! قالا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا في ذَلِكَ النَّهْرِ، وَإِذَا هُوَ نَهْرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كأنَّ ماءهُ المَحْضُ في البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ. ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا في أحْسَنِ صُورَةٍ» قَالَ: «قالا لِي: هذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وهذاك مَنْزِلُكَ، فسَمَا بَصَري صُعُداً، فإذا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيضاءِ، قالا لي: هذاكَ مَنْزلكَ؟ قلتُ لهما: باركَ اللهُ فيكُما، فذَراني فأدخُلَه. قالا لي: أمَّا الآنَ فَلا، وأنتَ دَاخِلُهُ، قُلْتُ لَهُمَا: فَإنِّي رَأيتُ مُنْذُ اللَّيْلَة عَجَباً؟ فما هَذَا الَّذِي رأيتُ؟ قالا لي: أمَا إنَّا سَنُخْبِرُكَ: أَمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأسُهُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/856) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بالحَجَرِ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يَأخُذُ القُرآنَ فَيَرفُضُهُ، ويَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكتُوبَةِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، ومِنْخَرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الكِذْبَةَ تَبْلُغُ الآفاقَ. وأمَّا الرِّجَالُ والنِّسَاءُ العُراةُ الَّذِينَ هُمْ في مثْلِ بناءِ التَّنُّورِ، فَإنَّهُمُ الزُّنَاةُ والزَّواني، وأما الرجلُ الذي أتيتَ عَليهِ يَسْبَحُ في النهرِ، ويلقم الحجارةَ، فإنَّهُ آكلُ الربا، وأمَّا الرَّجُلُ الكَريهُ المرآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فإنَّهُ مالكٌ خازِنُ جَهَنَّمَ، وأمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الَّذِي في الرَّوْضَةِ، فإنَّهُ إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمَّا الولدان الَّذِينَ حَوْلَهُ، فكلُّ مَوْلُودٍ ماتَ عَلَى الفِطْرَةِ» وفي رواية البَرْقانِيِّ: «وُلِدَ عَلَى الفِطْرَةِ» فَقَالَ بعض المُسلمينَ: يَا رسولَ الله، وأولادُ المُشركينَ فقالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وأولادُ المشركينَ، وأما القومُ الذينَ كانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ، وشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبيحٌ، فإنَّهُمْ قَومٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً، تَجاوَزَ الله عنهم» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: «رَأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتيَانِي فأخْرَجَانِي إِلَى أرْضٍ مُقَدَّسَةٍ» ثُمَّ ذَكَرَهُ وقال: «فَانْطَلَقْنَا إِلَى نَقْبٍ مثلِ التَّنُّورِ، أعْلاهُ ضَيِّقٌ وَأسْفَلُهُ واسِعٌ؛ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ ناراً، فإذا ارْتَفَعَتِ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا أنْ يَخْرُجُوا، وَإِذَا خَمَدَتْ! رَجَعُوا فِيهَا، وفيها رِجالٌ ونِساءٌ عراةٌ» . وفيها: «حَتَّى أتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ مِنْ دَمٍ» ولم يشكَّ «فِيهِ رَجُلٌ قائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهْرِ وعلى شطِّ النَّهرِ رجلٌ، وبينَ يديهِ حِجارةٌ، فأقبلَ الرجلُ الذي في النَّهرِ، فَإذَا أرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ في فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ جَعَلَ يَرْمِي في فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيْرَجِعْ كما كَانَ» . وفيها: «فَصَعِدَا بي الشَّجَرَةَ، فَأدْخَلاَنِي دَاراً لَمْ أرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا، فيهَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/857) </span><br /><span style="font-size: x-large;">رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيها: «الَّذِي رَأيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ، يُحَدِّثُ بِالكِذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ مَا رَأَيْتَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ» ، وَفِيهَا: «الَّذِي رَأيْتَهُ يُشْدَخُ رَأسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ القُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بالنَّهارِ، فَيُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، والدَّارُ الأولَى الَّتي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ المُؤمِنِينَ، وأمَّا هذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَداءِ، وأنا جِبْرِيلُ، وهذا مِيكائيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأسِي، فإذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحابِ، قالا: ذاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ: دَعَانِي أدْخُلُ مَنْزِلي، قالا: إنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَهُ أتَيْتَ مَنْزِلَكَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «يَثلَغ رَأسَهُ» هُوَ بالثاءِ المثلثةِ والغينِ المعجمة، أيْ: يَشدَخُهُ وَيَشُقُّهُ. قولهُ: «يَتَدَهْدَهُ» أيْ: يَتَدَحْرجُ. و «الكَلُّوبُ» بفتح الكاف وضم اللام المشددة، وَهُوَ معروف. قَوْله: «فَيُشَرْشِرُ» : أيْ: يُقَطِّعُ. قَوْله: «ضَوْضَوا» وَهُوَ بضادين معجمتين: أيْ صاحوا. قَوْله: «فَيَفْغَرُ» هُوَ بالفاء والغين المعجمة، أيْ: يفتح. قَوْله «المَرآة» هُوَ بفتح الميم، أيْ: المنظر. قَوْله: «يَحُشُّها» هُوَ بفتح الياءِ وضم الحاء المهملة والشين المعجمة، أيْ: يوقِدُها. قَوْله: «رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ» هُوَ بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم، أيْ: وافية النَّباتِ طَويلَته. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/858) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قَولُهُ: «دَوْحَةٌ» وهي بفتحِ الدال وإسكان الواو وبالحاءِ المهملة: وهي الشَّجَرَةُ الكَبيرةُ. قَوْلهُ: «المَحْضُ» هُوَ بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة وبالضَّادِ المعجمة، وَهُوَ: اللَّبَنُ. قَوْلهُ «فَسَمَا بَصَري» أيْ: ارْتَفَعَ. و «صُعُداً» بضم الصاد والعي، أيْ: مُرْتَفعاً. وَ «الربَابَةُ» بفتح الراءِ وبالباء الموحدة مكررةً، وهي: السَّحابَة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن بعض العصاة يعذبون في البرزخ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: التحذير من النوم عن الصلاة المكتوبة، وعن رفض القرآن لمن يحفظه، وعن الزنا، وأكل الربا، وتعمد الكذب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن من استوت حسناته وسيآته، يتجاوز الله عنه، اللهم تجاوز عنا برحمتك يَا أرحم الراحمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة (102) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن هبيرة: لما كان الكاذب يساعد أنفه وعينه ولسانه على الكذب بترويج باطله، وقعت المشاركة بينهم في العقوبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">261- باب بيان مَا يجوز من الكذب</span><br /><span style="font-size: x-large;">اعلَمْ أنَّ الكَذِبَ، وإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحَرَّماً، فَيَجُوزُ في بَعْضِ الأحْوَالِ بِشُروطٍ قَدْ أوْضَحْتُهَا في كتاب: «الأَذْكَارِ» ، ومُخْتَصَرُ ذَلِكَ: أنَّ الكلامَ وَسيلَةٌ إِلَى المَقَاصِدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِ الكَذِبِ يَحْرُمُ الكَذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ إِلا بالكَذِبِ، جازَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/859) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الكَذِبُ. ثُمَّ إنْ كَانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المَقْصُودِ مُبَاحاً كَانَ الكَذِبُ مُبَاحاً، وإنْ كَانَ وَاجِباً، كَانَ الكَذِبُ وَاجِباً. فإذا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ يُريدُ قَتْلَهُ، أَوْ أَخذَ مَالِهِ وأخفى مالَه وَسُئِلَ إنْسَانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذِبُ بإخْفَائِه. وكذا لو كانَ عِندَهُ وديعَةٌ، وأراد ظالمٌ أخذها، وجبَ الكذبُ بإخفائها. وَالأحْوَطُ في هَذَا كُلِّهِ أن يُوَرِّيَ. ومعْنَى التَّوْرِيَةِ: أنْ يَقْصِدَ بِعِبَارَتِهِ مَقْصُوداً صَحيحاً لَيْسَ هُوَ كَاذِباً بالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وإنْ كَانَ كَاذِباً في ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وبالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَفْهَمُهُ المُخَاطَبُ، وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ وَأطْلَقَ عِبَارَةَ الكَذِبِ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ في هَذَا الحَالِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَاسْتَدَل العُلَمَاءُ بِجَوازِ الكَذِبِ في هَذَا الحَالِ بِحَديثِ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللهُ عنها، أنها سمعتْ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْراً أَوْ يَقُولُ خَيْراً» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">زاد مسلم في رواية: قالت أُمُّ كُلْثُومٍ: وَلَمْ أسْمَعْهُ يُرَخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلا في ثَلاَثٍ، تَعْنِي: الحَرْبَ، والإصْلاَحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَديثَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحديثَ المَرْأَةِ زَوْجَهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، وذكر حديث أم كلثوم، أنها سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «فينمي» بفتح أوله وكسر الميم، أي: يبلّغ. تقول: نميت الحديث أنميه، إذا بلَّغته على وجه الإصلاح، وطلب الخير، فإذا بلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت: نمَّيته بالتشديد، كذا قاله الجمهور. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/860) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أو يقول خيرًا» : هو شك من الراوي. قال العلماء: المراد هنا أنه يخبر بما علمه من الخير، ويسكت عما علمه من الشر. وما زاده مسلم في آخره: «ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس أنه كذب إلا في ثلاث» فذكرها وهي: الحرب، وحديث الرجل لامرأته، والإصلاح بين الناس، إلى أنْ قال: قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مطلقًا، وحملوا الكذب المراد على التورية والتعريض، كمن يقول للظالم: دعوت لك أمس. وهو يريد قوله: اللهم اغفر للمسلمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويعد امرأته بعطية شيء، ويريد إن قدَّر الله ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واتفقوا على أنِّ المراد بالكذب في حق المرأة والرجل، إنما هو فيما لا يسقط حقًا عليه أو عليها، أو أخذ ما ليس له أولها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكذا في الحرب في غير التأمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واتفقوا على جواز الكذب عند الاضطرار، كما لو قصد ظالم قتل رجل وهو مختفٍ عنده، فله أن ينفي كونه عنده، ويحلف على ذلك، ولا يأثم والله أعلم. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">262- باب الحثّ عَلَى التثبت فيما يقوله ويحكيه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تقل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَولٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: حافظ، حاضر. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/861) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1547] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كَفَى بالمَرْءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: كفاه ذلك كذبًا، فإنه قد استكثر منه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: ومعنى الحديث والآثار المذكورة في الباب: الزجر عن التحدث بكل ما سمع، فإنه يسمع الصدق والكذب، فإن حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومذهب أهل الحق: الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ... عليه، ولا يشترط فيه العَمْد، لكن التعمد شرط للإثم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1548] وعن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَديثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبينَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب إثم من كذب على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذكر حديث علي رضي الله عنه، قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تكذبوا عليَّ فإنه من كذَّب عليَّ فليلج النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث الزبير رضي الله عنه: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث أنس: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من تعمَّد عليَّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث سلمة بن الأكوع: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من يقل عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/862) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث أبي هريرة: «ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «ولا تكذبوا عليَّ» . هو عام في كل كاذب، مطلق في كل نوع من الكذب. ومعناه: لا تنسبوا الكذب إليَّ، وقد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقالوا: نحن لم نكذب عليه، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته، وما دروا أن تقويله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1549] وعن أسماء رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ امْرأةً قالت: يَا رسولَ الله، إنَّ لِي ضَرَّةً فهل عَلَيَّ جُنَاحٌ إنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِيني؟ فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المُتَشَبِّعُ بِما لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وَالمُتَشَبِّعُ» : هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الشَّبَعَ وَلَيْسَ بِشَبْعَان. ومعناهُ هُنَا: أنْ يُظْهِرَ أنَّهُ حَصَلَ لَهُ فَضيلَةٌ وَلَيْسَتْ حَاصِلَةً. «وَلابِسُ ثَوْبَي زُورٍ» أيْ: ذِي زُورٍ، وَهُوَ الَّذِي يُزَوِّرُ عَلَى النَّاسِ، بِأنْ يَتَزَيَّى بِزِيِّ أهْلِ الزُّهْدِ أَو العِلْمِ أَو الثَّرْوَةِ، لِيَغْتَرَّ بِهِ النَّاسُ وَلَيْسَ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَقَيلَ غَيرُ ذَلِكَ واللهُ أعْلَمُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: أشار بهذا إلى ما ذكر أبو عبيد في تفسير الخبر: قال: قوله: «المتشبّع» ، أي: المتزين بما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/863) </span><br /><span style="font-size: x-large;">كالمرأة تكون عند الرجل ولها ضرة، فتدَّعي من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده، تريد بذلك غيظ ضرتها. وكذلك هذا في الرجال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: وأما قوله: «كلابس ثوبيَ زور» ، فإنه الرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد، يوهم أنه منهم ويُظهر من التخشع والتقشف أكثر مما في قلبه منه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: وفيه وجه آخر: أن يكون المراد بالثياب الأنفس. كقولهم: فلان نقي الثوب، إذا كان بريئًا من الدنس. وفلان دنس الثوب، إذا كان مغموصًا عليه في دينه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الخطابي: الثوب مثل، ومعناه، أنه صاحب زور وكذب، كما يقال لمن وصف بالبراءة من الأدناس: طاهر الثوب. والمراد به نفس الرجل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال أبو سعيد الضرير: المراد به أن شاهد الزور قد يستعير ثوبين يتجمل بهما ليوهم أنه مقبول الشهادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وهذا نقله الخطابي عن نعيم بن حماد قال: كان يكون في الحي الرجل له هيئة وشارة، فإذا احتيج إلى شهادة زور لبس ثوبيه، وأقبل فشهد، فقبل لنبل هيئته، وحسن ثوبيه، فيقال: أمضاها بثوبيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">263- باب بيان غلظ تحريم شهادة الزُّور</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاجْتَنِبوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج (30) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: الكذب والبهتان، ومنه شهادة الزور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تقل، ودخل تحت عمومه شهادة الزور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: حافظ حاضر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبَّكَ لبالمِرْصَادِ} [الفجر (14) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/864) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: قال ابن عباس: يسمع ويرى، يعني: يرصد خلقه فيما يعملون. ويجازي كلاً بسعيه في الدنيا والآخرة. وسيُعرض الخلائق كلهم عليه. فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلاً بما يستحقه، وهو المنزَّه عن الظلم والجور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان (72) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: قال الضحاك وأكثرالمفسرين: يعني الشرك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عليّ بن أبي طلحة: يعني شهادة الزور. وكان عمر بن الخطاب يجلد شاهد الزور أربعين جلدة، ويسخم وجهه، ويطوف به في السوق إلى أن قال: وأصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1550] وعن أَبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أُنَبِّئُكُمْ بِأكْبَرِ الكَبَائِرِ» ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رسولَ اللهِ. قَالَ: «الإشْراكُ باللهِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ» وكَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ألا وَقولُ الزُّورِ وشهادة الزُّورِ» . فما زال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قلنا: لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: وكان متكئًا فجلس فقال: «ألا وقول الزور، وشهادة الزور» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: يُشعر بأنه اهتم لذلك حتى جلس بعد أن كان متكئًا، ويفيد ذلك تأكيد تحريمه، وعظم قبحه، وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور، وشهادة الزور أسهل وقوعًا على الناس، والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يصرف عنه الطبع. وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة، كالعدواة والحسد وغيرهما. فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/865) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: شفقة عليه وكراهية لما يزعجه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تحريم شهادة الزور، وفي معناها كل ما كان زورًا، من تعاطي المرء ما ليس له أهلاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل، من إتلاف نفس، أو أخذ مال، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، فلا شيء من الكبائر أعظم ضررًا منها، ولا أكثر فسادًا بعد الشرك بالله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">264- باب تحريم لعن إنسان بعينه أَوْ دابة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1551] عن أَبي زيدٍ ثابت بن الضَّحَّاك الأنصاريِّ - رضي الله عنه -، وَهُوَ من أهلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلاَمِ كاذِباً مُتَعَمِّداً، فَهُوَ كَما قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيءٍ، عُذِّبَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فيما لا يَمْلِكُهُ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ ... كَقَتْلِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الملة: الدين والشريعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عياض: يستفاد منها أن الحالف المتعمد، إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كذاب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه لم يكفر، وإن قال معتقدًا لليمين بتلك الملة لكونها حقًا، كفر. وإن قالها لمجرد التعظيم لها، احتمل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رفعه: «من قال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا لم يعد إلى الإسلام سالمًا» . أخرجه النَّسائي وصححه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/866) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومن قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنيات الدنيوية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويؤخذ منه أنَّ جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست ملكًا له مطلقًا، بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن الله له فيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وليس على رجل نذر فيما لا يملك» ، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين» . رواه الخمسة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عباس عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من نذر نذرًا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا لم يطقه، فكفارته كفارة يمين» . رواه أبو داود، وابن ماجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لعْن المؤمن كقتله» . أي: لأنه إذا لعنه، فكأنه دعا عليه بالهلاك. وقيل: يشبهه في الإثم. والله أعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1552] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أنْ يَكُونَ لَعَّاناً» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ليس من شأنه كثرة اللَّعن. وعند الترمذي من حديث ابن عمر بلفظ: «لا يكون المؤمن لعَّانًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1553] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَكُونُ اللَّعَانُونَ شُفَعَاءَ، وَلا شُهَدَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: لأنهم فسقة. والفاسق لا تقبل شفاعته، ولا شهادته. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/867) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1554] وعن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَلاَعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلا بِغَضَبِهِ، وَلا بِالنَّارِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم الدعاء بلعنة الله، وغضب الله، أو النار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1555] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ، وَلا اللَّعَّانِ، وَلا الفَاحِشِ، وَلا البَذِيِّ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الطعَّان: أي: الوقّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما. الفحّاش: ذو الفحش في كلامه وفعاله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (النهاية) : البذاء: المباذاة وهي المفاحشة. وقال في (المصباح) : بذا على القوم يبذو، سفه أو فحش في منطقه، وإن كان كلامه صدقًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1556] وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ العَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئاً، صَعدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّماءِ، فَتُغْلَقُ أبْوابُ السَّماءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الأرْضِ، فَتُغْلَقُ أبْوابُهَا دُونَها، ثُمَّ تَأخُذُ يَميناً وَشِمالاً، فَإذا لَمْ تَجِدْ مَسَاغاً رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فإنْ كَانَ أهْلاً لِذلِكَ، وإلا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: قبح اللعن وشناعته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إذا لعن شيئًا» . حيوانًا كان أو جمادًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/868) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1557] وعن عمران بن الحُصَيْنِ رضي الله عنهما، قَالَ: بَيْنَمَا رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بَعْضِ أسْفَارِهِ، وَامْرأةٌ مِنَ الأنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذَلِكَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالَ: «خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا؛ فَإنَّهَا مَلْعُونَةٌ» . قَالَ عمْرانُ: فَكَأنِّي أَرَاهَا الآنَ تَمْشِي في النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أحَدٌ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1558] وعن أَبي بَرْزَةَ نَضْلَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ القَوْمِ. إِذْ بَصُرَتْ بِالنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَضَايَقَ بِهِمُ الجَبَلُ فَقَالَتْ: حَلْ، اللَّهُمَّ الْعَنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «حَلْ» بفتح الحاء المهملة وَإسكانِ اللام: وَهِيَ كَلِمَةٌ لِزَجْرِ الإبِلِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَاعْلَمْ أنَّ هَذَا الحَدِيثَ قَدْ يُسْتَشكَلُ مَعْنَاهُ، وَلا إشْكَالَ فِيهِ، بَلِ المُرَادُ النَّهْيُ أنْ تُصَاحِبَهُمْ تِلْكَ النَّاقَةُ، وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِهَا وَذَبْحِهَا وَرُكُوبِهَا فِي غَيْرِ صُحْبَةِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كُلُّ ذَلِكَ وَمَا سِوَاهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ جائِزٌ لا مَنْعَ مِنْهُ، إِلا مِنْ مُصَاحَبَةِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا؛ لأنَّ هذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كُلَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً فَمُنِعَ بَعْض مِنْهَا، فَبَقِيَ البَاقِي عَلَى مَا كَانَ، واللهُ أَعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">265- باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود (18) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ... «يدنو </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/869) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أحدكم من ربه حتى يضع كَنَفَه عليه، فيقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: عملت كذا وكذا فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطي كتاب حسناته. وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: {هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} » [هود (18) ] . رواه البخاري ومسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف (44) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي أَعْلَمَ مُعْلِم، ونادى منادٍ أنَّ لعنةُ اللهِ على الظالمين، أي: مستقرة عليهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَعنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ» وَأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا» وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرِينَ، وأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ غيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ» أيْ حُدُودَهَا، وأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ» ، وأنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيهِ» وَ «لَعَنَ اللهُ من ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ» ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/870) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَأنَّه قَالَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَة والنَّاسِ أجْمَعينَ» ، وأنَّه قَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ رِعْلاً، وَذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ: عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ» وهذِهِ ثَلاَثُ قَبَائِلَ مِنَ العَرَبِ. وأنَّه قَالَ: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وأنهُ «لَعَنَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّساءِ والمُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيح؛ بعضُها في صَحيحَيّ البُخاري ومسلمٍ، وبعضها في أحَدِهِمَا، وإنما قصدت الاختِصَارَ بالإشارةِ إِلَيها، وسأذكر معظمها في أبوابها من هَذَا الكتاب، إن شاء الله تَعَالَى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: وكلُّ هذه الأحاديث تدل على جواز لعن أهل المعاصي على سبيل العموم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">266- باب تحريم سب المسلم بغير حق</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: ينسبون إليهم ما هم برآء منه، لم يعملوه، ولم يفعلوه. وهذا البهت الكبير، أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والنقص لهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي هريرة: أنه قيل: يَا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: «ذِكْرُكَ أخاكَ بما </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/871) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يكره» . قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه» . رواه الترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1559] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: السبُّ في اللغة: الشتم والتكلم في عرض الإِنسان بما يعيبه، والظاهر أن المراد من قتاله المقاتلة المعروفة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1560] وعن أَبي ذرٍ - رضي الله عنه - أنهُ سَمِعَ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلاً بِالفِسْقِ أَوِ الكُفْرِ، إِلا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كذَلِكَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تفسيق من رمى غير الفاسق بالفسق، وتكفير من رمى المؤمن بالكفر، كما في الحديث الآخر: «من رمى رجلاً بالكفر أو قال عدوّ الله وليس كذلك، إلا حار عليه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1561] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «المُتَسَابَّانِ مَا قَالا فَعَلَى البَادِي منهُما حَتَّى يَعْتَدِي المَظْلُومُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: معناه أن إثم السباب الواقع بينهما يختص بالبادئ منهما، إلا أن يجاوز الثاني قدر الانتصار، فيؤذي الظالم بأكثر مما قاله. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/872) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الانتصار ولا خلاف فيه، وتظاهر عليه الكتاب والسنة، ومع ذلك فالصبر والعفو أفضل كما قال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى (43) ] ، وكحديث: «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1562] وعنه قَالَ: أُتِيَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجُلٍ قَدْ شرِبَ قَالَ: «اضربوهُ» قَالَ أَبُو هريرةَ: فَمِنَّا الضارِبُ بيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، والضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أخْزَاكَ اللهُ! قَالَ: «لا تَقُولُوا هَذَا، لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَان» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز إقامة حد الخمر بالضرب بغير السوط.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنعال، والأصح جوازه بالسوط.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وتوسط بعض المتأخرين فعين السوط للمتمردين، وأطراف الثياب والنعال للضعفاء، ومن عداهم بحسب ما يليق بهم. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وزاد أبو داود في رواية: ثم قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه: «بكِّتوه» فأقبلوا عليه. يقولون له: ما اتقيت الله عز وجل؟ ما خشيت الله جل ثناؤه، ما استحييت من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ ثم أرسلوه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1563] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَى يُقَامُ عَلَيْهِ الحَدُّ يَومَ القِيَامَةِ، إِلا أَنْ يَكُونَ كما قَالَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إظهار كمال العدل. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/873) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «من قذف مملوكه وهو بريء مما قاله جلد يوم القيامة حدًّا، إلا أن يكون كما قال» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">267- باب تحريم سب الأموات</span><br /><span style="font-size: x-large;">بغير حق ومصلحةٍ شرعية</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَهُوَ التَّحْذِيرُ مِنَ الاقْتِدَاء بِهِ في بِدْعَتِهِ، وَفِسْقِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهِ الآيةُ والأحاديثُ السَّابِقَةُ في البَابِ قَبْلَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1564] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى الترمذي عن المغيرة نحوه، لكن قال: «فتؤذوا الأحياء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">والحديث دليل على تحريم سبِّ الأموات. قال ابن رشد: إن سبّ الكافر محرم، إذا تأذى به الحيُّ المسلم، ويحل إذا لم يحصل به أذية. وأما المسلم فيحرم، إلا إذا دعت إليه الضرورة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">268- باب النهي عن الإيذاء</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1565] وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/874) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: المسلم الكامل من كفَّ لسانه ويده عن المسلمين، والمهاجر الكامل من ترك المعاصي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1566] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، ويُدْخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَهُوَ بعض حديثٍ طويلٍ سبق في بابِ طاعَةِ وُلاَةِ الأمُورِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: كقوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران (102) ] ، أي: استقيموا على الإِسلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه» ، أي: يحسن معاملتهم بالبشر، وكف الأذى، وبذل النَّدى، كما يحب ذلك منهم له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">269- باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: وشأن الأخوة التواصل. قال تعالى في مدح المؤمنين: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ} [الرعد (21) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {أذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرينَ} [المائدة (54) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: عاطفين على المؤمنين، خافضين لهم أجنحتهم، متغلِّبين على الكافرين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح (29) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يخبر تعالى عن محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه رسوله حقًّا بلا شك ولا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/875) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ريب. فقال: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} ، وهذا مبتدأ وخبر، وهو مشتمل على كل وصف جميل، ثم ثنى بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم، فقال: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} ، كما قال عزَّ وجلّ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة (54) ] ، وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا برًّا بالأخيار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1567] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تباغضوا» ، أي: لا تفعلوا ما يؤدي إلى التباغض، من التحاسد، والتدابر، والتتقاطع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه» ، أي: بالإِعراض عنه، وترك السلام عليه فوق ثلاث. أُغْتُفِرت الثلاث لأن حِدَّة المزاج قد تدعوا للهجر في زمنها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «فمن هجر فوق ثلاث، فمات دخل النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1568] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الإثْنَيْنِ ويَوْمَ الخَمْيِسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً، إِلا رَجُلاً كَانَتْ بينهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ فَيُقَالُ: أنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا! أَنْظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصْطَلِحَا!» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: «تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وإثْنَيْن» وذَكَرَ نَحْوَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «انظروا هذين حتى يصلحا» ، أي: أخّروا غفرانهم، وكرره للتأكيد اهتمامًا بأمره. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/876) </span><br /><span style="font-size: x-large;">270- باب تحريم الحسد</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَهُوَ تمني زوالُ النعمة عن صاحبها، سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ أَوْ دنيا قَالَ الله تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء (54) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: المراد بالناس العرب. حَسَدَهم اليهود على النبوة، وما أكرمهم الله تعالى بمحمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والحسد من الأخلاق المذمومة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويُروى أن إبليس قال لنوح عليه السلام: اثنتان أُهلك بهما بني آدم: الحسد، وبالحسد لعنت وجعلت شيطانًا رجيمًا، والحِرص، أبيح آدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه بالحرص.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفِيهِ حديثُ أنسٍ السابق في الباب قبلَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: وفي باب تحريم الحسد قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تحاسدوا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1569] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالحَسَدَ؛ فَإنَّ الحَسَدَ يَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النَّارُ الحَطَبَ» أَوْ قَالَ: «العُشْبَ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إيماء إلى سرعة إبطال الحسد للحسنات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">271- باب النَّهي عن التجسُّس</span><br /><span style="font-size: x-large;">والتَّسَمُّع لكلام من يكره استماعه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات (12) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تبحثوا عن عورات المسلمين ومعايبهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/877) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: الآية مطابقة لعجز الترجمة؛ لأن المتجسس على المعايب مؤذ لصاحبها بما اكتسب لمّا أخفى ذلك ولم يتجاهر به، نُهي عن التطلع إلى أمره والتوصل إليه، طالبًا للستر بحسب الإمكان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1570] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، ولا تحسَّسوا وَلا تَجَسَّسُوا وَلا تَنَافَسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً كَمَا أَمَرَكُمْ. المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى ها هُنَا التَّقْوَى ها هُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَعِرْضُهُ، وَمَالُهُ. إنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أجْسَادِكُمْ، وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي رواية: «لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَجَسَّسُوا، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَنَاجَشُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْواناً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «لا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْواناً» وَفِي رِواية: «لا تَهَاجَرُوا وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» . رواه مسلم بكلّ هذِهِ الروايات، وروى البخاريُّ أكْثَرَهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إياكم والظنَّ» . قال القرطبي: أي: التهمة التي لا سبب لها، كمن يتهم بفاحشة من غير ظهور مقتضيها، ولذا عطف عليه: {وَلا تَجَسَّسُوا} ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/878) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة، فيريد تحققه فيتجسس ويبحث فنهي عن ذلك، وهذا موافق لقوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ} الآية [الحجرات (12) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ودل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن، فإن قال: ابحث لأتحقق، قيل له: {وَلا تَجَسَّسُوا} . فإن قال: تحققت من غير تجسس، قيل له: {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولا تحسسوا، ولا تجسسوا» إحداهما: بالجيم. والأخرى: بالحاء المهملة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: أي: لا تجسسوا عن عيوب الناس ولا تتبعوها. وأصله بالمهملة من الحاسة، إحدى الحواس الخمس، وبالجيم من الجس بمعنى اختبار الشيء باليد، وهي إحدى الحواس الخمس، فتكون التي بالحاء أعم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: هما بمعنى وذكر الثاني تأكيدًا كقولهم بعدًا وسحقًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: بالجيم، البحث عن العورات، وبالمهملة استماع حديث القوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: بالجيم، البحث عن بواطن الأمور، وأكثر ما يكون في الشر، وبالمهملة عما يدرك بحاسة العين أو الأُذن، ورجَّحه القرطبي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا تنافسوا» ، أي: في أمور الدنيا، فأما أمور الآخرة فقد أمر الله بالتنافس في أعمالها. قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين (26) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم» ، أي: اكتسبوا ما تصيرون به إخوة من التآلف والتحابب، وترك هذه المنهيات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «المسلم أخو المسلم» ، لاجتماعهما في الإسلام. «لا يظلمه في نفسٍ، ولا مال، ولا عرض» . «ولا يخذله» ، أي: «لا يترك نصرته، وإعانته» . «ولا يحقره» ، أي: يهينه ولا يعبؤ به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا» ويشير إلى صدره، أي: «أن محلها القلب.» «بحسب امرئ من الشر» لعظمه وشدته عند الله. «لأن يحقر أخاه </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/879) </span><br /><span style="font-size: x-large;">المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، وأعمالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم» . قال الله تعالى في ذم المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} الآية [المنافقون (4) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عند مسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم، وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» . فإذا كان العمل خالصًا لله تعالى صوابًا على سنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَهُ الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا تناجشوا» ، النجش: الزيادة في السلعة لا لرغبة، بل ليضر غيره ويخدعه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا يبع بعضكم على بيع بعض» . ومثله الشراء على شرائه، والسوم على سومه، بعد استقرار الثمن والرضا به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1571] وعن معاوية - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّكَ إنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ المُسْلِمينَ أفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أنْ تُفْسِدَهُمْ» . حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كراهة التجسس عن عورات المسلمين، واكتشاف ما يخفونه منها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1572] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا فُلاَنٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْراً، فَقَالَ: إنَّا قَدْ نُهِيْنَا عَنِ التَّجَسُّسِ، ولكِنْ إنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ، نَأخُذ بِهِ. حديث حسن صحيح، رواه أَبُو داود بإسنادٍ عَلَى شَرْطِ البخاري ومسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إنا قد نهينا عن التجسس» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/880) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: يحتمل أن يكون مراده النهي عن ذلك في القرآن أو السنة. أي سمعه من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضًا، إن يظهر لنا شيء نأخذ به ونعامله بمقتضاه من حدٍ أو تعزير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">272- باب النهي عن سوء الظنّ بالمسلمين من غير ضرورة</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وقوله: «من غير ضرورة» . مُخْرج لما أن دعت إليه كأن وقف مواقف التهم، أو بدا عليه علامة الريب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ} [الحجرات (12) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يقول تعالى ناهيًا عباده المؤمنين عن كثير من الظنّ، وهو التهمة، والتخون للأهل، والأقارب، والناس، في غير محله؛ لأنَّ بعض ذلك يكون إثمًا محضًا، فليجتنب كثيرًا منه احتياطًا. وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ولا تظنَّنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال سفيان الثوري: الظنُّ ظنَّان: أحدهم إثم، وهو أن تظن وتتكلم به، والآخر ليس بإِثم، وهو أن تظن ولا تتكلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: المراد ترك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به، وكذا ما يقع في القلب من غير دليل. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/881) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1573] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">273- باب تحريم احتقار المسلمين</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَومٍ عَسَى أنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيْمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات (11) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لمزَةٍ} [الهمزة (1) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الكبر بَطَرُ الحق، وغمص الناس» . ويُروى: «وغمط الناس» . والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتَقَر أعظم قَدْرًا عند الله تعالى، وأحب إليه من الساخر منه - المحتقر له -. ولهذا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَومٍ عَسَى أنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ} ، فنص على نهي الرجال، وعطف بنهي النساء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تبارك وتعالى: {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} ، أي: لا تلمزوا الناس. والهمّاز اللمّاز من الرجال مذموم ملعون. كما قال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} ، والهمز بالفعل، واللمز بالقول. كما قال تعالى: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} [القلم (11) ] ، أي: يحتقر الناس ويهمزهم طاغيًا عليهم، ويمشي بينهم بالنميمة. وهي اللمز بالمقال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحجرات (11) ] ، أي: لا تداعوا بالألقاب، وهي التي يسوء الشخص سماعها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي جبيرة بن الضحاك قال: فينا نزلت في بني سلمة: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} ، قال: قدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا أحدًا منهم باسم من تلك الأسماء قالوا: يَا رسول الله، إنه </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/882) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يغضب من هذا. فنزلت: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} . رواه أحمد. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عكرمة: هو قول الرجل للرجل يَا فاسق. يَا منافق. يَا كافر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: كان اليهودي والنصراني يُسْلم فيقال له بعد إسلامه: يَا يهودي. يَا نصراني. فنهوا عن ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عطاء: هو أن تقول لأخيك: يا كلب، يا حمار، يا خنزير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن ابن عباس قال: التنابز بالألقاب، أنْ يكون الرجل عمل السيئات، ثم تاب عنها، فنهي أنْ يعيّر بما سلف من عمله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} ، أي: بئس الاسم أنْ يقول له يَا يهودي، أو يَا فاسق، بعدما آمن وتاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقيل: معناه أنَّ من فعل ما نهي عنه من السُّخرية، واللمز، والنبز، فهو فاسق. وبئس الاسم الفسوق بعد الإِيمان فلا تفعلوا ذلك، فتستحقوا اسم الفسوق، ومن لم يتب من ذلك فأولئك هم الظالمون.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1574] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ» . رواه مسلم، وَقَدْ سبق قريباً بطوله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: «بحسب» ، أي: كافي، «امرئٍ» ، أي: إنسان، «من الشر أن يحقر أخاه المسلم» ، أي: وذلك لعظمه في الشر، كافٍ له عن اكتساب آخر، ولا يخفى ما فيه من فظاعة هذا الذنب، والنداء عليه بأنه غريق في الشر، حتى إنه لشدته فيه يكفي من تلبس به عن غيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1575] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ!» فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/883) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً، وَنَعْلُهُ حَسَنةً، فَقَالَ: «إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبْرُ: بَطَرُ الحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومعنى «بَطَرُ الحَقِّ» دَفْعُه، «وغَمْطُهُمْ» : احْتِقَارُهُمْ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ أوْضَحَ مِنْ هَذَا في باب الكِبْرِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد للمتكبرين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن التجمل إذا لم يكن على وجه الخيلاء غير مذموم بل مستحب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1576] وعن جُندب بن عبدِ الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ لا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلانٍ، فَقَالَ اللهُ - عز وجل -: مَنْ ذا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ! إنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَأحْبَطْتُ عَمَلَكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحذير من احتقار أحد من المسلمين، وإن من كان الرعاع، فإن الله تعالى أخفى سره في عباده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">274- باب النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: وشأن الأُخوة أن يتحرك الأخ لما يلحق أخاه من الضرر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ} [النور (19) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت في عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه المنافقين، الذين قذفوا عائشة رضي الله عنها وهي بريئة، وهي عامة في جميع المؤمنين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن ثوبان عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تؤذوا عباد الله، ولا تعيِّروهم، ولا تطلبوا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/884) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1577] وعَن وَائِلَةَ بن الأسقع - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللهُ وَيَبْتَلِيكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن إظهار الشماتة بما نزل بأخيه المسلم، بل شأن المؤمن التألم بما يتألم منه أخوه، والفرح بما يفرح به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الباب حديث أَبي هريرة السابق في باب التَّجسُّس: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ ... » الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: فدخل فيه ذلك لما فيه من التعرض لإِيذائه، والتوصل إلى القدح في عرضه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">275- باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: ولا شبهة في أنَّ الطعن في النسب من أعظم أنواع الأذى، فالآية تشمله شمولاً بيِّنًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1578] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اثْنَتَان في النَّاسِ هُمَا بهم كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/885) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تغليظ تحريم النياحة، وتحريم الطعن في النسب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">276- باب النهي عن الغش والخداع</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ومن أشد الإِيذاء الغش، لما فيه من تزيين غير المصلحة والخديعة، لما فيها من إيصال الشر إليه من غير علمه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1579] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أصابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ: «مَا هذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ: أصَابَتهُ السَّمَاءُ يَا رسول الله. قَالَ: «أفَلا جَعَلْتَهُ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يرَاهُ النَّاسُ! مَنْ غشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد على من بغى على المسلمين وخرج عن جماعتهم وبيعتهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه أيضًا: وعيد شديد لمن غشهم. ومن الغش خلط الجيد بالرديء، ومزج اللبن بالماء، وترويج النقد الزغل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث ابن مسعود: «والمكر والخداع في النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1580] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا تَنَاجَشُوا» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/886) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1581] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهى عن النَّجْشِ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على تحريم النجش، وهو أن يسوم السلعة بأكثر ثمنها، وليس قصده أن يشتريها بل يريد أن يضر غيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1582] وعنه قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ يُخْدَعُ في البُيُوعِ؟ فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَايَعْتَ، فَقُلْ: لا خِلاَبَةَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الخِلاَبَةُ» بخاءٍ معجمةٍ مكسورةٍ وباءٍ موحدة، وهي: الخديعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على ثبوت خيار الغبن إذا اشترط ذلك. وزاد الدارقطني والبيهقي: «ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيتها فأمسك» ، فبقي حتى أدرك زمن عثمان، فكان إذا اشترى شيئًا فقيل له: إنك غبنت فيه، رجع فيشهد له الرجل من الصحابة، أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد جعله بالخيار ثلاثًا فيرد له دراهمه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1583] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» . رواهُ أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«خَبب» بخاءٍ معجمة، ثُمَّ باءٍ موحدة مكررة: أيْ أفْسده وخدعه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم التخبيب، وهو إفساد المرأة على زوجها، فيقع بينهما الشقاق والتنافر، وكذا المملوك؛ لأن من شأن المؤمنين التعاون والتناصر على الحق، وهذا بخلافه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">277- باب تحريم الغدر</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بالْعُقُودِ} [المائدة (1) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/887) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس وغيره: يعني العهود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن جرير: والعهود ما كانوا يتعاقدون عليه من الحِلْف وغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عن ابن عباس: يعني ما أحل الله، وما حرم، وما فرض، وما حد في القرآن كله، ولا تغدروا، ولا تنكثوا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال زيد بن أسلم: أوفوا بالعقود هي ستة: عهد الله، وعقد الحِلْف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كَانَ مَسئُولاً} [الإسراء (34) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: {أَوْفُواْ بِالْعَهْدِ} ، أي: الذي تُعاهِدون عليه الناس، والعقود التي تُعاملون بها، فإن العهد والعقد كل منهما يُسأل صاحبه عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1584] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَها: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الغدر من صفات المنافقين، وكذا بقية الخصال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1585] وعن ابن مسعودٍ، وابن عمر، وأنس - رضي الله عنهم - قالوا: قَالَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فلانٍ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/888) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1586] وعن أَبي سعيدٍ الخدريّ - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ أِسْتِهِ يومَ القِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدَرِ غَدْرِهِ، ألا وَلا غَادِرَ أعْظَمُ غَدْراً مِنْ أمِيرِ عَامَّةٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">نشر اللواء زيادة في فضيحة الغادر وشناعة أمره، وشهرته بذلك عند الخلق يوم القيامة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذه الأحاديث: بيان غلظ تحريم الغدر، ولاسيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1587] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَالَ الله تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرَّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأجَرَ أجيراً، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: الحكمة في كون الله تعالى خصمهم، أنهم جنوا على حقه سبحانه، وحق عباده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">278- باب النهي عن المنِّ بالعطية ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأذَى} [البقرة (264) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى أنَّ الصدقة تُبْطل بما يتبعها من المنّ والأذى، فما يغني ثوابه الصدقة بخطيئة المنّ والأذى. والمنّ: تعداد النعمة على المنعم عليه. والأذى: كالتعيير بالسؤال والحاجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أنْفَقُوا مَنّاً وَلا أذىً} [البقرة (262) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/889) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال زيد بن أسلم: حظَّر الله على عباده المنّ بالصنيعة، واختصَّ به صفة لنفسه؛ لأنه من العباد تعيير وتكدير، ومن الله إفضال وتذكير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1588] وعن أَبي ذَر - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثَ مِرارٍ: قَالَ أَبُو ذرٍ: خَابُوا وخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، والمَنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكَاذِبِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: «المُسْبِلُ إزَارَهُ» يَعْنِي: المُسْبِلَ إزَارَهُ وَثَوْبَهُ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ لِلخُيَلاَءِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: غلظ تحريم ثلاث هذه الخصال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">279- باب النهي عن الافتخار والبغي</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم (32) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} ، أي: برَّ وأطاع، وأخلص العمل لله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ} [الشورى (42) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: إنما السبيل بالمعاقبة على الذين يبدؤون بالظلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} ، أي: يعملون فيها بالمعاصي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1589] وعن عياضِ بن حمارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/890) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللهَ تَعَالَى أوْحَى إلَيَّ أنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ، وَلا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ أهلُ اللغةِ: البغيُ: التَّعَدِّي والاستطالَةُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بالتواضع، والنهي عن التفاخر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1590] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا قَالَ الرجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أهْلَكُهُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والرواية المشهورة: «أهْلَكُهُمْ» بِرَفعِ الكاف وروي بنصبها: وذلكَ النْهيُ لِمنْ قَالَ ذَلِكَ عُجْباً بِنَفْسِهِ، وتَصَاغُراً للنَّاسِ، وارْتِفاعاً عَلَيْهِمْ، فَهَذَا هُوَ الحَرامُ، وَأمَّا مَنْ قَالَهُ لِما يَرَى في النَّاسِ مِنْ نَقْصٍ في أمرِ دِينِهم، وقَالَهُ تَحَزُّناً عَلَيْهِمْ، وعَلَى الدِّينِ، فَلا بَأسَ بِهِ. هكَذَا فَسَّرَهُ العُلَماءُ وفَصَّلُوهُ، وَمِمَّنْ قَالَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الأعْلامِ: مالِكُ بن أنس، وَالخَطَّابِيُّ، والحُميدِي وآخرونَ، وَقَدْ أوْضَحْتُهُ في كتاب: (الأذْكار) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال مالك: إذا قال ذلك تحزُّنًا عليهم لما يرى في الناس - يعني في أمر دينهم - فلا أرى به بأسًا. وإذا قال ذلك عجبًا بنفسه، وتصاغرًا للناس فهو المكروه الذي ينهى عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">280- باب تحريم الهجران بين المسلمين</span><br /><span style="font-size: x-large;">فوق ثلاثة أيام</span><br /><span style="font-size: x-large;">إِلا لبدعة في المهجور، أَوْ تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ} [الحجرات (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: والتهاجر والتقاطع خلاف مقتضى الأُخوة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/891) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوَانِ} [المائدة (2) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومنه قطيعه المسلم وهجرانه بلا سبب شرعي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1591] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن التقاطع والتهاجر. والعمل بهذا الحديث من أعظم الأسباب الموصلة للتآلف بين المسلمين، وقلة الشحناء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1592] وعن أَبي أيوبَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ: يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم الهجر بعد ثلاثة أيام، والثناء على البادئ بالسلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1593] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمْيسٍ، فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً، إِلا امْرَءاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيقُولُ: اتْرُكُوا هذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد للمتشاحنين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1594] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيَسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/892) </span><br /><span style="font-size: x-large;">«التَّحْرِيشُ» : الإفْسَادُ وتَغييرُ قُلُوبِهِمْ وتَقَاطُعُهُم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الأصمعي: حد جزيرة العرب هو أطراف ما بين عدن أبين إلى الشام طولاً. وأما العرض فمن جُدَّة وما والاها من شاطئ البحر إلى ريف العراق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال بعض العلماء: جزيرة العرب خمسة أقسام: تهامة، ونجد، وحجاز، وعروض، ويمن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال صاحب «المُحْكَم» : إِنما سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ بحر فارس، وبحر الحبش، ودجلة، والفرات قد أحاطت بها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: و «لكن في التحريش بينهم» ، أي: يسعى في إيقاع الخصومات، والشحناء، والحروب، والفتن، ونحوها بينهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا الحديث: من معجزات النبوة، لكونه وقع كما أخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1595] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ» . رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على أنَّ الهجر من كبائر الذنوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1596] وعن أَبي خِراشٍ حَدْرَدِ بنِ أَبي حَدْرَدٍ الأسلميِّ. ويقالُ: السُّلمِيّ الصحابي - رضي الله عنه -: أنَّه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَنْ هَجَرَ أخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيديد شديد لمن هجر سَنَة، وأن ذلك كإراقة دم المهجور فيِ الإثم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/893) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1597] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنًّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَهْجُرَ مُؤْمِناً فَوقَ ثَلاَثٍ، فإنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلاَثٌ، فَلْيَلْقَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا في الأجْرِ، وَإنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالإثْمِ، وَخَرَجَ المُسَلِّمُ مِنَ الهِجْرَةِ» . رواه أَبُو داود بإسناد حسن. قَالَ أَبُو داود: «إِذَا كَانَتْ الهِجْرَةُ للهِ تَعَالَى فَليسَ مِنْ هَذَا في شَيْءٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: هذا في هجر الرجل أخاه لعتب وموجدة، فرخص له في مدة الثلاث. فأما هجران الوالد الولدَ والزوج الزوجة، ومن كان من معناهما، فلا يضيق عليهما أكثر من ثلاث، وقد هجر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه شهرًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">281- باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث</span><br /><span style="font-size: x-large;">بغير إذنه إِلا لحاجةٍ وَهُوَ أن يتحدثا سراً</span><br /><span style="font-size: x-large;">بحيث لا يسمعهما</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي معناه [مَا] إِذَا تحدثا بلسان لا يفهمه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} [المجادلة (10) ]</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي إنما النجوى، وهي المساررة حيث يتوهم مؤمن بها سوءًا {مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة (10) ] ، أي: لِيَسؤهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وليس ذلك بضارهم شيئًا إلا بإذن الله، ومن أحسَّ من ذلك شيئًا فليستعذ بالله، وليتوكل على الله، فإنه لا يضره شيء بإذن الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1598] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا كانُوا ثَلاثَةً، فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/894) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه أَبُو داود وزاد: قَالَ أَبُو صالح: قُلْتُ لابنِ عُمرَ: فَأرْبَعَةً؟ قَالَ: لا يَضُرُّكَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه مالك في (الموطأ) : عن عبد الله بن دينارٍ، قَالَ: كُنْتُ أنَا وابْنُ عُمَرَ عِنْدَ دَارِ خَالِدِ بنُ عُقْبَةَ الَّتي في السُّوقِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُريدُ أنْ يُنَاجِيَهُ، وَلَيْسَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَحَدٌ غَيْرِي، فَدَعَا ابْنُ عُمَرَ رَجُلاً آخَرَ حَتَّى كُنَّا أَرْبَعَةً، فَقَالَ لِي وَللرَّجُلِ الثَّالِثِ الَّذِي دَعَا: اسْتَأْخِرَا شَيْئاً، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقُولُ: «لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1599] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً، فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ، مِنْ أجْلِ أنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن التناجي، إلا أن يكونوا أربعة فما فوق؛ لأنه يؤذي الواحد ويحزنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">282- باب النهي عن تعذيب العبد</span><br /><span style="font-size: x-large;">والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَوْ زائد عَلَى قدر الأدب</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَبِالوَالِدَيْنِ إحْساناً وَبِذي القُرْبَى واليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بالجَنْبِ وابْنِ السَّبيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتالاً فَخُوراً} [النساء الآية (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي مختالاً في نفسه، معجبًا متكبرًا فخورًا على الناس، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/895) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يرى أنه خير منهم، فهو في نفسه كبير، وهو عند الله حقير، وعند الناس بغيض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: يفخر على الناس بما أعطاه الله من نعمة وهو قليل الشكر لله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1600] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، إذْ هِيَ حَبَسَتْهَا، وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«خَشَاشُ الأرضِ» بفتح الخاءِ المعجمة وبالشينِ المعجمة المكررة، وهي: هَوَامُّها وَحَشَرَاتُهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم حبس الحيوان وإجاعته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1601] وَعَنْهُ: أنَّهُ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيراً وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا، إنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الغَرَضُ» بفتحِ الغَين المعجمة والراءِ وَهُوَ الهَدَفُ وَالشَّيءُ الَّذِي يُرْمَى إِلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن تعذيب الحيوان من غير سبب شرعي من الكبائر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1602] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: نهى رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تُصْبَرَ البَهَائِمُ. متفق عَلَيْهِ. ومعناه: تُحْبَسُ لِلقَتْلِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم صبر البهائم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العلقمي: هو أن يمسك الحي، ثم يرمي بشيء حتى يموت. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/896) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1603] وعن أَبي عليٍّ سويدِ بن مُقَرِّنٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ بَنِي مُقَرِّنٍ مَا لَنَا خَادِمٌ إِلا وَاحِدَةٌ لَطَمَهَا أصْغَرُنَا فَأَمَرَنَا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ نُعْتِقَهَا. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «سَابعَ إخْوَةٍ لِي» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">حكمة الأمر بعتقها، ليكون كفارة لضربها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ففيه: غلظ تعذيب المملوك والاعتداء عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1604] وعن أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ - رضي الله عنه - قال: كُنْتُ أضْرِبُ غُلامَاً لِي بالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِي: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ» فَلَمْ أفْهَمِ الصَّوْتِ مِنَ الغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإذا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أنَّ اللهَ أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الغُلامِ» . فَقُلتُ: لا أضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي روايةٍ: فَسَقَطَ مِنْ يَدِي السَّوْطُ مِنْ هَيْبَتِهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: فَقُلتُ: يَا رسولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: «أمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ» . رواه مسلم بهذه الروايات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم ضرب المملوك من غير موجب شرعي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1605] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ ضَرَبَ غُلاَمَاً لَهُ حَدّاً لَمْ يَأتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ، فإنَّ كَفَارَتَهُ أنْ يُعْتِقَهُ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/897) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القاضي عياض: أجمعوا على أن الإعتاق غير واجب، وإنما هو مندوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الرفق بالمماليك إذا لم يذنبوا، أما إذا أذنبوا، فقد رخص - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتأديبهم بقدر إثمهم، ومتى زاد يؤخذ بقدر الزيادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1606] وعن هِشام بن حكيمِ بن حِزَامٍ رضي الله عنهما: أنَّه مَرَّ بالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الأَنْبَاطِ، وَقَدْ أُقيِمُوا في الشَّمْسِ، وَصُبَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الزَّيْتُ! فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قيل: يُعَذَّبُونَ في الخَرَاجِ - وفي رواية: حُبِسُوا في الجِزْيَةِ - فَقَالَ هِشَامٌ: أشهدُ لَسَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاس في الدُّنْيَا» . فَدَخَلَ عَلَى الأمِيرِ، فَحَدَّثَهُ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَخُلُّوا. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الأنباط» الفلاحون مِنَ العَجَمِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم تعذيب الناس حتى الكفار بغير موجب شرعي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1607] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: رأى رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِمَاراً مَوْسُومَ الوَجْهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «واللهِ لا أسِمُهُ إِلا أقْصَى شَيْءٍ مِنَ الوَجْهِ» وأمَرَ بِحِمَارِهِ فَكُوِيَ في جَاعِرَتَيْهِ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ كَوَى الجَاعِرَتَيْنِ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الجَاعِرَتَانِ» : نَاحِيَةُ الوَرِكَيْنِ حَوْلَ الدُّبُرِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم الوسم في الوجه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1608] وعنه: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ في وَجْهِهِ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/898) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم أَيضاً: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الضَّرْبِ في الوَجْهِ، وَعَنِ الوَسْمِ في الوَجْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم وسم الوجه، وضرب الوجه من البهائم والآدميين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">283- باب تحريم التعذيب بالنار</span><br /><span style="font-size: x-large;">في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1609] عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: بعثنا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بَعْثٍ فَقَالَ: «إنْ وَجَدْتُمْ فُلاَناً وَفُلاناً» لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا «فَأَحْرِقُوهُمَا بالنَّارِ» ثُمَّ قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ أرَدْنَا الخرُوجَ: «إنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أنْ تُحْرِقُوا فُلاناً وفُلاناً، وإنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِهَا إِلا الله، فإنْ وَجَدْتُمُوهُما ... فاقْتُلُوهُما» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب لا يعذب بعذاب الله. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث عكرمة: أن عليَّا رضي الله عنه حرّق قومًا. فبلغ ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تعذبوا بعذاب ... الله» ، ولقتلتهم كما قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بدَّل دينه فاقتلوه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: واختلف السلف في التحريق، فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقًا، وأجازه علي وخالد بن الوليد وغيرهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال المهلب: ليس هذا النهي فيه للتحريم، بل على سبيل التواضع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأما حديث الباب فظاهر النهي فيه التحريم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: كراهة قتل مثل البرغوت بالنار. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/899) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تعذبوا بعذاب الله» . هذا أصرح في النهي من الذي قبله. انتهي ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1610] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كنَّا مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سَفَرٍ، فانْطَلَقَ لحَاجَتِهِ، فَرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءتِ الحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ فَجَاءَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا؟ ، رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْها» . ورأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا، فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هذِهِ؟» قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: «إنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُعَذِّبَ بالنَّارِ إِلا رَبُّ ... النَّارِ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «قَرْيَةُ نَمْلٍ» مَعْنَاهُ: مَوضْعُ النَّمْلِ مَعَ النَّمْلِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال أبو داود: باب في كراهية حرق العدو بالنار، وذكر الحديثين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: هذا إنما يكره إذا كان الكافر أسيرًا قد ظفر به، وحصل في الكف. وقد أباح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تضرم النار على الكفار في الحرب، وقال لأسامة: «اغز على أبنا صباحًا، وحرق» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورخَّص سفيان الثوري والشافعي في أن يرمى أهل الحصون بالنيران، إلا أنه يستحب أن لا يرموا بالنار ما داموا يطاقون، إلا أن يخافوا من ناحيتهم الغلبة فيجوز حينئذ أن يقذفوا بالنار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال على حديث ابن مسعود: وفيه دلالة على أن تحريق بيوت الذنابير مكروه، وأما النمل فالعذر فيه أقل. وذلك أن ضرره قد يمكن أن يزال من غير إحراق</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إنَّ نبيًّا من الأنبياء نزل على قرية نمل، فقرصته نملة، فأمر بالنمل فأحرقت، فأوحي إليه ألا نملة واحدة» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/900) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: والنمل على ضربين: أحدهما مؤذٍ ضَرَّار فَدَفْعُ عاديته جائز، والضرب الآخر: لا ضرر فيه وهو الطوال الأرجل لا يجوز قتله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">284- باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أهْلِهَا} ... [النساء (58) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ذكر كثير من المفسرين: أنَّ هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة حين أخذ منه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مفتاح الكعبة يوم الفتح، وهي عامة في جميع الأمانة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَإن أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمَانَتَهُ} ... [البقرة (283) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: فإن أمن بعضكم من غير رهن، ولا إشهاد، فليؤد الذي اؤتمن أمانته مقابلة لائتمانه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأمر بأداء الأمانة حكم عام يدخل فيه ما ذكر وغيره، كالودائع وغيرها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1611] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَع» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">معنى «أُتبع» : أُحِيل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">مليء: بالهمز وقد سهل، هو الغني.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومناسبة هذه الجملة للتي قبلها، أنه لما دل على أن مطل الغني ظلم، عقبه بأنه ينبغي قبول الحوالة على المليء، لما في قبولها من دفع الظلم الحاصل بالمطل، فإنه قد تكون مطالبة المحال عليه سهلة على المحتال دون المحيل، واستدل به على اعتبار رضى المحيل والمحتال دون المحال عليه. انتهى ملخصًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/901) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (الاختيارات) : والحوالة على ماله في الديوان إذن في الاستيفاء فقط والمختار الرجوع ومطالبته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">285- باب كراهة عود الإنسان في هبة</span><br /><span style="font-size: x-large;">لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هبة وهبها لولده وسلمها أَوْ لَمْ يسلمها</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكراهة شرائه شَيْئاً تصدّق بِهِ من الَّذِي تصدق عَلَيْهِ</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَوْ أخرجه عن زكاة أَوْ كفارة ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَلا بأس بشرائه من شخص آخر قَدْ انتقل إِلَيْهِ</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: باب كراهية عود الإِنسان في هبة لم يسلمها إلى الموهوب له. قَيَّدَها بذلك لأنها بعد التسليم لا يحل الرجوع فيها، إِلا الوالد فيما يعطي ولده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1612] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ... «الَّذِي يَعُودُ في هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «مَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ في صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ الكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأكُلُهُ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «العائِدُ في هِبَتِهِ كالعائِدِ في قَيْئِهِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">التشبيه بالكلب للاستقذار والتنفير، وهو ظاهر في تحريم الرجوع في الصدقة والهبة. وفي لفظ: «ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه» , وهذا أبلغ في الزجر عن ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: وقع التشديد في التشبيه من وجهين: أحدهما: تشبيه الراجع بالكلب. والثاني: تشبيه المرجوع فيه بالقيء. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/902) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1613] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ في سَبيلِ اللهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِندَهُ، فَأَرَدْتُ أن أشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «لا تَشْتَرِهِ وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وإنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ؛ فَإنَّ العَائِدَ في صَدَقَتِهِ كَالعَائِدِ في قَيْئِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبيلِ الله» مَعنَاهُ: تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى بَعْضِ المُجَاهِدِينَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">سُمِّي الشراء عودًا في الصدقة؛ لأن العادة جرت بالمسامحة من البائع في مثل ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">286- باب تأكيد تحريم مال اليتيم</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَونَ سَعِيراً} [النساء (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">روى ابن مردوديه عن أبي برزة مرفوعًا: «يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجج أفواههم نارًا» . قيل: يَا رسول الله، ومن هم؟ قال: «ألم تر أنَّ الله قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} » .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروي أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُحَرِّجُ مال الضعيفين، المرأة واليتيم» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/903) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلا بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ} [الأنعام (152) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: بطريقة هي أحسن الطرق، كحفظهِ وتثميره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَيَسْألُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ واللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ} [البقرة (220) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وَلا تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام (152) ] ، و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء (10) ] ، انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه، فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ... عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل الله {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة (220) ] ، فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1614] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ!» قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلا بالحَقِّ، وأكلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«المُوبِقَاتِ» : المُهْلِكات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: هذا الحديث فيه: أن أكبر المعاصي الشرك بالله، وهو ظاهر لا خفاء فيه. وأن القتل بغير حق يليه. وما سواهما فلها تفاصيل وأحكام </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/904) </span><br /><span style="font-size: x-large;">تعرف مراتبها، ويختلف أمرها باختلاف الأحوال، والمفاسد المرتّبة عليها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">287- باب تغليظ تحريم الربا</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بأنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأولئِكَ أصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} - إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة (275، 278) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الربا: حرام بالكتاب والسنة والإِجماع. وهو أنواع، بعضها أشد من بعض، وهو من أكبر الكبائر، ومن استحله فهو كافر، مخلد في النار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: وقوله: {وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} ، أي: لا يحب كفور القلب، أثيم القول والفعل، ولا بد من مناسبته في ختم هذه الآية بهذه الصفة، وهي أنَّ المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال، ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل بأنواع المكاسب الخبيثة، فهو جحود لما عليه من النعمة، ظلوم آثم يأكل أموال الناس بالباطل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وذكر زيد بن أسلم وغيره: أنَّ هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الحاهلية، فلما جاء الإِسلام ودخلوا فيه، طلبت ثقيف أن تأخذه منهم، فتشاوروا. وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإِسلام بكسب الإِسلام، فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنزلت هذه الآية، فكتب بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة (278، 279) ] ، فقالوا: نتوب إلى الله ونذر ما بقي من الربا، فتركوه كلهم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/905) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فكثيرة في الصحيح مشهورة، مِنْهَا حديث أَبي هريرة السابق في الباب قبله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1615] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لَعَنَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ. رواهُ مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">زاد الترمذي وغيره: وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تغليظ شديد؛ لأنه إذا لعن الكاتب والشاهدان، مع أنه لا يصيبهما منه شيء، فلأن يلعن المباشر له من آخذٍ أو معط بالأولى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">288- باب تحريم الرياء</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ... حُنَفَاءَ} . [البينة (5) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: ما أُمروا إلا بإخلاص العبادة لله، موحدين حنفاء، مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإِسلام، ويقيموا الصلاة المكتوبة في أوقاتها، ويؤتوا الزكاة عند محلها، وذلك الذي أُمروا به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة (5) ] ، أي: الملة والشرعية المستقيمة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة (264) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تبطلوا أجور صدقاتكم بالمَنِّ والأذى، كما تبطل صدقة من راءي بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة (264) ] ، يريد أنَّ الرياء يبطل الصدقة، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/906) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ولا تكون النفقة مع الرياء من فعل المؤمنين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي فقال: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة (264) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى أنَّ الرياء من صفة الكفار، فعلى المؤمن أن يحذر منها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء (142) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يراؤون الناس: أي: لا إخلاص لهم، ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة، ولهذا يتخلَّفون كثيرًا عن الصلاة، التي لا يُرون فيها غالبًا، كصلاة العشاء، وصلاة الصبح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَلِيلاً} [البقرة (142) ] ، أي: في صلاتهم لا يخشعون، ولا يدرون ما يقولون، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون، وعما يراد بهم من الخير معرضون.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى الإِمام أحمد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس فيرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1616] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «قَالَ الله تَعَالَى: أنَا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الرياء من الشرك، وهو يحبط ثواب العمل الذي قارنه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/907) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1617] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ أَولَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعْمَتَهُ، فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ! وَقَرَأتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ؛ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأعْطاهُ مِنْ أصْنَافِ المَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلا أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ في النَّارِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«جَرِيءٌ» بفتح الجيم وكسر الراء والمد: أيْ شُجَاعٌ حَاذِقٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى:</span><br /><span style="font-size: x-large;">{مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود (15، 16) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/908) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1918] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن نَاساً قَالُوا لَهُ: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاَطِيننَا فَنَقُولُ لَهُمْ بِخِلاَفِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِندِْهِمْ؟ قَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفاقاً عَلَى عَهْدِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ما يكره من ثناء السلطان، وإذا خرج قال غير ذلك. وذكر الحديث. وحديث أبي هريرة: «إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس؛ لأن حاله حال المنافق. إذ هو متملق بالباطل وبالكذب، ومدخلٌ للفساد بين الناس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1619] وعن جُندب بن عبد اللهِ بن سفيان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ، وَمَنْ يُرائِي يُرائي اللهُ بِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه مسلم أَيضاً من رواية ابن عباس رضي الله عنهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«سَمَّعَ» بتشديد الميم، ومعناه: أظهر عمله للناس رِياءً. «سَمَّعَ اللهُ بِهِ» أيْ: فَضَحَهُ يَومَ القِيَامَةِ. ومعنى: «مَنْ رَاءى» أيْ: مَنْ أظْهَرَ لِلنَّاسِ العَمَلَ الصَّالِحَ لِيَعْظُمَ عِنْدَهُمْ. «رَاءى اللهُ بِهِ» أيْ: أظْهَرَ سَرِيرَتَهُ عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ولابن المبارك من حديث ابن مسعود: «من سمّع </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/909) </span><br /><span style="font-size: x-large;">سمَّع الله به، ومن رَاءى رَءاى الله به، ومن تطاول تعاظمًا خفضه الله، ومن تواضع تخشعًا رفعه الله» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب إخفاء العمل الصالح، لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل، مَنْ يظهره ليقتدى به، أو لينتفع به ككتابة العلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومنه حديث: «لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطبري: كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم، ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم ليقتدى بهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: فمن كان إمامًا يستن بعمله، عالمًا بما لله عليه، قاهرًا لشيطانه، استوى ما ظهر من عمله وما خفي، لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل. وعلى ذلك جرى عمل السلف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فمن الأول: حديث أنس قال: سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً يقرأ ويرفع صوته بالذكر فقال: «إنه أواب» . قال: فإذا هو المقداد بن الأسود. أخرجه الطبري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومن الثاني: حديث أبي هرير قال: قام رجل يصلي فجهر بالقراءة، فقال له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تسمعْني وأسْمِع ربك» . أخرجه أحمد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1620] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ - عز وجل - لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/910) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ» يَعْنِي: رِيحَهَا. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ والأحاديث في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد لمن تعلم العلم الشرعي لأجل الدنيا فقط.</span><br /><span style="font-size: x-large;">289- باب مَا يتوهم أنَّه رياء وليس هُوَ رياء</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1621] وعن أَبي ذرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ لِرسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أرَأيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنّ مَنْ أخلص العمل لله تعالى أطلق الله الألسنة بالثناء عليه، وأنه من جملة أولياء الله عزَّ وجلّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس (62، 64) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">290- باب تحريم النظر إِلَى المرأة الأجنبية</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ} [النور (30) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عمَّا حرَّم عليهم، فلا ينظروا إلا لما أباح لهم النظر إليه، وأنْ يغمضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرَّم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعًا. كما رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه من حديث جرير </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/911) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن نظرة الفجأة، فأمرني أنْ أصرف بصري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء (36) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: يسأل المرء عن سمعه، وبصره، وفؤاده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من شر سمعي، وشر بصري، وشر لساني، وشر قلبي، وشر منيِّي» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر (19) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتَهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمر به، وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا لحظ إليها، فإذا فطنوا غض بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض، وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ودَّ أنْ لو اطلع على فرجها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبكَ لَبِالمِرْصَادِ} [الفجر (14) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: يعني بحيث يرى، ويسمع، ويبصر ما تقول، وتفعل، وتهجس به العباد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يعني يرصد خلقه فيما يعملون ويجازي كلاً بعمله في الدنيا والأُخرى، وسيعرض الخلائق كلهم عليه، فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلاً بما يستحقه،، وهو المنزَّه عن الظلم والجور. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/912) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1622] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْن آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكُ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ: العَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِناهُ الكَلاَمُ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، والقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ» . متفق عَلَيْهِ. هَذَا لفظ مسلمٍ، ورواية البخاري مختصرَةٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: كل ما كتب الله على العبد وسبق في علمه القديم فلا يستطيع العبد من دفعه، إلا أنه يُلام إذا وقع فيما نهى الله عنه؛ لأن الله نهاه عن المحرمات، وأقدره على اجتنابها والتمسك بالطاعة، فلما وقع في المحرم الممنوع منه وقع في اللَّوْم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «العينان زناها النظر ... » إلخ. قال ابن بطال: أطلق على كل مما ذكر (زنًى) لكونه من دواعيه، وذلك كله من اللمم الذي تفضل الله بغفره إذا لم يكن للفرج تصديق بها، فإذا صدق الفرج كان ذلك كبيرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1623] وعن أَبي سعيد الخُدريِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيّاكُمْ والجُلُوس فِي الطُّرُقَاتِ» ! قالوا: يَا رسولَ الله، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ، نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإذَا أبَيْتُمْ إِلا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، والأمرُ بالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عنِ المُنْكَرِ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/913) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1624] وعن أَبي طلحة زيد بن سهل - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا قُعُوداً بالأفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ فِيهَا فَجَاءَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا لَكُمْ وَلِمَجَالسِ الصُّعُدَاتِ؟ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ» فقُلْنَا: إنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَأسٍ، قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ، وَنَتَحَدَّثُ. قَالَ: «إمَّا لا فَأَدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ البَصَرِ، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَحُسْنُ الكَلاَمِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الصُّعُدات» بضمِ الصاد والعين: أيْ الطُّرقَاتِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب ترك الجلوس في الطريق، وأن من جلس فعليه القيام بما ذكر من غض البصر عما لا يحل نظره، وكف الأذى بفعل أو قول، وإذا رأى ما يعجبه فليقل: ما شاء الله. ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وورد في بعض الأحاديث زيادات على ذلك، وجمعها بعض العلماء في أبيات، فقال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">جمعت آداب من رام الجلوس على الـ ... طريق من قول خير الخلق إنسانا</span><br /><span style="font-size: x-large;">أفشِ السلام، وأحسن في الكلام ... وشَمَِّت عاطسًا وسلامًا رُدَّ إحسانا</span><br /><span style="font-size: x-large;">في العمل عاون ومظلومًا أعنْ وأغث ... لهفانَ اهدِ سبيلاً واهد حيرانا</span><br /><span style="font-size: x-large;">بالعرف مر وانْه عن منكر وكف أذى ... وغضّ طرفًا وأكثر ذكر مولانا</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1625] وعن جرير - رضي الله عنه - قَالَ: سألت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن نَظَرِ الفَجْأَةِ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الفجأة: البغتة من غير قصد إلى النظر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى أبو داود عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي: «لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/914) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1626] وعن أُم سَلَمَة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: كنتُ عِنْدَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعندهُ مَيْمُونَة، فَأقْبَلَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ أنْ أُمِرْنَا بِالحِجَابِ فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «احْتَجِبَا مِنْهُ» فَقُلْنَا: يَا رسولَ اللهِ، ألَيْسَ هُوَ أعْمَى! لا يُبْصِرُنَا، وَلا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفَعَمْيَاوَانِ أنتُما أَلَسْتُمَا ... تُبْصِرَانِهِ» ؟! . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: فيه مبالغة في الستر لأمهات المؤمنين، لكريم مقامهن رضي الله عنهن. أما غيرهن من النساء فلا يجب عليها الحجاب لحضور الأعمى، وإنما حرم عليها النظر إليه إذا كان أجنبيًّا منها، ونظرُ عائشة إلى لعب الحبشة في المسجد، لم يكن لأبدانهم إنما هو للعبهم وآلاتهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1627] وعن أَبي سعيد - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلا المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلا تُفْضي المَرْأةُ إِلَى المَرْأَةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم النظر إلى العورات، ولو مع اتحاد الجنس، وكذا المباشرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">291- باب تحريم الخلوة بالأجنبية</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسْألُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ} [الأحزاب (53) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: أي من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/915) </span><br /><span style="font-size: x-large;">إلى امرأة من نساء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، منتقبة أو غير منتقبة. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما غيرهن من النساء، فالحجاب في حقهن مستحب لا واجب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1628] وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ!» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أفَرَأيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ!» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الحَمْو» : قَريبُ الزَّوْجِ كَأخِيهِ، وابْنِ أخِيهِ، وَابْنِ عَمِّهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «الحمو الموت» . قال النووي: المراد به في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه؛ لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم، وابن الأخت، ونحوهم ممن يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه. فشبّه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي، فإن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره. والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن، لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليها، بخلاف الأجنبي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1629] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَخْلُونَّ أَحَدكُمْ بامْرَأَةٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» . متفق عَليْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في رواية الطبراني والبيهقي: «لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا مع ذي محرم» . وأخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ: «لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/916) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1630] وعن بُريدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حُرْمَةُ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ القَاعِدِيْنَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ المُجَاهِدِينَ في أهْلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلا وَقَفَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَرْضى» ثُمَّ التَفَتَ إلَيْنَا رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقال: «مَا ظَنُّكُمْ» ؟ . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: غلظ إثم الخالف للمجاهد في أهله بالخيانة، وأنه يأخذ من حسناته ما شاء، وطبعُ الإِنسانِ الحرصُ، والظن أنه لا يترك من حسناته شيئًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">292- باب تحريم تشبه الرجال بالنساء</span><br /><span style="font-size: x-large;">وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1631] عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: لَعَنَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المخنثين: بصيغة اسم الفاعل، وبصيغة اسم المفعول من يشبه خلقه النساء في حركاته وكلماته وإنْ كان ذلك خلقيًّا فلا لوم عليه، وعليه تكلف إزالته، فإن تمادى عليه ولم يتكلف إزالته ذم. وإنْ كان بقصد منه وتكلف له فهو المذموم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن حبيب: المخنث هو المؤنث من الرجال، وإنْ لم تعرض منه الفاحشة، مأخوذ من التكسر في المشي ونحوه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «المتشبيهن من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/917) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قال القرطبي: المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في لبس وزينة مختصات بهن، ولا العكس. وقال ابن أبي جمرة: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبيه في كل شيء، لكن عرف من أدلة أخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوهما، إلا التشبه في أمور الخير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واللعن: يدل على أنَّ ما ذكر من الكبائر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والحكمة في لعن من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء، كما أشار إليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لعن الواصلات بقوله: «المغيرات خلق الله» . انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1632] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَعَنَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ المَرْأَةِ، والمَرْأَةَ تَلْبِسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد لمن لبس لباس المرأة تشبهًا بها، وكذا عكسه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1633] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صِنْفَانِ مِنْ أهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَومٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا ... وَكذَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">معنى «كَاسِيَاتٌ» أيْ: مِنْ نِعْمَةِ اللهِ «عَارِيَاتٌ» مِنْ شُكْرِهَا. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: تَسْتُرُ بَعْضَ بَدَنِهَا، وَتَكْشِفُ بَعْضَهُ إظْهاراً لِجَمَالِهَا وَنَحْوِهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/918) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَقِيلَ: تَلْبَسُ ثَوباً رَقِيقاً يَصِفُ لَوْنَ بَدَنِهَا. وَمَعْنَى «مائِلاَتٌ» ، قِيلَ: عَنْ طَاعَةِ اللهِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ حِفْظُهُ «مميلاَتٌ» أيْ: يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ فِعْلَهُنَّ المَذْمُومَ. وَقِيلَ: مَائِلاَتٌ يَمْشِينَ مُتَبَخْتِرَاتٍ، مُمِيلاَتٌ لأَكْتَافِهِنَّ، وقيلَ: مائلاتٌ يَمْتَشطنَ المِشْطَةَ المَيلاءَ: وهي مِشطةُ البَغَايا، و «مُميلاتٌ» يُمَشِّطْنَ غَيْرَهُنَّ تِلْكَ المِشْطَةَ. «رُؤوسُهُنَّ كَأسْنِمَةِ البُخْتِ» أيْ: يُكَبِّرْنَهَا وَيُعَظِّمْنَهَا بِلَفِّ عِمَامَةٍ أَوْ عِصَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» ، أي: يضربونهم ظلمًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«ونساء كاسيات عاريات» ، أي: يسترن بعض أبدانهن ويكشفن بعضها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«مائلات مميلات» ، أي: تشبهًا بالمختال من الرجال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: وهذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان في هذا الزمان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال القاضي عياض: «مائلات مميلات» ، أي: مائلات إلى الرجال مميلات بما يبدينه من زينتهن وغيرها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">293- باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1634] عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَأكُلُوا بِالشِّمَالِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأكُلُ بِالشِّمَالِ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/919) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن الأكل بالشمال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: التصريح بأن الشيطان يأكل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1635] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَأكُلَنَّ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ، وَلا يَشْرَبَنَّ بِهَا، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: النهي عن التشبه بالشيطان، فإنه لاستقذاره وخساسته يستعمل الخسيس في النفيس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1636] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارى لا يَصْبغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المُرَادُ: خِضَابُ شَعْرِ اللَّحْيَةِ والرَّأسِ الأبْيَضِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ؛ وأمَّا السَّوَادُ، فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في البَابِ بَعْدَهُ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب صبغ الشعر، وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصبغ شعره بالحناء والكتم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">294- باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1637] عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ والِدِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما، يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضاً. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «غَيِّرُوا هَذَا وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/920) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بتغير الشيب بالصبغ واجتناب السواد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب الخضاب. وذكر حديث أبي هريرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: الخضاب: تغيير لون مشيب الرأس واللحية. ولأحمد بسند حسن عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على مشيخة من الأنصار بيضٌ لحاهم، فقال: «يا معشر الأنصار، حمَّروا وصفَّروا، وخالفوا أهل الكتاب» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">إلى أن قال: «والأولى كراهة الصبغ بالسواد» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، فأجازه لها دون الرجل. انتهى. يعني إذا لم تدلس به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">295- باب النهي عن القَزَع</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض</span><br /><span style="font-size: x-large;">وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1638] عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: نهَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن القَزَعِ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1639] وعنه قَالَ: رأَى رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيّاً قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِ رَأسِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وقال: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوِ اتْرُكُوهُ ... كُلَّهُ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: وقد أجمع العلماء على كراهة القزع، إلا أنْ يكون لمداواة ونحوها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/921) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: واختلف في علة النهي، فقيل: لكونه يشوه الخلقة. وقيل لأنه زي الشيطان. وقيل: لأنه زي اليهود. وقد جاء هذا في رواية لأبي داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1640] وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمْهَلَ آلَ جَعْفَر ثَلاَثاً ثُمَّ أتَاهُمْ فَقَالَ: «لا تَبْكُوا عَلَى أخِي بَعْدَ اليَوْمِ» ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» فَجِيءَ بِنَا كَأنَّا أفْرُخٌ فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الحَلاقَ» فَأمرَهُ، فَحَلَقَ رُؤُوسَنَا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إباحة حلق رؤوس الصبيان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1641] وعن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ تَحْلِقَ المَرْأةُ رَأسَهَا. رواه النسائي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن حلق شعر رأس المرأة ما لم تدع إليه حاجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">296- باب تحريم وصل الشعر والوشم</span><br /><span style="font-size: x-large;">والوشر وهو تحديد الأسنان</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَاناً مَرِيداً * لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} الآية [النساء (117، 119) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ} ، يعني: تشقيقها، وجعله سِمَةً وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/922) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عكرمة: فليغيرن خلق الله بالخصاء، والوشم، وقطع الآذان، حتى حرم بعضهم الخصاء، وجوزه بعضهم في البهائم؛ لأنَّ فيه غرضًا ظاهرًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: خَلْقُ الله: دين الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحَرَّمَت عليهم ما أحللت لهم» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1642] وعن أسماءَ رضي الله عنها: أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الحَصْبَةُ، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، وإنّي زَوَّجْتُهَا، أفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «الوَاصِلَةَ، والمُسْتوْصِلَةَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْلُهَا: «فَتَمَرَّقَ» هو بالراءِ ومعناهُ: انْتَثَرَ وَسَقَطَ. «وَالوَاصِلَةُ» : التي تَصِلُ شَعْرَهَا، أو شَعْرَ غَيْرِهَا بِشَعْرٍ آخَرَ. «وَالمَوْصُولَةُ» : التي يُوصَلُ شَعْرُهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«والمُسْتَوْصِلَةُ» : التي تَسْألُ مَنْ يَفْعَلُ ذلك لها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن عائشة رضي الله عنها نَحوهُ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ وصل الشعر من الكبائر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1643] وعن حُميدِ بنِ عبد الرحْمنِ: أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - عامَ حَجَّ على المِنْبَرِ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ في يَدِ حَرَسِيٍّ فَقَالَ: يَا أهْلَ المَدِينَةِ أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟! سَمِعتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/923) </span><br /><span style="font-size: x-large;">هذِهِ، ويقُولُ: «إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حينَ اتَّخَذَ هَذِه نِسَاؤُهُمْ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: اعتناء الخلفاء وسائر ولاة الأمور بإنكار المنكر، وإشاعة إزالته، وتوبيخ من أهمل إنكاره ممن يتوجه عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: حسن التحذير، فإن السعيد من وعظ بغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: معاقبة العامة بظهور المنكر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1644] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الوشم من الكبائر، والرجل في ذلك كالمرأة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1645] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ والمُسْتَوشِمَاتِ وَالمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ الله، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ في ذَلِكَ فَقَالَ: وَمَا لِي لا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ؟ قالَ اللهُ تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر (7) ] . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المُتَفَلِّجَةُ هيَ: الَّتي تَبْرُدُ مِنْ أسْنَانِهَا لِيَتَبَاعَدَ بَعْضُهَا منْ بَعْضٍ قَلِيلاً، وتُحَسِّنُهَا وَهُوَ الوَشْرُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَالنَّامِصَةُ: [هِيَ] الَّتي تَأخُذُ مِنْ شَعْرِ حَاجِبِ غَيْرِهَا، وتُرَقِّقُهُ لِيَصِيرَ حَسَناً. وَالمُتَنَمِّصَةُ: الَّتي تَأمُرُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أنَّ هذه المذكورات من الكبائر. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/924) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: هذا الفعل حرام على الفاعلة وعلى المفعول بها، لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله، ومحله إن فعلته للحُسْن. أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب فلا بأس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري في كتاب اللباس: باب وصل الشعر. وذكر حديث معاوية، وأبي هريرة، وعائشة، وأسماء، وابن عمر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: وتناول قُصَّة من شعر. القُصَّة: الخصلة من الشعر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قتادة عند مسلم: نهى عن الزور. قال قتادة: يعني ما تكثر به النساء أشعارهن من الخِرَق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا الحديث حجة للجمهور، ويؤيده حديث جابر: زجر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تصل المرأة بشعرها شيئًا آخر. أخرجه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وذهب الليث، ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء: أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها، فلا يدخل في النهي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج أبو داود بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقرامل. وبه قال أحمد. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">297- باب النهي عن نتف الشيب من اللحية</span><br /><span style="font-size: x-large;">والرأس وغيرهما، وعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1646] عن عمرو بن شعيب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ؛ فَإنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ يَوْمَ القِيَامَةِ» </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/925) </span><br /><span style="font-size: x-large;">حديث حسن، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي بأسانيد حسنة، قال الترمذي: ... (هو حديث حسن) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن نتف الشيب. وعند أحمد: «لا تنتفوا الشيب فإنه نور الإسلام ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام، إلا كتب الله له بها حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها خطيئة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1647] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ علَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي أنْ يعتنى بحفظه، واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به كذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">298- باب كراهية الاستنجاء باليمين</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومس الفرج باليمين عند الاستنجاء من غير عذر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1648] وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا بَالَ أَحَدُكُمْ، فَلا يَأخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلا يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ، وَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإنَاءِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن إمساك الذكر باليمين عند البول. وعن إزالة الأذي باليمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: النهي عن التنفس في الإناء، أي: داخله؛ لأن التنفس فيه مستقذر، وربما أفسد على غيره. وأما إذا أبانَ الإِناء، وتنفس خارجه فهو السنة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/926) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت يد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه، وما كان من أذى. رواه أبو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">299- باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد</span><br /><span style="font-size: x-large;">لغير عذر وكراهة لبس النعل والخف قائماً لغير عذر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1649] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يَمشِ أحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعاً، أو لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعاً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أو لِيُحْفِهِمَا جَمِيعاً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن المشي في النعل الواحدة؛ لما فيه من التشويه والمثلة، ومخالفة الوقار، ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى، فيعسر مشيه وربما كان سببًا لعثاره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1650] وعنه قال: سمعت رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إذا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكمْ، فَلا يَمْشِ في الأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا» . رواهُ مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الشِسْعُ: أحد السيور الذي في صدر النعل المشدودة في الزمام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والزمام: هو السير الذي يعقد فيه الشِّسْع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1651] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِماً. رواه أبو داود بإسناد حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: محمول على ما إذا احتاج في الانتعال إلى الاستعانة باليد في إدخال سيورها في الرِّجل، لئلا يصير حينئذٍ على هيئة قبيحة، أما إذا لم يحتج </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/927) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه إلى الاستعانة بها، فلا كراهة في ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">300- باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم</span><br /><span style="font-size: x-large;">ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1652] عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن ترك النار في البيت عند النوم، لئلا يشتعل البيت على صاحبه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1653] وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَأنِهِم، قالَ: «إنَّ هذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإذا نِمْتُمْ، فَأطْفِئُوهَا» متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: حكمة النهي وهي خشية الاحتراق</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إنَّ هذه النار عدو لكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في رواية البخاري: «إن هذه النار إنما هي عدو لكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: هكذا أورده بصيغة الحصر مبالغة في تأكيد ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن العربي: معنى كون النار عدوَّا لنا، أنها تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدو، وإن كانت لنا بها منفعة، لكن لا يحصل لنا منها إلا بواسطة، فأطلق أنها عدو لنا، لوجود معنى العداوة فيها. والله أعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1654] وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «غَطُّوا الإنَاءَ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ. وَأطْفِئُوا السِّرَاجَ، فإنَّ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/928) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الشَّيْطَانَ لا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلا يَفْتَحُ بَاباً، وَلا يَكْشِفُ إنَاءً. فإنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلا أنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُوداً، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَل، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أهْلِ البَيْتِ بَيْتَهُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الفُويْسِقَةُ» : الفَأرَةُ، «وَتُضْرِمُ» : تُحْرِقُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في رواية البخاري: «خمروا الآنية، وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، فإن الفويسقة ربما جرَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار فعليه أنْ يطفئها قبل نومه، أو يفعل بها ما يؤمن به الاحتراق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكذا إن كان في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم، وأحقهم بذلك آخرهم نومًا، فمن فرّط في ذلك كان للسنَّة مخالفًا، ولأدائها تاركًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثم أورد حديث ابن عباس، قال: جاءت فأرة فَجَرَّت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا نمتم فأطفئوا سراجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن دقيق العيد: إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جرِّ الفويسقة الفتيلة، فمقتضاه أنَّ السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة لا يمنع إيقاده. وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقًا فقد يتطرق منها مفسدة أخرى غير جرِّ الفتيلة، كسقوط شيء من السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه، فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك، فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الإِحراق فيزول الحكم بزوال علته. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية، حراسة الأنفس </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/929) </span><br /><span style="font-size: x-large;">والأموال، من أهل العبث والفساد، ولاسيما الشياطين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن ذكر اسم الله تعالى يطرد الشيطان، كما ورد في الرواية الأخرى: «خَمِّر إناءك واذكر اسم الله، وأغلق بابك واذكر اسم الله» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">301- باب النهي عن التكلف</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص (86) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى لنبيّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قُلْ يَا محمد لهؤلاء المشركين {مَا أَسْأَلُكُمْ} على هذا البلاغ، وهذا النصح أجرًا تعطونيه من أموالكم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">{وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} ، أي: ما أزيد على ما أرسلني الله به، ... {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام (19) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1655] وعن عمر - رضي الله عنه - قال: نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">التكلف: كل فعل أو قول لا مصلحة فيه، وهو مضر بالعقل أو البدن، أو الدِّين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1656] وعن مسروقٍ، قال: دَخَلْنَا على عبدِ اللهِ بْنِ مَسعُودٍ - رضي الله عنه - فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلْيَقُلْ: اللهُ أعْلَمُ، فَإنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لا يَعْلَمُ: اللهُ أعْلَمُ. قالَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/930) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص (86) ] . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وقوله: «إن من العلم أنْ يقول لما لا يعلم: الله أعلم» ، أي: أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم، وهذا مناسب لما اشتهر من أن القول فيما لا يعلم، قسم من التكلف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">302- باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب</span><br /><span style="font-size: x-large;">ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثبور</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1657] عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي روايةٍ: «مَا نِيحَ عَلَيْهِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الميت يعذب بنياحة أهله عليه، إذا كان النوح من عادتهم، ولا أوصاهم بتركه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1658] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد لمن فعل ما ذكر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمراد بدعوى الجاهلية: ما يقولونه عند موت الميت، كقولهم: واجبلاهُ، واسنداهْ واسيداه، والدعاء بالويل والثبور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره. وكأن </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/931) </span><br /><span style="font-size: x-large;">السبب في ذلك مَا تَضَمَّنَهُ من عدم الرضا بالقضاء، فإن وقع التصريح بالاستحلال فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1659] وَعَنْ أبي بُرْدَةَ قال: وَجعَ أبو مُوسَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَرَأسُهُ فِي حِجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أهْلِهِ، فَأَقْبَلَتْ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئاً، فَلَمَّا أفَاقَ قَالَ: أنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيءٌ مِنَ الصَّالِقَةِ، والحَالِقَةِ، والشَّاقَّةِ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الصَّالِقَةُ» : الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالنِّيَاحَةِ والنَّدْبِ. «وَالحَالِقَةُ» : الَّتِي تَحْلِقُ رَأسَهَا عِنْدَ المُصِيبَةِ. «وَالشَّاقَّةُ» : الَّتي تَشُقُّ ثَوْبَهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: الصالقة: التي ترفع صوتها بالبكاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: دليل على تحريم هذه الأفعال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1660] وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ يَومَ القِيَامَةِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">إذا كان النوح من سنته، لقوله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم (6) ] . وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته» . فإذا لم يكن من سنته فهو كما قالت عائشة رضي الله عنها: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ} [الأنعام (164) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهو كقوله: {وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} ذنوبًا {إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر (18) ] ، وما يرخص من البكاء في غير نَوْح. وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تقتل نفس ظلمًا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/932) </span><br /><span style="font-size: x-large;">إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها؛ لأنه أول من سنّ القتل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1661] وعن أُمِّ عَطِيَّةَ نُسَيْبَةَ - بِضَمِّ النون وفتحها - رضي الله عنها، قالت: أخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِندَ البَيْعَةِ أنْ لا نَنُوحَ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ما ينهى من النوح والبكاء، والزجر عن ذلك. وذكر حديث عائشة في قصة قتل جعفر. وحديث أم عطية ولفظه: أخذ علينا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك، قال ابن المنير: عطف الزجر على النهي للإشارة إلى المؤاخذة الواقعة في الحديث، بقوله: «فاحثُ في أفواههن التراب» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي حديث أم عطية مصداق ما وصفه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنهن ناقصات عقل ودين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1662] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: أُغْمِيَ عَلَى عَبدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ - رضي الله عنه -، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي، وَتَقُولُ: وَاجَبَلاهُ، ... وَاكَذَا، وَاكَذَا: تُعَدِّدُ عَلَيْهِ. فقالَ حِينَ أفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئاً إلا قِيلَ لِي أنْتَ كَذَلِكَ؟! . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: بيان صورة تعذيب من لم يرض بالنوح، بل يقال له ذلك على سبيل التقريع والتوبيخ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/933) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1663] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: اشْتَكَى سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ - رضي الله عنه - شَكْوَى، فَأتاهُ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ مَعَ عَبدِ الرَّحمنِ بْنِ عَوفٍ، وَسَعْدِ بن أبي وقَّاصٍ، وعبدِ اللهِ بن مسعودٍ - رضي الله عنهم -. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَجَدَهُ في غَشْيَةٍ فَقالَ: «أقَضَى؟» قالوا: لا يا رسول اللهِ، فَبكَى رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَوْا، قال: «ألا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا» - وَأشَارَ إلَى لِسَانِهِ - أو يَرْحَمُ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أنَّ البكاء والحزن الخاليين عن التضجر والتبرم بالقدر لا عقاب فيهما، وأنَّ العقاب والثواب يتعلق باللسان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1664] وعن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَومَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِربَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد للنائحة، وأنَّ النوح من كبائر الذنوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1665] وعن أَسِيد بن أبي أَسِيدٍ التابِعِيِّ، عن امْرَأةٍ مِنَ المُبَايِعاتِ، قالت: كان فِيما أخَذَ عَلَيْنَا رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَعْرُوفِ الَّذِي أخَذَ عَلَيْنَا أنْ لا نَعْصِيَهُ فِيهِ: أنْ لا نَخْمِشَ وَجْهَاً، وَلا نَدْعُوَ وَيْلاً، وَلا نَشُقَّ جَيْباً، وأنْ لا نَنْثُرَ شَعْراً. رواه أبو داود بإسناد حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قولها: ولا ندع ويلاً، أي: كأنْ تقول: يا ويلاه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/934) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1666] وعن أبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِمْ فَيَقُولُ: وَاجَبَلاَهُ، واسَيِّدَاهُ، أو نَحْوَ ذلِكَ إلا وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ: أهكَذَا كُنْتَ؟» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«اللَّهْزُ» : الدَّفْعُ بِجُمْعِ اليَدِ فِي الصَّدْرِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: أهكذا كنت. يقولان له ذلك تقريعًا وتوبيخًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1667] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تغليظ تحريم النياحة، والطعن في النسب الثابت شرعًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">303- باب النَّهي عن إتيان الكُهّان</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمنجِّمين والعُرَّاف وأصحاب الرمل</span><br /><span style="font-size: x-large;">والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1668] عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سأل رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ: «لَيْسُوا بِشَيءٍ» فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أحْيَاناً بِشَيءٍ، فَيَكُونُ حَقّاً؟ فقالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مئَةَ كَذْبَةٍ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنَّها سمعتْ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/935) </span><br /><span style="font-size: x-large;">رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّماءِ، فَيَسْتَرِقُ الشَّيْطَانُ السَّمْع، فَيَسْمَعُهُ، فَيُوحِيَهُ إلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَولُهُ: «فَيَقُرُّهَا» هو بفتح الياء وضم القاف والراء، أي: يُلْقِيها، «والعَنانِ» بفتح العين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الكاهن: من يخبر عن المغيبات، والتنجيم: نوع من الكهانة. والعرافة: نوع من التنجيم، وأصحاب الرمل والطوارق من الكهان، وقد كذبهم الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: هؤلاء الكهان فيما عُلم بشهادة الامتحان قومٌ لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطبائع نارية، فهم يفزعون إلى الجن في أمورهم، ويستفتونهم في الحوادث، فيلقون إليهم الكلمات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فقال: ليس بشيء» ، أي: ليس قولهم بشيء يعتمد عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «فَيقرَّها» بفتح أوله وثانيه وتشديد الراء، أي: يصبها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «فيقرقرها» ، أي: يرددها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: بقاء استراق الشياطين السمع، لكنه قل وندر حتى كاد يضمحل بالنسبة لما كانوا فيه من الجاهلية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: النهي عن إتيان الكهان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: يجب على من قدر على ذلك من محتسب وغيره، أن يقيم من يتعاطى شيئًا من ذلك من الأسواق، وينكر عليهم أشد النكر، وعلى من يجيء إليهم، ولا يغتر بصدقهم في بعض الأمور، ولا بكثرة من يجيء إليهم ممن ينسب إلى العلم، فإنهم غير راسخين في العلم، بل من الجهال لما فيه في إتيانهم من المحذور. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/936) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1669] وعن صَفِيَّةَ بِنتِ أبي عُبيدٍ، عن بعض أزواجِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورَضِيَ اللهُ عنها، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أرْبَعِينَ يَوماً» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">العرَّاف: من جملة أنواع الكُهَّان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي وغيره: العرَّاف: الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق، ومكان الضالة. ونحوهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» . قال الشارح: لأنه لا ثواب له فيها وإن كانت مجزئةً في سقوط الَفرْضِ عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1670] وعَنْ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «العِيَافَةُ، وَالطِّيَرَةُ، والطَّرْقُ، مِنَ الجِبْتِ» . رواه أبو داود بإسناد حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال: «الطَّرْقُ» هُوَ الزَّجْرُ: أيْ زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أنْ يَتَيَمَّنَ أو يَتَشَاءمَ بِطَيَرَانِهِ، فإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَمِين، تَيَمَّنَ، وإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَسَارِ، تَشَاءمَ. قال أبو داود: «والعِيَافَةُ» : الخَطُّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قالَ الجَوْهَريُّ في الصِّحَاحِ: الجِبْتُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الصَّنَمِ وَالكاهِنِ والسَّاحِرِ وَنَحْوِ ذلِكَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «من الجبت» . قال الشارح: أي: من الكفر، إن استحل ذلك أو من السحر والكهانة وقد حذّر منها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/937) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1671] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجُوم، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ ما زَادَ» . رواه أبو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «من اقتبس علمًا من النجوم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: أي: ما ينشأ من الحوادث عن سيرها، أمّا علمُ الوقت والقبلة فليسا مرادين هنا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فقد اقتبس شعبة» ، أي: قطعة من السحر، أي: وهو من باب الكبائر، وقد يكون كفرًا. «زاد» : أي: من السحر. «ما زاد» : أي: من علوم النجوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابِّي: علم النجوم المنهي عنه: هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع، وستقع في مستقبل الزمان، كأوقات هبوب الرياح، ومجيء المطر، وتغيير السعر، وما في معناها مما يزعمون إدراكه من الكواكب في مجاريها وافتراقها، ويدعون أنَّ لها تأثيرًا في السلفيات، وأنها تجري على ذلك، وهذا منهم تحكم على الغيب، وتعاطٍ لعلم قد استأثر الله تعالى به، لا يعلم الغيب سواه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما علم النجوم الذي يدرك بالمشاهدة والخبر، كالذي يعرف به الزوال، ويعلم به جهة القبلة، فغير داخل فيما نهي عنه؛ لأن مدار ذلك على ما يشاهد من الظل في الأول، والكواكب في الثاني. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1672] وعن مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسُولَ اللهِ إنِّي حديثُ عَهْدٍ بالجاهِليَّةِ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ تَعَالَى بالإسْلاَمِ، وإنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأتُونَ الكُهَّانَ؟ قال: «فَلا تأتِهِمْ» </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/938) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلا يَصُدُّهُمْ» قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟ قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم المجيء إلى الكهان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: «ذلك شيء يجدونه في صدورهم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: أي أمر خلقي بحسب الطبع، لا يكلفون برفعه، إنما يكلفون أن لا يعملوا بقضيته، كما قال: فلا يصدهم، أي لا يعيقهم ذلك عما خرجوا له، فإن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، ولا أثر لغيره في شيء ألبتة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: ومنا رجال يخطّون؟ قال: «كان نبِيٌّ من الأنبياء يخط فمن وافق خطة فذاك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في النهاية: قال ابن عباس: الخط: هو الذي يخطه الحازي، وهو علم قد تركه الناس، يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانًا، فيقول له: اقعد حتى أخط لك. وبين يدي الحازي غلام له معه ميل، ثم يأتي إلى الأرض رخوة فيخط فيها خطوطًا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين، وغلامه يقول للتفاؤل: ابنَيْ عيان أسرعا البيان، فإن بقي خطان فهما علامة النجح، وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الحربي: الخط: هو أن يخط ثلاثة خطوط، ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى، ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكهانة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قلت: الخط المشار إليه علم معروف، وللناس فيه تصانيف كثيرة، وهو معمول به إلى الآن، ولهم فيه أوضاع، واصطلاح، وأسام. وعمل كثير، ويستخرجون به الضمير وغيره، وكثيرًا ما يصيبون فيه. انتهى كلام النهاية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الخطابي: الكهانة على أصناف، منها ما يتلقونه من الجن، إلى أنْ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/939) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: ثالثها: ما يستند إلى ظن، وتخمين، وحدث، فهذا قد يجعل الله فيه لبعض الناس قوة، مع كثرة الكذب فيه. رابعها: ما يستند إلى التجربة والعادة، فيستدل على الحادث بما وقع قبل ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومن هذا القسم الأخير ما يضاهي السحر، وقد يعْتضد بعضهم في ذلك بالزجر، والطرق، والنجوم، وكل ذلك مذموم شرعًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الخطابي أيضًا: وأما قوله: «فمن وافق خطه فذاك» . فقد يحتمل أنْ يكون معناه الزجر عنه إذا كان من بعده لا يوافق خطه، ولا ينال حظه من الصواب؛ لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبي، فليس لمن بعده أنْ يتعاطاه طمعًا في نيله. والله أعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1673] وعن أَبي مَسعودٍ البدريِّ - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكاهِنِ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «نهى عن ثمن الكلب» . قال الحافظ: ظاهر النهي تحريم بيعه، وهو عام في كل كلب؛ معلمًا كان أو غيره، مما يجوز اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازمِ ذلك أنْ لا قيمة على متلفه وبذلك قال الجمهور. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره. لما روى النسائي عن جابر، قال: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ثمن الكلب إلا كلب صيد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومهر البغي» : هو ما تُعْطاه على الزنى، وسُمِّي مهرًا على سبيل المجاز، وهو حرام؛ لأنه في مقابلة حرام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «وحلوان الكاهن» : وهو ما يعطاه على كهانته. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/940) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: هو حرام بالإجماع لما فيه من أخذ العوض على أمر باطل. وفي معناه التنجيم، والضرب بالحصا، وغير ذلك مما يتعاطاه العرافون من استطلاع الغيب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والكهانة: ادّعاء علم الغيب، كالإخبار بما سيقع في الأرض مع الاستناد إلى سبب، والأصل فيه استراق الجني السمع من كلام الملائكة، فيلقيه في أُذن الكاهن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والكاهن: لفظ يطلق على العرّاف، والذي يضرب بالحصا، والمنجم، ويطلق على من يقوم بأمر آخر، ويسعى في قضاء حوائجه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الخطابيِّ: الكهنة: قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطباع نارية، فأَلِفَتْهم الشياطين لما بينهم من التناسب في هذه الأمور، وساعدتهم بكل ما تصل قدرتهم إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">304- باب النهي عن التَّطَيُّرِ</span><br /><span style="font-size: x-large;">فِيهِ الأحاديث السابقة في الباب قبله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الطَّيَرَة: هي التشاؤم بالشَّيْء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأصل التطيُّر أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لأمر، فإن رأى الطير طار يمنة تيمَّن به، واستمر. وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع. وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك، وكانوا يسمونه: السانح والبارح. فالسانح: ما ولاك ميامنه. والبارح: بالعكس. وكانوا يتيمَّنون بالسانح، ويتشاءمون بالبارح؛ لأنَّه لا يمكن رميه إلا بأن ينحرف إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقتضي ما اعتقدوه، وإنما هو </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/941) </span><br /><span style="font-size: x-large;">تكلف بتعاطي ما لا أصل له، إذْ لا نطق للطير ولا تميز. وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر الطير ويتمدح بتركه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال شاعر منهم:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... الزجر والطير والكهان كلهم ... مضللون ودون الغيب أقْفال</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال آخر:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكان أكثرهم يتطيَّرون ويعتمدون على ذلك، ويصح معهم غالبًا لتزيين الشيطان ذلك، وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أنس رفعه: «لا طيرة، والطيرة على من يتطير» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج عبد الرازق عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثلاثة لا يَسْلَمُ منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد، فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغِ، وإذا ظننت فلا تحقق» . انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1674] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُني الفَألُ» قالُوا: وَمَا الفَألُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1675] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ. وإنْ كَانَ الشُّؤمُ في شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، والفَرَسِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب لا عدوى. وذكر حديث ابن عمر، وأنس. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/942) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث أبي هريرة: «لا توردوا الممرض على المُصِحِّ» . وحديثه أيضًا: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا عدوى» . فقام أعرابي فقال: أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء، فيأتيها البعير الأجرب فتجرب؟ قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فمن أعدى الأول» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال أيضًا: باب الجذام. وذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأخرج مسلم من حديث عمرو بن الشريد الثقفي عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنا قد بايعناك فارجع» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عياض: اختلفت الآثار في المجذوم، فجاء ما تقدم عن جابر: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكل مع مجذوم، وقال: «ثقةً بالله، وتوكلاً عليه» . قال: مذهب عمر وجماعة من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والصحيح الذي عليه الأكثر ويتعين المصير إليه أنْ لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحملِ الأمر باجتنابه والفرارِ منه على الاستحباب والاحتياط، والأكل معه على بيان الجواز.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال القرطبي: إنما نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إيراد الممرض على المصح، مخافةَ الوقوع، فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد العدوى، أو مخافة تشويش النفوس، وتأثير الأوهام، وهو نحو قوله: «فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد» . وإنْ كنا نعتقد أنَّ الجذام لا يُعْدي، لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/943) </span><br /><span style="font-size: x-large;">حتى لو أكره إنسان نفسه على القرب منه وعلى مجالسته لتأذّت نفسه بذلك، فحينئذ فالأولى للمؤمن أنْ لا يتعرض إلى ما يحتاج فيه إلى مجاهدة، فيجتنب طرق الأوهام، ويباعد أسباب الآلام، مع أنه يعتقد أنْ لا ينجي حذرٌ من قدر. والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل» . قالوا: وما الفأل؟ قال: «كلمة طيبة» . «وإنْ كان الشؤم في شيء، ففي الدار، والمرأة، والفرس» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: خص هذه الثلاث بالذكر لطول ملازمتها، ولأنها أكثر ما يتطير به الناس، فمن وقع في نفسه منها شيء تركه، واستبدل به غيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وللحاكم: «ثلاث من الشقاء: المرأة تراها تسوؤك، أو تحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفًا فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تلحق أصحابك. والدار تكون ضيقة قليلة المرافق» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1676] وعن بُريْدَةَ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَتَطَيَّرُ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: كان لا يتطير، أي: من أي شيء، بل يتوكل على الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1677] وعن عُروة بن عامر - رضي الله عنه - قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالَ: «أحْسَنُهَا الفَألُ. وَلا تَرُدُّ مُسْلِماً فإذا رَأى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ، فَليْقلْ: اللَّهُمَّ لا يَأتِي بِالحَسَناتِ إلا أنْتَ، وَلا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلا أنْتَ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِكَ» . حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/944) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب الفأل. وذكر حديث أبي هريرة قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا طيرة. وخيرها الفأل» . قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟! قال: ... «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث أنس عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأخرج ابن ماجة بسند حسن عن أبي هريرة رفعه: كان يعجبه الفأل، ويكره الطيرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج الترمذي من حديث حابس التميمي أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ... «العين حق، وأصدق الطيرة الفأل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: الفرق بين الفأل والطيرة. أنَّ الفأل من طريق حُسن الظن بالله، والطيرة لا تكون إلا في السوء، فلذلك كُرهت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة، والأنس بها، كما جعل فيهم الارتياح بالنظر الأنيق، والماء الصافي، وإنْ كان لا يملكه، ولا يشربه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج الترمذي وصححه من حديث أنس: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا خرج لجاجته يعجبه أنْ يسمع يا نجيح، يا راشد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج أبو داود بسند حسن عن بريدة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملاً يسأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به، وإن كره اسمه رؤي كراهة ذلك في وجهه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الطيبي: معنى الترخص في الفأل، والمنع من الطيرة، لو رأى شيئًا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/945) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فظنه حسنًا محرضًا على طلب حاجته فليفعل ذلك، وإن رآه بضد ذلك فلا يقبله، بل يمضي لسبيله، فلو قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بأن تستعمل في الشؤم، والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">305- باب تحريم تصوير الحيوان</span><br /><span style="font-size: x-large;">في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم</span><br /><span style="font-size: x-large;">أو دينار أو مخدة أو وسادة وغير ذلك</span><br /><span style="font-size: x-large;">وتحريم اتخاذ الصور في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1678] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ الَّذينَ يَصْنَعُونَ هذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم التصوير، وأنه من كبائر الذنوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1679] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وقال: «يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِندَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ!» قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«القِرامُ» بكسرِ القاف هو: السِّتْرُ. «وَالسَّهْوَةُ» بفتح السينِ المهملة وهي: الصُّفَّةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البَيْتِ، وقيلَ: هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ في الحائِطِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم استعمال الصور، ولو كانت غير مجسمة، وجواز استعمالها إذا قطعت. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/946) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1680] وعن ابن عباس رضي اللهُ عنهما، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ فَيُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ» . قال ابن عباس: فإنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلاً، فَاصْنعِ الشَّجَرَ وَمَا لا رُوحَ فِيهِ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز تصوير ما لا روح فيه من الشجر، والأبنية ونحوها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1681] وعنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا، كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">تكليفه بنفخ الروح فيما صور، تعجيزًا له، وتوبيخًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1682] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: إنما عظمت عقوبة المصور؛ لأن الصور كانت تعبد من دون الله، ولأن النظر، إليها يفتن، وبعض النفوس إليها تميل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1683] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «قال اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/947) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: المراد بالذرة: النملة، والغرض تعجيزهم تارة بتكليفهم خلق حيوان، وهو أشد، وأخرى بتكليفهم خلق الجماد وهو أهون، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1684] وعن أبي طلحة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها روح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1685] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وَعَدَ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِبْرِيلُ أنْ يَأتِيَهُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبريلُ فَشَكَا إلَيهِ، فَقَالَ: إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ. رواهُ البُخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«راث» : أبْطَأَ، وهو بالثاء المثلثة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: واختلف في المعنى الذي في الكلب، حتى منع الملائكة من دخول البيت الذي هو فيه، فقيل: لكونها منجسة العين، وقيل: لكونها من الشياطين , وقيل: لأجل النجاسة التي تتعلق بها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1686] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: واعدَ رسولَ الله ِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/948) </span><br /><span style="font-size: x-large;">جبريلُ عليهِ السَّلامُ، في سَاعَةٍ أنْ يَأتِيَهُ، فَجَاءتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأتِهِ! قَالَتْ: وَكَانَ بِيَدِهِ عَصاً، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «ما يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلا رُسُلُهُ» ثُمَّ التَفَتَ، فإذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ. فقالَ: «يا عائشة! مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلْبُ؟» فَقُلْتُ: واللهِ مَا دَرَيْتُ بِهِ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام -، فقال رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأتِني» فقالَ: «مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذِي كانَ في بَيْتِكَ، إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وحديث أبي هريرة في السنن، وصححه الترمذي، وابن حبان أتم سياقًا ولفظه،: أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أنْ أكون دخلت، إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه ثماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي على الباب يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فيقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1687] وعن أبي الهَيَّاجِ حَيَّانَ بِن حُصَيْنٍ، قال: قال لي عَليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ألا أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أن لا تَدَعَ صُورَةً إلا طَمَسْتَهَا، وَلا قَبْراً مُشْرفاً إلا سَوَّيْتَهُ. رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/949) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وجوب طمس الصور، وهدم القبور المشرفة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب نقض الصور. وذكر حديث عائشة، أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب، إلا نقضه. وحديث أبي هريرة: «ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة» . الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والذي يظهر أنه استنبط نقض الصور التي تشترك مع الصليب في المعنى، وهو عبادتهم من دون الله، فيكون المراد بالصور في الترجمة خصوصًا ما يكون من ذوات الأرواح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: في هذا الحديث دلالة على أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينقض الصورة، سواءً كانت ممّا له ظل، أم لا، وسواء كانت مما توطأ أم لا، سواء في الثياب، وفي الحيطان، وفي الفرش، والأوراق وغيرها. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">306- باب تحريم اتخاذ الكلب إلا</span><br /><span style="font-size: x-large;">لصيد أو ماشية أو زرع</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1688] عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْباً إلا كَلْبَ صَيْدٍ أوْ مَاشِيَةٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطَانِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «قِيرَاطٌ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1689] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أمْسَكَ كَلْباً، فَإنَّهُ ينْقُصُ كُلَّ يَومٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إلا كَلْبَ حَرْثٍ أوْ مَاشِيَةٍ» . متفق عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/950) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «مَنْ اقْتَنَى كَلْباً لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أرْضٍ، فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عبد البر: في هذا الحديث إباحة اتخاذ الكلاب للصيد والماشية، وكذلك الزرع، وكراهة اتخاذها لغير ذلك، إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر اتخاذها، لجلب المنافع ودفع المضار قياسًا، فتتمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة، لما فيه من ترويع الناس وامتناع دخول الملائكة لِلْبَيْتِ الذي هو فيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">307- باب كراهية تعليق الجرس في البعير</span><br /><span style="font-size: x-large;">وغيره من الدواب</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكراهية استصحاب الكلب</span><br /><span style="font-size: x-large;">والجرس في السفر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1690] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أوْ جَرَسٌ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1691] وعنه: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل. وذكر حديث أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه، أنه كان مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض أسفاره، فأرْسِل رسولك: «لا تبقينَّ في رقبة بعير قلادة، من وتَر أو قلادة إلا قطعت» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل، أي: من الكراهة. وقيّده بالإبل لورود الخبر فيها بخصوصها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/951) </span><br /><span style="font-size: x-large;">والذي يظهر: أنَّ البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني بلفظ: «لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع» . ولا فرق بين الإبل وغيرها في ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد روى أبو داود والنَّسائي من حديث أبي وهب رفعه: «اربطوا الخيل وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار» . فدل على أن الاختصاص للإبل، فلعل التقييد بها في الترجمة للغالب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى مسلم عن أبي هريرة رفعه: «الجرس مزمار الشيطان» . وهو دال على أنَ الكراهة فيه لصوته؛ لأن فيها شبهًا بصوت الناقوس وشكله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي وغيره: الجمهور على أنَّ النهي للكراهة، وأنها كراهة تنزيه، وقيل: للتحريم. وقيل: يمنع منه قبل الحاجة، ويجوز إذا وقعت الحاجة. وعن مالك: تختص الكراهة من القلائد بالوتر، ويجوز بغيرها إذا لم يقصد دفع العين، هذا كله في تعليق التمائم وغيرها، مما ليس فيه قرآن ونحوه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به، والتعوذ بأسمائه، وذكره. وكذلك لا نهي عما يُعَلَّق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء، أو السرف، واختلفوا في تعلق الجرس أيضًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثالثها: يجوز بقدر الحاجة. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">308- باب كراهة ركوب الجَلالة</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرَة</span><br /><span style="font-size: x-large;">فإنْ أكلت علفاً طاهراً فطاب لَحمُهَا، زالت الكراهة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1692] عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهَى رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الجَلالَةِ في الإبِلِ أنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا. رواه أبو داود بإسناد صحيح. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/952) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الجلالة وألبانها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الجلالة: هي التي تأكل العذرة والنجاسات. وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه، وقال: «حتى تعلف أربعين ليلة» . ولأبي داود: «أنْ يركب عليها، وأن يشرب ألبانها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">والحديث: دليل على تحريم الجلالة سواء كانت من الإبل أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج. وكان ابن عمر يحبس الدجاجة ثلاثة أيام، ولم يرَ مالك بأسًا بأكلها من غير حبس. وحمل الجمهور النهي على التنزيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (الإفصاح) : واختلفوا في أكل لحم الجلالة، وشرب لبنها، وأكل بيضها. فقال مالك وأبو حنيفة والشافعية: يباح ذلك وإنْ لم تحبس، مع استحبابهم حبسها، وكراهيتهم لأكلها دون حبسها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال أحمد: يحرم، إلا أنْ يحبس الطير ثلاثة أيام. رواية واحدة عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واختلفت الرواية عنه في الإبل، والبقر، والغنم. فروي عنه ثلاثة أيام، كالطير وهو الأظهر، والثانية: أربعون يومًا. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (الاختيارات) : وما يأكل الجيف فيه روايتان. الجلالة، وعامة أجوبة أحمد ليس فيها تحريم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">309- باب النهي عن البصاق في المسجد</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1693] عن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «البُصاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» . متفق عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/953) </span><br /><span style="font-size: x-large;">والمرادُ بِدَفْنِهَا إذَا كَانَ المَسْجِدُ تُرَاباً أوْ رَمْلاً ونَحْوَهُ فَيُوَارِيهَا تَحْتَ تُرَابِهِ. قالَ أبُو المحاسِنِ الرُّويَانِي مِنْ أصحابِنا في كِتَابِهِ (البحر) وقِيلَ: المُرَادُ بِدَفْنِهَا إخْراجُهَا مِنَ المَسْجِدِ، أمَّا إِذَا كَانَ المَسْجِدُ مُبَلَّطاً أَوْ مُجَصَّصاً، فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِمَدَاسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ، بَلْ زِيَادَةٌ فِي الخَطِيئَةِ وَتَكْثِيرٌ لِلقَذَرِ في المَسْجِدِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَغْسِلَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على أنَّ البصاق في المسجد خطيئة، فينبغي لمن بدره ذلك أنْ يبصق في ثوبه أو خارج المسجد، وإن كان في الصلاة بصق في ثوبه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1694] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى في جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطاً، أَوْ بُزَاقاً، أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أنس: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى نخامةً في القبلة، فحكها بيده، ورؤي منه كراهة، وقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه، فلا يبزقن في قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه» . ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه، ورد بعضه على بعض. قال: «أو يفعل هكذا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1695] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ هذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ وَلا القَذَرِ، إنَّمَا هي لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَقِراءةِ القُرْآنِ» أَوْ كَمَا قَالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وجوب تنزيه المسجد عن النجاسات والأقذار، ويؤخذ منه تنزيه المسجد ندبًا عن البصاق، والنخامة، وأوساخ البدن الطاهرة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/954) </span><br /><span style="font-size: x-large;">310- باب كراهة الخصومة في المسجد</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورفع الصوت فِيهِ ونشد الضالة والبيع والشراء</span><br /><span style="font-size: x-large;">والإجارة ونحوها من المعاملات</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1696] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّه سمعَ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لا رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ، فإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على تحريم السؤال عن الضالة في المسجد، والأمر بالإنكار على فاعل ذلك، وتعليمه بقوله: «لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1697] وعنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا رَأيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ في المَسْجِدِ، فَقُولُوا: لا أرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فَقُولُوا: لا رَدَّهَا الله عَلَيْكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على تحريم البيع والشراء في المسجد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الأمر بالإنكار على من فعل ذلك بقوله: «لا أربح الله تجارتك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب ذكر البيع والشراء على المنير في المسجد. وذكر قصة بريرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب من قوله: «ما بال أقوام يشترطون» . فإن فيه إشارة إلى القصة المذكورة. وقد اشتملت على بيع وشراء، وعتق وولاء، والفرق بين جريان ذكر الشيء والإخبار عن حكمه، أن ذلك حق وخير، وبيّن مباشرة العقد، فإن ذلك يفضي إلى اللفظ المنهي عنه. انتهى ملخصًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/955) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1698] وعن بُريَدَةَ - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً نَشَدَ في المَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا وَجَدْتَ؛ إنَّمَا بُنِيَتِ المََسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: إنما بنيت المساجد للصلاة، والذكر، ونشر العلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1699] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّهِ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَن الشِّراءِ والبَيْعِ في المَسْجِدِ، وَأنْ تُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ؛ أَوْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على كراهة الشعر في المسجد، وهو محمول على القبيح منه، وما يشغل أهل المسجد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب الشعر في المسجد. وذكر حديث حسان يستشهد أبا هريرة: أنشدك الله هل سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: يَا حسان، أجب عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهم أيده بروح القدس» ؟ . قال أبو هريرة: نعم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله باب الشعر في المسجد، أي: ما حكمه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والجمع بينه وبين أحاديث النهي أن يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذون فيه ما سلم من ذلك. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1700] وعن السائبِ بن يزيد الصحابي - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ في المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/956) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عنه - فَقَالَ: اذْهَبْ فَأتِنِي بِهذَينِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، فَقَالَ: مِنْ أيْنَ أَنْتُمَا؟ فَقَالا: مِنْ أهْلِ الطَّائِفِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أهْلِ البَلَدِ، لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أصْوَاتَكُمَا في مَسْجِدِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: كراهة رفع الصوت في مسجد المدينة، ومثله المسجد الحرام، والأقصى، ويلحق بها سائر المساجد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب رفع الصوت في المساجد. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحديث كعب بن مالك: أنه تقاضى ابن أبي حدرد دَيْنًا له عليه في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى كشف سجف حجرته، ونادى: «يا كعب بن مالك، يا كعب» . قال: لبيك يا رسول الله! فأشار بيده أنْ ضع الشطر من دَيْنِك. قال كعب: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قم فاقضه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله باب رفع الصوت في المسجد. أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك، فقد كرهه مالك مطلقًا، سواء كان في العلم أم في غيره، وفرَّق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني، أو نفع دنيوي، وبين مالك فائدة فيه، وساق البخاري حديث عمر الدال على المنع، وحديث كعب الدال على عدمه إشارة منه إلى أنَّ المنع فيما لا منفعة فيه، وعدمه فيما تلجئ الضرورة إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">311- باب نهي من أكل ثوماً أَوْ بصلاً</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَوْ كراثاً أَوْ غيرها مِمَّا لَهُ رائحة كريهة</span><br /><span style="font-size: x-large;">عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلا لضرورة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1701] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ - يعني: الثُّومَ - فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لمسلم: «مساجدنا» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/957) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1702] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ فَلا يَقْرَبَنَّا، وَلا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1703] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزلنا، أو فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لمسلم: «مَنْ أكَلَ البَصَلَ، والثُّومَ، والكُرَّاثَ، فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ما جاء في الثوم النيء، والبصل، والكراث، وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أكل الثوم أو البصل من الجوع أو غيره فلا يقربن ... مسجدنا» . وذكر الأحاديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وتقييده بالنيء حملٌ منه للأحاديث المطلقة في الثوم على غير النضيج منه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: توهم بعضهم أنَّ أكل الثوم عذر في التخلف عن الجماعة، وإنما هو عقوبة لآكله على فعله، إذا حُرِم فضل الجماعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ولا تعارض بين امتناعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أكل الثوم وغيره مطبوخًا، وبين إذنه لهم في أكل ذلك مطبوخًا، فقد علل ذلك بقوله: «إني لست كأحد منكم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1704] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَّه خَطَبَ يومَ الجمْعَةِ فَقَالَ في خطبته: ثُمَّ إنَّكُمْ أيُّهَا النَّاسُ تَأكُلُونَ شَجَرتَيْنِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/958) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مَا أرَاهُمَا إِلا خَبِيثَتَيْن: البَصَلَ، وَالثُّومَ. لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَجدَ ريحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ في المَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى البَقِيعِ، فَمَنْ أكَلَهُمَا، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كراهية أكل البصل والثوم نيئًا، وجواز أكلهما مطبوختين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">312- باب كراهة الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب</span><br /><span style="font-size: x-large;">لأنَّه يجلب النوم فيفوت استماع الخطبة</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويخاف انتقاض الوضوء</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1705] عن مُعاذِ بن أنس الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ الحِبْوَةِ يَومَ الجُمعَةِ وَالإمَامُ يَخْطُبُ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقالا: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (النهاية) : الاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما فيه مع ظهره، ويشده عليه. وقد يكون الاحتباء باليد عوض الثوب. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">313- باب نهي من دخل عَلَيْهِ عشر ذي الحجة</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأراد أنْ يضحي عن أخذ شيء من</span><br /><span style="font-size: x-large;">شعره أَوْ أظفاره حَتَّى يُضحّي</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1706] عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ، فَلا يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلا مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: «فلا يأخذن» ندبًا، وصرفه عن الجواب قول عائشة: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم يقلدها هو بيده، فلا يحرم عليه شيء أحله الله تعالى له </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/959) </span><br /><span style="font-size: x-large;">حتى ينحر الهدي. ومحل الكراهة عند عدم الحاجة. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء. وذكر حديث مسروق أنه أتى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، إنَّ رجلاً يبعث بالهدي إلى الكعبة، ويجلس في المصر فيوصي أنْ تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس؟ قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب، فقالت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله حتى يرجع الناس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: واستدل الداودي به على أنَّ الحديث المرفوع: «إذا دخل عشر ذي الحجة فمن أراد أنْ يضحي فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره» . يكون منسوخًا بحديث عائشة، أو ناسخًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن التين: ولا يحتاج إلى ذلك لأن عائشة أنكرت أنْ يصير محرمًا بمجرد بعثه الهدي، ولم تتعرض على ما يستحب في العشر خاصة، من اجتناب إزالة الشعر والظفر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثم قال: لكن عموم الحديث يدل على ما قال الداودي، وقد استدل به الشافعي على إباحة ذلك في عشر ذي الحجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: لا يلزم من دلالته على عدم اجتناب ما يشترطه المحرم على المضحي أنه لا يستحب فعل ما ورد به الخبر لغير المحرم، والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">314- باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي</span><br /><span style="font-size: x-large;">والكعبة والملائكة والسماء والآباء</span><br /><span style="font-size: x-large;">والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهياً</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1707] عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/960) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيح: «فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلا يَحْلِفْ إِلا بِاللهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن عكرمة قال: قال عمر: حدثت قومًا حدثيًا، فقلت: لا وأبي. فقال رجل من خلفي: «لا تحلفوا بآبائكم» . فالتفتُّ فإذا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خير من آبائكم» . رواه ابن أبي شيبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله، أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1708] وعن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلا بِآبَائِكُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الطَّواغِي» : جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ: «هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ» أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ. وَرُوِيَ في غير مسلم: ... «بِالطَّوَاغِيتِ» جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: من حلف بغير الله مطلقًا لم تنعقد يمينه، سواء كان المخلوف به يستحق التعظيم لمعنى غير العبادة، كالأنبياء والملائكة، والعلماء والصلحاء، والملوك، والآباء والكعبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أو كان لا يستحق التعظيم كالآحاد. أو يستحق التحقير والإَذلال كالشياطين، والأصنام، وسائر من عُبِد من دون الله. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/961) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1709] وعن بُريدَةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» . حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: سَبَبُهُ أنَّ اليمين لا تنعقد إلا بالله تعالى، أو بصفاته، وليست منها الأمانة، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما يوهمه الحلف بها من مساواتها لأسماء الله وصفاته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن رسلان: أراد بالأمانة الفرائض، أي: لا تحلفوا بالحج والصوم ونحوهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1710] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإسْلاَمِ، فَإنْ كَانَ كَاذِباً، فَهُوَ كمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقاً، فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإسْلاَمِ سَالِماً» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد وتهديد أكيد لمن حلف بملة غير الإسلام كاذبًا أو صادقًَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1711] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لا وَالكَعْبَةِ، قَالَ ابنُ عُمَرَ: لا تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: «كفَرَ أَوْ أشْرَكَ» عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الرِّياءُ شِرْكٌ» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/962) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الرياء والحلف بغير الله من الشرك الأصغر الذي لا يخرج عن الإسلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الزجر عن الحلف بغير الله عزَّ وجلّ، لا نبي ولا غيره، وما ورد في القرآن من القسم بغير الله فذلك يختص بالله عز وجل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشعبي: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا يقسم إلا بالخالق. وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفلح وأبيه إنْ صدق» . فهذا اللفظ كان يجري على ألسنة العرب من غير أنْ يقصدوا به القسم. وقيل: يقع في كلامهم للتأكيد لا للتعظيم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الماوردي: لا يجوز لأحد أنْ يُحَلِّف أحدًا بغير الله لا بطلاق، ولا عتاق، ولا نذر، وإذا حَلَّف الحاكم أحدًا بشيء من ذلك وجب عزله لجهله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">315- باب تغليظ اليمين الكاذبة عمداً</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1712] عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيرِ حَقِّهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» . قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ الله - عز وجل -: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآيَةِ [آل عمران (77) ] . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد، وتهديد أكيد لمن حلف كاذبًا عامدًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: إنَّ الله خص العهد بالتقدمة على سائر الأَيمان فدل على تأكيد الحلف به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1713] وعن أَبي أُمَامَة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/963) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اللهُ لَهُ النَّارَ. وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيراً يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: «وإنْ كَانَ قَضِيباً مِنْ أرَاكٍ» . رواه مسلم</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد لمن أخذ حق غيره، ولو قليلاً بيمين كاذبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1714] وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ أعْرابِياً جَاءَ إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يا رسولَ اللهِ مَا الكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الإشْرَاكُ بِاللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَاذا؟ قَالَ: «اليَمِينُ الغَمُوسُ» قلتُ: وَمَا اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ!» يعني بِيَمِينٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">سُمِّيت اليمين الكاذبة غموسًا، لأنها تغمس الحالف في الإثم ثم تغمسه في النار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">316- باب ندب من حلف عَلَى يَمينٍ فرأى غيرها</span><br /><span style="font-size: x-large;">خيراً مِنْهَا أنْ يفعل ذَلِكَ المحلوف عَلَيْهِ</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ يُكَفِّر عن يمينه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1715] عن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَأتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1716] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمينٍ، فَرَأى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/964) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1717] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنِّي واللهِ إنْ شاءَ اللهُ لا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ أَرَى خَيراً مِنْهَا إِلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عياض: اتفقوا على أنَّ الكفارة لا تجب إلا بالحنث، وأنه يجوز تأخيرها بعد الحنث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال المازري: للكفارة ثلاث حالات:</span><br /><span style="font-size: x-large;">أحدها: قبل الحلف، فلا تجزئ اتفاقًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثانيها: بعد الحلف والحنث، فتجزئ اتفاقًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثالثها: بعد الحلف وقبل الحنث، ففيه الخلاف. انتهى. والجمهور على جوازها قبل الحنث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1718] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ في يَمِينِهِ في أهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ أنْ يُعْطِي كَفَّارَتَهُ الَّتي فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْلهُ: «يَلَجّ» بفتح اللام وتشديد الجيم أيْ: يَتَمَادَى فِيهَا، وَلا يُكَفِّرُ، وَقَولُهُ: «آثَمُ» هُوَ بالثاء المثلثة، أيْ: أَكْثَرُ إثْماً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: يلِج بكسر اللام، ويجوز فتحها من اللَّجاج، وهو أن يتمادى في الأمر، ولو تبين له خطؤه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: معنى الحديث: أنَّ من حلف يمينًا تتعلق بأهله بحيث </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/965) </span><br /><span style="font-size: x-large;">يتضرَّرون بعدم حنثه فيه، فينبغي أنْ يحنث، فيفعل ذلك الشيء، ويكفر عن يمينه، فإنْ قال: لا أحنث، بل أتورع عن ارتكاب الحنث خشية الإثم فهو مخطئ بهذا القول، بل استمراره على عدم الحنث وإقامة الضرر لأهله، أكثر إثمًا من الحنث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البيضاوي: المراد أنَّ الرجل إذا حلف على شيء يتعلق بأهله، وأصرّ عليه، كان أدخل في الوزر وأفضى إلى الإِثم من الحنث؛ لأنه جعل الله عرضة ليمينه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث: أنَّ الحنث في اليمين أفضل من التمادي، إذا كان في الحنث مصلحة، ويختلف بإختلاف حكم المحلوف عليه، فإن حلف على فعل الواجب، أو تركِ حرام فيمينه طاعة، والتمادي واجب، والحنث معصية، وعكسه بالعكس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويستنبط من معنى الحديث: أنَّ ذكر الأهل خرج مخرج الغالب، وإلا فالحكم يتناول غير الأهل إذا وجدت العلة. والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">317- باب العفو عن لغو اليمين</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأنَّه لا كفارة فِيهِ، وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير</span><br /><span style="font-size: x-large;">قصد اليمين كقوله عَلَى العادة: لا والله، وبلى والله، ونحو ذَلِكَ</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ} [المائدة (89) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يعني: فمن لم يجد إحدى الخصال الثلاث المخير فيها، فليصم ثلاثة أيام متتابعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1719] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: أُنْزِلَتْ هذِهِ الآية: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ} في قَوْلِ الرَّجُلِ: لا واللهِ، وَبَلَى واللهِ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة (225) ] . وذكر الحديث. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/966) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي قلابة: لا والله. وبلى والله. لغة من لغات العرب، لا يراد بها اليمين، وهي من صِلاة الكلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن عائشة: لغو اليمين، القوم يتدارؤون، يقول أحدهم: لا والله، وبلى والله. وكلا والله. ولا يقصد الحلف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">318- باب كراهة الحلف في البيع وإنْ كان صادقاً</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1720] عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: سَمِعتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: ... «الحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله «للكسب» : أي للنماء والزيادة المقصودة منها، وفي رواية: ... «للبركة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1721] وعن أبي قتادة - رضي الله عنه -: أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ، فَإنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن الحلف في البيع، وإن كان صادقًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">319- باب كراهة أنْ يسأل الإنسان بوجه الله - عز وجل -</span><br /><span style="font-size: x-large;">غير الجنة، وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفع به</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1722] عن جابر - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللهِ الا الجَنَّةُ» . رواه أبو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1723] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ، فَأعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ، فأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ، فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/967) </span><br /><span style="font-size: x-large;">تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ» . حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: كراهة السؤال بوجه الله عز وجل، واستحباب إعطاء من سأل بالله تعالى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: قوله: «لا يسأل» ، بالجزم، على النهي التنزيهي، وبالرفع، خبر بمعنى النهي. قال الحليمي: هذا النهي يدل على أنَّ السؤال بالله يختلف، فإن كان السائل ظنّ أنَّ المسؤول إذا سأله بالله تعالى اهتز لإِعطائه، واغتنمه جاز له سؤاله بالله تعالى، وإنْ كان ممن يتلوى ويتضجر، ولا يأمن أنْ يرد فحرام عليه أنْ يسأله، وأما المسؤول فينبغي إذا سئل بوجه الله أنَّ لا يمنع ولا يرد السائل، وأن يعطيه بطيب نفس وانشراح صدر لوجه الله تعالى. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">320- باب تحريم قول شاهان شاه للسلطان</span><br /><span style="font-size: x-large;">وغيره لأن معناه ملك الملوك</span><br /><span style="font-size: x-large;">ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1724] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ - عز وجل - رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال سُفيانُ بن عُيَيْنَةَ: «مَلِكُ الأَمْلاَكِ» مِثْلُ: شَاهِنشَاهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب أبغض الأسماء إلى الله. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: كذا ترجم بلفظ: «أبغض» . وقد ورد بلفظ: «أخبث» . وبلفظ: «أغيظ» . وبلفظ: «أكره» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أخنى» من الخنا، وهو الفحش في القول، ووقع في رواية: (أخنع) من الخنوع، وهو الذل. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/968) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج مسلم عن أحمد بن حنبل قال: سألت أبا عمرو الشيباني عن أخنع فقال: أوضع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عياض: معناه أنه أشد الأسماء صغارًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعند الطبراني: «اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك» ، واستدل بهذا الحديث على تحريم التسمي بهذا الاسم، لورود الوعيد الشديد، ويلتحق به ما في معناه، مثل: خالق الخلق، وأحكم الحاكمين، وسلطان السلاطين، وأمير الأمراء. وهل يلتحق به من تسمَّى قاضي القضاة، أو حاكم الحكام؟</span><br /><span style="font-size: x-large;">اختلف العلماء في ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومن النوادر: أن القاضي عز الدين ابن جماعة رأى أباه في المنام، فسأله عن حاله؟ . فقال: ما كان عليَّ أضرّ من هذا الاسم، فأمر الموقعين أنْ لا يكتبوا له في السجلات قاضي القضاة، بل قاضي المسلمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: يلتحق بملك الأملاك، قاضي القضاة وإن كان اشتهر في بلاد الشرق من قديم الزمان إطلاق ذلك على كبير القضاة، وقد سَلِمَ أهل المغرب من ذلك، فاسم كبير القضاة عندهم قاضي الجماعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: وفي الحديث مشروعية الأدب في كل شيء؛ لأن الزجر عن ملك الأملاك، والوعيد عليه يقتضي المنع منه مطلقًا، سواء أراد من تسمّى بذلك أنه ملك على ملوك الأرض، أم على بعضها، سواء كان محقًا في ذلك أم مبطلاًً، مع أنه لا يخفى الفرق بين من قصد ذلك وكان فيه صادقًا، ومن قصده وكان فيه كاذبًا. انتهى ملخصًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/969) </span><br /><span style="font-size: x-large;">321- باب النهي عن مخاطبة الفاسق</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1725] عن بُريَدَةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإنَّهُ إنْ يَكُ سَيِّداً فَقَدْ أسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ - عز وجل -» . رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: الفاسق: من أصرَّ على معصية صغيرة، أو أتى كبيرة. والمبتدع: الخارج عن اعتقاد الحق الذي جاء به الكتاب والسنَّة إلى ما يزينه الشيطان، ومحل النهي ما لم يخشَ ضررًا على نفسه، أو أهله، أو ماله. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">322- باب كراهة سب الحمّى</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1726] عن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخلَ على أُمِّ السَّائِبِ، أو أُمِّ المُسَيّبِ فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ - أو يَا أُمَّ المُسَيَّبِ - تُزَفْزِفِينَ؟» قَالَتْ: الحُمَّى لا بَارَكَ اللهُ فِيهَا! فَقَالَ: «لا تَسُبِّي الحُمَّى فَإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الكِيْرُ خَبَثَ الحَدِيدِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«تُزَفْزِفِينَ» أيْ تَتَحَرَّكِينَ حَرَكَةً سَريعَةً، وَمَعْنَاهُ: تَرْتَعِدِين. وَهُوَ بِضَمِّ التاء وبالزاي المكررة والفاء المكررة، وَرُوِيَ أيضاً بالراء المكررة والقافينِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن سبّ الحُمَّى لما فيه من التبرّم والتضجر من قدر الله تعالى، مع ما فيها من تكفير السيئات، وإثبات الحسنات. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/970) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب الحُمَّى من فيح جهنم. وذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الحُمَّى من فيح جهنم، فاطفؤها بالماء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والحُمَّى أنواع: قال الخطابي: اعترض بعض سخفاء الأطباء على هذا الحديث بأنْ قال: اغتسال المحموم بالماء خطر يقربه من الهلاك؛ لأنه يجمع المسام ويحقن البخار، ويعكس الحرارة إلى داخل الجسم، فيكون ذلك سببًا للتلف.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: وإنما في الحديث الإرشاد إلى تبريد الحُمَّى بالماء، وإنما قصد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على وجه ينفع، فليبحث عن ذلك الوجه ليحصل الانتفاع به، وأولى ما يحمل عليه كيفية تبريد الحُمَّى، ما صنعته أسماء بنت الصديق، فإنها كانت ترش على بدن المحموم شيئًا من الماء بين يديْه وثوبه، فيكون ذلك من باب النشرة المأذون فيها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال المازري: ولا شك، إنَّ علم الطب من أكثر العلوم احتياجًا إلى التفصيل، والأطباء مجمعون على أنَّ المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السنّ، والزمان، والعادة، والغذاء المتقدم، والتأثير المألوف، وقوة الطباع. قال: ويحتمل أن يكون لبعض الحميات دون بعض، في بعض الأماكن دون بعض، لبعض الأشخاص دون بعض.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: يحتمل أنْ يكون مخصوصًا بأهل الحجاز وما والاهم إذا كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من العرضية الحادثة عن شدة الحرارة، وهذه ينفعها الماء البارد شربًا واغتسالاً؛ لأن الحُمَّى حرارة غريبة تشتعل في القلب، وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلى جميع البدن، وهي قسمان غرضية: وهي الحادثة عن ورم، أو حركة، أو إصابة حرارة لشمس، أو القيظ الشديد ونحو ذلك. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/971) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ومرضية: وهي ثلاثة أنواع، وتكون عن مادة، ثم منها ما يسخف جميع البدن. فإن كان مبدأ تعلقها بالروح فهي حمى يوم؛ لأنها تقع غالبًا في يوم، ونهايتها إلى ثلاث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وإن كان تعلقها بالأعضاء الأصلية فهي حمى دقٍّ، وهي أخطرها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وإن كان تعلقها بالأخلاط، سُمِّيت عفنية، وهي بعدد الأخلاط الأربعة. وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الإِفراد والتركيب، فيجوز أنْ يكون المراد النوع الأول، فإنها تسكن بالانغماس في الماء البارد، وشرب المبرد بالثلج وبغيره، ولا يحتاج صاحبها إلى علاج آخر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد نزَّل ابن القيم حديث ثوبان مرفوعًا: «إذا أصاب أحدكم الحُمَّى، وهي قطعة من النار فليطفئها عنه بالماء، يستنقع في نهر جار، ويستقبل جريته وليقل: باسم الله، اللَّهمَّ اشف عبدك، وصَدِّقْ رسولك. بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، ولينغمس فيه ثلاث غمسات، ثلاثة أيام، فإن لم يبرأ فخمْس، وإلا فسبْع، وإلا فتسعٌ فإنها لا تكاد تجاوز تسعًا بإذن الله» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الترمذي: غريب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن القيم: هذه الصفة تنفع في فصل الصيف في البلاد الحارة في الحُمَّى العرضية، أو الغب الخالصة التي لا ورم معها، ولا شيء من الأعراض الرديئة، والمواد الفاسدة، فيطفئها بإذن الله، فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده عن ملاقاة الشمس، ووفور القوى في ذلك الوقت، لكونه عقب النوم والسكون وبرد الهواء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: والأيام التي أشار إليها هي التي يقع فيها بحرارة الأمراض الحادة غالبًا، ولاسيما في البلاد الحارة. والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">323- باب النهي عن سب الريح</span><br /><span style="font-size: x-large;">وبيان ما يقال عند هبوبها</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1727] عن أبي المنذِرِ أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/972) </span><br /><span style="font-size: x-large;">إنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن سبّ الريح؛ لأنها مسخرة فيما خلقت له، واستحباب هذا الدعاء عند هبوبها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1728] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: ... «الرِّيحُ مِنْ رَوحِ اللهِ، تَأتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأتِي بِالعَذَابِ، فَإذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا باللهِ مِنْ شَرِّهَا» . رواه أبو داود بإسناد حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ رَوْحِ اللهِ» هو بفتح الراء: أي رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن سبّ الريح لأنها مأمورة بما تجيء به من رحمة لمن أراد الله رحمته، أو عذابٍ لمن أراد الله عذابه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1729] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نُصِرتُ بالصَّبَا» . وذكر حديث ابن عباس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «نصرت بالصبا، وأهلكت عادٌ بالدَّبُور» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فائدة: الرياح أربع:</span><br /><span style="font-size: x-large;">الصبا: وهي حارة يابسة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والدَّبُور: وهي باردة رطبة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/973) </span><br /><span style="font-size: x-large;">والجنوب: وهي حارة رطبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والشمال: وهي باردة يابسة، وهي ريح الجنة، وأي ريح هبَّت بين جهتين فهي النكباء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: الصبا يقال لها: القبول؛ لأنها تقابل باب الكعبة، إذ مهبّها من مشرق الشمس. وضدها الدبور وهي التي أهلكت بها قوم عاد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومن لطيف المناسبة كون القبول نصرت أهل القبول، وكون الدبور أهلكت أهل الإِدبار. ولما علم الله رأفة نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقومه رجاء أنْ يسلموا سلّط عليهم الصبا، فكانت سبب رحيلهم عن المسلمين لمّا أصابهم بسببها من الشدَّة، ومع ذلك فلم تهلك منهم أحدًا، ولم تستأصلهم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">324- باب كراهة سب الديك</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1730] عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإنَّهُ يُوِقِظُ لِلصَّلاَةِ» . رواه أبو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: أي: لا يحمل أحدكم إيقاظ الديك له بصوته، على سبّه، إذ فوّت عليه لذيذ منامه؛ لأن ما يدعو إليه من الإِيقاظ للصلاة خير مما فاته من لذة النوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">325- باب النهي عن قول [الإنسان] : مُطِرنا بنَوء كذا</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1731] عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَّةِ في إثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/974) </span><br /><span style="font-size: x-large;">انْصَرَفَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فقالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟» قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قال: «قالَ: أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي، وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوَاكِبِ، وأَما مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذلكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَالسَّماءُ هُنَا: المَطَرُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فذلك كافر بي» ، أي: كفرًا حقيقيًّا إنِ اعتقد أنَّ النجم موجد للمطر حقيقة، وإلا فكافر للنعمة إنْ لم يعتقد ذلك؛ لأنه أسند ما لله لغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">326- باب تحريم قوله لمسلم: يا كافر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1732] عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «إذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، فَإنْ كانَ كَمَا قَالَ وَإلا رَجَعَتْ عَلَيْهِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1733] وعن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «مَنْ دَعَا رَجُلاً بالكُفْرِ، أو قالَ: عَدُوَّ اللهِ، وَلَيْسَ كَذلكَ إلا حَارَ عَلَيْهِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«حَارَ» : رَجَعَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: هذا وعيد عظيم لمن كفَّر أحدًا من المسلمين وليس كذلك، وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين، ومن المنسوبين إلى السنَّة، وأهل الحديث، لما اختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم. وحكموا بكفرهم، والحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشريعة عن صاحبها، فإنه حينئذ يكون مكذبًا للشرع. انتهى. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/975) </span><br /><span style="font-size: x-large;">327- باب النهي عن الفحش وبذاء اللسان</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1734] عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ، وَلا اللَّعَّانِ، وَلا الفَاحِشِ، وَلا البَذِيِّ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الطعَّان: العياب للناس، واللَّعَّان: كثير اللَّعن، والفحش: القول السِّيء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والبذاء: السفه والفحش في النطق وإن كان صادقًا، وعطفه على الفاحش من عطف العام على الخاص.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1735] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيْءٍ إلا شَانَهُ، وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إلا زَانَهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الحياء وذم الفحش؛ لأن صاحب الحياء يدع ما يلام على فعله، والفاحش لا ينظر لذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">328- باب كراهة التقعير في الكلام</span><br /><span style="font-size: x-large;">والتشدُّق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللُّغة</span><br /><span style="font-size: x-large;">ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1736] عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلاَثاً. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«المُتَنَطِّعُونَ» : المُبَالِغُونَ فِي الأمُورِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: المتنطعون: هم المتعمقون في الشيء المتكلف البحث </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/976) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عنه على مذاهب أهل الكلام، الداخلون فيما لا يعنيهم، الخائضون فيما لا تبلغه عقولهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1737] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ اللهَ يُبْغِضُ البَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ البَقَرَةُ» . رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (النهاية) : أي الذي يتشدَّق بلسانه في الكلام ويلفه، كما تَلُفُّ البقرة الكلأ بلسانها لفًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1738] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إِلَيَّ، وأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَومَ القِيَامَةِ، أحَاسِنكُمْ أَخْلاَقَاً، وإنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ، وأبْعَدَكُمْ مِنِّي يَومَ القِيَامَةِ، الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . وقد سبق شرحه في بَابِ حُسْنِ الخُلُقِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الثرثار: كثير الكلام. والمتشدق: المتكلم بملأ فمه تفاصحًا وتعظيمًا لكلامه. والمتفيهق: المتكبر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">329- باب كراهة قوله: خَبُثَتْ نَفْسي</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1739] عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسي، وَلكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسي» متفق عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/977) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قالَ العُلَمَاءُ: مَعْنَى «خَبُثَتْ» : غَثَتْ، وَهُوَ مَعْنَى: «لَقِسَتْ» وَلَكِنْ كَرِهَ لَفْظَ الخُبْثِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: فعلَّمهم الأدب في النطق، وأرشدهم إلى استعمال اللفظ الحسن، وهجران القبيح منه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب لا يقل خَبُثَتْ نفسي. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قال الخطابي: تبعًا لأبي عبيد: لقست، وخبثت بمعنى واحد، وإنما كره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ذلك اسم الخبث، فاختار اللفظة السالمة من ذلك، وكان من سنته تبديل الاسم القبيح بالحسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال غيره: معنى لقست، غشت وهو يرجع أيضًا إلى معنى خبثت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن بطال: هو على معنى الأدب، وليس على سبيل الإيجاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن أبي حمزة: النهي عن ذلك، للندب، والأمر بقوله: لقست، للندب أيضًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: ويؤخذ من الحديث: استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء، والعدول إلى ما لا قبيح فيه، والخبث واللقس وإنْ كان المعنى المراد يتأدى بكل منهما، لكن لفظ الخبث قبيح، ويجمع أمورًا زائدة على المراد بخلاف اللقس، فإنه يختص بامتلاء المعدة. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">330- باب كراهة تسمية العنب كرماً</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1740] عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ، فَإنَّ الكَرْمَ المُسْلِمُ» . متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/978) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «فَإنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤمِنِ» . وفي رواية للبخاري ومسلم: «يَقُولُونَ الكَرْمُ، إنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1741] وعن وائلِ بنِ حُجرٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تَقُولُوا: الكَرْمُ، وَلكِنْ قُولُوا: العِنَبُ، والحَبَلَةُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الحَبَلَةُ» بفتح الحاء والباء، ويقال أيضاً بإسكان الباء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: بابُ قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الكَرْمُ قلب المؤمن» ، وقد قال: «إنما المفلس الذي يفلس يوم القيامة» . كقوله: «إنما الصرعة الذي يملك نفسه عند الغضب» . كقوله: «لا ملك إلا الله» . فوصفه بانتهاء الملك، ثم ذكر الملوك أيضًا فقال {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل (34) ] . وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: غَرضُ البخاري أنَّ الحصر ليس على ظاهره، وإنما المعنى: أن الأحق باسم الكرم قلب المؤمن، ولم يرد أن غيره لا يسمى كرمًا، كما أن المراد بقوله: «إنما المفلس» . من ذكر، ولم يرد أن من يفلس في الدنيا لا يسمى مفلسًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وبقوله: «إنما الصرعة» . كذلك: وكذا قوله: «لا مَلِكَ إلا الله» . لم يرد أنه لا يجوز أنْ يسمى غيره ملكًا، وإنما أراد الملك الحقيقي، وإنْ سمّي غيره ملكًا، إلى أنْ قال: قال الخطابي: ما ملخصه:</span><br /><span style="font-size: x-large;">أنَّ المراد بالنهي تأكيد تحريم الخمر بمحو اسمها، ولأن في تبقية هذا الاسم لها تقرير لما كانوا يتوهمونه من تكرم شاربها، فنهى عن تسميتها كرمًا. وقال: «إنما الكرم قلب المؤمن» . لما فيه من نور الإيمان، وهدى الإسلام. انتهى ملخصًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/979) </span><br /><span style="font-size: x-large;">331- باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل</span><br /><span style="font-size: x-large;">إلا أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1742] عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَصِفَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القاضي عياض: هو الدليل لمالك في سد الذرائع، فإن الحكمة في النهي خشية أنْ يعجب الزوج بالوصف المذكور، فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة، أو إلى الافتنان بالموصوفة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">332- باب كراهة قول الإنسان: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ</span><br /><span style="font-size: x-large;">بل يجزم بالطلب</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1743] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِم المَسْأَلَةَ، فَإنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «وَلكِنْ لِيَعْزِمْ وَلْيُعَظمِ الرَّغْبَةَ فَإنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1744] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا دَعَا أحَدُكُمْ فَلْيَعْزِم المَسْأَلَةَ، وَلا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ، فَأَعْطِنِي، فَإنَّهُ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ليعزم المسألة فإنه لا مكره له. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: في الحديث: أنه ينبغي للداعي أنْ يجتهد في الدعاء، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/980) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريمًا. وقال ابن عيينة: لا يمنعنّ أحد الدعاء ما يعلم في نفسه، يعني: من التقصير. وقال الداودي: معنى قوله: «ليعزم المسألة» أن يجتهد ويَلحّ، ولا يقل: إن شئت، كالمستثني، ولكن دعاءَ البائسِ الفقير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">333- باب كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1745] عن حُذَيْفَةَ بنِ اليمانِ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ؛ وَلكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ» . رواه أبو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب لا يقول: ما شاء الله وشئت، وهل يقول: إنا بالله، ثم بك. وذكر حديث: أبرص، وأقرع، وأعمى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: هكذا بتّ الحكم في الصورة الأولى، وتوقّف في الصورة الثانية، وسببه أنها وإنْ كانت وقعت في حديث الباب الذي أورده مختصرًا، لكن إنما وقع ذلك من كلام الملك على سبيل الامتحان للمقول له، فتطرّق إليه الاحتمال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكأنه أشار بالصورة الأولى إلى ما أخرجه النَّسائي وصححه من طريق عبد الله بن يسار عن قتيلة، أن يهوديًّا أتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئتَ، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة. وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت، إلى أنْ قال: وحكى ابن التين، عن أبي جعفر الداودي، قال: ليس في الحديث الذي ذكره نهيٌ عن القول المذكور في الترجمة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقد قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُواْ إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} [التوبة (74) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/981) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الله تعلى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب ... (37) ] . وغير ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وتعقَّبه بأن الذي قال أبو جعفر ليس بظاهر؛ لأن قوله: ما شاء الله وشئت، تشريك في مشيئة الله تعالى. وأما الآية فإنما أخبر الله تعالى أنه أغناهم، وأن رسوله أغناهم، وهو من الله حقيقة؛ لأنه الذي قدِّر ذلك، ومن الرسول حقيقة باعتبار تعاطي الفعل، وكذا الإنعام: أنعم الله على زيد بالإسلام، وأنعم عليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة، فإنها منصرفة لله تعالى في الحقيقة، وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال المهلب: إنما أراد البخاري أنَّ قوله: ما شاء الله ثم شئت. جائز مستدلاً بقوله: إنا بالله ثم بك، وقد جاء هذا المعنى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنما جاز بدخول: «ثم» لأن مشيئة الله سابقة على مشيئة خلقه، ولما لم يكن الحديث المذكور على شرطه، استنبط من الحديث الصحيح الذي على شرطه ما يوافقه. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">334- باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمُرادُ بِهِ الحَديثُ الذي يَكُونُ مُبَاحاً في غَيرِ هذا الوَقْتِ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سواءٌ. فَأَمَّا الحَديثُ المُحَرَّمُ أو المَكرُوهُ في غير هذا الوقتِ، فَهُوَ في هذا الوقت أشَدُّ تَحريماً وَكَرَاهَةً. وأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ العِلْمِ وَحِكايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمَكَارِمِ الأخْلاَقِ، والحَديث مع الضَّيفِ، ومع طالبِ حَاجَةٍ، ونحو ذلك، فلا كَرَاهَة فيه، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وكَذَا الحَديثُ لِعُذْرٍ وعَارِضٍ لا كَراهَةَ فِيه. وقد تظاهَرَتِ الأحَاديثُ الصَّحيحةُ على كُلِّ ما ذَكَرْتُهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1746] عن أبي بَرْزَةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يكرهُ النَّومَ قَبْلَ العِشَاءِ والحَديثَ بَعْدَهَا. متفقٌ عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/982) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على كراهة الأمرين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى الحافظ المقدسي من حديث عائشة مرفوعًا: «لا سَمَرَ إلا لثلاثة، مصلٍّ، أو مسافر، أو عروس» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: واتفقت العلماء على كراهة الحديث بعدها، إلا ما كان في خير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1747] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى العِشَاء في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قال: «أرأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه؟ فَإنَّ عَلَى رَأسِ مِئَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ اليَومَ أحَدٌ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على جواز الحديث بعد العشاء إذا كان في الخير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: معجزة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقد أجمع العلماء على أنَّ أبا الطفيل، عامر بن واثلة آخر الصحابة موتًا، وغاية ما قيل فيه: أنه مات سنة مئة وعشر، وذلك رأس مئة سنة من مقالته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1748] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّهم انتظروا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءهُمْ قَريباً مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَصَلَّى بِهِمْ - يَعْنِي: العِشَاءَ - ثمَّ خَطَبنا فقالَ: «ألا إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا، ثُمَّ رَقَدُوا، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز التكلم بالخير، بل ندبه بعد صلاة العشاء. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/983) </span><br /><span style="font-size: x-large;">335- باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها</span><br /><span style="font-size: x-large;">إِذَا دعاها ولم يكن لَهَا عذر شرعي</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1749] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «حَتَّى تَرْجعَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الفراش: كناية عن الجماع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عند مسلم: «والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">ولابن خزيمة من حديث جابر رفعه: «ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، ولا يصعد لهم إلى السماء حسنة، العبد الآبق حتى يرجع، والسكران حتى يصح، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">336- باب تحريم صوم المرأة تطوعاً</span><br /><span style="font-size: x-large;">وزوجها حاضر إِلا بإذنه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1750] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإذْنِهِ، وَلا تَأذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلا بِإذْنِهِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم صوم المرأة تطوُّعًا، إلا بإذن الزوج. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/984) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وعند الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا: «فإن فعلت لم يقبل منها» . وهذا في غير قضاء رمضان إذا تضايق الوقت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: أنَّ حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">337- باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَو السجود قبل الإمام</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1751] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أمَا يَخْشَى أحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ قَبْلَ الإمَامِ أنْ يَجْعَلَ اللهُ رَأسَهُ رَأسَ حِمَارٍ! أَوْ يَجْعَلَ اللهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أما» استفهام توبيخ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: وعيد شديد لمن سابق الإمام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: وجوب متابعة الإمام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: كمال شفقته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأمته وبيانه لهم من الأحكام، وما يترتب عليها من الثواب والعقاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام، لكونه توعّد عليه بالمسخ، وهو أشد العقوبات، ومع الإثم، فالصحيح صحة الصلاة وإجزؤها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">338- باب كراهة وضع اليد عَلَى الخاصرة في الصلاة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1753] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نُهِيَ عن الخَصْرِ في الصَّلاَةِ. متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/985) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الخاصرة: هي الشاكلة. والحكمة في النهي عن الاختصار أنه فعْل اليهود، وقد نهينا عن التشبّه بهم. وقيل: لأنه ينافي الخشوع. وقيل لأنه فعل المتكبرين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">339- باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام</span><br /><span style="font-size: x-large;">ونفسه تتوق إِلَيْهِ أَوْ مَعَ مدافعة الأخبثين:</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهما البول والغائط</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1753] عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «لا صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إذا أقيمت الصلاة، وحضر العشاء، فابدؤوا بالعشاء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على تقديم فضيلة الخشوع في الصلاة على فضيلة أول الوقت، ولو فاتته الجماعة، ولا يجوز اتخاذ ذلك عادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: ومدافعة الأخبثين، إما أنْ تؤدي إلى الإخلال بركن أو شرط أو لا، فإن أدّى إلى ذلك امتنع دخول الصلاة معه، وإن دخل واختل الركن أو الشرط فسدت الصلاة بذلك الإخلال، وإن لم يؤد إلى ذلك فالمشهور فيه الكراهة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">340- باب النهي عن رفع البصر إِلَى السماء في الصلاة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1754] عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا بَالُ أقْوامٍ يَرْفَعُونَ أبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ في صَلاَتِهِمْ» ! فَاشْتَدَّ قَولُهُ في ... ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخطفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» ! . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على تحريم رفع البصر إلى السماء في الصلاة؛ لأنه ينافي الخشوع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القاضي عياض: واختلفوا في غير الصلاة في الدعاء، فكرهه قوم، وجوزه الأكثرون. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/986) </span><br /><span style="font-size: x-large;">341- باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1755] عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سألت رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الالتفَاتِ في الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الاختلاس: الأَخْذُ بسرعة على غفلة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والحديث يدل على كراهة الالتفات في الصلاة إذا كان التفاتًا لا يبلغ إلى استدبار القبلة بصدره، أو عنقه كله، وإلا كان مبطلاً للصلاة، وسبب كراهته نقصان الخشوع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1756] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكَ والالتِفَاتَ فِي الصَّلاَةِ، فَإنَّ الالتفَاتَ في الصَّلاَةِ هَلَكَةٌ، فَإنْ كَانَ لا بُدَّ، فَفِي التَّطَوُّعِ لا في الفَريضَةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أنَّ الاهتمام بالفرض والاعتناء به، فوق الاعتناء بالنفل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فإن الالتفات في الصلاة هلكة» ، أي: سبب الهلاك،</span><br /><span style="font-size: x-large;">وذلك لأن من استخفّ بالمكروهات وواقعها، وقع في المحرمات، فأهلك نفسه بتعريضها للعقاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">342- باب النهي عن الصلاة إِلَى القبور</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1757] عن أَبي مَرْثَدٍ كَنَّازِ بْنِ الحُصَيْنِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «لا تُصَلُّوا إِلَى القُبُورِ، وَلا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا» . رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/987) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن الصلاة إلى القبور، والقعود عليها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشافعي: وأكره أنْ يُعَظَّم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدًا مخافة الفتنة عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال صاحب (الاختيارات) شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا تصح الصلاة في المقبرة، ولا إليها، والنهي عن ذلك إنما هو سدٌ لذريعة الشرك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وذكر طائفة من أصحابنا: أنَّ القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة؛ لأنه لا يتناوله اسم المقبرة، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدًا، وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم بوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور وهو الصواب، إلى أنْ قال: والمذهب الذي عليه عامة الأصحاب كراهة دخول الكنيسة المصورة، والصلاة فيها، وكل مكان فيه تصاوير أشد كراهة. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">343- باب تحريم المرور بَيْنَ يدي المصلِّي</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1758] عن أَبي الجُهَيْمِ عبد اللهِ بن الحارِثِ بن الصِّمَّةِ الأنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أنْ يَقِفَ أرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» قَالَ الراوي: لا أدْرِي قَالَ: أرْبَعينَ يَوماً، أَوْ أرْبَعِينَ شَهْراً، أَوْ أرْبَعِينَ سَنَةً. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على تحريم المرور بين يدي المصلي، ولا فرق بين مكة وغيره على الصحيح، واغتفر بعض الفقهاء ذلك للطائفين دون غيرهم للضرورة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا صلى أحدكم </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/988) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطًا، ثم لا يضره مَنْ مَرَّ بين يديه» . رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">344- باب كراهة شروع المأموم في نافلة</span><br /><span style="font-size: x-large;">بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة</span><br /><span style="font-size: x-large;">سواء كَانَتْ النافلة سنة تلك الصلاة أَوْ غيرها</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1759] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلا صَلاَةَ إِلا المَكْتُوبَةَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. وذكر حديث ابن بحينة، أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاث به الناس، وقال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «آلصبحَ أربعًا! آلصبح أربعًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: فيه: منع التنفل بعد الشروع في إقامة الصلاة، وفائدة التكرار تأكيد الإنكار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: الحكمة فيه: أنْ يتفرغ للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام، والمحافظة على مكملات الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">345- باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1760] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/989) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَومٍ يَصُومُهُ أحَدُكُمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن تخصيص يوم الجمعة بصوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: سبب النهي أنَّ الله استأثر يوم الجمعة بعبادة، فلم ير أنْ يخصه العبد بسوى ما يخصه الله به.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال النووي: في الحديث نهي صريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة، واحتج به العلماء على كراهة الصلاة المسماة بالرغائب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1761] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلا يَوماً قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: التصريح بالنهي عن إفراده بالصوم، وأنْ لا نَهى عند ضم صوم يوم قبله، أو بعده إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1762] وعن محمد بن عَبَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِراً - رضي الله عنه -: أنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَومِ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1763] وعن أُمِّ المُؤمِنِينَ جويرية بنت الحارث رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أصُمْتِ أمْسِ» ؟ قالت: لا، قال: «تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَداً؟» قالتْ: لا. قَالَ: ... «فَأَفْطِرِي» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الفطر إذا كان الصوم مكروهًا. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/990) </span><br /><span style="font-size: x-large;">346- باب تحريم الوصال في الصوم</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَهُوَ أنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر وَلا يأكل وَلا يشرب بينهما</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1764] عن أَبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الوِصَالِ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1765] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الوِصَالِ. قالوا: إنَّكَ تُواصِلُ؟ قَالَ: «إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى» . متفق عَلَيْهِ. وهذا لفظ البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في الحديث: دليل على كراهة الوصال، وهو أن لا يفطر بين اليومين. ولمسلم عن أبي سعيد: «فأيكم أراد أنْ يواصل فليواصل إلى السحر» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على جوازه إلى السحر إذا لم يشقّ عليه، ولم يضعفه عن العبادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله: «إني أُطعم وأُسقى» ، أي: يعطيني الله قوة الآكل والشارب، ويفيض عليَّ ما يسد مسد الطعام والشراب، ومن له أدنى ذوق وتجربة بعبادة الله والاستغراق في مناجاته، والإقبال عليه، ومشاهدته، يعلم استغناء الجسم بغذا القلب والروح عن كثير من الغذاء الجسماني، ولا سيما الفَرِح المسرور بمطلوبه الذي قرَّت عينه بمحبوبه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">347- باب تحريم الجلوس عَلَى قبر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1766] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لأنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كراهة الجلوس على القبر، وكذا الاتكاء عليه، وأما التغوُّط والبول عليه فحرام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">348- باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1767] عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُجَصَّصَ القَبْرُ، وأنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/991) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن تجصيص القبور والبناء عليها، والنهي عن الجلوس عليها وإهانتها، ولا تعظم بالبناء والتجصيص؛ لأن ذلك يجر إلى اتخاذها مساجد وعبادتها، وهذا هو الوسط بين الغلوّ والجفا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">349- باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1768] عن جرير - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: الذمة تكون في اللغة: العهد، وتكون: الأمانة. ومنه قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يسعى بذمتهم أدناهم» . و «من صلى الصبح فهو في ذمة الله عز وجل» . و «لهم ذمة الله ورسوله» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1769] وعنه عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أَبَقَ العَبْدُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «فَقَدْ كَفَرَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد على من أبق من سيده. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/992) </span><br /><span style="font-size: x-large;">350- باب تحريم الشفاعة في الحدود</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} [النور (2) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: {وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} قال: إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان فتقام ولا تعطَّل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وقدم المؤنث هنا على المذكر عكس ما في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة (38) ] ؛ لأنَّ مدار الزنى على الشهوة، وهي منهن أتم، ومدار السرقة على الغلبة وهي فيهم أبين، فقدم ما هو أليق به وأتم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1770] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ قُرَيْشاً أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقالوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى؟!» ثُمَّ قَامَ فاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيِهمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: فَتَلوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ» !؟ فَقَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذه القصة وقعت في غزوة الفتح. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/993) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» . أراد المبالغة في إثبات إقامة الحد على كل مكلف، وترك المحاباة في ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشافعي: ذكر عضوًا شريفًا من امرأة شريفة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضادَّ الله في أمره» . رواه أحمد، وأبو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه: «تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب» . رواه أبو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">351- باب النهي عن التغوط في طريق الناس</span><br /><span style="font-size: x-large;">وظلِّهم وموارد الماء ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: وعيدٌ شديد على من آذى المؤمنين بقول أو فعل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1771] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ» قالوا: وَمَا اللاعِنَانِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «اتقوا اللاعِنَيْن» ، أي: الأمرين الجالبين للَّعن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ولفظ أبي داود: «اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/994) </span><br /><span style="font-size: x-large;">ولفظ أحمد: «اتقوا الملاعن الثلاث، أن يقعد أحدكم في ظل يستظل به أو في طريق، أو نقع ماء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج الطبراني: النهي عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة، وضفة النهر الجاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فالذي تحصَّل من الأحاديث المذكورة ستة مواضع منهيٌ عن التبرز فيها: قارعة الطريق، والظل، والموارد، ونقع الماء، وتحت الأشجار المثمرة، وجانب النهر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي مراسيل أبي داود من حديث مكحول: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أنْ يبال بأبواب المساجد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">352- باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1772] عن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أنْ يُبَالَ في المَاءِ الرَّاكِدِ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على النهي عن البول في الماء الراكد؛ لأنه ينجسه إنْ كان قليلاً، ويقذره إنْ كان كثيرًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «لا يغْتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: النهي عن البول في الماء لئلا ينجسه، وعن الاغتسال فيه لئلا يلبسه الطهورية، وهذا كله محمول على الماء القليل عند أهل العلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/995) </span><br /><span style="font-size: x-large;">353- باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده</span><br /><span style="font-size: x-large;">على بعض في الهبة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1773] عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: أنَّ أباه أتَى بِهِ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاماً كَانَ لِي، فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟» فقال: لا، فقالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «فَأرْجِعهُ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفَعَلْتَ هذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟» قال: لا، قال: «اتَّقُوا الله واعْدِلُوا فِي أوْلادِكُمْ» فَرَجَعَ أبي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: فقال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا بَشيرُ ألَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟» قالَ: نَعَمْ، قال: «أكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هذَا؟» قال: لا، قال: ... «فَلا تُشْهِدْنِي إذاً فَإنِّي لا أشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أشْهِدْ عَلَى هذَا غَيْرِي!» ثُمَّ قال: «أيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا إلَيْكَ في البِرِّ سَواءً؟» قال: بَلَى، قال: «فَلا إذاً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على وجوب التسوية بين الأولاد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الندب على التآلف بين الأخوة، وترك ما يورث العقوق للآباء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: مشروعية استفصال الحاكم والمفتي، وجواز تسمية الهبة: صدقة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أشْهِدْ على هذا غيري» . المراد به التوبيخ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث جابر عند مسلم: «فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه كراهة تحمل الشهادة فيما ليس بمباح، وأنَّ للإمام أن يحتمل الشهادة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/996) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: أما لو فضل ذا الحجة أو الطاعة أو البارِّ به على الغني، أو العاصي، أو العاق، فلا كراهة، وإنما كره عند عدم العذر لما فيه من إيحاش المفضل عليه، وربما كان سببًا لعقوقه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">354- باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام</span><br /><span style="font-size: x-large;">إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1774] عن زينب بنتِ أبي سلمة رضي الله عنهما، قالت: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ رضيَ اللهُ عنها زَوجِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ أبُوهَا أبُو سُفْيَانَ بن حرب - رضي الله عنه -، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةُ خَلُوقٍ أوْ غَيرِهِ، فَدَهَنَتْ مِنهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: واللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إلا علَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْراً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قالَتْ زَيْنَبُ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ رضي اللهُ عنها حينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ: أمَا وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيرَ أنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاَثٍ، إلا علَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْراً» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على تحريم الإحداد على غير الزوج، ووجوب الإحداد في المدة المذكورة على الزوج.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن بَطَّال: الإحداد: امتناع المرأة المتوفي عنها [زوجها] من الزينة </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/997) </span><br /><span style="font-size: x-large;">كلها من لباس، وطيب، وغيرهما، وكل ما كان من دواعي الجماع، وأباح الشرع للمرأة أنْ تحد على غير زوجها ثلاثة أيام لما يغلب من لوعة الحزن، ويهجم من ألم الوجْد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">355- باب تحريم بيع الحاضر للبادي</span><br /><span style="font-size: x-large;">وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه</span><br /><span style="font-size: x-large;">والخِطبة على خطبته إلا أنْ يأذن أو يردّ</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1775] عن أنس - رضي الله عنه - قالَ: نهَى رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يَبيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وإنْ كانَ أخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">صورة بيع الحاضر للبادي: أنْ يحمل البدوي أو القروي متاعه إلى البلد ليبيعه بسعر يومه، ويرجع، فيأتيه البلدي فيقول: ضعه عندي لأبيعه على التدريج بزيادة سِعْر، وذلك إضرار بأهل البلد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1776] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَتَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الأَسْوَاقِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن تلقي الركبان لما يحصل به من الغرَرِ على الجالب، والضرر على أهل السوق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى مسلم عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تلقَّوا الجلب فمن تلقى فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1777] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَتَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» . فقالَ لَهُ طَاووسٌ: مَا قوله: «لا يَبع حَاضِرٌ لِبَادٍ» ؟ قال: لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً. متفق عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/998) </span><br /><span style="font-size: x-large;">السمسار: الدلال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قال ابن المنير وغيره: حمل البخاري النهي عن بيع الحاضر للبادي على معنى خاص، وهو البيع بالأجر. أخذ من تفسير ابن عباس، وقوى ذلك بعموم أحاديث: «الدين النصيحة» . لأن الذي يبيع بالأجرة لا يكون غرضه نصح البائع غالبًا، وإنما غرضه تحصيل الأجرة، فاقتضى ذلك إجازة بيع الحاضر للبادي بغير أجرة من باب النصيحة. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن جابر مرفوعًا: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، فإذا استنصح الرجل فلينصح له» . رواه البيهقي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1778] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نَهَى رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تَنَاجَشُوا وَلا يَبِيع الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخْيِهِ، وَلا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ، وَلا تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إنائِهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قال: نَهَى رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ المُهَاجِرُ لِلأعْرَابِيِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ المَرْأةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا، وأنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ على سَوْمِ أخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ والتَّصْرِيَةِ. متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا تناجشوا» . النجش: هو الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/999) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: وقال ابن أبي أوفى: الناجش: آكل الربا، خائن، وهو خداع باطل لا يحل، قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الخديعة في النار، ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا يبع الرجل على بيع أخيه. نفيٌ بمعنى النهي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: البيع على البيع حرام، وكذلك الشراء على الشراء، وهو أنْ يقول من اشترى سلعة في زمن الخيار: افسخ لأبيعك بأنقص.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما السوم فصورته: أن يأخذ ليشتريه فيقول: ردّه لأبيعك خيرًا منه بثمنه أو مثله بأرخص. ومحله بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إناءها» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث آخر: «لا يحل للمرأة تسأل طلاق زوجة الرجل» ، أي: سواء كانت ضرتها أو أجنبية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ونهى عن التصرية» . التصرية: ترك حَلْبِ الدابة ليجتمع اللبن في ضرعها، فيتوهم كثرة لبنها، حرم لما فيه من الغش والخديعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولا تصروا الإبل والغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين، بعد أن يحلبها إنْ رضيها أمسكها، وإنْ سخطها ردّها وصاعًا من تمر، وهو بالخيار ثلاثًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1779] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ إلا أنْ يَأذَنَ لَهُ» . متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1780] وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «المُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ، فَلا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1000) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَلا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ حَتَّى يذَرَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم البيع على البيع، والخطبة على الخطبة، إلا أنْ يأذن، أو يترك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">356- باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه</span><br /><span style="font-size: x-large;">التي أذن الشرع فيها</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1781] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللهَ تعالى يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثاً، ويَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثاً: فَيَرْضَى لَكُمْ أنْ تَعْبُدُوهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإضَاعَةَ المَالِ» . رواه مسلم، وتقدم شرحه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1782] وعن ورَّادٍ كاتب المغيرة بْنُ شُعْبَةَ، قال: أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ في كِتابٍ إلَى مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: «لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» وَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَإضَاعَةِ المَالِ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ. متفق عليه، وسبق شرحه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا ينفع ذا الجد منك الجد» ، أي: لا ينفع ذا الحظ حظه وإنما ينفع العمل الصالح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وإضاعة المال» : بذله في غير مصلحة دينية ولا دنيوية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وكثرة السؤال» : تكلف المسائل التي لا تدعو الحاجة إليها، وسؤال الناس أموالهم من غير ضرورة. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1001) </span><br /><span style="font-size: x-large;">«ومَنْعٍ وهَاتِ» ، أي: منع ما أمر ببذله، وسؤال ما ليس له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والعقوق محرم في حق الوالدين جميعًا، وخص الأمهات بالذكر إظهارًا لعظم حقهن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«وقيل، وقال» يعني الكلام فيما لا يعني الإنسان، فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">357- باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه</span><br /><span style="font-size: x-large;">سواء كان جاداً أو مازحاً، والنهي عن تعاطي السيف مسلولاً</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1783] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يُشِرْ أحَدُكُمْ إلَى أخِيهِ بِالسِّلاحِ، فَإنَّهُ لا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَع فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أشَارَ إلَى أخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَنْزعَ، وَإنْ كَانَ أخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَنْزع» ضُبِطَ بالعين المهملة مع كسر الزاي، وبالغين المعجمة مع فتحها، ومعناهما مُتَقَارِبٌ، وَمَعنَاهُ بالمهملةِ يَرْمِي، وبالمعجمةِ أيضاً يَرْمِي وَيُفْسِدُ. وَأصْلُ النَّزْعِ: الطَّعْنُ وَالفَسَادُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن الإشارة بالسلاح، ولو كان هازلاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1784] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: نهى رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولاً. رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن تناول السيف، وهو مسلول. وفي معناه البندق إذا كانت الرصاصة فيها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1002) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: قال ابن رسلان: يقال: تعاطيت السيف إذا تناولته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر (29) ] ، أي: تناول الناقة بسيفه فعقرها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: كراهة تناوله لأن المتناول قد يخطئ في تناوله، فيخرج يده أو شيئًا من جسده فيتأذى بذلك ويحصل الفساد. وفي معنى السيف السكين فلا يرميها والحد من جهته، والأدب في تناولها أنْ يمسك النصل المحدود في يده من جهة قفاه، ويجعل المقبض إلى جهته ليتناولها بالنصال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">358- باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان</span><br /><span style="font-size: x-large;">إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1785] عن أبي الشَّعْثَاءِ قالَ: كُنَّا قُعُوداً مَع أبي هريرة - رضي الله عنه - في المَسْجِدِ، فَأَذَّن المُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ المَسْجِدِ يَمْشِي، فَأَتْبَعَهُ أبُو هُريرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ، فقال أبو هريرة: أمَّا هذَا فَقَدْ عَصَى أبا القَاسِمِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر، كمرض أو حاجة داعية للخروج كالحدث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">359- باب كراهة رد الريحان لغير عذر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1789] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ، فَلا يَرُدَّهُ، فَإنَّهُ خَفيفُ المَحْمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: أشار إلى قبول عطية الطِّيب؛ لأنه لا مؤنة لحمله ولا منة </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1003) </span><br /><span style="font-size: x-large;">للخلق في قبوله لجريان عادتهم بذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الترغيب في استعمال الطيب، وعرضه على من يستعمله لا سيما عند حضور الجمعة والجماعات ونحوهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1787] وعن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من لم يرد الطيب. وذكر الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: كأنه أشار إلى النهي عن ردّه ليس على التحريم، وقد ورد ذلك في بعض طرق حديث الباب وغيره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأخرج الترمذي من مراسيل أبي عثمان النهدي: «إذا أعطي أحدكم الرَّيحان فلا يرده فإنه خرج من الجنة» . انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وروى الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعًا: «ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن، واللبن» . وقد نظم بعضهم ما يسن قبوله فقال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">?? ... عن المصطفى سبع يُسن قبولها ... إذا ما بها قد أتحف المرء خلان</span><br /><span style="font-size: x-large;">حلوى وألبان ودهن وسادة ... ورزق لمحتاج وطيب وريحان</span><br /><span style="font-size: x-large;">360- باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة</span><br /><span style="font-size: x-large;">من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أمِنَ ذلك في حقه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1788] وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلاً يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ في المِدْحَة، فقالَ: «أهْلَكْتُمْ - أوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ» . متفق عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1004) </span><br /><span style="font-size: x-large;">«وَالإطْرَاءُ» : المُبَالَغَةُ فِي المَدْحِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ما يكره من التمادح، وذكر الحديث والذي بعده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1789] وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً ذُكِرَ عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْراً، فقال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَيْحَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» يَقُولُهُ مِرَاراً: «إنْ كَانَ أحَدُكُمْ مَادِحاً لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللهُ، وَلا يُزَكّى عَلَى اللهِ أحَدٌ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «والله حسيبه» أي: محاسبه على عمله. والمعنى: فليقل: أحسب أن فلانًا كذا إن كان يحسب ذلك منه، والله يعلم سره؛ لأنه هو الذي يجازيه. ولا يقل: أتيقن، ولا أتحقق جازمًا بذلك، ولا يزكى على الله أحد، فإنه لا يعلم بواطن الأمور إلا الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم (32) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1790] وعن همام بن الحارث عن المِقْدَادِ - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمانَ - رضي الله عنه -، فَعَمِدَ المِقْدَادُ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَجَعَلَ يَحثو في وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ. فقالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأنُكَ؟ فقال: إنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ... «إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الغزالي: آفة المدح في المادح أنه قد يكذب، وقد يرائي الممدوح بمدحه، ولا سيما إن كان فاسقًا أو ظالمًا. فقد جاء في حديث أنس رفعه: «إذا مُدِحَ الفاسق غضب الرب» . أخرجه أبو يعلى، وابن أبي الدنيا، وفي سنده ضعف. وقد يقول ما لا يتحققه مما لا سبيل له إلى الاطلاع عليه، ولهذا قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1005) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فليقل: أحسب» وذلك كقوله: إنه وَرعٌ ومتقٍ وزاهدٌ، بخلاف ما لو قال: رأيته يصلي، أو يحج، أو يزكي، فإنه يمكن الاطلاع على ذلك، ولكن تبقى الآفة على الممدوح، فإنه لا يأمن أن يحدث فيه المدح كِبْرًا أو إعجابًا. فإن سلم المدح من هذه الأمور لم يكن به بأس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عيينة: من عرف نفسه لم يضره المدح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال بعض السلف: إذا مُدِحَ الرجل في وجهه، فليقل: اللَّهُمَّ اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون. انتهى ملخصًا من (فتح الباري) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فهذهِ الأحاديث في النَهي، وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العلماءُ: وطريق الجَمْعِ بين الأحاديث أنْ يُقَالَ: إنْ كان المَمْدُوحُ عِنْدَهُ كَمَالُ إيمانٍ وَيَقينٍ، وَرِيَاضَةُ نَفْسٍ، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِحَيْثُ لا يَفْتَتِنُ، وَلا يَغْتَرُّ بِذَلِكَ، وَلا تَلْعَبُ بِهِ نَفْسُهُ، فَليْسَ بِحَرَامٍ وَلا مَكْرُوهٍ، وإنْ خِيفَ عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ هذِهِ الأمورِ، كُرِهَ مَدْحُهُ في وَجْهِهِ كَرَاهَةً شَديدَةً، وَعَلَى هَذا التَفصِيلِ تُنَزَّلُ الأحاديثُ المُخْتَلِفَةُ فِي ذَلكَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَمِمَّا جَاءَ فِي الإبَاحَةِ قَولُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بكْرٍ - رضي الله عنه -: «أرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» . أيْ مِنَ الَّذِينَ يُدْعَونَ مِنْ جَمِيعِ أبْوابِ الجَنَّةِ لِدُخُولِهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَفِي الحَدِيثِ الآخر: «لَسْتَ مِنْهُمْ» : أيْ لَسْتَ مِنَ الَّذِينَ يُسْبِلُونَ أُزُرَهُمْ خُيَلاَءَ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَقالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعُمَرَ - رضي الله عنه -: «مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكاً فَجّاً إلا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1006) </span><br /><span style="font-size: x-large;">سَلَكَ فَجّاً غَيْرَ فَجِّكَ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">والأحاديثُ في الإباحة كثيرةٌ، وقد ذكرتُ جملةً مِنْ أطْرَافِهَا في كتاب (الأذكار) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من أثنى على أخيه بما يعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال سعد: ما سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لأحد يمشي على الأرض: إنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام، وذكر حديث ابن عمر أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ذكر في الإزار ما ذكر، قال أبو بكر: يا رسول الله، إنَّ إِزاري يسقط من إحدى شقَّيه. قال: «إِنَّك لست منهم» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: باب من أثنى على أخيه بما يعلم، أي فهو جائز، ومستثنى من الذي قبله، والضابط: أن لا يكون في المدح مجازفة، ويؤمن على الممدوح الإعجاب والفتنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">361- باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء</span><br /><span style="font-size: x-large;">فراراً منه وكراهة القدوم عليه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء (78) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة (195) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هاتين الآيتين: شاهد لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض، فلا تقدموا عليه. وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1791] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج إلى الشَّامِ حَتَّى إذا كَانَ بسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ - أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وأصْحَابُهُ - فَأخْبَرُوهُ أنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1007) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قَال ابن عباس: فقال لي عمر: ادْعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأخْبَرَهُمْ أنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بالشَّامِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلا نَرَى أنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعضهم: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وأصْحَابُ رسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاء. فقال: ارْتَفِعُوا عَنِّي. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأَنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبيلَ المُهَاجِرينَ، وَاخْتَلَفُوا كاخْتِلاَفِهِمْ، فقال: ارْتَفِعُوا عَنِّي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ ها هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُريشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَلا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ - رضي الله عنه - في النَّاسِ: إنِّي مُصَبحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عليْهِ، فقال أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -: أفِراراً مِنْ قَدَرِ الله؟ فقالَ عُمرُ - رضي الله عنه -: لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أبا عبيدَةَ! - وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلاَفَهُ - نَعَمْ، نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ إلى قَدَرِ اللهِ، أرَأيْتَ لَو كَانَ لَكَ إبِلٌ، فَهَبَطَتْ وَادِياً لَهُ عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُمَا خَصْبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيسَ إنْ رَعَيْتَ الخصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللهِ، وَإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ - رضي الله عنه - وَكَانَ مُتَغَيِّباً في بَعْضِ حاجَتِهِ، فقالَ: إنَّ عِنْدِي من هَذَا علماً، سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بأرْضٍ فَلا تَقْدِمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِراراً مِنْهُ» فحمِدَ اللهَ تَعَالَى عمرُ - رضي الله عنه - وانصَرَفَ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">و «العُدْوَة» : جانِب الوادِي. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1008) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1792] وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ، وأنْتُمْ فِيهَا، فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: ما يذكر في الطاعون، وذكر حديث أسامة وابن عباس.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه» ، هم: خالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو ابن العاص. وكان أبو بكر قد قسم البلاد بينهم، وجعل أمر القتال إلى خالد، ثم رده عمر إلى أبي عبيدة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكان عمر قسم الشام أجنادًا: الأردن جند، وحمص جند، ودمشق جند، وفلسطين جند، وقنسرين جند، وجعل على كل جند أميرًا. ومنهم من قال: إن قنسرين كانت مع حمص، فكانت أربعة، ثم أفردت قنسرين في أيام يزيد بن معاوية، إلى أن قال:</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: جواز رجوع من أراد دخول بلدة فعلم أن بها الطاعون، وأن ذلك ليس من الطيرة، وإنما هو من منع الإِلقاء إلى التهلكة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري أيضًا: باب من خرج من أرض لا تلائمه، أي: لا توافقه. وذكر فيه قصة العرنيين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وكأنه أشار إلى أن الحديث الذي أورده في النهي عن الخروج من الأرض التي وقع فيها الطاعون ليس على عمومه، وإنما هو مخصوص بمن خرج فرارًا مِنْه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأَيَّد الطحاوي صنيع عمر بقصة العرنيين، فإن خروجهم من المدينة كان </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1009) </span><br /><span style="font-size: x-large;">للعلاج لا للفرار، وهو واضح من قصتهم؛ لأنهم شكوا وخم المدينة، وأنها لم توافق أجسامهم. وكان خروجهم من ضرورة الواقع؛ لأن الإبل التي أمروا أن يتداووا بألبانها وأبوالها واستنشاق روائحها، ما كانت تتهيأ إقامتها بالبلد، وإنما كانت في مراعيها، فلذلك خرجوا. وقد لحظ البخاري ذلك فترجم: من خرج من الأرض التي لا تلائمه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويدخل فيه ما أخرجه أبو داود من حديث فروة بن مُسَيْك، قال: قلت: يا رسول الله، إن عندنا أرضًا يقال لها أبين، هي أرض ريفنا وميرتنا، وهي وبئة. فقال: «دعها عنك، فإن من القرف التلف» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن قتيبة: القرف: القرب من الوباء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الخطابي: ليس في هذا إثبات العدوى، وإنما هو من باب التداوي، فإن استصلاح الأهوية من أنفع الأشياء في تصحيح البدن وبالعكس. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">362- باب التغليظ في تحريم السحر</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية. [البقرة (102) ]</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب السحر وقول الله تعالى: {وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان:</span><br /><span style="font-size: x-large;">أحدها: ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي: خادعته، واستملته. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1010) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الثاني: ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة له، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ... {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه (66) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الثالث: ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الرابع: ما يحصل بمخاطبة الكواكب، واستنزال روحانيتها بزعمهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واختلف في السحر، فقيل: هو تخيل فقط، ولا حقيقة له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي هذه الآية: بيان أصل السحر الذي يعمل به اليهود، ثم هو مما وضعته الشياطين على سليمان بن داود عليه السلام، ومما أنزل على هاروت وماروت بأرض بابل. وقد استُدِلَّ بهذه الآية على أنَّ السحر كفر ومتعلمه كافر، وهو واضح في بعض أنواعه، وهو التعبُّد للشياطين أو الكواكب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة، فلا يكفر به من تعلمه أصلاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر، فهو كفر وإلا فلا. وأما تعلمه وتعليمه، فحرام. فإن كان فيه ما يقتضي الكفر، كفر واستتيب منه، وإلا يقتل، فإن تاب، قُبلت توبته. وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر، عُزِّر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وعن مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال عياض: وبقول مالك قال أحمد، وجماعة من الصحابة والتابعين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي إيراد المصنف – أي البخاري – هذه الآيةَ إشارةٌ إلى </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1011) </span><br /><span style="font-size: x-large;">اختيار الحكم بكفر الساحر، لقوله فيها: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ، فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء، إلا وذلك الشيء كفر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} ، فإن فيه إشارة إلى أنَّ تعلُّم السحر كفر، فيكون العمل به كفرًا. وهذا كله واضح على ما قرَّرته من العمل ببعض أنواعه. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1793] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» . قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ باللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وأكْلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ؛ وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الموبقات: المهلكات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة (72) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [البقرة (102) ] ، أي: من نصيب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء (93) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قتل معاهدًا، لم يرح رائحة الجنة» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1012) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة (275) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال (15، ... 16) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور (23) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">363- باب النهي عن المسافرة بالمصحف إِلَى بلاد الكفار</span><br /><span style="font-size: x-large;">إِذَا خيف وقوعه بأيدي العدوّ</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1794] عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يُسَافَرَ بالقُرْآنِ إِلَى أرْضِ العَدُوِّ. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: النهيُ محمول على التحريم، لئلا يتمكنوا منه فيهينوه. أما إذا أمن ذلك، فيكره حمله سدًا للذريعة، وأخذًا بالأحوط.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو. وكذلك يروى عن محمد بن بشر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وتابعه ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد سافر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1013) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وأصحابه في أرض العدو، وهم يعلمون القرآن، ثم ساق الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: أما رواية محمد بن بشر، فوصلها إسحاق بن راهويه في: (مسنده) ، ولفظه: (كره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو) . والنهي يقتضي الكراهة؛ لأنه لا ينفك عن كراهة لتنزيه، أو التحريم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: (وقد سافر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه في أرض العدو، وهم يعلمون القرآن) ، أشار البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو، لا السفر بالقرآن نفسه. وادعى المهلب: أن مراد البخاري بذلك تقوية لقول بالتفرقة بين العسكر الكثير والطائفة القليلة، فيجوز في تلك دون هذه، والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري أيضًا: باب هل يشرد المسلم أهل الكتاب، أو يعلمهم الكتاب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: أورد فيه طرفًا من حديث ابن عباس في شأن هرقل، وهذه المسألة مما اختلف فيه السلف: فمنع من تعليم الكافر القرآن، ورخص أبو حنيفة، واختلف قول الشافعي. والذي يظهر أن الراجح التفصيل بين من يرجي منه الرغبة في القرآن، والدخول فيه مع الأمن منه أن يتسلط بذلك إلى الطعن فيه، وبين من يتحقق أن ذلك لا ينجع فيه، أو يظن أنه يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين، والله أعلم. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">364- باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة</span><br /><span style="font-size: x-large;">في الأكل والشرب والطهارة</span><br /><span style="font-size: x-large;">وسائر وجوه الاستعمال</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1795] عن أُمِّ سلمة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . متفق عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1014) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ والذَّهَبِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الأكل أو الشرب في آنية الذهب أو الفضة من كبائر الذنوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1796] وعن حُذَيفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهانا عنِ الحَريِرِ وَالدِّيبَاجِ وَالشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وقالَ: «هُنَّ لَهُمْ في الدُّنْيَا، وَهِيَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيحين عن حُذيْفَةَ - رضي الله عنه -: قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «لا تَلْبسُوا الحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَلا تَأكُلُوا في صِحَافِهَا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الديباج: صنف نفيس من الحرير، وعطفه عليه من عطف الخاص على العام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تحريم لبس الحرير من الديباج وغيره على الذكور.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة على مكلف رجلاً كان أو امرأة، ولا يلتحق ذلك بالحلي للنساء؛ لأنه ليس من التزين الذي أبيح لهن في شيء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «هي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة» ، أي: الكفار يستعملونها في الدنيا، وهي لكم في الآخرة مكافأة لكم على تركها في الدنيا، ويمنعها من يستعملها في الدنيا جزاء لهم على معصيتهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1797] وعن أنس بن سِيِرين قَالَ: كنتُ مَعَ أنس بن مالك - رضي </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1015) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الله عنه -، عِنْدَ نَفَرٍ مِنَ المَجُوسِ؛ فَجِيءَ بفَالُوذَجٍ عَلَى إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَلَمْ يَأَكُلْهُ، فَقِيلَ لَهُ: حَوِّلْهُ، فَحَوَّلَهُ عَلَى إناءٍ مِنْ خَلَنْجٍ وَجِيءَ بِهِ فَأَكَلَهُ. رواه البيهقي بإسناد حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الخَلَنْج» : الجفْنَةُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أن طريق حل تناول ما في إناء النقدين أن يحوِّل منه إلى آخر، ويستعمل من ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">365- باب تحريم لبس الرجل ثوباً مزعفراً</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1798] عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يَتَزَعْفَرَ الرجُل. متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1799] وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: رأى النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: «أُمُّكَ أمَرَتْكَ بِهَذا؟» قلتُ: أَغْسِلُهُمَا؟ قال: «بَلْ أَحْرِقْهُمَا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية، فَقَالَ: «إنَّ هَذَا مِنْ ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب النهي عن التزعفر للرجال، وذكر حديث أنس بلفظ: (نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتزعفر الرجل) ثم قال: باب الثوب المزعفر وذكرحديث ابن عمر قال: (نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يلبس المحرم ثوبًا مصبوغًا بورس، أو بزعفران) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: (باب النهي عن التزعفر للرجال) ، أي: في الجسد؛ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1016) </span><br /><span style="font-size: x-large;">لأنه ترجم بعده: باب الثوب المزعفر. وقيده بالرَّجُل ليخرج المرأة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">واختُلف في النهي عن التزعفر، هل هو لرائحته لكونه من طيب النساء، أو للونه فيلتحق به كل صفرة؟ وقد نقل البيهقي عن الشافعي أنه قال: أنهى الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر، وآمره إذا تزعفر أن يغسله. وأرخص في المعصفر؛ لأنني لم أجد أحدًا يحكي عنه إلا ما قال علي: (نهاني، ولا أقول نهاكم) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البيهقي: قد ورد ذلك عن غير علي، وساق حديث عبد الله بن عمرو قال: (رأى عليَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوبين معصفرين، فقال: «إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسهما» . أخرجه مسلم. وفي لفظ له: فقلت: أغسلهما. قال: «لا بل أحرقهما» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البيهقي: فلو بلغ ذلك الشافعي، لقال به إتباعًا للسنَّة، كعادته. والكراهة لمن تزعقر في بدنه أشد من الكراهة لمن تزعفر في ثوبه. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">366- باب النهي عن صمت يوم إلَى الليل</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1800] عن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ، وَلا صُمَاتَ يَومٍ إِلَى اللَّيْلِ» . رواه أَبُو داود بإسناد حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الخَطَّابِيُ في تَفسيرِ هَذَا الحديث: كَانَ مِنْ نُسُكِ الجَاهِلِيَّةِ الصُّمَاتُ. فَنُهُوا في الإسْلاَمِ عَن ذَلِكَ وأُمِرُوا بالذِّكْرِ وَالحَدِيثِ بالخَيْرِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1801] وعن قيس بن أَبي حازم، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - عَلَى امْرأَةٍ مِنْ أحْمَسَ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ، فَرَآهَا لا تَتَكَلَّمُ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1017) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ: مَا لَهَا لا تتكلمُ؟ فقالوا: حَجَّتْ مصمِتةً، فقالَ لها: تَكَلَّمِي، فَإنَّ هَذَا لا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِليَّةِ، فَتَكَلَّمَتْ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن قدامة في (المغني) : (ليس من شريعة الإسلام الصمت عن الكلام، وظاهر الأخبار تحريمه واحتج بحديث أبي بكر وحديث علي، وإن نذر ذلك لم يلزمه الوفاء به) . وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفًا انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشيخ أبو إسحاق في (التنبيه) : ويكره صمت يوم إلى الليل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في (الفتح) : والأحاديث الواردة في فضل الصمت لا تعارض ما جزم به في (التنبيه) من الكراهة لاختلاف المقاصد في ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والصمت المرغَّب فيه: ترك الكلام في الباطل، وكذا المباح إن جر إلى شيء من ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والصمت المنهيُّ عنه: ترك الكلام في الحق لمن يستطيعه، وكذا المباح المستوعب الطرفين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">367- باب تحريم انتساب الإنسان إِلَى غير أَبيه</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1802] عن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أبِيهِ، فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد لمن انتسب إلى غير أبيه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1018) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[1803] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أبِيهِ، فَهُوَ كُفْرٌ» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المراد: من رَغِبَ عن نسب أبيه عالمًا مختارًا، فهو حرام، وقد فعل فعلاً شبيهًا بفعل أهل الكفر، وليس المراد حقيقة الكفر، الذي يخلد صاحبه في النار، فهو كفر دون كفر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1804] وعن يزيد بن شريكِ بن طارِقٍ، قَالَ: رَأيتُ عَلِيّاً - رضي الله عنه - عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يقُولُ: لا واللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ نَقْرؤُهُ إِلا كِتَابَ اللهِ، وَمَا في هذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَنَشَرَهَا فَإذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإبِلِ، وَأشْيَاءُ مِنَ الجَرَاحَاتِ، وَفِيهَا: قَالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المَدينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَوْ آوَى مُحْدِثاً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلا عَدْلاً. ذِمَّةُ المُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلا عَدْلاً. وَمَن ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبيهِ، أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيرِ مَوَاليهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ؛ لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلا عَدْلاً» . متفق عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ» أيْ: عَهْدُهُمْ وأمَانَتُهُمْ. «وأخْفَرَهُ» : نَقَضَ عَهْدَهُ. «وَالصَّرْفُ» : التَّوْبَةُ، وَقِيلَ الحِيلَةُ. «وَالعَدْلُ» : الفِدَاءُ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1019) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تكذيب للرافضة الذين زعمو أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خص عليًّا عن سائر الناس بعلم لم يطلعوا عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: التصريح في تغليظ تحريم الانتساب إلى غير أبيه، وانتماء المعتق إلى غير مواليه لما فيه من كفر النعمة، وتضييع حقوق الإرث، والولاء، والعقل، وغير ذلك، مع ما فيه من القطيعة والعقوق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1805] وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ رَسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ دَعَا رَجُلاً بالكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُو اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلا حَارَ عَلَيْهِ» . متفق عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والادعاء إلى غيره. وقيد في الحديث بالعلم، ولا بد منه في الحالتين إثباتًا ونفيًا، لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز إطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ويؤخذ منه تحريم الدعوى بشيء ليس هو للمدعي، فيدخل فيه الدعاوي الباطلة كلها: مالاً، وعلمًا، وتعالمًا، ونسبًا، وحالاً، وصلاحًا، ونعمة، وولاء، وغير ذلك. ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتبة على ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">368- باب التحذير من ارتكاب</span><br /><span style="font-size: x-large;">ما نهى الله - عز وجل - أَو رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور (63) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1020) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الفتنة في الدنيا، والعذاب في الآخرة. وإذا ورد هذا الوعيد في مخالفة أمر الرسول والإعراض عنه، فعن أمر الحق أحقُّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران (30) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: يخوِّفكم عقوبته على ارتكاب المنهي، ومخالفة المأمور، وهذا غاية التَّحذير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج (12) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: إنْ أخذه بالعذاب إذا أخذ الظلمة لشديد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَكَذِلكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود (102) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود (102) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1806] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ اللهَ تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيْرَة اللهِ، أنْ يَأْتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: على قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الغيرة في اللغة: [تَغَيُّرٌ] يحصل من الحمية والأنفة، وأصلها في الزوجين والأهلين، كل ذلك محال على الله تعالى؛ لأنه منزه عن كل تغير ونقص، فيتعين حمله على المجاز.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فقيل: لما كانت ثمرة الغيرة صون الحريم، وزجرُ من يقصد إليهم أطلق عليه ذلك، لكونه منع من فعل ذلك، وزجر فاعله وتوعده، فهو من باب تسمية الشيء بما يترتب عليه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1021) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن فوْرك: المعنى ما أحد أكثر زجرًا عن الفواحش من الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال غيره: غيرة الله ما يغير من حال المعاصي بانتقامه منه في الدنيا والآخرة، أو في أحدهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد (11) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن دقيق العيد: أهل التنزيه في مثل هذا على قولين: إما ساكت، وإما مؤول، على أن المراد بالغيرة شدة المنع والحماية، فهو من مجاز الملازمة. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قلت: والصواب في مثل هذا إمراره كما ورد، فتفسيره تلاوته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">369- باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [فصلت (200) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ} ، أي: يصيبك ويعتريك ويعرض لك من الشيطان (نزغ) نخسة، والنزغ من الشيطان: الوسوسة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال عبد الرحمن بن زيد: لما نزلت هذه الآية: {خُذِ الْعَفْوَ} ... [الأعراف (199) ] ، قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كيف يَا رب، والغضب» ، فنزل: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} ، أي: استَجِرْ بِاللهِ إنَّهُ سميعٌ عليم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف (201) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال سعيد بن جبير: هو الرجل يغضب الغضبة، فيذكر الله تعالى، فيكظم الغيظ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال مجاهد: هو الرجل يهم بالذنب، فيذكر الله فيدعه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} ، أي: يبصرون مواقع خطاياهم بالتذكر والتفكر. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1022) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال السدِّي: إذا زلوا، تابوا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال مقاتل: إنَّ المتقي إذا أصابه نزغ من الشيطان، تذكَّر وعرف أنه معصية، فأبصر فنزع عن مخالفة الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلينَ} [آل عمران (135، ... 136) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يثني تعالى على المتقين الذين إذا صدر منهم ذنب، أتبعوه بالتوبة والاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ... [النور (31) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: توبوا من التقصير في أوامره ونواهيه. قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[1807] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ في حَلفِهِ: بِاللاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلا اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبهِ: تَعَالَ أُقَامِركَ فَلْيَتَصَدَّقْ» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: بَابٌ لا يَحْلِفُ بالَّلاتِ وَالْعُزَّى ولا بالطواغيت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: الطواغيت جمع طاغوت، وعطفه على الَّلاتِ وَالْعُزَّى لاشتراك الكل في المعنى. وإنما أمر الحالف بذلك بقول: لا إله إلا الله، لكونه تعاطي صورة تعظيم الصنم حيث حلف به. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1023) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال جمهور العلماء: من حلف بالَّلاتِ والْعُزَّى أو غيرهما من الأصنام، أو قال: إن فعلت كذا، فأنا يهودي، أو نصراني، أو بريء من الإسلام، أو من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لم تنعقد يمينه، وعليه أن يستغفر الله، ولا كفارة عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال البغوي: في هذا الحديث دليل على أن لا كفارة على من حلف بغير الإسلام وإن أثم به، لكن تلزمه التوبة؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره بكلمة التوحيد، فأشار إلى أن عقوبته تختص بذنبه. ولم يوجب عليه في ماله شيئًا، وإنما أمره بالتوحيد؛ لأن الحلف بالَّلاتِ والْعُزَّى يضاهي الكفار، فأمره أن يتدارك بالتوحيد.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال الطيبي: الحكمة في ذكر القمار بعد الحلف باللات: أن من حلف باللات وافق الكفار في حلفهم، فأمر بالتوحيد. ومن دعا إلى المقامرة وافقهم في لعبهم، فأمره بكفارة ذلك بالتصدق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال: وفي الحديث: أن من دعا إلى اللعب، فكفارته أن يتصدق، ويتأكد ذلك في حق من لعب بطريق الأولى. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">* * * </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/1024) </span><br /><span style="font-size: x-large;">================================== </span></span></b></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-40280850794717454692022-04-17T00:51:00.004-07:002022-04-17T00:51:42.479-07:00تطريز رياض الصالحين {الجهاد والعلم و حمد الله تعالي وشكره و كتاب الصَّلاة عَلَى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -}<p><span style="color: #fce5cd;"><span style="background-color: red;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: black;"> </span></span></span></b></span><span style="background-color: red;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: black;"><span style="background-color: red;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"> تطريز رياض الصالحين </span></span></b></span> </span></span></span></b></span></span></p><p><span style="color: #fce5cd;"><span style="background-color: red;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: black;"> <br /></span></span></span></b></span></span></p><div style="text-align: justify;"><b><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب الجِهَاد</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">234-[باب فضل الجهاد]</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ} [التوبة (36) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الجهاد: هو مقاتلة الكفرة لإعزاز الدين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي هذه الآية: تحضيضٌ للمسلمين على محاربة المشركين، وبشارة لهم بالنصر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة (216) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين أن يكفوا شر الأعداء عن حوزة الإسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الزهري: الجهاد واجب على كل أحد غزا أو قعد، فالقاعد عليه إذا استُعين أن يعين، وإذا استُغيث أن يغيث، وإذا استنفر أن ينفر، وإن لم يحتج إليه، قعد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بأَمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ في سَبِيلِ اللهِ} [التوبة (41) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/713) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: الأمر بالنفي إلى جهاد الكفار، والأمر بإنفاق المال في ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} [التوبة (111) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا أعظم عقد، وأربح تجارة، وأصدق وعد، وأعظم بشارة، وأوفى عهد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: ثامنهم الله عزَّ وجلّ، فأغلى ثمنهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال عمر رضي الله عنه: إنَّ الله عز وجلّ بايعك وجعل الصفقتين لك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: اسعوا إلى بيعة ربيحة، بايع الله بها كل مؤمن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الله تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء (95، 96) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: فضل الجهاد والحث عليه، أي: ليس المؤمنون القاعدون عن الجهاد من غير عذر، والمؤمنون المجاهدون سواء، غير أولي الضرر، فإنهم يساوون المجاهدين؛ لأنَّ العذر أقعدهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً} ، قيل: أراد بالقاعدين ههنا: أولي الضرر؛ لأنَّ المجاهد باشر الجهاد مع النيّة، وأُلي الضرر كانت لهم نية، ولكنهم لم يباشروا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أجْراً عَظِيماً} ، يعني: على القاعدين من غير عذر {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/714) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِن اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ} [الصف (10: 13) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: بشَّر يَا محمد المجاهدين بالجنة في الآخرة، والنصر في الدنيا. والنجاة من عذاب الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرةٌ مشهورةٌ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: الآيات في وجوب الجهاد وفضله كثيرة في القرآن واضحة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أنْ تحصر، فمن ذلك:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1285] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيُّ الأَعْمَال أفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» . قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجهادُ في سَبيلِ اللهِ» . قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الجهاد أفضل من نافلة الحج.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1286] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، أيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» . قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . قلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الطبري: خص عليه الصلاة والسلام هذه الثلاثة بالذكر؛ لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/715) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1287] وعن أَبي ذرّ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أيُّ العَمَلِ أفْضلُ؟ قَالَ: «الإيمَانُ بِاللهِ، وَالجِهَادُ في سَبِيلهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل الجهاد؛ لأنه قرنه بالإِيمان بالله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1288] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَغَدْوَةٌ في سَبيلِ اللهِ، أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الغُدوة: سير أول النهار. والروحة: سير آخره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1289] وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «مُؤْمنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ في شِعبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل المؤمن المجاهد، وفضل العزلة إذا خاف الفتنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1290] وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى، أَوْ الغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحدبث: فضل الرباط، وهو ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/716) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1291] وعن سَلمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإنْ مَاتَ فيه أُجْرِيَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الفَتَّانَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وأُجري عليه رزقه» أي: برزق من الجنة كما يرزق الشهداء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1292] وعن فَضَالَةَ بن عُبَيْد - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلا المُرَابِطَ فِي سَبيلِ اللهِ، فَإنَّهُ يُنْمى لَهُ عَمَلهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيُؤَمَّنُ مِنْ فِتْنَةَ القَبْرِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة الرباط، وأن المرابط لا ينقطع عمله بالموت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1293] وعن عثمان - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «رِبَاطُ يَوْمٍ في سَبيلِ اللهِ، خَيْرٌ مِنْ ألْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَنَازِلِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن بزيزة: لا تنافي بينه وبين حديث: «خير من صيام شهر» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البيهقي: القصد من هذا ونحوه الإخبار بتضعيف أجر المرابط على غيره، ويختلف ذلك بحسب اختلاف حال الناس نيةً وإخلاصًا، وباختلاف الأوقات. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/717) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1294] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَضَمَّنَ الله لِمَنْ خَرَجَ في سَبيلِهِ، لا يُخْرِجُهُ إِلا جِهَادٌ في سَبيلِي، وَإيمَانٌ بِي، وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَيَّ أنْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إِلَى مَنْزِلهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ بِمَا نَالَ مِنْ أجْرٍ، أَوْ غَنيمَةٍ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ في سَبيلِ اللهِ، إِلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ كُلِم؛ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ، وَرِيحُهُ ريحُ مِسْكٍ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلا أنْ أَشُقَّ عَلَى المُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلاَفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو في سَبيلِ اللهِ أبداً، وَلكِنْ لا أجِدُ سَعَةً فأحْمِلُهُمْ وَلا يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أنْ أغْزُوَ في سَبيلِ اللهِ، فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أغْزُوَ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أغْزُوَ فَأُقْتَلَ» . رواه مسلم، وروى البخاري بعضه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الكَلْمُ» : الجَرْحُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «تضمن الله وتكفل الله، وانتدب الله» بمعنى واحد، ومحصله تحقيق الوعد المذكور في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} ، وذلك التحقيق على وجه الفضل منه سبحانه وتعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1295] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَم في سَبيِلِ الله إِلا جَاءَ يَومَ القِيَامةِ، وَكَلْمُهُ يدْمَى: اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ ريحُ مِسكٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/718) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: الحكمة في بعثه كذلك، أن يكون معه شاهد بفضيلته ببذله نفسه في طاعة الله تعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1296] وعن معاذٍ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ الله من رَجُلٍ مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحاً في سَبِيلِ اللهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأَغزَرِ مَا كَانَتْ: لَونُها الزَّعْفَرَانُ، وَريحُها كَالمِسْكِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الفُوَاقُ: ما بين الحلبتين، وهو كناية عن قليل الجهاد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: بشارة لمن جاهد في سبيل الله، طلبًا لمرضاة الله بالموت على الإسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1297] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشِعبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَة، فَأعْجَبَتْهُ، فَقَالَ: لَو اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأقَمْتُ في هَذَا الشِّعْبِ، وَلَنْ أفْعَلَ حَتَّى أسْتَأْذِنَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكَرَ ذَلِكَ لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «لا تَفعلْ؛ فَإنَّ مُقامَ أَحَدِكُمْ في سَبيلِ اللهِ أفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ في بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَاماً، أَلا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ، وَيُدْخِلَكُمُ الجَنَّةَ؟ أُغْزُوا في سَبيلِ الله، من قَاتَلَ في سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَ «الفُوَاقُ» : مَا بَيْنَ الحَلْبَتَيْنِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/719) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحض على الجهاد في سبيل الله، وأنه أفضل من نوافل العبادة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1298] وعنه قَالَ: قيل: يَا رسولَ اللهِ، مَا يَعْدلُ الجهادَ في سَبِيلِ ... اللهِ؟ قَالَ: «لا تَسْتَطِيعُونَهُ» فَأعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لا تَسْتَطِيعُونَهُ» ! ثُمَّ قَالَ: «مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبيلِ اللهِ كَمَثلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانتِ بآياتِ الله لا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ، وَلا صَلاَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ في سَبِيلِ اللهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ، وهذا لفظ مسلمٍ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية البخاري: أنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رسول الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: «لا أجِدُهُ» ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتقومَ وَلا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلا تُفْطِرَ» ؟ فَقَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟! .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أنه لا يعدل الجهاد شيء من نوافل العبادات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1299] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانَ فَرَسِهِ في سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي القَتْلَ وَالمَوْتَ مَظَانَّهُ أَوْ رَجُلٌ في غُنَيْمَةٍ في رَأسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذَه الشَّعَفِ، أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِن هَذِهِ الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤتي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأتِيَهُ اليَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلا في خَيْرٍ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/720) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الاستعداد للجهاد في سبيل الله، واستحباب العزلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1300] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ في الجنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ أعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: عظيم فضل المجاهد وعظم عناية الله به.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1301] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبّاً، وَبِالإسْلاَمِ ديناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ» ، فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعيدٍ، فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رسولَ اللهِ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأُخْرَى يَرْفَعُ اللهُ بِهَا العَبْدَ مِئَةَ دَرَجَةٍ في الجَنَّةِ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَينِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ» . قَالَ: وَمَا هيَ يَا رسول الله؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ، الجهَادُ في سَبيلِ اللهِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: الدرجة: المنزلة الرفيعة، ويراد بها غرف الجنة ومراتبها التي أعلاها الفردوس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1302] وعن أَبي بكر بن أَبي موسى الأشعريِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبي - رضي الله عنه - وَهُوَ بَحَضْرَةِ العَدُوِّ، يقول: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أبْوَابَ الجَنَّةِ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» . فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/721) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مُوسَى أأنْتَ سَمِعْتَ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَجَعَ إِلَى أصْحَابِهِ، فَقَالَ: أقْرَأُ عَلَيْكُم السَّلاَمَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَألْقَاهُ، ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى العَدُوِّ فَضَربَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» . قال القرطبي: هو من الكلام النفيس الجامع الموجز، المشتمل على ضروب من البلاغة مع الوجازة وعذوبة اللفظ، فإنه أفاد الحض على الجهاد، والإخبار بالثواب عليه، والحض على مقاربة العدو، واستعمال السيوف، والاجتماع حين الزحف حتى تصير السيوف تظل المتقاتلين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1303] وعن أَبي عبسٍ عبد الرحمن بن جَبْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبيلِ اللهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: بشارة للمجاهد بالنجاة من النار. وعند أحمد وغيره من حديث معاذ «ولا اغبرت قدم في عمل يبتغي به درجات الآخرة بعد الصلاة المفروضة، كجهاد في سبيل الله» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1304] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ الله حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلا يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سَبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: بشارة بالنجاة من النار لمن خشي الله تعالى، وللمجاهدين في سبيل الله. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/722) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1305] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «عَيْنَانِ لا تَمسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبيلِ اللهِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الخشية: الخوف الناشئ عن تعظيم ومعرفة، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1306] وعن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازياً في سَبيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن من أعان مؤمنًا على عمل فله مثل أجر العامل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1307] وعن أَبي أُمَامَة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سَبِيلِ اللهِ وَمَنيحَةُ خَادِمٍ في سَبِيلِ اللهِ، أَوْ طَرُوقَةُ فَحلٍ في سَبِيلِ اللهِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن أفضل الصدقات والعواري ما كان في الجهاد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1308] وعن أنس - رضي الله عنه -: أن فَتَىً مِنْ أسْلَمَ، قَالَ: يَا رسولَ اللهِ، إنِّي أُرِيدُ الغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِيَ مَا أَتَجهَّزُ بِهِ، قَالَ: «ائْتِ فُلاناً فَإنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ» فَأتَاهُ، فَقَالَ: إنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، ويقول: أعْطِني الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ. قَالَ: يَا فُلاَنَةُ، أعْطِيهِ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/723) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الَّذِي كُنْتُ تَجَهَّزْتُ بِهِ، وَلا تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئاً، فَوَاللهِ لا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئاً فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن من أخرج شيئًا في وجه من وجوه الخير، ثم عرض له ما يمنعه أنه يستحب له صرفه في مثله من أبواب الخير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1309] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إِلَى بَنِي لَحْيَانَ، فَقَالَ: «لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أحَدُهُمَا، وَالأجْرُ بَيْنَهُمَا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: «لِيَخْرُجَ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ» ثُمَّ قَالَ للقاعد: «أيُّكُمْ خَلَفَ الخَارِجَ في أهْلِهِ وَمَالِهِ بِخيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أجْرِ الخَارِجِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن من خَلَّف الغازي في أهله وماله بخير، فله نصف أجر الغازي من غير أن ينقص من أجره شيء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1310] وعن البَراءِ - رضي الله عنه - قال: أتَى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بالحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: «أسْلِمْ، ثُمَّ قَاتِلْ» . فَأسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ. فَقَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيراً» . متفقٌ عَلَيْهِِ. وهذا لفظ البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الأعمال بالخواتيم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/724) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1311] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الشهادة وحقارة الدنيا، وعبر بالتمني؛ لأن الرجوع إلى الدنيا محال.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1312] وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَغْفِرُ اللهُ لِلْشَّهِيدِ كُلَّ شَيْءٍ إِلا الدَّيْنَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ له: «القَتْلُ في سبيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شيءٍ إلا الدَّيْن» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في حديث ابن مسعود عند أبي نعيم: «القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها، إلا الأمانة، والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1313] وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ فِيهِم فَذَكَرَ أنَّ الجِهَادَ في سَبيلِ اللهِ، وَالإيمَانَ بِاللهِ، أفْضَلُ الأعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أرأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، أتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/725) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سَبيلِ الله وَأنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ» ، ثُمَّ قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، أتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَعَمْ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبِرٍ، إِلا الدَّيْنَ فَإنَّ جِبْريلَ - عليه السلام - قَالَ لِي ذَلِكَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة عظيمة للمجاهد، وهي تكفير خطاياه كلها، إلا حقوق الآدميين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1314] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَجُلٌ: أيْنَ أنَا يَا رسول الله إنْ قُتِلْتُ؟ قَالَ: «في الجَنَّةِ» . فَألْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كان ذلك يوم أُحُد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: أجابه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالبتِّ؛ لأنه علم منه الإِخلاص في الجهاد، ومن قتل كذلك دخل الجنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1315] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: انْطَلَقَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَقْدمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أكُونَ أنَا دُونَهُ» . فَدَنَا المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ» قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بن الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ - رضي الله عنه -: يَا رسولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: بَخٍ بَخٍ؟ فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَولِكَ بَخٍ بَخٍ؟» قَالَ: لا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أهْلِهَا، قَالَ: «فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا» . فَأخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/726) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">حَييتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هذِهِ إنّهَا لَحَياةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«القَرَن» بفتح القاف والراء: هُوَ جُعْبَةُ النشَّابِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يقدمنَّ أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه» المراد: النهي عن الاستبداد في شيء دون أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: المسارعة إلى الشهادة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1316] وعنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالاً يُعَلِّمُونَا القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ: القُرّاءُ، فِيهِم خَالِي حَرَامٌ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالمَاءِ، فَيَضَعُونَهُ في المَسْجِدِ، وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ، وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلِلفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أنْ يَبْلغُوا المَكَانَ، فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، وَأتَى رَجُلٌ حَراماً خَالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أنْفَذَه، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ إخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا» . متفقٌ عَلَيْهِِ، وهذا لفظ مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان» ، أي: مكان أبي براء ابن ملاعب الأسنَّة، عرض لهم عدو الله عامر بن الطفيل، واستصرخ عليهم بني عامر فأبَوا أن يجيبوه، وقالوا: لا نخفر أبا براء وقد عقد لهم جوازًا، فاستصرخ عليهم رعلاً، وذكوان، وعصية، فأجابوه فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/727) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقاتلوهم فقتلوهم في معرك الحرب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1317] وعنه قَالَ: غَابَ عَمِّي أنسُ بنُ النَّضْرِ - رضي الله عنه - عن قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، غِبْتُ عَنْ أوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللهُ أشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ وانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي اعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءُ - يعني: أصْحَابَهُ - وَأبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يَعنِي: المُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا سَعَدَ بنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ، إنِّي أجِدُ ريحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ! قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رسولَ اللهِ مَا صَنَعَ! قَالَ أنسٌ: فَوَجدْنَا بِهِ بِضعاً وَثَمَانِينَ ضَربَةً بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً برُمح أَوْ رَمْيةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَمَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أحَدٌ إِلا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أنسٌ: كُنَّا نَرَى - أَوْ نَظُنُّ - أنَّ هذِهِ الآية نَزَلتْ فِيهِ وَفي أشْبَاهِهِ: {مِنَ المُؤمِنينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} إِلَى آخرها [الأحزاب (23) ] . متفقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ سبق في باب المجاهدة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «إني أجد ريحها من دون أُحُد» يحتمل أنه نشق ريح الجنة حقيقة، ويحتمل أنه استحضر الجنة فصور أنها في ذلك الموضع. والمعنى: أني لأعلم أن الجنة تكتب بالشهادة فأنا مشتاق لها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1318] وعن سَمُرَة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجرةَ فَأدْخَلاَنِي دَاراً هِيَ أحْسَنُ وَأَفضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا، قالا: أمَّا هذِهِ الدَّارُ فَدَارُ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/728) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الشُّهَدَاءِ» . رواه البخاري، وَهُوَ بعض من حديث طويل فِيهِ أنواع العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إنْ شاء الله تَعَالَى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن منزل الشهداء في الجنة أحسن المنازل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1319] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ أمَّ الرُّبيعِ بنتَ البَرَاءِ وهي أُمُّ حَارِثة بن سُرَاقَةَ، أتَتِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رسولَ اللهِ، ألا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ - وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ - فَإنْ كَانَ في الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ في البُكَاءِ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إنَّهَا جِنَانٌ في الجَنَّةِ، وَإنَّ ابْنَكِ أصابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كان قولها قبل تحريم النوح؛ لأن تحريمه كان بعد غزوة أُحد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1320] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَذَهَبْتُ أكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ فَنَهَانِي قَوْمِي، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تظليل الملائكة تشريف له. وفي رواية للبخاري: «ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1321] وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَألَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1322] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقاً أُعْطِيَهَا ولو لَمْ تُصِبْهُ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/729) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذين الحديثين: أن من نوى شيئًا من أعمال البر صادقًا من قلبه، أثيب عليه وإن لم يتفق له ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1323] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «من مسِّ القَرَصة» ، أي: قرصة نحو النملة من كل مؤلم ألمًا خفيفًا، سريع الانقضاء، لا يعقب علة ولا سقمًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العاقولي: القرصُ: الأخذ بأطراف الأصابع. وأدخل عليها أداة الحصر. دفعًا لما يتوهم أنَّ ألمه أعظم من ألمها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1324] وعن عبد الله بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُموهُمْ فَاصْبِروا؛ وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» . ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، أهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية» . قال ابن بطال: حكمة النهي أنه لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث: استحباب الدعاء عند اللقاء، ووصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم، ومراعاة نشاط النفوس لفعل الطاعة، والحث على سلوك الأدب. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/730) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1325] وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ وَعِنْدَ البَأسِ حِيْنَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضَاً» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «حين يلحم بعضهم بعضًا» ، أي: يتقاربون. وروي بالجيم، أي كأن كلاً يلجم صاحبه بالسلاح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1326] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا غَزَا، قَالَ: «اللَّهُمَّ أنْتَ عَضْديِ وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الخروج من حول العبد وقوته، والاعتماد على الله سبحانه وتعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1327] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا خَافَ قَوماً، قَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهمْ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: التحصن بالله تعالى، والالتجاء إليه فيما ينزل بالإنسان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1328] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ... «الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سميت خيلاً لا ختيالها، وهو إعجابها بنفسها مرحًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1329] وعن عروة البارِقِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ: الأجْرُ، وَالمَغْنَمُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/731) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعند الطبراني من حديث جابر: «الخيل معقود في نواصيها الخير واليمن إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، قلدوها، ولا تقلدوها الأوتار» ، زاد أحمد: «فامسحوا بنواصيها وادعوا لها بالبركة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعند البرقاني: «والإبل عزٌ لأهلها والغنم بركة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال عياض: في هذا الحديث مع وجيز لفظه، من البلاغة والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن، مع الجناس السهل الذي بين الخيل والخير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1330] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللهِ، إيمَانَاً بِاللهِ، وَتَصْدِيقَاً بِوَعْدِهِ، فَإنَّ شِبَعَهُ، وَرَيَّهُ ورَوْثَهُ، وَبَوْلَهُ في مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل النفقة على الخيل المحتبسة في سبيل الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن النية يترتب عليها الأجر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1331] وعن أَبي مسعود - رضي الله عنه - قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاقةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ: هذِهِ في سَبيلِ اللهِ. فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُ مئَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا مأخوذ من قوله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ} [البقرة 261] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/732) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1332] وعن أَبي حمادٍ - ويقال: أَبُو سعاد، ويقال: أَبُو أسدٍ، ويقال: أَبُو عامِر، ويقال: أَبُو عمرو، ويقال: أَبُو الأسود، ويقال: أَبُو عبسٍ - عُقبة بن عامِر الجُهَنيِّ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، يقول: « {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال 60] ، أَلا إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ألا إن القوة الرمى» : أي: هو أعظم أنواعها نكاية في العدو، وأنفعها في الحرب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1333] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُونَ، وَيَكْفِيكُمُ اللهُ، فَلا يَعْجِز أَحَدُكُمْ أنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الندب إلى الرمي والتمرن عليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1334] وعنه: أنَّه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عُلِّمَ الرَّمْيَ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، أَوْ فَقَدْ عَصَى» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا تشديد عظيم في نسيان الرمي بعد علمه. وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: «من علم الرمي ونسيه فهي نعمة جحدها» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/733) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1335] وعنه - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ اللهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلاَثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، وَالرَّامِي بِهِ، ومُنْبِلَهُ. وَارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأنْ تَرْمُوا أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ تَرْكَبُوا. وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عُلِّمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا» أَوْ قَالَ: «كَفَرَهَا» . رواه أَبُو داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة الرمي، وأنه من اللهو المستحب. وآخر الحديث: «ليس من اللهو ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله» . أي: ليس ذلك من اللهو المكروه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1336] وعن سَلَمة بن الأكَوعِ - رضي الله عنه - قال: مَرَّ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَفَرٍ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ: «ارْمُوا بَنِي إسماعِيلَ فَإنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِياً» رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الحث على الرمي، والاقتداء بالآباء في الأفعال المحمودة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1337] وعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ رَمَى بِسَهمٍ في سَبيلِ الله فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرَةٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «عدل محررة» ، أي: مثل رقبة معتقة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1338] وعن أَبي يحيى خُرَيْم بن فاتِكٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أنْفَقَ نَفَقَةً في سَبيلِ اللهِ كُتِبَ لَهُ سَبْعُ مِئَةِ ضِعْفٍ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/734) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى أحمد وغيره عن أبي عبيدة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فسبع مئة ضعف، ومن أنفق على نفسه أو على أهله، أو أعاد مريضًا، أو أماط أذى عن الطريق، فهي حسنة بعشر أمثالها، والصوم جُنَّة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه الله في جسده فهو له حطةٌ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1339] وعن أَبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً فِي سَبيلِ اللهِ إِلا بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ اليَوْمِ وَجهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرْيفاً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الخريف هنا: العام، والفضل المذكور محمول على من لم يضعفه الصوم عن الجهاد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1340] وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْماً في سَبيلِ اللهِ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقاً كما بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أخرج أحمد وغيره، عن العباس بن عبد المطلب، قال: (كنا عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «أتدرون كم بين السماء والأرض» ؟ قلنا: الله أعلم ورسوله، قال: «بينهما مسيرة خمس مئة سنة ... » .) الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1341] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بغَزْوٍ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/735) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: في الحديث: أن من لم يتمكن من عمل الخير ينبغي له العزم على فعله إذا تمكن منه، ليكون بدلاً عن فعله، فأما إذا خلا عنه ظاهرًا وباطنًا، فذلك شأن المنافق الذي لا يعمل الخير ولا ينويه، خصوصًا الجهاد الذي أعز الله به الإسلام، وأظهر به الدين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1342] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كنا مَعَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غَزاةٍ فقال: «إنَّ بِالمَدِينَةِ لَرِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلا قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلا كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ المَرَضُ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «حَبَسَهُمُ العُذْرُ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إِلا شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ» . رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ لَهُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العيني: فيه: أن من حبسه العذر عن أعمال البر مع نيته فيها يكتب له أجر العامل بها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1343] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ أعرابياً أتى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقال: يَا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُرَى مَكَانُهُ؟</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: وَيُقَاتِلُ غَضَباً، فَمَنْ في سبيل الله؟ فقالَ رسولُ اللهِ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحاصل: أن القتال يقع بسبب خمسة أشياء: طلب المغنم، وإظهار الشجاعة، والرياء، والحمية، والغضب. وكلٌّ منها يتناوله المدح والذم، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/736) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فلهذا لم يحصل الجواب بالإثبات ولا بالنفي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: أن الأعمال إنما تحتسب بالنية الصالحة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: ذم الحرص على الدنيا، وعلى القتال، لحض النفس في غير الطاعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الفضل الذي ورد في المجاهدين مختص بمن قاتل لإعلاء دين الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن أبي جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله، لم يضره ما انضاف إليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1344] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيّةٍ تَغْزُو، فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ، إِلا كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورهُمْ، وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيّةٍ تُخْفِقُ وَتُصَابُ إِلا تَمَّ أجُورهُمْ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">معناه: أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم، أو سلم ولم يغنم، كما قال بعض الصحابة: فمنا من سلم ولم يأكل من أجره شيئًا، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1345] وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قَالَ: يَا رسولَ اللهِ، ائْذَنْ لي في السِّيَاحَةِ فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ - عز وجل -» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">السياحة: مفارقة الوطن والذهاب في الأرض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن المبارك: عن ابن لهيعة: أخبرني عمارة بن غزية، أن السياحة ذكرت عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أبدلنا الله بذلك، الجهاد في سبيل الله، والتكبير على كل شرف» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/737) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس وغيره: السائحون، الصائمون.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال عكرمة: السائحون هم طلبة العلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: ومن أفضل الأعمال، الصيام وهو ترك الملاذ من ... الطعام والشراب والجماع، وهو المراد بالسياحة ها هنا، ولهذا قال: ... {السَّائِحُونَ} [التوبة (112) ] ، كما وصف أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك في قوله تعالى: {سَائِحَاتٍ} [التحريم (5) ] ، أي صائمات، وكذا الركوع والسجود وهما عبارة عن الصلاة، ولهذا قال: {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ} [التوبة (112) ] ، وهم مع ذلك ينفعون خلق الله، ويرشدونهم إلى طاعة الله بأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه، وهو حفظ حدود الله في تحليله وتحريمه ... علمًا وعملاً، فقاموا عبادة الحق، ونصح الخلق، ولهذا قال: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف (13) ] ، إلى أن قال:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض، والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن، والزلازال في الدين، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري، أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم، يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1346] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«القَفْلَةُ» : الرُّجُوعُ، وَالمراد: الرُّجُوعُ مِنَ الغَزْوِ بَعدَ فَرَاغِهِ؛ ومعناه: أنه يُثَابُ في رُجُوعِهِ بعد فَرَاغِهِ مِنَ الغَزْوِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/738) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن أجر المجاهد في انصرافه إلى أهله بعد غزوه، كأجره في إقباله إلى الجهاد، كما يكتب أثر الماشي إلى المسجد، ورجوعه إلى أهله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1347] وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: لَمَّا قَدِمَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوك تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَتَلَقّيتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ عَلَى ثَنيَّةِ الوَدَاعِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح بهذا اللفظ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ورواه البخاري قَالَ: ذَهَبنا نَتَلَقَّى رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ثنية الوداع: موضع بقرب المدينة، سمّيت بذلك لأن المسافر كان يشيع إليها ويودع عندها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1348] وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ لَمْ يَغْزُ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِياً، أَوْ يَخْلُفْ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيرٍ، أصَابَهُ اللهُ بِقَارعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الوعيد لمن لم يجاهد بنفسه أو ماله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1349] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ وَألْسِنَتِكُمْ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: وجوب الجهاد بالمال، والنفس، واللسان، قال الله تعالى: ... {وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} [التوبة (41) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/739) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1350] وعن أَبي عمرو - ويقالُ: أَبُو حكيمٍ - النُّعْمَانِ بن مُقَرِّن - رضي الله عنه - قَالَ: شَهِدْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ من أوَّلِ النَّهَارِ أخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن أحسن أوقات القتال أول النهار وبعد زوال الشمس لبرد الوقت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن رَسْلاَن: وحربه عند هبوب الرياح استبشار بما نصره الله من الرياح، وهذا مفهوم من قوله: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1351] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: حكمة النهي، أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الصدِّيق: لأن أعافى فأشكر، أحب إليَّ من أن أبتلى فأصبر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وكان عليٌّ يقول: لا تدعُ إلى المبارزة، فإذا دعيت فأجب تنصر، فإن الداعي باغٍ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/740) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1352] وعنه وعن جابرٍ رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الحَرْبُ خَدْعَةٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: خدعة، بتثليث الخاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: جواز استعمال الحيلة في الحرب مهما أمكن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المهلب: الخِدَاع في الحرب جائز كيفما أمكن، إلا بالأيمان والعهود والصريح بالأمان، فلا يحل شيء من ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال بعض أهل السير: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا الكلام يوم الأحزاب لنعيم بن مسعود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">235- باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ويغسلون ويصلى عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1353] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المطعون: وهو الذي مات بالطاعون.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والمبطون: من مات بمرض البطن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والغريق: من مات بالغرق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وصاحب الهدم: من مات تحته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والشهيد في سبيل الله: المقاتل إيمانًا واحتسابًا. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/741) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1354] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا تَعُدُّونَ الشُّهَدَاءَ ... فِيكُمْ؟» قالوا: يَا رسولَ اللهِ، مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. قَالَ: «إنَّ شهَدَاءَ أُمَّتِي إِذَاً لَقَليلٌ» ! قالوا: فَمَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: ... «مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في البَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالغَرِيقُ شَهِيدٌ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومن مات في سبيل الله فهو شهيد» ، أي: مات بسبب غير القتال، قال الله تعالى: {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران (157) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1355] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن المنذر: الذي عليه أهل العلم، أن للرجل أن يدفع (من أراد أن يأخذ ماله أو شيئًا منه ظلمًا) ، إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان، للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعند النسائي: «من قتل دون ماله مظلومًا فله الجنة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1356] وعن أَبي الأعْوَر سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفَيْل، أحَدِ العَشَرَةِ المَشْهُودِ لَهُمْ بِالجَنَّةِ - رضي الله عنهم - قال: سَمِعْتُ رسول </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/742) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قتِلَ دُونَ دِينهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على جواز المقاتلة، لمن قصد أحد هؤلاء الخصال بغير حق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1357] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أرَأيتَ إنْ جَاءَ رجلٌ يُرِيدُ أخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» قَالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأنْتَ شَهِيدٌ» قَالَ: أَرَأيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الأمر بالمقاتله للإباحة، وجميع من ذكر من الشهداء يُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم، إلا شهيد المعركة، والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">236- باب فضل العتق</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد (11: 13) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{اقْتَحَمَ} : دخل وتجاوز بشدة، جعل الأعمال الصالحة عقبة، وعملها اقتحامًا لها، لما فيه من مجاهدة النفس، أي: فلم يشكر الإنسان تلك النعم بأعمالها في الحسنات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} ، أي: لم تدر كُنْه صعوبتها وثوابها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{فَكُّ رَقَبَةٍ} : تفسير للعقبة، أي: تخليصها من الرق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} ، أي: مجاعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} : وخص العتق والإطعام، لما فيهما من النفع المعتدي. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/743) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1358] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْها، عُضْواً مِنْهُ في النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ ... بِفَرْجِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أنه ينبغي أن يكون العتيق كاملاً ليحصل الاستيعاب، وعتق الذكر أفضل، لحديث «أيما امرئ مسلم أعتق امرءًا مسلمًا كان فكاكه من النار، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاك من النار» ، رواه الترمذي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولأبي داود: «أيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة، كانت فكاكها من النار» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1359] وعن أَبي ذرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أيُّ الأعمَالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «الإيمَانُ بِاللهِ، وَالجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ» قَالَ: قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «أنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأكْثَرُهَا ثَمَناً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على أنَّ ما كثرت قيمته واغتبط به سيده فعتْقهُ أفضل من غيره، وقد قال الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران (92) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">237- باب فضل الإحسان إِلَى المملوك</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوَالِدَيْنِ إحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء (36) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/744) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له؛ لأنه الخالق الرازق، وأنْ لا يشركوا به شيئًا من مخلوقاته، ويوصي بالإحسان إلى الوالدين والأقربين، واليتامى، والمساكين، والجيران، والضيوف، والأرقاء؛ لأنَّ الرقيق ضعيف الحليلة أسير في أيدي الناس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن أبي رجاء الهروي قال: لا تجد سيِّء الملكة إلا وجدته مختالاً فخورًا، وتلا: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء (36) ] ، ولا عاقَّا إلا وجدته جبَّارًا شقيَّا، وتلا: ... {وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً} [مريم (32) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1360] وعنِ المَعْرُورِ بن سُوَيْدٍ قَالَ: رَأيْتُ أَبَا ذَرٍ - رضي الله عنه -، وَعَلَيهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ أنَّهُ سَابَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِليَّةٌ هُمْ إخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أيديكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فعيّره بأمه» ، قال له: يا ابن السوداء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فيك جاهلية» ، أي: خلق من أخلاق الجاهلية، وهي ما قبل الإسلام، سُمّوا به لكثرة جهالاتهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «هم إخوانكم وخولكم» ، أي: لأنتم وهم أولاد آدم. وخولكم، أي: خدمكم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الندب إلى مساواة المماليك في الطعام واللباس، وإنْ كان الاستئثار جائزًا إذا لم ينقصهم عن عادة البلد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1361] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أَتَى أحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/745) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ؛ فَإنَّهُ وَلِيَ عِلاَجَهُ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الأُكْلَةُ» بضم الهمزة: هِيَ اللُّقْمَةُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر بالتواضع، وعدم الترفع على المسلم، ويلتحق بالرفيق من في معناه من أجير وغيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">238- باب فضل المملوك الَّذِي يؤدي</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">حق الله تعالى وحق مواليه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1362] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ العَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1363] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ المُصْلِحِ أجْرَانِ» ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَوْلا الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ وَالحَجُّ، وَبِرُّ أُمِّي، لأَحْبَبْتُ أنْ أَمُوتَ وَأنَا مَمْلُوكٌ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وإنما استثنى أبو هريرة هذه الأشياء؛ لأن الجهاد والحج يشترط فيهما إذن السيد، وكذلك بر الأم فقد يحتاج فيه إلى إذن السيد في بعض وجوهه، بخلاف بقية العبادات البدنية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1364] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المَمْلُوكُ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ، وَالنَّصِيحَةِ، وَالطَّاعَةِ، لهُ أجْرَانِ» . رواه البخاري. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/746) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1365] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلاثَةٌ لَهُمْ أجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أدَّى حَقَّ الله، وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَأدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا؛ فَلَهُ أَجْرَانِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل هؤلاء الثلاثة، ويشهد لذلك قوله تعالى: ... {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص (52، 54) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">239- باب فضل العبادة في الهرج</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَهُوَ: الاختلاط والفتن ونحوها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1366] عن مَعْقِلِ بن يسار - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العِبَادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: سبب كثرة فضل العبادة في الهرج، أنَّ الناس يغفلون ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا الأفراد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: المتمسك في ذلك الوقت، والمنقطع إليها، المنعزل عن الناس، أجره كأجر المهاجر إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه ناسبه من حيث أن المهاجر فرَّ بدينه ممن يصده عنه للاعتصام بالنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكذا هذا المنقطع للعبادة فرَّ من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو في الحقيقة قد هاجر إلى ربه، وفرّض من جميع خلقه. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/747) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">240- باب فضل السماحة في البيع والشراء</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والأخذ والعطاء وحسن القضاء والتقاضي</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وإرجاح المكيال والميزان</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والنهي عن التطفيف وفضل إنظار الموسِر المُعْسِرَ والوضع عَنْهُ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة (215) ] . أي فيجزيكم عليه قليلاً كان أو كثيرًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُم} [هود (85) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى حكايةً لمَّا قال شعيب لقومه: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} ، أي: الكيل والوزن (بِالْقِسْطِ) بالعدل والسوية. {وَلا تَبْخَسُوا} تنقصوا النَّاسَ أَشْيَاءهُم، تعميم بعد تخصيص، وقيل: كانوا مكاسين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين (1: 6) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الزَّجَّاج: إنما قيل ينقص المكيال والميزان: مطفف؛ لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال نافع: كان ابن عمر يمرُّ بالبائع فيقول: اتَّقِ الله، أوفِ الكيل والوزن، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة، حتى إنّض العرق ليلجمهم إلى أنصاف إذانهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1367] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَقَاضَاهُ فَأغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أصْحَابُهُ، فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعُوهُ، فَإنَّ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/748) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالاً» ثُمَّ قَالَ: «أعْطُوهُ سِنّاً مِثْلَ سِنِّهِ» . قالوا: يَا رسولَ اللهِ، لا نَجِدُ إِلا أمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: «أعْطُوهُ، فإنَّ خَيْرَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فإن لصاحب الحق مقالاً» ، أي: صولة الطلب، وقوة الحجة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: جواز المطالبة بالدَّين إذا حل أجله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: حسن خلق النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعظم حلمه، وتواضعه، وإنصافه، وأنّ مَنْ عليه دين لا ينبغي له مجافاة صاحب الحق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز استقراض الحيوان والسلم فيه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز وفاء ما هو أفضل من المثل المقترض إذا لم تقع شرطية ذلك في العقد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1368] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب السهولة والسماحة في البيع، ومن طلب حقَّا فليطلبه في عفاف. وذكر الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فليطلبه في عفاف» ، أي: عما لا يحل من قولٍ أو فعل، أشار بهذا إلى ما أخرجه الترمذي وغيره، عن ابن عمر، وعائشة، مرفوعًا: ... «من طلب حقَّا فليطلبه في عفافٍ، وافٍ أو غير وافٍ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحضُّ على السماحة في المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/749) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1369] وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يُنَجِّيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا مقتبس من مشكاة قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة (280) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1370] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، وَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِراً فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللهَ أنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يدخل في التجاوز: الإنظار، والوضيعة، وحسن التقاضي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1371] وعن أَبي مسعود البدريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شَيْءٌ، إِلا أنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَكَانَ مُوسِراً، وَكَانَ يَأمُرُ غِلْمَانَهُ أنْ يَتَجَاوَزُوا عَن المُعْسِر. قَالَ اللهُ - عز وجل -: نَحْنُ أَحَقُّ بذلِكَ مِنْهُ؛ تَجَاوَزُوا عَنْهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1372] وعن حذيفة - رضي الله عنه - قَالَ: أُتَي اللهُ تَعَالَى بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ في الدُّنْيَا؟ قَالَ: {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ ... حَدِيثاً} قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى المُوسِرِ، وَأُنْظِرُ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/750) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المُعْسِرَ. فَقَالَ الله تَعَالَى: «أنَا أَحَقُّ بِذا مِنْكَ تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي» فَقَالَ عُقْبَةُ بن عامِر، وأبو مسعودٍ الأنصاريُّ رضي الله عنهما: هكَذا سَمِعْنَاهُ مِنْ فيِّ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من أنظر موسرًا. وذكر حديث حذيفة، قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، قالوا: أعَمِلْتَ من الخير شيئًا؟ قال: كنت آمر فِتْياني أنْ يُنْظِرُوا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال أبو مالك عن ربعي: كنت أيسر على الموسر، وانظر المعسر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال أبو عوانة عن عبد الملك عن ربعي: أُنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن أبي هند عن ربعي: فأقبل من الموسر، وأتجاوز عن المعسر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1373] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً، أَوْ وَضَعَ لَهُ، أظَلَّهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: عظم ثواب من أخّر مطالبة المعسر، أو وضع دَيْنِه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1374] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْهُ بَعِيراً، فَوَزَنَ لَهُ فَأرْجَحَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الرجحان في الوزن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1375] وعن أَبي صَفْوَان سُويْدِ بنِ قيسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَلَبْتُ أنَا وَمَخْرَمَةُ العَبْدِيُّ بَزّاً مِنْ هَجَرَ، فَجَاءنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَاوَمَنَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/751) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">بسَرَاوِيلَ، وَعِنْدِي وَزَّانٌ يَزِنُ بِالأجْرِ، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْوَزَّانِ: «زِنْ وَأرْجِحْ» . رواه أَبُو داود، والترمذي وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هَجَر: بفتحتين بلد معروف، وهو قصبة البحرين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي المثل: كمبضع تمرٍ إلى هَجَر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">*** </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/752) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">=====</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0015.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0013.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَابُ العِلم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">241- باب فضل العلم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمَاً} [طه (114) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا من أعظم أدلة شرف العلم، وعظمه، إذ لم يؤمر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يسأل ربه الزيادة إلا منه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى الترمذي وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علمًا ينفعني، وزدني علمًا، الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل النار» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} [الزمر (9) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا استفهام إنكار في معنى النفي، أي: لا استواء بينهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ... دَرَجَاتٍ} [المجادلة (11) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: ويرفع الله العلماء من المؤمنين درجات بما جمعوا من العلم والعمل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر (28) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: يريد إنما يخافني مِنْ خلقي، مَنْ عَلِمَ جبروتي، وعزَّتي، وسلطاني.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن مسعود: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/753) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن البصري: العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه. ثم تلا: {إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إن الله عزيز غفور} [فاطر (28) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1376] وعن معاوية - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقَّه في الدين على سائر العلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومفهوم الحديث: أنَّ من لم يتفقّه في الدين، أي: يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع، فقد حُرِمَ الخير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1377] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا حَسَدَ إِلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والمراد بالحسدِ: الغِبْطَةُ، وَهُوَ أنْ يَتَمَنَّى مِثله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب الاغتباط في العلم والحكمة. وقال عمر: «تفقُّهوا قبل أنْ تسودوا» . وذكر الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والحسد المذكور في الحديث: هو الغبطة، وليس من الحسد المذموم الذي هو تمنّي زوال النعمة عن المنعم عليه، والمراد بالحكمة هنا: القرآن. وقيل: كل ما منع من الجهل، وزجر عن القبيح. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/754) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1378] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قال: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أصَابَ أرْضاً؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ، وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أجَادِبُ أمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ؛ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كلأً، فَذلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأسَاً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب فضل من علم وعلَّمَ. وذكر الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «أجادب» ، هي الأرض الصلبة التي لا ينضب منها الماء وجمع - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المثل بين الطائفتين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما، وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1379] وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيٍّ - رضي الله عنه -: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل نشر العلم والدعوة إلى الإسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف (108) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1380] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/755) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ على تعليم القرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} ... [الأنعام (19) ] ، وتحريم الكذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والوعيد على ذلك بالنار، وهو من الكبائر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» . قال الحافظ: أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم؛ لأنه كان تقدم منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزجر عن الأخذ عنهم، والنظر في كتبهم، ثم حصل التوسع في ذلك، وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية، والقواعد الدينية، خشية الفتنة. ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك؛ لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1381] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل طلب العلم الديني، وأنّ الله تعالى يوفّق طالبه لسلوك طريق الجنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1382] وعنه أَيضاً - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل الدعوة إلى الهدى، ولو بإبانته وإظهاره، قليلاً كان أو كثيرًا، وأن الداعي له مثل أجر العامل، وذلك من عظيم فضل الله وكمال كرمه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1383] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/756) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على أنه ينقطع أجر كل عمل بعد الموت، إلا هذه الثلاث فإنه يجري ثوابها بعد الموت لدوام نفعها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الأولى: الصدقة الجارية، كالوقف ونحوه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الثانية: علم ينتفع به كالتعليم والتصنيف.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الثالثة: دعاء الولد الصالح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1484] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلا ذِكْرَ الله تَعَالَى، وَمَا وَالاهُ، وَعَالِماً، أَوْ مُتَعَلِّماً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «وَمَا وَالاَهُ» : أيْ طَاعة الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الملعون من الدنيا، ما ألهى عن طاعة الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون (9) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1385] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ العِلْمِ كَانَ في سَبيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وجه مشابهة طلب العلم بالجهاد في سبيل الله، أنه إحياء للدين، وإذلال للشيطان وإتْعابٌ للنفس، وكسر للهوى واللذة. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/757) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب الخروج في طلب العلم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهرٍ إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد. وذكر حديث ابن عباس في سفر موسى عليه السلام إلى الخضر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان عليه الصحابة من الحرص على تحصيل السنن النبوية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قيل لأحمد: رجل يطلب العلم، يلزم رجلاً عنده علم كثير، أو يرحل؟ قال: يرحل يكتب عن علماء الأمصار، فيشام الناس ويتعلّم منهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1386] وعن أَبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَنْ يَشْبَعَ مُؤْمِنٌ مِنْ خَيْرٍ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الجَنَّةَ» . رواه الترمذي وقال: ... (حديث حسن) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لن يشبع المؤمن من خير» ، أي: من كل مُقَرَّبٍ إلى الله تعالى، وأشرفها العلم الديني.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي بعض الآثار: «اثنان لا يشبعان ولا يستويان: طالب علم، وطالب دنيا»</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1387] وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/758) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: عِظَمُ شرف العلماء الذين تعلموا العلم، وقاموا بحقه من عمل، أو نفع، أو هداية، أو غير ذلك من حقوق العلم النافع، وأنهم بمنزلة الأنبياء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1388] وعن أَبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ، وَإنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ حَتَّى الحيتَانُ في المَاءِ، وَفضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يَوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً وَإنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ وَافِرٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وإن العلماء ورثة الأنبياء» ، أي: في العلم، والعمل، والكمال، ولا يتم ذلك إلا لمن صفى علمه، وعمله، فسَلِمَ من الإخلاد إلى الشهوات الخافضة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيرًا له مما طلعت عليه الشمس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الشافعي: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1389] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئاً، فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «نضر الله امرءًا» ، أي: نعَّمه. والنضارة في الأصل: حسن الوجه والبريق. وإنما أراد حسن خلقه وقدره. قاله في النهاية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال بعضهم: إني لأرى في وجوه أهل الحديث نضرة. أشار به إلى إجابة الدعوة لهم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/759) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضيلة للضابط الحافظ ألفاظ السنَّة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى الشافعي وغيره: (نضر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها، فَرُبَّ حاملِ فقهٍ غير فقيه، ورُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1390] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سُئِلَ عن عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: عِظَم وعيدِ من كتم العلم الشرعي لغرض دنيوي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة (174) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1391] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ - عز وجل - لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ» . يَعْنِي: رِيحَهَا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد لمن تعلّم علوم الدين، ولا يقصد بذلك إلا الدنيا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود (15، 16) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1392] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/760) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزعهُ مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأفْتوا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأضَلُّوا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب كيف يُقْبَض العلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاكتبه، فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء، ولا تَقْبَلْ إلا حَدِيثَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولتفشوا العلم، ولِتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا. وذكر الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفيه: الحث على حفظ العلم، والتحذير من ترئيس الجهلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الفتوى هي الرياسة الحقيقية، وذم من يقدم عليها بغير علم، وقال البخاري أيضًا: باب رفع العلم وظهور الجهل. وقال ربيعة: لا ينبغي لأحدٍ عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه، وذكر حديث أنس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنّ من أشراط الساعة أنْ يُرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومراد ربيعة: أنَّ من كان فيه فهم وقابلية للعلم، لا ينبغي له أنْ يهمل نفسه فيترك الاشتغال به، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أو مراده: الحثّ على نشر العلم في أهله، لئلا يموت العالم قبل ذلك فيؤدي إلى رفع العلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أو مراده: أن يشهر العالم نفسه، ويتصدى للأخذ عنه لئلا يضيع علمه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقيل: مراده تعظيم العلم وتوقيره، فلا يهين نفسه بأنْ يجعله عرضًا للدنيا. وهذا معنى حسن، لكن اللائق بتبويب المصنف، ما تقدم، انتهى. والله أعلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/761) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">=======</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0016.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0014.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">242- باب فضل الحمد والشكر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحمد أعم من الشكر، وقيل: الحمد باللسان قولاً، وبالأركان فعلاً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} ... [البقرة (152) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: اذكروني بطاعتي، أذكركم بمعونتي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن زيد بن أسلم: أن موسى عليه السلام قال: يَا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه: تذكرني ولا تنساني، فإذا ذكرتني فقد شكرتني، وإذا نسيتني فقد كفرتني.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عباس في قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ، قال: ذكر الله إيَّاكم أكبر من ذكركم إياه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خيرٍ منهم» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم (7) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: لئن شكرتم نعمتي، وأَطَعتموني لأزيدنكم في النعمة. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/762) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَقُلِ الحَمْدُ للهِ} [الإسراء (111) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [يونس (10) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عن كثير من السلف: أن أهل الجنة كلما اشتهوا شيئًا قالوا: سبحانك اللَّهُمَّ، فيأتيهم الملك بما يشتهون، ويسلِّم عليهم، فيردُّون عليه. وذلك قوله تعالى: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} [يونس (10) ] ، فإذا أكلوا، وحمدوا الله. وذلك في قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} [الأنعام (1) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر (75) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: افتتح الله الخلق بالحمد، وختمه بالحمد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص (70) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1393] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَالَ جِبريل: الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلفِطْرَةِ لَوْ أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: فسروا الفطرة هنا، بالإسلام والاستقامة، ومعناه والله أعلم: اخترت علامة للإسلام والاستقامة، وجعل اللَّبَن علامة ذلك، لكونه سهلاً طيبًا طاهرًا سائغًا للشاربين، سليم العاقبة. والخمر أم الخبائث، جالبة لأنواع من الشر، حالاً ومآلاً. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/763) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1394] وعنه: عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ أمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بِالحَمْدُ للهِ فَهُوَ أقْطَعُ» . حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «كل أمر ذي بال» ، أي: ذي شأن يُهتم به شرعًا. «لا يبدأ فيه بالحمد لله فهوأقطع» ، أي: ناقص البركة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1395] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدي؟ فَيقولون: نَعَمْ، فيقول: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤادِهِ؟ فيقولون: نَعَمْ، فيقول: ماذا قَالَ عَبْدِي؟ فَيقولون: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فيقُولُ اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدي بَيتاً في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الولد هنا شامل للبالغ، وغيره، والذكر، والأنثى. وسمي ثمرةً لكونه بمنزلة خلاصة الخلاصة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: كمال فضل الصبر على فقد الصفيّ. كما في حديث الآخر: ... «ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيّه من الدنيا فاحْتَسَبَ إلا الجنة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1396] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأكُلُ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَة، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان فضل الحمد عند الطعام والشراب، وهذا من كرم الله تعالى، فإنه الذي تفضَّل عليك بالرزق، ورضي عنك بالحمد. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/764) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">=======</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0017.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0015.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتاب الصَّلاة عَلَى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">243- باب فضل الصلاة عَلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب (56) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أمر الله كل مؤمن بالصلاة والسلام على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووطأ قبله بالإخبار عنه تعالى، وعن ملائكته الكرام، بأنهم دائمون على ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال أبو العالية: صلاة الله تعالى: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: يصلون: يبركون.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروي عن سفيان الثوري، وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب: الرحمة. وصلاة الملائكة: الاستغفار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: والمقصود من هذه الآية، أنَّ الله سبحانه وتعالى أخبر عبادة بمنزلة عبده ونبيّه في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأنَّ الملائكة تصلّي عليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ثم أمر تعالى أهل العالم السُّفْلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العَالَمِيْن: العلوي والسفلي جميعًا. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/765) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1397] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما: أنَّه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: رواه أحمد أيضًا عن أبي موسى بلفظ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً واحدةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1398] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَومَ القِيَامَةِ أكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «أولى الناس بي» ، أي: أخص أمتي بي، وأقربهم مني، وأحقهم بشفاعتي يوم القيامة، أكثرهم علَّي صلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1399] وعن أوس بن أوس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» . فَقَالُوا: يَا رسول الله، وَكَيفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟! قَالَ: يقولُ بَلِيتَ. قَالَ: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب كثرة الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1400] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/766) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الصلاة عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا ذكر، وذم من لم يصلِّ عليه إذا ذُكِرَ عنده.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1401] وعنه - رضي الله عنه -: قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيداً، وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أول الحديث: «لا تجعلوا بيتوكم قبورًا» ، أي: لا تعطلوها عن الصلاة فيها، فتكونَ بمنزلة القبور، فأمر بتحرِّي العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى، ومن تشبه بهم من هذه الأمة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا تجعلوا قبري عيدًا» . العيد: ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وصلوا عَلَيَّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» . يشير بذلك إلى أنَّ ما ينالني منكم من الصلاة والسلام، يحصل مع قربكم من قبري، وبعدكم فلا حاجة لكم إلى اتخاذه عيدًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1402] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عن سهيل بن أبي صالح، قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عند القبر، فناداني – وهو في بيت فاطمة رضي الله عنها يتعشَّى – فقال: هَلُمَّ إلى العشاء. فقلت: لا أريده. فقال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إذا دخلت المسجد </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/767) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فسلم. ثم قال: إنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تتخذوا قبري عيدًا» ، «ولا تتخذوا بيتوكم مقابر» ، «وصلوا عَلَيَّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم» ، «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ، ما أنتم ومَنْ بالأندلس إلا سواء. رواه سعيد بن منصور.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1403] وعن عليّ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «البخيل» ، أي: كامل البخل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «البخيل كل البخل من ذُكِرْت عنده فلم يصل عَلَيَّ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1404] وعن فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قال: سَمِعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلاً يَدْعُو في صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ الله تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَجِلَ هَذَا» ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ - أَوْ لِغَيْرِهِ -: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب بدء الدعاء بالحمد لله، والصلاة على نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1405] وعن أَبي محمدٍ كعبِ بن عُجْرَة - رضي الله عنه - قال: خَرَجَ عَلَيْنَا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/768) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجْيدٌ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: (قد علمنا كيف نسلم عليك) ، أي: بما علمهم في التشهد من قولهم: السَّلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1406] وعن أَبي مسعودٍ البدري - رضي الله عنه - قال: أتَانَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحنُ في مَجْلِسِ سَعدِ بن عُبَادَةَ - رضي الله عنه -، فَقَالَ لَهُ بَشْيرُ بْنُ سَعدٍ: أمَرَنَا الله تَعَالَى أنْ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَمَنَّيْنَا أنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «كما صليت على إبراهيم» . «وكما باركت على إبراهيم» . وقع للبخاري في كتاب: أحاديث الأنبياء في ترجمة إبراهيم عليه السَّلام، من حديث كعب بن عجرة بلفظ: «كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم» . وكذا قوله: «كما باركت» ... .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1407] وعن أَبي حُمَيدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قال: قالوا: يَا رسولَ الله كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/769) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجِيدٌ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وعلى أزواجه» . زوجاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إحدى عشرة، توفي منهن اثنتان على عهده، ومات عن تسع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«وذريته» ، أي: جميع أولاده، وبناته، وذريتهن. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/770) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">================ </span></span></b></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-41489192485212353232022-04-17T00:44:00.002-07:002022-04-17T00:44:29.895-07:00تطريز رياض الصالحين كتَاب آداب السَّفَر والفضائل والاعتكاف ثم كتاب الحج<span style="color: red;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب آداب السَّفَر</span></span></span><br /><div style="text-align: justify;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">166- باب استحباب الخروج يوم الخميس</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">واستحبابه أول النهار</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[956] عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ يَوْمَ الخَمِيس، وَكَانَ يُحِبُّ أنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَميسِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في لأبي داود: لقَلَّمَا كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ إِلا في يَوْمِ الخَمِيسِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في الحديث: استحباب الخروج إلى السفر يوم الخميس، وأنه لا كراهة في ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[957] وعن صخر بن وَداعَةَ الغامِدِيِّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا» وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشَاً بَعَثَهُمْ مِنْ أوَّلِ النَّهَارِ. وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِراً، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ أوَّلَ النَّهَار، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/561) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب السفر أول النهار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">167- باب استحباب طلب الرفقة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وتأميرهم عَلَى أنفسهم واحداً يطيعونه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[958] عن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ أنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنَ الوحدَةِ مَا أعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» ! . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كراهية المسير بالليل للمنفرد، لما يلحقه من ضرر الوحدة الديني والدنيوي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[959] وعن عمرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ» . رواه أَبُو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحةٍ، وقال الترمذي: ... (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: معناه أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان، وهو شيء يحمل عليه الشيطان ويدعوه إليه. فقيل لذلك أن فاعله شيطان، وكذا الاثنان ليس معهما ثالث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: «والثلاثة ركب» ، أي: إذا وجد ذلك تعاضدوا وتعاونوا على نوائب السفر. ودفع ما فيه من الضرر، وأمنوا من خيانة بعضهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[960] وعن أَبي سعيد وأبي هُريرة رضي اللهُ تَعَالَى عنهما قالا: قَالَ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ في سَفَرٍ فَليُؤَمِّرُوا أحَدَهُمْ» حديث حسن، رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/562) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب تأمير أحد المسافرين فيما يتعلق بالسفر وما يعرض فيه والأولى ولاية الأجود رأيًا لأن التأمير إنما طلب للمصالح ودفع المفاسد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[961] وعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أرْبَعُمِئَةٍ، وَخَيْرُ الجُيُوشِ أرْبَعَةُ آلاَفٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ ألْفاً مِنْ قِلةٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قيل: فائدة تخصيص الأربعة أن واحدًا يكون أميرًا، والثاني حافظًا للرجل، واثنان معاونان. والسرية هي القطعة من الجيش تغير وترجع إليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: «من قلة» ، أي قلة عدد بل لسبب آخر من عُجبٍ أو غيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">زاد العسكري: «وخير الطلائع أربعون» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">168- باب آداب السير والنزول والمبيت</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرفق بالدواب</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومراعاة مصلحتها وأمر من قصّر في حقها بالقيام بحقها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وجواز الإرداف عَلَى الدابة إِذَا كانت تطيق ذلك</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[962] عن أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الخِصْبِ، فَأعْطُوا الإبلَ حَظَّهَا مِنَ الأَرْضِ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ في الجدْبِ، فَأسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَبَادِرُوا بِهَا نِقْيَهَا، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ، فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ؛ فَإنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ، وَمَأوَى الهَوَامِّ بِاللَّيْلِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مَعنَى «أعْطُوا الإبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأرْضِ» أيْ: ارْفُقُوا بِهَا في السَّيْرِ لِتَرْعَى في حَالِ سَيرِهَا، وَقوله: «نِقْيَهَا» هُوَ بكسر النون وإسكان </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/563) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">القاف وبالياءِ المثناة من تَحْت وَهُوَ: المُخُّ، معناه: أسْرِعُوا بِهَا حَتَّى تَصِلُوا المَقصِدَ قَبْلَ أنْ يَذْهَبَ مُخُّهَا مِنْ ضَنْك السَّيْرِ. وَ «التَّعْرِيسُ» : النُزولُ في اللَّيلِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[963] وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينهِ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ، وَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَى كَفِّهِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماءُ: إنَّمَا نَصَبَ ذِرَاعَهُ لِئَلا يَسْتَغْرِقَ في النَّومِ، فَتَفُوتَ صَلاَةُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أوَّلِ وَقْتِهَا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «اضطجع على يمينه» ، النوم على اليمين أشرف جهة، ولئلا يستغرق في النوم لكون القلب يكون حينئذٍ معلقًا فلا ينغمر في النوم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[964] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإنَّ الأرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ» . رواه أَبُو داود بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الدُّلْجَةُ» : السَّيْرُ في اللَّيْلِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تقطع الدواب من المسافة في الليل خصوصًا آخره ما لا تقطعها في ... النهار، لنشاطها ببرود الليل، وبركة آخره. قال الشاعر:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">?? ... عند الصباح يحمد القوم السري ... وتنجلي عنهم غيابات الكرى</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[965] وعن أَبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ - رضي الله عنه - قال: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلاً تَفَرَّقُوا في الشِّعَابِ وَالأوْدِيَةِ. فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ تَفَرُّقكُمْ فِي هذِهِ الشِّعَابِ وَالأوْدِيَةِ إنَّمَا ذلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ!» فَلَمْ يَنْزِلُوا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/564) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلاً إِلا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. رواه أَبُو داود بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يعني: أن التفرق ناشئ من وسواس الشيطان وإغوائه، وذلك أن المراد من الرفقة دفع ما يعرض في السفر، والتعاون على نوائبه، والتفرق مانع من ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[966] وعن سهل بن عمرو - وقيل: سهل بن الربيع بن عمرو - الأنصاري المعروف بابن الحنظلِيَّة، وَهُوَ من أهل بيعة الرِّضْوَانِ - رضي الله عنه - قال: مَرَّ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا الله في هذِهِ البَهَائِمِ المُعجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: الأمر بتقوى الله فيها. ونص على صفتها بأنها معجمة للاستعطاف عليها، ومزيد الشفقة بها، ولأنها لا تقدر على الفرار، ولا الشكوى إلا إلى الله. وقد ورد في بعض الآثار: أن الملك يمسح خاصرتها كل ليلة، فإن كانت شابعة دعى لصاحبها بالبركة، وإن كانت جائعة دعا عليه بالفقر وهذا مشاهد بالحس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[967] وعن أَبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قَالَ: أردفني رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، وَأسَرَّ إليَّ حَدِيثاً لا أُحَدِّثُ بِهِ أحَداً مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ. يَعنِي: حَائِطَ نَخْلٍ. رواه مسلم هكَذَا مُختصراً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وزادَ فِيهِ البَرْقاني بإسناد مسلم - بعد قَوْله: حَائِشُ نَخْلٍ - فَدَخَلَ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/565) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">حَائِطاً لِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَإذا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأى رَسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَرْجَرَ وذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَ سَرَاتَهُ - أيْ: سِنَامَهُ - وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلُ؟» فَجَاءَ فَتَىً مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَ: هَذَا لِي يَا رسولَ الله. فَقَالَ: «أفَلا تَتَّقِي اللهَ في هذِهِ البَهِيمَةِ الَّتي مَلَّكَكَ اللهُ إيَّاهَا؟ فَإنَّهُ يَشْكُو إلَيَّ أنَّكَ تُجِيعُهُ وتُدْئِبُهُ» . رواه أَبُو داود كرواية البرقاني.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْله «ذِفْرَاهُ» : هُوَ بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاءِ، وَهُوَ لفظ مفرد مؤنث. قَالَ أهل اللغة: الذِّفْرى: الموضع الَّذِي يَعْرَقُ مِن البَعِيرِ خَلف الأُذُنِ، وَقوله: «تُدْئِبهُ» أيْ: تتعِبه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: معجزة من معجزات النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدالة على صدقة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تواضعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكمال شفقته، ومزيد رحمته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز قولهم: رب هذا الجمل، ورب الإبل، يعني مالكها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لأحمد: فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «انظر لمن هذا الجمل» . قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته له. فقال: «ما شأن جملك هذا» ؟ فقال: ما شأنه لا أدري، والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره، ونقسم لحمه. قال: «فلا تفعل» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه يشكوا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لأحمد: «شاكيًا كثرة العمل، وقلة العلف» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الأزهري: البهيمة في اللغة معناها المبهمة عن العقل، والتمييز. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/566) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والمعنى: ألا تتقي الله في ما لا لسان له فتشكو ما بها من جوع، وعطش، ومشقة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[968] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلاً، لا نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَال. رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَقَوْلُه: «لا نُسَبِّحُ» : أيْ لا نُصَلِّي النَّافِلَةَ، ومعناه: أنَّا - مَعَ حِرْصِنَا عَلَى الصَّلاَةِ - لا نُقَدِّمُهَا عَلَى حَطِّ الرِّحَالِ إرَاحَةِ الدَّوَابِّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب إراحة البهائم بالحط عنها قبل الاشتغال بعبادة أو غيرها لما لحقها من التعب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب التنفل في السفر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">169- باب إعانة الرفيق</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث: «وَاللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخِيهِ» . وحديث: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَة» وَأشْبَاهِهِما.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[969] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بَيْنَمَا نَحْنُ في سَفَرٍ إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً، فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/567) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ» ، فَذَكَرَ مِنْ أصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَهُ، حَتَّى رَأيْنَا، أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: (فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالاً) ، أي: ينظر من يتوسم فيه الإعانة فعرف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه محتاج، فأمر بمواساته ومواساة غيره من المحتاجين لمن كان عنده فضل من طعام أو غيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[970] وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنَّهُ أرَادَ أنْ يَغْزُوَ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، إن مِنْ إخْوَانِكُمْ قَوْماً لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ، وَلا عَشِيرةٌ، فَلْيَضُمَّ أحَدكُمْ إِلَيْهِ الرَّجُلَيْنِ والثَّلاَثَةَ، فَمَا لأَحَدِنَا مِنْ ظَهْرٍ يَحْمِلُهُ إِلا عُقْبةٌ كَعُقْبَةٍ» يَعْني أحَدهِمْ، قَالَ: فَضَمَمْتُ إلَيَّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً مَا لِي إِلا عُقْبَةٌ كَعقبة أحَدِهِمْ مِنْ جَمَلِي. رواه أَبُو داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فليضم أحدكم إليه الرجلين والثلاثة» ، أي: على حسب القدرة والحال من اليسار والإعسار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[971] وعنه قَالَ: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَلَّفُ في المَسير، فَيُزْجِي الضَّعِيف، وَيُرْدِفُ وَيَدْعُو لَهُ. رواه أَبُو داود بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: (يزجي) ، أي، يسوق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب الإعانة للرفيق بالسوق به، وإردافه، والدعاء له وغير ذلك مما يحتاجه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب التخلف وراء الرفقة لإعانتهم فيما يعرض لهم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/568) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">170- باب مَا يقول إذا ركب دَابَّة للسفر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف (12: 13) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال طاوس: حق على كل مسلم إذا ركب دابة، أو سفينة أن يقول ذلك، ويتذكَّر انقلابه في آخر عمره على مركب الجنازة إلى الله تعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[972] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجاً إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلاثاً، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلبُونَ. اللهُمَّ إنا نسألكَ في سفرنا هذا البرّ والتَّقوى، ومنَ العملِ ما ترضى، اللَّهُمَّ هَوِّن عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ. اللَّهُمَّ أنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، والخَلِيفَةُ في الأهْلِ. اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ وَالأَهْلِ» . وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» . رواه مسلم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْلُهُ «مُقْرِنِينَ» : مُطِيقِينَ. وَ «الوَعْثَاءُ» بفتحِ الواوِ وَإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة وبالمد وَهِيَ: الشِّدَّةُ. وَ «الكَآبَةُ» بِالمَدِّ، وَهِيَ: تَغَيُّرُ النَّفْسِ مِنْ حُزْنٍ وَنَحْوهِ. وَ «المُنْقَلَبُ» : المَرْجِعُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «اللهم أنت الصاحب في السفر» ، أي: الملازم بالعناية والحفظ من الحوادث والنوازل: «والخليفة في الأهل» أي: المعتمد عليه والمفوض إليه حضورًا وغيبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب هذا الدعاء عند ركوب المسافر. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/569) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[973] وعن عبد الله بن سَرجِسَ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ، وَدَعْوَةِ المَظْلُومِ، وَسُوءِ المَنْظَرِ في الأَهْلِ وَالمَالِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هكذا هُوَ في صحيح مسلم: «الحَوْر بَعْدَ الكَوْنِ» بالنون، وكذا رواه الترمذي والنسائي، قَالَ الترمذي: وَيُرْوَى «الكوْرُ» بالراءِ، وَكِلاهما لَهُ وجه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماءُ: ومعناه بالنون والراءِ جَميعاً: الرُّجُوعُ مِنَ الاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقْصِ. قالوا: ورِوايةُ الرَّاءِ مَأخُوذَةٌ مِنْ تَكْوِيرِ العِمَامَة وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا. ورواية النون، مِنَ الكَوْنِ، مَصْدَرُ كَانَ يَكُونُ كَونَاً: إِذَا وُجِدَ وَاسْتَقَرَّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «من الحور بعد الكون» استعاذة من الهبوط بعد الرفعة، لأن السفر مظنة التفريط والظلم. ورواية الرَّاء استعاذة من النقض بعد الإبرام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[974] وعن عَلِي بن ربيعة، قَالَ: شهدت عليَّ بن أَبي طالب - رضي الله عنه - أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرِّكَابِ، قَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا، قَالَ: الحَمْدُ للهِ ثم قال: سبحان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنينَ، وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ثُمَّ قَالَ: الحمْدُ للهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أكْبَرُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ إنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقيلَ: يَا أمِيرَ المُؤمِنِينَ، مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: رَأيتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فقُلْتُ: يَا رسول اللهِ، مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: «إنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبدِهِ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/570) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن» . وفي بعض النسخ: «حسن صحيح» . وهذا لفظ أَبي داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: ثم قال: «سبحان الذي سخر لنا هذا» هو الصواب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي بعض النسخ: «الحمد الله الذي يسخر لنا هذا» . والذي رأيته في سنن أبي داود هو الموافق لما في الآية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي هذا لحديث: استحباب هذا الذكر عند ركوب الدابة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">171- باب تكبير المسافر إِذَا صعد الثنايا وشبهها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وتسبيحه إِذَا هبط الأودية ونحوها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والنهي عن المبالغة برفع الصوتِ بالتكبير ونحوه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[975] عن جابر - رضي الله عنه - قال: كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[976] وعن ابن عمرَ رضي اللهُ عنهما قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجيُوشُهُ إِذَا عَلَوا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المهلب: تكبيره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله عز وجل، وعندما يقع عليه العين من عظيم خلقه أنه أكبر من كل شيء، وتسبيحه في بطون الأودية مستنبط من قصة يونس، فإن بتسبيحه في بطن الحوت نجّاه الله من الظلمات. فسبح النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بطون الأودية لينجيه الله منها. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/571) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[977] وعنه قَالَ: كَانَ النَّبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَفَلَ مِنَ الحَجِّ أَوْ العُمْرَةِ، كُلَّمَا أوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلاثَاً، ثُمَّ قَالَ: «لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: إِذَا قَفَلَ مِنَ الجيُوشِ والسَّرَايَا أَو الحَجِّ أَو العُمْرَةِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْلهُ: «أوْفَى» أيْ: ارْتَفَعَ، وَقَوْلُه: «فَدْفَدٍ» هُوَ بفتح الفائَينِ بينهما دال مهملة ساكِنة، وَآخِره دال أخرى وَهُوَ: «الغَليظُ المُرْتَفِعُ مِنَ الأرضِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» ، أي هو المتفرد في إلهيَّته وربوبيته، ولا يشبه أحد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب هذا الذكر لكل قادم من سفر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[978] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قَالَ: يَا رسول الله، إنّي أُريدُ أنْ أُسَافِرَ فَأوْصِني، قَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كلِّ شَرَفٍ» . فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ البُعْدَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «اللهم فاطوِ له البعد» ، هذا الذي رأيته في (جامع الترمذي) بغير ياء. قال في " مجمع البحار "، أي: يسِّر له السير بمنح القوة لمركوبه، وأن لا يرى ما يتعبه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[979] وعن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - قال: كنّا مَعَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا أشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا وَارتَفَعَتْ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/572) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أصْوَاتُنَا، فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فَإنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلا غَائِباً، إنَّهُ مَعَكُمْ، إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«ارْبَعُوا» بفتحِ الباءِ الموحدةِ أيْ: ارْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالذكر، لأنه سبحانه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وهو السميع البصير العليم الخبير. وأما الجهر بالذكر من غير مبالغة فهو مطلوب إذا أمن الرياء ولم يؤذ به نحو نائم أو مصلٍّ. قال الله تعالى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء (110) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">172- باب استحباب الدعاء في السفر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[980] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وليس في رواية أَبي داود: «عَلَى وَلَدِهِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب إكثار الدعاء في السفر، لأنه مظنة الإجابة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: النهي عن الظلم والعقوق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">173- باب مَا يدعو إِذَا خاف ناساً أَوْ غيرهم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[981] عن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا خَافَ قَوْماً قَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ» . رواه أَبُو داود والنسائي بإسنادٍ صحيحٍ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/573) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن من اعتصم بالله تعالى ولجأ إليه كفاه كيد الأَعادي والحساد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة (137) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">174- باب مَا يقول إِذَا نزل منْزلاً</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[982] عن خولة بنتِ حَكِيمٍ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب التعوذ بصفات الله تعالى إذا نزل منزلاً في سفر، أو حضر. وأن من قال ذلك عصم من كل شر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[983] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَافَرَ فَأقْبَلَ اللَّيْلُ، قال: «يَا أرْضُ، رَبِّي وَرَبُّكِ اللهُ، أعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَشَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، أعُوذُ بالله مِنْ شَرِّ أسَدٍ وَأسْوَدٍ، وَمِنَ الحَيَّةِ وَالعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ البَلَدِ، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» . رواه أَبُو داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَ «الأَسْوَدُ» : الشَّخْصُ، قَالَ الخَطَّابِيُّ: وَ «سَاكِنُ البَلَدِ» : هُمُ الجِنُّ الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ الأرْضِ. قَالَ: وَالبَلَد مِنَ الأرْضِ: مَا كَانَ مَأْوَى الحَيَوانِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بِنَاءٌ وَمَنَازلُ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أنَّ المُرَادَ: «بِالوَالِدِ» إبليسُ: «وَمَا وَلَدَ» : الشَّيَاطِينُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وأعوذ بك من أسد وأسود» . قيل: إنما أراد الاستعاذة لعظم شر ما بعدها بالنسبة لما قبلها. وقيل: الأسود الحية العظيمة وهي أخبث الحيات. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/574) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">175- باب استحباب تعجيل المسافر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الرجوع إِلَى أهله إِذَا قضى حاجته</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[984] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإذَا قَضَى أحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أهْلِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«نَهْمَتهُ» : مَقْصُودهُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: أن يمنعه كمالها لما فيه من المشقة، والتعب، ومقاساة الحر والبرد ومفارقة الأهل والوطن، وخشونة العيش. والمقصود من الحديث: الحث على استحباب الرجوع للأهل بعد قضاء الوطر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">176- باب استحباب القدوم عَلَى أهله نهاراً</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وكراهته في الليل لغير حاجة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[985] عن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أطال أحَدُكُمُ الغَيْبَةَ فَلا يَطْرُقَنَّ أهْلَهُ لَيْلاً» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أهْلَهُ لَيْلاً. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كراهة القدوم ليلاً إذا لم يُعلمهم بوصوله لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة مخافة أن يتخونهم، أو يلتمس عثراتهم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/575) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[986] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَطْرُقُ أهْلَهُ لَيْلاً، وَكَانَ يَأتِيهمْ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الطُّرُوقُ» : المَجيءُ فِي اللَّيْلِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مقتضى قوله: «إذا أطال أحدكم الغيبة» ، توهم عدم كراهة الطروق ليلاً مع قصر السفر ومقتضى الحديث التعميم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: ويمكن الجمع بأنه إن كان بحيث لا يتعب الزوجة وتتوقع امرأته إتيانه مدة غيبته لقصرها، فلا بأس بالطروق ليلاً وإلا فهو كالطويل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">177- باب مَا يقول إِذَا رجع وإذا رأى بلدته</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فِيهِ حَدِيثُ ابنِ عمرَ السَّابِقُ في باب تكبيرِ المسافِر إِذَا صَعِدَ الثَّنَايَا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[987] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: أقْبَلْنَا مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: «آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا المَدِينَةَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الآيب: الراجع، أي: نحن آيبون، قال الله تعالى {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً} [الإسراء (25) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: «تائبون» فيه إشارة إلى التقصير في العبادة، وقاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سبيل التواضع وتعليمًا لأمته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: فيه حديث ابن عمر السابق. ولفظه: (كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قفل من الحج أو العمرة كلما أوفى على ثنية، أو فدفد كبر ثلاثًا، ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون، ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">178- </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/576) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[988] عن كعب بن مالِك - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الصلاة في المسجد عند قدومه ليبدأ بتعظيم بيت الله قبل بيته، وليقوم بشكر نعمة الله عليه في سلامته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">179- باب تحريم سفر المرأة وحدها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[989] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَحِلُّ ... لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «تؤمن بالله واليوم الآخر» ، خص المؤمنة بالذكر، لأن صاحب الإيمان هو الذي ينتفع بخطاب الشارع، وينقاد له.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: النهي عن سفر المرأة بغير محرم وإن ذلك حرام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[990] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلا تُسَافِرُ المَرْأةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله، إنَّ امْرَأتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الموفق: والمحرم زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/577) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: واستدل بالحديث على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج والعمرة. والخروج من دار الشرك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال أبو الطيب الطبري: الشرائط التي يجب بها الحج على الرجل يجب بها على المرأة، فإذا أرادت أن تؤديه فلا يجوز لها إلا مع محرم، أو زوج أو نسوة ثقات. انتهى. والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» . وفي الحديث الآخر: «لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الصحيحين من حديث عقبة: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إياكم والدخول على النساء» . فقال رجل: يَا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو: الموت» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: المراد به أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، وهو أولى بالمنع من الأجنبي والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلو بها من غير نكير عليها بخلاف الأجنبي والله أعلم، انتهى ملخصًا. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/578) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">=====</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0011.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0009.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب الفَضَائِل</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">180- باب فضل قراءة القرآن</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[991] عن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ» . رواه مسلم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمرُ بتلاوة القرآن، وأنَّه يشفع لأصحابه، أي أهْلِهِ القارئين له، المتمسِّكين بِهَدْيِهِ، القائمين بما أمر به، والتاركين لما نهي عنه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[992] وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالقُرْآنِ وَأهْلِهِ الذينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنْيَا تَقْدُمُه سورَةُ البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة لمن حفظ سورة البقرة، وسورة آل عمران وعمل بهما.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[993] وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أكبرُ فضيلةٍ لمن حفظ القرآن وعمل به، وعلمه النَّاس، قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت (49) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/579) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قرأ القرآن فقد استدرج النبوَّة بين جنبيه، غيرَ أنََّه لا يُوحى إليه» . انتهى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فإذا حاز خير الكلام، وتسبَّبَ مع ذلك أن يكون غيره مثله فقد أُلحق ببعض درجات الأنبياء، وكان من جملة الصِّدِّيقين القائمين بحقوق الله تعالى، وحقوقِ عباده.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[994] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أجْرَانِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الكرام البررة: هم الملائكة. قال البخاري: وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله وتأديته، كالسفير الذي يصلح بين القوم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وذكر الحديث بلفظ: «مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له، مع السَّفَرة الكرام البَرَرَة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن كثير: وقوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} ، أي خلقهم كريم، حسن شريف، وأخلاقهم وأفعالهم بارَّة طاهرة كاملة. ومن ها هنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرَّشاد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[995] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ: لا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ: ريحُهَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/580) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ: لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">شَبَّهَ المؤمن القارئ بالأُتْرُجَّةِ لِما اشتملت عليه من الخواص الموجودة فيها مع حسن المنظر، وطيب الطعم، ولين المَلْمس، ويستفيد المتناول لها بعد الالتذاذ بها طيب النكهة، ودباغ المعدة، وقوة الهضم، فاشتركت فيها الحواس الأربع: الشَّمُّ، والبَصَرُ، والذَّوْقُ، واللَّمْسُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وشَبَّهَ المؤمن غير القارئ بالتمرة لاشتماله على الإيمان كاشتمال التمرة على الحلاوة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وشبَّه المنافق بالرَّيْحانة لطيب تلاوته، وخبث عمله، وشبَّه المنافق الذي لا يقرأ بالحنظلة، وهي الشجرة الخبيثة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث فضيلةُ حامل القرآن، وضربُ المَثَلِ للتقريب للفهم. وإن المقصود من تلاوة القرآن العمل بما دل عليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[996] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ» . رواه مسلم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يعني من عمل بالقرآن رفعه الله في الدنيا والآخرة، ومن ضيَّع حدوده وضعه الله وإنْ كان شريفًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[997] وعن ابن عمر رضي اللهُ عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا حَسَدَ إِلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«والآنَاءُ» : السَّاعَاتُ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/581) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا حسد» ، أي: لا غبطة تنبغي إلا في هذه الخَصْلتين، وهي من جنس. قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} [البقرة (148) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين (26) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب اغتباط صاحب القرآن، وذكر الحديث بلفظ: «لا حسد إلا على اثنتين، رجل آتاه الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وهو عند مسلم من وجه آخر: «وقام به آناء الليل وآناء النهار» . والمراد بالقيام به، العمل به تلاوةً وطاعةً. ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي: «رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ويتَّبع ما فيه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[998] وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ، وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُه يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أصْبَحَ أتَى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلقُرْآنِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الشَّطَنُ» بفتحِ الشينِ المعجمة والطاءِ المهملة: الحَبْلُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد بالسكينة في هذا الحديث: الملائكة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقيل: هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقيل: هي روح من الله، وقيل غير ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: والمختار أنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة، ومعه الملائكة. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/582) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[999] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لا أقول: ألم حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ قارئ القرآن يُعطى بكل حرف عشر حسنات لكل قارئ. وأما الضابط المتقن فله عشرون حسنة، كما في رواية البيهقي من حديث ابن عمر: «من قرأ القرآن فأعرب في قراءته، كان له بكل حرف منه عشرون حسنة، ومن قرأ بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1000] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحريض على حفظ القرآن، أو بعضه ليكون جوفه عامرًا به.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1001] وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ حافظ القرآن الملازم لتلاوته وتدبره، والعمل به أنه </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/583) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يصعد في درج الجنة حتى يبلغ منزلته على قدر عمله وحفظه، وبالله التوفيق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">181- باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1002] عن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تعاهدوا هَذَا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبلِ فِي عُقُلِهَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ على قراءة القرآن، والمواظبة على تلاوته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1003] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ... «إنَّمَا مَثَلُ صَاحبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسَكَهَا، وَإنْ أطْلَقَهَا ذَهَبَتْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب استذكار القرآن وتعاهده، وذكر حديث ابن عمر المذكور، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت، وكيت، بل نُسِّيَ. واستذكروا القرآن فإنه أشدُّ تَفَصَّيًا من صدور الرجال من النَّعَم» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">خصّ الإِبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإِنسيّ نفورًا وفي تحصيلها حيث كان نفورها صعوبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نُسِّي» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال عياض: أولى ما يتأول عليه ذم الحال لا ذمّ القول، أي: بئس الحال حال من حفظه ثم غفل عنه حتى نسيه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: هذا الحديث يوافق قوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل (5) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/584) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر (17) ] ، فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسر له، ومن أعرض عنه تفلَّتَ منه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي هذه الأحاديث الحضُّ على محافظة القرآن بدوام دراسته، وتكرار تلاوته، وضرب الأمثال لإِيضاح المقاصد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">182- باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع لها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1004] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مَعْنَى «أَذِنَ الله» : أي اسْتَمَعَ، وَهُوَ إشَارَةٌ إِلَى الرِّضَا والقَبولِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من لم يتغنَّ بالقرآن، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت (51) ] ، وذكر الحديث بمعناه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">التغنِّي بالقرآن: تحسين الصوت بقراءته، وقيل: الاستغناء به، وقيل: التحزُّن به. وقيل: التشاغل به، وقيل: التلذذ به والاستحلاء له.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقيل: أن يجعله هجيراه كما يجعل المسافر والفارغ هجيراه الغناء كعادة العرب، فلما نزل القرآن أحبَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يكون هجيراهم القراءة مكان التغني والترنم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/585) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عند الطحاوي: «حسن الترنُّم بالقرآن» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي حديث عقبة بن عامر رفعه: «تعلموا القرآن وتغنوا به وأفشوه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال عبيد بن عمير: كان داود عليه السلام يتغَّن حين يقرأ، ويَبْكِي، ويُبْكِي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والحاصل أنه يمكن الجمع بين أكثر التأويلات. وهو أنه يحسّن به صوته جاهرًا به، مترنمًا على طريق التحزن، مستغنيًا به عن غيره من الأخبار، طالبًا به غنى النفس، راجيًا به غنى اليد، وقد نظمت ذلك في بيتين:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">?? ... تغنَّ بالقرآن حسن به الصوت ... حزينًا جاهرًا رنَّم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">واستغن عن كتب الألى طالبًا ... غنى يد والنفس ثم الزمِ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولاشكَّ أنَّ النُّفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنُّم أكثر من ميلها لمن لا يترنَّم؛ لأن للتطرب تأثيرًا في رقة القلب، وإجراء الدمع. وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره فلا نزاع في ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: أجمع العماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفًا، أو أخفاه حرم. انتهى ملخصًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1005] وعن أَبي موسى الأَشعري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «لَقدْ أُوتِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلمٍ: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «لَوْ رَأيْتَنِي وَأنَا أسْتَمِعُ لِقِراءتِكَ الْبَارِحَةَ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة» . جواب «لو» محذوف، أي: </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/586) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لسرَّك ذلك، فقال أبو موسى: يا رسول الله، لو أعلم أنك تسمعه لحبَّرته لك تحبيرًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على استحباب تحسين الصوت بالقراءة، وأن الجهر بالعبادة قد يكون في بعض المواضع أفضل من الإسرار، كما يستحب عند التعليم وإيقاظ الغافل ونحو ذلك، كما في حديث عبد الله بن مغفل: رأيت ... النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ وهو على ناقته وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة، يقرأ وهو يرجَّع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن أبي جمرة: معنى الترجيع: بتحسين التلاوة لا ترجيع الغناء، لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1006] وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ بالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فَمَا سَمِعْتُ أحَداً أحْسَنَ صَوْتاً مِنْهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذ الحديث: استحباب تحسين الصوت بالقراءة في الصلاة وغيرها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1007] وعن أَبي لُبَابَةَ بشير بن عبد المنذر - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ. ومعنى «يَتَغَنَّى» : يُحَسِّنُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من لم يتغنَّ بالقرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: هذه الترجمة لفظ حديث أورده المصنف في الأحكام بلفظ: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا» . انتهى. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/587) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى الحاكم وغيره: «زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا» . وروى عبد الرزاق وغيره: «لكل شيء حَلية، وحلية القرآن الصوت الحسن» . قالوا: فإن لم يكن حسن الصوت؟ قال: ... «يحسَّنه ما استطاع» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1008] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لِي النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ» ، فقلتُ: يَا رسولَ الله، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: «إنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى جِئْتُ إِلَى هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً} . قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين، وشعار الصالحين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء (109) ] ، {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم (58) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استماع قراءة القرآن والإصغاء إليه، والتدبر فيها واستحباب طلب القراءة من الغير ليستمع له، وهو أبلغ في التفهُّم والتدبَّر من قراءته بنفسه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: التواضع لأهل العلم والفضل، ورفع منزلتهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: إنما بكى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند تلاوة هذه الآية، لأنه مثَّل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بالتصديق، وسؤاله الشفاعة لأهل الموقف، وهو أمر يحق له طول البكاء. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/588) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والذي يظهر أنه بكى رحمه لأمته، لأنه علم أنه لا بد أن يشهد عليهم بعملِهم، وعملهم قد لا يكون مستقيمًا، فقد يفضي إلى تعذيبهم والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن سعيد بن المسيب قال: ليس من يوم إلا يعرض على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمته غدوة وعشية، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">183- باب الحث عَلَى سور وآيات مخصوصة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1009] عن أَبي سَعِيدٍ رَافِعِ بن الْمُعَلَّى - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآن قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ؟» فَأخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أرَدْنَا أنْ نَخْرُجَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّكَ قُلْتَ: لأُعَلِّمَنَّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن الفاتحة أعظم سورة في القرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أبي هريرة: «أتحبُّ أن أعلمك سورًة لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: وإنما كانت أعظم سورة؛ لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن، ولذا سميت بأم القرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحسن البصري: إنَّ الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علومه في الفاتحة. فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسيره. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/589) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال علي رضي الله عنه: لو شئت أن أوقر على الفاتحة سبعين وقرًا لأمكنني ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «هي السبع المثاني» ، أي؛ لأن الفاتحة سبع آيات، وسميت الفاتحة مثاني لأنها تثنى في الصلاة في كل ركعة، ولاشتمالها على قسمين: ثناء، ودعاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: «والقرآن العظيم» ، قال الخطابي: فيه دلالة على أن الفاتحة هي القرآن العظيم، وأن الواو ليست بالعاطفة التي تفصل بين الشيئين، وإنما هي التي تجيء بمعنى التفصيل، كقوله: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} ... [الرحمن (68) ] ، وقوله: {وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة (98) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفيه بحث لاحتمال أن يكون قوله: «والقرآن العظيم» محذوف الخبر، والتقدير: ما بعد الفاتحة مثلاً فيكون وصف الفاتحة، انتهى بقوله: «هي السبع المثاني» ، ثم عطف قوله: «والقرآن العظيم» ، أي: ما زاد على الفاتحة، وذكر ذلك رعايةً لنظم الآية، ويكون التقدير: والقرآن العظيم هو الذي أوتيته زيادة على الفاتحة. انتهى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: السبع المثاني: هي فاتحة الكتاب. والقرآن العظيم: سائر القرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1010] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ في: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لأَصْحَابِهِ: «أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ بِثُلُثِ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ» . فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: أيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/590) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يَا رسولَ الله؟ فَقَالَ: « {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ} : ثُلُثُ الْقُرْآنِ» رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ثلث القرآن» ، أي باعتبار معانيه؛ لأن القرآن أحكامٌ، وأخبارٌ، وتوحيدٌ، وقد اشتملت هذه السورة على التوحيد خالصًا، ولهذا سميت بسورة الإخلاص، وفيها اسمان من أسماء الله تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال وهما: (الأحد الصمد) ، وفيها نفي الكفؤ لله المتضمن لنفي الشيبه والنظير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1011] وعنه: أنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ: «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ» رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1012] وعن أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ في: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} «إنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1013] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إني أُحِبُّ هذِهِ السُّورَةَ: {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ} قَالَ: «إنَّ حُبَّهَا أدْخَلَكَ الجَنَّةَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ورواه البخاري في صَحِيحِهِ تعليقاً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذه الأحاديث: فضل {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ} . وجواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه، والاستثكار من قراءته، ولا يعد ذلك هجرانًا ... لغيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1014] وعن عقبة بن عامِر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ألَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ {قُلْ أَعْوذُ بِرَبِّ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/591) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} » . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لم يُرَ مثلهن» ، أي: في التعويذ. وقد استعاذ بهما - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سَحَرَهُ لبيد بن الأعصم، فذهب عنه ذلك بالكلية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1015] وعن أَبي سَعِيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَعَوَّذُ مِنَ الجَانِّ، وَعَيْنِ الإنْسَانِ، حَتَّى نَزَلَتْ المُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا، أخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل المُعَوِّذَتَين لاشتمالهما على الجوامع في المستعاذ به، والمستعاذ منه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أوى إلى فراشه كلَّ ليلة جمع كفَّيه، ثم نَفَثَ فيهما فقرأ فيهما {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أنَّ الرقية لا تؤثر بذاتها. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/592) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1016] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مِنَ القُرْآنِ سُورَةٌ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ} » . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية أَبي داود: «تَشْفَعُ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل سورة تبارك، لافتتاحها بعظائم عَظَمَتِهِ، ثم بباهِرِ قدرته، وإتقانِ صنعته، ثم بذمِّ من نازع في ذلك، أو أعرض عنه، ثم بذكرِ عقابهم، وما له عليهم من النِّعم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1017] وعن أَبي مسعودٍ البَدْرِيِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخر سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قِيلَ: كَفَتَاهُ الْمَكْرُوهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَقِيلَ: كَفَتَاهُ مِنْ قِيامِ اللَّيْلِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وقيل: معناه أجزأتاه فيما تعلق بالاعتقاد، لما اشتملتا عليه من الإِيمان والأعمال إجمالاً، ثم ذكر أقوالاً أخرى، قال: ويجوز أن يراد جميع ما تقدم والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن أبي مسعود رفعه: «من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن النعمان بن بشير رفعه: «أن الله كتب كتابًا، وأنزل منه آيتين، ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار فيقربها الشيطان ثلاث ليال» . أخرجه الحاكم وصححه. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/593) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1018] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقرَةِ» . رواه مسلم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر» ، أي: لا تجعلوها كالمقابر لا يصلى فيها، ولكن صلوا في بيوتكم تطوعًا واقرؤا فيها؛ لأن الشيطان يفر من قراءة القرآن خصوصًا سورة البقرة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1019] وعن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْري أيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أعْظَمُ» ؟ قُلْتُ: الله ورسوله أعلم قال: يا أبا المنذر أَتَدْري أيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أعْظَمُ» ؟ قُلْتُ: {اللهُ لا إلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وقال: «لِيَهْنِكَ العِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: منقبة جليلة لأُبَيٍّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز مدح الإِنسان في وجهه، إذا أمن عليه الإِعجاب، وكان فيه مصلحة، كإظهار علمه ونحو ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل آية الكرسي، لما اشتملت عليه من إثبات ربوبية الله، وألوهيته وأسمائه، وصفاته، وتنزيهه عن النقائص.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فقوله: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} إخبار بأنه المنفرد بالألوهية لجميع الخلائق. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/594) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{الْحَيُّ الْقَيُّومُ} : أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، القيِّم لغيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} : أي: لا يعتريه نقص ولا غفلة، ولا ذهول عن خلقه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} : إخبار أنَّ الجميع عبيده وفي ملكه، وتحت قهره وسلطانه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عزَّ وجلّ، أنه لا يتجاسر أحد أن يشفع لأحد عنده، إلا بإذنه له في الشفاعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} دليلٌ على إحاطة علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاء} ، أي: لا يطَّلع أحد من علم الله على شيء إلا ما أعلمه الله عزَّ وجلّ وأطلعه عليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} . قال ابن عباس: (كرسيه) علمه. وعنه: (الكرسي) موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره، وعنه: لو أن السماوات السبع، والأرضين السبع، بسطن، ثم وصلن بعضهن إلى بعض، ما كُنَّ في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المسافة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن جرير: حدثني يوسف أخبرني ابن وهب قال: قال ابن زيد: حدثني يوسف، أخبرني أبي قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس» . قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «ما الكرسيُّ في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} ، أي: لا يثقله ولا يكترثه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومَنْ بينهما، بل ذلك سهل عليه، يسير لديه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} كقوله: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد (9) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود، فيها طريقة </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/595) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">السلف الصالح، إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه. انتهى ملخصًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1020] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: وَكَّلَنِي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَام، فَأخَذْتُهُ فقُلتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَليَّ عِيَالٌ، وَبِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأصْبَحْتُ، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا أَبَا هُريرة، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» قُلْتُ: يَا رسول الله، شَكَا حَاجَةً وَعِيَالاً، فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ. فَقَالَ: «أمَا إنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ» فَعَرَفْتُ أنَّهُ سَيَعُودُ، لقولِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَصَدْتُهُ، فَجاء يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَقُلتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: دَعْنِي فَإنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ لا أعُودُ، فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ، فَأصْبَحْتُ فَقَالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا أَبَا هُريرة، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» قُلْتُ: يَا رسول الله، شَكَا حَاجَةً وَعِيَالاً، فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ: «إنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ» فَرَصَدْتُهُ الثَّالثَة، فَجاء يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأخَذْتُهُ، فَقُلتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهذا آخِرُ ثلاثِ مَرَّاتٍ أنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ! ثُمَّ تَعُود! فَقَالَ: دَعْنِي فَإنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ {اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حتى تختم الآية، فَإنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ الله حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأصْبَحْتُ، فَقَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» قُلْتُ: يَا رسول الله، زَعَمَ أنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/596) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ، قَالَ: «مَا هِيَ؟» قُلْتُ: قَالَ لي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَة الكُرْسِيِّ مِنْ أوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآية: {اللهُ لا إلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة 255] وقال لِي: لا يَزَالُ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَنْ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمَا إنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قُلْتُ: لا. قَالَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل آية (الكرسي) ، وأن قراءتها تطرد الشياطين، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها، وتؤخذ عنه فيُنتفَع بها، وأن الكذَّاب قد يصدق، وأن الشيطان من شأنه أن يكذب، وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته، وأن الجِنَّ يأكلون من طعام الإِنس ويتكلمون بكلامهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: قبول العذر والستر على من يظن به الصدق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعند النسائي من حديث معاذ بن جبل: ضم إليَّ رسول االله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تمر الصدقة، فكنت أجد فيه كل يوم نقصانًا، فشكوت ذلك إِلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال لي: «هو عمل الشيطان فارصده» فرصدته، فأقبل في صورة فيل، فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب في غير صورته، فدنا من التمر فجعل يلتقمه، فشددت عليَّ ثيابي فأخذته فالتفت يداي على وسطه فقلت: يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته وكانوا أحق به منك، لأرفعنَّك إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيفضحك، قال: أنا شيخ كبير فقير ذو عيالٍ، وما أتيتك إلا من نصيبين، ولو أصبت شيئًا دونه ما أتيتك، ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم، فلما نزلت عليه آيتان تفرقنا منها، فإن خليت سبيلي علمتكهما. قلت: نعم. قال: آية الكرسي وآخر سورة البقرة من قوله: {آمَنَ الرَّسُولُ ... } إلى آخرها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1021] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ، عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/597) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «مِنْ آخِرِ سُورَةِ الكَهْفِ» . رواهما مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد: أنّ حفظ عشر هذه الآيات من سورة الكهف يكون عاصمًا من فتنة المسيح الدَّجَّال، الذي يخرج في آخر الزمان مدَّعيًا الألوهية لخوارق تظهر على يديه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى أحمد عن أنس الجهني، عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من قرأ أوَّل سورة الكهف وآخرها كانت له نورًا من قدمه إِلى رأسه، ومن قرأها كلها كانت له نورًا ما بين السماء والأرض» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن أبي سعيدٍ عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين» . أخرجه الحاكم وصححه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن عليّ مرفوعًا: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إِلى ثمانية أيام من كل فتنة، وإن خرج الدَّجَّال عُصم منه» . رواه الضِّياء المقدسي في المختارة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1022] وعن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: بَيْنَمَا جِبْريلُ - عليه السلام - قَاعِدٌ عِنْدَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ نَقيضاً مِنْ فَوقِهِ، فَرَفَعَ رَأسَهُ، فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليَوْمَ وَلَمْ يُفْتَحْ قَطٌّ إِلا اليَوْمَ، فنَزلَ منهُ مَلكٌ، فقالَ: هذا مَلكٌ نَزلَ إلى الأرضِ لم ينْزلْ قطّ إلا اليومَ فَسَلَّمَ وقال: أبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤتَهُمَا نَبيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَواتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلا أُعْطِيتَه. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(النَّقِيضُ) : الصَّوْتُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">النقيض: الصوت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فاتحة الكتاب» ، سُمِّيت بذلك لأنه يُفتح بها في المصاحف فتُكتب </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/598) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قبل جميع السور، ويبدأ بقراءتها في الصلاة. وسُمِّيت أُمُّ القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن: من الثناء على الله تعالى، والتعبُّد بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وعلى ما فيها من ذكر الذات والصفات والفعل، واشتمالها على ذكر المبدأ والمعاد والمعاش.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولها أسماء أخرى: الكنز، والوافية، والشافية، والكافية، وسورة الحمد، والحمد لله، وسورة الصلاة، وسورة الشفاء، والأساس، وسورة الشكر، وسورة الدعاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لن تقرأ بحرف منها إِلا أعطيته» ، كما في حديث أبي هريرة: «قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي ... » الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وكما في الحديث الآخر: «ربنا لا تؤاخذنا إِنْ نسينا أو أخطأنا، قال الله: قد فعلت ... » الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">184- باب استحباب الاجتماع عَلَى القراءة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1023] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بينهم، إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الاجتماع على القراءة لما فيه من تعظيم القرآن، وإظهار شعاره بتكثير مجالسه، وخصوصًا المساجد، لأنها أفضل المواضع وأشرفها. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/599) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل مدارسة القرآن، ولهذا كان جبريل يلقى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيدارسه القرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: بيان ثواب المجتمعين لقراءة القرآن، وأعلاه ذكر الله لهم فيمن عنده من الملائكة قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة (152) ] ، وقال تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت (45) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">185- باب فضل الوضوء</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {مَا يُريدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة (6) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا أرادوا القيام إلى الصلاة وهم محدثون أن يتوضؤوا، فيغسلوا وجوههم وأيديهم إلى المرافق، فيدخلوها في الغسل، ويمسحوا برؤوسهم، ويغسلوا أرجلهم، وإن كانوا جنبًا أن يغتسلوا، وإن كان أحدٌ منهم مريضًا يخاف ضررًا من استعمال الماء كفاه التيمم، أو كان مسافرًا وخاف العطش جاز له التيمم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} ، أي: جامعتموهن {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} ، أي: طاهرًا، {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [المائدة (6) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: بعثني النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء، قتمرَّغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، ثم أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت ذلك له، فقال: «إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا» ثم ضرب بيديه الأرض ضربةً واحدةً، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه. متفق عليه. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/600) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} ، أي: ضيق، {وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ} من الأحداث والذنوب: {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} نعمته فيزيدها عليكم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1024] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرَّاً مُحَجَّلينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الغرة: في الوجه، والتحجيل: في اليدين والرجلين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأصل الغرة لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس، ثم استعملت في الجمال والشهرة وطيب الذكر، والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه أمة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: «محجلين» من التحجيل، وهو بياض يكون في قوائم الفرس، والمراد به هنا: النور أيضًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1025] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ خليلي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الوُضُوءُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحريض على إطالة الغرة والتحجيل، وإطالة الغرة: أن يغسل جميع وجهه طولاً وعرضًا. وإطالة التحجيل: أن يغسل يديه حتى يشرع في العضدين، ويغسل رجليه حتى يشرع في الساقين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1026] وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُج مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/601) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على الاعتناء بتعلم شروط الوضوء وسننه وآدابه، والعمل بذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1027] وعنه قَالَ: رَأيتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأ هكَذَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَكَانَتْ صَلاَتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى المَسْجدِ نَافِلَةً» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">صفة الوضوء الذي ذكره عثمان، أنه دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه، فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثًا، ثم قال: «رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ نحو وضوئي هذا» . ثم قال: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه» . رواه البخاري ومسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على دفع الخواطر المتعلقة بأشغال الدنيا وجهاد النفس في ذلك، والترغيب في الإِخلاص، وقد قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود (114، 115) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1028] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ - أَو المُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ المَاءِ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنَ الذُّنُوبِ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/602) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد بتكفير الخطايا هنا الصغائر لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1029] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى المقبرة، فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَومٍ مُؤْمِنِينَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، وَدِدْتُ أنَّا قَدْ رَأَيْنَا إخْوانَنَا» . قالوا: أوَلَسْنَا إخْوَانَكَ يَا رسول الله؟ قَالَ: «أنْتُمْ أصْحَابِي، وَإخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأتُوا بَعْدُ» . قالوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسولَ الله؟ فَقَالَ: «أرَأيْتَ لَوْ أنَّ رَجُلاً لَهُ خَيلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «فإنَّهُمْ يَأتُونَ غُرّاً مُحَجَّلينَ مِنَ الوُضُوءِ، وأنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الحَوْضِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز تمني الخير، ولقاء الفضلاء. وليس في هذا الحديث نفيًا لأخوة الصحابة، ولكن ذكر مزيتهم بالصحبة. أي فأنتم أخوة صحابة والذين لم يأتوا بعد ليسوا بصحابة قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات (10) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: بشارة لهذه الأمة بأن واردهم إلى الماء هو محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والفرط: هو المتقدم إلى الماء، قال الله تعالى: {وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ} [يوسف (19) ] . والحوض: الكوثر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1030] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ألا أَدُّلُكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: « </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/603) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ؛ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ؛ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">إسباغ الوضوء في المكاره: إتمامه في نحو برد وقلَّة ماء، وأصل الرباط، الحبس على الشيء، فكأنه حبس نفسه على هذه الطاعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب إسباغ الوضوء، والتردد إلى المسجد، واستحباب الجلوس فيه للعبادة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1031] وعن أَبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمَانِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَقَدْ سبق بطوله في باب الصبر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «الطهور شطر الإيمان» ، أي: نصفه، لأن خصال الإيمان قسمان: ظاهرةٌ، وباطنةٌ. فالطهور من الخصال الظاهرة، والتوحيد من الخصال الباطنة. وقد جمع ذلك في حديث عمر بن الخطاب كما سيأتي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي البابِ حديث عمرو بن عَبَسَة - رضي الله عنه - السابق في آخر باب الرَّجَاءِ، وَهُوَ حديث عظيم؛ مشتمل عَلَى جمل من الخيرات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الشاهد من حديث عمرو بن عبسة: (فقلت: يَا رسول الله، فالوضوء حدِّثْني عنه فقال: «ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض، ويستنشق، ويستنثر، إلا خرت خطايا وجهه، وفيه، وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمر الله، إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه، إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين، إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإنْ هو قام فصلَّى، فحمد الله، وأثنى عليه، ومجَّده بالذي هو له </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/604) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أهل، وفرغ قلبه لله تعالى، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه» .) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1032] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلغُ – أَوْ فَيُسْبِغُ – الوُضُوءَ، ثُمَّ يقول: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وزاد الترمذي: «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">جمع في هذا الحديث بين طهارة الظاهر بالوضوء، وطهارة الباطن بالتوحيد، وسؤال التوبة، والتطهر من الذنوب والآثام، وأخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ثواب هذا العمل دخول الجنة من أي أبوابها شاء، وبالله التوفيق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">186- باب فضل الأذان</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1033] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ والصَّفِ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الاسْتِهَامُ» : الاقْتِرَاعُ، وَ «التَّهْجِيرُ» : التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلاةِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول» ، أي: من الخير والبركة. «ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه» ، أي: على ما ذكر من الأذان والصف الأول.: «لاستهموا عليه» ، أي: اقترعوا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: في الحض على الصف الأول، المسارعة إلى خلاص الذمة </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/605) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والسبق لدخول المسجد والقرب من الإمام، واستماع قراءته، والتعلم منه، والفتح عليه، والتبليغ عنه، والسلامة من اختراق المارة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكن قدَّامه، وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين، والصف الأول عند الكعبة هو الذي يلي الإمام على الصحيح، وإن كان أبعد من الكعبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1034] وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«المُؤَذِّنُونَ أطْوَلُ النَّاسِ أعْناقاً يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «أطول االناس أعناقًا» ، قال النضر بن شميل: إذا ألجم الناسَ العرقُ يوم القيامة طالت أعناقهم، لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1035] وعن عبدِ الله بن عبدِ الرَّحْمنِ بن أَبي صَعصعة: أنَّ أَبَا سَعيد الخدريَّ - رضي الله عنه - قَالَ لَهُ: «إنِّي أرَاكَ تُحبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ فَإذَا كُنْتَ في غَنَمِك - أَوْ بَادِيتِكَ - فَأذَّنْتَ للصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإنَّهُ لا يَسْمَعُ مدى صَوْتِ المُؤذِّنِ جِنٌّ، وَلا إنْسٌ، وَلا شَيْءٌ، إِلا شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ» . قَالَ أَبُو سَعيدٍ: سمعتُهُ مِنْ رَسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على استحباب أذان المنفرد ورفع الصوت بالنداء، وعند أبي داود من حديث أبي هريرة: «المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس» ، والسر في هذه الشهادة مع أنها تقع عند عالم الغيب والشهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلوّ الدرجة، وكما أن الله يفضح بالشهادة قومًا فكذلك يكرم بالشهادة آخرين. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/606) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن حب الغنم والبادية ولا سيما عند نزول الفتنة، من عمل السلف الصالح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1036] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا نُودِيَ بالصَّلاَةِ، أدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأذِينَ، فَإذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ للصَّلاةِ أدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا واذكر كَذَا - لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُر مِنْ قَبْلُ - حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«التَّثْوِيبُ» : الإقَامَةُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان فضيلة الأذان وأنه يطرد الشيطان، وفي صحيح مسلم من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه أنه قال: «إذا سمعت صوتًا فناد بالصلاة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن الجوزي: على الأذان هيبة يشتدّ انزعاج الشيطان بسببها، لأنه لا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به بخلاف الصلاة، فإِنَّ النفس تحضر فيها، فيفتح لها الشيطان أبواب الوسوسة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: يشبه أن يكون الزَّجر عن خروج المرء من المسجد بعد أن يؤذِّن المؤذن من هذا المعنى، لئلا يكون متشبِّهًا بالشيطان، الذي يفرّ عند سماع الأذان. والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1037] وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنّه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/607) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإنَّه مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ؛ فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأرْجُو أنْ أكونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب مجاوبة المؤذن بمثل ما يقول في كل كلمة من الأذان إلا الحيعلة فيقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله» ، كما في حديث معاوية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى النسائي من حديث أمِّ حبيبة: أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول مثل ما يقول المؤذن حتى يسكت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: معنى الحيعلتين: هلمَّ بوجهك وسريرتك إلى الهدى ... عاجلاً، والفوز بالنعيم آجلاً، فناسب أن يقول: هذا أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والدعاء له بالوسيلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1038] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا كَمَا يَقُولُ المُؤذِّنُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1039] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ، وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المقام المحمود: هو شفاعة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند الله عز وجل في القضاء بين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/608) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">خلقه حين يتأخر عنها آدم وأولوا العزم من الرسل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1040] وعن سعدِ بن أَبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه قَالَ: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَه إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة هذا الذكر إذا سمع الأذان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1041] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدُّعَاءُ لا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على الدعاء بين الأذان والإقامة، وأن هذا الوقت من أوقات الإجابة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">187- باب فضل الصلوات</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ} ... [العنكبوت (45) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: الفحشاء: ما قبح من الأعمال، والمنكر: ما لا يُعرف في الشرع. قال ابن مسعود وغيره: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر، لم يزدد بصلاته من الله إلا بُعدًا. وعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «إنَّ فلانًا يصلِّي </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/609) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">بالليل، فإذا أصبح سرق، فقال: «إنه سينهاه ما تقول» . رواه أحمد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1042] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«أرَأيْتُمْ لَوْ أنَّ نَهْرَاً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرنهِ شَيْءٌ؟» قالوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرنهِ شَيْءٌ، قَالَ: «فَذلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1043] وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الغَمْرُ» بفتح الغين المعجمة: الكثير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">شبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلوات بالنهر الجاري، والخطايا بالدرن الذي يغسله الماء، فالصلوات تكفر صغائر الذنوب دون كبائرها؛ لأن الماء لا يغسل الجذام ونحوه، ولهذا قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1044] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأتَى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأخْبَرَهُ فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ، إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود (114) ] فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذَا؟ قَالَ: «لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/610) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: (فأنزل الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ} ، في رواية عند أحمد ومسلم: فقرأ عليه: «أقم الصلاة» ، وأوله: قال جاء رجل إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه ولو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال: «ردوه عليَّ» فردوه، فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود (114) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1045] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغشَ الكَبَائِرُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن أعمال البر تكفر الذنوب الصغائر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء (31) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1046] وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءها؛ وَخُشُوعَهَا، وَرُكُوعَهَا، إِلا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوب مَا لَمْ تُؤتَ كَبِيرةٌ، وَذلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تنبيه على تعميم تكفير الطاعات للصغائر كل زمن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">188- باب فضل صلاة الصبح والعصر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1047] عن أَبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/611) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(البَرْدَانِ) : الصُّبْحُ والعَصْرُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سُمِّيا البردين؛ لفعلهما وقت البرد، ووجه تخصيصهما بالذكر عن سائر الصلوات أن وقت الصبح يكون عند لذَّة النوم، ووقت العصر يكون [عند] الاشتغال، وأن العبد إذا حافظ عليهما كان أشد محافظة على غيرهما.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى حسن خاتمة مصليهما بوفاته على الإسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1048] وعن أَبي زهير عُمارة بن رُؤَيْبَةَ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» يعني: الفَجْرَ والعَصْرَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تخصيصها بذلك أنَّ وقت الصبح يكون عند النوم ولذَّته، ووقت العصر عند الاشتغال بتتمات أعمال النهار. ففي صلاتهما دليلٌ على خلوص النفس من الكسل ومحبتها للعبادة، ويلزم من ذلك إتيانه ببقية الصلوات الخمس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور (36: 38) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1049] وعن جُنْدُبِ بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ، فَانْظُرْ يَا ابْنَ آدَمَ، لا يَطْلُبَنَّكَ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحذير عن التعرض للمصلين، وأذاهم بغير حق. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب (58) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/612) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1050] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاَةِ الصُّبْحِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ - وَهُوَ أعْلَمُ بِهِمْ - كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادي؟ فَيقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «يتعاقبون فيكم» ، في رواية للبخاري: «الملائكة يتعاقبون، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» . ولابن خزيمة: «إنَّ لله ملائكة يتعاقبون» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم» ، قيل: الحكمة في سؤالهم استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخبر، واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك لإظهار الحكمة من خلق نوع الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة (30) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث، الإشارة إلى عِظَمِ هاتين الصلاتين لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان، وفي غيرهما طائفة واحدة، والإشارة إلى شرف الوقتين المذكورين، وقد أورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترفع آخر النهار، فمن كان حينئذٍ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله، والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1051] وعن جرير بن عبد الله البَجَليِّ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا عِنْدَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَرَونَ رَبَّكُمْ كَمَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/613) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتهِ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أرْبَعَ عَشْرَةَ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المهلب: خصَّ هذين الوقتين لاجتماع الملائكة فيهما، ورفعهم أعمال البلاد، لئلا يفوتهم هذا الفضل العظيم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية أن الصلاة أفضل الطاعت، وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما، ورفع الأعمال وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا، وهو النظر إلى الله تعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1052] وعن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من ترك صلاة العصر، وذكر الحديث عن أبي المليح، قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم، فقال: بكِّروا بصلاة العصر، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قيل: خص يوم الغيم بذلك؛ لأنه مظنة التأخير، إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت، أو لمتشاغلٍ بأمر آخر فيظن بقاء الوقت، فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «من ترك صلاة العصر» ، في رواية: «متعمدًا» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون (4، 5) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/614) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم (59) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">189 - باب فضل المشي إلى المساجد</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1053] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد بالغدو هنا: الذهاب إلى المسجد. وبالرواح: الرجوع إلى المنزل، والنُّزُل: المكان الذي يهيأ للنزول فيه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: فضل إتيان المساجد للصلاة، والعبادة، والعلم، والذكر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: عادة الناس تقديم طعام لمن دخل بيتهم، والمسجد بيت الله تعالى فمن دخله أيّ وقتٍ كان من ليلٍ أو نهارٍ أعطاه الله تعالى أجره من الجنة، لأنه أكرم الأكرمين، ولا يضيع أجر المحسنين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1054] وعنه: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خُطُواتُهُ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل المشي إلى المساجد لأداء الصلاة المكتوبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1055] وعن أُبيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لا أَعْلمُ أَحَداً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَتْ لا تُخْطِئُهُ صَلاَةٌ، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/615) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فَقيلَ لَهُ: لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبَهُ في الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ، قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلِي إلى جَنْبِ المَسْجِدِ، إنِّي أُرِيدُ أنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إلى المَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إذَا رَجَعْتُ إلى أهْلِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لكَ ذَلِكَ كُلَّه» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد في قوله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} أعمالهم {وَآثَارَهُمْ} [يس (12) ] ، خطايا بأرجلهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1056] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: خَلَت البِقاعُ حولَ المَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلمَةَ أنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمْ: «بَلَغَنِي أنَّكُم تُريدُونَ أنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ؟» قالوا: نعم، يا رَسُول اللَّهِ، قَدْ أرَدْنَا ذَلِكَ. فَقَالَ: «بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُم تُكْتَبْ آثارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثارُكُمْ» . فقالوا: مَا يَسُرُّنَا أنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا. رواه مسلم، وروى البخاري معناه من رواية أنس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب احتساب الآثار، وذكر حديث أنس: أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم، فينزلوا قريبًا من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: فكره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعروا المدينة، فقال: «ألا تحتسبون آثاركم» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: خطاهم: آثارهم، والمشي في الأرض بأرجلهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي الحديث أن أعمال البر إذا كانت خالصة تكتب آثارها حسنات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب السكنى بقرب المسجد، إلا لمن حصلت به منفعة أخرى أو أراد تكثير الأرجل بكثرة المشي. انتهى ملخصًا. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/616) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1057] وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أجْراً في الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشىً، فَأَبْعَدُهُمْ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإمَامِ أعظَمُ أجْراً مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الصلاة مع الجماعة ولو تأخرت أفضل من صلاته منفردًا في أول الوقت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1058] وعن بُريدَة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَشِّرُوا المَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بُشارة عظيمةٌ للمحافظين على صلاة الجماعة ليلاً ونهارًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1059] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ» ؟ قَالُوا: بَلَى يا رَسُول اللهِ؟ قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سُمِّيت هذه الخصال الثلاث رباطًا، لأنها مجاهدة للنفس، فلزموها من أعظم الجهاد؛ لأن الإنسان إذا غلب نفسه فاز، وإن غلبته خاب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} ... [الشمس (9، 10) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/617) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1060] وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإيمَانِ، قال اللهُ - عز وجل -: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} » الآية. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دلالة واضحة على أنَّ معاودة المسجد لصلاة الجماعة من الإيمان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">190 - باب فضل انتظار الصلاة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1061] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمنَعُهُ أنْ يَنقَلِبَ إلى أهلِهِ إلا الصَّلاةُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1062] وعنه - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» . رواه البُخَارِيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وذكر حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدِث، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، لا يزال أحدكم في الصلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/618) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: قوله: «لا يزال أحدكم في صلاة» ، أي: في ثواب الصلاة، لا في حكمها، لأنه يحل له الكلام وغيره مما مُنِع في الصلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «اللهم اغفر له، اللهم ارحمه» ، هو مطابق لقوله تعالى: ... {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ} [الشورى (5) ] ، قيل السرُّ فيه أنهم يَطَّلعون على أفعال بني آدم وما فيها من المعصية والخلل في الطاعة، فيقتصرون على الاستغفار لهم من ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1063] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاَةَ العِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَمَا صَلَّى، فَقَالَ: «صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا، وَلَمْ تَزَالُوا في صَلاَةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا» . رواه البُخَارِيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل انتظار الصلاة، وأن منتظر الجماعة في صلاة ولو تأخرت عن أول وقتها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">191 - باب فضل صلاة الجماعة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1064] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ... «صَلاَةُ الْجَمَاعَة أفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1065] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلاةُ الرَّجُلِ في جَمَاعةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتهِ وفي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفَاً، وَذلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخرِجُهُ إلا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/619) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">دَرَجَةٌ، وَحُطَّتْ عَنهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاهُ، مَا لَمْ يُحْدِث، تقولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ» . متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الترمذي: عامة من رواه قالوا: خمسًا وعشرين درجةً، إلا ابن عمر فإنه قال: سبعًا وعشرين. انتهى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقد جُمِعَ بينهما بأن ذكر القليل لا ينفي الكثير، وفضل الله واسع. وقيل السبع مختصة بالجهرية، والخمس بالسرية، لأن في الجهرية الإنصات عند قراءة الإمام، والتأمين عند تأمينه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أبي هريرة: إشارة إلى بعض الأسباب المقتضية للدرجات، وهو قوله: «وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومنها: الاجتماع والتعاون على الطاعة، والألفة بين الجيران، والسلامة من صفة النفاق، ومن إساءة الظن به.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومنها: صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له، وغير ذلك، والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1066] وعنه قَالَ: أَتَى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أعْمَى، فقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ، لَيسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَّمَا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَأجِبْ» . رواه مسلم </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/620) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1067] وعن عبدِ الله - وقيل: عَمْرو بن قَيسٍ - المعروف بابن أُمّ مكتوم المؤذن - رضي الله عنه - أنَّه قال: يا رَسُول اللهِ، إنَّ المَدينَةَ كَثيرةُ الهَوَامِّ وَالسِّبَاعِ. فَقَالَ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، فَحَيَّهلاً» . رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومعنى «حَيَّهَلاً» : تعال.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليلٌ على وجوب حضور الجماعة لمن سمع النداء بالصلاة، وفيه تأكيد طلب الجماعة واحتمال خفيف التعب في حصولها، وذلك أن الغالب على من قربت داره من المسجد أنه يقل لحاق الضرر به.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وأما قصة عتبان التي في الصحيح، فإنما سأل الترخيص عند وجود مانع من حيلولة السيل بينه وبين مسجد قومه مع ضعف بصره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1068] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤذَّنَ لهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهمْ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: يدل على وجوب الصلاة في الجماعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تقديم التهديد على العقوبة، وسر ذلك أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتفي به عن الأعلى من العقوبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز أخذ أهل الجرائم على غرة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: الرخصة للإمام في ترك الجماعة لمثل ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب وجوب صلاة الجماعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: إن منعته أمُّه عن العِشَاء في الجماعة شفقة عليه لم يطعها، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/621) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وذكر الحديث وزاد في آخره: «والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنَّهُ يجد عَرْقًا سمينًا أو مِرْمَاتَين حسنَتَيْنِ لشهد العشاء» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1069] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: مَنْ سَرَّهُ أنْ يَلْقَى اللهَ تَعَالَى غداً مُسْلِماً، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَنَ الهُدَى، وَإنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى، وَلَوْ أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكم كَمَا يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّة نَبِيِّكُم لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَى بهِ، يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ. رَوَاهُ مُسلِم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ قَالَ: إنّ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى؛ وإنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى الصَّلاَةَ في المَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">السنة: الطريقة، وليس المراد بها هنا التي دون الواجب في الاصطلاح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وجوب صلاة الجماعة في المسجد، وأنَّ من ترك ذلك فهو ضال.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1070] وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيةٍ، وَلا بَدْوٍ، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إلا قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِم الشَّيْطَانُ. فَعَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة» . رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">شبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استيلاء الشيطان على المنفرد عن الجماعة وتمكنه منه، باستيلاء الذئب على المنفردة عن الغنم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/622) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">192 - باب الحث عَلَى حضور الجماعة في الصبح والعشاء</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1071] عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفَ لَيلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» . قَالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد: أن مجموع صلاتي العشاء والصبح جماعة، كقيام الليل كلِّه، وصلاة كلٍّ منهما جماعة كقيام نصف الليل. وخصّهما بالذكر لثقلهما على النفوس لأن صلاة الفجر في وقت طيب النوم ولذته، وصلاة العشاء في غلبة الظلمة والحديث مع الأهل والأصدقاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1072] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا في العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوَاً» . متفقٌ عَلَيهِ. وقد سبق بِطولِهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: لو يعلم المتخلفون عن صلاة الجماعة ما في العتمة والصبح من الأجر، لأتوا المسجد لصلاة الجماعة ولو حَبْوًا على الركب والأيدي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1073] وعنه قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ صَلاَةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً» . متفقٌ عَلَيهِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/623) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن عدم حضور الجماعة في صلاة الفجر والعشاء من علامات النفاق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماءٌ على عظم ثواب الآتي إليهما.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">193 - باب الأمر بالمحافظة عَلَى الصلوات المكتوبات</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهنّ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة (238) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: داوموا عليهنَّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون (1، 9) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ} [المعارج (34، 35) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة (5) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">استنبط العلماء من هذه الآية أنَّ من ترك الصلاة كسلاً قُتِل حدًا إن لم يتب، وأما من جَحَد وجوبها فهو كافر بالكتاب والسنَّة، وحَدّه القتل بإجماع العلماء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1074] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا» قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «الصلاة على وقتها» ، أي: أداؤها في وقتها، فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها، ولا تقبل بعد خروجه. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/624) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1075] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «بني الإِسلام على خمس» ، أي: دعائم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «على خمسة» ، أي: أركان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وهذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الإِسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال عطاء الخرساني: الدِّين خمس لا يقبل الله منهن شيئًا دون شيء: بشهادة أن لا إِله إِلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، وبالجنة والنار، والحياة بعد الموت، هذه واحدة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والصلوات الخمس: عمود الدين، لا يقبل الله الإيمان إلا بالصلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والزكاة: طهور من الذنوب، ولا يقبل الله الإِيمان ولا الصلاة إلا بالزكاة، فمن فعل هؤلاء الثلاث ثم جاء رمضان فترك صيامه متعمدًا لم يقبل الله منه الإِيمان ولا الصلاة ولا الزكاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فمن فعل هؤلاء الأربع ثم تسير له الحج فلم يحج، ولم يوص بحجته ولم يحج عنه بعض أهله، لم يقبل الله منه الأربع التي قبلها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1076] وعنه قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إلا بِحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا حديث عظيم وقاعدة من قواعد الدين، وهو موافق لقوله تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [التوبة (5) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/625) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الخطَّابي وغيره: المراد بهذا أهل الأوثان ومشركوا العرب، ومن لا يؤمن دون أهل الكتاب، ومن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقوله: ... (لا إله إلا الله) إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «إلا بحق الإِسلام» ، أي: شرائعه، كما قاتل الصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة بعدما مات النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال أبو بكر: والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتلهم على منعها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وكما ذكر العلماء، أنه إذا اتفق أهل بلد على ترك الأذان، كان للإِمام قتالهم؛ لأن الأذان من شعائر الإِسلام. وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث» ... الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1077] وعن معاذٍ - رضي الله عنه - قال: بَعثنِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليَمَنِ، فَقَالَ: «إنَّكَ تَأْتِي قَوْماً مِنْ أَهْل الكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإنْ هُمْ أطاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَإيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإنَّهُ لَيْسَ بَينَهَا وبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب» . هي كالتوطئة للتوصية لتستجمع همته؛ لأن مخاطبتهم ليست كمخاطبة الجهال. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/626) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: البداءة بالشهادتين؛ لأن ذلك أصل الدين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: البداءة بالأهم فالأهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على جواز إخراج الزكاة في صنف واحد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تنبيه على المنع من جميع الظلم. والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم، الإِشارة إلى أن أخذها ظلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: الدعاء إلى التوحيد قبل القتال، وتوصية الإِمام عامله فيما يحتاج إليه من الأحكام وغيرها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1078] وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ والكفر، تَرْكَ الصَّلاَةِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الصلاة: هي الحد الفاصل بين الإِسلام والكفر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1079] وعن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» . رواه التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البيضاوي: الضمير للمنافِقِيْنَ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الطيبي: يمكن أن يقال: الضمير عام فيمن بايع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالإِسلام مؤمنًا كان أو منافقًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تعظيم شأن الصلاة وأن من تركها فهو كافر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1080] وعن عبد الله بن شقيق التَّابِعيِّ المتفق عَلَى جَلاَلَتِهِ رَحِمهُ اللهُ، قَالَ: كَانَ أصْحَابُ محَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَرَوْنَ شَيْئاً مِنَ الأعْمَالِ تَرْكُهُ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/627) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاَةِ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ في كِتابِ الإيمان بإسنادٍ صحيحٍ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر، واختلف العلماء هل يجب القتل لترك الصلاة واحدة أو أكثر. فالجمهور أنه يقتل لترك صلاة واحدة. قال أحمد بن حنبل: إذا دعي إلى الصلاة فامتنع، وقال: لا أصلي حتى خرج وقتها، وجب قتله. وقال الشافعي: من ترك الصلاة كسلاً حتى أخرجها عن وقت الضرورة يقتل حدًا، إن لم يتب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1081] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإنْ صَلَحَتْ، فَقَدْ أفْلَحَ وأَنْجَحَ، وَإنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُ - عز وجل -: انْظُرُوا هَلْ لِعَبدي من تطوّعٍ، فَيُكَمَّلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أعْمَالِهِ عَلَى هَذَا» . رواه التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على إتقان الفرائض، والاهتمام بمصححاتها، وترك مفسداتها، والحضُّ على إكثار النوافل لتكون جابرة لخلل الفرائض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">194 - باب فضل الصف الأول</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والأمر بإتمام الصفوف الأُوَل وتسويتها والتراصّ فِيهَا</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1082] عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا ... رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقال: «ألا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟» فَقُلنَا: يَا رَسُول اللهِ، وَكَيفَ تُصَفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/628) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الصفُّ الأول: هو الذي يلي الإِمام، وفي المسجد الحرام من بحاشية محل الطواف، دون من تقدم عليه إلى الكعبة في غير جهة الإمام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «يتمون الصفوف الأُوَل» ، أي: لا يشرعون في صف حتى يُكمل ما قبله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1083] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: عِظَمُ ثواب الأذان، وثواب الصف الأول.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1084] وعنه قَالَ: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أوَّلُهَا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«خير صفوف الرجال أولها» : لسبقهم إلى الفضيلة، «وشرها آخرها» : لتأخرهم. و «خير صفوف النساء آخرها» : لبعدهن عن الرجال، و «شرها أولها» : لقربهن من الفتنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1085] وعن أبي سعيد الخدرِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى في أصْحَابِهِ تَأَخُّراً، فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَأتَمُّوا بِي، وَلْيَأتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ الله» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على التسابق إلى الطاعة، وإلى معالي الأمور </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/629) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والأخلاق، والزجر عن الميل إلى الدعة والرفاهية، والتأخر عن الطاعات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1086] وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلاَةِ، وَيَقُولُ: «اسْتَووا ولا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الأحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الأحلام: جمع حِلْم، وهو: الأناة والتثبت. والنُّهى: العقول.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1087] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري: «فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاَةِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: بابٌ إقامةُ الصف من تمام الصلاة، وذكر حديث أبي هريرة: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه وأقيموا الصف في الصلاة، فإنَّ إقامة الصف من أحسن الصلاة» ، ثم ذكر حديث أنس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليلٌ على وجوب تسوية الصفوف.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1088] وعنه قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَأقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا؛ فَإنِّي أرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» . ... رواه البُخَارِيُّ بلفظه، ومسلم بمعناه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري: وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/630) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لفظ مسلم: «أتموا الصفوف فإني أراكم من وراء ظهري» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: ولا ينافي هذا الحديثُ حديثَ: «لا أعلم ما وراء جداري» لأن هذا خاص بحالة الصلاة، لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما حصل له فيها قرة العين بما أفيض عليه فيها من غايات القرب المختص بها التي لا يوازيه فيها غيره، صار بدنه الشريف كالمرآة الصافية التي لا تحجب ما وراءها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1089] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قَالَ: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» . متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: أنَّ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا، حَتَّى كَأنَّمَا يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ حَتَّى رَأى أنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَوماً فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأى رَجُلاً بَادِياً صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ، فَقَالَ: «عِبَادَ اللهِ، لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">القِدْح: السهم قبل أن يراش وينصل. والقداح: جمع قدح، وهي خشب السهام حين تبرى وتنحت وتهيأ للرمي، وهي مما يطلب فيها التحرير وإلا كان السهم طائشًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: دليل على وجوب تسوية الصفوف، وعلى جواز كلام الإمام فيما بين الإقامة والصلاة لما يعرض من الحاجة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: مراعاة الإمام لرعيته والشفقة عليهم، وتحذيرهم من المخالفة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «أو ليخالفن الله بين وجوهكم» ، أي: يوقع بينكم العداوة والبغضاء، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن؛ لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب، الداعي إلى القطيعة. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/631) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1090] وعن البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إلى نَاحِيَةٍ، يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا، وَيَقُولُ: «لا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» . وكانَ يَقُولُ: «إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ» . رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1091] وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أقيمُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينوا بِأيْدِي إخْوانِكُمْ، ولا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ للشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفّاً وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفّاً قَطَعَهُ اللهُ» . رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على وصل الصفوف وتكميلها، والزجر عن قطعها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولينوا بأيدي إخوانكم» ، أي: إذا قدموكم أو أخروكم حتى يستوي الصف.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1092] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأعْنَاقِ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ، كَأَنَّهَا الحَذَفُ» . حديث صحيح رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسنادٍ عَلَى شرط مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الحَذَفُ» بحاء مهملةٍ وذالٍ معجمة مفتوحتين ثُمَّ فاء وهي: غَنَمٌ سُودٌ صِغَارٌ تَكُونُ بِاليَمَنِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/632) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">نبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا االقسم العظيم على تأكيد التراص بين الصفوف، والتقارب لعظم فائدتهما، وهي منع دخول الشيطان بينهم، المستلزم لتسلطه وإغوائه، ووسوسته، حتى يفسد عليهم صلاتهم، وخشوعهم الذي هو روح الصلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1093] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أتِمُّوا الصَّفَّ المُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ في الصَّفِّ المُؤَخَّرِ» . رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على إتمام الصفوف الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1094] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها، قالت: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ» . رواه أبُو دَاوُدَ بإسنادٍ عَلَى شرط مسلم، وفيه رجل مُخْتَلَفٌ في تَوثِيقِهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الوقوف في ميمنة الإمام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب ميمنة المسجد والإمام وذكر حديث ابن عباس رضي لله عنهما، قال: «قمت ليلة أصلي عن يسار النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذ بيدي حتى أقامني عن يمينه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وكأنه أشار إلى ما أخرجه النِّسائي بإسناد صحيح، عن البراء قال: «كنا إذا صلينا خلف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحببنا أن نكون عن يمينه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولأبي داود بإسناد حسن عن عائشة مرفوعًا: «إن الله وملائكته يصلون على ميامين الصفوف» . انتهى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومحل ذلك إذا لم تتعطل ميسرة الإمام، وإلا فتوسيط الإمام أفضل كما في الحديث الآخر: «وسطوا الإِمام وسُدُّا الخلل» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/633) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1095] وعن البراء - رضي الله عنه - قال: كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحْبَبْنَا أنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «رَبِّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ - أو تَجْمَعُ - عِبَادَكَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لا مخالفة بين هذا الحديث وحديث ابن ماجة: «من عمَّر ميسرة المسجد كُتب له كفلان من الأجر» ، وذلك أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما حثَّ على التيامن تعطلت الميسرة فقال ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1096] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَسِّطُوا الإمَامَ، وَسُدُّوا الخَلَلَ» . رواه أبُو دَاوُد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمرُ بتوسيط الإِمام قدّام الصف، وسدّ فُرَجِهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">195 - باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وبيان أقلها وأكملها وما بينهما</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1097] عن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ رملة بِنْتِ أبي سُفْيَانَ رَضِيَ للهُ عَنهما، قالت: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ تَعَالى كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعاً غَيرَ الفَرِيضَةِ، إلا بَنَى الله لَهُ بَيْتاً في الجَنَّةِ، أو إلا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على صلاة التطوع، والمواظبة على هذا العدد المذكور كل يوم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/634) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1098] وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتْينِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَينِ بَعدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَينِ بَعدَ العِشَاءِ. متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سكت عن ركعتي الصبح لما جاء عنه في الصحيح. وحدثتني حفصة: «أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يركع ركعتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر» ، فالسنن المؤكدة عشر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فأما المغرب والعشاء والفجر والجمعة ففي بيته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد، وإنما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتشاغل بالناس في النهار غالبًا، وبالليل يكون في بيته غالبًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: وفي تقديم السنن على الفرائض وتأخيرها عنها معنى لطيف مناسب: أما في التقديم؛ فلأن الإنسان يشتغل بأمور الدنيا وأسبابها، فتتكيف النفس في ذلك بحال عديدة عن حضور القلب في العبادة والخشوع فيها الذي هو روحها، فإذا قدمت السنن على الفريضة تأنَّست النفس بالعبادة، وتكيفت بحالة القرب من الخشوع، فيدخل في الفرائض على حالة حسنة. وأما السنن المتأخرة، فلما ورد أن النوافل جابرة لنقصان الفرائض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1099] وعن عبد الله بن مُغَفَّلٍ - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كل أذانين صلاة» . قال في الثَّالِثةِ: «لِمَنْ شَاءَ» . متفقٌ عَلَيهِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/635) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المُرَادُ بِالأَذَانيْنِ: الأذَانُ وَالإقَامَةُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الصلاة بين الأذان والإقامة، وهذا عام مخصوص، فإن الوقت الذي بعد طلوع الفجر لا يصلى فيه إلا راتبة الفجر أو تحية المسجد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">196 - باب تأكيد ركعتي سنّةِ الصبح</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1100] عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَدَعُ أرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الغَدَاةِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الداودي: وقع في حديث ابن عمر أن قبل الظهر ركعتين، وفي حديث عائشة أربعًا، وهو محمول على أن كل واحد منهما وَصَف ما رأى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الحافظ: كان تارة يصلي ركعتين، وتارة يصلي أربعًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله، والركعتان في قليلها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1101] وعنها قالت: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ تَعَاهُدَاً مِنهُ عَلَى رَكْعَتَي الفَجْرِ. متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1102] وعنها عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدنْيَا وَمَا فِيهَا» . رواه مسلم وفي رواية: «لَهُمَا أحَبُّ إليَّ مِنَ الدنْيَا جَمِيعاً» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليلٌ على تأكيد ركعتي الفجر وعِظَم ثوابهما. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/636) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1103] وعن أبي عبد الله بلالِ بن رَبَاح - رضي الله عنه - مُؤَذِّن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنَّهُ أتَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُؤْذِنَه بِصَلاةِ الغَدَاةِ، فَشَغَلَتْ عَائِشَةُ بِلالاً بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ، حَتَّى أصْبَحَ جِدّاً، فَقَامَ بِلالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، وَتَابَعَ أذَانَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا خَرَجَ صَلَّى بِالنَّاسِ، فَأخْبَرَهُ أنَّ عَائِشَةَ شَغَلَتْهُ بِأمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ حَتَّى أصْبَحَ جِدّاً، وَأنَّهُ أبْطَأَ عَلَيْهِ بِالخُرُوجِ، فَقَالَ - يَعْنِي النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي كُنْتُ رَكَعْتُ رَكْعْتَي الفَجْرِ» فقالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّكَ أصْبَحْتَ جِدّاً؟ فقَالَ: «لَوْ أصْبَحْتُ أكْثَرَ مِمَّا أصْبَحْتُ، لَرَكَعْتُهُمَا، وَأحْسَنْتُهُمَا وَأجْمَلْتُهُمَا» . رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن ركعتي الفجر لا تترك قبل الفرض ولو أسفر جدًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">197 - باب تخفيف ركعتي الفجر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وبيان مَا يقرأ فيهما وبيان وقتهما</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1104] عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإقَامَةِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ. متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايَةٍ لَهُمَا: يُصَلِّي رَكْعَتَي الفَجْرِ، إذا سمع الأذان فَيُخَفِّفُهُمَا حَتَّى أقُولَ: هَلْ قَرَأَ فِيهما بِأُمِّ القُرْآنِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: كَانَ يُصلِّي رَكْعَتَي الفَجْرِ إذَا سَمِعَ الأذَانَ وَيُخَفِّفُهُمَا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: إذَا طَلَعَ الفَجْرُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب تخفيف ركعتي الفجر. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/637) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1105] وعن حفصة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أذَّنَ المُؤَذِّنُ لِلْصُّبْحِ وَبَدَا الصُّبْحُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا طَلَعَ الفَجْرُ لا يُصَلِّي إلا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">اختلف في حكمة تخفيف ركعتي الفجر، فقيل: ليبادر إلى صلاة الصبح في أول الوقت. وقيل: ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما كان يصنع في صلاة الليل ليدخل في الصلاة بنشاط.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1106] وعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صلاةِ الغَدَاةِ، وَكَأنَّ الأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ. متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد بالأذان هنا: الإقامة، والمعنى: أنه كان يسرع في ركعتي الفجر إسراع من يسمع إقامة الصلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1107] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ في رَكْعَتَي الفَجْرِ في الأُولَى مِنْهُمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية الَّتي في البقرة، وفي الآخِرَةِ مِنْهُمَا: {آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأنَّا مُسْلِمُونَ} .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: وفي الآخِرَةِ الَّتي في آل عِمْران: {تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} . رواهما مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/638) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: {وَاشْهَدْ بِأنَّا مُسْلِمُونَ} هذا وهم من أحد الرواة في الآية، ولفظها {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران (64) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1108] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ في رَكْعَتَي الفَجْرِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} . رَوَاهُ مُسلِمٌ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1109] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: رَمَقْتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهْراً فَكَانَ يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ: {قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} . رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذه الأحاديث: استحباب قراءة هاتين السورتين في ركعتي الفجر والمداومة على ذلك، واستحباب قراءة: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ} [البقرة (136) ] الآية، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية، في بعض الأحيان إتباعًا للسنَّة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">198 - باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عَلَى جنبه الأيمن والحث عليه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سواءٌ كَانَ تَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ أمْ لا</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1110] عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها قالت: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى ركعتي الفجر، اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن. رَوَاهُ البُخَارِي. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/639) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر لمن تهجَّد بالليل ليستريح من التعب، ويتنشط لصلاة الفجر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1111] وعنها قالت: كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ العِشَاءِ إلَى الفَجْرِ إحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الفَجْرُ، وَجَاءهُ المُؤَذِّنُ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، هكَذَا حَتَّى يأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ. رَوَاهُ مُسلِم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْلُهَا: «يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» هكَذَا هو في مسلمٍ ومعناه: بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1112] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا صَلَّى أحَدُكُمْ رَكْعَتَي الفَجْرِ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ» . رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ بأسانيد صحيحة. قال الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن القيم في (الهدي) : وسمعت ابن تيمية يقول: هذا ليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن ابن جريج، أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يضطجع لسنَّة، ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح. قال: وكان ابن عمر يحصبهم إذا رآهم يضطجعون على أيمانهم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/640) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقد غلا في هذه الضجعة طائفتان فأوجبها جماعة من أهل الظاهر، وكرهها جماعة من الفقهاء، وتوسط فيها مالك وغيره فلم يروا بأسًا لمن فعلها راحة، وكرهوها لمن فعلها استنانًا. انتهى ملخصًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">199 - باب سنة الظهر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1113] عن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا. متفقٌ عَلَيهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الأربع المذكورة في هذا الحديث من الرواتب العشر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1114] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يَدَعُ أرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب المداومة على أربع ركعاتٍ قبل الظهر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1115] وعنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي في بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أرْبَعاً، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ المَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ العِشَاءِ، وَيَدْخُلُ بَيتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسلِم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مداومته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أربع ركعات قبل الظهر مع الرواتب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1116] وعن أُمّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قالت: قال رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «مَنْ حَافَظَ عَلَى أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأرْبَعٍ بَعْدَهَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/641) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">النَّارِ» . رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل المحافظة على هذه السنَّة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1117] وعن عبد الله بن السائب - رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي أرْبَعاً بَعْدَ أنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وقَالَ: «إنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيها أبْوَابُ السَّمَاءِ، فَأُحِبُّ أنْ يَصْعَدَ لِي فيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ» . رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب أربع ركعات بعد الزوال.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1118] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذا لَمْ يُصَلِّ أربَعاً قَبلَ الظُّهْرِ، صَلاهُنَّ بَعْدَهَا. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية قضاء الرواتب والاهتمام بها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">200 - باب سنة العصر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1119] عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ العَصْرِ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَفْصلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِينَ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية أربع ركعات قبل العصر واستحباب التسليم بينهن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1120] وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرءاً صَلَّى قَبْلَ العَصْرِ أرْبَعاً» . رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: ... (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/642) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث يتناول فعلها موصولة ومفصولة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى التبشير لمصليها بالموت على الإِسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1121] وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبلَ العَصْرِ رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لا مخالفة بين هذا الحديث وحديثه السابق؛ لأنه كان يصليها تارة أربعًا وتارةً ركعتين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">201 - باب سنة المغرب بعدها وقبلها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تقدم في هذه الأبواب حديثُ ابن عمر وحديث عائشة، وهما صحيحان: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بَعدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذه الركعتان من الرواتب العشر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1122] وعن عبد الله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ المَغْرِبِ» قال في الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ» . رواه البُخَارِيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ والتحريض على الاهتمام بها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «ثم قال في الثالثة لمن شاء» كراهية أن يتخذها الناس ... سنة، أي: عزيمة لازمة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1123] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لَقَدْ رَأيْتُ كِبَارَ أصْحَابِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ عِندَ المَغْرِبِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/643) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «يبتدرون السواري عند المغرب» . وفي لفظ: «يصلون ركعتين قبل االمغرب» . ولم يكن بين الأذان والإِقامة شيء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1124] وعنه قَالَ: كُنَّا نصلِّي عَلَى عهدِ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ المَغْرِبِ، فَقِيلَ: أكَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلاهما؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَأمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تقريره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على العبادة يدل على استحبابها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1125] وعنه قَالَ: كُنَّا بِالمَدِينَةِ فَإذَا أذَّنَ المُؤَذِّنُ لِصَلاَةِ المَغْرِبِ، ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ، فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الغَريبَ لَيَدْخُلُ المَسْجِدَ فَيَحْسَبُ أنَّ الصَّلاَةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذه الأحاديث: واردة فيمن كان جالسًا في المسجد قبل غروب الشمس، وأما الذي يجيء بعد الغروب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد كما ورد ذلك في الحديث الصحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب الصلاة قبل المغرب، وذكر حديث ابن مغفل، وحديث مرثد بن عبد الله اليزني قال: (أتيت عقبة بن عامر الجهني فقلت: ألا أعجبك من أبي تميم يركع ركعتين قبل صلاة المغرب، فقال عقبة: إنا كنا نفعله على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قلت: فما الذي يمنعك الآن؟ قال: الشغل) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">202- باب سنة العشاء بعدها وقبلها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فِيهِ حديث ابن عمر السابق: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/644) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">العِشَاءِ، وحديث عبد الله بن مُغَفَّلٍ: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاةٌ» متفق عَلَيْهِ. كما سبق.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الركعتان بعد العشاء من السنن الرواتب المؤكدة، واللتان قبلها من السنن المستحبات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">203- باب سنة الجمعة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فِيهِ حَديث ابن عمر السابق أنَّه صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمعَةِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1126] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم الجُمُعَةَ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أرْبعاً» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1127] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ في بَيْتِهِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، وذكر حديث ابن عمر: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: لم يذكر البخاري شيئًا في الصلاة قبلها، والذي يظهر أنه أشار إلى ما رواه أبو دود عن نافع قال: (كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/645) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدِّث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعل ذلك) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن التين: لعل البخاري أراد إثباتها قياسًا على الظهر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وأقوى ما يتمسك به في مشروعية ركعتين قبل الجمعة عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعًا: «ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان» ، ومثله حديث عبد الله بن مغفل: «بين كل أذانين صلاة» . انتهى ملخصًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «إذا صلَّى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعًا» . اقتصاره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ركعتين لا ينافي مشروعية الأربع. قال ابن عربي: إن أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن يصلي بعد الجمعة بأربع، لئلا يخطر على بال جاهل أنه صلَّى ركعتين لتكملة الجمعة، ولئلا يتطرق أهل البدع إلى صلاتها ظهرًا أربعًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">204- باب استحباب جعل النوافل في البيت</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سواء الراتبة وغيرها والأمر بالتحول للنافلة من موضع</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الفريضة أَو الفصل بينهما بكلام</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1128] عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلا المَكْتُوبَةَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على صلاة النافلة في البيت لتعود بركة الصلاة عليه وعلى أهل بيته. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/646) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1129] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اجْعَلُوا مِنْ صَلاَتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلا تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: لا تجعلوا بيوتكم كالقبور بعدم الصلاة فيها. ولفظ النَّسائي، والترمذي: «صلوا في بيوتكم ولا تتركوا النوافل فيها» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1130] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قَضَى أحَدُكُمْ صَلاَتَهُ في مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيباً مِنْ صَلاَتِهِ؛ فَإنَّ اللهَ جَاعِلٌ في بَيْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ خَيْراً» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: إيماء إلى طلب الإكثار من النوافل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1131] وعن عمر بن عطاءٍ: أنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ ابن أُخْتِ نَمِرٍ يَسأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ في الصَّلاَةِ، فَقَالَ: نَعَمْ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الجُمُعَةَ في المَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإمَامُ، قُمْتُ في مَقَامِي، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إلَيَّ، فَقال: لا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ. إِذَا صَلَّيْتَ الجُمُعَةَ فَلا تَصِلْهَا بِصَلاةٍ حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ؛ فَإنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمَرَنَا بِذلِكَ، أن لا نُوصِلَ صَلاَةً بِصَلاَةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المقصورة: الحجرة، وأول من عملها معاوية حين ضربه الخارجيُّ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القاضي: واختلفوا في المقصورة فأجازها كثير من السلف وصلَّوا فيها. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/647) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: النهي عن وصل النافلة بالفريضة قبل الكلام، والتحول من موضعها. وفيه: لزوم الأدب مع أهل الفضل، وحسن الإنكار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الشافعي: من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه جهرًا فقد فضحه وشانه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">205- باب الحث عَلَى صلاة الوتر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1132] عن عليٍّ - رضي الله عنه - قال: الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاَةِ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سَنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أهْلَ القُرْآنِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الوتر سنَّة مؤكدة وليس بفرض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: تخصيصه أهل القرآن بالأمر به يدل على عدم وجوبه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1133] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَمِنْ أوْسَطِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز الوتر فيما بين صلاة العشاء، إلى طلوع الفجر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1134] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب صلاة الوتر بعد جميع صلاة الليل. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/648) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1135] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أوْتِرُوا قَبْلَ أنْ تُصْبِحُوا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">آخر وقت الوتر الاختياري طلوع الفجر، ووقت الضرورة إلى صلاة الفجر لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكر» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1136] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي صَلاَتَهُ باللَّيْلِ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإذَا بَقِيَ الوِتْرُ، أيْقَظَهَا فَأوْتَرتْ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: فَإذَا بَقِيَ الوِتْرُ، قَالَ: «قُومِي فَأوتِري يَا عائِشَةُ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: طلب المبادرة بالوتر لئلا يغلب عليه كسل النوم فيفوته الوتر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1137] وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالوِتْرِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمرُ بالمبادرة بفعل الوتر قبل طلوع الفجر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1138] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ خَافَ أنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيلِ، فَإنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وذَلِكَ أفْضَلُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">صلاة آخر الليل أفضل من أوله لشهود الملائكة لها، ولقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/649) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فإذا أوتر وأراد أن يصلي آخر الليل جاز له ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولا يوتر ثانية لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا وتران في ليلة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">206- باب فضل صلاة الضحى</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث عَلَى المحافظة عَلَيْهَا</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1139] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوْصَانِي خَلِيلي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أرْقُدَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَالإيتَارُ قَبْلَ النَّوْمِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لا يَثِقُ بِالاسْتِيقَاظِ آخِرَ اللَّيْلِ فَإنْ وَثِقَ، فَآخِرُ اللَّيْلِ أفْضَلُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أوصاه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالوتر أول الليل احتياطًا؛ لأنه قد لا يقوم آخر الليل فيفوته الوتر، وأوصاه بصيام ثلاثة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر، وأوصاه بركعتي الضحى، لأنهما أقل ما يحصل به صلاته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1140] وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِن الضُّحَى» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/650) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">السُلامى: المفصل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: كمال شرف هذه الصلاة؛ لأنها تكفي من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء، فإن الصلاة عملٌ لجميع أعضاء الجسد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1141] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أرْبَعاً، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ الله. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في الحديث: إثبات صلاة الضحى بفعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما ثبت بقوله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1142] وعن أُمِّ هَانِىءٍ فاختة بنت أَبي طالب رضي الله عنها، قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَذَلِكَ ضُحىً. متفقٌ عَلَيْهِ. وهذا مختصرُ لفظِ إحدى روايات مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عُلم باستقراء الأحاديث أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يزد على الثمان في صلاة الضحى، ولم يرغب في أكثر من اثنتي عشرة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">207- باب تجويز صلاة الضحى من ارتفاع</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الشمس إِلَى زوالها والأفضل أن تُصلَّى عِنْدَ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">اشتداد الحر وارتفاع الضحى</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1143] عن زيد بن أَرْقَم - رضي الله عنه - أنَّهُ رَأَى قَوْماً يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أمَا لَقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلاَةَ في غَيْرِ هذِهِ السَّاعَةِ أفْضَلُ، إنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِيْنَ تَرْمَضُ الفِصَالُ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/651) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«تَرْمَضُ» بفتح التاء والميم وبالضاد المعجمة، يعني: شدة الحر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَ «الفِصَالُ» جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ: الصَّغيرُ مِنَ الإبِلِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الأوَّابون: الرجَّاعون من الذنوب والغفلة، إلى التوبة والاستغفار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">208- باب الحث عَلَى صلاة تحية المسجد</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وكراهة الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وسواء صلَّى ركعتين بنية التَّحِيَّةِ أَوْ صلاة فريضة أَوْ سنة راتبة أَوْ غيرها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1144] عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على استحباب صلاة تحية المسجد، واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الطحاوي: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ليس هذا الأمر بداخل فيها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: هما عمومان تعارضا: الأمر بالصلاة لكل داخل من غير تفصيل، والنهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة فلا بد من تخصيص أحد العمومين، انتهى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والأحوط أنه لا يصلي التحية بعد صلاة العصر، ولا صلاة الفجر؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1145] وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: أَتَيْتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/652) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أمرُ من دخل المسجد بصلاة ركعتين وإنْ جلس، كما روى مسلم من حديث أبي قتادة: أنه دخل المسجد فوجد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالسًا بين أصحابه، فجلس معهم، فقال له: «ما منعك أن تركع» ؟ . قال: رأيتك جالسًا والناس جلوس، قال: «فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">209- باب استحباب ركعتين بعد الوضوء</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1146] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلاَلٍ: «يَا بِلاَلُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلاَمِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ» ؟ قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أرْجَى عِنْدي مِنْ أَنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ طُهُوراً فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أنْ أُصَلِّي. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الدَّفُّ» بالفاءِ: صَوْتُ النَّعْلِ وَحَرَكَتُهُ عَلَى الأَرْضِ، واللهُ أعْلَم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الصلاة بعد كل وضوء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">210- باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لَهَا</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والتطّيب والتبكير إِلَيْهَا والدعاء يوم الجمعة والصلاة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عَلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فِيهِ بيان ساعة الإجابة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ، وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة (10) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عن قتادة في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة (9) ] . قال: فالسعي: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها. وكان عمر بن الخطاب يقرأ: فامضوا إلى ذكر. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/653) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} يعني: الرزق. وهذا أمر إباحة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: إن شئت فاخرج، وإن شئت فاقعد، وإن شئت فصلِّ إلى العصر، وكان عراك بن مالك رضي الله عنه، إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللَّهُمَّ إني أجبت دعوتك، وصلَّيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً} ، أي: في حال بيعكم، وشرائكم، وأخذكم، وإعطائكم، ولا تشغلكم الدنيا عما ينفعكم في الآخرة، {لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، أي: تفوزون.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1147] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل يوم الجمعة على بقية الأسبوع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: بيان ما وقع فيه وما سيقع من الأمور العظام. وفي رواية: «وفيه قبض، وفيه تقوم الساعة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1148] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وأنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى، فَقَدْ لَغَا» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «وزيادة ثلاثة أيام» ، لأن الحسنة بعشر أمثالها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: «من مس الحصى فقد لغا» أي: ومن لغا فلا جمعة له. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/654) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: النهي عن العبث في حال الخطبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى الحض على إقبال القلب والجوارح على الخطبة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1149] وعنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّراتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء (31) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1150] وعنه وعن ابن عمر - رضي الله عنهم -: أنهما سَمعَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ عَلَى أعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنَ الغَافِلِينَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد لمن ترك الجمعة لغير عذر شرعي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1151] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر باغتسال يوم الجمعة لمن أتى إليها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1152] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد بِالمُحْتَلِمِ: البَالِغُ. وَالمُرادُ بِالوُجُوبِ: وُجُوبُ اخْتِيارٍ، كَقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبهِ: حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ. واللهُ أعلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/655) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الاغتسال يوم الجمعة، ويتأكد على من له عرق، أو ريح يتأذى به الناس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1153] وعن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فبِها وَنِعْمَتْ وَمَن اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أفْضَلُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فبها ونعمت» ، أي: فبالرخصة أخذ، ونعمت الرخصة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على أن غسل الجمعة ليس بفرض، وهو قول الجمهور.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1154] وعن سَلمَان - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الغسل، والتنظيف والتطيب يوم الجمعة، واستحباب التبكبير لئلا يتخطى رقاب الناس ولا يُفَرَّق بينهم. واستحباب الصلاة قبل الجمعة. ومشروعية الإنصات إذا خطب الإمام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: الوعد بالمغفرة لمن فعل ذلك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1155] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَن اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ في الساعة الأولى فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في الساعة الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً أقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/656) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ، حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «غُسْلُ الجَنَابَةِ» أيْ غُسلاً كغُسْلِ الجَنَابَةِ في الصِّفَةِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">راح: أي ذهب، وأول الساعات ارتفاع الشمس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة» ، لفظ مسلم: «فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولابن خزيمة: «على كل باب من أبواب المسجد ملكان يكتبان الأول فالأول» . وفي الحلية: «إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من نور» ولابن خزيمة: «فيقول بعض الملائكة لبعض: ما حبس فلانًا؟ فيقول: اللَّهُمَّ إن كان ضالاً فاهده، وإن كان فقيرًا فأغنه، وإن كان مريضًا فعافه» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1156] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهَا سَاعَةٌ لا يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ اللهَ شَيْئاً، إِلا أعْطَاهُ إيّاهُ» . وَأشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على الاجتهاد في الصلاة، والدعاء يوم الجمعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1157] وعن أَبي بُرْدَةَ بن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - قال: قَالَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسَمِعْتَ أبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شأنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/657) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «هِيَ مَا بَيْنَ أنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إِلَى أنْ تُقْضَى الصَّلاةُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها، حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال، قول عبد الله بن سلام: أنها آخر ساعة بعد العصر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: ولا يشكل على كلٍَّ من القولين. قوله: «يصلي» لأن المراد أنه منتظرها، وهو في حكم المصلي كما أجاب به ابن سلام رضي الله عنه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1158] وعن أوس بن أوسٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ؛ فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في الحديث: دليل على استحباب تكثير الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">211- باب استحباب سجود الشكر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عِنْدَ حصول نعمة ظاهرة أَو اندفاع بلية ظاهرة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1159] عن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قال: خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكّةَ نُريدُ المَدِينَةَ، فَلَمَّا كُنَّا قَرِيباً مِنْ عَزْوَرَاءَ نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا الله سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً، فَمَكَثَ طَويلاً، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً - فَعَلَهُ ثَلاثَاً - وقال: «إنِّي سَألتُ رَبِّي، وَشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِداً لِرَبِّي شُكْراً، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِداً </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/658) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لِرَبِّي شُكْراً، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي الثُّلثَ الآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِداً لِرَبِّي» . رواه أَبُو داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية سجود الشكر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب رفع اليدين في الدعاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تكرير السجود بتكرر المقتضي له.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: بشارة بأن جميع المؤمنين لا يخلدون في النار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">212- باب فضل قيام الليل</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء (79) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">التهجُّد: الصلاة في الليل وقراءة القرآن بعد النوم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {نَافِلَةً لَّكَ} ، أي: واجب عليك دون الأمة، قاله، ابن عباس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والمقام المحمود: مقام الشفاعة يوم القيامة يحمده به الأولون والآخرون.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} [السجدة (16) ] الآية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: يقومون لصلاة الليل وهم المتهجِّدون، وفي حديث معاذ عن ... النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّةٌ والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة (16، 17) ] الآية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وروى البغوي وغيره: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من صلَّى العشاء في جماعة، كان كمن قام نصف ليلة، ومن صلَّى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة» . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/659) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات (17) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: كان هجوعهم قليلاً من الليل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال رجل من بني تميم لأبي: يَا أبا أسامة، صفة لا أجدها فينا، ذكر الله تعالى قومًا فقال: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} ، ونحن والله قليلاً من الليل ما نقوم، فقال له أبي رضي الله عنه: طوبى لمن رقد إذا نعس واتقى الله إذا استيقظ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1160] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، يَا رَسُولَ الله، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ؟ قَالَ: «أفَلا أكُونُ عَبْداً شَكُوراً» ! . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَعَن المُغِيرَةِ بن شُعبة نَحْوهُ متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا السؤال من عائشة عن حكمة التشمر والدأب في الطاعة، وهو مغفور له، فبين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه فعل ذلك شكرًا لله عز وجل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1161] وعن علي - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلاً، فَقَالَ: «أَلا تُصَلِّيَانِ؟» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«طَرَقَهُ» : أتَاهُ لَيْلاً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: فضل صلاة الليل، لإيقاظه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي وفاطمة من نومهما للصلاة، واختياره لهما تلك الفضيلة على الدعة والسكون. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/660) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1162] وعن سالم بن عبدِ الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيِهِ: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ» . قَالَ سالِم: فَكَانَ عَبدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ لا يَنامُ مِنَ اللَّيلِ إِلا قَلِيلاً. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: له قصة، وهي أن ابن عمر قال: إن رجالاً من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يرون الرؤيا على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقصونها على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقول فيها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما شاء الله، وأنا غلام حديث السَّنَّ وبيتي المسجد قبل أن أنكح، فقلت في نفسي: لو كان فيك خير لرأيت مثل ما يرى هؤلاء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فلما اضطجعت ليلة قلت: اللهم إن كنت تعلم فيَّ خيرًا فأرني رؤيا، فبينما أنا كذلك إذ جاءني ملكان في يد كل واحدٍ منهما مقمعة من حديد يقبلا بي إلى جهنم وأنا بينهما، أدعوا الله: اللَّهُمَّ أعوذ بك من جهنم، ثم أُراني لقيني ملك في يده مقمعة من حديد. فقال: لن تراع، نعم الرجل أنت لو تكثر الصلاة، فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم، فإذا هي مطوية كطي البئر، له قرون كقرن البئر، بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد، وأرى فيها رجالاً معلقين بالسلاسل رؤوسهم أسفلهم، عرفت فيها رجالاً من قريش، فانصرفوا بي عن ذات يمين، فقصصتها على حفصة فقصّتها حفصة على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن عبد الله رجل صالح» . فقال نافع: لم يزل بعد ذلك يكثر الصلاة. وفي رواية: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1163] وعن عبد الله بن عَمرو بن العاصِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا عَبدَ اللهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/661) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: كراهة قطع ما يعتاده الإنسان من أعمال البر لغير عذر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1164] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ» - أَوْ قَالَ: «في أُذُنِهِ» -. متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن إهمال حق الله إنما ينشأ عن تمكن الشيطان من الإنسان، حتى يحول بينه وبين الأعمال الصالحة. قيل: كان رجل يكذب بهذا الحديث فنام حتى االفجر فقام والبول يسيل من أذنه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1165] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ، انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ، فَأصْبَحَ نَشِيطاً طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلا أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«قافية الرَّأس» : آخِرُهُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على قيام الليل، وعسف النفس حتى تذل وتخرج من وثاق الشيطان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1166] وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ: أفْشُوا السَّلامَ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/662) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بشارة لمن فعل ذلك بدخول الجنة ابتداء بغير حساب ولا عذاب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1167] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ: صَلاَةُ اللَّيْلِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في صلاة الليل فوائد كثيرة، وخصائص في غيرها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">منها: أنه وقت السكون، والخشوع، والخضوع، مع ما فيه من البعد عن الرياء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومنها: نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدينا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ومنها: تواطؤ القلب واللسان على القراءة كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل (6) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1168] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «مثنى مثنى» ، أي: ركعتان، ركعتان، أي: يسلم من كل ركعتين، ويوتر بركعة واحدة، ويجوز الوصل كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1169] وعنه قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1170] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يُفْطِرَ مِنْهُ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/663) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">شَيْئاً، وَكَانَ لا تَشَاءُ أنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّياً إِلا رَأيْتَهُ، وَلا نَائِماً إِلا رَأيْتَهُ. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: لم يكن لتهجده وقت معين بل بحسب ما يتيسر له القيام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1171] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً - تَعْنِي في اللَّيلِ - يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ المُنَادِي للصَلاَةِ. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية تطويل صلاة الليل في قيامها وركوعها وسجودها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1172] وعنها قالت: مَا كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزيدُ - في رَمَضَانَ وَلا في غَيْرِهِ - عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي أرْبَعاً فَلا تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعاً فَلا تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً. فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ فَقال: «يَا عَائِشَة، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يديم التهجُّد في رمضان وفي غيره، ولكنه إذا أراد الزيادة أطال الصلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنه لا ينبغي النوم قبل الوتر، إلا لمن وثق بالقيام. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/664) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1173] وعنها أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنَامُ أوّلَ اللَّيلِ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن غالب أحواله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نوم أول الليل وقيام آخره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل (1: 4) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1174] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قائِماً حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْر سوءٍ! قيلَ: مَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أنْ أجِلْسَ وَأدَعَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية تطويل القيام في صلاة الليل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1175] وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ البَقرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فقلتُ: يُصَلِّي بِهَا في رَكْعَةٍ فَمَضَى، فقلتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً: إِذَا مَرَّ بآيةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحواً مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ» ثُمَّ قَامَ طَويلاً قَريباً مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فَكَانَ سجُودُهُ قَريباً مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية التطويل في جميع أركان صلاة الليل، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/665) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر (9) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1176] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سُئِلَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيُّ الصَّلاَةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ القُنُوتِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المراد بـ «القنوتِ» : القِيام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على فضل تطويل القيام في صلاة الليل؛ لأنه محل قراءة القرآن، ولأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يطول القيام في الليل، أكثر من تطويل السجود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1177] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوماً وَيُفْطِرُ يَوْماً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كان عبد الله بن عمرو من المتعبِّدين، فأخبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يقول: والله لأصومنَّ النهار، ولأقومنَّ الليل ما عشت، فقال له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، ونم وقم ... » الحديث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: محصل قصة عبد الله بن عمرو، أنَّ الله لم يتعبد عبده بالصوم خاصة، بل تعبده بأنواع من العبادات، فلو استفرغ جهده لقصَّر في غيره، فالأولى الاقتصاد فيه، ليستبقى بعض القوة في غيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفيها: النهي عن التعمق في العبادة لما يخشى من إفضائه إلى الملل أو ترك البعض. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/666) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المهلب: كان داود عليه السلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله فيه: هل من سائل فأعطيه سؤاله، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: من المصلحة، استقبال صلاة الصبح وإذكار النهار بنشاط.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1178] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ الله تَعَالَى خَيْراً مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلا أعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الحثُّ على ادعاء في الليل، رجاء مصادفة ساعة الإِجابة وأحرى ما تكون في النصف الأخير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1179] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلاَةَ بركْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قيل: الحكمة في هذه الركعتين إذهاب ما قد يبقى في الجسد من كسل النوم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1180] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ثبتت هذه السنة بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبفعله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1181] وعنها رضي الله عنها قالت: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِن اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشرَةَ ركْعَةً. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب قضاء الفوائت من النوافل المؤقتة، وكانت صلاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالليل إحدى عشرة ركعة. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/667) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1182] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فيما بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْرِ وصلاة الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب تدارك ما فات من النفل المؤقت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1183] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى وَأيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ وَأيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإن أبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على التعاون على الطاعة، وقد قال الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه (132) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1184] وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما قالا: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعاً، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة أمر الرجل أهله بصلاة النوافل والتطوعات كما في الفرض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي: مشروعية الجماعة فيها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1185] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في الصَّلاَةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/668) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الندب إلى الرقاد إذا غلبه النعاس؛ لأن لب الصلاة الخشوع فيها، والحضور مع الله عزَّ وجلّ، وإنما يكون ذلك مع النشاط وصحة اللُّب، وسلامته من الكسل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1186] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ القُرْآنَ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِع» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">استعجم: التبس، والمعنى: أن غلبة النعاس عليه تمنعه من تدبر القرآن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">213- باب استحباب قيام رمضان وَهُوَ التراويح</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1187] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">التراويح سنة، وهي عشرون ركعةً أو أقل أو أكثر، وعشر ركعات إذا خشع فيها ورتل القراءة، أحسن من العشرين بلا خشوع ولا تدبر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1188] وعنه - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أنْ يَأمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فيقولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل صلاة التراويح، وأنها ليست بواجب. ولهذا صلاها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث ليال، فلما كثر الناس في الثالثة حتى غص المسجد، تركها خوفًا من أن تفرض عليهم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/669) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">214- باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر (1) ] إِلَى آخرِ السورة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} ، أي: القرآن، {فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ، أي: الفضل والشرف، وهي ليلة يقدِّر الله فيها أمر السنَّة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قيل للحسين بن الفضل: أليس قد قدَّر لله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: نعم، قيل: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سَوْقُ المقادير التي خلقها إلى المواقيت تنفيذ القضاء المقدَّر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} تعظيم لشأنها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، أي: العمل فيها أفضل من عبادة ألف شهر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} ، أي: جبريل فيها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{بِإِذْنِ رَبِّهِم} مع نزول البركة والرحمة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{مِّن كُلِّ أَمْرٍ} ، أي: لأجل كل أمر قُدِّر في تلك السنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{سَلامٌ هِيَ} ، أي: ليلة القدر، سلام وخير من كلها ليس فيها شر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال مجاهد: يعني أن ليلة القدر سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا ولا أن يحدث فيها أذى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ، أي: إلى مطلع الفجر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الشعبي: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} الآياتِ [الدخان (3) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وتمامها: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/670) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *} [الدخان (3: 6) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1189] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن من قام ليلة القدر مؤمنًا بها ومحتسبًا العمل فيها، أنه يرجى له مغفرة ذنوبه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1190] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رِجالاً مِنْ أصْحَابِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «أرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: في الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية، بشرط أن لا تخالف القواعد الشرعية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1191] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ويقول: «تَحرَّوا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخرِ منْ رَمَضانَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «يجاور» ، أي: يعتكف في العشر الأواخر يتحرى ليلة القدر فيها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1192] وعنها رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» . رواه البخاري. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/671) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «في الوتر» أي: الحادية والعشرين، والثالثة، والخامسة، والسابعة، والتاسعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره لا في ليلة بعينها، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها. وقال بعد ما ذكر الاختلاف فيها على ستة وأربعين قولاً: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وإنما تنتقل، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبعة وعشرين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1193] وعنها رضي الله عنها قالت: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ، أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب إحياء ليالي العشر بالصلاة والذكر والفكر وأنواع العابدات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب إيقاظ الأهل، وبذل الجهد في الطاعة، واعتزال النساء في ليالي العشر ليتقوَّى على العبادة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1194] وعنها قالت: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْتَهِدُ في رَمَضَانَ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْهُ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على استحباب زيادة الاجتهاد بالعمل في رمضان على غيره من الشهور، وفي العشر الأواخر منه على العشرين لكون ليلة القدر فيها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1195] وعنها قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/672) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لَيلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: إيماء إلى أن أهم المطالب، انفكاك الإنسان من تبعات الذنوب، وطهارته من دنس العيوب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد، وفي التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها، كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">215- باب فضل السواك وخصال الفطرة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1196] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْلا أنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">السواك سنة بالإجماع. وهو مشروع في كل وقت، ويتأكَّد عند الصلاة، والوضوء، وقراءة القرآن، والانتباه من النوم، وتغير الفم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لأمرتهم» يعني أمر إيجاب. وللنسائي: «لفرض عليهم السواك مع كل وضوء» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1197] وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَامَ مِن الليل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الشَّوْصُ» : الدَّلْكُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب السواك عند القيام من النوم؛ لأنه مقتضي لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة. والسواك آلة تنظيفه. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/673) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1198] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّا نُعِدُّ لِرسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوضَّأُ وَيُصَلِّي. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية السواك قبل الوضوء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1199] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ في السِّوَاكِ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: الترغيب في السواك، لمبالغته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بيان فضله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1200] وعن شريح بن هانئٍ، قَالَ: قلت لعائشة رضي اللهُ عنها: بأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قالت: بِالسِّوَاكِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: ندب السواك عند دخول المنزل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1201] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: دَخلتُ عَلَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في رواية: أتيتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يستاك بسواك رطب. قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: «أع أع» ، والسواك في فيه كأنه يتهوع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ويستفاد منه مشروعية السواك على اللِّسان طولاً، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضًا. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/674) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تأكيد السواك، وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطيب، لا من باب إزالة القاذورات، لكونه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يختف به، وبَوَّبُوا عليه استياك الإمام بحضرة رعيته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1202] وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ» . رواه النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ بأسانيدَ صحيحةٍ. وذكر البخاري رحمه الله في صحيحه هذا الحديث تعليقًا بصيغة الجزم وقال: وقالت عائشة رضي الله عنها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل السواك، وفي السواك فوائد دينية ودنيوية. وذكر بعض العلماء، أن السواك يورث السعة والغنى، ويطيب النهكة، ويشد اللثة، ويسكن الصداع، ويذهب وجع الضرس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1203] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الإبطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الاستحْدَادُ» : حَلقُ العَانَةِ، وَهُوَ حَلْقُ الشَّعْرِ الَّذِي حَولَ الفَرْجِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الفطرة: الجِبِلَّة التي خلق الله الناس عليها، وجبل طباعهم عليها والمراد هنا: السنَّة القديمة التي اختارها الأنبياء.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والحصر في قوله: «الفطرة خمسٌ» مبالغة لتأكيد أمر الخمس المذكورة. كقوله: «الدين النصيحة» ، و «الحج عرفة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1204] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/675) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المَاءِ، وَقَصُّ الأظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتف الإبْطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ» قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيْتُ العَاشِرَةَ إِلا أنْ تَكُونَ المَضمَضَةُ. قَالَ وَكِيعٌ - وَهُوَ أحَدُ رُواتِهِ - انْتِقَاصُ المَاءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجَاءِ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«البَرَاجِم» بالباء الموحدةِ والجِيم: وهي عُقَدُ الأَصَابِعِ، وَ «إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» مَعْنَاهُ: لا يَقُصُّ مِنْهَا شَيْئاً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: ويكره في اللِّحية خصال، بعضها أشد قبحًا من بعض: خضابها بالسواد، وتبييضها بالكبريت، ونتفها وتصفيفها طاقة فوق طاقة، والزيادة فيها، والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين، أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس، وعقدها، وضفرها، وحلقها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1205] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأعْفُوا اللِّحَى» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «أحفوا الشوارب» . قال النووي: أي: أحفوا ما طال منها على الشفتين، و «أعفوا اللِّحى» ، أي: وفروا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: حصل من مجموع روايات هذا اللفظ في الصحيحين خمس روايات: «أعفوا» ، و «أوفوا» ، و «أرخوا» ، و «أرجوا» ، ... و «وفروا» . ومعناها كلها: تركها على حالها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» رواه أحمد، والنسائي، والترمذي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جزُّوا الشوارب </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/676) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خالفوا المشركين وفِّروا اللِّحى، وأحفوا الشوارب» . متفق عليه. وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبصر رجلاً وشاربه طويل، فقال: «ائتوني بمقص وسواك» ، فجعل السواك على طرفه ثم أخذ ما جاوزه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (وقَّت لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة) . رواه الخمسة إلا ابن ماجة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">216- باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة (43) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: دليل على عظم شأن الزكاة لقرن إعطائها بإقامة الصلاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة (5) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: {حُنَفَاء} ، أي: مائلين عن كل دين باطل إلى دين الملَّة المستقيمة وهو الإسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة (103) ] . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/677) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذه الآية: نزلت في أبي لبابة وأناس من الصحابة تأخروا عن الجهاد كسلاً، وهي عامة في جميع المؤمنين.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ، أي: ادع لهم، ولهذا يستحب للساعي أن يقول للمتصدق: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أُتي بصدقة قوم صلَّى عليهم، فأتاه أبي بصدقته، فقال: «اللهُمَّ صلِّ على آل أبي أوفى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1206] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الإِسلام، وقوله: «على خمس» ، أي: دعائم، وفي رواية: «خمسة أركان» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والشهادتان خصلة واحدة، فمثَّل الإِسلام بالبنيان الذي لا يثبت إلا على خمس دائم، وبقية خصاله كتتمة البنيان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال عطاء الخرساني: الزكاة طهور من الذنوب، ولا يقبل الله الإِيمان ولا الصلاة إلا بالزكاة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1207] وعن طَلْحَةَ بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ، وَلا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإذا هُوَ يَسألُ عَنِ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/678) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الإسْلاَم، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسُ صَلَواتٍ في اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ» قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ» فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لا أُزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفْلَحَ إنْ صَدَقَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في رواية للبخاري قال: فأخبره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشرائع الإِسلام، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال النووي: أثبت له الفلاح لأنه أتى بما عليه، ومن أتى بما عليه كان مفلحًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1208] وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث مُعاذاً - رضي الله عنه - إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَأنِّي رسول اللهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أن اللهَ تَعَالَى، افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">بدأ بالدعاء إلى الشهادتين لأنهما أساس الإِسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: البداءة بالأهم فالأهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز إخراج الزكاة في صنف واحد. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/679) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن المال إذا تلف قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة لإِضافة الصدقة إلى المال.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولم يذكر الصوم والحج في هذا الحديث؛ لأن الكلام في الدعاء إلى الإِسلام، فاكتفىى بالأركان الثلاثة لأن كلمة الإِسلام هي الأصل، وهي شاقة على الكفار، والصلوات شاقة لتكررها، والزكاة شاقة لما في جبلة الإِنسان من حب المال، فإذا أذعن لهذه الثلاثة كان ما سواها أسهل بالنسبة إليها، والله أعلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1209] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رسول الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِني دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، إِلا بِحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُم عَلَى الله» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن تارك الصلاة ومانع الزكاة لا يمتنع قتالهما فيقتل بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة إن لم يتب، ويقاتل الإِمام تاركي الزكاة إذا منعوا من أدائها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن من أتى بالشهادتين والتزم أحكام الإِسلام جرت عليه أحكام المسلمين سواء كان في الباطن كذلك أم لا، لأن الشريعة إنما تجري على الظواهر، ولا تنفر عما في القلوب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1210] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقال عُمَرُ - رضي الله عنه -: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولوُا لا إلهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/680) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ. وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤدُّونَهُ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أنْ رَأيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ لِلقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة» ، أهل الردة صنفان: صنف رجعوا إلى عبادة الأوثان، وصنف منعوا الزكاة. وإنما أراد عمر الصنف الثاني.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والمراد بالفرق: من قرأ بالصلاة، وأنكر الزكاة جاحدًا أو مانعًا مع الاعتراف، وإنما قاتلهم الصِّدِّيق ولم يعذرهم بالجهل؛ لأنهم نصبوا القتال، فجهَّز إليهم من دعاهم إلى الرجوع، فلما أصروا قاتلهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المازري: ظاهر السياق أن عمر كان موافقًا على قتال من جحد الصلاة فألزمه الصديق بمثله في الزكاة لورودهما في الكتاب والسنَّة موردًا واحدًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: فمن صلَّى عصم نفسه، ومن زكَّى عصم ماله، فإن لم يصل قوتل على ترك الصلاة، ومن لم يزك أخذت الزكاة من ماله قهرًا، وإن نصب الحرب لذلك قوتل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: (عقالاً) ، وفي رواية: (عناقًا) ، قال البخاري: وهي أصح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال عياض: واحتج بذلك من يجيز أخذ العناق في زكاة الغنم إذا كانت كلها سخالاً، وهو أحد الأقوال. وقيل: إنما ذكر العناق. مبالغة في التقليل. وقيل: العقال: يطلق على صدقة عام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن ابن وهب: أنه الفريضة من الإِبل. وقيل: المراد بالعقال: الحبل الذي </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/681) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يُعقل به البعير، والمراد به المبالغة، والحاصل أنهم متى منعوا شيئًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولو قل فقد منعوا شيئًا واجبًا، إذ لا فرق في منع الواجب وجحده بين القليل والكثير.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1211] وعن أَبي أيُّوب - رضي الله عنه -: أنّ رَجُلاً قَالَ للنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أخْبِرْنِي بعمل يُدْخِلُنِي الجَنَّة، قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ، لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن من وحَّد الله، وقام بأركان الإِسلام، ووصل رحمه، دخل الجنة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1212] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ أعْرَابياً أتَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ، دَخَلْتُ الجَنَّةَ. قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا أزيدُ عَلَى هَذَا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: أن من قام بالواجبات دخل الجنة، وإن لم يقم بالمندوبات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1213] وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: بايَعْتُ النبيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في رواية: قال: (بايعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على السمع والطاعة فلقنني: فيما استطعت، والنصح لكل مسلم) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/682) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القاضي عياض: اقتصر على الصلاة والزكاة لشهرتهما، ولم يذكر الصوم وغيره لدخول ذلك في السمع والطاعة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: كانت مبايعة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه بحسب ما يحتاج إليه من تجديد عهد، أو توكيد أمر، فلذلك اختلفت ألفاظهم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1214] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلا فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلا إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ، وَجَبِينُهُ، وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قيل: يَا رسولَ الله، فالإبلُ؟ قَالَ: «وَلا صَاحِبِ إبلٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَومَ وِرْدِهَا، إِلا إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ مَا كَانَتْ، لا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصيلاً وَاحِداً، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/683) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسولَ اللهِ، فَالبَقَرُ وَالغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلا صَاحِبِ بَقَرٍ وَلا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلا إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ، لا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئاً، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلا جَلْحَاءُ، وَلا عَضْبَاءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونها، وَتَطَؤُهُ بِأظْلاَفِهَا، كُلَّمَا مرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَة حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرى سَبيِلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قيل:</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يَا رسول الله فالخَيْلُ؟ قَالَ: «الخَيلُ ثَلاَثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أجْرٌ. فَأمَّا الَّتي هي لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ ربطها رِيَاءً وَفَخْراً وَنِوَاءً عَلَى أهْلِ الإسْلاَمِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِهَا، وَلا رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ أجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله لأهْلِ الإسْلاَمِ في مَرْجٍ، أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ المَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَات وكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أرْوَاثِهَا وَأبْوَالِهَا حَسَنَات، وَلا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفاً أَوْ شَرَفَيْنِ إِلا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا، وَأرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلا يُرِيدُ أنْ يَسْقِيهَا إِلا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ» قِيلَ: يَا رسولَ اللهِ فالحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيْءٌ إِلا هذِهِ الآية الفَاذَّةُ الجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} » . [الزلزلة (7، 8) متفقٌ عَلَيْهِِ، وهذا لفظ مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «حتى يرى سبيله إِما إِلى الجنة وإِما إِلى النار» ، أي: يعذب بماله الذي منع زكاته خمسين ألف سنة، فإِن كان مسلمًا دخل الجنة بعد ذلك، وإن كان كافرًا خلد في النار مع أهلها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومن حقها حلبها يوم وردها» ، أي: ورودها الماء ليسقي من ألبانها للمارة والواردين. ومن ذلك الأمر بالصَّرَامِ نهارًا ليحضره المحتاج وكراهته ليلاً، وقد قال تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام (141) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن عمر: كانوا يعطون شيئًا سوى الزكاة. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/684) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال مجاهد: إذا حضرك المساكين طرحت لهم منه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «الخيل ثلاثة» ، أي: لها أحكام ثلاثة فلا زكاة فيها ولا في الحمر إلا ما كان للتجارة، ففيه زكاة العروض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">217- باب وجوب صوم رمضان</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وبيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر} . [البقرة (183، 185) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} ، أي: فرض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة (184) ] ، كانوا مخيَّرين في أول الإسلام بين الصيام والإطعام، ثم نسخ بقوله: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة (185) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الَّذِي قبله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: الأحاديث الدالة على وجوب صوم رمضان، كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بُني الإسلام على خمس ... » الحديث، وغيره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1215] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَالَ اللهُ - عز وجل -: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ. وَالذِي نَفْسُ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/685) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ، وهذا لفظ روايةِ البُخَارِي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لَهُ: «يَتْرُكُ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أجْلِي، الصِّيَامُ لي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: إِلا الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي. للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الصيام، وأن الله يجزي الصائم بغير حساب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: شرف الصوم عند الله تعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «والصيام جنة» ، أي: وقاية من النار.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن العربي: إنما كان جُنَّة من النار، لأنه إمساك عن الشهوات، والنَّار محفوفة بها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1216] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: بِأبي أنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/686) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ضَرورةٍ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فمن كان من أهل الصلاة» إلى آخره، أي: صلاة التطوع، وصيام التطوع، وصدقة التطوع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: منقبة عظيمة لأبي بكر رضي الله عنه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1217] وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ في الجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ، يقال: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لا يَدخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يدخل منه أحد غيرهم» ، كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيدًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">زاد النسائي: «من دخله لم يظمأ أبدًا» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1218] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلا بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن الجوزي: إذا أطلق ذكر سبيل الله فالمراد به الجهاد.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال القرطبي: «سبيل الله» ، طاعة الله، فالمراد من صام قاصدًا وجه الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1219] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/687) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «إيمانًا واحتسابًا» ، أي: مصدقًا محتسبًا ثوابه عند الله تعالى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1220] وعنه - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِحَتْ أبْوَاب الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ، وَصفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في رواية للنسائي: «وتغل فيه مردة الشياطين» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: فإن قيل: كيف ترى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرًا؟ فالجواب: أنها إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، أو المصفَّد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم، والمقصود تقليل الشرور فيه. وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين، كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1221] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ، فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ، وهذا لفظ البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية مسلم: «فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاَثِينَ يَوْماً» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنه لا يجب صوم رمضان إلا برؤية هلاله، أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">واختلفت الروايات عن الإمام أحمد فيما إذا حال دون منظر الهلال غيمٌ أو قتر، فعنه: يجب صومه، وعنه: أن الناس تبع للإمام، وعنه: لا يجب صومه قبل رؤية هلاله، أو إكمال شعبان. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/688) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: هو مذهب أحمد المنصوص الصريح عنه. وعنه: صومه منهي عنه، وهذا الموافق للأحاديث الصحيحة الصريحة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» . وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا عمار، من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">218- باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في شهر رمضان والزيادة من ذَلِكَ في العشر الأواخر منه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1222] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أجْوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبْريلُ، وَكَانَ جِبْريلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِن الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">المرسلة: أي: المطلقة، يعني: أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح. وعبر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة، وإلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح جميع ما تهب عليه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث من الفوائد: الحثُّ على الجود في كل وقت، والزيادة في رمضان، وعند الاجتماع بأهل الصلاح، واستحباب الإكثار من القراءة في رمضان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1223] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ العَشْر أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَشَدَّ المِئْزَرَ. متفقٌ عَلَيْهِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/689) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على استحباب الزيادة من العمل في العشر الأواخر من رمضان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">219- باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">شعبان إِلا لمن وصله بما قبله أَوْ وافق عادة لَهُ بأن كَانَ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عادته صوم الاثنين والخميس فوافقه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1224] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُم رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلا أنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَومَهُ، فَليَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: معنى الحديث: «لا تستقبلوا رمضان بصيام» . على نيّة الاحتياط لرمضان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1225] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمضَانَ، صُومُوا لِرُؤيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ حَالَتْ دُونَهُ غَيَايَةٌ فَأكْمِلُوا ثَلاثِينَ يَوْماً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«الغَيايَةُ» بالغين المعجمة وبالياءِ المثناةِ من تَحْت المكررةِ، وهي: السحابة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الترمذي: والعمل عل هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والحكمة في ذلك أن الحكم علق بالرؤية، فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/690) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1226] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلا تَصُومُوا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1227] وعن أَبي اليقظان عمارِ بن يَاسِرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم صيام يوم الشك، وهو آخر يوم من شعبان سواء كان في ليلة غيم أو لا، وهو قول أكثر أهل العلم، وخصه بعضهم بغير ما في ليلة غيم، والأول أصح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">220- باب مَا يقال عند رؤية الهلال</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1228] عن طلحة بن عبيدِ اللهِ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا رَأى الهلاَلَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأمْنِ وَالإيمانِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالإسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الدعاء عند رؤية الهلال، وقد ورد في ذلك أدعية مشهورة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">221- باب فضل السحور وتأخيره</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">مَا لَمْ يخش طلوع الفجر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1229] عن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَسَحَّرُوا؛ فَإنَّ في السُّحُورِ بَرَكَةً» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/691) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">البركة في السحور تحصل بجهات متعددة، وهي اتباع السنَّة ومخالفة أهل الكتاب، والتقوِّي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبُّب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1230] وعن زيدِ بن ثابتٍ - رضي الله عنه - قال: تَسَحَّرْنَا مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قِيلَ: كَمْ كَانَ بينهما؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسين آيةً. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال المهلب وغيره: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه، فيشق على بعضهم. ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضًا على بعضهم، وقد يفضي إلى ترك صلاة الصبح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: الاجتماع على السحور.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تقدير الأوقات بأعمال البدن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1231] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ لرسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنَانِ: بِلاَلٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنْ بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلا أنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في الحديث: دليل على جواز أذان الأعمى إذا كان له من يخبره.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الأكل مع الشك في طلوع الفجر؛ لأن الأصل بقاء الليل، وجواز نسبة الرجل إلى أمه إذا اشتهر بذلك واحتيج إليه، ويستحب أن لا يؤذن </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/692) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قبل الفجر، إلا أنْ يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح، كفعل بلال، وابن أمِّ مكتوم اقتداء برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1232] وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وصِيَامِ أهْلِ الكِتَابِ، أكْلَةُ السَّحَرِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التصريح بأن السحور من خصائص هذه الأمة، وأن الله تعالى تفضل به علينا، كما تفضل بغيره من الرخص.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">222- باب فضل تعجيل الفطر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَمَا يفطر عَلَيْهِ، وَمَا يقوله بعد إفطاره</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1233] عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">زاد أحمد عن أبي ذر: «وأخروا السحور» ، وفي رواية: «لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومن البدع المنكرة إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، يفعلونه للاحتياط في العبادة، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت، زعموا فأخر الفطر، وعجلوا السحور، وخالفوا السنَّة. فلذلك قل عنهم الخير وكثر فيهم الشر، والله المستعان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1234] وعن أَبي عطِيَّة قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عائشة ... </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/693) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">رضي الله عنها، فَقَالَ لَهَا مَسْرُوق: رَجُلاَنِ مِنْ أصْحَابِ محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِلاَهُمَا لا يَألُو عَنِ الخَيْرِ؛ أحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، وَالآخَرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ فَقَالَتْ: مَنْ يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ - يعني: ابن مسعود - فَقَالَتْ: هكَذَا كَانَ رسولُ اللهِ يَصْنَعُ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «لا يَألُو» أيْ: لا يُقَصِّرُ في الخَيْرِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب تعجيل المغرب والإفطار، إذا تحقق غروب الشمس.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1235] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَالَ اللهُ - عز وجل -: أحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أعْجَلُهُمْ فِطْراً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">سبب محبة الله لمعجلي الفطر متابعة السنَّة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران (31) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1236] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ها هُنَا، وَأدْبَرَ النهارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أفْطَر الصَّائِمُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: الإقبال والإدبار متلازمان، وقد يكون أحدهما أظهر للعين في بعض المواضع، فيستدل بالظاهر علىالخفي، كما لو كان في جهة المغرب ما يستر البصر عن إدراك الغروب، وكان المشرق ظاهرا بارزًا فيستدل بطلوع الليل على غروب الشمس. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/694) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1237] وعن أَبي إبراهيم عبدِ الله بنِ أَبي أوفى رضي الله عنهما، قَالَ: سِرْنَا مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: «يَا فُلاَنُ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» ، فَقَالَ: يَا رسول الله، لَوْ أمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: إنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ قَدْ اللَّيْلَ أقْبَلَ مِنْ ها هُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ» . وَأشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «اجْدَحْ» بِجيم ثُمَّ دال ثُمَّ حاءٍ مهملتين، أيْ: اخْلِطِ السَّويقَ بِالمَاءِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب تعجيل الفطر، وإنما توقف الصحابي احتياطًا واستكشافًا عن حكم المسألة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: تذكير العالم بما يخشى أن يكون نسيه، وترك المراجعة له بعد ثلاث.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الغروب متى تحقق كفى، وأن الأمر الشرعي أبلغ من الحسي، وأن العقل لا يقضي على الشرع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1238] وعن سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ الصحابي - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أفْطَرَ أحَدُكُمْ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ؛ فإنَّهُ طَهُورٌ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «فليفطر على تمر» ، زاد الترمذي: «فإنه بركة» والحكمة فيه: أنه إِن وجد في المعدة فضلة أزالها وإلا كان غذاء، وأنه يجمع ما تفرق من ضوء البصر بسبب الصوم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/695) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1239] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ قَبْلَ أنْ يُصَلِّي عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تتمة: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى» . رواه أبو داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وعن معاذ بن زهرة قال: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أفطر قال: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» . رواه أبو داود مرسلاً. وورد في بعض الآثار: «اللَّهُمَّ إني صمت لوجهك، وأفطرت على رزقك، أسألك يا واسع المغفرة أن تغفر لي ذنوبي، وأن تعتق رقبتي من النار» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">223- باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">عن المخالفات والمشاتمة ونحوها</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1240] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الرفث: الكلام الفاحش: والصخب: الخصام والصياح. وهذا ممنوع في كل وقت، ولكنه يتأكد للصائم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/696) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني صائم» . ولابن خزيمة: «فإن سابك أحدٌ، فقل: إني صائم، وإن كنت قائمًا فاجلس» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الروياني: إن كان في رمضان فليقل بلسانه، وإن كان في غيره فليقله في نفسه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1241] وعنه قَالَ: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في رواية: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: التحذير من قول الزور وما ذكر معه، وأن الله لا يقبل صوم صاحبه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">224- باب في مسائل من الصوم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1242] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ، فَأكَلَ، أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا لم يفسد صومه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: لطف الله بعباده، والتيسر عليهم، ورفع المشقة والحرج عنهم. وعند ابن خزيمة وغيره: «من أفطر في شهر رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1243] وعن لَقِيط بن صَبِرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أخْبِرْني عَنِ الوُضُوءِ؟ قَالَ: «أسْبغِ الوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/697) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ، إِلا أنْ تَكُونَ صَائِماً» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب إسباغ الوضوء، وتخليل الأصابع، والمبالغة في الاستنشاق إلا للصائم فتُكره المبالغة خشية وصول الماء إلى حلقه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1244] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على صحة الصوم من الجنب سواءً كان عامدًا أو ناسيًا، وسواء كان صيامه فرضًا أو تطوعًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على جواز تأخير الغسل إلى بعد طلوع الفجر، ويقاس على ذلك الحائض. والنفساء إذا انقطع دمها ليلاً ثم طلع الفجر قبل اغتسالها صح صومها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1245] وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصْبحُ جُنُباً مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ، ثُمَّ يَصُومُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز تأخير الغسل إلى بعد طلوع الفجر سواء كان من جماع أو احتلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">225- باب بيان فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1246] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعدَ الفَرِيضَةِ: صَلاَةُ اللَّيْلِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل صيام شهر عاشوراء، وفضل صلاة الليل. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/698) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1247] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: لَمْ يكن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلاً. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «كان يصوم شعبان كله» ، أي: معظمه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل صيام شعبان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1248] وعن مُجِيبَةَ البَاهِليَّةِ عن أبيها أَوْ عمها: أنه أتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ - وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهيئَتُهُ - فَقَالَ: يَا رسولَ الله أمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: «وَمَنْ أنْتَ» ؟ قَالَ: أَنَا الباهِليُّ الَّذِي جِئْتُك عام الأَوَّلِ. قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الهَيْئَةِ!» قَالَ: مَا أكَلْتُ طَعَاماً مُنْذُ فَارقتُكَ إِلا بِلَيْلٍ. فَقَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَذَّبْتَ نَفْسَكَ!» ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوماً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» قَالَ: زِدْنِي، فَإنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوْمَيْن» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ ثَلاثَةَ أيَّامٍ» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ مِنَ الحُرُم وَاتركْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتركْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتركْ» . وقال بأصابِعه الثَّلاثِ فَضَمَّها، ثُمَّ أرْسَلَهَا. رواه أَبُو داود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وَ «شَهْر الصَّبر» : رَمَضَان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الأشهر الحرم: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">226- باب فضل الصوم وغيره</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في العشر الأول من ذي الحجة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1249] عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ أيَّامٍ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام» </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/699) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يعني أيام العشر. قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَلا الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">زاد أبو داود: من حديث ابن عمر: «فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير، فإن صيام يوم منها يعادل صيام سنة، والعمل فيها بسبع مئة ضعف» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">227- باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1250] عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة صيام يوم عرفة، وأنه يكفر السيئات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1251] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَامَ يَومَ عاشوراءَ وَأمَرَ بِصِيامِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب صوم يوم عاشوراء، وأنه سنَّة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1252] وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ صِيامِ يَوْمِ عَاشُوراءَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة صيام يوم عاشوراء، وأنه يكفر السيئات.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1253] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/700) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء مخالفةً لأهل الكتاب، لأنهم كانوا يصومون اليوم العاشر فقط ويقولون إنه يومٌ نجى الله فيه بني إسرائيل من فرعون وقومه، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نحن أحقُّ بموسى» ، فصامه وأمر الناس بصيامه، وقال: «خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">228- باب استحباب صوم ستة أيام من شوال</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1254] عن أَبي أيوب - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على استحباب صوم ستة أيام من شوال سواء كانت متوالية أو متفرقة. وعن ثوبان رضي الله عنه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من صام رمضان فشهره بعشر، ومن صام ستة أيام الفطر فذلك صيام السنة» . رواه أحمد والنَّسائي.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">229- باب استحباب صوم الاثنين والخميس</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1255] عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ صَومِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ، فَقَالَ: «ذَلِكَ يَومٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَومٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: (سئل عن صوم يوم الاثنين) ، أي: عن حكمه إيثاره بالصوم عن باقي الأيام، فأخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ذلك لأجل مولده فيه، ومبعثه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1256] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: « </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/701) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَومَ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأنَا صَائِمٌ» رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن) ، ورواه مسلم بغير ذِكر الصوم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">لفظ مسلم: «تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين: يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدًا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1257] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى صَومَ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيس. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب صيام الاثنين والخميس لعظم فضلهما.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">230- باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والأفضل صومُها في الأيام البيض وهي الثالثَ عشر والرابعَ عشر والخامسَ عشر، وقِيل: الثاني عشر، والثالِثَ عشر، والرابعَ عشر، والصحيح المشهور هُوَ الأول.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1258] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوْصاني خَلِيلي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء كانت البيض أوالسود أو الغرر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1259] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قَالَ: أوصاني حَبِيبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاثٍ لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشتُ: بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/702) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الضُّحَى، وبِأنْ لا أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب المداومة على صيام ثلاثة أيام، وصلاة الضحى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب الوتر قبل النوم لمن لا يثق بقيامه آخر الليل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1260] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَوْمُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">أي: لأن الحسنة بعشر أمثالها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1261] وعن مُعاذة العدوية: أنها سألت عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أكَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثة أيَّامٍ؟ قالت: نَعَمْ. فقلتُ: مِنْ أيِّ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قالت: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أيِّ الشَّهْرِ يَصُومُ. رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: إيماء إلى أن المراد حصول مثل ثواب صوم الشهر باعتبار تضاعف الحسنة عشرًا، وذلك حاصل بأي ثلاثة كانت.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1262] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثاً، فَصُمْ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1263] وعن قتادة بن مِلْحَان - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأمُرُنَا بِصِيَامِ أيَّامِ البِيضِ: ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ. رواه أَبُو داود. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/703) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذين الحديثين: التنصيص على أيام البيض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1264] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يُفْطِرُ أيَّامَ البِيضِ في حَضَرٍ وَلا سَفَرٍ. رواه النسائي بإسنادٍ حسن.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب المداومة على صيام البيض في الحضر والسفر.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">231- باب فضل من فطَّر صائماً وفضل الصائم</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الذي يؤكل عنده ودعاء الآكل للمأكول عنده</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1265] عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً، كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ، غَيْرَ أنَّهُ لا يُنْقَصُ مِنْ أجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة تفطير الصائم، وفي حديث سلمان: «يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطَّر صائمًا على تمرة، أو شربة ماء، أو مذْقة لبن» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1266] وعن أُمِّ عُمَارَةَ الأنصارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ طَعَاماً، فَقَالَ: «كُلِي» فَقَالَتْ: إنِّي صَائِمَةٌ، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الصَائِمَ تُصَلِّي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ حَتَّى يَفْرغُوا» . وَرُبَّمَا قَالَ: «حَتَّى يَشْبَعُوا» رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/704) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: زيارة أهل الفضل أتباعهم، ولو كان المزور امرأة إذا أمنت الفتنة والتهمة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: إكرام الضيف.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1267] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ إِلَى سعد بن عبادة - رضي الله عنه - فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأكَلَ، ثُمَّ قَالَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ؛ وَأكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إحضار ما سهل، وأنه لا ينافي الجود.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب الدعاء من الضيف عند فراغ الأكل.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">* * * </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/705) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">==========</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0012.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0010.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب الاعْتِكَاف</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">232- باب فضل الاعتكاف</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1268] عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وهو قربة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة (125) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة (187) ] ، وهو مشروع بالكتاب والسنَّة والإجماع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1269] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: فيه استحباب مطلق الاعتكاف، واستحبابه في رمضان بخصوصه، وفي العشر الأواخر بخصوصها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على استواء الرجل والمرأة في هذا الحكم. انتهى. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/706) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والمقصود من الاعتكاف جمع القلب بالخلوة عن الناس، والإقبال على الله تعالى والتنعم بذكره وعبادته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1270] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْماً. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">===</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0013.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0011.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب الحَجّ</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">233- باب وجوب الحج وفضله</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} [آل عمران (97) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحج في اللغة: القصد. وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة (196) ] .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والأصل في وجوبه الكتاب والسنَّة والإجماع، وهو أحد أركان الإسلام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والسبيل: الزاد والراحلة.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} ، قال ابن عباس: ومن جحد فريضة الحج فقد كفر، والله غني عنه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال سعيد بن المسيّب: نزلت في اليهود حيث قالوا: الحج إلى مكة غير واجب.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال السدي: هو من وجد ما يحج به، ثم لم يحج حتى مات فهو كفر به.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه مات يهوديًا أو نصرانيًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1271] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: « </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/708) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">بُنِي الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رسولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1272] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَبَنَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا» فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثاً. فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ثُمَّ قَالَ: «ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا أمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْءٍ فَدَعُوهُ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أنه لا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر على كل مكلف مستطيع. وهذا الحديث من قواعد الإسلام المهمة، ومما أُوتيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جوامع الكلم، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1273] وعنه قَالَ: سُئِلَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِاللهِ وَرسولِهِ» قيل: ثُمَّ ماذا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبرُورٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">«المبرور» هُوَ: الَّذِي لا يرتكِبُ صاحِبُهُ فِيهِ معصيةً.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الجهاد أفضل من نافلة الحج. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/709) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1274] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الرفث: الجماع، ومقدماته بالفعل والقول.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال عطاء: الرفث: قول الرجل للمرأة في الإحرام إذا أحللت أصبتك.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: الفسوق: المعاصي. وقيل: الرفث: الفحش، والقول القبيح.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وقال الشارح: فلم يرفث: فلم يلغ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1275] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحج المبرور: هو الذي لا لغو فيه ولا معصية.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: دليل على مشروعية العمرة في كل وقت، وأنه لا كراهة في تكرارها.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1276] وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قَالَت: قُلْتُ: يَا رسول الله، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلا نُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: «لَكُنَّ أفْضَلُ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» . رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أن الحج من أفضل الجهاد، وأنه من سبيل الله.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1277] وعنها أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أن يَعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» . رواه مسلم.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل يوم عرفة، وأنه يرجى فيه استجابة الدعاء وغفران الذنوب. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/710) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1278] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة العمرة في رمضان.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1279] وعنه: أنَّ امرأة قالت: يَا رسول الله، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أدْرَكَتْ أَبي شَيْخاً كَبِيراً، لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على جواز حج المرأة عن الرجل، والحج عن المعضوب: وهو الكبير العاجز أو المريض الذي لا يرجى برؤه.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1280] وعن لقيط بن عامر - رضي الله عنه - أنَّه أتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلا العُمْرَةَ، وَلا الظَّعَنَ؟ قَالَ: «حُجَّ عَنْ أبِيكَ وَاعْتَمِرْ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على جواز النيابة عن المعضوب في النسك المفروض.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1281] وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قَالَ: حُجَّ بي مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حَجةِ الوَدَاعِ، وَأنَا ابنُ سَبعِ سِنينَ. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز إحجاج الصبي قبل البلوغ.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1282] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ رَكْباً بالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: المسلِمُونَ. قالوا: مَنْ أنْتَ؟ قَالَ: «رسولُ اللهِ» . فَرَفَعَتِ امْرَأةٌ صَبيّاً، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ» . رواه مسلم. </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/711) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">الحديث: دال على أنه يصح حج الصبي سواء كان مميزًا أم لا، حيث فعل وليه عنه ما يفعل الحاج، وإلى هذا ذهب الجمهور، ولكنه لا يجزئه عن حجة الإسلام، وصفة إحرام الولي عنه أن يقول بقلبه: جعلته محرمًا.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1283] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكانت زَامِلَتهُ. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قوله: «على رحل» ، أي: على قتب الراحلة، وكانت – أي الراحلة – زاملته.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">والزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">ولابن ماجة: (حج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على رحل رثٍّ، وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم، ثم قال: «اللهم اجعله حجًا لا رياءً فيه ولا سمعة» .</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">[1284] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ، ... وَمَجِنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أسْوَاقاً في الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأثَّمُوا أن يَتَّجِرُوا في المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة (198) ] في مَوَاسِمِ الحَجِّ. رواه البخاري.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">قال أبو عبيد: عكاظ: صحراء مستوية لا جبل فيها ولا علم، وهي بَيْنَ نجد والطائف، وكان يقام بها السوق في ذي القعدة نحوًا من نصف شهر، ثم يأتون موضعًا دونه إلى مكة، يقال له: سوق مجنة، فيقام فيه السوق إلى آخر الشهر، ثم يأتون موضعًا قريبًا منه يقال له: ذو المجاز فيقام فيه السوق إلى يوم التروية، ثم يصدرون إلى منى. انتهى.</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: دليل على أن التجارة في الحج لا تنافي صحته، وأن البيع والشراء فيه جائز.</span></span><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">(1/712) </span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">======= <br /></span></span></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-537601550930276502022-04-17T00:34:00.001-07:002022-04-17T00:34:53.995-07:00تطريز رياض الصالحين من كتاب آداب النوم كتاب السلام الي اخر كتاب عيادة المريض {من حديث رقم [814] الي [955] }<span style="color: #20124d;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></span></span><br /><span style="color: #20124d;"><span style="font-family: Abril Fatface;"></span></span><div style="text-align: justify;"><span style="color: #20124d;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">كتَاب آداب النَّوم</span><br /><span style="font-size: x-large;"> 127- باب آداب النَّوم والاضطجاع</span><br /><span style="font-size: x-large;"> والقعود والمجلس والجليس والرؤية</span><br /><span style="font-size: x-large;"> <span style="background-color: #04ff00;">[814]</span> عن البَراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نفسي إلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وَألْجَأتُ ظَهْرِي إلَيْك، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ وَلا مَنْجا مِنْكَ إِلا إلَيكَ، آمَنْتُ بكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ» . رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [815] وعنه قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأ وُضُوءكَ لِلْصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن، وَقُلْ ... » وذَكَرَ نَحْوَهُ، وفيه: «وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: استحباب الوضوء عند النوم، واستحباب هذا ... الدعاء، لأنه إن مات مات على الفطرة، وإن أصبح أصاب خيرًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [816] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/501) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مِنَ اللَّيْلِ إحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً، فَإذا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن حَتَّى يَجيءَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> فيه: استحباب الضجعة بعد سنة الفجر لمن كان تهجد بالليل، ليقوم إلى الفرض بنشاط.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [817] وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قال: كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أمُوتُ وَأحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> قيل: إنما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يختار الأيمن لأنه كان يحب التيمن في شأنه كله، ولأنه يكون أخف للنوم، ولأن النوم أخو الموت، قال الله تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ ... يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر (42) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [818] وعن يَعيشَ بن طِخْفَةَ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبي: بينما أَنَا مُضْطَجِعٌ في الْمَسْجِدِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي برجلِهِ، فَقَالَ: «إنَّ هذِهِ ضجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ» . قَالَ: فَنظَرْتُ فَإذَا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: كراهية الاضطجاع على البطن.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [819] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدَاً لَمْ يَذْكُرِ الله فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضجَعاً لا يَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/502) </span><br /><span style="font-size: x-large;">«التِّرَةُ» : بكسر التاء المثناة من فوق، وَهِيَ: النقص، وقِيلَ: التَّبعَةُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: كراهة الغفلة واستحباب الذكر في كل حالة. وفي رواية أحمد والنسائي: وما مشى أحدكم ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> قال الله تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران (190، 191) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وقال تعالى {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف (205) ]</span><br /><span style="font-size: x-large;"> 128- باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا</span><br /><span style="font-size: x-large;"> ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يخف انكشاف العورة</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وجواز القعود متربعاً ومحتبياً</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [820] عن عبدِ اللهِ بن زيد رضي الله عنه: أنَّه رأى رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَلْقِياً في الْمَسْجِدِ، وَاضِعاً إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاحتباء: ضم الظهر مع الساقين بثوب، أو بيد، وكان أكثر جلوسه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محتبيًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفي الحديث: جواز الاستلقاء، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا لم يخش انكشاف العورة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [821] وعن جابر بن سَمُرَة - رضي الله عنه - قال: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى الفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاء. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/503) </span><br /><span style="font-size: x-large;">حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بأسانيد صحيحة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في الحديث: جواز الجلوس متربعًا، أو استحباب الذكر بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [822] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: رأيتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بفناءِ الكَعْبَةِ مُحْتَبِياً بِيَدَيْهِ هكَذا، وَوَصَفَ بِيَدَيْهِ الاحْتِبَاءَ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> القرفصاء: أن يجلس على أليته ويلصق بطنه بفخذيه، ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه كما يحتبي بثوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [823] وعن قَيْلَةَ بنْتِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنها، قالت: رأيتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَاعِدٌ القُرْفُصَاءَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رسولَ الله المُتَخَشِّعَ في الجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ. رواه أَبُو داود والترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: استحباب التخشع في الجلوس.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> قيل: إن القرفصاء أن يجلس على ركبتيه منكبًا، ويلصق بطنه بفخذيه وبباطن كفيه، وهي جلسة االأعراب.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [824] وعن الشَّريدِ بن سُوَيْدٍ - رضي الله عنه - قال: مَرَّ بي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا جَالِسٌ هكَذَا، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي، وَاتَّكَأتُ عَلَى أَليَةِ يَدي، فَقَالَ: «أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟!» رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: كراهة هذه الجلسة، والمنع عن التشبه باليهود في هيآتهم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/504) </span><br /><span style="font-size: x-large;">129- باب آداب المجلس والجليس</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [825] عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ رَجُلاً مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلكِنْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا» وكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: النهي عن إقامة الرجل من مجلسه الذي سبق إليه</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفيه: استحباب التفسح والتوسع.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفيه: مزيد وروع ابن عمر.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [826] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . رواه مسلم</span><br /><span style="font-size: x-large;"> فيه: أن من قام من مجلسه لعذر ثم عاد إليه فهو أحق، سواء ترك فيه متاعًا أو لا.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [827] وعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلَسَ أحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: استحباب الجلوس حيث ينتهي به المجلس، سواء كان في صدر المحل أو أسفله، كما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [828] وعن أَبي عبد الله سَلْمَان الفارسي - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/505) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيب بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَينِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: استحباب الغسل والطيب يوم الجمعة، وكراهة التفريق بين الاثنين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفيه: أن من فعل ذلك وانصت في الخطبة غُفر له.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [829] وعن عمرو بن شُعَيْب عن أبيهِ عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلا بإذْنِهِمَا» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفي رواية لأبي داود: «لا يُجْلَسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلا بِإذْنِهِمَا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: النهي عن الجلوس بين الاثنين بغير رضاهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [830] وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وروى الترمذي عن أبي مِجْلَزٍ: أنَّ رَجُلاً قَعَدَ وَسَطَ حَلْقَةٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَعَنَ اللهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ. قَالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: النهي عن الجلوس وسط الحلقة من غير حاجة كساقٍ، ومعلم ونحو ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [831] وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «خَيْرُ المَجَالِسِ أوْسَعُهَا» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح عَلَى شرط البخاري. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/506) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب سعة المجلس لما فيه من راحة الجالسين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [832] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلا أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> اللغط: الكلام الذي فيه جلبة واختلاط، وإنما ترتب على هذا الذكر مغفرة ما كسب في ذلك المجلس لما فيه من تنزيه الله سبحانه والثناء عليه بإحسانه والشهادة بتوحيده، ثم سؤال المغفرة منه وهو الذي لا يخيب سائلاً صادقًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [833] وعن أَبي بَرْزَة - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ بأَخَرَةٍ إِذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلا أنتَ أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إليكَ» . فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله، إنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلاً مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى؟ قَالَ: «ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ» . رواه أَبُو داود، ورواه الحاكم أَبُو عبد الله في " المستدرك " من رواية عائشة رضي الله عنها وقال: (صحيح الإسناد) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> إذا ختم الإنسان المجلس بهذا الذكر كان كفارة لما يكون في المجلس من لغط ونحوه. وإن كان مجلس ذكر كان كالطابع عليه، وكان خيرًا على خير.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [834] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رسول </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/507) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهؤلاء الدَّعَواتِ: «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ به عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بأسْمَاعِنا، وَأَبْصَارِنَا، وقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوارثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلا تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الخشية: هي الخوف مع معرفة جلال المخشي منه، ولذا اختصت بالعلماء بالله تعالى قال جل وعلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر (28) ] ، وهذا الدعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [835] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى فِيهِ، إِلا قَامُوا عَنْ مِثْل جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةٌ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وذكر جيفة الحمار زيادة في التنفير، وإيماء إلى أن تارك الذكر بمثابة الحمار المضروب به المثل في البلادة، إذ غفل بما هو فيه من الترهات، ولذائذ المحاورات عن ذكر رب الأرض والسماوات.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [836] وعنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا الله تَعَالَى فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ فِيهِ، إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ؛ فَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [837] وعنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُر الله </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/508) </span><br /><span style="font-size: x-large;">تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعَاً لا يَذْكُرُ الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وَقَدْ سبق قريباً، وشَرَحْنَا (التِّرَة) فِيهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الترة: النقص، وقيل التَّبِعَة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفي الحديث: ذم الغفلة عن الذكر، واستحبابه في كل حال من الأحوال.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> 130- باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها</span><br /><span style="font-size: x-large;"> قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الروم (23) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> يقول تعالى: ومن آياته الدالة على توحيده وقدرته منامكم بالليل والنهار، وذلك لما فيه من إذهاب الشعور والإِدرك حتى يصير النائم كالميت ثم يستيقظ منه فيعود له إدراكه وشعوره كما كان قبله، والرؤيا لا تكون إلا في النوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [838] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبوَّةِ إِلا المُبَشِّرَاتِ» . قالوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> معناه: أن الوحي انقطع بموته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يبق منه إلا الرؤيا الصالحة، أي: الصادقة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [839] وعنه: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفي رواية: «أصْدَقُكُمْ رُؤْيَا، أصْدَقُكُمْ حَدِيثاً» .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> قوله: «إذا اقترب الزمان» ، أي: قربت القيامة. قال ابن أبي جمرة: </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/509) </span><br /><span style="font-size: x-large;">أن المؤمن حينئذٍ يكون غريبًا فيقل أنيسة، فيكرم بالرؤيا الصادقة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وقال السيوطي: لأن أكثر العلم ينقص حينئذٍ، وتَنْدّرِسَ معالم الديانة فيكون الناس على مثل الغرة محتاجين إلى مُذَكِّر ومُجَدِّد لما دَرَسَ من الدين كما كانت الأمم تُذَكَّرُ بالأنبياء.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [840] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَآنِي في المَنَامِ فَسَيَرَانِي في اليَقَظَةِ - أَوْ كَأنَّما رَآنِي في اليَقَظَةِ - لا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: بشارة لمن رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الرؤيا أنه يراه يوم القيامة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفيه: أن الشيطان لا يتمثل في صورته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [841] وعن أَبي سعيدٍ الخدرِيِّ - رضي الله عنه - أنَّه سَمِعَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إِذَا رَأى أحَدُكُمْ رُؤيَا يُحِبُّهَا، فَإنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا - وفي رواية: فَلا يُحَدِّثْ بِهَا إِلا مَنْ يُحِبُّ - وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فإنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ؛ فَإنَّهَا لا تَضُرُّهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> في هذا الحديث: طلب الحمد عند حدوث النعم، وتجدد المنن فذلك سبب لدوامها.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفيه: أنه لا يخبر بالرؤيا الحسنة إلا من يحب، لأن العدو ربما يحملها على بعض ما تحتمله، لأنها لأول عابر.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفي رواية الترمذي: «ولا تحدث بها إلا لبيبًا، أو حبيبًا، وإذا رأى </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/510) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الرؤيا القبيحة فلا يفسرها، ولا يخبر بها أحدًا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [842] وعن أَبي قَتَادَة - رضي الله عنه - قال: قَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ - وفي رواية: الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ - مِنَ اللهِ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأى شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَن شِمَالِهِ ثَلاَثاً، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فإنَّهَا لا تَضُرُّهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> «النَّفْثُ» : نَفْخٌ لَطِيفٌ لا رِيقَ مَعَهُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> قال القاضي عياض: أمر بالنفث طردًا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة تحقيرًا له، واستقذارًا، وخص بها اليسار لأنها محل الأقذار.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [843] وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا رَأى أحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثَاً، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثاً، وَلْيَتَحَوَّل عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» . رواه مسلم</span><br /><span style="font-size: x-large;"> التحول: تفاؤل يتحول الحال من الرؤيا القبيحة إلى الرؤيا الحسنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وجاء من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصلِّ، ولا يحدث به الناس» . متفق عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> [844] وعن أَبي الأسقع واثِلةَ بن الأسقعِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنْ أعْظَمِ الفِرَى أنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيرِ أبِيهِ، أَوْ يُرِي عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ» رواه البخاري. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/511) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن هذه الخصال الثلاث من أعظم الكذب لأن المنتسب إلى غير أبيه يدَّعي أن الله خلقه من ماء فلان، والكذب في الرؤيا كذب على الله، لأنها جزء من النبوة، وعن ابن عباس مرفوعًا: «من تحلم بحلم لم يره كُلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> والكذب على الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذب في الدين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وفي الحديث الصحيح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;"> * * * </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/512) </span><br /><span style="font-size: x-large;">===</span><br /><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0008.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span><br /><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0006.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span><br /><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span><br /><span style="font-size: x-large;">كتَاب السَّلاَم</span><br /><span style="font-size: x-large;">131- باب فضل السلام والأمر بإفشائه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا} [النور (27) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى عباده المؤمنين أن لا يدخلوا بيوت غيرهم حتى يستأذنوا ويسلموا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال أبو موسى الأشعري وحذيفة: يستأذن على ذوات المحارم، ومثله، عن الحسن فإن كانوا في دار واحدة يتنحنح، ويتحرك أدنى حركة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور (61) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: إذا دخلت المسجد فقل: السلام على رسول الله، وإذا دخلت على أهلك فسلِّم عليهم، وإذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: وحُدِّثنا أنَّ الملائكة ترد عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس في قوله تعالى: {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} ، قال: حسنة جميلة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} ... [النساء (86) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الرد واجب، والزيادة سُنَّة، فإذا قال مثلاً: السلام عليكم، قال: وعليكم السلام ورحمة الله. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/513) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً} [الذاريات (24، 25) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">{هَلْ أَتَاكَ} ، فيه: تعظيم لشأن الحديث، وتنبيه على أنه إنما عرفه بالوحي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {فَقَالُوا سَلاماً} ، أي: نسلم عَلَيْكُمْ سلامًا. قال: {سَلامٌ} ، أي: عليكم سلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[845] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رجلاً سأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيُّ الإسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">إطعام الطعام من خير خصال الإِسلام لما فيه من دفع الحاجة عن الفقير، وجلب المحبة، والتآلف، وكذلك إفشاء السلام لما فيه من التآلف وجلب المحبة أيضًا والإِبعاد عن الكبر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[846] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولئِكَ - نَفَرٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلُوس - فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ؛ فَإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيتِكَ من بعدك. فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فقالوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: فقالوا: السلام عليك ورحمة الله. في رواية: وعليك السلام ورحمة الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: مشروعية الزيادة في الرد على الابتداء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[847] وعن أَبي عُمَارة البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْعٍ: بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/514) </span><br /><span style="font-size: x-large;">العَاطِسِ، وَنَصْرِ الضَّعيفِ، وَعَوْنِ المَظْلُومِ، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإبْرَارِ المُقسِمِ. متفقٌ عَلَيْهِ، هَذَا لفظ إحدى روايات البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر بإِفشاء السلام، أي: إشاعته وإظهاره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[848] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» . رواه مسلم</span><br /><span style="font-size: x-large;">إشاعة السلام وإذاعته سبب للتوادد ودخول الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[849] وعن أَبي يوسف عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، أفْشُوا السَّلاَمَ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأرْحَامَ، وَصَلُّوا والنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَم» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إنَّ هذه الخصال من أسباب دخول الجنة. قال الله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ} [الحجر (46) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[850] وعن الطُّفَيْل بن أُبَيِّ بن كعبٍ: أنَّه كَانَ يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ، قَالَ: فإذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ، لَمْ يَمُرَّ عَبدُ الله عَلَى سَقَّاطٍ وَلا صَاحِبِ بَيْعَةٍ، وَلا مِسْكِينٍ، وَلا أحَدٍ إِلا سَلَّمَ عَلَيْهِ، قَالَ الطُّفَيْلُ: فَجِئْتُ عبد الله بنَ عُمَرَ يَوْماً، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَصْنَعُ بالسُّوقِ، وَأنْتَ لا تَقِفُ عَلَى البَيْعِ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/515) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَلا تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ، وَلا تَسُومُ بِهَا، وَلا تَجْلِسُ في مَجَالِسِ السُّوقِ؟ وَأقُولُ: اجْلِسْ بِنَا ها هُنَا نَتَحَدَّث، فَقَالَ: يَا أَبَا بَطْنٍ – وَكَانَ الطفَيْلُ ذَا بَطْنٍ – إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أجْلِ السَّلاَمِ، فنُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقيْنَاهُ. رواه مالك في المُوطَّأ بإسنادٍ صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب دخول السوق لأجل إفشاء السلام ونشره، وذكر الله تعالى لكون الأسواق محل الغفلة، وقد جاء في حديث: «ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">132- باب كيفية السلام</span><br /><span style="font-size: x-large;">يُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَيَأتِ بِضَميرِ الجَمْعِ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِداً، وَيقُولُ المُجيبُ: وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله: وَعَلَيْكُمْ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">كمال السلام يأتي بضمير الجمع ليعم من يحضره من الملائكة، وإن أفرد الضمير جاز.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[851] عن عِمْرَان بن الحصين رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «عِشْرُونَ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ثَلاثُونَ» . .رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/516) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن زيادة الحسنات بزيادة التحية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[852] وعن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: قَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هَذَا جِبريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ» . قالت: قُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين: «وَبَرَكاتُهُ» وفي بعضها بحذفِها، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز سلام الرجل الأجنبي على المرأة عند أمن الريبة، وزاد البخاري في روايته: أنها قالت: ترى ما لا نرى يَا رسول الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[853] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثَاً حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلاَثاً. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيراً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كمال حسن خلقه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومزيد شفقته، والاقتصار على الثلاث في الكلام إشعار بأن مراتب الفهم كذلك: أعلى , وأوسط، وأدنى. ومن لا يفهم في ثلاث لا يفهم ولو زيد على ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[854] وعن المِقْدَادِ - رضي الله عنه - في حدِيثهِ الطويل، قَالَ: كُنَّا نَرْفَعُ للنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصِيبَهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيُسَلِّمُ تَسْلِيماً لا يُوقِظُ نَائِماً، وَيُسْمِعُ اليَقْظَانَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن المسلِّم على النيام لا يرفع صوته بحيث يوقظ النائم </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/517) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بل يجعل صوته بين الجهر والإِخفات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[855] وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ في المَسْجدِ يَوْماً، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ، فَألْوَى بِيَدِهِ بالتسْلِيمِ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وهذا محمول عَلَى أنَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز الإِشارة بالسلام مع التلفظ به ليتنبه المسلَّم عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[856] وعن أَبي جُرَيٍّ الهُجَيْمِيِّ - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله. قَالَ: «لا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ؛ فإنَّ عَلَيْكَ السَّلاَمُ تَحِيَّةُ المَوتَى» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح) ، وَقَدْ سبق لفظه بِطُولِهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: نهي المبتدئ بالسلام عن قوله: عليك السلام، لأن ذلك تحيَّة الموتى. وقد ورد عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تقديم لفظ السلام على الموتى حين قال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» فهو أحسن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">133- باب آداب السلام</span><br /><span style="font-size: x-large;">[857] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَليلُ عَلَى الكَثِيرِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري: «والصغيرُ عَلَى الكَبيرِ» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/518) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قال المهلب: تسليم الماشي لتشبيهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع، وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «والصغير على الكبير» . قال ابن بطال: وذلك لأن الصغير مأمور بتوقير الكبير والتواضع له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[858] وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهِلي - رضي الله عنه - قال: قَالَ ... رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَوْلى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلامِ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورواه الترمذي عن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -، قِيلَ: يَا رسول الله، الرَّجُلانِ يَلْتَقِيَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ؟ ، قَالَ: «أَوْلاَهُمَا بِاللهِ تَعَالَى» . قَالَ الترمذي: «هَذَا حديث حسن» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">صار البادئ بالسلام أولى بالله لما صنع من المبادرة إلى طاعة الله والمسارعة إليها. وروى البيهقي في " شعب الإِيمان " عن ابن مسعود يرفعه: «إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">134- باب استحباب إعادة السلام</span><br /><span style="font-size: x-large;">عَلَى من تكرر لقاؤه عَلَى قرب بأن دخل ثم خرج ثُمَّ دخل في الحال، أَو حال بينهما شجرة ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">[859] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - في حديثِ المسِيءِ صلاته: أنّه </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/519) </span><br /><span style="font-size: x-large;">جَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على استحباب إعادة السلام في مثل ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[860] وعنه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المراد بالحيلولة: ما يمنع الرؤية بحيث يعد فاصلاً عرفيًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">135- باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور (61) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذه الآية عامة في جميع البيوت، فإذا دخل بيتًا فيه أهله فليسلِّم عليهم. وإذا دخل بيته فليسلِّم على أهله. وإذا دخل بيتًا خاليًا فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[861] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا بُنَيَّ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أهْلِكَ، فَسَلِّمْ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ، وعلى أهْلِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/520) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بَيْتِكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر بالسلام إذا دخل بيته لتناله بركة التحية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">136- باب السلام عَلَى الصبيان</span><br /><span style="font-size: x-large;">[862] عن أنس - رضي الله عنه - أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وقال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب السلام على الصبيان وتدريبهم على تعلم السنن، وتأديبهم بآداب الشريعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: حسن خلقه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتواضعه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">137- باب سلام الرجل على زوجته</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط</span><br /><span style="font-size: x-large;">[863] عن سهل بن سعدٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَتْ فِينَا امْرَأةٌ - وفي رواية: كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ - تَأخُذُ مِنْ أصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي القِدْرِ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَإذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ، وَانْصَرَفْنَا، نُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنَا. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «تُكَرْكِرُ» أيْ: تَطْحَنُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">السلق: بقل معروف. قال في " القاموس ": يجلو، ويحلل، ويلين، ويفتح ويسر النفس نافع للنِّقْرِسِ والمفاصل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[864] وعن أُم هَانِىءٍ فاخِتَةَ بنتِ أَبي طالب رضي الله عنها، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/521) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قالت: أتيت النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ ... وَذَكَرَتِ الحديث. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وجه الدليل من هذا الحديث تقريره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ لو حرم سلام الأجنبية مطلقًا لبينه لها فإذا أمنت الفتنة فلا كراهة في السلام منها وعليها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[865] وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها، قالت: مَرّ عَلَيْنَا النّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِسوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن) ، وهذا لفظ أَبي داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ولفظ الترمذي: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ في المَسْجِدِ يَوْماً، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بالتَّسْلِيمِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز التسليم على الأجنبيات إذا أمنت الفتنة بهن أو منهن.</span><br /><span style="font-size: x-large;">138- باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكيفية الرد عليهم</span><br /><span style="font-size: x-large;">واستحباب السلام عَلَى أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار</span><br /><span style="font-size: x-large;">[866] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلا النَّصَارَى بالسَّلامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن ابتداء الكافر بالسلام، وهو قول الجمهور قطعًا للتواد، وجوز بعض العلماء ابتداءهم به لضرورة وحاجة وسبب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[867] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: اتفق العلماء على الرد على أهل الكتب إذا سلموا. لكن لا يقال: وعليكم السلام. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/522) </span><br /><span style="font-size: x-large;">بل يقال: عليكم، أو: وعليكم. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ووجه هذا الحديث: ما جاء في حديث آخر: «أن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم: السام عليكم، فقولوا: وعليكم» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والسام: الموت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[868] وعن أُسَامَة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ - عَبَدَة الأَوْثَانِ - واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية السلام على المجلس الذي فيه مسلمون وكفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;">139- باب استحباب السلام إِذَا قام من المجلس</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفارق جلساءه أَوْ جليسه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[869] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا انْتَهى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: مشروعية السلام عند دخول المجلس، وعند القيام منه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: قيل: كما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلاماتهم من شره عند الحضور، فكذا الثانية إخبار عن سلامتهم من شره عند الغيبة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">140- باب الاستئذان وآدابه</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور (27) ] . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/523) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الاستئذان: طلب الأذن في الدخول على من بالمنزل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور (59) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">لما رخص تعالى للمماليك والصبيان أن يدخلوا بغير استئذان إلا في ثلاثة أوقات، أمر الأطفال إذا بلغوا أن يستأذنوا في كل وقت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[870] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ، فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلا فَارْجِعْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر بالانصراف بعد الثلاث قيل: إن الأولى للتنبيه والثانية للتعريف والثالثة ليأذن به ويتركه ومن لم ينتبه عند الثالثة لا ينتبه غالبًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[871] وعن سهلِ بنِ سعدٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أجْلِ البَصَرِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: أنه لا يجوز للمستأذن أن ينظر من خلل الباب إلى البيت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[872] وعن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ في بيتٍ، فَقَالَ: أألِج؟ فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَادِمِهِ: «أُخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمهُ الاسْتِئذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أأدْخُل؟» فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُل؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخلَ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: (أأدخل) بهمزتين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: وظاهره أن المتكلم مخير بين تحقيق الهمزة، وإبدال الثانية ألفًا وتسهيليها. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/524) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قلت: وتجوز بهمزةٍ واحدةٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[873] عن كِلْدَةَ بن الحَنْبل - رضي الله عنه - قال: أتَيْتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ارْجِعْ فَقُلْ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُل؟» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر بالمعروف واستدراك السنن، وعدم التساهل فيها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">141- باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن: من أنت؟</span><br /><span style="font-size: x-large;">أن يقول: فلان، فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أَوْ كنية</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكراهة قوله: «أنا» ونحوها</span><br /><span style="font-size: x-large;">[874] عن أنس - رضي الله عنه - في حديثه المشهور في الإسراءِ، قَالَ: قَالَ ... رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثُمَّ صَعَدَ بي جِبْريلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فقِيلَ: مَنْ هذَا؟ قَالَ: جِبْريلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، ثُمَّ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَسَائِرِهنَّ وَيُقَالُ فِي بَابِ كُلِّ سَمَاءٍ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: جِبْريلُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن المستأذن يسمي نفسه باسمه المعروف، إذا قيل: من هذا؟</span><br /><span style="font-size: x-large;">[875] وعن أَبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَإذَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي وَحْدَهُ، فَجَعَلْتُ أمْشِي فِي ظلِّ القمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقال: ... «مَنْ هَذَا؟» فقلتُ: أَبُو ذَرٍّ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أجاب أبو ذرّ بما اشتهر به من كنيته، لأنه بها أعرف منها باسمه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/525) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[876] وعن أُمِّ هانئ رضي الله عنها، قالت: أتيتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ، فَقَالَ: «مَنْ هذِهِ؟» فقلتُ: أنا أُمُّ هَانِئٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أجابت أم هانيء بكنيتها لشهرتها بذلك. ووجه الدلالة من الحديثين تقريره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[877] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتَيْتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَقَقْتُ البَابَ، فَقَالَ: «مَنْ ذَا؟» فَقُلتُ: أَنَا، فَقَالَ: «أنَا، أنَا!» كَأنَّهُ كَرِهَهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن دق الباب بقوم مقام الاستئذان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: كراهة قول المستأذن: أنا، ومثله: إنسان، أو شخص أو صديق لعدم حصول غرض السائل بذلك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">142- باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكراهة تشميته إذا لَمْ يحمد الله تَعَالَى</span><br /><span style="font-size: x-large;">وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب</span><br /><span style="font-size: x-large;">التشميت، بالشين المعجمة وبالسين المهملة، فمعنى شمته: دعا له أن يجمع شمله. والتسميت بالمهملة: التبريك، يقال: سمته: إذا دعا له بالبركة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وقال أبو بكر ابن العربي: تكلم أهل اللغة في اشتقاق اللفظين، ولم يبينوا المعنى فيه، وهو بديع. وذلك أنَّ العاطس ينحل كل عضو في رأسه، وما يتصل به من العنق ونحوه، فكأنه إذا قيل له يرحمك الله، كان معناه: أعطاك رحمةً يرجع بها بدنك إلى حاله قبل العطاس، ويقيم على حاله من غير تغيير، فإن كان التسميت بالمهملة فمعناه رجع كل عضو إلى سمته الذي كان عليه، وإن كان بالمعجمة فمعناه: صان الله شوامته، أي: قوائمه التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/526) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[878] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ الله تَعَالَى كَانَ حَقّاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">العطاس: يكون غن خفة البدن، وانفتاح المسام، وعدم الغاية في الشبع، فيستدعي النشاط للعبادة، والتثاؤب يكون عن غلبة البدن، وثقله مما يكون ناشئًا عن كثرة الأكل والتخليط فيه، فيستدعي الكسل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحليمي: الحكمة في مشروعية الحمد للعاطس أن العطاس يدفع الأذى عن الدماغ الذي فيه قوة الفكرة، ومنه منشأ الأعصاب التي هي معدن الحس فناسب أن تقابل هذه النعمة بالحمد لله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ ابن حجر: ولا أصل لما اعتاده كثير من الناس من استكمال قراءة الفاتحة بعد قوله: الحمد لله رب العالمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[879] وعنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ ... للهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله. فإذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَليَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قيل: الحكمة في إفراد الدعاء للعاطس وجمعه للمجيب، أن الرحمة مدعو بها للعاطس وحده مما أصابه مما تنحل به أعصابه ويضر سمتها لولا الرحمة من الله، وأما الهداية فمدعو بها لجميع المؤمنين، ومنهم المخاطب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[880] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/527) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ، فَإنْ لَمْ يَحْمَدِ الله فَلا تُشَمِّتُوهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن العاطس إذا لم يحمد الله لا يشمت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[881] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ فَلَمْ تُشَمِّتْنِي؟ فَقَالَ: «هَذَا حَمِدَ الله، وَإنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ الله» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إكرام من فعل طاعة، وترك من تركها، وحكي عن الأوزاعي أنه عطس رجل بحضرته فلم يحمد الله فقال له الأوزاعي، كيف تقول إذا عطست؟ فقال: أقول الحمد لله. فقال له: يرحمك الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[882] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ - أَوْ غَضَّ - بِهَا صَوْتَهُ. شك الراوي. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب وضع الثوب على فمه وأنفه إذا عطس لئلا يخرج منه شيء يؤذي جليسه، ولا يلوي عنقه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن العربي: الحكمة في خفض الصوت بالعطاس أن في رفعه إزعاجًا للأعضاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ورُوِيَ من حديث عبادة مرفوعًا: «إذا تجشى أحدكم أو عطس فلا يرفع بهما الصوت، فإن الشيطان يحب أن يرفع بهما الصوت» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/528) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[883] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قال: كَانَ اليَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْجُونَ أنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَرْحَمُكُم الله، فَيَقُولُ: «يَهْدِيكُم اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">كان اليهود يعلمون نبوته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورسالته باطنًا وإن أنكروها ظاهرًا حسدًا وعنادًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} [البقرة (146) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الكافر لا يقال له: يرحمك الله بل يقال: يهديكم الله ويصلح بالكم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[884] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب وضع اليد على الفم عند التثاؤب، لأن الشيطان يدخل الجوف مع التثاؤب. وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة: «إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه ولا يعوي فإن الشيطان يضحك منه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">143- باب استحباب المصافحة عِنْدَ اللقاء وبشاشة الوجه</span><br /><span style="font-size: x-large;">وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء</span><br /><span style="font-size: x-large;">[885] عن أَبي الخطاب قتادة، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: أكَانَتِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/529) </span><br /><span style="font-size: x-large;">المُصَافَحَةُ في أصْحَابِ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على مشروعية المصافحة؛ لأن الإجماع السكوتي حجة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[886] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لَمَّا جَاءَ أهْلُ اليَمَنِ قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ جَاءكُمْ أهْلُ اليَمَنِ» . وَهُمْ أوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالمُصَافَحَةِ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">المصافحة: مما يؤكد المحبة، وأهل اليمن ألين قلوبًا وأرق أفئدةً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[887] وعن البراءِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مُسْلِمَينِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أنْ يَفْتَرِقَا» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تأكيد أمر المصحافة، والحث عليها لإِخبار الصادق - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه يغفر للمتصافحين في مقامهما.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[888] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أينحَنِي لَهُ؟ قَالَ: «لا» . قَالَ: أفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: «لا» . قَالَ: فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب المصافحة والنهي عن الانحناء، وأما المعانقة فتشرع للقادم من السفر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[889] وعن صَفْوَانَ بن عَسَّالٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبيِّ، فَأتَيَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَألاهُ عَنْ تِسْعِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/530) </span><br /><span style="font-size: x-large;">آياتٍ بَيِّنَاتٍ ... فَذَكَرَ الْحَدِيث إِلَى قَوْلهِ: فقَبَّلا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وقالا: نَشْهَدُ أنَّكَ نَبِيٌّ. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحةٍ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">لفظ الحديث عند الترمذي، فقال لهم: «لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببرئ إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تولوا للفرار يوم الزحف، وعليكم خاصةً، أيها اليهود ألا تعدوا في السبت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: كان عند اليهود عشر كلمات: تسع منها مشتركة بينهم وبين المسلمين، وواحدة مختصة بهم، فسألوا عن التسع المشتركة، وأضمروا ما كان مختصًا بهم. فأجابهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عما سألوه، وعما أضمروه ليكون أدل على معجزاته. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز تقبيل يد الرجل الصالح.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[890] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قِصَّة قَالَ فِيهَا: فَدَنَوْنَا مِنَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبَّلْنَا يَدَه. رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وحاصل القصة أنهم كانوا في سرية ففروا، فأتوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالوا: نحن الفارون. فقال: «بل أنتم الكارهون» . وفي رواية: فقال: «أنا فئة المسلمين» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[891] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ المَدِينَةَ وَرسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بَيتِي، فَأتَاهُ فَقَرَعَ البَابَ، فَقَامَ إِلَيْهِ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجُرُّ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب قصد القادم أول قدومه إلى من يعز عليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الاسئذان بالقرع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب المعانقة والتقبيل للقادم من الأصحاب والأقارب. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/531) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[892] وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَحقِرَنَّ منَ الْمَعرُوف شَيْئاً، وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْيقٍ» . رواه مسلم</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب طيب الكلام، وبشاشة الوجه، وفعل المعروف وإن قل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[893] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَبَّلَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، فَقَالَ الأقْرَعُ بن حَابِسٍ: إنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدَاً. فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ!» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب تقبيل الأطفال شفقة ورحمة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">* * * </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/532) </span><br /><span style="font-size: x-large;">=======</span><br /><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0009.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span><br /><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span><br /><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0007.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span><br /><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span><br /><span style="font-size: x-large;">كتاب عيَادة المريض وَتشييع المَيّت</span><br /><span style="font-size: x-large;">والصّلاة عليه وَحضور دَفنهِ وَالمكث عِنْدَ قبرهِ بَعدَ دَفنه</span><br /><span style="font-size: x-large;">144- باب عيادة المريض</span><br /><span style="font-size: x-large;">[894] عن البَرَاءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أمَرَنَا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعِيَادَةِ الْمَريضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإجَابَةِ الدَّاعِي، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">عيادة المريض سنة مؤكدة. ومن آدابها أن لا يطيل الجلوس عنده، وينفس له في أجله، ويذكر له فضل الصبر، ويدعو له.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[895] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «حق المسلم على المسلم ست» . وزاد: «وإذا استنصحك. فانصح له» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[896] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللهَ - عز وجل - يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/533) </span><br /><span style="font-size: x-large;">تَعُدْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ؟! قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ! أمَا أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي!» . رواه مسلم</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: (لوجدتني عنده) ، أي: بالعلم كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ... [المجادلة (7) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «أما إنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي» ، أي: ثوابه، كما قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} [المزمل (20) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل أنَّ الحسنات لا تضيع، وأنها عند الله بمكان.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[897] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُودُوا المَريضَ، وَأطْعِمُوا الجَائِعَ، وَفُكُّوا العَانِي» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">«العاَنِي» : الأسيرُ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في " النهاية ": العاني: الأسير، وكل من ذل واستكان وخضع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[898] وعن ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ المُسْلِمَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/534) </span><br /><span style="font-size: x-large;">إِذَا عَادَ أخَاهُ المُسْلِمَ، لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ» . قِيلَ: يَا رَسولَ الله، وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل عيادة المريض، وثواب العائد، ولما كانت العيادة مفضية إلى مخارف الجنة سميت بها، والجنا: ما يجتني من الثمر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[899] وعن عليّ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِم يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوة إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِي، وَإنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">«الخَريفُ» : الثَّمرُ الْمَخْرُوفُ، أيْ: الْمُجْتَنَى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الصلاة من الملائكة: الاستغفار والدعاء، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم} [غافر (7، 8) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[900] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَرِضَ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أسْلِمْ» فَنَظَرَ إِلَى أبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ؟ فَقَالَ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ، فَأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْقَذَهُ منَ النَّارِ» رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز عيادة الكافر للمصلحة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: بركة صحبة الصالحين وظهور ثمرتها دنيا وأخرى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">145- باب مَا يُدعى به للمريض</span><br /><span style="font-size: x-large;">[901] عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اشْتَكى الإنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُصْبُعِهِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/535) </span><br /><span style="font-size: x-large;">هكَذا - وَوَضَعَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة الرَّاوي سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَها - وقال: «بِسمِ اللهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في بعض الروايات: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبل أصبعه ويضعها أعلى لأرض ليلتزق بها التراب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أن أول خلق الإِنسان من تراب، ثم من نطفة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[902] وعنها أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أهْلِهِ يَمْسَحُ بِيدِهِ اليُمْنَى، ويقولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أذْهِب البَأسَ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفاؤكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقماً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يغادر سقمًا» ، أي: لا يترك مرضًا. وفائدة التقييد به أنه قد يحول الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر متولد منه مثلاً، فكأنه يدعو بالشفاء المطلق، لا بمطلق الشفاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[903] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنه قَالَ لِثابِتٍ رحمه اللهُ: ألا أرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَأسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شَافِيَ إِلا أنْتَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقماً» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على جواز الرقية من كل الآلم، وأنه كان أمرًا فاشيًا معلومًا بينهم وأجمع العلماء على جواز الرقية إذا كانت بكلام الله تعالى، أو ... بأسمائه، أو بصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره. وسئل ابن عبد السلام </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/536) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عن الحروف المقطعة فمنع منها ما لا يعرف لئلا يكون كفرًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[904] وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قال: عَادَنِي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">كرر الدعاء - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمزيد الاهتمام والاعتناء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «إن الله يحب المُلحِّين في الدعاء» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[905] وعن أَبي عبدِ الله عثمان بنِ أَبي العاصِ - رضي الله عنه -: أنّه شَكَا إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعاً، يَجِدُهُ في جَسَدِهِ، فَقَالَ لَهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَألَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بسم اللهِ ثَلاثاً، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أعُوذُ بِعِزَّةِ الله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أجِدُ وَأُحَاذِرُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: تعوذ من مكروه ووجع، ومما يتوقع حصوله في المستقبل.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[906] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْهُ أجَلُهُ، فقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أسْأَلُ اللهَ العَظيمَ، رَبَّ العَرْشِ العَظيمِ، أنْ يَشْفِيَكَ، إِلا عَافَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن) ، وقال الحاكم: «حديث صحيح عَلَى شرط البخاري» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/537) </span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الدعاء للمريض بهذا الدعاء وتكريره سبع مرات.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الأجل إذا حضر لم يرده شيء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[907] وعنه: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَنْ يَعُودُهُ، قَالَ: «لا بَأسَ؛ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللهُ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">تمام الحديث: فقال الأعرابي: بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فنعم إذًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[908] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن جِبريلَ أتَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْتَكَيْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: بِسْمِ الله أرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِسمِ اللهِ أُرقِيكَ. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في الحديث: جواز الإِخبار بالمرض على طريق بيان الواقع من غير تضجر ولا تبرم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: تنبيه على أن الرقى لا ينبغي أن تكون إلا بأسماء الله وأوصافه وذكره، فببركة ذلك يرتفع ما يؤذن في رفعه من الضرر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[909] وعن أَبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنّه قَالَ: «مَنْ قَالَ: لا إلهَ إِلا اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، فَقَالَ: لا إلهَ إِلا أنَا وأنَا أكْبَرُ. وَإِذَا قَالَ: لا إلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ: يقول: لا إلهَ إلا أنَا وَحْدِي لا شَريكَ لِي. وَإِذَا قَالَ: لا إلهَ إِلا اللهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، قَالَ: لا إلهَ إِلا أنَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/538) </span><br /><span style="font-size: x-large;">لِيَ المُلْكُ وَلِيَ الحَمْدُ. وَإِذَا قَالَ: لا إله إِلا اللهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ، قَالَ: لا إلهَ إِلا أنَا وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بي» وَكَانَ يقُولُ: «مَنْ قَالَهَا في مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">معنى لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق في الوجود إلا الله وحده منفردًا في ذاته وأوصافه، لا شريك له في ربوبيته، وإلاهيته. ومعنى: لا حول ولا قوة إلا بالله، أي: لا حول عن المعاصي إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونة الله.</span><br /><span style="font-size: x-large;">146- باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله</span><br /><span style="font-size: x-large;">[910] عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ عليَّ بْنَ أَبي طالب - رضي الله عنه -، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فقالَ النَّاسُ: يَا أَبَا الحَسَنِ، كَيْفَ أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: أصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارئاً. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب السؤال عن حال المريض إذا عسر الوصول إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنه ينبغي لمن يُسأل عن حال المريض أن يجيب بما يشعر بخفة مرضه، وقرب عافيته.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فقال العباس: (والله إني لأرى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيتوفى من وجعه هذا، وإني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت ... ) الحديث.</span><br /><span style="font-size: x-large;">147- باب مَا يقوله مَن أيس من حياته</span><br /><span style="font-size: x-large;">[911] عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/539) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مُسْتَنِدٌ إلَيَّ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي، وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأَعْلَى» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: تنبيه على أن سؤال المغفرة والرحمة لا يغفل عنه المستيقظ خصوصًا في مثل هذه الحال، لأنها حالة الانتقال، وساعة الارتحال. وقد قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اعملوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله» . قالوا: ولا أنت يَا رسول الله. قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[912] وعنها قالت: رَأيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِالمَوْتِ، عِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، وَهُوَ يُدْخِلُ يَدَهُ في القَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بالماءِ، ثُمَّ يَقُولُ: ... «اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى غَمَرَاتِ المَوْتِ وَسَكَرَاتِ المَوْتِ» رواه الترمذي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب عدم الغفلة عن الذكر والدعاء في كل حال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">148- باب استحباب وصية أهل المريض</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر عَلَى مَا يشق من أمره</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أَوْ قصاص ونحوهما</span><br /><span style="font-size: x-large;">[913] عن عِمْران بن الحُصَيْنِ رضي الله عنهما: أنَّ أمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أتَت النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا رسول الله، أصَبْتُ حَدّاً فَأقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَّهَا، فَقَالَ: «أحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإذَا وَضَعَتْ فَأتِنِي بِهَا» فَفَعَلَ، فَأمَرَ بِهَا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أمَرَ بِهَا فَرُجِمَت، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. رواه مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/540) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الصلاة على المقتول حدًا، وإن الحد طهرة له من دنس الذنوب.</span><br /><span style="font-size: x-large;">149- باب جواز قول المريض: أنَا وجع، أَوْ شديد الوجع</span><br /><span style="font-size: x-large;">أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ وارأساه ونحو ذلك. وبيان أنَّه لا كراهة في ذلك</span><br /><span style="font-size: x-large;">إِذَا لَمْ يكن عَلَى وجه التسخط وإظهار الجزع</span><br /><span style="font-size: x-large;">[914] عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسسْتُهُ، فَقلتُ: إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعَكاً شَديداً، فَقَالَ: «أجَلْ، إنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز إخبار المريض لمن سأله بما يجده من الألم، وأنه كلما اشتد وجعه عظم أجره.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[915] وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءني رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فقلتُ: بَلَغَ بِي مَا تَرَى، وَأنَا ذُو مَالٍ، وَلا يَرِثُنِي إِلا ابْنَتِي.. وذَكر الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الشاهد من الحديث تقرير النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعدًا على قوله: (بلغ بي من الوجع ما ترى) ، ولو كان منهيًّا عنه لنهاه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[916] وعن القاسم بن محمد قَالَ: قالت عائشةُ رضي الله عنها: وَارَأسَاهُ! فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بَلْ أنَا، وَارَأسَاهُ!» ... وذكر الحديث. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز مثل ذلك إذا لم يكن على وجه التسخط والجزع. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/541) </span><br /><span style="font-size: x-large;">150- باب تلقين المحتضر: لا إله إِلا اللهُ</span><br /><span style="font-size: x-large;">[917] عن معاذ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ لا إلهَ إِلا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ» . رواه أَبُو داود والحاكم، وقال: (صحيح الإسناد) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل كلمة التوحيد، وأن من قالها عند موته دخل الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث علي بن أبي طالب: «من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله لم يدخل النار» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي حديث آخر: «من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدمت ما كان قبلها من الذنوب والخطايا» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[918] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إلهَ إِلا اللهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بتلقين المحتضر لا إله إلا الله. زاد ابن حبان من حديث أبي هريرة: «فإنه من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله دخل لجنة يومًا من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وينبغي أن يكون الملقن رفيقًا لئلا يضجره ولا يكرر عليه التلقين إلا أن يتكلم بعد ذلك فيعيد تلقينه برفق. ولا يجوز إشغاله بالوصية وهو في الموت كما يفعله الجهال؛ لأنَّ ذلك يشغله عن الشهادة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">151- باب مَا يقوله بعد تغميض الميت</span><br /><span style="font-size: x-large;">[919] عن أُم سلمة رضي الله عنها، قالت: دَخَلَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/542) </span><br /><span style="font-size: x-large;">عَلَى أَبي سَلَمة وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ، تَبِعَهُ البَصَرُ» فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أهْلِهِ، فَقَالَ: «لا تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إِلا بِخَيْرٍ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ يَؤمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» . ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَة، وَارْفَعْ دَرَجَتْهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب تغميض الميت لئلا يتشوه منظره، واستحباب الدعاء له، ووصية أهله بالصبر والدعاء له بالخير.</span><br /><span style="font-size: x-large;">152- باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت</span><br /><span style="font-size: x-large;">[920] عن أُم سَلَمة رضي اللهُ عنها قالت: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا حَضَرتُمُ المَرِيضَ أَو المَيِّتَ، فَقُولُوا خَيْراً، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» ، قالت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سلَمة أتَيْتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: يَا رسولَ الله، إنَّ أَبَا سَلَمَة قَدْ مَاتَ، قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبى حَسَنَةً» فقلتُ، فَأعْقَبنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ: مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه مسلم هكَذا: «إِذَا حَضَرتُمُ المَريضَ، أَو المَيِّتَ» ، عَلَى الشَّكِّ، ورواه أَبُو داود وغيره: «الميت» بلا شَكّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: البداءة بالنفس في الدعاء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: حصول ثمرة الامتثال.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[921] وعنها قالت: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ: إنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أُجِرْنِي في </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/543) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مُصِيبَتي وَاخْلفْ لِي خَيراً مِنْهَا، إِلا أَجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ وَأخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا» قالت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة قلتُ كَمَا أمَرَني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأخْلَفَ اللهُ لِي خَيْراً مِنْهُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إلا أجره الله» ، بفتح الهمزة من غير مد، وبمدها لغتان، أي: أثابه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[922] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: فمَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فيقولونَ: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فيقول اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">الإضافة في قوله تعالى: (عبدي) ، للتشريف جبرًا لما أصابه من المصيبة وتشريفًا له لصبره على أقضية ربه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[923] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يقولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤمِن عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْل الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلا الجَنَّةَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">صفيه: حبيبه من زوج، وولد، وقريب، وصديق.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[924] وعن أسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ إحْدى بَنَاتِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أنَّ صَبِيَّاً لَهَا - أَوْ ابْناً - في المَوْتِ فَقَالَ للرسول: «ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَأخْبِرْهَا أنَّ للهِ تَعَالَى مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأجَلٍ مُسَمّى، فَمُرْهَا، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» ... وذكر تمام الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/544) </span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الوصية بالصبر عند المصيبة قبل وجودها ليستعد لها.</span><br /><span style="font-size: x-large;">153- باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلا نياحة</span><br /><span style="font-size: x-large;">أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ وَسَيَأتِي فِيهَا بَابٌ فِي كِتابِ النَّهْيِ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأمَّا البُكَاءُ فَجَاءتْ أحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَأنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ، وَهِيَ مُتَأَوَّلَةٌ ومَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ أوْصَى بِهِ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَن البُكَاءِ الَّذِي فِيهِ نَدْبٌ، أَوْ نِيَاحَةٌ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أجمع العلماء على أنَّ البكاء الذي يعذب به هو مجرد النياحة لا مجرَّد دمع العين ونحوه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والدَّليلُ عَلَى جَوَازِ البُكَاءِ بِغَيْرِ نَدْبٍ وَلا نِياحَةٍ أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:</span><br /><span style="font-size: x-large;">[925] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاد سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَمَعَهُ عَبدُ الرَّحْمنِ بْنُ عَوفٍ، وَسَعدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنهم - فَبَكَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَوْا، فَقَالَ: «ألا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ الله لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَينِ، وَلا بِحُزنِ القَلبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا أَوْ يَرْحَمُ» وَأشَارَ إِلَى لِسَانِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على جواز البكاء، والحزن، وتحريم الندب، والنياحة والتسخط.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[926] وعن أُسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُفِعَ إِلَيْهِ ابنُ ابْنَتِهِ وَهُوَ فِي المَوتِ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ سَعدٌ: مَا هَذَا يَا رسولَ الله؟! قَالَ: «هذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى في </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/545) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قُلُوبِ ... عِبَادِهِ، وَإنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">سعد هذا هو ابن عبادة كما تقدم في الحديث في باب الصبر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[927] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهيمَ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَذْرِفَان. فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمنِ بن عَوف: وأنت يَا رسولَ الله؟! فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ» . ثُمَّ أتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقَالَ: «إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلب يَحْزنُ، وَلا نَقُولُ إِلا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ» . رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة، والله أعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فقال: يَا ابن عوف، إنها رحمة» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فقلت: يَا رسول الله، تبكي أو لم تنه عن البكاء! فقال: «إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت نغمة لهو ولعب. ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه، وشق جيوب. ورنة شيطان؛ إنما هذه رحمة، ومن لا يَرْحَم لا يُرْحَم» . قال ابن المنيِّر: فيه أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أن مثل هذا لا يدخل تحت القدرة، ولا يكلف العبد الانكفاف عنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">154- باب الكف عن مَا يُرى من الميت من مكروه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[928] عن أَبي رافع أسلم مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ أربَعِينَ مَرَّة» . رواه الحاكم، وقال: صحيح عَلَى شرط مسلم. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/546) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فكتم عليه» ، أي: ما رأى منه من تغير لون، أو تشويه صورة، أو نحو ذلك. ولأحمد من حديث عائشة مرفوعًا: «من غسل ميتًا فأدى فيه الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">155- باب الصلاة عَلَى الميت وتشييعه وحضور دفنه</span><br /><span style="font-size: x-large;">وكراهة اتباع النساء الجنائز</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَقَدْ سَبَقَ فَضْلُ التَّشْييعِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: في كتاب عيادة المريض في حديث البراء: «أمرنا بسبع إلى أن قال: واتباع الجنائز. وبقوله في حديث أبي هريرة: «حق المسلم على المسلم خمس: رد الإِسلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">[929] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، فَلَهُ قِيراطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ، فَلَهُ قِيرَاطَانِ» قِيلَ: وَمَا القِيرَاطانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في حديث للطبراني: «من تبع جنازة كتب له ثلاثة قراريط» . قال في «فتح الباري» : الإشارة بهذا المقدار إلى الأجر المتعلق بالميت في تجهيزه، وغسله، وجميع ما يتعلقق به: فللمصلي عليه قيراط من ذلك، ولمن شهد الدفن قيراط. وذكر القيراط تقريبًا للفهم، وفي حديث واثلة بن عدي: ... «كتب له قيراطان من أجر أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد» . </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/547) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[930] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إيماناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّهُ يَرْجعُ مِنَ الأَجْرِ بِقيراطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقيرَاطٍ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «إيمانًا واحتسابًا» ، أي: تصديقًا بالوعد واحتسابًا للأجر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[931] وعن أم عطية رضي الله عنها، قالت: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومعناه: وَلَمْ يُشَدَّدْ في النَّهْيِ كَمَا يُشَدَّدُ في المُحَرَّمَاتِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قولها: (نهينا) ، أي: نهانا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والمراد جماعة النساء.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: ظاهر سياق حديث أم عطية أن النهي نهي تنزيه، وبه قال جمهور أهل العلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">156- باب استحباب تكثير المصلين عَلَى الجنازة</span><br /><span style="font-size: x-large;">وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[932] عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مَيتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِئَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلا شُفِّعُوا فِيهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[933] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيقومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/548) </span><br /><span style="font-size: x-large;">رَجُلاً لا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئاً، إِلا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">لا مخالفة بين هذا الحديث والذي قبله، لأن مفهوم العدد غير حجة على الصحيح، أو أن الله أخبره بما جاء فيمن صلَّى عليه مئة ثم زاد الفضل من الله تعالى بحصول مثل ذلك فيمن صلَّى عليه أربعون فأخبر به، والله أعلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[934] وعن مرثدِ بن عبدِ الله اليَزَنِيِّ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بن هُبَيْرَة - رضي الله عنه - إِذَا صَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ، فَتَقَالَّ النَّاس عَلَيْهَا، جَزَّأَهُمْ عَلَيْهَا ثَلاَثَةَ أجْزَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ ... أوْجَبَ» رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فقد أوجب» ، أي: وجبت له الجنة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">157- باب مَا يقرأ في صلاة الجنازة</span><br /><span style="font-size: x-large;">يُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكبِيرَاتٍ، يَتَعوَّذُ بَعْدَ الأُولَى، ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الكِتَابِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَالأفْضَلُ أنْ يُتَمِّمَهُ بقوله: كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبرَاهِيمَ - إِلَى قَوْله - إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَلا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلهُ كَثيرٌ مِنَ العَوامِّ مِنْ قراءتِهِمْ: {إنَّ اللهَ وَمَلائِكَته يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ} [الأحزاب (56) ] الآية، فَإنَّهُ لا تَصحُّ صَلاَتُهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّالِثَةَ، وَيَدعُو للمَيِّتِ وَللمُسْلِمِينَ بِمَا سَنَذكُرُهُ مِنَ الأحاديث إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيَدْعُو. وَمِنْ أحْسَنِهِ: «اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أجْرَهُ، وَلا تَفْتِنَّا بَعدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ» . وَالمُخْتَارُ أنه يُطَوِّلُ الدُّعاء في الرَّابِعَة خلافَ مَا يَعْتَادُهُ أكْثَرُ النَّاس، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/549) </span><br /><span style="font-size: x-large;">لحديث ابن أَبي أَوْفى الذي سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاء اللهُ تَعَالَى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الدعاء بعد الرابعة جائز.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال في الإنصاف» : ظاهر كلام المصنف أنه لا يدعو بشيء بعد الرابعة وهو صحيح، وإنما يقف قليلاً بعدها ليكبر آخر الصفوف، وهذا المذهب نقله الجماعة، وعنه: يقف ويدعو، اختاره أبو بكر وغيره. قال في «مجمع البحرين» : هذا أظهر الروايتين، وعنه: يخلص الدعاء للميت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فَأمَّا الأَدْعِيَةُ المَأثُورَةُ بَعْدَ التَّكبِيرَةِ الثالثة، فمنها:</span><br /><span style="font-size: x-large;">[935] عن أَبي عبد الرحمن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: صَلَّى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَنازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ، وَهُوَ يقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّه مِن الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَس، وَأبدلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأهْلاً خَيراً مِنْ أهْلِهِ، وَزَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأدْخِلهُ الجَنَّةَ، وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمنْ عَذَابِ النَّارِ» حَتَّى تَمَنَّيتُ أن أكُون أنَا ذَلِكَ الْمَيِّت. رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الدعاء للميت، وجواز الجهر به ولو سمعه من يليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[936] وعن أَبي هريرة وأبي قتادة وَأبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه - وأبوه صَحَابيٌّ - رضي الله عنهم - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرنَا وَكَبيرنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وشَاهِدنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأحْيِهِ عَلَى الإسْلاَمِ، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/550) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوفَّهُ عَلَى الإيمَان، اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أجْرَهُ، وَلا تَفْتِنَّا بَعدَهُ» . رواه الترمذي من رواية أَبي هريرة والأشهلي. ورواه أَبُو داود من رواية أَبي هريرة وأبي قتادة. قَالَ الحاكم: «حديث أَبي هريرة صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم» ، قَالَ الترمذي: «قَالَ البخاري: أجمع رواياتِ هَذَا الحديث رواية الأشْهَلِيِّ، قَالَ البخاري: وأصح شيء في هَذَا الباب حديث عَوْفِ بن مَالِكٍ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز الدعاء لعامة المسلمين في الصلاة على الميت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[937] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ، فَأخْلِصُوا لَهُ الدُّعاء» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال العلقمي: إخلاص الدعاء للميت أن يدعى له بخصوصه، وإن كان طفلاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[938] وعنه عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصَّلاَةِ عَلَى الجَنَازَةِ: «اللَّهُمَّ أنْتَ رَبُّهَا، وَأنْتَ خَلَقْتَهَا، وَأنتَ هَدَيْتَهَا للإسْلاَمِ، وَأنتَ قَبَضْتَ رُوحَهَا، وَأنْتَ أعْلَمُ بِسرِّهَا وَعَلاَنِيَتِهَا، جِئنَا شُفَعَاءَ لَهُ، فَاغْفِرْ لَهُ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[939] وعن وَاثِلَة بنِ الأَسْقَعِ - رضي الله عنه - قال: صَلَّى بِنَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلانٍ في ذِمَتِّكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ، وَعذَابَ النَّار، </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/551) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَأنْتَ أهْلُ الوَفَاءِ وَالحَمْدِ؛ اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحيمُ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: الحبل: العهد والأمان والذمة، أي هو في كنف حفظك.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[940] وعن عبدِ الله بنِ أبي أَوْفى رضي الله عنهما: أنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةِ ابْنَةٍ لَهُ أرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، فَقَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ كَقَدْرِ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَسْتَغْفِرُ لَهَا وَيَدْعُو، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رسول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ هكَذَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: كَبَّرَ أرْبَعاً فَمَكَثَ سَاعَةً حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُكَبِّرُ خَمْساً، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: ... إنِّي لا أزيدُكُمْ عَلَى مَا رأيْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ، أَوْ: هكَذَا صَنَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه الحاكم، وقال: «حديث صحيح» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">يؤخذ من هذا الحديث: استحباب الدعاء للميت بعد الرابعة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «ثم سلم عن يمينه وعن شماله» ، قال في «الإنصاف» : الصحيح من المذهب وجوب التسليمة الأولى، وعليه الأصحاب. وعنه: ثنتان، وهي من المفردات. انتهى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">والراجح وجوب الأولى وجواز الثانية.</span><br /><span style="font-size: x-large;">158- باب الإسراع بالجنازة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[941] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أسْرِعُوا بالجَنَازَةِ، فَإنْ تَكُ صَالِحَةً، فَخَيرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/552) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لمسلمٍ: «فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">المراد: الإسراع فوق المشي المعتاد، ودون الخبب، وأن لا يشق على من تبعها ولا يحرك الميت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[942] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كَانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقُولُ: «إِذَا وُضِعَت الجَنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أعنَاقِهمْ، فَإنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قالتْ: قَدِّمُونِي، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ لأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلا الإنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإنسَانُ لَصَعِقَ» . رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «قالت لأهلها: يَا ويلها» ، الويل: كلمة تقال عند العذاب أو خوفه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال النووي: هذا من حسن الآداب والتصرفات وهو أن من حكى قول غيره القبيح أتى بضمير الغيبة لقبح صورة اللفظ الواقع.</span><br /><span style="font-size: x-large;">159- باب تعجيل قضاء الدَّين عن الميت</span><br /><span style="font-size: x-large;">والمبادرة إِلَى تجهيزه إلا أن يموت فجأة فيترك حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُه</span><br /><span style="font-size: x-large;">[943] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضى عَنْهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على الإسراع بقضاء الدين عن الميت.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[944] وعن حُصَيْنِ بن وَحْوَحٍ - رضي الله عنه - أنَّ طَلْحَةَ بْنَ البَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنهما مَرِضَ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ، فَقَالَ: «إنِّي لا أرى طَلْحَةَ إِلا قَدْ حَدَثَ فِيهِ المَوْتُ، فآذِنُوني بِهِ وَعَجِّلُوا بِهِ، فَإنَّهُ لا يَنْبَغِي لجِيفَةِ </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/553) </span><br /><span style="font-size: x-large;">مُسْلِمٍ أنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانِيْ أهْلِهِ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بالمبادرة إلى تجهيز الميت. وروي أنه توفي ليلاً فقال: ادفنوني ليلاً. والحقوني بربي ولا تدعو رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإني أخاف عليه من اليهود أن يصاب في سببي. فأخبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أصبح فجاء حتى وقف على قبره وصف الناس معه ثم رفع يديه. وقال: «اللهم ألق طلحة وأنت تضحك إليه، وهو يضحك إليك» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">160- باب الموعظة عند القبر</span><br /><span style="font-size: x-large;">[945] عن عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ في بَقيعِ الغَرْقَدِ، فَأتَانَا ... رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَعَدَ، وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إِلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ» . فقالوا: يَا رسولَ الله، أفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابنَا؟ فَقَالَ: «اعْمَلُوا؛ فكلٌّ مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ... » وذكَر تَمَامَ الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الموعظة: هي التذكير بعذاب الله الزاجر عن مخالفته، وبثوابه الباعث على طاعته تعالى. والمخصرة: عصا ذات رأس معوج.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قوله: «فنكس» بتخفيف الكاف وتشديدها، أي: طأطأ رأسه، وذلك يكون عند التفكر والتدبر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب الموعظة عند القبر لأن رؤية الميت، وذكر الموت يرقق القلب، ويذهب غلظته. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/554) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الإيمان بالقدر.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن كلاً ميسر لما خلق له، من سعادة أو شقاوة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفيه: الأمر بالعمل وعدم الاتكال على الكتاب السابق، ولهذا لما قالوا: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة» . ثم قرأ: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل (5، 10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">161- باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره</span><br /><span style="font-size: x-large;">ساعة للدعاء لَهُ والاستغفار والقراءة</span><br /><span style="font-size: x-large;">[946] وعن أَبي عمرو - وقيل: أَبُو عبد الله، وقيل: أَبُو ليلى - عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: كَانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا فُرِغَ مِن دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وقال: «اسْتَغْفِرُوا لأخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإنَّهُ الآنَ يُسألُ» . رواه أَبُو داود.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: مشروعية الدعاء للميت بعد دفنه بالتثبيت؛ لأنه يُسأل حينئذٍ عن ربه ودينه ونبيه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[947] وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: إِذَا دَفَنْتُمُونِي، فَأقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي. رواه مسلم. وَقَدْ سبق بطوله. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/555) </span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَيُسْتَحَبُّ أنْ يُقْرَأ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ، وَإنْ خَتَمُوا القُرآنَ عِنْدَهُ كَانَ حَسَنَاً.</span><br /><span style="font-size: x-large;">يشرع الوقوف عند قبر الميت بعد دفنه والدعاء له بالتثبيت. ويباح التلقين، وتركه أولى. وأما القراءة فلا بأس بها عند القبر، والأولى تركها اقتداءً بالسلف الأول، والأحاديث في ذلك ضعيفة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">162- باب الصدقة عن الميت والدعاء لَهُ</span><br /><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ} [الحشر (10) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة. ثم ذكر أنهم يدعون لأنفسهم ولمن سبقهم يقولون {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا} ، أي: غشًّا وحسدًا وبغضًا. واستدل المصنف بهذه الآية على طلب الدعاء للميت، ويُقاس به الصدقة عنه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/556) </span><br /><span style="font-size: x-large;">[948] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلاً قَالَ للنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أن الصدقة عن الميت يصل أجرها إليه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[949] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جَاريَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . رواه مسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أن عمل ابن آدم ينقطع بعد الموت، لقوله تعالى {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم (39) ] .</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن تبعه أن القراءة لا يصل إهداؤها، إلى الموتى لأنه ليس من عملهم، ولا كسبهم.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وأما حديث: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث» ، فهي في الحقيقة من سعيه وكده وعمله. انتهى ملخصًا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">163- باب ثناء الناس عَلَى الميت</span><br /><span style="font-size: x-large;">[950] عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْراً فَقَالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَجَبَتْ» . ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى، فَأثْنَوْا عَلَيْهَا شَرّاً، فَقَالَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَجَبَتْ» . فَقَالَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: مَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/557) </span><br /><span style="font-size: x-large;">وَجَبَت؟ فَقَالَ: «هَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً، فَوَجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ، وهَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرّاً، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّار، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرضِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">النهي عن ذكر مساوي الموتى في غير الكافر، والمنافق، والمتجاهر بالفسق للتحريم، فانطلاق الألسنة بالثناء الحسن من المؤمنين علامة على صلاح العبد، وانطلاق الألسنة بالثناء القبيح علامة على فساده.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[951] وعن أَبي الأسْوَدِ الديلي، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّاب - رضي الله عنه - فَمَرَّتْ بِهمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْراً، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بَأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْراً، فَقَالَ عُمرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرّاً، فَقَالَ عُمر: وَجَبَتْ، قَالَ أَبُو الأسودِ: فقلتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أمْيرَ المُؤمِنينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كما قَالَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أرْبَعَةٌ بِخَيرٍ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ» فقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ؟ قَالَ: «وَثَلاثَةٌ» فقلنا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: «وَاثْنَانِ» . ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَن الواحِدِ. رواه البخاري.</span><br /><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل الثناء على الميت بخير، إذا كان يعلم ذلك منه، وعند أحمد: «ما من مسلم تشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال الله تعالى: قد قبلت علمهم فيه. وغفرت له ما لا يعلمون» .</span><br /><span style="font-size: x-large;">164- باب فضل من مات لَهُ أولاد صغار</span><br /><span style="font-size: x-large;">[952] عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ لَمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ إِلا أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/558) </span><br /><span style="font-size: x-large;">الحنث: الحلم، وعبر بالحنث عن البلوغ، لأن الإنسان يؤاخذ بما يرتكبه فيه، وخص الصغير بذلك، لأن الشفقة عليه أعظم، والحب له أشد، والرحمة له أكثر، فإن البالغ يتصور منه العقوق المقتضي لعدم الرحمة، وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[953] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لا تَمسُّهُ النَّارُ إِلا تَحِلَّةَ القَسَمِ» . متفقٌ ... عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وَ «تَحِلَّةُ القَسَمِ» قول الله تَعَالَى: {وَإنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} وَالوُرُودُ: هُوَ العُبُورُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ، عَافَانَا اللهُ مِنْهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: معناه لا يدخل النار ليعاقب بها، ولكنه يدخل مجتازًا، ويكون ذلك الجواز بقدر ما يحلل به الرجل يمينه.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عند الطبراني: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل» . يعني الجواز على الصراط.</span><br /><span style="font-size: x-large;">[954] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءتِ امْرأةٌ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رسولَ الله، ذَهبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نَأتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، قَالَ: «اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا» فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأةٍ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنَ الوَلَدِ إِلا كَانُوا لَهَا </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/559) </span><br /><span style="font-size: x-large;">حِجَاباً مِنَ النَّارِ» . فقالتِ امْرَأةٌ: وَاثْنَينِ؟ فَقَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاثْنَيْنِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">الولد يشمل الذكر والأنثى، والكبير والصغير، وخُصت الثلاثة بالذكر لأنها أول مراتب الكثرة، والحديث يتناول ما فوق الثلاثة بالأولى.</span><br /><span style="font-size: x-large;">165- باب البكاء والخوف عِنْدَ المرور بقبور الظالمين</span><br /><span style="font-size: x-large;">ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى</span><br /><span style="font-size: x-large;">والتحذير من الغفلة عن ذلك</span><br /><span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: #04ff00;">[955] </span>عن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لأصْحَابِهِ - يعْني لَمَّا وَصَلُوا الحِجْرَ - دِيَارَ ثَمُودَ -: «لا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لا يُصِيبُكُمْ مَا أصَابَهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالحِجْرِ، قَالَ: «لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، أنْ يُصِيبَكُمْ مَا أصَابَهُمْ، إِلا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ» ثُمَّ قَنَّع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأسَهُ وأسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أجَازَ الوَادِي.</span><br /><span style="font-size: x-large;">أي: لا تدخلوها إلا حال الاعتبار الباعث على البكاء لا على سبيل التفرج خشية أن يصيبكم ما أصابهم من إهمال أمر الله فيحل بكم عقابه. </span><br /><span style="font-size: x-large;">(1/560) </span><br /><span style="font-size: x-large;">======== </span></span></span></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-35802479483064668672022-04-17T00:23:00.004-07:002022-04-17T00:23:48.075-07:00تطريز رياض الصالحينمن {كتاب آداب الطعام} حتي اخر كتاب {كتاب اللباس} يعني من {[728] الي [813] }<span style="font-family: Aref Ruqaa;"><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span><br /></span><div style="text-align: justify;"><span style="font-family: Aref Ruqaa;"><span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: #ffa400;">كتاب آداب الطعام</span><br />100- باب التسمية في أوله والحمد في آخره<br /><span style="background-color: #e69138;">[728]</span> وعن عُمَرَ بنِ أبي سَلمة رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَليكَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />فيه: الأمر بالتسمية عند الأكل، والأكل باليمين، ومن الجانب الذي يليه.<br />[729] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، فإنْ نَسِيَ أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى في أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بسم اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />فيه: أن من نسي التسمية عند أول الطعام أنه يقول إذا ذكر: بسم الله أوله وآخره.<br />[730] وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ لأَصْحَابِهِ: لا مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ؛ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أدْرَكْتُم المَبيتَ وَالعَشَاءَ» . رواه مسلم <br />(1/467) <br />فيه: أن الذكر يطرد الشيطان، فإن الشيطان يشارك الإنسان في كل شيء، قال لله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الإسراء (64) ] .<br />[731] وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَاماً، لَمْ نَضَعْ أيدِينَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَاماً، فَجَاءتْ جَارِيَةٌ كَأنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا في الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيّ كأنَّمَا يُدْفَعُ، فَأخَذَ بِيَدهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسمُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإنَّهُ جَاءَ بهذِهِ الجارية لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بهذا الأعرَابيّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأخذْتُ بِيَدِهِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّ يَدَهُ في يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا» ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى وَأكَلَ. رواه مسلم.<br />في هذا الحديث: التأدب مع الرئيس، وتعليم الجاهل والأخذ على يده.<br />[732] وعن أُمَيَّةَ بن مَخْشِيٍّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسَاً، وَرَجُلٌ يَأكُلُ، فَلَمْ يُسَمِّ اللهَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلا لُقْمَةٌ، فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ، قَالَ: بِسْمِ اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَضَحِكَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: «مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسمَ اللهِ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ» . رواه أَبُو داود والنسائي.<br />فيه: أن من لم يسم أكل معه الشيطان، فإذا سمى قاء الشيطان ما أكله.<br />[733] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأكُلُ طَعَاماً في سِتَّةٍ مِنْ أصْحَابِهِ، فَجَاءَ أعْرَابِيٌّ، فَأكَلَهُ بلُقْمَتَيْنِ. فَقَالَ ... <br />(1/468) <br />رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أما إنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />فيه: أنه إذا لم يسم على الطعام نزعت منه البركة.<br />[734] وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ، قال: ... «الْحَمْدُ للهِ كَثِيراً طَيِّباً مُبَاركَاً فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلا مُوَدَّعٍ، وَلا مُسْتَغْنَىً عَنْهُ رَبَّنَا» . رواه البخاري.<br />معنى: «غير مَكْفِيٍّ» : أنه يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، ومعنى: «ولا مستغنى عنه» : أن كل خلقه محتاجون إليه كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر (15) ] .<br />قال الخطابي: المراد بهذا الدعاء كله الباري سبحانه وتعالى، والضمير يعود إليه. وقال صاحب " المطالع ": الضمير يعود على الطعام: قال الحربي: المكفي الإناء المقلوب للاستغناء عنه.<br />[735] وعن معاذِ بن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أكَلَ طَعَامَاً، فَقال: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أطْعَمَنِي هَذَا الطعام، وَرَزَقنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .<br />قوله: «من غير حول مني» ، أي: حيلة، ولا قوة، قيل: (أشار به إلى طريقي التحصيل للطعام، فإن القوي يحصله ظاهرًا بقوته، والضعيف بحيلته. فأشار به إلى أن حصول ذلك بمحض الفضل من الله تعالى. ورواه أحمد بزيادة: « <br />(1/469) <br />ومن لبس ثوبًا فقال: الحمد الله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقد من ذنبه وما تأخر» .<br />101- باب لا يَعيبُ الطّعام واستحباب مَدحه<br />[736] وعن أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: مَا عَابَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامَاً قَطُّ، إن اشْتَهَاهُ أكَلَهُ، وَإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />في تعييب الطعام كسر لقلب صاحبه، وفي مدحه الثناء على الله سبحانه وتعالى وجبر لقلب صاحبه.<br />[737] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ أهْلَهُ الأُدْمَ، فقالوا: مَا عِنْدَنَا إِلا خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ، ويقول: «نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ، نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ» . رواه مسلم.<br />في هذا الحديث: مدح التأدم بالخل. قال في القاموس: الخل ما حمض من عصير العنب وغيره نافع للمعدة، واللثة، والقروح الخبيثة، والحكة، ونهش الهوام، وأكل الأفيون، وحرق النار وأوجاع الأسنان وبخار حاره للاستقساء وعسر السمع والدوي والطنين.<br />102- باب مَا يقوله من حضر الطعام<br />وهو صائم إِذَا لَمْ يفطر<br />[738] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإنْ كَانَ صَائِماً فَلْيُصَلِّ، وَإنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ» . رواه مسلم. <br />(1/470) <br />قَالَ العلماءُ: معنى «فَلْيُصَلِّ» : فَلْيَدْعُ، ومعنى «فَلْيطْعَمْ» : فَلْيَأْكُلْ.<br />المراد بالصوم هنا صيام التطوع.<br />وفي الحديث: الأمر بإجابة الداعي، واستحباب الأكل والإفطار، إن جبر قلب الداعي.<br />103- باب مَا يقوله من دُعي إِلَى طعام فتبعه غيره<br />[739] عن أَبي مسعود البَدْريِّ - رضي الله عنه - قال: دعا رَجُلٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَعَامٍ صَنعَهُ لَهُ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَلَمَّا بَلَغَ البَابَ، قَالَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ هَذَا تَبِعَنَا، فَإنْ شِئْتَ أنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإنْ شِئْتَ رَجَعَ» . قَالَ: لا، بل آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ الله. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />قال الشارح: هذا لا يخالف ما جاء في حديث آخر من اتباعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنسًا رضي الله عنه لما دعاه الخياط للضيافة، لأن هذا محمول على ما إذا لم يعلم برضا رب المنزل فبخلاف ما إذا كان واثقًا برضاه.<br />104- باب الأكل مِمَّا يليه<br />ووعظه وتأديبه من يسيء أكله<br />[740] عن عمر بن أَبي سَلمَة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ غُلاماً في حِجْرِ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لي رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ تَعَالَى، وَكُلْ بِيَمينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />قَوْله: «تَطِيشُ» بكسرِ الطاء وبعدها ياءٌ مثناة من تَحْت، معناه: تتحرك وتمتد إِلَى نَوَاحِي الصَّحْفَةِ.<br />في هذا الحديث: آداب الأكل والأمر بالأكل مما يليه إذا كان لونًا واحدًا. <br />(1/471) <br />[741] وعن سلمةَ بن الأَكْوَع - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لا أسْتَطِيعُ. قَالَ: «لا اسْتَطَعْتَ» ! مَا مَنَعَهُ إِلا الكِبْرُ! فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. رواه مسلم.<br />دعا عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رأى من عناده وكبره عن الانقياد للحق.<br />105- باب النّهي عن القِرَانِ بين تمرتين ونحوهما<br />إِذَا أكل جماعة إِلا بإذن رفقته<br />[742] عن جَبَلَة بن سُحَيْم، قَالَ: أصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ مَعَ ابن الزُّبَيْرِ؛ فَرُزِقْنَا تَمْراً، وَكَانَ عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما يَمُرُّ بنا ونحن نَأكُلُ، فَيقُولُ: لا تُقَارِنُوا، فإنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عنِ الاقرَانِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِلا أنْ يَسْتَأذِنَ الرَّجُلُ أخَاهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />قال العلماء: إن كان يعلم رضا الشركاء بقرنه بينهما جاز مع الكراهة والنهي عن القرآن من حسن الأدب في الأكل.<br />قوله: (نهى عن الإقران) : قال ابن الأثير: كذا روي، والأصل القران.<br />106- باب مَا يقوله ويفعله من يأكل وَلا يشبع<br />[743] عن وَحْشِيِّ بن حرب - رضي الله عنه - أنَّ أصحابَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالوا: يَا رسولَ اللهِ، إنَّا نَأكُلُ وَلا نَشْبَعُ؟ قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ» قالوا: نَعَمْ. قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» رواه أَبُو داود.<br />فيه: أنَّ البركة تنزل مع الجماعة. زاد الطبراني من حديث ابن عمر: «فإن <br />(1/472) <br />طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة» .<br />107- باب الأمر بالأكل من جانب القصعة<br />والنهي عن الأكل من وسطها<br />فِيهِ: قَوْله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» . متفق عَلَيْهِ كما سبق.<br />[744] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «البَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطعَامِ؛ فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ، وَلا تَأكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />قال الشافعي: فإن أكل مما يملي غيره أو من رأس الطعام أثم بالفعل الذي فعله، إذا كان عالمًا بنهي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.<br />[745] وعن عبد الله بن بُسْرٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَ للنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْعَةٌ يُقَالُ لَهَا: الغَرَّاءُ يَحْمِلُهَا أرْبَعَةُ رجالٍ؛ فَلَمَّا أضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ؛ يعني وَقَدْ ثُردَ فِيهَا، فَالتَفُّوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرُوا جَثَا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ أعرابيٌّ: مَا هذِهِ الجِلْسَةُ؟ قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللهَ جَعَلَنِي عَبْداً كَريماً، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً عَنِيداً» ، ثُمَّ قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا، وَدَعُوا ذِرْوَتَها يُبَارَكْ فِيه» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيد.<br />«ذِرْوَتها» : أعْلاَهَا بكسر الذال وضمها.<br />قوله: (الغراء) : قال المنذر: سميت غراء لبياضها بالألية والشحم، أو لبياض برها، أو لبياضها باللبن. وقال غيره: سميت بذلك لنفاسة ما فيها، <br />(1/473) <br />أو لكثرة ما تسعه. وروى أحمد من حديث ابن بسر قال: كان للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جفنة لها أربع حلق.<br />وقوله: (جثًا) أي: قعد على ركبتيه جالسًا على ظهور قدميه.<br />وفيه: استحباب هذه الجلسة عند ضيق المجلس وأن الأكل من الجوانب مع ذكر الله تعالى سبب لحصول البركة.<br />108- باب كراهية الأكل متكئاً<br />[746] عن أَبي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا آكُلُ مُتَّكِئاً» رواه البخاري.<br />قَالَ الخَطَّابِيُّ: المُتَّكئُ هُنَا: هُوَ الجالِسُ مُعْتَمِداً عَلَى وِطَاءٍ تحته، قَالَ: وأرادَ أنَّهُ لا يَقْعُدُ عَلَى الوِطَاءِ وَالوَسَائِدِ كَفِعْل مَنْ يُريدُ الإكْثَارَ مِنَ الطَّعَام، بل يَقْعُدُ مُسْتَوفِزاً لا مُسْتَوطِئاً، وَيَأكُلُ بُلْغَةً. هَذَا كلامُ الخَطَّابيِّ، وأشارَ غَيْرُهُ إِلَى أنَّ الْمُتَّكِئَ هُوَ المائِلُ عَلَى جَنْبِه، والله أعلم.<br />كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يأكل متربعًا، ولا على جنب، فأما الأكل متكئًا على جنب فهو فعل أهل الكبر وهو مكروه، والأكل متربعًا جائز.<br />[747] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: رَأَيْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِساً مُقْعِياً يَأكُلُ تَمْراً. رواه مسلم.<br />«المُقْعِي» : هُوَ الَّذِي يُلْصِقُ أَلْيَتَيْهِ بالأرض، وَيَنْصِبُ سَاقَيْهِ.<br />الإقعاء: هنا الاحتباء. <br />(1/474) <br />وفيه: تواضعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غاية التواضع.<br />109- باب استحباب الأكل بثلاث أصابع<br />واستحباب لعق الأصابع، وكراهة مسحها قبل لعقها<br />واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة الَّتي تسقط منه وأكلها<br />وجواز مسحها بعد اللعق بالكف والقدم وغيرهما<br />يستحب لعق الأصابع بعد فراغه من الأكل. وأما لعقها في أثناء الأكل فمكروه؛ لأنه يعيدها إلى الطعام وعليها أثر ريقه.<br />[748] عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ... «إِذَا أكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً، فَلا يَمْسَحْ أَصَابِعَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَها» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />أي: يلعقها هو، أو يلعقها أهله، أو ولده، أو خادمه ومن لا يستقذر منه. قال الخطابي: عاب قوم أفسد عقلهم الطرفه، فزعموا أن لعق الأصابع مستقبح.<br />[749] وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأكُلُ بثَلاَثِ أصابعَ، فإذا فَرَغَ لَعِقَهَا. رواه مسلم.<br />يستحب الأكل بثلاث أصابع إذا كان الطعام غير مائع. وما ورد أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكل بخمس فمحمول على بيان الجواز.<br />[750] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: «إنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ» . رواه مسلم <br />(1/475) <br />قيل: أن البركة هنا والله أعلم ما يحصل به التغذية، وتسلم عاقبته من أذى. ويقوي على الطاعة وغير ذلك. وقد تكون العلة هنا أن لا يتهاون بقليل الطعام أي الباقي في آخر القصعة، أو الساقط.<br />[751] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ، فَلْيأخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَان، وَلا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيل حَتَّى يَلْعَقَ أصَابِعَهُ، فَإنَّهُ لا يَدْري في أيِّ طَعَامِهِ البَرَكَةُ» . رواه مسلم.<br />في الحديث: استحباب إماطة التراب ونحوه عن اللقمة إذا سقطت، وأكلها تحرصًا على البركة، وحملاً للنفس على التواضع ومعاملة للشيطان بنقيض قصده.<br />[752] وعنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فإذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأخُذْهَا فَليُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا وَلا يَدَعْهَا للشَّيْطَانِ، فإذا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أصابِعَهُ، فإنَّهُ لا يَدْري في أيِّ طعامِهِ البَرَكَةُ» . رواه مسلم.<br />فيه: التحذير من الشيطان، والتنبيه على ملازمته الإنسان في سائر تصرفاته، فينبغي أن يتأهب ويحترز منه ولا يغتر بما يزينه له ليلهيه عن ذكر الله تعالى.<br />[753] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أكَلَ طَعَاماً، لَعِقَ أصَابِعَهُ الثَّلاَثَ، وقال: «إِذَا سقَطَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ <br />(1/476) <br />فَلْيُمِطْ عنها الأذى، وَليَأكُلْهَا، وَلا يَدَعْها لِلْشَّيْطَان» وأمَرَنا أن نَسْلُتَ القَصْعَةَ، وقال: ... «إنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ» . رواه مسلم.<br />قوله: (لعق أصابعه الثلاث) ، أي: إذا اقتصر بالأكل عليها كما هو غالب أكله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما إذا أكل بالخمس فيلعق الجميع.<br />[754] وعن سعيد بنِ الحارث: أنّه سأل جابراً - رضي الله عنه - عنِ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، فَقَالَ: لا، قَدْ كُنَّا زَمَنَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ من الطَّعامِ إِلا قليلاً، فإذا نَحْنُ وجَدْنَاهُ، لَمْ يَكُنْ لنا مَنَادِيلُ إِلا أكُفَّنا، وسَواعِدَنَا، وأقْدامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّي وَلا نَتَوَضَّأُ. رواه البخاري.<br />في الحديث: دليل على عدم وجوب الوضوء من أكل ما مسته النار بطبخ ونحوه، وجواز مسح وَضَرِ الطعام بعد اللعق بأطراف البدن.<br />110- باب تكثير الأيدي عَلَى الطعام<br />[755] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «طَعَامُ الاثنينِ كافِي الثلاثةِ، وطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كافي الأربعة» . متفق عَلَيْهِ.<br />المراد بهذا الحديث: الحض على المكارمة، والتقنع بالكفاية.<br />وفيه: استحباب الاجتماع على الطعام وإن الجمع كلما كثر زادت البركة. وعند الطبراني: «كلوا جميعًا ولا تفرقوا، طعام الواحد يكفي الاثنين» .<br />[756] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - <br />(1/477) <br />يقول: «طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ» . رواه مسلم.<br />يعني إذا اجتمعوا كفاهم. وعند الطبراني عن ابن عمر بلفظ «طعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية، فاجتمعوا عليه ولا تفرقوا» .<br />111- باب آداب الشرب واستحباب التنفس ثلاثاً<br />خارج الإناء وكراهة التَّنَفُّس في الإناء واستحباب إدارة<br />الإناء عَلَى الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ<br />[757] عن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَنَفَّسُ في الشَّرابِ ثَلاثاً. متفق عَلَيْهِ.<br />يعني: يتنفس خارجَ الإناءِ.<br />فيه: استحباب التنفس في الشراب ثلاثًا، ويجوز بنفس واحد كما ورد في بعض الرويات.<br />[758] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَشْرَبُوا وَاحِداً كَشُرْبِ البَعِيرِ، وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلاَثَ، وَسَمُّوا إِذَا أنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أنْتُمْ رَفَعْتُمْ» . رواه الترمذي، وقال: ... (حَدِيثٌ حسن) .<br />النهي عن الشرب من نفس واحد للتنزيه. قال عمر بن عبد العزيز: إنما نهي عن التنفس داخل الإناء. أما من لم يتنفس فإن شاء فليشرب بنفسٍ واحد.<br />وفي الحديث: الأمر بالتسمية عند الشراب، والحمد عند الفراغ. <br />(1/478) <br />[759] وعن أَبي قَتَادَة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أنْ يُتَنَفَّسَ في الإناءِ. متفق عَلَيْهِ.<br />يعني: يتنفس في نفس الإناءِ.<br />النهي عن التنفس في الشرب كالنهي عن النفخ في الطعام والشراب لئلا يتقذر به من البزاق أو أثر رائحة كريهة تعلق بالماء.<br />[760] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بماءٍ، وَعَنْ يَمِينهِ أعْرَابيٌّ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْر - رضي الله عنه -، فَشَرِبَ، ثُمَّ أعْطَى الأعْرابيَّ، وقال: «الأيْمَنَ فالأيْمَنَ» متفق عَلَيْهِ.<br />قَوْله: «شِيب» أيْ: خُلِطَ.<br />كانت العادة جارية بتقديم الأيمن في الشرب وغيره، فبيَّن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بفعله وقوله أن تلك العادة لم يغيرها الشرع، وأن السنَّة تقديم الأيمن وإن كان الأيسر أفضل منه.<br />[761] وعن سهلِ بن سعدٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِشرابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أشْيَاخٌ، فَقَالَ للغُلامِ: «أتَأْذَنُ لِي أنْ أُعْطِيَ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ الغُلامُ: لا واللهِ، لا أُوثِرُ بنَصيبي مِنْكَ أَحَداً. فَتَلَّهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يَدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />قَوْله: «تَلَّهُ» أيْ وَضَعَهُ. وهذا الغلامُ هُوَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما.<br />قال ابن الجوزي: إنما استأذن الغلام دون الأعرابي، لأنه لم يكن له علم بالشريعة، فاستألفه بترك استئذانه بخلاف الغلام. <br />(1/479) <br />112- باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها<br />وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم<br />[762] عن أَبي سعيدٍ الْخُدْريِّ - رضي الله عنه - قال: نَهَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. يعني: أن تُكْسَرَ أفْواهُها، وَيُشْرَبَ مِنْهَا. متفق عَلَيْهِ.<br />سبب النهي أن رجلاً شرب من سقاء فانساب في بطنه جيان، فنهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن اختناث الأسقية.<br />[763] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نَهَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُشْرَبَ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ أَوْ القِرْبَةِ. متفق عَلَيْهِ.<br />[764] وعن أم ثابتٍ كَبْشَةَ بنتِ ثابتٍ أُختِ حَسَّانَ بن ثابتٍ رضي الله عنهما، قالت: دخل عَلَيَّ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَرِبَ مِنْ فيِّ قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِماً، فَقُمْتُ إِلَى فِيهَا فَقَطَعْتُهُ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />وإنّما قَطَعَتْهَا: لِتَحْفَظَ مَوْضِع فَمِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَتَبَرَّكَ بِهِ، وتَصُونَهُ عَن الابْتِذَال. وهذا الحديث محمولٌ عَلَى بيان الجواز، والحديثان السابقان لبيان الأفضل والأكمل، والله أعلم.<br />في الحديث: دليل على بيان أن النهي عن الشرب من فم القربة، وعن القيام حال الشرب ليس على سبيل التحريم بل على سبيل التنزيه. أو أنه فعل ذلك لعدم إمكان الشرب حينئذٍ إلا كذلك. <br />(1/480) <br />113- باب كراهة النفخ في الشراب<br />[765] عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَن النَّفْخ في الشَّرَاب، فَقَالَ رَجُلٌ: القَذَاةُ أراها في الإناءِ؟ فَقَالَ: «أهرقها» . قَالَ: إنِّي لا أرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحدٍ؟ قَالَ: «فَأَبِنِ القَدَحَ إِذَاً عَنْ فِيكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />[766] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يُتَنَفَّسَ في الإناءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />النهي عن النفخ في الإناء والتنفس فيه لئلا يقذر الشراب أو الطعام.<br />114- باب بيان جواز الشرب قائماً<br />وبيان أنَّ الأكمل والأفضل الشرب قاعداً<br />فِيهِ حديث كبشة السابق.<br />دخل عَلَيَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فشرب من فِيٍّ قربة معلقة.<br />[767] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: سَقَيْتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَمْزَمَ، فَشَربَ وَهُوَ قَائِمٌ. متفق عَلَيْهِ.<br />فيه: جواز الشرب قائمًا لعذر. قيل: إنما شرب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائمًا لضيق المحل عن التمكن من الجلوس للشرب.<br />[768] وعن النَّزَّالِ بن سَبْرَةَ - رضي الله عنه - قال: أَتَى عَلِيٌّ - رضي الله عنه - بَابَ الرَّحْبَةِ بماءٍ، فَشَربَ قائِماً، وقال: إنِّي رَأَيْتُ رسولَ <br />(1/481) <br />الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كما رَأَيْتُمُوني فَعَلْتُ. رواه البخاري.<br />فيه: دليل على جواز الشرب قائمًا في بعض الأحيان.<br />[769] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا نَأكُلُ عَلَى عهدِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نمشِي، وَنَشْرَبُ ونَحْنُ قِيامٌ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ صَحيحٌ) .<br />هذا محمول على أنه جائز، أي لا يحرم وإن كان منهيًا عنه، فالنهي فيه للتنزيه.<br />[770] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْرَبُ قَائِماً وقَاعِداً. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />وهذا أيضًا محمول عند الجمهور على بيان الجواز أو أن ضرورة ضيق المحل حملته على ذلك. وأما شربه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاعدًا فهو الأكثر.<br />[771] وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنه نَهى أن يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِماً. قَالَ قتادة: فَقُلْنَا لأَنَسٍ: فالأَكْلُ؟ قَالَ: ذَلِكَ أَشَرُّ - أَوْ أخْبَثُ - رواه مسلم.<br />وفي رواية لَهُ: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَجَرَ عَن الشُّرْب قائِماً.<br />قال الحافظ: وإنما جعل الأكل شرًا لطول زمانه بالنسبة لزمان الشرب.<br />[772] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « <br />(1/482) <br />لا يَشْرَبَنَّ أحَدٌ مِنْكُمْ قَائِماً، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئ» . رواه مسلم<br />النهي محمول على التنزيه، والتقيؤ محمول على الاستحباب إذا لم يكن الشرب قائمًا لعذر.<br />115- باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شرباً<br />[773] عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ساقي القوم آخِرُهُمْ شُرْباً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />قال النووي: هذا أدب من آداب ساقي الماء واللبن ونحوهما وفي معناه من يفرق على الجماعة مأكولاً كلحم وفاكهة وغيرهما، فليكن المفرق آخرهم تناولاً منه لنفسه.<br />116- باب جواز الشرب<br />من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة<br />وجواز الكرع<br />- وَهُوَ الشرب بالفم من النهر وغيره بغير إناء ولا يد -<br />وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب والأكل<br />والطهارة وسائر وجوه الاستعمال<br />[774] عن أنس - رضي الله عنه - قال: حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فقامَ مَن كَانَ قَريبَ الدَّارِ إِلَى أهْلِهِ، وبَقِيَ قَوْمٌ، فأُتِيَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ، فَصَغُرَ المخْضَبُ أنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ القَوْمُ كُلُّهُمْ. قالوا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَمَانِينَ وزيادة. متفق عَلَيْهِ، هذه رواية البخاري.<br />وفي رواية لَهُ ولمسلم: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا بإناءٍ مِنْ ماءٍ، فَأُتِيَ بقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ماءٍ، فَوَضَعَ أصابعَهُ فِيهِ. قَالَ أنسٌ: فَجَعلْتُ أنْظُرُ <br />(1/483) <br />إِلَى الماءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْن أصَابِعِهِ، فَحَزَرْتُ مَنْ تَوضَّأ منه مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانينَ.<br />في الحديث: علم من أعلام النبوة. والرحراح: الواسع المنبسط قريب القعر.<br />وفيه: جواز الوضوء من إناء الخشب ونحوه.<br />[775] وعن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قال: أتَانَا النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً في تَوْرٍ مِنْ صُفْر فَتَوَضَّأَ. رواه البخاري.<br />«الصُّفْر» : بضم الصاد، ويجوز كسرها، وَهُوَ النُّحاس، و «التَّوْر» : كالقدح، وَهُوَ بالتاء المثناة من فوق.<br />فيه: جواز الوضوء في إناء الصفر ونحوه.<br />[776] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِن الأَنْصَارِ، وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ باتَ هذِهِ اللَّيْلَةَ في شَنَّةٍ وَإلا كَرَعْنَا» . رواه البخاري.<br />«الشنّ» : القِربة.<br />في الحديث: جواز الكرع للحاجة إليه.<br />[777] وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: إنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَانَا عَن الحَرِير، وَالدِّيباجِ، والشُّربِ في آنِيَة الذَّهَب والفِضَّةِ، وقال: «هي لَهُمْ في الدُّنْيَا، وهِيَ لَكُمْ في الآخِرَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ. <br />(1/484) <br />الديباج: نوع من الحرير، وعطفه عليه من عطف العام على الخاص.<br />وفيه: تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة، ولبس الحرير، وأن ذلك للكفار في الدنيا، وللمؤمن في الآخرة.<br />[778] وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />وفي رواية لمسلم: «إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ» .<br />وفي رواية لَهُ: «مَنْ شَرِبَ في إناءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَاً مِنْ جَهَنَّم» .<br />فيه: الوعيد الشديد في استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب ويقاس على ذلك سائر الاستعمالات. <br />(1/485) <br />========<br /><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> <br /><a href="pg_032_0006.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> <br />( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) <br /><a href="pg_032_0004.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a><br />تطريز رياض الصالحين <br />كتَاب اللّبَاس<br />117- باب استحباب الثوب الأبيض، وجواز الأحمر والأخضر<br />والأصفر والأسود،<br />وجوازه من قطن وشعر وصوف وغيرها إِلا الحرير<br />قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَاري سَوْآتِكُمْ} [الأعراف (26) ] .<br />قوله: {أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ} ، أي: خلقنا لكم، ولما كان بقضاء سماوي، وأسباب من السماء. قال: {وَأَنزَلْنَا} وسُمِّيت العورة سوأة؛ لأنه يسوء انكشافها. والريش: ما يتجمَّل به ظاهرًا. وعن عليَّ مرفوعًا أنه لبس ثوبًا، فقال حين لبسه: «الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمَّل به في الناس، وأُواري به عورتي» . رواه الإمام أحمد.<br />وقال تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} [النحل (81) ] .<br />قوله: {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي: والبرد اكتفاء بدلالة قرينة عليه بالأولى. {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} ، أي: حربكم كالدروع ونحوها.<br />[779] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ... «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) . <br />(1/486) <br />في الحديث: استحباب لبس البياض، وأنه أطيب من غيره من سائر الألوان.<br />[780] وعن سَمُرَة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَسُوا البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا أطْهَرُ وَأطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . رواه النسائي والحاكم، وقال: «حديث صحيح» .<br />قوله: «فإنها أطهر» ، أي لأنها لنقائها يظهر ما يخالطاها من الدنس وإن قل.<br />وقوله: «أطيب» ، أي: لسلامتها غالبًا عن الخيلاء<br />[781] وعن البراءِ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْبُوعاً، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأيْتُ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />الحلة: ثوبان من جنس واحد.<br />قوله: «حمراء» : قال الحافظ ابن حجر: هي ثياب ذات خطوط.<br />[782] وعن أَبي جُحَيفَةَ وَهْب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: رَأيتُ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمكّةَ وَهُوَ بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدمِ، فَخَرَجَ بِلاَلٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَخَرَجَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليه حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ، فَتَوَضّأ وَأذَّنَ بِلاَلٌ، فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ ها هُنَا وَهَا هُنَا، يقولُ يَمِيناً وَشِمَالاً: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لا يُمْنَعُ. متفقٌ عَلَيْهِ. <br />(1/487) <br />«العنَزة» بفتح النون: نحو العُكازَة.<br />في الحديث: جواز لبس الأحمر.<br />وفيه: مشروعية السترة للمصلي، وأن المار من ورائها لا يضر المصلي.<br />وفيه: مشروعية الالتفات في الأذان يمينًا عند قوله: حي على الصلاة، وشمالاً عند قوله: حي على الفلاح.<br />[783] وعن أَبي رمْثَة رفَاعَةَ التَّيْمِيِّ - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليه ثوبانِ أخْضَرَان. رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح.<br />في الحديث: جواز لبس الأخضر<br />قال ابن بطال: الثياب الخضر من لباس أهل الجنة، وكفى بذلك شرفًا.<br />[784] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء. رواه مسلم.<br />في الحديث: جواز لبس الأسود.<br />[785] وعن أَبي سعيد عمرو بن حُرَيْثٍ - رضي الله عنه - قال: كأنّي أنْظُرُ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. رواه مسلم.<br />وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ النَّاسَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. <br />(1/488) <br />فيه: استحباب إرخاء طرف العمامة بين الكتفين.<br />[786] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُفِّنَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثةِ أثْوَاب بيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />«السَّحُولِيَّة» بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثيابٌ تُنْسَبُ إِلَى سَحُول: قَرْيَة باليَمنِ «وَالكُرْسُف» : القُطْنُ.<br />هذا أفضل الكفن من العدد للرجال، ومن الألوان للرجال والنساء.<br />[787] وعنها قالت: خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مرَحَّلٌ مِنْ شَعرٍ أسْوَد. رواه مسلم.<br />«المِرْط» بكسر الميم: وَهُوَ كساءٌ وَ «المُرَحَّلُ» بالحاء المهملة: هُوَ الَّذِي فِيهِ صورةُ رحال الإبل، وهِيَ الأَكْوَارُ.<br />في الحديث: جواز تصوير ما لا روح فيه، وجواز لبسه ولبس الشعر.<br />[788] وعن المغيرة بن شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قال: كُنْتُ مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذاتَ لَيْلَةٍ في مسير، فَقَالَ لي: «أمَعَكَ مَاءٌ؟» قلتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى في سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنَ الإدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أخْرَجَهُمَا مِنْ أسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ أهْوَيْتُ لأَنْزَعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» وَمَسحَ عَلَيْهِمَا. متفقٌ عَلَيْهِ. <br />(1/489) <br />وفي رواية: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّيْنِ.<br />وفي رواية: أنَّ هذِهِ القَضِيَّةَ كَانَتْ في غَزْوَةِ تَبُوكَ.<br />في الحديث: استحباب الإبعاد لقضاء الحاجة، وجواز لبس الصوف.<br />وفيه: مشروعية مسح الخفين إذا لبسهما على طهارة.<br />118- باب استحباب القميص<br />[789] عن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها قالت: كَانَ أحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَمِيص. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .<br />قيل: وجه أحبية القميص أنه أستر للأعضاء من الإزار، والرداء لأنه أقل مؤنة، وأخف على البدن، ولابسه أكثر تواضعًا. وروي أنه كان قميص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطنًا قصير الطول والكمين.<br />119- باب صفة طول القميص والكُم والإزار<br />وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء<br />وكراهته من غير خيلاء<br />[790] عن أسماءَ بنتِ يزيد الأنصاريَّةِ رَضِيَ الله عنها، قالت: كَانَ كُمُّ قَمِيص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الرُّسْغِ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: ... (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .<br />الرسغ: مفصل الساعد والكف. قال ابن الجزري: فيه دليل أن لا يجاوز بكم القميص الرسغ. وأما غير القميص فالسنَّة أن لا بجاوز رؤوس الأصابع.<br />[791] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ جَرَّ <br />(1/490) <br />ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رسول الله، إنَّ إزاري يَسْتَرْخِي إِلا أنْ أَتَعَاهَدَهُ، فَقَالَ لَهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ» . رواه البخاري وروى مسلم بعضه.<br />فيه: وعيدٌ شديدٌ لمن سحب ثوبه تكبرً وإعجابًا بنفسه.<br />وفيه: أن من وقع له ذلك بغير قصد لا محظور فيه، وأن الأحكام تختلف بسحب النية.<br />[792] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزاره بَطَراً» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />إنما ذكر الإزار، لأنهم كانوا إذ ذاك يلبسون الإزار والأردية، والوعيد الشامل لجميع أنواع الثياب.<br />[793] وعنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا أسْفَل مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزْارِ فَفِي النار» رواه البخاري.<br />قال الخطابي: يريد أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين في النار، فكنى بالثوب عن لابسه. ومعناه: أن ما دون الكعب من القدم يعذب عقوبة. ومحل الكراهة إذا لم يكن عذر من جروح في قدمه ونحوها.<br />[794] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فقَرأها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثَ مِرار، قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا <br />(1/491) <br />وَخَسِرُوا! مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، وَالمنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ» . رواه مسلم<br />وفي رواية لَهُ: «المُسْبِلُ إزَارَهُ» .<br />فيه: الوعيد الشديد لهؤلاء الثلاثة.<br />[795] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الإسْبَالُ في الإزار، وَالقَمِيصِ، وَالعِمَامةِ، مَنْ جَرَّ شَيْئاً خُيَلاءَ لَمْ ينْظُرِ الله إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح.<br />فيه: أن الوعيد شامل لجميع الملبوسات.<br />[796] وعن أَبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْم - رضي الله عنه - قال: رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيهِ، لا يَقُولُ شَيْئاً إِلا صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قالوا: رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله – مرّتين – قَالَ: «لا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلامُ، عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ المَوْتَى، قُلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ» قَالَ: قُلْتُ: أنْتَ رسول اللهِ؟ قَالَ: «أنَا رسول الله الَّذِي إِذَا أصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَه عَنْكَ، وَإِذَا أصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ أَوْ فَلاَةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ، فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ» قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ. قَالَ: «لا تَسُبَّنَ أحَداً» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرّاً، وَلا عَبْداً، وَلا بَعِيراً، وَلا شَاةً، «ولا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً، وأَنْ تُكَلِّمَ أخَاكَ وَأنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ، إنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإنْ أبَيْتَ فَإلَى الكَعْبَينِ، <br />(1/492) <br />وَإيَّاكَ وَإسْبَالَ الإزَار فَإنَّهَا مِنَ المخِيلَةِ. وَإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المَخِيلَةَ؛ وَإن امْرُؤٌ شَتَمَكَ وعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ» . رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />في هذا الحديث: أن الإزار يكون رفعه من نصف الساق إلى الكعبين. وأن الإسبال لا يجوز لأنه من الاختيال، والكبر، والإعجاب.<br />[797] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما رَجُلٌ يُصَلَّي مسبلٌ إزَارَهُ، قَالَ لَهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأ» فَذَهَبَ فَتَوَضّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: ... «اذْهَبْ فَتَوَضّأ» فَقَالَ لَهُ رجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، مَا لَكَ أمَرْتَهُ أنْ يَتَوَضّأَ ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ؟ قَالَ: «إنّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إزَارَهُ، وَإنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ صَلاَةَ رَجُلٍ مُسْبلٍ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط مسلم.<br />يقال: إنما أمره بإعادة الوضوء ليكون مكفرًا لذنبه كما ورد أن الطهور مكفر للذنوب ولم يأمره بإعادة الصلاة لأنها صحيحة، وإن لم تقبل.<br />[798] وعن قيس بن بشر التَّغْلِبيِّ، قَالَ: أخْبَرَني أَبي - وكان جَلِيساً لأَبِي الدرداء - قَالَ: كَانَ بِدمَشْق رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقال لَهُ سهل بن الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلاً مُتَوَحِّداً قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إنَّمَا هُوَ صَلاَةٌ، فإذا فَرَغَ فَإنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبيرٌ حَتَّى يَأتي أهْلَهُ، فَمَرَّ بنا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبي الدَّرداء، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدرداءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ. <br />(1/493) <br />قَالَ: بَعَثَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ في المَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ: لَوْ رَأيْتَنَا حِيْنَ التَقَيْنَا نَحْنُ وَالعَدُوُّ، فَحَمَلَ فُلانٌ وَطَعَنَ، فَقَالَ: خُذْهَا مِنِّي، وَأنَا الغُلاَمُ الغِفَاريُّ، كَيْفَ تَرَى في قَوْلِهِ؟ قَالَ: مَا أرَاهُ إِلا قَدْ بَطَلَ أجْرُهُ.<br />فَسَمِعَ بِذلِكَ آخَرُ، فَقَالَ: مَا أرَى بِذلِكَ بَأساً، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقال: «سُبْحَانَ الله؟ لا بَأسَ أنْ يُؤجَرَ وَيُحْمَدَ» فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاء سُرَّ بِذلِكَ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأسَهُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: أنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فيقول: نَعَمْ، فما زال يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إنّي لأَقُولُ لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا يَوْماً آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المُنْفِقُ عَلَى الخَيْلِ، كَالبَاسِطِ يَدَهُ بالصَّدَقَةِ لا يَقْبضُهَا» ، ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوماً آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعنَا وَلا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسَديُّ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وَإسْبَالُ إزَارِهِ!» فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْماً فَعَجَّلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إزارَهُ إِلَى أنْصَافِ سَاقَيْهِ. ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْماً آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلا تَضُرُّكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إخْوانِكُمْ، فَأصْلِحُوا رِحَالكُمْ، وَأصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأنَّكُمْ شَامَةٌ في النَّاسِ؛ فإِنَّ الله لا يُحِبُّ الفُحْشَ وَلا التَّفَحُّش» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ، إِلا قيس بن بشر فاختلفوا في توثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ، وَقَدْ روى لَهُ مسلم.<br />في هذا الحديث: أن إطالة الجمة والإسبال تدافع المدح وتمانع الرفعة <br />(1/494) <br />الدينية لأن ذلك منهيٍّ عنه على سبيل الحرمة تارةً، والكراهة أخرى.<br />وفيه: جواز قول الإنسان في الحرب: أنا ابن فلان إذا كان شجاعًا ليرهب عدوه، وأنه لا مانع من حصول الحمد والأجر.<br />وفيه: طلب العلم والاستزادة منه. وأن المرء في مقام التعلم إلى اللحد.<br />وفيه: طلب حسن الهيئة وجمال الزي والاحتراز من ألم المذمة، وطلب راحة الإخوان، واستجلاب قلوبهم ليأنس بهم فلا يستقذروه ولا يستثقلوه.<br />[799] وعن أَبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلا حَرَجَ - أَوْ لا جُنَاحَ - فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، فمَا كَانَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ في النَّارِ، وَمَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.<br />قوله: «إزرة المسلم إلى نصف الساق» ، وعند ابن ماجة: «إزرة المؤمن» ، أي: الهيئة المستحبة في اتزار المؤمن إلى نصف الساق، لأن ذلك أطهر لبعده عن احتمال وصول النجس، وأطيب لبعده عن الكبر وقربه من التواضع، ولا كراهة في إرخائه إلى ما فوق الكعبين، ويحرم إرخاء الثياب تحت الكعبين.<br />[800] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: مررتُ عَلَى رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي إزَارِي استرخاءٌ، فَقَالَ: «يَا عَبدَ اللهِ ارْفَعْ إزَارَكَ» فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ: «زِدْ» فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أتَحَرَّاهَا بَعْدُ. فَقَالَ بَعْضُ القَوْم: إِلَى أينَ؟ فَقَالَ: إِلَى أنْصَافِ السَّاقَيْنِ. رواه مسلم.<br />فيه مزيد اعتناء ابن عمر بالسنة، وملازمته للاتباع.<br />[801] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ <br />(1/495) <br />اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْراً» قالت: إِذَاً تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ. قَالَ: «فَيرخِينَهُ ذِرَاعاً لا يَزِدْنَ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />في هذا الحديث: الإذن للنساء في إطالة أذيالهن من القمص، والأزر والخمر وغيرها بحيث يسلبن قدر ذراع من أذيالهن إلى الأرض لتكون أقدامهن مستورة.<br />وفيه: النهي عن الزيادة على الذراع.<br />120- باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعاً<br />قَدْ سَبَقَ في بَابِ فَضْل الجُوعِ وَخشُونَةِ العَيْشِ جُمَلٌ تَتَعَلَّقُ بهذا الباب.<br />منها حديث أبي هريرة: رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم من رجل عليه رداء، إِما إِزار، وإِما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، منها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين.<br />ومنها حديث عائشة: كان فراش رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أدم حشوه ليف.<br />وحديث أبي أمامة مرفوعًا: «البذاذة من الإيمان» ، وهي رثاثة الهيئة، وترك فاخر اللباس.<br />[802] وعن معاذ بن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ اللِّبَاس تَوَاضُعاً للهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، دَعَاهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ <br />(1/496) <br />عَلَى رُؤوسِ الخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .<br />في هذا الحديث: فضيلة من ترك الفاخر من اللباس تواضعًا وثوابه؛ لأنَّ من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ومن تواضع لله رفعه في الدنيا والآخرة.<br />121- باب استحباب التوسط في اللباس<br />وَلا يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلا مقصود شرعي<br />[803] عن عمرو بن شعيب عن أبيهِ عن جَدِّهِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .<br />التوسط في اللباس ممدوح، لأن الرفيع شهرة، والداني دناءة، والأعمال بالمقاصد. فإن لبس النفيس تحدثًا بنعمة الله، والداني للتواضع، فهو مأجور، وإن لبس النفيس تكبرًا وفخرًا، والدنيء رياءً فهو مأزور، ويروى عن الشاذلي أنه قال لفقير - كان لابس ثوب مرقع أنكر عليه لبس نفيس ... الثياب –: يا هذا، ثيابي تقول للناس: الحمد لله، وثيابك تقول لهم: أعطوني من مالكم.<br />122- باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال<br />وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ<br />وجواز لبسه للنساء<br />[804] عن عمر بن الخَطَّابِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ؛ فَإنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />في هذا الحديث: تحريم لبس الحرير على الرجال، وفيه الوعيد الشديد على من لبسه. <br />(1/497) <br />[805] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لا خَلاَقَ لَهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />وفي رواية للبخاري: «مَنْ لا خَلاَقَ لَهُ في الآخِرَةِ» .<br />قَوْله: «مَنْ لا خَلاقَ لَهُ» أيْ: لا نَصِيبَ لَهُ.<br />[806] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.<br />في هذا الحديث: الوعيد الشديد على من لبس الحرير.<br />[807] وعن علي - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخَذَ حَريراً، فَجَعَلَهُ في يَمِينهِ، وَذَهَبَاً فَجَعَلَهُ في شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمّتي» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ.<br />[808] وعن أَبي موسى الأشْعَري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِير وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لإنَاثِهِمْ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .<br />في هذين الحديثين: جواز لبس الحرير والذهب للنساء.<br />[809] وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قال: نَهَانَا النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وأنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وعَنْ لُبْس الحَريرِ وَالدِّيبَاج، وأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. رواه البخاري. <br />(1/498) <br />خص الأكل والشرب بالذكر، لأنهما أغلب أنواع الاستعمال، وإلا فسائر استعمال الذهب والفضة حرام.<br />وفيه: تحريم الجلوس على الحرير، وهو قول الجمهور.<br />123- باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حكة<br />[810] عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: رَخَّصَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ وعَبْدِ الرَّحْمن ابن عَوْفٍ رضي الله عنهما في لُبْس الحَريرِ لِحَكَّةٍ بِهِما. متفقٌ عَلَيْهِ.<br />في هذا الحديث: جواز لبس الحرير للضرورة.<br />124- باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا<br />[811] عن معاوية - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَرْكَبُوا الخَزَّ وَلا النِّمَارَ» . حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد حسن.<br />الخز نوعان: فنوع معمولٌ من الحرير، وهو حرام. وأما المعمول من الصوف فيحمل النهي فيه على التنزيه لأجل التشبه بالعجم.<br />[812] وعن أَبي المليح عن أبيه - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ. رواه أَبُو داود والترمذيُّ والنسائيُّ بأسانِيد صِحَاحٍ.<br />وفي رواية للترمذي: نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أنْ تُفْتَرَشَ.<br />فيه: النهي عن استعمال جلود السباع لما فيها من الخيلاء. <br />(1/499) <br />125- باب مَا يقول إِذَا لبس ثوباً جديداً أَوْ نعلاً أَوْ نحوه<br /><span style="background-color: #04ff00;">[813] </span>عن أَبي سعيد الخدْريِّ - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوباً سَمَّاهُ باسْمِهِ - عِمَامَةً أَوْ قَميصاً أَوْ رِدَاءً - يقولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أسْأَلكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .<br />في هذا الحديث: استحباب الدعاء عند اللباس وحمد الله تعالى.<br />126- باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس<br />هَذَا الباب قَدْ تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فِيهِ.<br />تقدم ذلك في باب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم، ومن ذلك أن يدخل يده اليمنى في كمها قبل إدخال اليسرى، ويدخل رجله اليمنى في كل من الخف والنعل والسراويل قبل إدخال اليسرى. <br />(1/500) <br />========================= </span></span></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-72293707952872370462022-04-17T00:15:00.001-07:002022-04-17T00:15:50.562-07:00 من {1- }الي [727] تطريز رياض الصالحين تَألِيْفُ الفَقِيْر إِلَى اللهِ تَعَالَى وَتَبَارَكْ فَيْصَلْ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ آل مُبَارَك (1313 هـ ـ 1376 هـ) <br /><span style="font-family: Alfa Slab One;"></span><div style="text-align: justify;"><span style="font-family: Alfa Slab One;"><b><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></b><span style="color: red;"><b><span style="font-size: x-large;">تَألِيْفُ الفَقِيْر إِلَى اللهِ تَعَالَى وَتَبَارَكْ </span></b><b><span style="font-size: x-large;">فَيْصَلْ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ آل مُبَارَك </span></b><b><span style="font-size: x-large;">(1313 هـ ـ 1376 هـ) </span></b></span><br /><b><span style="font-size: x-large;">بسم الله الرحمن الرحيم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مقدمة الشارح</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحمدُ لِلَّهِ الذَّي منَّ على الصالحين بذِكره وطاعَتِه، فَرَتَعوا في رياض الجنَّة لشُغْلِهم بمُراقَبَتِه وعِبَادَتِه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأشْهَدُ أنْ لا إِله إِلا اللهُ، وَحْدَه لا شَرِيكَ لَه في ربوبيَّته وإلهيَّته وأسمائِهِ وصفاتِهِ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيَّدَنَا محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وصفيُّه من مخلوقاتِه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِِ وأتباعِهِ: أهلِ دينِه ووُلاته وسلَّم تسليمًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أما بعد: فإنَّ كتاب (رياض الصَّالحين) مِن أنفع الكتب المختصرة؛ لأنَّه مشتمل على أحاديث صحيحة وآيات كريمة، تَحُثُّ على سلوك الطُّرق الموصلة إلى الجنَّة، من الأعمال الصَّالحة، والآداب الباطنة والظَّاهرة، فَجَزى الله مؤلَّفه خيرًا، وغَفَر له، ولوالديه، ومشايخه، وسائر أحبابه، والمسلمين أجمعين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/5) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">=====</span></b><br /><br /><b><span style="font-size: x-large;">بسم الله الرحمن الرحيم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحمْدُ للهِ الواحدِ القَهَّارِ، العَزيزِ الغَفَّارِ، مُكَوِّرِ اللَّيْلِ على النَّهَارِ، تَذْكِرَةً لأُولي القُلُوبِ والأَبصَارِ، وتَبْصرَةً لِذَوي الأَلبَابِ واَلاعتِبَارِ، الَّذي أَيقَظَ مِنْ خَلْقهِ مَنِ اصطَفاهُ فَزَهَّدَهُمْ في هذهِ الدَّارِ، وشَغَلهُمْ بمُراقبَتِهِ وَإِدَامَةِ الأَفكارِ، ومُلازَمَةِ الاتِّعَاظِ والادِّكَارِ، ووَفَّقَهُمْ للدَّأْبِ في طاعَتِهِ، والتّأهُّبِ لِدَارِ القَرارِ، والْحَذَرِ مِمّا يُسْخِطُهُ ويُوجِبُ دَارَ البَوَارِ، والمُحافَظَةِ على ذلِكَ مَعَ تَغَايُرِ الأَحْوَالِ والأَطْوَارِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَحْمَدُهُ أَبلَغَ حمْدٍ وأَزكَاهُ، وَأَشمَلَهُ وأَنْمَاهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ البَرُّ الكَرِيمُ، الرؤُوفُ الرَّحيمُ، وأشهَدُ أَنَّ سَيَّدَنا مُحمّداً عَبدُهُ ورَسُولُهُ، وحبِيبُهُ وخلِيلُهُ، الهَادِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ، والدَّاعِي إِلَى دِينٍ قَويمٍ، صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُهُ عَليهِ، وَعَلَى سَائِرِ النَّبيِّينَ، وَآلِ كُلٍّ، وسَائِرِ الصَّالِحينَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَما بعد، فقد قال اللهُ تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات (56، 57) ] وَهَذا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/6) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَصْريحٌ بِأَنَّهُمْ خُلِقوا لِلعِبَادَةِ، فَحَقَّ عَلَيْهِمُ الاعْتِنَاءُ بِمَا خُلِقُوا لَهُ وَالإعْرَاضُ عَنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا بالزَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا دَارُ نَفَادٍ لا مَحَلُّ إخْلاَدٍ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَمَرْكَبُ عُبُورٍ لا مَنْزِلُ حُبُورٍ، ومَشْرَعُ انْفصَامٍ لا مَوْطِنُ دَوَامٍ، فلِهذا كَانَ الأَيْقَاظُ مِنْ أَهْلِهَا هُمُ الْعُبَّادُ، وَأعْقَلُ النَّاسِ فيهَا هُمُ الزُّهّادُ. قالَ اللهُ تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس (24) ] . والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ. ولقد أَحْسَنَ القَائِلُ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إِنَّ للهِ عِبَاداً فُطَنَا ... ??? ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخَافُوا الفِتَنَا ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَنَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ... ???? ... أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا ... ????</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا ... ? ... صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فإذا كَانَ حالُها ما وصَفْتُهُ، وحالُنَا وَمَا خُلِقْنَا لَهُ مَا قَدَّمْتُهُ؛ فَحَقٌّ عَلَى الْمُكلَّفِ أَنْ يَذْهَبَ بنفسِهِ مَذْهَبَ الأَخْيارِ، وَيَسلُكَ مَسْلَكَ أُولي النُّهَى وَالأَبْصَارِ، وَيَتَأهَّبَ لِمَا أشَرْتُ إليهِ، وَيَهْتَمَّ بمَا نَبَّهتُ عليهِ. وأَصْوَبُ طريقٍ لهُ في ذَلِكَ، وَأَرشَدُ مَا يَسْلُكُهُ مِنَ المسَالِكِ، التَّأَدُّبُ بمَا صَحَّ عَنْ نَبِيِّنَا سَيِّدِ الأَوَّلينَ والآخرينَ، وَأَكْرَمِ السَّابقينَ واللاحِقينَ، صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيهِ وَعَلى سَائِرِ النَّبيِّينَ. وقدْ قالَ اللهُ تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة (2) ] وقد صَحَّ عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قالَ: ... «واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ» ، وَأَنَّهُ قالَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ» . وأَنَّهُ قالَ: «مَنْ دَعَا إِلى هُدىً كَانَ لَهُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مِنَ الأَجرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيئاً» ، وأَنَّهُ قالَ لِعَليٍّ - رضي الله عنه -: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/7) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَرَأَيتُ أَنْ أَجْمَعَ مُخْتَصَراً منَ الأحاديثِ الصَّحيحَةِ، مشْتَمِلاً عَلَى مَا يكُونُ طَرِيقاً لِصَاحبهِ إِلى الآخِرَةِ، ومُحَصِّلاً لآدَابِهِ البَاطِنَةِ وَالظَاهِرَةِ. جَامِعاً للترغيب والترهيب، وسائر أنواع آداب السالكين: من أحاديث الزهد ورياضات النُّفُوسِ، وتَهْذِيبِ الأَخْلاقِ، وطَهَارَاتِ القُلوبِ وَعِلاجِهَا، وصِيانَةِ الجَوَارحِ وَإِزَالَةِ اعْوِجَاجِهَا، وغَيرِ ذلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الْعارفِينَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَألتَزِمُ فيهِ أَنْ لا أَذْكُرَ إلا حَدِيثاً صَحِيحاً مِنَ الْوَاضِحَاتِ، مُضَافاً إِلى الْكُتُبِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُوراتِ. وأُصَدِّر الأَبْوَابَ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِآياتٍ كَرِيماتٍ، وَأَوشِّحَ مَا يَحْتَاجُ إِلى ضَبْطٍ أَوْ شَرْحِ مَعْنىً خَفِيٍّ بِنَفَائِسَ مِنَ التَّنْبِيهاتِ. وإِذا قُلْتُ في آخِرِ حَدِيث: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ فمعناه: رواه البخاريُّ ومسلمٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَرجُو إنْ تَمَّ هذَا الْكِتَابُ أنْ يَكُونَ سَائِقاً للمُعْتَنِي بِهِ إِلى الْخَيْرَاتِ حَاجزاً لَهُ عَنْ أنْواعِ الْقَبَائِحِ والْمُهْلِكَاتِ. وأَنَا سَائِلٌ أخاً انْتَفعَ بِشيءٍ مِنْهُ أنْ يَدْعُوَ لِي، وَلِوَالِدَيَّ، وَمَشَايخي، وَسَائِرِ أَحْبَابِنَا، وَالمُسْلِمِينَ أجْمَعِينَ. وعَلَى اللهِ الكَريمِ اعْتِمادي، وَإِلَيْهِ تَفْويضي وَاسْتِنَادي، وَحَسبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/8) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بسم الله الرحمن الرحيم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">1- باب الإخلاص وإحضار النية</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الإخلاص هو: إفراد الله سبحانه وتعالى بالقَصْدِ، وهو أن يريد العبد بطاعته التقرُّب إلى الله دون شيء آخر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة (5) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: وما أُمِرَ أهل الكتاب وغيرهم إلا بِعِبَادة الله وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحنفاء هم: المائلون عن جميع الأديان إلى دين الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ، أي: الملة المستقيمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج (37) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لن يصل إلى الله لحوم الهدايا والضحايا، ولا دماؤها، ولكن يصله منكم النية والإِخلاص.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية يلطخون البيت بدماء البُدْن، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك، فنزلت هذه الآية. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/9) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [آل عمران (29) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: فهو العالِم بخفيّات الصدور، وما اشتملت عليه من الإخلاص أو الرياء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[1] وعن أمير المؤمِنين أبي حَفْصٍ عمرَ بنِ الخطابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عبدِ العُزّى بن رياحِ بنِ عبدِ اللهِ بن قُرْطِ بن رَزاحِ بنِ عدِي بنِ كعب بنِ لُؤَيِّ بنِ غالبٍ القُرشِيِّ العَدويِّ - رضي الله عنه - قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: «إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. رَوَاهُ إمَامَا الْمُحَدّثِينَ، أبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعيلَ بْن إبراهِيمَ بْن المُغيرَةِ بنِ بَرْدِزْبهْ الجُعْفِيُّ البُخَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُسْلمُ بْنُ الحَجَّاجِ بْنِ مُسْلمٍ الْقُشَيريُّ النَّيْسَابُورِيُّ رضي اللهُ عنهما فِي صحيحيهما اللَّذَيْنِ هما أَصَحُّ الكُتبِ المصنفةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا حديث عظيم، جليل القدر كثير الفائدة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى: ينبغي لكل من صنَّف كتابًا أن يبتدئ فيه بهذا الحديث، تنبيهًا للطالب على تصحيح النية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الشافعي رحمه الله تعالى: يدخل في سبعين بابًا من العلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري رحمه الله تعالى: باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة ولكل امرئ ما نوى، فدخل فيه: الإيمان، والوضوء، والصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والأحكام. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/10) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «إنما الأعمال بالنيات» ، إنما للحصر، أي: لا يعتد بالأعمال بدون النية. «وإنما لكل امرئ ما نوى» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عبد السلام: الجملة الأولى لبيان ما يعتبر مِنَ الأعمال، والثانية لبيان ما يترتب عليها. انتهى. والنية: هي القصد، ومحلها القلب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله» ، أي من كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدًا، فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا. «ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن دقيق العيد: نقلوا أن رجلاً هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: من نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معًا، فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة، بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة. والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[2] وعن أمِّ المؤمِنينَ أمِّ عبدِ اللهِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ» . قَالَتْ: قلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ يُخْسَفُ بأوَّلِهِمْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَآخِرِهِمْ وَفِيهمْ أسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟! قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيّاتِهمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. هذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم، وأن العقوبة </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/11) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تلزمه معهم، وأنه يعامل عند الحساب بقصده من الخير والشر. وفي حديث ابن عمر مرفوعًا: «إذا أنزل الله بقوم عذابًا، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على نياتهم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[3] وعن عائِشةَ رضيَ اللهُ عنها قَالَتْ: قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَمَعناهُ: لا هِجْرَةَ مِنْ مَكّةَ لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسلاَمٍ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الخطَّابي وغيره: كانت الهجرة فرضًا في أول الإسلام على من أسلم؛ لقلة المسلمين بالمدينة، وحاجتهم إلى الاجتماع. فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجًا، فسقط فرض الهجرة إلى المدينة، وبقي فرض الجهاد، والنية على من قام به، أو نزل به عدو.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها؛ لما يترجى من دخول غيره في الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: كانت الحكمة في وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من أذى الكفار، فإنهم كانوا يعذبون من أسلم إلى أن يرجع عن دينه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[4] وعن أبي عبدِ اللهِ جابر بن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزَاةٍ، فَقالَ: «إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالاً ما سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلا قَطَعْتُمْ وَادِياً، إلا كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ» . وَفي روَايَة: «إلا شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ» . رواهُ مسلمٌ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/12) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورواهُ البخاريُّ عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنَّ أقْواماً خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادياً، إلا وَهُمْ مَعَنَا؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن من صحت نيته، وعزم على فعل عمل صالح وتركه لعذر، أن له مثل أجر فاعله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[5] وعن أبي يَزيدَ مَعْنِ بنِ يَزيدَ بنِ الأخنسِ - رضي الله عنهم - وهو وأبوه وَجَدُّه صحابيُّون قَالَ: كَانَ أبي يَزيدُ أخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فأَخذْتُها فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فقالَ: واللهِ، مَا إيَّاكَ أرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لكَ مَا نَوَيْتَ يَا يزيدُ، ولَكَ ما أخَذْتَ يَا مَعْنُ» . رواهُ البخاريُّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن من نوى الصدقة على محتاج، حصل له ثوابها، ولو كان الآخذ ممن تلزمه نفقته، أو غير أهل لها، كما في قصة الذي تصدَّق على ثلاثة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[6] وعن أبي إسحاقَ سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ مالِكِ بنِ أُهَيْب بنِ عبدِ منافِ ابنِ زُهرَةَ بنِ كلابِ بنِ مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لُؤيٍّ القُرشِيِّ الزُّهريِّ - رضي الله عنه - أَحَدِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">العَشَرَةِ المشهودِ لهم بالجنةِ - رضي الله عنهم - قَالَ: جاءنِي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بي، فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إنِّي قَدْ بَلَغَ بي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مالٍ وَلا يَرِثُني إلا ابْنَةٌ لي، أفأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لا» ، قُلْتُ: فالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فقَالَ: «لا» ، قُلْتُ: فالثُّلُثُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/13) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والثُّلُثُ كَثيرٌ - أَوْ كبيرٌ - إنَّكَ إنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أغنِيَاءَ خيرٌ مِنْ أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يتكفَّفُونَ النَّاسَ، وَإنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغي بِهَا وَجهَ اللهِ إلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فِيِّ امْرَأَتِكَ» ، قَالَ: فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أُخلَّفُ بعدَ أصْحَابي؟ قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعملَ عَمَلاً تَبتَغي بِهِ وَجْهَ اللهِ إلا ازْدَدتَ بِهِ دَرَجةً ورِفعَةً، وَلَعلَّكَ أنْ تُخَلَّفَ حَتّى يَنتَفِعَ بِكَ أقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخرونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأصْحَابي هِجْرَتَهُمْ ولا تَرُدَّهُمْ عَلَى أعقَابهمْ، لكنِ البَائِسُ سَعدُ بْنُ خَوْلَةَ» . يَرْثي لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ ماتَ بمَكَّة. مُتَّفَقٌ عليهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية عيادة المريض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الإنفاق على من تلزمه مؤنتهم، والحث على الإخلاص في ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن من ترك مالاً قليلاً، فالاختيار له: ترك الوصية، وإبقاء المال للورثة، ومن ترك مالاً كثيرًا، جاز له الوصية بالثلث فما دون. والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[7] وعنْ أبي هريرةَ عبدِ الرحمنِ بنِ صخرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لا ينْظُرُ إِلى أجْسَامِكُمْ، ولا إِلى صُوَرِكمْ، وَلَكن ينْظُرُ إلى قُلُوبِكمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الاعتناء بحال القلب وصفاته، وتصحيح مقاصده، وتطهيره عن كل وصف مذموم؛ لأن عمل القلب هو المصحح للأعمال الشرعية، وكمال ذلك بمراقبة الله سبحانه وتعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[8] وعن أبي موسى عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ ... رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلِكَ في سبيلِ الله؟ فقال رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَاتَلَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/14) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، فَهوَ في سبيلِ اللهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: كلمة الله: «لا إله إلا الله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: أن الأعمال إنما تحتسب بالنية الصالحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ذم الحرص على الدنيا، وعلى القتال لحظ النفس في غير الطاعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الفضل الذي يورد في المجاهدين مختص بمن قاتل لإِعلاء دين الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن أبي جمرة: إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: القتال يقع بسبب خمسة أشياء: طلب المغنم، وإظهار الشجاعة، والرياء، والحمية، والغضب، وكل منها يتناوله المدح والذم، فلهذا لم يحصل الجواب بالإِثبات ولا بالنفي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[9] وعن أبي بَكرَةَ نُفيع بنِ الحارثِ الثقفيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «إِذَا التَقَى المُسلِمَان بسَيْفَيهِمَا فالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ في النّارِ» . قُلتُ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يا رَسُولَ اللهِ، هذا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المقْتُولِ؟ قَالَ: «إنَّهُ كَانَ حَريصاً عَلَى قتلِ صَاحِبهِ» . مُتَّفَقٌ عليهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: العقاب على من عزم على المعصية بقلبه، ووطَّن نفسه عليها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[10] وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةُ الرَّجلِ في جمَاعَةٍ تَزيدُ عَلَى صَلاتهِ في بيتهِ وصلاته فِي سُوقِهِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/15) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بضْعاً وعِشرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أنَّ أَحدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضوءَ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ، لا يَنْهَزُهُ إِلا الصَلاةُ، لا يُرِيدُ إلا الصَّلاةَ: لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بها خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، فإِذا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ في الصَّلاةِ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ هِي تَحْبِسُهُ، وَالمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ في مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيهِ، مَا لَم يُؤْذِ فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ» . مُتَّفَقٌ عليه، وهذا لفظ مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يَنْهَزُهُ» هُوَ بِفَتْحِ اليَاءِ والْهَاءِ وبالزَّايِ: أَيْ يُخْرِجُهُ ويُنْهضُهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يريد إلا الصلاة» ، أي: في جماعة، وفيه: إشارة إلى اعتبار الإخلاص. وفي هذا الحديث: إشارة إلى بعض الأسباب المقتضية للدرجات، وهو قوله: «وذلك أنه إذا توضأ، فأحسن الوضوء، ثم خرج</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رُفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنها: الاجتماع والتعاون على الطاعة، والألفة بين الجيران، والسلامة من صفة النفاق، ومن إساءة الظن به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنها: صلاة الملائكة عليه، واستغفارهم له، وغير ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[11] وعن أبي العبَّاسِ عبدِ اللهِ بنِ عباسِ بنِ عبد المطلب رضِيَ اللهُ عنهما، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربهِ تباركَ وتعالى قَالَ: «إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَها اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وَإنْ هَمَّ بهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إِلى سَبْع مئةِ ضِعْفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثيرةٍ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/16) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلةً، وَإنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» . مُتَّفَقٌ عليهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا حديث شريف عظيم، بيَّن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدار ما تفضَّل الله به عزَّ وجلّ على خلقه من تضعيف الحسنات، وتقليل السيئات. زاد مسلم بعد قوله: «وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة» . «أو محاها، ولا يَهْلِك على الله إلا هالكٌ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن مسعود: ويلٌ لمن غلبت وحداته عشراته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: إنَّ السيئة تعظم أحيانًا بشرف الزمان أو المكان، وقد تضاعف بشرف فاعلها وقوة معرفته، كما قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً} [الأحزاب (30، 31) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[12] وعن أبي عبد الرحمن عبدِ الله بنِ عمرَ بن الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما، قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقالُوا: إِنَّهُ لا يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلا أنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُمَا أهْلاً ولا مالاً، فَنَأَى بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْماً فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/17) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلاً أو مالاً، فَلَبَثْتُ - والْقَدَحُ عَلَى يَدِي - أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَميَّ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ، فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ - ... وفي رواية: كُنْتُ أُحِبُّها كأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النساءَ - فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فامْتَنَعَتْ منِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمئةَ دينَارٍ عَلَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ، حَتَّى إِذَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَدَرْتُ عَلَيْهَا - وفي رواية: فَلَمَّا قَعَدْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا، قالتْ: اتَّقِ اللهَ وَلا تَفُضَّ الخَاتَمَ إلا بِحَقِّهِ، فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ، فَقالَ: يَا عبدَ اللهِ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ: مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ، فقالَ: يَا عبدَ اللهِ، لا تَسْتَهْزِئْ بي! فَقُلْتُ: لا أسْتَهْزِئ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئاً. الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ» . مُتَّفَقٌ عليهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/18) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الإخلاص في العمل، وأنه ينجي صاحبه عند الكرب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل بر الوالدين وخدمتهما، وإيثارهما على الولد والأهل، وتحمُّل المشقة لأجلهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: العفة والانكفاف عن الحرام مع القدرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل حسن العهد وأداء الأمانة، والسماحة في المعاملة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">2- باب التوبة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماءُ: التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى لا تَتَعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ فَلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أحَدُها: أنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والثَّالثُ: أنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَداً. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأنْ يَبْرَأ مِنْ حَقّ صَاحِبِها، فَإِنْ كَانَتْ مالاً أَوْ نَحْوَهُ رَدَّهُ إِلَيْه، وإنْ كَانَت حَدَّ قَذْفٍ ونَحْوَهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ عَفْوَهُ، وإنْ كَانْت غِيبَةً استَحَلَّهُ مِنْهَا. ويجِبُ أنْ يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلائِلُ الكتَابِ والسُّنَّةِ، وإجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى وُجوبِ التَّوبةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التوبة: الرجوع عن معصية الله تعالى إلى طاعته، وطلب الاستحلال مِنَ المقذوف ونحوه إن بلغه ذلك، وإلا كفى الاستغفار، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كفارةُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/19) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">من اغتبته أن تسغفر له»</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور (31) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(لعل) في الأصل للترجي، وفي كلام الله تعالى للتحقيق؛ لأنَّ وعده واقع والآية تدل على وجوب التوبة من الصغائر والكبائر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} [نوح (10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذه الآية أيضًا تدل على وجوب الاستغفار من جميع الذنوب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحا} [التحريم (8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: التوبة النصوح أن يتوب من الذنب، ثم لا يعود إليه، كما لا يعود اللبن في الضرع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[13] وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «والله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريض للأمة على التوبة والاستغفار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: الأنبياء أشد الناس اجتهادًا في العبادة، لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة، فهم دائبون في شكره، معترفون له بالتقصير. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/20) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[14] وعن الأَغَرِّ بنِ يسار المزنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلى اللهِ واسْتَغْفِرُوهُ، فإنِّي أتُوبُ في اليَومِ مئةَ مَرَّةٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث أيضًا: وجوب التوبة والاستغفار، واستمرار ذلك في كل وقت، وعلى كل حال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[15] وعن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ - خادِمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «للهُ أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرهِ وقد أضلَّهُ في أرضٍ فَلاةٍ» . مُتَّفَقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمُسْلمٍ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يتوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتهِ بأرضٍ فَلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابهُ فأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتى شَجَرَةً فاضطَجَعَ في ظِلِّهَا وقد أيِسَ مِنْ رَاحلَتهِ، فَبَينَما هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قائِمَةً عِندَهُ، فَأَخَذَ بِخِطامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أنْتَ عَبدِي وأنا رَبُّكَ! أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: محبة الله تعالى لتوبة عبده حين يتوب إليه، وأنه يفرح بذلك فرحًا شديدًا يليق بجلاله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ ما قاله الإنسان في حال دهشته وذهوله لا يؤاخذ به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ضرب المثل بما يصل إلى الأفهام من الأمور المحسوسة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: بركة الاستسلام لأمر الله تعالى. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/21) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[16] وعن أبي موسَى عبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ الأشْعريِّ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: طلب من اللطيف الرؤوف الغافر لعباده أن يتوبوا، ليتوب عليهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[17] وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها تَابَ اللهُ عَلَيهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قبول التوبة مستمر ما دام بابها مفتوحًا، فإذا أغلق لم تقبل. قال الله تعالى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام (158) ] ، يعني: إذا طلعت الشمس من مغربها، لم ينفع الكافر إيمانه، ولا العاصي توبته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[18] وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بنِ عمَرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «إِنَّ الله - عز وجل - يَقْبَلُ تَوبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الغرغرة: وصول الروح الحلقوم. قال الله تعالى {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [النساء (18) ] ، وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر (84، 85) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/22) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[19] وعن زِرِّ بن حُبَيْشٍ، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ - رضي الله عنه - أسْألُهُ عَن الْمَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، فَقالَ: ما جاءَ بكَ يَا زِرُّ؟ فقُلْتُ: ابتِغَاء العِلْمِ، فقالَ: إنَّ المَلائكَةَ تَضَعُ أجْنِحَتَهَا لطَالبِ العِلْمِ رِضىً بِمَا يطْلُبُ. فقلتُ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إنَّهُ قَدْ حَكَّ في صَدْري المَسْحُ عَلَى الخُفَّينِ بَعْدَ الغَائِطِ والبَولِ، وكُنْتَ امْرَءاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجئتُ أَسْأَلُكَ هَلْ سَمِعْتَهُ يَذكُرُ في ذلِكَ شَيئاً؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَأْمُرُنا إِذَا كُنَّا سَفراً - أَوْ مُسَافِرينَ - أنْ لا نَنْزعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيالِيهنَّ إلا مِنْ جَنَابَةٍ، لكنْ مِنْ غَائطٍ وَبَولٍ ... ونَوْمٍ. فقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكرُ في الهَوَى شَيئاً؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنّا مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فبَيْنَا نَحْنُ عِندَهُ إِذْ نَادَاه أَعرابيٌّ بصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ: يَا مُحَمَّدُ، فأجابهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَحْواً مِنْ صَوْتِه: «هَاؤُمْ» فقُلْتُ لَهُ: وَيْحَكَ! اغْضُضْ مِنْ صَوتِكَ فَإِنَّكَ عِنْدَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ نُهِيتَ عَنْ هذَا! فقالَ: والله لا أغْضُضُ. قَالَ الأعرَابيُّ: المَرْءُ يُحبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَومَ القِيَامَةِ» . فَمَا زَالَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى ذَكَرَ بَاباً مِنَ المَغْرِبِ مَسيرَةُ عَرْضِهِ أَوْ يَسِيرُ الرَّاكبُ في عَرْضِهِ أرْبَعينَ أَوْ سَبعينَ عاماً - قَالَ سُفْيانُ أَحدُ الرُّواةِ: قِبَلَ الشَّامِ - خَلَقَهُ الله تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ والأَرْضَ مَفْتوحاً للتَّوْبَةِ لا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ. رواه الترمذي وغيره، وَقالَ: «حديث حسن صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «حك» ، أي: أثَّر. والهوى: الحب. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/23) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: فضل حب الله ورسوله والأخيار أحياء وأمواتًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل العلم وأهله، وفي صحيح مسلم، قال أنس: «ما فرحنا فرحًا أشد ما فرحنا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المرء مع من أحب» . وقال أنس: «</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بعملهم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[20] وعن أبي سَعيد سَعْدِ بنِ مالكِ بنِ سِنَانٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - أنّ نَبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعينَ نَفْساً، فَسَأَلَ عَنْ أعْلَمِ أَهْلِ الأرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ. فقال: إنَّهُ قَتَلَ تِسعَةً وتِسْعِينَ نَفْساً فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوبَةٍ؟ فقالَ: لا، فَقَتَلهُ فَكَمَّلَ بهِ مئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ. فقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلى أرضِ كَذَا وكَذَا فإِنَّ بِهَا أُناساً يَعْبُدُونَ الله تَعَالَى فاعْبُدِ الله مَعَهُمْ، ولا تَرْجِعْ إِلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أرضُ سُوءٍ، فانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذَابِ. فَقَالتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِباً، مُقْبِلاً بِقَلبِهِ إِلى اللهِ تَعَالَى، وقالتْ مَلائِكَةُ العَذَابِ: إنَّهُ لمْ يَعْمَلْ خَيراً قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ - أيْ حَكَماً - فقالَ: قِيسُوا ما بينَ الأرضَينِ فَإلَى أيّتهما كَانَ أدنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أدْنى إِلى الأرْضِ التي أرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحمةِ» . مُتَّفَقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيح: «فَكَانَ إلى القَريَةِ الصَّالِحَةِ أقْرَبَ بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أهلِهَا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيح: «فَأَوحَى الله تَعَالَى إِلى هذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/24) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإِلَى هذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي، وقَالَ: قِيسُوا مَا بيْنَهُما، فَوَجَدُوهُ إِلى هذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ» . وفي رواية: «فَنَأى بصَدْرِهِ نَحْوَهَا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل العلم على العبادة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: والهجرة من دار العصيان، ومقاطعة إخوان السوء، واستبدالهم بصحبة أهل الخير والصلاح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على أنَّ القاضي إذا تعارضت الأقوال عنده، يحكم بالقرائن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الذنوب وإن عظمت، فعفو الله أعظم منها. وأن من صدق في توبته، تاب الله عليه، ولو لم يعمل خيرًا إذا عزم على فعله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[21] وعن عبدِ الله بن كعبِ بنِ مالكٍ، وكان قائِدَ كعبٍ - رضي الله عنه - مِنْ بَنِيهِ حِينَ عمِيَ، قَالَ: سَمِعتُ كَعْبَ بنَ مالكٍ - رضي الله عنه - يُحَدِّثُ بحَديثهِ حينَ تَخلَّفَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تَبُوكَ. قَالَ كعبٌ: لَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةٍ غزاها قط إلا في غزوة تَبُوكَ، غَيْرَ أنّي قَدْ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، ولَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهُ؛ إِنَّمَا خَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والمُسْلِمُونَ يُريدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ الله تَعَالَى بَيْنَهُمْ وبَيْنَ عَدُوِّهمْ عَلَى غَيْر ميعادٍ. ولَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيلَةَ العَقَبَةِ حينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بدرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ مِنْهَا. وكانَ مِنْ خَبَري حينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تَبُوكَ أنِّي لم أكُنْ قَطُّ أَقْوى ولا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْهُ في تِلكَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الغَزْوَةِ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/25) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالله ما جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا في تِلْكَ الغَزْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُريدُ غَزْوَةً إلا وَرَّى بِغَيرِها حَتَّى كَانَتْ تلْكَ الغَزْوَةُ، فَغَزَاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَرٍّ شَديدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَراً بَعِيداً وَمَفَازاً، وَاستَقْبَلَ عَدَداً كَثِيراً، فَجَلَّى للْمُسْلِمينَ أمْرَهُمْ ليتَأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهمْ فأَخْبرَهُمْ بوَجْهِهِمُ الَّذِي يُريدُ، والمُسلِمونَ مَعَ رسولِ الله كثيرٌ وَلا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ (يُريدُ بذلِكَ الدّيوَانَ) قَالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُريدُ أنْ يَتَغَيَّبَ إلا ظَنَّ أنَّ ذلِكَ سيخْفَى بِهِ ما لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ الله، وَغَزا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الغَزوَةَ حِينَ طَابَت الثِّمَارُ وَالظِّلالُ، فَأنَا إلَيْهَا أصْعَرُ، فَتَجَهَّزَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وطَفِقْتُ أغْدُو لكَيْ أتَجَهَّزَ مَعَهُ، فأرْجِعُ وَلَمْ أقْضِ شَيْئاً، وأقُولُ في نفسي: أنَا قَادرٌ عَلَى ذلِكَ إِذَا أَرَدْتُ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمادى بي حَتَّى اسْتَمَرَّ بالنَّاسِ الْجِدُّ، فأصْبَحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غَادياً والمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أقْضِ مِنْ جِهَازي شَيْئاً، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أقْضِ شَيئاً، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بي حَتَّى أسْرَعُوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أنْ أرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَا لَيْتَني فَعَلْتُ، ثُمَّ لم يُقَدَّرْ ذلِكَ لي، فَطَفِقْتُ إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْزُنُنِي أنِّي لا أرَى لي أُسْوَةً، إلا رَجُلاً مَغْمُوصَاً عَلَيْهِ في النِّفَاقِ، أوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ تَعَالَى ... مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/26) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ في القَوْمِ بِتَبُوكَ: «ما فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رضي الله عنه -: بِئْسَ مَا قُلْتَ! واللهِ يا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلا خَيْرَاً،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَبَيْنَا هُوَ عَلى ذَلِكَ رَأى رَجُلاً مُبْيِضاً يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ» ، فَإذَا هُوَ أبُو خَيْثَمَةَ الأنْصَارِيُّ وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِيْنَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلاً مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي بَثِّي، فَطَفِقْتُ أتَذَكَّرُ الكَذِبَ وأقُولُ: بِمَ أخْرُجُ مِنْ ... سَخَطِهِ ... غَدَاً؟ وأسْتَعِيْنُ عَلى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رأْيٍ مِنْ أهْلِي، فَلَمَّا قِيْلَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قّدْ أظَلَّ قَادِمَاً، زَاحَ عَنّي البَاطِلُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَيءٍ أَبَداً، فَأجْمَعْتُ صدْقَهُ وأَصْبَحَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَادِماً، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلِكَ جَاءهُ المُخَلَّفُونَ يَعْتَذِرونَ إِلَيْه ويَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعاً وَثَمانينَ رَجُلاً، فَقَبِلَ مِنْهُمْ عَلانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلى الله تَعَالَى، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ. ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ» ، فَجِئْتُ أمْشي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فقالَ لي: «مَا خَلَّفَكَ؟ ألَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، إنّي والله لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا لَرَأيتُ أنِّي سَأخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ؛ لقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، ولَكِنِّي والله لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليوم حَدِيثَ كَذبٍ تَرْضَى به عنِّي لَيُوشِكَنَّ الله أن يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/27) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إنّي لأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى الله - عز وجل -، والله ما كَانَ لي مِنْ عُذْرٍ، واللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. قَالَ: فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمَّا هَذَا فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اللهُ فيكَ» . وَسَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَة فاتَّبَعُوني فَقالُوا لِي: واللهِ مَا عَلِمْنَاكَ أذْنَبْتَ ذَنْباً قَبْلَ هذَا لَقَدْ عَجَزْتَ في أنْ لا تَكونَ اعتَذَرْتَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بما اعْتَذَرَ إليهِ المُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَكَ. قَالَ: فَوالله ما زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدْتُّ أَنْ أرْجعَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هذَا مَعِيَ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلانِ قَالا مِثْلَ مَا قُلْتَ، وَقيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قيلَ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُما؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبيع الْعَمْرِيُّ، وهِلاَلُ ابنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ؟ قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَينِ صَالِحَينِ قَدْ شَهِدَا بَدْراً فيهِما أُسْوَةٌ، قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي. ونَهَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلامِنا أيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فاجْتَنَبَنَا النَّاسُ - أوْ قَالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا - حَتَّى تَنَكَّرَتْ لي في نَفْسي الأَرْض، فَمَا هِيَ بالأرْضِ الَّتي أعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً. فَأمّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانا وقَعَدَا في بُيُوتِهِمَا يَبْكيَان. وأمَّا أنَا فَكُنْتُ أشَبَّ الْقَومِ وأجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أخْرُجُ فَأشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وأطُوفُ في الأَسْوَاقِ وَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَأَقُولُ في نَفسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْه برَدِّ السَّلام أَمْ لا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَريباً مِنْهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي نَظَرَ إلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ عَنِّي، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/28) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حَتَّى إِذَا طَال ذلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ المُسْلِمينَ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدارَ حائِط أبي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وأَحَبُّ النَّاس إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَليَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أنْشُدُكَ بالله هَلْ تَعْلَمُنِي</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ، فَبَيْنَا أَنَا أمْشِي في سُوقِ الْمَدِينة إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ ... أهْلِ الشَّام مِمّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إلَيَّ حَتَّى جَاءنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَاباً مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتباً. فَقَرَأْتُهُ فإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنا أنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بدَارِ هَوانٍ وَلا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ، فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذِهِ أَيضاً مِنَ البَلاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ إِذَا رسولُ ... رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأتِيني، فَقالَ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأمُرُكَ أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ فَقالَ: لا، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلا تَقْرَبَنَّهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذلِكَ. فَقُلْتُ لامْرَأتِي: الْحَقِي بِأهْلِكِ فَكُوني عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ في هَذَا الأمْرِ. فَجَاءتِ امْرَأةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، إنَّ هِلاَلَ بْنَ أمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أنْ أخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لا، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ» فَقَالَتْ: إِنَّهُ واللهِ ما بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ إِلَى شَيْءٍ، وَوَالله مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/29) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كَانَ مِنْ أمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَومِهِ هَذَا. فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي: لَو اسْتَأْذَنْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِن لاِمْرَأةِ هلاَل بْنِ أمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلْتُ: لا أسْتَأذِنُ فيها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يُدْرِيني مَاذَا يقُول رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ! فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ لَنا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنا، ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحالِ الَّتي ذَكَرَ الله تَعَالَى مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أوفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بِأعْلَى صَوتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أبْشِرْ، فَخَرَرْتُ سَاجِداً، وَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. فآذَنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ بِتَوْبَةِ الله - عز وجل - عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الفَجْر فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ ... إِلَيَّ فَرَساً وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، فَكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءني الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُني نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إيَّاهُ بِبشارته، وَاللهِ مَا أمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبسْتُهُما، وَانْطَلَقْتُ أتَأمَّمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَلَقَّاني النَّاسُ فَوْجاً ... فَوْجاً يُهنِّئونَني بالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ لِي: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ الله عَلَيْكَ. حَتَّى ... دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ حَوْلَه النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ - رضي الله عنه - يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَني وَهَنَّأَنِي، والله مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرينَ غَيرُهُ - فَكَانَ كَعْبٌ لا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/30) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مِنَ السُّرُور: «أبْشِرْ بِخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُذْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» فَقُلْتُ: أمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُول الله أَمْ مِنْ عِندِ الله؟ قَالَ: «لا، بَلْ مِنْ عِنْدِ الله - عز وجل -» ، وَكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رسولَ الله،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ أنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولهِ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمْسِكَ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ ... لَكَ» . فقلتُ: إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيبَر. وَقُلْتُ: يَا رسولَ الله، إنَّ الله تَعَالَى إِنَّمَا أنْجَانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ لا أُحَدِّثَ إلا صِدْقاً مَا بَقِيتُ، فوَالله مَا عَلِمْتُ أَحَداً مِنَ المُسْلِمينَ أبْلاهُ الله تَعَالَى في صِدْقِ الحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلِكَ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ مِمَّا أبْلانِي الله تَعَالَى، واللهِ مَا تَعَمَّدْتُ كِذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذلِكَ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَومِيَ هَذَا، وإنِّي لأرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي الله تَعَالَى فيما بَقِيَ، قَالَ: فأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} حَتَّى بَلَغَ: {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيم وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} حَتَّى بَلَغَ: {اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ... [التوبة (117: 119) ] قَالَ كَعْبٌ: واللهِ ما أنْعَمَ الله عَليَّ مِنْ نعمةٍ قَطُّ بَعْدَ إذْ هَدَاني اللهُ للإِسْلامِ أَعْظَمَ في نَفْسِي مِنْ صِدقِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ لا أكونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذينَ كَذَبُوا؛ إنَّ الله تَعَالَى قَالَ للَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فقال الله تَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة (95، 96) ] </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/31) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ كَعْبٌ: كُنّا خُلّفْنَا أيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أمْرِ أُولئكَ الذينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وأرجَأَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أمْرَنَا حَتَّى قَضَى الله تَعَالَى فِيهِ بذِلكَ. قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَليْسَ الَّذِي ذَكَرَ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخلُّفُنَا عن الغَزْو، وإنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إيّانا وإرْجَاؤُهُ أمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ واعْتَذَرَ إِلَيْهِ فقبِلَ مِنْهُ. مُتَّفَقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبْوكَ يَومَ الخَميسِ وكانَ يُحِبُّ أنْ يخْرُجَ يومَ الخمِيس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: وكانَ لا يقْدمُ مِنْ سَفَرٍ إلا نَهَاراً في الضُّحَى، فإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بالمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أكثر من أربعين فائدة، منها: فضيلة الصدق، والحكم بالظاهر، وأنَّ القوي في الدين يؤاخذ بأشد مما يؤاخذ ضعيف الدين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز هجران المذنب أكثر من ثلاث إذا ظهرت فائدته، ولم يترتب عليه مفسدة، واستحباب الصدقة عند التوبة. وبالله التوفيق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[22] وَعَنْ أبي نُجَيد - بضَمِّ النُّونِ وفتحِ الجيم - عِمْرَانَ بنِ الحُصَيْنِ الخُزَاعِيِّ رضي الله عنهما: أنَّ امْرَأةً مِنْ جُهَيْنَةَ أتَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى، فقالتْ: يَا رسولَ الله، أصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - وَليَّها، فقالَ: «أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فإذا وَضَعَتْ فَأْتِني» فَفَعَلَ فَأَمَرَ بهَا نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فقالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُول الله وَقَدْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/32) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زَنَتْ؟ قَالَ: «لَقَدْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفضَلَ مِنْ أنْ جَادَتْ بنفْسِها لله - عز وجل -؟!» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ الحد يكفر الذنب، وأنه يصلي على المرجوم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: بيان عظم التوبة، وأنها تَجُبُّ الذنب وإن عظم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها، فتنضَّح الدم على وجه خالد فسبَّها، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبّه إياها، فقال: مهلاً يا خالد، فوالذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغُفر له، ثم أمر بها فصلى عليها ودُفنت» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال النووي: فيه: أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له، وظلاماتهم عنده، تكرار ذلك منه، وانتهاكه للناس، وأخذ أموالهم بغير حقها، وصرفها في غير وجهها. انتهى والله المستعان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[23] وعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «لَوْ أنَّ لابنِ آدَمَ وَادِياً مِنْ ذَهَبٍ أحَبَّ أنْ يكُونَ لَهُ وَادِيانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إلا التُّرَابُ، وَيَتْوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ» . مُتَّفَقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ الإِنسان لا يزال حريصًا على الدنيا حتى يموت، ويمتلئ جوفه من تراب قبره، إلا من لطف الله به. قال الله تعالى:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الآيات [المعارج (19: 25) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/33) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[24] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «يَضْحَكُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى رَجُلَيْنِ يقْتلُ أَحَدهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا في سَبيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتلِ فَيُسْلِم فَيُسْتَشْهَدُ» . مُتَّفَقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ختم المصنف الباب بهذا الحديث إشارة إلى أنَّ الإنسان ينبغي له أن يتوب من الذنب الذي اقترفه وإن كان كبيرًا، ولا يؤيسه ذلك من رحمة الله، فإن الله واسع المغفرة. قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر (53) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">3- باب الصبر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران (200) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الصبر ثلاثةُ أَنواع: صبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم الله، وصبرٌ على أقدار الله. وقد أَمر الله تعالى بالصبر على ذلك كله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَصَابِرُوا} أي: غالبوا الكفار بالصبر فلا يكونوا أَشدَّ صبرًا منكم، فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَرَابِطُوا} أي: أقيموا على الجهاد. قال - صلى الله عليه وسلم -: «رباطُ يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها» . وقال - صلى الله عليه وسلم -: ... «أَلا أَدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات» ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إِسباغ الوضوء على المكاره، وكَثْرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فذلكم الرباط، فذالكم الرباط» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/34) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة (155) ] ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">على البلايا والرزايا بالذكر الجميل والثَواب الجزيل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب} [الزمر (10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: بغيرِ مكْيالٍ، ولا وزن، فلا جزاء فوق جزاء الصبر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى (43) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: مَنْ صبر فلم ينتصر لنفسه وتجاوز عن ظالمه، فإِن ذلك من الأمور المشكورة، والأفعال الحميدة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة (153) ]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: استعينوا على طلب الآخرة بحبس النَّفْس عن المعاصي، والصبر على أداء الفرائض، فإنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} أي: ثقيلة {إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} أي: المؤمنين حقًّا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} ... [محمد (31) ] ، وَالآياتُ في الأمر بالصَّبْر وَبَيانِ فَضْلهِ كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ولنختبرنكم بالتكاليف حتى يتميز الصادق في دينه من الكاذب. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج (11) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/35) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالآيَاتُ في الأَمْرِ بِالصَّبْرِ وَبَيَانِ فَضْلهِ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: إنَّ الصبر ذُكِرَ في مئة موضع من القرآن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[25] وعن أبي مالكٍ الحارث بن عاصم الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ ... رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان، والحَمدُ لله تَمْلأُ الميزَانَ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَسُبْحَانَ الله والحَمدُ لله تَملآن - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَينَ السَّماوات وَالأَرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدقةُ بُرهَانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والقُرْآنُ حُجةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ. كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ نَفسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُها» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «الطُّهُور شَطْرُ الإِيمان» ، أي: نصفه؛ لأَن خِصال الإيمان قسمان: ظاهرة، وباطنة، فالطهور من الخصال الظاهرة، والتوحيد من الخصال الباطنة. قال - صلى الله عليه وسلم -: «ما منكم من أَحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أَن لا إِله إِلا الله، وأَشهد أَن محمدًا عبده ورسوله، إِلا فتحت له أَبواب الجنة الثمانية يدخل في أَيِّها شاء» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «والحمد لله تملأ الميزان» أي: أَجرها يملأ ميزان الحامد لله تعالى. وفي الحديث الآخر: «التسبيح نصف الميزان، والحمد لله تملؤه، ولا إِله إِلا الله ليس لها دون الله حجابٌ حتى تصل إِليه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وسببُ عظم فضل هذه الكلمات: ما اشتملت عليه من التنزيه لله تعالى، وتوحيده، والافتقار إِليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «والصلاة نورٌ» أي: لصاحبها في الدنيا، وفي القبر، ويوم القيامة. «والصدقة برهان» أي: دليلٌ واضح على صحة الإِيمان. ... «والصبر ضياء» ، وهو النور الذي يحصل فيه نوعُ حرارة؛ لأَنَّ الصبر لا يحصل إِلا بمجاهدة النفس. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/36) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«والقرآن حجةٌ لك أَو عليك» أي: إِن عملت به فهو حجة لك، وإلا فهو حجة عليك. قوله: «كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقُها»</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: كل إِنسان يسعى، فمنهم من يبيع نفسه لله بطاعته فيعتقها من النار، ومنهم مَنْ يبيعها للشيطان والهوى فيهلكها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: «يا ابن آدم إنك تغدو وتروح في طلب الأَرباح، فليكن هَمُّك نفسك، فإِنك لن تربح مثلها أَبدًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[26] وعن أبي سَعيد سعدِ بن مالكِ بنِ سنانٍ الخدري رضي الله عنهما: أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصَارِ سَألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِندَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أنْفْقَ كُلَّ شَيءٍ بِيَدِهِ: «مَا يَكُنْ عِنْدي مِنْ خَيْر فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ. وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْر» . مُتَّفَقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على الاستعفاف، وأَنَّ مَنْ رزقه الله الصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا، فقد أعطاه خيرًا كثيرًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[27] وعن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلا للمُؤْمِن: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فَضْلُ الشكر على السّرّاء والصبر على الضرّاء، فمن فعل ذلك حصل له خيرُ الدارين، ومَنْ لم يشكر على النعمة، ولم يصبر على المصيبة، فاته الأَجر، وحصل له الوِزْر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/37) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[28] وعن أنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَعلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها: وَاكَربَ أَبَتَاهُ. فقَالَ: «لَيْسَ عَلَى أَبيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ» فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبّاً دَعَاهُ! يَا أَبتَاهُ، جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ! يَا أَبَتَاهُ، إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضي الله عنها: أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ؟! رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جوازُ التوجع للميِّت عند احتضاره، وأَنه ليس من النياحة. ومناسبة إِيراده في باب الصبر: صبرُهُ - صلى الله عليه وسلم - على ما هو فيه من سكرات الموت، وشدائده، ورضاه بذلك، وتسكين ما نزل بالسيدة فاطمة من مشاهدة ذلك بقوله: «لا كرب عَلَى أَبيكِ بَعْدَ اليَوْمِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[29] وعن أبي زَيدٍ أُسَامَةَ بنِ زيدِ بنِ حارثةَ مَوْلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وحِبِّه وابنِ حبِّه رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ بنْتُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّ ابْني قَد احْتُضِرَ فَاشْهَدنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرئُ السَّلامَ، ويقُولُ: «إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» فَأَرسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيهِ لَيَأتِينَّهَا. فقامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابتٍ، وَرجَالٌ - رضي الله عنهم -، فَرُفعَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الصَّبيُّ، فَأقْعَدَهُ في حِجْرِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَينَاهُ فَقالَ سَعدٌ: يَا رسولَ الله، مَا هَذَا؟ فَقالَ: «هذِهِ رَحمَةٌ جَعَلَها اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عِبَادِهِ» وفي رواية: «فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّما يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/38) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَمَعنَى «تَقَعْقَعُ» : تَتَحرَّكُ وتَضْطَربُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جوازُ استحضار أهل الفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم، واستحباب إبرار القسم، وأمر صاحب المصيبة بالصبر قبل وقوع الموت ليقع وهو مستشعر بالرضا مقاومًّا للحزن بالصبر , وفيه: جواز البكاء من غير نوح ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[30] وعن صهيب - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ: إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلاماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ؛ فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلاماً يُعَلِّمُهُ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب، فَقَالَ: إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ: اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ؟ فَأخَذَ حَجَراً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإن ابْتُلِيتَ فَلا تَدُلَّ عَلَيَّ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرىءُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء. فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ، فَقَالَ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/39) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي، فَقَالَ: إنّي لا أشْفِي أحَداً إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى، فَإنْ آمَنْتَ بالله تَعَالَى دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ، فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيري؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ، فَجيء بالغُلاَمِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرئ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ! فَقَالَ: إنِّي لا أَشْفي أحَداً، إِنَّمَا يَشفِي الله تَعَالَى. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ: ارجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإلا فَاطْرَحُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ فَسَقَطُوا، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانِيهمُ الله تَعَالَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإنْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلا فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ، فانْكَفَأَتْ بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ. فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فعلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانيهمُ الله تَعَالَى. فَقَالَ لِلمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/40) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ: بسْم الله ربِّ الغُلاَمِ، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني، فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ. قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ: يَا أُمهْ اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ!» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«ذِروَةُ الجَبَلِ» : أعْلاهُ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا - و «القُرْقُورُ» : بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن وَ «الصَّعيدُ» هُنَا: الأَرضُ البَارِزَةُ وَ «الأُخْدُودُ» الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ الصَّغير، وَ «أُضْرِمَ» : أوْقدَ، وَ «انْكَفَأتْ» أَي: انْقَلَبَتْ، وَ «تَقَاعَسَتْ» : تَوَقفت وجبنت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القُرطبي: اسم الغلام عبد الله بن ثامر. وذُكر عن ابن عباس أَن الملك كان بنجران.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: إِثبات كرامة الأَولياء. وفيه: نصرُ مَنْ توكل على الله سبحانه، وانتصر وخرج عن حَوْل نفسه وقواها. وفيه: أَنَّ أَعمى القلب لا يبصر الحق. وفيه: بيان شرف الصبر والثبات على الدِّين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/41) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[31] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتّقِي الله واصْبِري» فَقَالَتْ: إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ، فَقيلَ لَهَا: إنَّه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فقالتْ: لَمْ أعْرِفكَ، فَقَالَ: «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ ... الأُولى» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أَن ثواب الصبر إِنَّما يحصل عند مفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعدها، فإن صاحبها يسلو كما تسلو البهائم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[32] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لعَبدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلا الجَنَّةَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا من الأحاديث القدسية، وفيه: أَنَّ مَنْ صبر على المصيبة واحتسب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثوابها عند الله تعالى، فإنَّ جزاءه الجنَّة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[33] وعن عائشةَ رضيَ الله عنها: أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ إلا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيدِ. رواه البخاري. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/42) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فَضْلُ الصبر على الأَقدار والاحتساب لثوابها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: إِنَّ الصابر في الطاعون يأمن من فَتَّان القبر؛ لأَنه نظير المرابطة في سبيل الله. وقد صحَّ ذلك في المرابط كما في (مسلم) وغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[34] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله - عز وجل -، قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ» يريد عينيه، رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث القدسي: أَن من صبر على فقد بصره واحتسب أجره عند الله تعالى: عَوَّضه عن ذلك الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[35] وعن عطَاء بن أبي رَباحٍ قَالَ: قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللهُ عنهما: ألا أُريكَ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: إنّي أُصْرَعُ، وإِنِّي أتَكَشَّفُ، فادْعُ الله تَعَالَى لي. قَالَ: «إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ الله تَعَالَى أنْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يُعَافِيكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ الله أنْ لا أَتَكَشَّف، فَدَعَا لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/43) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فَضْلُ الصبر على البلاء، وعظم ثواب مَنْ فَوَّض أَمره إلى الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[36] وعن أبي عبد الرحمنِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيّاً مِنَ الأَنْبِياءِ، صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ، ضَرَبه قَوْمُهُ فَأدْمَوهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَومي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ» . مُتَّفَقٌ علَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضلُ الصبر على الأَذي، ومقابلة الإِساءة والجهل بالإحسان والحِلْم {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ 35} [فُصِّلت (35) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[37] وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «مَا يُصيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ، وَلا حَزَنٍ، وَلا أذَىً، وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">و «الوَصَبُ» : المرض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أَنَّ الأمراض وغيرها من المؤذيات مُطهرةٌ للمؤمن من الذنوب، فَيَنْبَغِي الصَّبرُ على ذلك ليحصل له الأَجرُ، والمصاب مَنْ حُرِم الثواب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[38] وعن ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: دخلتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يُوعَكُ، فقلت: يَا رسُولَ الله، إنَّكَ تُوْعَكُ وَعْكاً شَدِيداً، قَالَ: «أجَلْ، إنِّي أوعَكُ كمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنكُمْ» . قلْتُ: ذلِكَ أن لَكَ أجْرينِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، ذلِكَ كَذلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصيبُهُ أذىً، شَوْكَةٌ فَمَا فَوقَهَا إلا كَفَّرَ اللهُ بهَا سَيِّئَاتِهِ، وَحُطَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ (الوَعْكُ) : مَغْثُ الحُمَّى، وَقيلَ: الحُمَّى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَجَلْ: جوابٌ مثل نعم، إِلا أَنَّه أَحسن من نعم في التصديق، ونعم، أَحسن في الاستفهام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: فضل الصبر على الأَمراض والأَعراض، وأَنها تُكَفِّر السيِّئات، وتحط الذنوب. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/44) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «أّشدُّ الناس بلاءً الأَنبياء، ثم الأَمثل، فالأَمثل» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[39] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَضَبَطُوا «يُصِبْ» بفَتْح الصَّاد وكَسْرها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أَنَّ المؤمن لا يخلو من عِلَّة أَو قلة، أَو ذلّة، وذلك خير له حالاً ومآلاً. قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة (155) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[40] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ فاعلاً، فَليَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيراً لِي، وَتَوفّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيراً لي» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن تمنِّي الموت جزعًا من البلاء الدنيوي، بل يصبر على قدر الله ويسأَله العافية، ويفوِّض أَمره إِلى الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[41] وعن أبي عبد الله خَبَّاب بنِ الأَرتِّ - رضي الله عنه - قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى ... رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ، فقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألا تَدْعُو لَنا؟ فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/45) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نصفَينِ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ ... لا يَخَافُ إلا اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينا مِنَ المُشْرِكِينَ شدَّةً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مَدْحُ الصبر على العذاب في الدين، وكراهة الاستعجال. قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة (214) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[42] وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ حُنَينٍ آثَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَاساً في القسْمَةِ، فَأعْطَى الأقْرَعَ بْنَ حَابسٍ مئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَة بْنَ حصن مِثْلَ ذلِكَ، وَأَعطَى نَاساً مِنْ أشْرافِ العَرَبِ وآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في القسْمَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ: واللهِ إنَّ هذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُريدَ فيهَا وَجْهُ اللهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَتَيْتُهُ فَأخْبَرتُهُ بمَا قَالَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كالصِّرْفِ. ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لم يَعْدِلِ ... اللهُ وَرسولُهُ؟» ثُمَّ قَالَ: «يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبر» . فَقُلْتُ: لا جَرَمَ لا أرْفَعُ إِلَيْه بَعدَهَا حَدِيثاً. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَوْلُهُ: «كالصِّرْفِ» هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ: وَهُوَ صِبْغٌ أحْمَر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحبابُ الإِعراض عن الجاهل والصفح عن الأَذى والتأَسِّي بمن مضى من الصالحين، قال الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان (63) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/46) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[43] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَرَادَ الله بعبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنْيا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ الشَّرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يومَ القِيَامَةِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَإنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على الصبر على ما تجري به الأَقدار، وأَنه خيرٌ للناس في الحال والمآل، فمن صبر فاز، ومن سخط فاته الأَجر وثبت عليه الوِزْر، ومضى فيه القدر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[44] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ - رضي الله عنه - يَشتَكِي، فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أمُّ سُلَيم وَهِيَ أمُّ الصَّبيِّ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إليه العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ منْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَتْ: وَارُوا الصَّبيَّ فَلَمَّا أَصْبحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ، فَقَالَ: «أعَرَّسْتُمُ اللَّيلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا» ، فَوَلَدَتْ غُلاماً، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَراتٍ، فَقَالَ: «أَمَعَهُ شَيءٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، تَمَراتٌ، فَأخَذَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا في فِيِّ الصَّبيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ الله. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبُخَارِيِّ: قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/47) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَرَأيْتُ تِسعَةَ أوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَؤُوا القُرْآنَ، يَعْنِي: مِنْ أوْلادِ عَبدِ الله المَولُودِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَفي رواية لمسلمٍ: مَاتَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ مِنْ أمِّ سُلَيمٍ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْه عَشَاءً</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا. فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيتَ لو أنَّ قَوماً أعارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أن يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لا، فَقَالَتْ: فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: تَرَكْتِني حَتَّى إِذَا تَلطَّخْتُ، ثُمَّ أخْبَرتني بِابْنِي؟! فانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى ... رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَارَكَ اللهُ في لَيْلَتِكُمَا» ، قَالَ: فَحَمَلَتْ. قَالَ: وَكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ وَهيَ مَعَهُ، وَكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لا يَطْرُقُهَا طُرُوقاً فَدَنَوا مِنَ المَدِينَة، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وانْطَلَقَ ... رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ: يَقُولَ أَبُو طَلْحَةَ: إنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أنْ أخْرُجَ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى، تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أجدُ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلدَت غُلامَاً. فَقَالَتْ لِي أمِّي: يَا أنَسُ، لا يُرْضِعْهُ أحَدٌ حَتَّى تَغْدُو بِهِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/48) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فَضْلُ الصبر والتسليم لأَمر الله تعالى، وأَنِّ مَنْ فعل ذلك رجي له الإِخلاف في الدنيا، والأَجر في الآخرة كما في الدُّعاء المأثور: « (اللهم أَجرني في مصيبتي، واخلف لِي خيرًا منها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التسلية عن المصائب، وتزين المرأَة لزوجها، واجتهادها في عمل مصالحه، ومشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورةُ إليها، ولم يترتب عليها إِبطالُ حق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أَنَّ مَنْ ترك شيئًا لله عوضه اللهُ خيرًا منه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[45] وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَالصُّرَعَةُ» : بضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وأَصْلُهُ عِنْدَ العَرَبِ مَنْ يَصْرَعُ النَّاسَ كَثيراً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مَدْح من يملك نفسه عند الغضب. قال الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران (134) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والغضب: جماع الشر، والتحرز منه جماع الخير، وقال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أوصني. قال: «لا تغضب» ، فردَّد مرارًا. قال: «لا تغضب» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال عمر بن عبد العزيز: قد أَفْلح مَنْ عُصِم من الهوى، والغضب، والطمع. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/49) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[46] وعن سُلَيْمَانَ بن صُرَدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ، وَأَحَدُهُمَا قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ذَهَبَ عنْهُ مَا يَجِدُ» . فَقَالُوا لَهُ: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَعَوّذْ باللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الشيطان هو الذي يثير الغضب ويشعل النار، وأن دواءه الاستعاذة. قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الاعراف (200) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[47] وعن معاذِ بنِ أَنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيظاً، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ يَومَ القِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الحُورِ العِينِ مَا شَاءَ» . رواه أَبو داود والترمذي، وَقالَ: (حديث حسن) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رُوى أنَّ الحسين بن علي رضي الله عنهما كان له عبدٌ يقوم بخدمته ويقرب إليه طهره، فقرب إليه طهره ذات يوم في كُوز، فلما فَرَغ الحسين من طهوره رفع العبدُ الكوز من بين يديه، فأصاب فم الكوز رباعية الحسين فكسرها، فنظر إليه الحسين، فقال العبد: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} قال: قد كظمتُ غيظي. فقال: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} . قال: قد عفوت عنك. قال: {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال: اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/50) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[48] وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رَجُلاً قَالَ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أوصِني. قَالَ: «لا تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِراراً، قَالَ: «لا تَغْضَبْ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه وصيةٌ وجيزة نافعة؛ لأَنَّ الغضب يجمع الشرَّ كله، وهو باب من من مداخل الشيطان. وفي الحديث دليلٌ على عظم مفسدة الغضب، وما</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ينشأ منه؛ لأَنه يُخرج الإِنسان عن اعتداله فيتكلم بالباطل، ويفعل المذموم والقبيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[49] وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا يَزَالُ البَلاَءُ بالمُؤمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ في نفسِهِ ووَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن صحيح) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ المصائبَ والمتاعب النازلة بالمؤمن الصابر من المرض، والفقر، وموت الحبيب، وتلف المال، ونقصه: مكفَّرات لخطاياه كلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[50] وعن ابْنِ عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه -، وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ - رضي الله عنه - وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولاً كانُوا أَوْ شُبَّاناً، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ: يَا ابْنَ أخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ. فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: هِي يَا ابنَ الخَطَّابِ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/51) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أميرَ المُؤْمِنينَ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف (199) ] وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، واللهِ مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا، وكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أَنَّه ينبغي لولي الأَمر مجالسة القراء والفقهاء ليذكروه إذا نسي، ويعينوه إذا ذكر. وفيه: الحِلْم والصفح عن الجهال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال جعفر الصادق: ليس في القرآن آيةٌ أَجمع لمكارم الأخلاق من هذه. ورُوي أَنَّ جبريل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ ربَّك يأمرك أن تصل مَنْ قطعك، وتُعطي مَنْ حرمك، وتعفوَ عَمَّن ظلمك» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والخطاب له - صلى الله عليه وسلم - يدخل في حكمه أُمَّته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[51] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّهَا سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها!» قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمَّا تَأْمُرُنا؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَالأَثَرَةُ» : الانْفِرادُ بالشَّيءِ عَمنَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الصَّبْر على جَور الولاة، وإِن استأثروا بالأَموال، فإن الله سائلهم عما استرعاهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[52] وعن أبي يحيى أُسَيْد بن حُضَير - رضي الله عنه -: أنَّ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ قَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا رسولَ الله، ألا تَسْتَعْمِلُني كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً، فَقَالَ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/52) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«إنكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الحَوْضِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَأُسَيْدٌ» : بضم الهمزة. «وحُضيْرٌ» : بحاءٍ مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: إِنَّ وجه المناسبة بين الجواب والسؤال أَنَّ من شأن العامل الاستئثار إِلا مَنْ عصم الله، فَأشفق عليه - صلى الله عليه وسلم - مِن أَن يقع فيما يقع فيه بعضُ من يأتي</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بعده من الملوك، فَيَسْتأثر على ذوي الحقوق، وهذا من جملة معجزاته - صلى الله عليه وسلم - فقد وقع كما أَخبر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[53] وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وبالله التوفيق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الدعاء حال الشدائد، والخروج من الحول والقوة، والنهي عن تمنِّي لقاء العدو، والأَمر بالصبر والثبات عند اللقاء. وفيه: الحضُّ على الجهاد. وفيه: الجمع بين الأَخذ بالأَسباب، والتوكُّل على الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">4- باب الصدق</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة (119) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: اتقوا الله بترك ما نهى عنه، وكونوا مع الصادقين في نياتهم وأعمالهم وأقوالهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/53) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} [الأحزاب (35) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: الصادقين في جميع الأحوال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} [محمد (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لو صدقوا الله في الإيمان والطاعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[54] فالأول: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ، وإنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ الله كَذَّاباً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">البر: اسم جامع للخير كله. والفجور: الأعمال السيئة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: حق على كل من فهم عن الله أن يلازم الصدق في الأقوال، والإخلاص في الأعمال، والصفاء في الأحوال. فمن كان كذلك لحق بالأبرار، ووصل إلى رضاء الغفار. وقد أرشد تعالى إلى ذلك كله بقوله عند ذكر أحوال الثلاثة التائبين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة (119) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[55] الثاني: عن أبي محمد الحسن بنِ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما قَالَ: حَفظْتُ مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/54) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَا لا يَرِيبُكَ؛ فإنَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الصِّدقَ طُمَأنِينَةٌ، وَالكَذِبَ رِيبَةٌ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «يَريبُكَ» هُوَ بفتح الياء وضمها: ومعناه اتركْ مَا تَشُكُّ في حِلِّهِ وَاعْدِلْ إِلَى مَا لا تَشُكُّ فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى هذا الحديث: يرجع إلى الوقوف عند الشبهات، ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه إشارة إلى الرجوع إلى القلوب الطاهرة والنفوس الصافية عند الاشتباه، فإن نفس المؤمن جبلت على الطمأنينة إلى الصدق، والنفر من الكذب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[56] الثالث: عن أبي سفيانَ صَخرِ بنِ حربٍ - رضي الله عنه - في حديثه الطويلِ في قصةِ هِرَقْلَ، قَالَ هِرقلُ: فَمَاذَا يَأَمُرُكُمْ - يعني: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أبو سفيانَ: قُلْتُ: يقولُ: «اعْبُدُوا اللهَ وَحدَهُ لا تُشْرِكوُا بِهِ شَيئاً، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَلاةِ، وَالصِّدْقِ، والعَفَافِ، وَالصِّلَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الصدق من أشرف مكارم الأخلاق، وهو محبوب عند الخالق والمخلوق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والعفاف: الكف عن المحارم، وخوارم المروءة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[57] الرابع: عن أبي ثابت، وقيل: أبي سعيد، وقيل: أبي الوليد، سهل بن حُنَيْفٍ وَهُوَ بدريٌّ - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ الله مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ من نوى شيئًا من أعمال البرّ صادقًا من قلبه أُثيب عليه، وإن لم يتفق له ذلك. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/55) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[58] الخامس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «غَزَا نبيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهمْ فَقَالَ لِقَومهِ: لا يَتْبَعَنِّي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأةٍ وَهُوَ يُريدُ أنْ يَبْنِي بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلا أحَدٌ بَنَى بُيُوتاً لَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلا أحَدٌ اشْتَرَى غَنَماً أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلادَها. فَغَزا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَريباً مِنْ ذلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأمُورَةٌ وَأنَا مَأمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءتْ - يعني النَّارَ - لِتَأكُلَهَا فَلَمْ تَطعَمْها، فَقَالَ: إنَّ فِيكُمْ غُلُولاً، فَلْيُبايعْنِي مِنْ كُلِّ قَبيلةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يد رجل بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فَجَاؤُوا بِرَأْس مثل رأس بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعَهَا فَجاءت النَّارُ فَأكَلَتْها. فَلَمْ تَحلَّ الغَنَائِمُ لأحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أحَلَّ الله لَنَا الغَنَائِمَ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنا وَعَجْزَنَا فَأحَلَّهَا لَنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الخَلِفَاتُ» بفتحِ الخَاءِ المعجمة وكسر اللامِ: جمع خِلفة وهي الناقة ... الحامِل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع ومحبةِ البقاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الأمور المهمّة لا ينبغي أن تفوَّض إلا لحازم فارغ البال لها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: نهي النبيُّ قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال؛ لأنَّ أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم، وتفتر رغباتهم </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/56) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الجهاد والشهادة، وربّما يفرط ذلك التعلّق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومقصود هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرغهم من العوائق والاشتغال إلى تمنَّي الشهادة بنيِّة صادقة، وعزم حازم، ليتحصَّلوا على الحظ الأوفر والأجر الأكبر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[59] السادس: عن أبي خالد حَكيمِ بنِ حزامٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «البَيِّعَانِ بالخِيَار مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإنْ صَدَقا وَبيَّنَا بُوركَ لَهُمَا في بيعِهمَا، وإنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بركَةُ بَيعِهِما» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الصدق والحث عليه، وذم الكذب والتحذير منه، وإنه سبب لذهاب البركة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على ثبوت خيار المجلس للبائع والمشتري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">5- باب المراقبة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء (218، 219) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى مخاطبًا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وتوكَّل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم إلى الصلاة، وتقلُّبك راكعًا وقائمًا وساجدًا وقاعدًا في الساجدين - أي: المصلين - يعني: يراك إذا صلَّيت منفردًا وإذا صلَّيت في جماعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمراقبة هي أحد مقامَيْ الإحسان، وهو: أنْ تعبد الله كأنَّك تراه، فإنْ لم تكنْ تراه فإنه يراك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم} [الحديد (4) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/57) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا ينفكّ علمه عنكم. كم قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة (7) ]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران (5) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى أنه يعلم غيبَ السماء والأرض لا يخفى عليه شيء من ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر (14) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} قال ابن عباس: يسمع ويرى. يعني: يرصد خلقه فيما يعملون، وسيجازي كلاً بسعيه في الدنيا والآخرة، وسيعرض الخلائقَ كلّهم عليه فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلاً بما يستحقّه، وهو المنزّه عن الظلم والجور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر ... (19) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يخبر عزَّ وجلّ عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حقَّ الحياء، ويتَّقوه حقَّ تقواه ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآياتُ في الْبَابِ كَثيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء وَلا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس (61) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وغيرها من الآيات. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/58) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[60] فالأول: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ: يَا مُحَمَّدُ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... «الإسلامُ: أنْ تَشْهدَ أنْ لا إلهَ إلا الله وأنَّ مُحمَّداً رسولُ الله، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلاً» . قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ!</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ: «أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِر، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ» . قَالَ: صَدقت. قَالَ: فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ. قَالَ: «أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: فَأَخْبِرني عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: «مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأعْلَمَ مِنَ ... السَّائِلِ» . قَالَ: فأخبِرني عَنْ أمَاراتِهَا. قَالَ: «أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وأنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيّاً، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/59) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «تَلِدُ الأَمَةُ رَبَّتَهَا» أيْ سَيِّدَتَهَا؛ ومعناهُ: أنْ تَكْثُرَ السَّراري حَتَّى تَلِدَ الأَمَةُ السُّرِّيَّةُ بِنْتاً لِسَيِّدِهَا وبنْتُ السَّيِّدِ في مَعنَى السَّيِّدِ وَقيلَ غَيْرُ ذلِكَ. وَ «العَالَةُ» : الفُقَراءُ. وقولُهُ: «مَلِيّاً» أَيْ زَمَناً طَويلاً وَكانَ ذلِكَ ثَلاثاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا حديث عظيم، مشتمل على جميع الأعمال الظاهرة والباطنة. وعلومُ الشريعة راجعة إليه، فهو كالأمَّ للسُّنَّة. كما سُمَّيت الفاتحة: أم القرآن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[61] الثاني: عن أبي ذر جُنْدُب بنِ جُنادَةَ وأبي عبدِ الرحمنِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنهما عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه وصية عظيمة جامعة لحقوق الله تعالى وحقوق عباده، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ} [النساء (131) ] ، وتقوى الله تعالى: طاعته، بامتثال أمره واجتناب نهيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود (114، 115) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن المبارك: حُسْن الخُلُق: بسط الوجه، وبذلُ المعروف، وكفّ الأذى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد وصف الله المتقين في كتابه بمثل ما وصّى به النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، فقال عزَّ وجلّ: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/60) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران (133: 136) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[62] الثالث: عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كنت خلف النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فَقَالَ: «يَا غُلامُ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَاعْلَمْ: أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية غيرِ الترمذي: «احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ: أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَاعْلَمْ: أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث أصل عظيم في مراقبة الله، ومراعاة حقوقه، والتفويض لأمره، والتوكل عليه، وشهود توحيده وتفرُّده، وعجز الخلائق كلَّهم وافتقارهم إليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[63] الرابع: عن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: إِنَّكُمْ لَتعمَلُونَ أعْمَالاً هي أدَقُّ في أعيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المُوبِقاتِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ: «المُوبقاتُ» : المُهلِكَاتُ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/61) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كمال مراقبة الصحابة رضي الله عنهم لله تعالى، وكمال استحيائهم منه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الإنسان ينبغي له أن يحذر من صغار الذنوب، فلعلها تكون المهلكة له في دينه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كما يتحرز من يسير السموم خشية أن يكون فيها حتفه، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر (28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «إن المؤمن يرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كأنه ذباب مرّ على أنفه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[64] الخامس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيرَةُ الله تَعَالَى، أنْ يَأتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ الله عَلَيهِ» . متفق عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">و «الغَيْرةُ» : بفتحِ الغين، وَأَصْلُهَا الأَنَفَةُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مراقبة الله تعالى والخوف من غضبه وعقوبته إذا انتُهكت محارمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[65] السادس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، يقُولُ: «إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ: أبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسنٌ، وَجِلدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً وجِلْدًا حَسَنًا. فَقَالَ: فَأيُّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/62) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المَالِ أَحَبُّ إِليكَ؟ قَالَ: الإِبلُ - أَوْ قالَ: البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عُشَرَاءَ، فَقَالَ: بَاركَ الله لَكَ فِيهَا. فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً. قالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: البَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً، وَقالَ: بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَأَتَى الأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ الله إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: الغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ، فَقَالَ: رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلا باللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ، والجِلْدَ الحَسَنَ، وَالمَالَ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري، فَقَالَ: الحُقُوقُ كثِيرةٌ. فَقَالَ: كأنِّي اعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللهُ!؟ فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ، فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ الله إِلَى مَا كُنْتَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا، فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري؟ فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/63) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا أجْهَدُكَ اليَومَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ - عز وجل -. فَقَالَ: أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ. فَقَدْ رضي الله عنك، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">و «النَّاقةُ العُشَرَاءُ» بضم العين وفتح الشين وبالمد: هي الحامِل. قوله: «أنْتَجَ» وفي رواية: «فَنتَجَ» معناه: تولَّى نِتاجها، والناتج لِلناقةِ كالقابِلةِ للمرأةِ. وقوله: «وَلَّدَ هَذَا» هُوَ بتشديد اللام: أي تولى ولادتها، وَهُوَ بمعنى أنتج في الناقة، فالمولّد، والناتج، والقابلة بمعنى؛ لكن هَذَا لِلحيوان وذاك لِغيرهِ. وقوله: «انْقَطَعَتْ بي الحِبَالُ» هُوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ الموحدة: أي الأسباب. وقوله: «لا أجْهَدُكَ» معناه: لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أَوْ تطلبه من مالي. وفي رواية البخاري: «لا أحمَدُكَ» بالحاءِ المهملة والميمِ ومعناه: لا أحمدك بترك شيء تحتاج إِلَيْه، كما قالوا: لَيْسَ عَلَى طولِ الحياة ندم: أي عَلَى فواتِ طولِها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحذير من كفران النعم، والترغيب في شكرها، والاعتراف بها، وحمد الله عليها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل الصدقة، والحث على الرفق بالضعفاء، وإكرامهم وتبليغهم مآربهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الزجرُ عن البخل؛ لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[66] السابع: عن أبي يعلى شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ، والعَاجِزُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/64) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الترمذي وغيره من العلماء: معنى «دَانَ نَفْسَهُ» : حاسبها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكَيِّس: العاقل، وهو الذي يمنع نفسه عن الشهوات المحرمة ويعمل بطاعة الله تعالى. والعاجز: هو التارك لطاعة الله المتمنِّي على الله. قال تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [النساء (123، 124) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[67] الثامن: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ» . حديث حسن. رواه الترمذي وغيرُه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث أصل عظيمٌ من أصول الأدب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ قال: صِدْقُ الحديث، وأداء الأمانة، وترْكُ ما لا يعنيني.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال سهل بن عبد الله التُّسْتَري: مَن تكلَّم فيما لا يعنيه حُرم الصدق. ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أول من يدخل عليكم رجل من أهل ... الجنة» ، فدخل عليهم عبد الله بن سلام، فقام إليه ناسٌ فأخبروه، وقالوا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">له: أخبرنا بأوثق عملك في نفسك؟ قال: إن عملي لضعيف، وأوثق ما أرجو به سلامة الصدر، وتركي ما لا يعنيني.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الغزالي: حدُّ ما لا يعنيك في الكلام: أنْ تتكلَّم بما لو سَكَتَّ عنه لم تأثم، ولم تتضرر حالاً ولا مآلاً. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/65) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[68] التاسع: عن عُمَرَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ» . رواه أبو داود وغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا يُسأل بأي سبب ضرب امرأته، لإحتمال أنْ يكون السبب مما يُستحيا من ذكره، كالامتناع من التمكين، بل يترك ذلك إليه وإلى مراقبته لمولاه، إلا إن احتاج الأمر إلى الرفع إلى الحكام. قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء (34) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">6- باب التقوى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران (102) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن (16) ] . وهذه الآية مبينة للمراد مِنَ الأُولى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التقوى: امتثال أوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه حسب الطاقة، وأصلها في اللغة: اتخاذ وقاية تقيك مما تخافه وتحذره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب (70، 71) ] ، وَالآيات في الأمر بالتقوى كثيرةٌ معلومةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، وأنْ يعبدوه عبادةً </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/66) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَنْ كأنه يراه، وأنْ يقولوا قولاً سديدًا، أي: مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأنْ يصلح لهم أعمالهم، أي: يوفِّقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع منهم في المستقبل، يلهمهم التوبة منها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثم قال: {وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب (71) ] ، وذلك أنه يُجار من نار الجحيم، ويصير إلى النعيم المقيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق (2، 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي: ومن يتق الله فيما أمره به وتركَ ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، أي: من جهة لا تخطر بباله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي (المسند) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال (29) ] والآيات في البابِ كثيرةٌ معلومةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن إسحاق: فرقانًا: أي: فصلاً بين الحق والباطل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: فإنَّ من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره، وُفِّقَ لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سببَ نصره ونجاته، ومخرجه من أمور الدنيا، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/67) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وسعادته يوم القيامة، وتكفير ذنوبه، وهو محوها وغفرها وسترها عن الناس، وسببًا لنيل ثواب الله الجزيل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[69] فالأول: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ: يَا رسولَ الله، مَنْ أكرمُ النَّاس؟ قَالَ: «أَتْقَاهُمْ» . فقالوا: لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ، قَالَ: ... «فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابنُ نَبِيِّ اللهِ ابنِ نَبيِّ اللهِ ابنِ خليلِ اللهِ» قالوا: لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ، قَالَ: «فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلوني؟ خِيَارُهُمْ في الجَاهِليَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسْلامِ إِذَا فقُهُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">و «فَقُهُوا» بِضم القافِ عَلَى المشهورِ وَحُكِيَ كَسْرُها: أيْ عَلِمُوا أحْكَامَ الشَّرْعِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أنَّ أصحاب المروءات ومكارم الأخلاق في الجاهلية هم أصحابها في الإِسلام إذا علموا أحكام الشرع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[70] الثَّاني: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاء؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التحذيرُ من الاغترار بالدنيا، والميل إلى النساء، فإنهما فتنة لكل مفتون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[71] الثالث: عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعَفَافَ، وَالغِنَى» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الهدى: الرشاد. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/68) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والتقى: امتثال الأوامر واجتناب النواهي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والعفاف: التنزه عما لا يباح، وما لا يليق بالمروءة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والغنى: غنى النفس، والاغتناء عما في أيدي الناس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: شرف هذه الخصال والالتجاء إلى الله في سائر الأحوال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[72] الرابع: عن أبي طريفٍ عدِيِّ بن حاتمٍ الطائيِّ - رضي الله عنه -، قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى أتْقَى للهِ مِنْهَا فَليَأتِ التَّقْوَى» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني أن من حلفَ على فعل شيء أو تركه، فرأى غيره خيرًا من التمادي على اليمين واتقى الله، فَعَلَهُ وَكفَّر عن يمينه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[73] الخامس: عن أبي أُمَامَةَ صُدَيّ بنِ عجلانَ الباهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ في حجةِ الوداعِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا الله وَصلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا أُمَرَاءكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» . رواه الترمذي، في آخر كتابِ الصلاةِ، وَقالَ: (حديث حسن صحيح) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بدأ بالتقوى لأنها الأساس؛ لتناولها فعل سائر المأمورات، وترك سائر المناهي، وعطف عليها ما بعدها وهو من عطف العام على الخاص، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">7- باب في اليقين والتوكل</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب (22) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ما زادهم الابتلاء إلا تصديقًا بوعد الله وتسليمًا لأمره. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/69) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران (173: 174) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يمدح تعالى المؤمنينَ الذين استجابوا لله والرسول بأنَّ تخويف الناس لهم زادهم تصديقًا ويقينًا وقوة، وقالوا: {حَسْبُنَا اللهُ} ، أي: كافينا الله. {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي: الموكول إليه الأمور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان (58) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أنَّ من توكل على غير الله فقد ضاع؛ لأنه يموت. قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص (88) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم (11) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إذ هو الحي القيوم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} [آل عمران (159) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إذا عزمت على إمضاء ما تريد بعد المشاورة، فتوكل على الله، أي: ثِقْ به لا بالمشاورة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الأمرِ بالتوكلِ كثيرةٌ معلومةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق (3) ] : أي كافِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية والتي بعدها فضل التوكل وثمراته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال (2) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/70) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: يفوضون أمورهم إليه. وهذه الآية صفة المؤمنين حقًّا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عمير بن حبيب: إنَّ للإِيمان زيادة ونقصانًا. قيل: فما زيادته؟ قال: إذا ذكرنا الله عزَّ وجلّ وحمدناه فذلك زيادته. وإذا سهونا وغفلنا فذلك نقصانه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في فَضْلِ التَّوَكُّل كثيرةٌ مَعْرُوفَةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[74] فالأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأيْتُ النَّبيّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ، والنبي وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، والنبيَّ ولَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فقيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ، ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقيلَ لي: انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ، فقيلَ لِي: هذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفاً يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ» ، ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَقالَ بعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئاً - وذَكَرُوا أشيَاءَ - فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟» فَأَخْبَرُوهُ فقالَ: «هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، وَلا يَسْتَرقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ؛ وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون» فقامَ عُكَّاشَةُ بنُ محصنٍ، فَقَالَ: ادْعُ الله أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ، فَقَالَ: «أنْتَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مِنْهُمْ» . ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/71) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الرُّهَيْطُ» بضم الراء تصغير رهط: وهم دون عشرة أنفس، ... وَ «الأُفقُ» الناحية والجانب. و «عُكَّاشَةُ» بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها، والتشديد أفصح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا يرقون ولا يسترقون» ، أي: لا يرقون غيرهم بالرقية المكروهة ولا يطلبون من الغير أن يرقاهم توكُّلاً على الله. فالرقية مباحة ولا كراهة فيها إذا كانت بالقرآن أو الأدعية المعروفة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: الرقى والاسترقاء: ما كان منه برقى الجاهلية أو بما لا يُعرف فواجب اجتنابه على سائر المسلمين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[75] الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بعزَّتِكَ؛ لا إلهَ إلا أَنْتَ أنْ تُضلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «اللهم لك أسلمت» ، أي: استسلمت لحكمك وأمرك، وسلمتُ: رضيتُ وآمنتُ وصدقتُ وأيقنتُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الالتجاء إلى الله والاعتصام به، فمن اعتزَّ بغير الله ذلّ، ومن اهتدى بغير هدايته ضلّ، ومن اعتصم بالله تعالى وتوكَّل عليه عظُم وجلّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[76] الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً، قَالَ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، قَالَهَا إِبرَاهيمُ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُلقِيَ في النَّارِ، وَقَالَها </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/72) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالُوا: إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيْماناً وَقَالُوا: حَسْبُنَا الله ونعْمَ الوَكيلُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ آخر قَول إبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِي الله ونِعْمَ الوَكِيلُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: {حسبنا الله} ، أي: هو كافينا. {ونعم الوكيل} ، أي: الموكول إليه الأمور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي أنَّ إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لما أرادوا إلقاءه في النار، رفع رأسه إلى السماء فقال: «اللَّهُمَّ أنت الواحدُ في السماء، وأنا الواحد في الأرض، ليس أحدٌ يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل» . فقال الله عزَّ وجلّ: {يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[77] الرابع: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَقْوامٌ أفْئِدَتُهُمْ مِثلُ أفْئِدَةِ الطَّيرِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: معناه متوكلون، وقيل: قلوبهم رَقيقَةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث أصلٌ عظيم في التوكل. وحقيقته: هو الاعتماد على الله عزَّ وجلّ في استجلاب المصالح ودفع المضار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال سعيد بن جبير: التوكُّل جماع الإِيمان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">واعلم أنَّ التوكُّل لا ينافي السعي في الأسباب، فإنَّ الطير تغدو في طلب رزقها. وقد قال الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللهِ ... رِزْقُهَا} [هود (6) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/73) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال يوسف بن أسباط: كان يقال: اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله، وتوكَّل توكُّل رجل لا يصيبه إلا ما كُتب له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لن تموتَ نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[78] الخامس: عن جابر - رضي الله عنه -: أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قِبلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ معَهُمْ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ في وَادٍ كثير العِضَاه، فَنَزَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تَحتَ سَمُرَة فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْعونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: «إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي وَأنَا نَائمٌ فَاسْتَيقَظْتُ وَهُوَ في يَدِهِ صَلتاً، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: الله - ثلاثاً-» وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قَالَ جَابرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَسَيفُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ، فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: «لا» . فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «الله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه "، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: «اللهُ» . قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - السَّيْفَ، فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟» . فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ. فَقَالَ: «تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَأَنِّي رَسُول الله؟» قَالَ: لا، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/74) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا أُقَاتِلَكَ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَولُهُ: «قَفَلَ» أي رجع، وَ «الْعِضَاهُ» الشجر الَّذِي لَهُ شوك، و «السَّمُرَةُ» بفتح السين وضم الميم: الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ، وَ «اخْتَرَطَ السَّيْف» أي سلّه وَهُوَ في يدهِ. «صَلْتاً» أي مسلولاً، وَهُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: قوة يقينهِ - صلى الله عليه وسلم -، وتوكُّله على الله عزَّ وجلّ، وعفوه، وحلمه، ومقابلة السيئة بالحسنة، ومحاسن أخلاقه، وكمال كرمه، وقد قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم (4) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[79] السادس: عن عُمَر - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معناه: تَذْهبُ أَوَّلَ النَّهَارِ خِمَاصاً: أي ضَامِرَةَ البُطُونِ مِنَ الجُوعِ، وَتَرجعُ آخِرَ النَّهَارِ بِطَاناً. أَي مُمْتَلِئَةَ البُطُونِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لو توكلتم على الله في ذهابكم ومجيئكم وتصرُّفكم لسهّل لكم رزقكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[80] السابع: عن أبي عُمَارة البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا فُلانُ، إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فراشِكَ، فَقُل: اللَّهُمَّ أسْلَمتُ نَفْسي إلَيْكَ، وَوَجَّهتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضتُ أَمْري إلَيْكَ، وَأَلجأْتُ ظَهري إلَيْكَ رَغبَةً وَرَهبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إلا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/75) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إلَيْكَ، آمنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنَّ مِتَّ مِنْ لَيلَتِكَ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَإِنْ أصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيراً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيحين، عن البراءِ، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءكَ للصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيمَنِ، وَقُلْ ... وذَكَرَ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الاستسلام، والتفويض، والالتجاء إلى الله عزَّ وجلّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[81] الثامِنُ: عن أبي بكرٍ الصِّديق - رضي الله عنه - عبدِ اللهِ بنِ عثمان بنِ عامرِ بنِ عمر ابنِ كعب بنِ سعدِ بن تَيْم بنِ مرة بن كعبِ بن لُؤَيِّ بن غالب القرشي التيمي - رضي الله عنه - وَهُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ صَحَابَةٌ - رضي الله عنهم - قَالَ: نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ وَنَحنُ في الغَارِ وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا، فقلتُ: يَا رسولَ الله،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تنبيه على أنَّ من توكَّل على الله كفاه، ونصره، وأعانه، وكلأه وحفظه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[82] التاسع: عن أم المُؤمنينَ أمِّ سَلَمَةَ وَاسمها هِنْدُ بنتُ أَبي أميةَ حذيفةَ المخزومية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ، قَالَ: «بِسْمِ اللهِ تَوَكَّلتُ عَلَى اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أضِلَّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/76) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» حديثٌ صحيح، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحةٍ. قَالَ الترمذي: ... (حديث حسن صحيح) . وهذا لفظ أبي داود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[83] العاشر: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ ... - يَعْني: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ -: بِسمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ، يُقالُ لَهُ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيطَانُ» . رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وَقالَ الترمذي: (حديث حسن) ، زاد أبو داود: «فيقول - يعني: الشيطان - - لِشيطان آخر: كَيفَ لَكَ بِرجلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى «لا حول ولا قوَّة إلا بالله» ، أي: لا حول عن المعاصي إلا بعصمة الله. ولا قوَّة على الطاعات إلا بالله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن ابن مسعود قال: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتها. فقال: «تدري ما تفسيرها؟» ، قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «لا حول عن معصية الله، ولا قوَّة على طاعة الله إلا بمعونة الله» . أخرجه البزّار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: ولعل تخصيصه بالطاعة والمعصية؛ لأنهما أمران مهمان في الدين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/77) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[84] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَخَوانِ عَلَى عهد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أحَدُهُمَا يَأتِي النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أخَاهُ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ» . رواه الترمذي بإسناد صحيحٍ عَلَى شرطِ مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«يحترِف» : يكتسب ويتسبب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: تنبيهٌ على أنَّ من انقطع إلى الله كفاه مهماته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأنَّ العبدَ يُرزق بغيره، كما في الحديث الآخر: «وهل ترزقون - أو قال: تنصرون - إلا بضعفائكم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">8- باب الاستقامة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود (112) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: استقم على دين ربك، والعمل به، والدعاء إليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والاستقامة: هي لزوم المنهج المستقيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عمر رضي الله عنه: الاستقامة: أنْ تقوم على الأمر والنهي، ولا تروغ عنه روغان الثعلب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت (30: 32) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/78) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى أنَّ من وحَّده واستقام على طاعته أنه آمن عند الموت ويوم القيامة، وأنَّ جزاءه الجنة. وقوله: {نزلاً} أي: رزقًا مهيَّأً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف (13، 14) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: استقاموا على التوحيد، واتباع الكتاب والسنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[85] وعن أبي عمرو، وقيل: أبي عَمرة سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، قُلْ لي في الإسْلامِ قَولاً لا أسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ. قَالَ: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ استَقِمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث جمع معاني الإِسلام والإِيمان كلها، وهو على وفاق قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العارفين: مرجع الاستقامة إلى أمرين:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">* صحة الإيمان بالله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">* واتباع ما جاء به رسول الله ظاهرًا وباطنًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[86] وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بعَمَلِهِ» قالُوا: وَلا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/79) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَنْتَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «وَلا أنا إلا أنْ يَتَغَمَّدَني الله برَحمَةٍ مِنهُ وَفَضْلٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «المُقَاربَةُ» : القَصدُ الَّذِي لا غُلُوَّ فِيهِ وَلا تَقْصيرَ، وَ «السَّدادُ» : الاستقامة والإصابة. وَ «يتَغَمَّدني» : يلبسني ويسترني.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماءُ: مَعنَى الاستقامَةِ لُزُومُ طَاعَةِ الله تَعَالَى، قالوا: وهِيَ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِم، وَهِيَ نِظَامُ الأُمُورِ؛ وبِاللهِ التَّوفِيقُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دلالةٌ على أنه ليس أحد من الخلْق يقدر على توفية حق الربوبية. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ولكن الأعمال سببٌ لدخول الجنة. كما قال تعالى: {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل (32) ] ، والتوفيق للأعمال الصالحة من فضل الله ورحمته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">9- باب التفكير في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التفكر في المخلوقات: كالعرش، والكرسي، والسماء والأرض يدل على كمال الخالق وعظمته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «ما السماء والأرض، وما بينهما في العرش إلا كحلقة أُلْقيتْ في فلاة من الأرض» ، وقد قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر (67) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/80) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والتفكُّر في فناء الدنيا: يبعثه على الزهد فيها، والإِقبال على الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والتفكُّر في أهوال الآخرة: يبعثه على فعل الطاعات، وترك المنهيات، وتقصير أمل النفس بذكر الموت، وتهذيبها من الأخلاق السيئة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وحملها على الاستقامة يورثها العز في الدنيا والآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ (46) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء الزاعمين أنك مجنون: إنما أعظكم آمركم وأوصيكم بواحدة، هي: أن تقوموا لله من غير هوى ولا عصيبة مثنى وفرادى، أي: اثنين اثنين، وواحدًا واحدًا. ثم تتفكروا جميعًا في حال محمد - صلى الله عليه وسلم - فتعلموا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ} الآيات [آل عمران (190، 191) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التفكر في المخلوقات أفضل العبادات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي بعض الآثار بينما رجلٌ مستلق على فراشه إذْ رفع رأسه فنظر إلى السماء والنجوم، فقال: «أشهد أن لك ربًّا وخالقًا اللَّهُمَّ اغفر لي» فنظر الله إليه فغفر له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية (17: 21) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/81) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يحثُّ تعالى على النظر إلى أنواع المخلوقات الدالة على وحدانيته، واقتداره على الخلق، والبعث، وغير ذلك، وخُصَّت هذه الأربع من بين المخلوقات، لأنها ظاهرة لكل أحد، وخُصَّت الإبل من بين المركوبات لأنها أعجب ما عند العرب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا} الآية [محمد (10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يحثُّ تعالى على المسير في الأرض، فينظروا آثار الأمم قبلهم واضمحلالهم بعد وجودهم، وكمال قوتهم، فيعلمون أنَّ الحيّ القيُّوم هو الله وأنَّ غيره فانٍ فلا يركنوا إلى الدنيا ولا يغترُّوا بها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومن الأحاديث الحديث السابق: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لفظ الحديث: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وعمل لما بعد الموت، والعاجزُ من أتْبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى دان نفسه: حاسبها. فإنَّ محاسبته لها وعدم تركها هملاً إنما ينشأ عن تفكُّره في الدنيا وزوالها، وفي نفسه وانتقالها، كأنك بالدنيا ولم تكن، وبالآخرة ولم تزل، فيحاسب نفسه فيمنعها عمّا لا ينبغي، ويحملها على ما ينبغي. وبالله التوفيق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">10- باب المبادرة إلى الخيرات</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وحثِّ من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} [البقرة (148) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي سارعوا إليها قبل فواتها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران (133) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/82) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: بادروا إلى مغفرة من ربكم أعمال توجب المغفرة، كالإسلام، والتوبة، وأداء الفرائض، وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، وخصَّ العرض بالذكر؛ لأنَّ طول كل شيء غالبًا أكثر من عرضه، وأما طولها فلا يعلمه إلا الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[87] فالأولُ: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا بِالأعْمَال فتناً كقطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، وَيُمْسِي مُؤمِناً ويُصبحُ كَافِراً، يَبيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على اغتنام الأعمال الصالحة قبل ظهور ما يمنعها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[88] الثَّاني: عن أبي سِروْعَة - بكسر السين المهملة وفتحها - عُقبةَ بن الحارث - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيتُ وَرَاءَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعاً، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيهمْ، فَرأى أنَّهمْ قَدْ عَجبُوا مِنْ سُرعَتهِ، قَالَ: «ذَكَرتُ شَيئاً مِنْ تِبرٍ عِندَنَا فَكَرِهتُ أنْ يَحْبِسَنِي فَأمَرتُ بِقِسْمَتِهِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «كُنتُ خَلَّفتُ في البَيْتِ تِبراً مِنَ الصَّدَقةِ فَكَرِهتُ أنْ أُبَيِّتَهُ» . «التِّبْرُ» : قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/83) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: المبادرة لأداء القُرُبات، وفعل الخيرات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[89] الثالث: عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يَومَ أُحُد: أَرَأيتَ إنْ قُتِلتُ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «في الجنَّةِ» فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: المبادرة إلى الخير، والمسارعة إليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان الصحابة عليه من حب نصر الإسلام، والرغبة في الشهادة ابتغاء مرضاة الله وثوابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[90] الرابع: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ الله، أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْرَاً؟ قَالَ: «أنْ تَصَدَّقَ وَأنتَ صَحيحٌ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شَحيحٌ، تَخشَى الفَقرَ وتَأمُلُ الغِنَى، وَلا تُمهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغتِ الحُلقُومَ قُلْتَ لِفُلان كذا ولِفُلانٍ كَذا، وقَدْ كَانَ لِفُلانٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الحُلقُومُ» : مَجرَى النَّفَسِ. وَ «المَرِيءُ» : مجرى الطعامِ والشرابِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الصدقة في حال الصحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروى أبو داود وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يتصدَّق المرءُ في حياته بدرهم خير له من أنْ يتصدق بمئة عند موته» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/84) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[91] الخامس: عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ سيفاً يَومَ أُحُدٍ، فَقَالَ: «مَنْ يَأخُذُ منِّي هَذَا؟» فَبَسطُوا أيدِيَهُمْ كُلُّ إنسَانٍ مِنْهُمْ يقُولُ: أَنَا أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ يَأخُذُهُ بحَقِّه؟» فَأَحْجَمَ القَومُ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ - رضي الله عنه -: أنا آخُذُهُ بِحَقِّهِ، فأخذه فَفَلقَ بِهِ هَامَ المُشْرِكِينَ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اسم أبي دجانةَ: سماك بن خَرَشة. قوله: «أحجَمَ القَومُ» : أي توقفوا. وَ «فَلَقَ بِهِ» : أي شق. «هَامَ المُشرِكينَ» : أي رُؤُوسَهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: المبادرة إلى قتال المشركين بالجد إذا أمكن ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي بعض السير عن الزبير قال: وجدت في نفسي حين سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - السيف فَمُنِعْتُهُ، وأعطاه أبا دجانة، فقلت: والله لأنظرن ما يصنع فاتّبعته، فأخذ عصابة حمراء فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت. فخرج وهو يقول:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أنا الذي عاهدني خليلي ... ?? ... ونحن بالسفح لدى النخيل ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَلا أقوم الدهر في الكيول ... ?? ... أضرب بسيف الله والرسول ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فجعل لا يلقى أحدًا إلا قتله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[92] السادس: عن الزبير بن عدي، قَالَ: أتينا أنسَ بن مالك - رضي الله عنه - فشكونا إِلَيْه مَا نلقى مِنَ الحَجَّاجِ. فَقَالَ: «اصْبرُوا؛ فَإنَّهُ لا يَأتي عَلَيْكُم زَمَانٌ إلا والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ حَتَّى تَلقَوا رَبَّكُمْ» سَمِعتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/85) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يبادر لصالح الأعمال وإن لحقته المتاعب والمشاق، ولا يترقب الخلو عن ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يا زمان بكيت منه، فلما ... ?? ... صرت في غيرِه بكيتُ عليه ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: الوقت سيف إن لم تقطعه بصالح العمل ذهب عليك بلا فائدة. فلا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[93] السابع: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلا فَقراً مُنسياً، أَوْ غِنىً مُطغِياً، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً، أَوْ هَرَماً مُفْنداً، أَوْ مَوتاً مُجْهزاً، أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ فالسَّاعَةُ أدهَى وَأَمَرُّ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الحديث: الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل الموانع الطارئة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[94] الثامن: عَنْهُ: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَومَ خيبر: «لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَفتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيهِ» . قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: مَا أحبَبْتُ الإِمَارَة إلا يَومَئِذٍ، فَتَسَاوَرتُ لَهَا رَجَاءَ أنْ أُدْعَى لَهَا، فَدَعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - فَأعْطَاهُ إيَّاهَا، وَقالَ: «امْشِ وَلا تَلتَفِتْ حَتَّى يَفتَح اللهُ عَلَيكَ» . فَسَارَ عليٌّ شيئاً ثُمَّ وَقَفَ ولم يلتفت فصرخ: يَا رَسُول الله، عَلَى ماذا أُقَاتِلُ النّاسَ؟ قَالَ: «قاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إله إلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمداً رسولُ الله، فَإِذَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/86) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَعَلُوا ذلك فقَدْ مَنَعوا مِنْكَ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بحَقِّهَا، وحسَابُهُمْ عَلَى الله» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«فَتَسَاوَرْتُ» هُوَ بالسين المهملة: أي وثبت متطلعاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على المبادرة إلى ما أمر به، والأخذ بظاهر الأمر وترك الوجوه المحتملات إذا خالفت الظاهر لأنَّ عليَّا وقف ولم يلتفت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">11- باب المجاهدة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت (69) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المجاهدة: مفاعلة من الجهد، فإن الإنسان يجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها، وهي تجاهده بضد ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: جهاد النفس هو الجهاد الأكبر. وجهاد العدو هو الجهاد الأصغر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} [المزمل (8) ] : أي: انْقَطِعْ إِلَيْه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} ، أي: أكثر من ذكره، وأخلِص واجتهد في وقت فراغك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر (99) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: الموت</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة (7) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الآية تشويق لتقديم العمل الصالح بين يديه ليجد ثوابه عند قدومه على ربه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/87) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} [المزمل (20) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي ما أخرجتم لله خير لكم وأعظم أجرًا عند الله مما ادخرتم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة (273) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني: فيجزيكم بخير منه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[95] فالأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: مَنْ عادى لي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ، فَإذَا أَحبَبتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا، وَإنْ سَأَلَني لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«آذَنتُهُ» : أعلمته بأني محارِب لَهُ. «اسْتَعَاذَني» روي بالنون وبالباءِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الولي: مَنْ تولى الله بالطاعة والتقوى، فإنَّ الله يتولاه بالحفظ والنصرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الوعيد الشديد لمن عادى وليًّا من أجل طاعته لله عزَّ وجلّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأنَّ أحب العبادة إلى الله أداء فرائضه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأنَّ من تقرَّب إلى الله بالنوافل أحبه، ونصره، وحفظه، وأجاب دعاءه، ورقاه من درجة الإِيمان إلى درجة الإِحسان، فلا ينطقُ بما يسخط الله، ولا تُحَرَّك جوارحه في معاصي الله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/88) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[96] الثاني: عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربّه - عز وجل - قَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«إِذَا تَقَربَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْراً تَقَربْتُ إِلَيْه ذِرَاعاً، وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَربْتُ مِنهُ بَاعاً، وِإذَا أتَانِي يَمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى هذا الحديث: أنَّ من تقرَّب إلى الله بشيء من الطاعات ولو قليلاً قابله الله بأضعاف من الإِثابة والإِكرام، وكلما زاد في الطاعة زاده في الثواب، وأسرع برحمته وفضله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[97] الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ» . رواه. البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ من لم يعمل في فراغه وصحته فهو مغبون. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[98] الرابع: عن عائشة رَضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصنَعُ هَذَا يَا رسولَ الله، وَقدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْداً شَكُوراً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، هَذَا لفظ البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/89) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أَخْذُ الإِنسان على نفسه بالشدة في العبادة، وإنْ أضرَّ ذلك ببدنه إذا لم يفض به إلى الملل. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[99] الخامس: عن عائشة رضي الله عنها، أنَّها قَالَتْ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَر. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمراد: العشر الأواخر مِنْ شهر رمضان. و «المِئْزَرُ» : الإزار، وَهُوَ كناية عن اعتزالِ النساءِ. وقيلَ: المُرادُ تَشْمِيرُهُ للِعِبَادةِ، يُقالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأمْرِ مِئْزَري: أي تَشَمَّرْتُ وَتَفَرَّغْتُ لَهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الجِدُّ والاجتهاد في العبادة، خصوصًا في الأوقات الفاضلة، واغتنام صالح العمل في العشر الأواخر من رمضان؛ لأنَّ فيها ليلة خير من ألف شهر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[100] السادس: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ. وَإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أنّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدرُ اللهِ، وَمَا شَاءَ فَعلَ؛ فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطَانِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المؤمنُ القوي، هو من يقوم بالأوامر ويترك النواهي بقوة ونشاط، ويصبر على مخالطة الناس ودعوتهم، ويصبر على أذاهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/90) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الأمر بفعل الأسباب والاستعانة بالله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التسليم لأمر الله، والرضا بقدر الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[101] السابع: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «حُفَّتْ» بدل «حُجِبَتْ» وَهُوَ بمعناه: أي بينه وبينها هَذَا الحجاب فإذا فعله دخلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ الجنة لا تُنال إلا بالصبر على المكاره، وأنَّ النَّار لا يُنْجَى منها إلا بفطام النفس عن الشهوات المحرمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[102] الثامن: عن أبي عبد الله حُذَيفَةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيلَةٍ فَافْتَتَحَ البقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المئَةِ، ثُمَّ مَضَى. فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا في ركعَة فَمَضَى، فقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً: إِذَا مَرَّ بآية فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحواً مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ثُمَّ قَامَ قِيامًا طَويلاً قَريباً مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فَكَانَ سُجُودُهُ قَريباً مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/91) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضلُ تطويل صلاة الليل، قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} الزمر (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[103] التاسع: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَيلَةً، فَأَطَالَ القِيامَ حَتَّى هَمَمْتُ بأمْرِ سُوءٍ! قيل: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أنْ أجْلِسَ وَأَدَعَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنه ينبغي الأدب مع الأئمة، بأن لا يخالفوا بقول، ولا فعل مالم يكن حرامًا، فإن مخالفة الإمام في أفعاله معدودة في العمل السيء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[104] العاشر: عن أنس - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «يَتْبَعُ المَيتَ ثَلاَثَةٌ: أهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَملُهُ، فَيَرجِعُ اثنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ: يَرجِعُ أهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبقَى عَملُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على تحسين العمل ليكون أنيسه في قبره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[105] الحادي عشر: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثلُ ذلِكَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الترغيب في قليل الخير وإن قلَّ، والترهيب عن قليل الشر وإن قل. وأنَّ الطاعة مقَّربة إلى الجنة، والمعصية مقرَّبة إلى النار، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة (7، 8) ]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله يرفعه الله بها </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/92) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">درجات، وأن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[106] الثاني عشر: عن أبي فِراسٍ ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ خادِمِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أهلِ الصُّفَّةِ - رضي الله عنه -، قَالَ: كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ: «سَلْنِي» فقُلْتُ: اسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. فَقَالَ: «أَوَ غَيرَ ذلِكَ» ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: «فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على الإكثار من الصلاة، وأنه يوجب القرب من الله تعالى، ومرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، وقد قال الله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً}</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[النساء (69) ] ، وقال تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق (19) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[107] الثالث عشر: عن أبي عبد الله، ويقال: أَبُو عبد الرحمن ثوبان - مولى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ... «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ للهِ سَجْدَةً إلا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئةً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبب رواية ثوبان لهذا الحديث: أن معدان بن طلحة قال: أتيت ثوبان فقلت: أخبرني بعمل أعمل به يدخلني الله به الجنة؟ - أو قال بأحب الأعمال إلى الله - فسكتَ، ثم سأله، فسكت، ثم سأله الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «عليك بكثرة السجود ... » . الحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي آخره: فلقيت أبا الدرداء فسألته، فقال لي مثل ما قال ثوبان. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/93) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[108] الرابع عشر: عن أَبي صَفوان عبد الله بنِ بُسْرٍ الأسلمي - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«بُسْر» بضم الباء وبالسين المهملة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضلُ طول العمر إذا أُحسن فيه العمل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي بعض الروايات: «وشركم من طال عمره وساء عمله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[109] الخامس عشر: عن أنس - رضي الله عنه -، قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ - رضي الله عنه - عن قِتالِ بدرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله، غِبْتُ عَنْ أوّل قِتال قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِن اللهُ أشْهَدَنِي قِتَالَ المُشركِينَ لَيُرِيَنَّ اللهُ مَا أصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ انْكَشَفَ المُسْلِمونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يعني: أصْحَابهُ - وأبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - - يَعني: المُشركِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلهُ سَعدُ بْنُ مُعاذٍ، فَقَالَ: يَا سعدَ بنَ معاذٍ، الجَنَّةُ وربِّ الكعْبَةِ إنِّي أجِدُ ريحَهَا منْ دُونِ أُحُدٍ. قَالَ سعدٌ: فَمَا اسْتَطَعتُ يَا رسولَ الله مَا صَنَعَ!</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ أنسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعاً وَثَمانينَ ضَربَةً بالسَّيفِ، أَوْ طَعْنةً بِرمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَمَثَّلَ بِهِ المُشْرِكونَ فما عَرَفهُ أَحَدٌ إلا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/94) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ أنس: كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أن هذِهِ الآية نزلت فِيهِ وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب (23) ] إِلَى آخِرها. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «لَيُرِيَنَّ اللهُ» روي بضم الياء وكسر الراء: أي لَيُظْهِرَنَّ اللهُ ذلِكَ للنَّاس، وَرُويَ بفتحهما ومعناه ظاهر، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز الأخذ بالشدة في الجهاد وبذل المرء نفسه في طلب الشهادة، والوفاء بالعهد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[110] السادس عشر: عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ عَلَى ظُهُورِنَا، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيءٍ كَثيرٍ، فقالوا: مُراءٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ، فقالُوا: إنَّ اللهَ لَغَنيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا! فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ} [التوبة (79) ] . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «نُحَامِلُ» بضم النون وبالحاء المهملة: أي يحمل أحدنا عَلَى ظهره بالأجرة ويتصدق بِهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (لما نزلت آية الصدقة) قال الحافظ: كأنه يشير إلى قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} الآية [التوبة (103) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «وجاء رجل فتصدَّق بصاع» ، وكان تحصيله له بأن أجّر نفسه على النزع من البئر بصاعين من تمر، فذهب بصاع لأهله وتصدَّق بالآخر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا: أنَّ العبد يتقرب إلى الله بجهده وطاقته، وحسب قدرته واستطاعته. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/95) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[111] السابع عشر: عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أَبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر جندب بن جُنادة - رضي الله عنه -، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن اللهِ تَبَاركَ وتعالى، أنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ عَلَى نَفْسي وَجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّماً فَلا تَظَالَمُوا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ ضَالّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ فَاستَطعِمُوني أُطْعِمْكُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيلِ وَالنَّهارِ وَأَنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، فَاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذلِكَ من مُلكي شيئاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُوني فَأعْطَيتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا عِبَادي، إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيراً فَلْيَحْمَدِ الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ سعيد: كَانَ أَبُو إدريس إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جَثا عَلَى رُكبتيه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/96) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قَالَ: لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا حديث جليل شريف، وهو من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: قبح الظلم وأن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم، ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأنَّ الله تعالى يحب أن يسأله العباد ويستغفروه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأنَّ ملكه لا يزيد بطاعة الخلق ولا ينقص بمعصيتهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأن خزائنه لا تنفذ ولا تنقص.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأن ما أصاب العبد من خير فمن فضل الله تعالى، وما أصابه من شر فمن نفسه وهواه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهو مشتمل على قواعد عظيمة في أصول الدين وفروعه وآدابه، وغير ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">12- باب الحث عَلَى الازدياد من الخير في أواخر العمر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر (37) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ ابن عباس والمُحَقِّقُونَ: أَو لَمْ نُعَمِّرْكُمْ سِتِّينَ سَنَةً؟ وَيُؤَيِّدُهُ الحديث الَّذِي سنذْكُرُهُ إنْ شاء الله تَعَالَى، وقيل: معناه ثماني عَشْرَة سَنَةً، وقيل: أرْبَعينَ سَنَةً، قاله الحسن والكلبي ومسروق ونُقِلَ عن ابن عباس أيضاً. وَنَقَلُوا أنَّ أَهْلَ المدينَةِ كانوا إِذَا بَلَغَ أَحَدُهُمْ أربْعينَ سَنَةً تَفَرَّغَ للعِبادَةِ، وقيل: هُوَ البُلُوغُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تَعَالَى: {وجَاءكُمُ النَّذِيرُ} قَالَ ابن عباس والجمهور: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/97) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هُوَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: الشَّيبُ، قاله عِكْرِمَةُ وابن عُيَيْنَة وغيرهما. والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر (37) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا توبيخ من الله تعالى لأهل النار. يقول: أَوَ مَا عشتم في الدنيا أعمارًا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في مدة عمركم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: اعلموا أنَّ طول العمر حجَّة، فنعوذ بالله أنْ نُعيَّر بطول العمر، قد نزلت هذه الآية: {أَوَ لَم نُعَمِركُم مَّا يَتَذَكَّرُ} ، وأنَّ فيهم لابن ثماني عشرة سنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: إذا كان يوم القيامة قيل: أين أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله تعالى فيه: {أَوَ لَم نُعَمِركُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيِه مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إذا بلغ الفتى ستين عامًا ... ?? ... فقد ذهب المسرة والفتاء ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن قتادة: {وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ} احتج عليهم بالعمر والرسل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقرأ عبد الرحمن بن زيد: {هَذَا نَذِيُرُ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والشيب، نذير أيضًا؛ لأنه يأتي في سن الاكتهال، وهو علامة لمفارقة سِنِّ الصبا الذي هو سِنُّ اللهو واللعب. قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رأيت الشيب من نذر المنايا ... ?? ... لصاحبه وحسبك من نذير ... ??? </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/98) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[112] وأما الأحاديث فالأول: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أعْذَرَ الله إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أجَلَهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماء: معناه لَمْ يَتْرُكْ لَهُ عُذراً إِذْ أمْهَلَهُ هذِهِ المُدَّةَ. يقال: أعْذَرَ الرجُلُ إِذَا بَلَغَ الغايَةَ في العُذْرِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المعنى: أنَّ الله تعالى لم يُبْقِ للعبد اعتذارًا. كأن يقول: لو مُدَّ لي في الأجل لفعلت ما أُمرت به. فينبغي له الاستغفار والطاعة، والإقبال على الآخرة بالكلية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[113] الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ عمر - رضي الله عنه - يُدْخِلُنِي مَعَ أشْيَاخِ بَدرٍ فكأنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ في نفسِهِ، فَقَالَ: لِمَ يَدْخُلُ هَذَا معنا ولَنَا أبْنَاءٌ مِثلُهُ؟! فَقَالَ عُمَرُ: إنَّهُ منْ حَيثُ عَلِمْتُمْ! فَدعانِي ذاتَ يَومٍ فَأدْخَلَنِي مَعَهُمْ فما رَأيتُ أَنَّهُ دعاني يَومَئذٍ إلا لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تقُولُون في قولِ الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ؟ [النصر: 1] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ بعضهم: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِذَا نَصَرنَا وَفَتحَ عَلَيْنَا، وَسَكتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيئاً. فَقَالَ لي: أَكَذلِكَ تقُول يَا ابنَ عباسٍ؟ فقلت: لا. قَالَ: فما تقول؟ قُلْتُ: هُوَ أجَلُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} وذلك علامةُ أجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر (3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ عمر - رضي الله عنه -: مَا أعلم مِنْهَا إلا مَا تقول. رواه البخاري. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/99) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل ابن عباس وسِعة علمه، وكمال فهمه، وتأثير لإجابة دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يفقٌهه الله في الدين، ويعلمه التأويل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فكم من صغير لاحظته عناية ... ?? ... من الله فاحتاجت إليه الأكابر ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[114] الثالث: عن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا صلّى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بَعْدَ أنْ نَزَلتْ عَلَيهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلا يقول فِيهَا: «سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيحين عنها: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أنْ يقُولَ في ركُوعِه وسُجُودهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ، يَتَأوَّلُ القُرآنَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى: «يَتَأَوَّلُ القُرآنَ» أي يعمل مَا أُمِرَ بِهِ في القرآن في قوله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ أنْ يَقُولَ قَبلَ أنْ يَمُوتَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ» . قَالَتْ عائشة:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا هذِهِ الكَلِماتُ الَّتي أرَاكَ أحْدَثْتَها تَقُولُهَا؟ قَالَ: «جُعِلَتْ لي عَلامَةٌ في أُمَّتِي إِذَا رَأيْتُها قُلتُها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ... إِلَى آخِرِ السورة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ مِنْ قَولِ: «سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ أسْتَغفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْهِ» . قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، أَراكَ تُكثِرُ مِنْ قَولِ سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمدهِ أسْتَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْه؟ فَقَالَ: «أخبَرَني رَبِّي أنِّي سَأرَى عَلامَةً في أُمَّتي فإذا رَأيْتُها أكْثَرْتُ مِنْ قَولِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ أسْتَغْفرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه فَقَدْ رَأَيْتُهَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} فتح مكّة، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/100) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} » .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على التسبيح والتحمد والاستغفار في ركوعه وسجوده، وأشرف أوقاته وأحواله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: خضوعه - صلى الله عليه وسلم - لربه وانطراحه بين يديه، ورؤية التقصير في أداء مقام العبودية، وحق الربوبية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[115] الرابع: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ اللهَ - عز وجل - تَابَعَ الوَحيَ عَلَى ... رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَبلَ وَفَاتهِ حَتَّى تُوُفِّيَ أكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيَ عَلَيِّه. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحِكمة في كثرة الوحي عند وفاته - صلى الله عليه وسلم -، لتكمل الشريعة فلا يبقى مما يوحى إليه بشيء. قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة (3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وكان خلقه - صلى الله عليه وسلم - القرآن يعمل بما فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[116] الخامس: عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريضٌ للإِنسان على حسن العمل، وملازمة الهَدْي المحمدي في سائر الأحوال، والإِخلاص لله تعالى في الأقوال والأعمال، ليموت على تلك الحالة الحميدة فيُبعث كذلك، وبالله التوفيق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">13- باب في بيان كثرة طرق الخير</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة (215) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/101) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيجزيكم عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله} [البقرة (197) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فلا يُضيِّعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة (7) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني: يرى جزاءه في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال سعيد بن جبير: كان المسلمون يَرَوْن أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، وكان آخرون يَرون أنْ لا يُلامون على الذنب اليسير: الكذبة، والنظرة، والغيبة، وأشباهها. فنزلت: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة (7، 8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} [الجاثية (15) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل (97) ] وغيرها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فكثيرة جداً وهي غيرُ منحصرةٍ فنذكُرُ طرفاً مِنْهَا:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[117] الأول: عن أبي ذر جُنْدبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، أيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «الإيمانُ باللهِ وَالجِهادُ في ... سَبيلِهِ» . قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «أنْفَسُهَا عِنْدَ أهلِهَا وَأكثَرهَا ثَمَناً» . قُلْتُ: فإنْ لَمْ أفْعَلْ؟ قَالَ: «تُعِينُ صَانِعاً أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ» . قُلْتُ: يَا رَسُول الله، أرأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ العَمَلِ؟ قَالَ: ... «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ» . مُتَّفَقٌ عليه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/102) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الصَّانِعُ» بالصاد المهملة هَذَا هُوَ المشهور، وروي «ضائعاً» بالمعجمة: أي ذا ضِياع مِنْ فقرٍ أَوْ عيالٍ ونحوَ ذلِكَ، «وَالأَخْرَقُ» : الَّذِي لا يُتقِنُ مَا يُحَاوِل فِعلهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان كثرة طرق الخير، وأن الإنسان إذا عجز عن خصلة من خصال الخير قدر على الأُخرى، فإذا عجز عن ذلك كفَّ شرّه عن الناس. وما لا يُدرك كلّه لا يترك جُلُّه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[118] الثاني: عن أبي ذر أيضاً - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى منْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحمِيدةٍ صَدَقَة، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأمْرٌ بِالمعرُوفِ صَدَقةٌ، ونَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقةٌ، وَيُجزئُ مِنْ ذلِكَ رَكْعَتَانِ يَركَعُهُما مِنَ الضُّحَى» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«السُّلامَى» بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال في القاموس: المفاصل: مفاصل الأعضاء، الواحد منها كَمَنْزِلٍ. والمِفْصَلُ: كمِنْبَرٍ. اللسان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: فضيلة التسبيح وسائر الأذكار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنَّ الصدقة تكون بغير المال من جميع أنواع فعل المعروف والإِحسان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل صلاة الضحى، وأنها تكفي من صدقات الأعضاء؛ لأنَّ الصلاة عمل لجميع أعضاء الجسد، وتنهى عن الفحشاء والمنكر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/103) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[119] الثالث: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أعْمَالِهَا الأذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّريقِ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَوَجَدْتُ في مَسَاوِئِ أعمَالِهَا النُّخَاعَةُ تَكُونُ في المَسْجِدِ لا تُدْفَنُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التنبيه على فضل كل ما نفع الناس أو أزال عنهم ضررًا. وأنَّ القليل من الخير والشر مكتوب على العبد، قال الله تعالى: ... {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} ... [الزلزلة (7، 8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[120] الرابع: عَنْهُ: أنَّ ناساً قالوا: يَا رَسُولَ الله، ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور بالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أمْوَالِهِمْ، قَالَ: «أَوَلَيسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ: إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقةً، وَكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قالوا: يَا رسولَ اللهِ، أيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أجْرٌ؟ قَالَ: «أرَأيتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرامٍ أَكَانَ عَلَيهِ فِيهَا وِزرٌ؟ فكذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الدُّثُورُ» بالثاء المثلثة: الأموال وَاحِدُهَا: دثْر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل التنافس في الخير، والحرص على العمل الصالح، وجبر خاطر من لا يقدر على الصدقة، ونحوها، وترغيبه فيما يقوم مقامها من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ فعل المباحات إذا قَارنَهُ بنيَّة صالحة يؤجر عليه العبد. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/104) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[121] الخامس: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَحْقِرنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئاً وَلَوْ أنْ تَلقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَليقٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على فعل المعروف قليلاً كان أو كثيرًا، بالمال، أو الخُلُق الحسن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[122] السادس: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَينَ الاثْنَينِ صَدَقةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وبكلِّ خَطْوَةٍ تَمشيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُميطُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشة رَضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ ... رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسان مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وثلاثمئة مفْصَل، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وحَمِدَ الله، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ الله، وَاسْتَغْفَرَ الله، وَعَزَلَ حَجَراً عَنْ طَريقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظماً عَن طَريقِ النَّاسِ، أَوْ أمَرَ بمَعْرُوف، أَوْ نَهَى عَنْ منكَر، عَدَدَ السِّتِّينَ والثَّلاثِمئَة فَإنَّهُ يُمْسِي يَومَئِذٍ وقَدْ زَحْزَحَ نَفسَهُ عَنِ النَّارِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">السُّلاَمَى: المِفْصل. فيصبح على ابن آدم كل يوم ثلاثمئة وستون صدقة بعدد مفاصله. فمن أتى بعددها من الطاعات الفعلية والقولية فقد أدّى شكر الله فيها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[123] السابع: عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى المسْجِد أَوْ ... رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/105) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«النُّزُلُ» : القوت والرزق وما يُهيأُ للضيف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل المشي إلى صلاة الجماعة في المسجد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[124] الثامن: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لا تَحْقِرنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شاةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الجوهري: الفرسِن منَ البَعيرِ كالحَافِرِ مِنَ الدَّابَةِ قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ في الشَّاةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث عى صلة الجارة ولو بظلف شاة، وفي معناه الحديث الآخر: «إذا طبختَ مرقةً فأكْثِر ماءَها، وتعاهد جيرانك» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[125] التاسع: عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «الإيمانُ بِضْعٌ وَسَبعُونَ أَوْ بِضعٌ وسِتُونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَولُ: لا إلهَ إلا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعبَةٌ مِنَ الإيمان» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«البِضْعُ» من ثلاثة إِلَى تسعة بكسر الباء وقد تفتح. وَ «الشُّعْبَةُ» : القطعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شعب الإيمان: هي الأعمال الشرعية، وهي تتفرع عن أعمال القلب وأعمال اللسان، وأعمال البدن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[126] العاشر: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «بَينَما رَجُلٌ يَمشي بِطَريقٍ اشْتَدَّ عَلَيهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئراً فَنَزَلَ فِيهَا فَشربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يأكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبُ مِنَ العَطَشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/106) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أمْسَكَهُ بفيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ الله لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» قالوا: يَا رَسُول اللهِ، إنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجْراً؟ فقَالَ: «في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري: «فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ، فأدْخَلَهُ الجَنَّةَ» وفي رواية لهما: «بَيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يقتلُهُ العَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيل، فَنَزَعَتْ مُوقَها فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا ... بِهِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المُوقُ» : الخف. وَ «يُطِيفُ» : يدور حول «رَكِيَّةٍ» : وَهِي البئر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضْل الإِحسان إلى الحيوان، وأنه سبب لمغفرة الذنوب ودخول الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[127] الحادي عشر: عَنْهُ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «لَقدْ رَأيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي المُسْلِمِينَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لأُنْحِيَنَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمينَ لا يُؤذِيهِمْ، فَأُدخِلَ الجَنَّةَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لهما: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ عَلَى الطريقِ فأخَّرَه فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة كل ما نفع المسلمين وأزال عنهم ضررًا، وأنَّ ذلك سبب للمغفرة ودخول الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[128] الثاني عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الجُمعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْن الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/107) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى المغفرة له ما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام: أنَّ الحسنةَ بعشر أمثالها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: إشارة إلى الحث على إقبال القلب والجوارح على الخطبة، واجتناب العبث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[129] الثالث عشر: عَنْهُ: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَو المُؤمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَينهِ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيهِ كُلُّ خَطِيئَة كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مشتها رِجْلاَهُ مَعَ المَاء أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذُّنُوبِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الوضوء، وأنه يمحو خطايا الجوارح ويكفر الذنوب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[130] الرابع عشر: عَنْهُ، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّراتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: سعة رحمة الله تعالى، وأنَّ المدوامة على الفرائض تكفر الصغائر من الذنوب، وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[131] الخامس عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رسولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/108) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إسباغ الوضوء: استيعاب أعضائه بالغسل. وسُمِّيت هذه الثلاث رباطًا؛ لأنَّ أعدى عدو للإنسان نفسه، وهذه الأعمال تسدُّ طرق الشيطان والهوى عن النفس، فإن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[132] السادس عشر: عن أبي موسى الأشعرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«البَرْدَانِ» : الصبح والعصر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وجه تخصيصهما بالذكر عن سائر الصلوات: أنَّ وقت الصبح يكون عند لذّة النوم، ووقت العصر يكون عند الاشتغال، وأنَّ العبد إذا حافظ عليهما كان أشد محافظة على غيرهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[133] السابع عشر: عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: عظيم فضل الله، وأنَّ من كان له عمل دائم فتركه لعذر صحيح، أنه يكتب له مثل عمله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[134] الثامن عشر: عن جَابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» رواه. البخاري، ورواه مسلم مِنْ رواية حُذَيفة - رضي الله عنه -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن كل ما يفعل الإنسان من أعمال البرَّ والخير فهوصدقة يُثاب عليها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/109) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[135] التاسع عشر: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةً، وَلا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلا كَانَ لَهُ صَدَقَةً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «فَلا يَغْرِسُ المُسْلِمُ غَرْساً فَيَأْكُلَ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلا دَابَّةٌ وَلا طَيْرٌ إلا كَانَ لَهُ صَدَقة إِلَى يَومِ القِيَامةِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «لا يَغرِسُ مُسْلِمٌ غَرساً، وَلا يَزرَعُ زَرعاً، فَيَأكُلَ مِنهُ إنْسَانٌ وَلا دَابَةٌ وَلا شَيءٌ، إلا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروياه جميعاً من رواية أنس - رضي الله عنه -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «يَرْزَؤُهُ» أي ينقصه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: سعة كرم الله تعالى، وأنَّه يثيب على ما بعد الحياة، كما يثيب عليه في الحياة، وأنَّ ما أخذ من الإنسان بغير عمله فهو صدقة له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[136] العشرون: عَنْهُ، قَالَ: أراد بنو سَلِمَةَ أَن يَنتقِلوا قرب المسجِدِ فبلغ ذلِكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لهم: «إنَّهُ قَدْ بَلَغَني أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أنْ تَنتَقِلُوا قُربَ المَسجِد؟» فقالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُول اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذلِكَ. فَقَالَ: «بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، ديَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ: «إنَّ بِكُلِّ خَطوَةٍ دَرَجَةً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورواه البخاري أيضاً بِمَعناه مِنْ رواية أنس - رضي الله عنه -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «بَنُو سَلِمَةَ» بكسر اللام: قبيلة معروفة مِنَ الأنصار - رضي الله عنهم -، وَ «آثَارُهُمْ» : خطاهُم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/110) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ المشي إلى المسجد من الحسنات التي تُكتب لصاحبها. ويشهد له قوله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس (12) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[137] الحادي والعشرون: عن أبي المنذِر أُبيِّ بنِ كَعْب - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ لا أعْلَمُ رَجلاً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ، فَقيلَ لَهُ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ: لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ في الظَلْمَاء وفي الرَّمْضَاء؟ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلي إِلَى جَنْبِ المَسْجِدِ إنِّي أريدُ أنْ يُكْتَبَ لِي</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَمشَايَ إِلَى المَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أهْلِي فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قَدْ جَمَعَ اللهُ لَكَ ذلِكَ كُلَّهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الرَّمْضَاءُ» : الأرْضُ التي أصابها الحر الشديد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على فضل تكثير الخطا إلى الذهاب إلى المسجد، وأنه يكتب له أجر ذهابه إلى المسجد ورجوعه إلى أهله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[138] الثاني والعشرون: عن أبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عمرو بن العاصِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرْبَعُونَ خَصْلَةً: أعْلاَهَا مَنيحَةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَة مِنْهَا؛ رَجَاءَ ثَوَابِهَا وتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلا أدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الجَنَّةَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المَنيحَةُ» : أنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا لِيَأكُلَ لَبَنَهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «أربعون خصلة» . أي: من البِرّ دون منيحة العنز، كالسلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق، ونحوذلك من أعمال الخير، قال الله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة (7) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/111) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[139] الثالث والعشرون: عن عَدِي بنِ حَاتمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشقِّ تَمْرَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لهما عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَينَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنظُرُ بَيْنَ يَدَيهِ فَلا يَرَى إلا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النَّار تِلقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ على الزيادة من صالح العمل، والتقليل من سيء العمل، وأنَّ الصدقة حجاب عن النار، ولو قَلَّت بمال، أو كلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[140] الرابع والعشرون: عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... «إنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «الأَكْلَةُ» بفتح الهمزة: وَهيَ الغَدْوَةُ أَو العَشْوَةُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان فضل الحمد عند الطعام والشراب، وهذا من كرم الله تعالى، فإنه الذي تفضَّل عليك بالرزق، ورضي عنك بالحمد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[141] الخامس والعشرون: عن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«عَلَى كلّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ» قَالَ: أرأيتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ» قَالَ: أرأيتَ إن لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ» قَالَ: أرأيتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، قَالَ: «يَأمُرُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/112) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بِالمعْرُوفِ أوِ الخَيْرِ» قَالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على اكتساب ما تدعو إليه حاجة الإنسان من طعام، وشراب، وملبس، ليصون به وجهه عن الناس، واكتساب ما يتصدق به ليحصل له الثواب الجزيل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل إعانة المحتاج والمضطر، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل الأمر بالمعروف والخير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الإمساك عن الشرّ صدقةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">14- باب الاقتصاد في الطَّاعَة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه (1، 2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لتتعب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الاقتصادُ: التوسُّط في العبادة إبقاء للنفس، ودفعًا للملل؛ لأنَّ النفس كالدابة إذا رَفق بها صاحبها حصل مراده، وإن أتعبها انقطعت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الضحاك: لما أنزل الله القرآن على رسوله - صلى الله عليه وسلم - قام به هو وأصحابه فقال المشركون من قريش: ما أُنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى. فأنزل الله تعالى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى} [طه (1: 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: لا والله ما جعله شقاء، ولكن جعله رحمة ونورًا ودليلاً إلى الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: هي كقوله: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل (20) ] . وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/113) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة (185) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نزلت هذا الآية في جواز الفطر في السفر، وهي عامة في جميع أمور الدين كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج (78) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[142] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَيْهَا وعِندها امرأةٌ، قَالَ: «مَنْ هذِهِ؟» قَالَتْ: هذِهِ فُلاَنَةٌ تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا. قَالَ: «مهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَواللهِ لا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «مهْ» : كَلِمَةُ نَهْي وَزَجْر. ومَعْنَى «لا يَمَلُّ اللهُ» : لا يَقْطَعُ ثَوَابَهُ عَنْكُمْ وَجَزَاء أَعْمَالِكُمْ ويُعَامِلُكُمْ مُعَامَلةَ المَالِّ حَتَّى تَمَلُّوا فَتَتْرُكُوا، فَيَنْبَغِي لَكُمْ أنْ تَأخُذُوا مَا تُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيهِ لَيدُومَ ثَوابُهُ لَكُمْ وَفَضْلُهُ عَلَيْكُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن الجوزي: إنما أحَبَّ العمل الدائمَ؛ لأنَّ مداوم الخير ملازم للخدمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال المصنف: بدوام القليل تستمر الطاعة، بالذكر، والمراقبة والإخلاص، والإقبال على الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[143] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أُخْبِروا كَأَنَّهُمْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/114) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَقَالُّوهَا وَقَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ. قَالَ أحدُهُم: أمَّا أنا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَأُصَلِّي اللَّيلَ أبداً. وَقالَ الآخَرُ: وَأَنَا أصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ. وَقالَ الآخر: وَأَنا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أتَزَوَّجُ أبَداً. فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فَقَالَ: «أنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا واللهِ إنِّي لأخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخشية: خوفٌ مقرون بمعرفة. قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر (28) ] . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفطر ليتقوَّى على الصوم، وينام ليتقوَّى على القيام، ويتزوَّج لكسر الشهوة وإعفاف النفس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: النهي عن التعمُّق في الدين والتشبه بالمبتدعين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[144] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» . قالها ثَلاثاً. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المُتَنَطِّعونَ» : المتعمقون المتشددون في غير موضِعِ التشديدِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المتنطَّع: المتكلَّف في العبادة بما يشق فعله ولا يلزمه، والخائضُ فيما لا يعنيه وفيما لا يبلغه عقله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[145] عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/115) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «الدِّينُ» : هُوَ مرفوع عَلَى مَا لَمْ يسم فاعله. وروي منصوباً وروي «لن يشادَّ الدينَ أحدٌ» . وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إلا غَلَبَهُ» : أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ. وَ «الغَدْوَةُ» : سير أولِ النهارِ. وَ «الرَّوْحَةُ» : آخِرُ النهارِ. وَ «الدُّلْجَةُ» : آخِرُ اللَّيلِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ - عز وجل - بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى الحديث: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية، ويترك الرفق إلا عجز وانقطع عن عمله كله أو بعضه، فتوسطوا من غير إفراط، ولا تفريط، وقاربوا إن لم تستطيعوا العمل بالأكمل، فاعملوا ما يقرب منه، وأبشروا بالثواب على العمل الدائم وإنْ قل، واستعينوا على تحصيل العبادات بفراغكم ونشاطكم، قال الله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح (7، 8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[146] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «حُلُّوهُ، لِيُصلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرْقُدْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذ الحديث: الحث على الاقْتِصاد في العبادة، والنهي عن التعمُّق فيها، والأمر بالإقبال عليها بنشاط، وجواز تنفُّل النساء في المسجد إذا أمنت الفتنة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/116) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[147] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّومُ، فإِنَّ أحدكم إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أمر الناعس في الصلاة أنْ ينصرف منها، يعني: بعدما يتمها خفيفة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[148] وعن أَبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ أصَلِّي مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَوَاتِ، فَكَانتْ صَلاتُهُ قَصْداً وَخُطْبَتُهُ قَصْداً. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «قَصْداً» : أي بين الطولِ والقِصرِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب القصد في الصلاة، والخطبة وجميع الأمور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[149] وعن أبي جُحَيْفَة وَهْب بنِ عبد اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: آخَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبي الدَّرْداءِ، فَزارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرداءِ فَرَأى أُمَّ الدَّرداءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ: مَا شَأنُكِ؟ قَالَتْ: أخُوكَ أَبُو الدَّردَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ في الدُّنْيَا، فَجاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَاماً، فَقَالَ لَهُ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أنا بِآكِلٍ حَتَّى تَأكُلَ فأكل، فَلَمَّا كَانَ اللَّيلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّردَاءِ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نَمْ، فنام، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ من آخِر اللَّيلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُم الآن، فَصَلَّيَا جَمِيعاً فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيكَ حَقّاً، وَلأَهْلِكَ عَلَيكَ حَقّاً، فَأعْطِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/117) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَ سَلْمَانُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية المؤاخاة في الله، وزيارة الإخوان، والمبيت عندهم، وجواز مخاطبة الأجنبية للحاجة، والنصح للمسلم، وتنبيه من غفل، وفضل قيام آخر الليل، وجواز النهي عن المستحبات إذا خشي أنَّ ذلك يفضي إلى السآمة والملل، وتفويت الحقوق المطلوبة، وكراهية الحمل على النفس في العبادة، وجواز الفطر من صوم التطوع للحاجة والمصلحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[150] وعن أَبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عَمْرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: أُخْبرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنِّي أقُولُ: وَاللهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيلَ مَا عِشْتُ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنتَ الَّذِي تَقُولُ ذلِكَ؟» فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وأمِّي يَا رسولَ الله. قَالَ: «فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا وَذَلكَ مِثلُ صِيامِ الدَّهْرِ» قُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوماً وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ» قُلْتُ: فَإنِّي أُطِيقُ أفضَلَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوماً وَأفْطِرْ يَوماً فَذلِكَ صِيَامُ دَاوُد - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ أعْدَلُ الصيامِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «هُوَ أفْضَلُ الصِّيامِ» فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أفضَلَ مِنْ ذلِكَ» ، قال: وَلأنْ أكُونَ قَبِلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيّامِ الَّتي قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أحَبُّ إليَّ مِنْ أهْلي وَمَالي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيلَ؟» قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُول الله، قَالَ: «فَلا تَفْعَلْ: صُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ؛ فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِعَيْنَيكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/118) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإنَّ بِحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ في كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذلِكَ صِيَامُ الدَّهْر» فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إنِّي أجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ صِيَامَ نَبيِّ الله دَاوُد وَلا تَزد عَلَيهِ» قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ دَاوُد؟ قَالَ: «نِصْفُ الدَّهْرِ» فَكَانَ عَبدُ الله يقول بَعدَمَا كَبِرَ: يَا لَيتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهرَ، وَتَقْرَأُ القُرآنَ كُلَّ لَيْلَة؟» فقلت: بَلَى، يَا رَسُول الله، وَلَمْ أُرِدْ بذلِكَ إلا الخَيرَ، قَالَ: «فَصُمْ صَومَ نَبيِّ اللهِ دَاوُد، فَإنَّهُ كَانَ أعْبَدَ النَّاسِ، وَاقْرَأ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْر» قُلْتُ: يَا نَبيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: «فاقرأه في كل عشرين» قُلْتُ: يَا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلِكَ؟ قَالَ: «فَاقْرَأهُ في كُلِّ عَشْر» قُلْتُ: يَا نبي اللهِ، إنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: «فاقْرَأهُ في كُلِّ سَبْعٍ وَلا تَزِدْ عَلَى ذلِكَ» فشدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ وَقالَ لي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّكَ لا تَدرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ» قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الَّذِي قَالَ لي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ قَبِلتُ رُخْصَةَ نَبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «لا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ» ثلاثاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أَحَبُّ الصِيَامِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صِيَامُ دَاوُد، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ: كَانَ ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/119) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قال: «أنْكَحَني أَبي امرَأةً ذَاتَ حَسَبٍ وَكَانَ يَتَعَاهَدُ كنَّتَهُ - - أي: امْرَأَةَ وَلَدِهِ - فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا. فَتقُولُ لَهُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشاً، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفاً مُنْذُ أتَيْنَاهُ. فَلَمَّا طَالَ ذلِكَ عَلَيهِ ذَكَرَ ذلك للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «القِنِي بِهِ» فَلَقيتُهُ بَعد ذلك، فَقَالَ: «كَيْفَ تَصُومُ؟» قُلْتُ: كُلَّ يَومٍ، قَالَ: «وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟» قُلْتُ: كُلَّ لَيْلَةٍ، وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أهْلِهِ السُّبُعَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ، يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ ليَكُونَ أخفّ عَلَيهِ باللَّيلِ، وَإِذَا أَرَادَ أنْ يَتَقَوَّى أفْطَرَ أيَّاماً وَأحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كرَاهِيَةَ أنْ يَترُكَ شَيئاً فَارَقَ عَلَيهِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كل هذِهِ الرواياتِ صحيحةٌ، مُعظمُها في الصحيحين، وقليل مِنْهَا في أحدِهِما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ أفضل الصيام صوم يوم وإفطار يوم وكراهة الزيادة على ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: محصل قصة عبد الله بن عمرو: أنَّ الله تعالى لم يتعبد عبده بالصوم خاصة، بل تعبّده بأنواعٍ من العبادات، فلو استفرغ جهده لقصَّر في غيره، فالأَوْلى الاقتصاد فيه ليتبقى بعض القوة لغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي قصة عبد الله بن عمرو من الفوائد: بيان رفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمته، وشفقته عليهم، وإرشاده إياهم إلى ما يصلحهم، وحثّه إياهم على ما يطيقون الدوام عليه، ونهيهم عن التعمُّق في العبادة لما يخشى من إفضائه إلى الملل أو ترك البعض، وقد ذم الله تعالى قومًا لا زموا العبادة ثم فرطوا فيها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الإخبار عن الأعمال الصالحة، والأوراد، ومحاسن الأعمال، ولا يخفى أنَّ محل ذلك عند أمن الرياء. انتهى ملخصًا. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/120) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[151] وعن أبي رِبعِي حنظلة بنِ الربيعِ الأُسَيِّدِيِّ الكاتب أحدِ كتّاب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكر - رضي الله عنه - فَقَالَ: كَيْفَ أنْتَ يَا حنْظَلَةُ؟ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ! قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا تَقُولُ؟! قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُذَكِّرُنَا بالجَنَّةِ وَالنَّارِ كأنَّا رَأيَ عَيْنٍ فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً، قَالَ أَبُو بكر - رضي الله عنه -: فَوَالله إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فانْطَلَقْتُ أَنَا وأبُو بَكْر حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُول اللهِ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ والجَنَّةِ كأنَّا رَأيَ العَيْن فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونونَ عِنْدِي، وَفي الذِّكْر، لصَافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وسَاعَةً» ثَلاَثَ مَرَات. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولُهُ: «رِبْعِيٌّ» بِكسر الراء. وَ «الأُسَيِّدِي» بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة. وقوله: «عَافَسْنَا» هُوَ بِالعينِ والسينِ المهملتين أي: عالجنا ولاعبنا. وَ «الضَّيْعاتُ» : المعايش.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ساعة وساعة» ، أي: ساعة لأداء العبودية، وساعة للقيام بما يحتاجه الإنسان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العارفين: الحال التي يجدونها عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي الذكر ... مواجيد، والمواجيد تجيء وتذهب، وأما المعرفة، فهي ثابتة لا تزول. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/121) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أبي ذر المشهور: «وعلى العاقل أنْ يكون له ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكَّر فيها في سمع الله إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من مطعم ومشرب» . وبالله التوفيق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[152] وعنِ ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: بينما النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب إِذَا هُوَ برجلٍ قائم فسأل عَنْهُ، فقالوا: أَبُو إسْرَائيلَ نَذَرَ أنْ يَقُومَ في الشَّمْسِ وَلا يَقْعُدَ، وَلا يَسْتَظِل، وَلا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوهُ، فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ من تقرَّب إلى الله تعالى بعمل لم يتعبده الله به، أنه لا يلزمه فعله، وإنْ نذره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومن نذر عبادة مشروعة لزمه فعلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «من نذر أنْ يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">15- باب المحافظة عَلَى الأعمال</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد (16) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ} ، يعني ألم يحن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: نزلت في شأن الصحابة لما أكثروا المزاح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد (27) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/122) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الرهبانية التي ابتدعوها: رفض النساء: واتخاذ الصوامع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تنبيه على أنَّ مَن أوجب على نفسه شيئًا لزمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً} [النحل (92) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهي امرأة حمقاء من أهل مكة، كانت تغزل طول يومها ثم تنقضه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الخازن: والمعنى: أن هذه المرأة لم تكف عن العمل، ولا حين عملت كفت عن النقض، فكذلك من نقص عهده لا تركه، ولا حين عاهد وفَى به. انتهى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآية عامة في كل من أبطل عمله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر (99) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: دُمْ على عبادة ربك حتى يأيتك الموت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَمَّا الأَحاديث فمنها:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حديث عائشة: وَكَانَ أَحَبُّ الدِّين إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ. وَقَدْ سَبَقَ في البَاب قَبْلَهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[153] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبهِ مِنَ اللَّيلِ، أَوْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيلِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ كل وَرْدٍ من قول أو فعل، يفوت الإنسان أنه يثبت له أجره إذا قضاه كاملاًً. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/123) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[154] وعن عبد الله بن عَمْرو بن العاص رَضِيَ الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عبدَ اللهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلان، كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من خير، وكراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[155] وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهارِ ثنْتَيْ عَشرَةَ رَكْعَةً. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على مشروعية قضاء صلاة الليل، وكذلك سائر النوافل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح، أو ذكر» رواه أبو داود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">16- باب في الأمر بالمحافظة عَلَى السنة وآدابها</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر (7) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الآية دليل على وجوب امتثال أوامره ونواهيه - صلى الله عليه وسلم -</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم (3، 4) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/124) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا حقًّا، وليس عن هوى ولا غرض؛ لأنَّ ما يقوله وحيٌ من الله عز وجلّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران (31) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نزلت هذه الآية حين ادَّعى أهل الكتاب محبَّة الله فمن ادَّعى محبة الله وهو على غير الطريقة المحمدية فهو كاذب في نفس الأمر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: ليس الشأن أن تحِب إِنما الشأن أن تُحَبَّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبُّون الله فابتلاهم الله بهذه الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر} [الأحزاب (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأُسوة: الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في أقواله، وأفعاله، وأحواله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء (65) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبب نزول هذه الآية: أنَّ رجلاً من الأنصار خاصمه الزبير في شراج الحرة كانا يسقيان به كلاهما، وكان الزبير الأعلى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسقِ يَا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك» فغضب الأنصاري فقال: يَا رسول الله، أن كان ابن عمِتك، فَتَلَوَّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال للزبير: «اسقِ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر، فاستوعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ حق الزبير، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشار على الزبير برأي أراد سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوعى للزبير حقه، في صريح الحكم. قال الزبير: «والله ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/125) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء (65) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يُقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يُحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يَجِبُ الانقياد له ظاهرًا وباطنًا. كما ورد في الحديث: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء (59) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماء: معناه إِلَى الكتاب والسُنّة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله} [النساء (80) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من يطع الرسول فيما أمر به فقد أطاع الله؛ لأنَّ الله أمر بطاعته وإتباعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى (52) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني: دين الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور (63) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: وعيد شديد لمن خالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، إما فتنة في الدنيا أو عذاب في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب (34) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/126) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: أمرٌ لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا ينسيَنَّ هذه النعمة الجليلة القدر وهي ما يُتلى في بيوتهن من كتاب الله تعالى، وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: في باب المحافظة على السنة والاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - واتباعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[156] فالأول: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤالِهِمْ واخْتِلافُهُمْ عَلَى أنْبيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْء فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث له سبب، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب وقال: «يا أيها النَّاس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» ، فقال رجلٌ: أكُلُّ عام يا رسول الله؟ فسكتَ حتى قالها مرارًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قلت: نعم. لوجبت، ولما استطعتم» ، ثم قال: «دعوني ما تركتكم..» الحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهو من قواعد الإسلام المهمة، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر (59) ] . وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن (16) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ويُستفاد منه: كراهة كثرة المسائل من غير ضرورة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال مالك رحمه الله تعالى: «المِراء والجدال يذهب بنور العلم من قلب الرجل» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي بعض الآثار: «إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العلم، وأغلق عنه </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/127) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرًّا فتح له باب الجدل وأغلق عنه باب العلم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[157] الثاني: عن أَبي نَجيحٍ العِرباضِ بنِ سَارية - رضي الله عنه - قَالَ: وَعَظَنَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَوعظةً بَليغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رسولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأوْصِنَا، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تَأمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اختِلافاً كَثيراً، فَعَليْكُمْ بسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِيِّنَ عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فإنَّ كلَّ بدعة ضلالة» . رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«النَّواجذُ» بالذال المعجمةِ: الأنيَابُ، وَقِيلَ: الأضْراسُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخلفاء الراشدون هم: أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي رضي الله عنهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: التمسُّك بالسنَّة في الاعتقاد والأعمال والأقوال، والتحذير من البِدع، وهي ما أُحْدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة» . هاتان الكلمتان تَجْمَعَان سعادة الدنيا والآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: والله لا يستقيم الدِّينُ إلا بالأُمراء وإن جاروا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/128) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[158] الثَّالثُ: عَنْ أَبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلا مَنْ أبَى» . قيلَ: وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أعظم بشارة للطائعين من هذه الأمة، وأن كُلّهم يدخلون الجنة إلا من عصى الله ورسوله واتَّبع شهواته وهواه، قال الله تعالى {فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ... [النازعات (37: 41) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[159] الرابع: عن أَبي مسلم، وقيل: أَبي إياس سَلمة بنِ عمرو بنِ الأكوع - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينكَ» قَالَ: لا أسْتَطيعُ. قَالَ: «لا استَطَعْتَ» . مَا مَنَعَهُ إلا الكِبْرُ فمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية الأكل باليمين، وكراهة الأكل بالشمال مع عدم العذر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[160] الخامس: عن أَبي عبدِ الله النعمان بن بشير رَضيَ الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسَوِّي صُفُوفَنَا حتى كأنَّما يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ يَوماً فقامَ حَتَّى كَادَ أنْ يُكَبِّرَ فرأَى رَجلاً بَادياً صَدْرُهُ، فَقَالَ: «عِبَادَ الله، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/129) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيدٌ شديد على من لم يسوَّ الصفوف، والحثّ على تسويتها، وجواز الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[161] السادس: عن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: احْتَرقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيلِ، فَلَمَّا حُدِّثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بشَأنِهِمْ، قَالَ: «إنَّ هذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ، فَأطْفِئُوهَا عَنْكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بإطفاء النار عند الرقاد، لما يخشى من الاحتراق ويدخل فيه نار السراج وغيره، إلا أنْ يُؤْمَن الضرر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[162] السابع: عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْم كَمَثَلِ غَيثٍ أَصَابَ أرْضاً فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفةٌ طَيِّبَةٌ، قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أمسَكَتِ المَاء فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَربُوا مِنْهَا وَسَقُوا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائفةً مِنْهَا أخْرَى إنَّمَا هِيَ قيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ بمَا بَعَثَنِي الله بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«فَقُهَ» بضم القافِ عَلَى المشهور وقيل بكسرِها: أي صار فقيهاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: هذا مثل ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء به من الدين، وشبّه السامعين له بالأرض المختلفة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/130) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فمنهم: العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها، وأنبتت فنفعت غيرها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنهم: الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه، غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقَّه فيما جمع، لكنه أدَّاه لغيره فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به، وهو المشار إليه بقوله: «نضَّر الله امرءًا سمع مقالتي، فأدَّاها كما سمعها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنهم: من يسمع العلم فلا يحفظه، ولا يعمل به، ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض السبخة، أو الملساء التي لا تقبل الماء، أو تفسده. انتهى مُلخَّصًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والحاصل أنَّ الناس في الدِّين ثلاثة أقسام:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوم عَلِموا وعَمِلوا، وهم عامة المؤمنين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوم علموا وعملوا وعلَّموا، وهم العلماء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوم لم يعملوا، وهم الكفار والفاسقون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[163] الثامن: عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَ الجَنَادِبُ والفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخذٌ بحُجَزكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأنْتُمْ تَفَلَّتونَ مِنْ يَدَيَّ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الجَنَادِبُ» : نَحوُ الجرادِ وَالفَرَاشِ، هَذَا هُوَ المَعْرُوف الَّذِي يَقَعُ في النَّارِ. وَ «الحُجَزُ» : جَمْعُ حُجْزَة وَهِيَ مَعْقدُ الإزَار وَالسَّراويل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شبَّه - صلى الله عليه وسلم - تساقطَ الجاهلينَ والمخالفينَ بمعاصيهم، وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع في ذلك مع منعه إيّاهم بتساقط الفَرَاش في نار الدنيا، لهواه وضعف تمييزه، وكلاهما ساع في هلاك نفسه لجهله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/131) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[164] التاسع: عَنْهُ أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِلَعْقِ الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقَالَ: «إنَّكُمْ لا تَدْرونَ في أَيِّها البَرَكَةُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأخُذْهَا، فَليُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذىً، وَلْيَأكُلْهَا وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيطَانِ، وَلا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أصَابعَهُ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي في أيِّ طَعَامِهِ البَرَكَةُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «إنَّ الشَّيطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيءٍ مِنْ شَأنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإذَ سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ اللُّقْمَةُ فَليُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أذَىً، فَلْيَأكُلْهَا وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيطَانِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على كسر النفس بالتواضع، وأخْذ اللقمة الساقطة، ولا يدعها كما يفعله بعض المتْرفين استكبارًا والأمر بلَعْق الأصابع والصحفة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[165] العاشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَوعِظَةٍ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ مَحْشُورونَ إِلَى الله تَعَالَى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء (104) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ألا وَإنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسى يَومَ القِيَامَةِ إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم -، ألا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرجالٍ مِنْ أُمَّتي فَيُؤخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشَّمالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أصْحَابِي. فَيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأقُولُ كَما قَالَ العَبدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قولِهِ: {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة (117، 118) ] فَيُقَالُ لِي: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«غُرْلاً» : أي غَيرَ مَخْتُونِينَ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/132) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: فيه إشارة إلى قلَّة عدد من وقع لهم ذلك، وإنما وقع ذلك لبعض جفاة الأعراب، ولم يقع لأحد من الصحابة المشهورين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[166] الحادي عشر: عن أَبي سعيد عبد الله بن مُغَفَّلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخَذْفِ، وقالَ: «إنَّهُ لا يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلا يَنْكَأُ العَدُوَّ، وإنَّهُ يَفْقَأُ العَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: أنَّ قَريباً لابْنِ مُغَفَّل خَذَفَ فَنَهَاهُ، وَقالَ: إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَن الخَذْفِ، وَقَالَ: «إنَّهَا لا تَصِيدُ صَيداً» ثُمَّ عادَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهُ، ثُمَّ عُدْتَ تَخذفُ!؟ لا أُكَلِّمُكَ أَبَداً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخذف: رمي الحصى بالسبابة والإبهام، أو بالسبابتين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: هجران أهل البدع والفسوق، ومُنَابِذِي السنَّة مع العلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[167] وعَن عابس بن رَبيعة، قَالَ: رَأيْتُ عُمَرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - يُقَبِّلُ الحَجَرَ - يَعْنِي: الأسْوَدَ - وَيَقُولُ: إني أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ مَا تَنْفَعُ وَلا تَضُرُّ، وَلَولا أنِّي رَأيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التسليم للشارع في أمور الدين وحسن الإتباع فيما لم يكشف عن معانيه، وهي قاعدة عظيمة في إتِّباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعله، ولو لم نعلم الحكمة فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحَجَر خاصية ترجع إلى ذاته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: بيان السُّنَنِ بالقول، والفعل، وأنَّ الإمام إذا خشِيَ على أحد من فعله فساد اعتقاد أن يبادر إلى بيان الأمر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/133) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">17- باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وما يقوله من دُعِيَ إلى ذلك وأُمر بمعروف أو نُهي عن منكر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء 65]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أقسم سبحانه وتعالى أنه لا يؤمن أحد حتى يُحكٌم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما له وعليه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواهُ تبعًا لما جئت ... به» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور (51) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى أن قول المؤمنين إذا دُعُوا إلى حكم الله وحكم رسوله خلاف قول المنافقين، فإن المنافقين إذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أعرضوا، وإن كان الحق لهم أتوا. وأما المؤمنون فيقولون: سمعنا وأطعنا سواءً كان الحق لهم أو عليهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه من الأحاديث: حديث أَبي هريرة المذكور في أول الباب قبله، وهو قوله: «إذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْء فَاجْتَنِبُوه ... » الحديث..</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وغيره من الأحاديث فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الدالَّة على وجوب طاعة الله ورسوله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/134) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[168] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: {للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} الآية [البقرة (284) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اشْتَدَّ ذلِكَ عَلَى أصْحَابِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأتَوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أيْ رسولَ الله، كُلِّفْنَا مِنَ الأَعمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلاةَ والجِهَادَ والصِّيامَ والصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هذِهِ الآيَةُ وَلا نُطيقُها. قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتُرِيدُونَ أنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الكتَابَينِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا سَمِعنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ» [قَالُوا: سمعنا وأَطعنا غفرانك ربنا وإِليك المصير] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا القومُ، وَذَلَّتْ بِهَا ألْسنَتُهُمْ أنْزَلَ اللهُ تَعَالَى في إثرِهَا: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة (285) ] فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأنزَلَ الله - عز وجل -: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِه} قَالَ: نَعَمْ {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قَالَ: نَعَمْ. رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/135) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال السدي: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} [البقرة (286) ] طاقتها وحديث النفس مما لا يطيقون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنَّ الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">18- باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلال} [يونس (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لأنهما ضِدَّان وبترك الحق يقع الضلال، والحق ما جاء به الكتاب والسنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} [الأنعام (38) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: الكتاب: اللوح المحفوظ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقيل: المراد بالكتاب: القرآن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء (59) ] أيِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ذكر تعالى في أول هذه الآية الأمر بطاعة الله، وطاعة رسوله، وأولي الأمر، ثم قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء (59) ] ، فإذا اختلف العلماء في حكم من الأحكام قُدَّم الأقرب إلى الدليل من القرآن والحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام (153) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/136) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الصراط المستقيم: الإسلام. والسُّبُل المتفرقة: هي البدع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران (31) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن البصري: زعم قومٌ محبة الله فابتلاهم الله بهذه الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالآياتُ في البَابِ كَثيرةٌ مَعلُومَةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَمَّا اَلأحادِيثُ فَكَثيرَةٌ جداً، وَهيَ مَشْهُورَةٌ فَنَقْتَصِرُ عَلَى طَرَفٍ مِنْهَا:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[169] عن عائشة رَضِي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: من أصول الدين وقواعده، فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهيّ عنها، وفي ردِّ المحدثاث وجميع المنهيّات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[170] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ ... عَينَاهُ، وَعَلا صَوتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيشٍ، يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» وَيَقُولُ: «بُعِثتُ أنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَينِ» وَيَقْرِنُ بَيْنَ أُصبُعَيهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ الله، وَخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَة ضَلالَةٌ» ثُمَّ يَقُولُ: «أنَا أوْلَى بِكُلِّ مُؤمِنٍ مِنْ نَفسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَإلَيَّ وَعَلَيَّ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/137) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">محدثات الأمور ما لم يكن معروفًا في الكتاب والسنة ولا أصل له فيهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن العرباض بن سَارية - رضي الله عنه - حدِيثه السابق في بابِ المحافظةِ عَلَى السنةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنَّتي ... » إلخ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">19- باب فيمن سن سنة حسنة أَوْ سيئة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان (74) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أئمة يُقْتَدى بنا في الخير، ولنا نفع متعد إلى غيرنا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء (73) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لما صبروا على أوامر الله ومصائبه، فبالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[171] عن أَبي عمرو جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: كنا في صَدْرِ ... النَّهَارِ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءهُ قَومٌ عُرَاةٌ مُجْتَابي النِّمَار أَوْ العَبَاء، مُتَقَلِّدِي السُّيُوف، عَامَّتُهُمْ من مضر بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رَأَى بِهِمْ مِنَ الفَاقَة، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلالاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: « {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَى آخر الآية: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ ... رَقِيباً} ، والآية الأُخْرَى التي في آخر الحَشْرِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرهمِهِ، مِنْ ثَوبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشقِّ تَمرَةٍ» </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/138) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعجَزُ عَنهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، ثُمَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأيْتُ كَومَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأيْتُ وَجْهَ ... رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُهَا، وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدَهُ، مِنْ غَيرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورهمْ شَيءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهمْ شَيءٌ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَولُهُ: «مُجْتَابِي النِّمَارِ» هُوَ بالجيم وبعد الألِف باءٌ مُوَحَّدَةٌ، والنِّمَارِ جَمْعُ نَمِرَةٍ وَهِيَ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ مُخَطَّطٌ. وَمَعْنَى «مُجْتَابِيهَا» ، أي: لاَبِسيهَا قَدْ خَرَقُوهَا في رُؤوسِهِم. وَ «الجَوْبُ» القَطْعُ، ومِنْهُ قَولُهُ تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} أي نَحتُوهُ وَقَطَعُوهُ. وَقَولُهُ: «تَمَعَّرَ» هُوَ بالعين المهملة: أيْ تَغَيَّرَ. وَقَولُهُ: «رَأَيْتُ كَوْمَينِ» بفتح الكافِ وَضَمِّهَا: أي صُبْرَتَيْنِ. وَقَولُهُ: «كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ» هُوَ بالذال المُعْجَمَةِ وفتح الهاءِ والباءِ الموحَّدةِ قالَهُ القاضي عِيَاضٌ وَغَيرُهُ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: «مُدْهُنَةٌ» بدَال مهملة وَضَمِّ الهاءِ وبالنونِ وكذا ضبطه الحميدي. والصحيح المشهور هُوَ الأول. والمراد بهِ عَلَى الوجهين: الصفاءُ والاستنارة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبب تَمَعُّرِ وَجْه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شدَّة احتياج هؤلاء مع عدم مواساة الأغنياء لهم، مما يدفع ضررهم، ولهذا استنار وجهه حين حصل ما يسدّ فاقتهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[172] وعن ابنِ مسعود - رضي الله عنه - أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ مِنْ نَفْس تُقْتَلُ ظُلْماً إلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأوْلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ كَانَ أوَّلَ مَنْ سَنَّ القَتلَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/139) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ابن آدم المذكور: هو قابيل. والمقتول: هابيل. وهما المذكوران في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} الآيات [المائدة (27) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">20- باب في الدلالة عَلَى خير والدعاء إِلَى هدى أَوْ ضلالة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ تَعَالَى: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} [القصص (87) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ادع الناس إلى ربك بتوحيده وطاعته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} [النحل (125) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحكمة: القرآن، أي: ادع إلى دين الله بآيات القرآن ومواعظه، بلين ورفق وحُسْن خطاب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة (2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذا الأمر عام في جميع الطاعات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران (104) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إشارة إلى أنَّ الدعاة إلى الخير أفضل الأمَّة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[173] وعن أَبي مسعود عُقبةَ بنِ عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأوله عن أبي مسعود قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أبدِع بي فاحملني. قال: «ما عندي» . قال رجل: يَا رسول الله، أنا أدلّه على من يحمله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/140) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[174] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدَىً، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أجُورِهمْ شَيئاً، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، كَانَ عَلَيهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيئاً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت (12، 13) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[175] وعن أَبي العباس سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يوم خَيبَر: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رجلاً يَفْتَحُ الله عَلَى يَدَيهِ، يُحبُّ اللهَ وَرَسولَهُ، ويُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» ، فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أيُّهُمْ يُعْطَاهَا. فَلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ: «أينَ عَلِيُّ بنُ أَبي طالب؟» فقيلَ: يَا رسولَ الله، هُوَ يَشْتَكي عَيْنَيهِ. قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْه» فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرِئَ حَتَّى كأنْ لَمْ يكُن بِهِ وَجَعٌ، فأعْطاهُ الرَّايَةَ. فقَالَ عَليٌّ - رضي الله عنه -: يَا رَسُول اللهِ، أقاتِلُهمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتهمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإسْلاَمِ، وَأخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى فِيهِ، فَوَالله لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَم» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «يَدُوكُونَ» : أي يَخُوضُونَ وَيَتَحَدَّثُونَ. وقوله: «رِسْلِكَ» بكسر الراءِ وبفتحها لغتانِ، والكسر أفصح. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/141) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيانُ فضل الدعاء إلى الهدى، وعظيمِ أجر من اهتدى بسببه أحد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[176] وعن أنس - رضي الله عنه -: أن فتىً مِنْ أسلم قَالَ: يَا رَسُول الله، إنِّي أُرِيدُ الغَزْوَ وَلَيْسَ معي مَا أتَجَهَّز بِهِ، قَالَ: «ائتِ فُلاَناً فإنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ» فَأتَاهُ، فَقَالَ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ: أعْطني الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ، فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ، أعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ بِهِ، وَلا تَحْبِسي مِنْهُ شَيئاً، فَواللهِ لا تَحْبِسِين مِنْهُ شَيئاً فَيُبَاركَ لَكِ فِيهِ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ من نوى صرف شيء في خير وتعذَّر عليه، استُحبَّ له بذلك في خير آخر. ومناسبة الحديث للترجمة دلالته - صلى الله عليه وسلم - لذلك المنقطع على ذلك الذي تجهز ثم مرض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">21- باب التعاون عَلَى البر والتقوى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة (2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى عباده المؤمنين بالتعاون على الطاعات وترك المعاصي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر (1: 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الإمام الشافعي - رَحِمَهُ الله - كلاماً معناه: إنَّ النَّاسَ أَوْ أكثرَهم في غفلة عن تدبر هذِهِ السورة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">صرَّح بكلام الشافعي شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم. يعني أنها تضمنت أحوال الناس، فأخبر تعالى أنَّ الناس كلهم في خسار إلا مَنْ آمن وعمل صالحًا وصبر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/142) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[177] وعن أَبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَهَّزَ غَازِياً في سَبيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيرٍ فَقَدْ غَزَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ مَن أعان على فعل خير كان له مثل أجر عامله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[178] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثاً إِلَى بني لِحْيَان مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَالَ: «لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأجْرُ بَيْنَهُمَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دلالة على أنَّ الغازي والخالف له بخير، أجرهما سواء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[179] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ رَكْباً بالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنتَ؟ قَالَ: «رَسُول الله» ، فرفعت إِلَيْه امرأةٌ صبياً، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على صحة حج الصبي وثبوت أجر وليِّه، ولا تجزيه عن حجة الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[180] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ: «الخَازِنُ المُسْلِمُ الأمِينُ الَّذِي يُنفِذُ مَا أُمِرَ بِهِ فيُعْطيهِ كَامِلاً مُوَفَّراً طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ، أحَدُ المُتَصَدِّقين» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ» وضبطوا «المُتَصَدِّقَينِ» بفتح </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/143) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القاف مَعَ كسر النون عَلَى التثنية، وعكسه عَلَى الجمعِ وكلاهما صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نبّه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «كاملاً موفرًا طيبة بها نفسه» . على ما هو الغالب على خزان المال من الطمع والعبوس والحسد، فمن فعل ذلك فهو أبخل البخلاء، ومن دفعه كاملاً بغير تكدير فله أجر المعطي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">22- باب النصيحة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [الحجرات (10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في التعبير بالأُخوَّة إيماء إلى تأكيد النصيحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: إخباراً عن نوحٍ - صلى الله عليه وسلم -: {وَأنْصَحُ لَكُمْ} [الأعراف (62) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن هود - صلى الله عليه وسلم -: {وَأنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أمِينٌ} [الأعراف (68) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: علامة النصيحة ثلاث: اغتمام القلب بمصائب المسلمين، وبذل النصح لهم وإرشادهم إلى مصالحهم وإنْ جهلوا وكَرِهُوْهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[181] فالأول: عن أَبي رُقَيَّةَ تَمِيم بن أوس الداريِّ - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحةُ» قلنا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: عليه مدار الإسلام، والنصيحةُ عماد الدين وقوامه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فالنصيحة لله: الإيمان به، ونفي الشريك عنه، ووصفه بصفات الكمال، والقيام بطاعته، واجتناب معصيته، والحب فيه، والبعض فيه، وشكره على نعمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والنصيحة لكتابه: الإيمان بأنه تنزيله، وتلاوته، والعمل به، وتفهم علومه، وأمثاله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/144) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والنصيحة لرسوله: تصديقه، وطاعته ونصرُ سنته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والنصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحق، وطاعتهم، وتنبيههم، وتذكيرهم برفق، وترك الخروج عليهم، والدعاء لهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والنصيحة لعامتهم: إرشادهم لمصالحهم في دينهم ودنياهم، وإعانتهم، وستر عوراتهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[182] الثاني: عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: بَايَعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وجوب النصيحة، وهي لازمة على قدر الحاجة، إذا علم الناصح أنه يُقبل نصحه وأمن على نفسه المكروه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[183] الثالث: عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنه لا يؤمن المسلم حتى يحب لأخيه من الخير والطاعات ما يحب لنفسه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن الصلاح: وهذا قد يُعَدُّ من الصعب الممتنع، وليس كذلك. إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه. والقيام بذلك يحصل بأنْ يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها، بحيث لا ينقص النعمة على أخيه شيئًا من النعمة عليه، وذلك يسهل على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل، عافانا الله من ذلك آمين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/145) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">23- باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران (104) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المعروف: كل فعل يعرف حسنه بالشرع، والعقل، والمنكر ضد ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يقول تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} ، منتصبة للقيام بأمر الله في الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: والخير: الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال في «جامع البيان» : أمة: جماعة يدعون الناس إلى الخير، إتباع القرآن وسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر عطف الخاص على العام لشرفه؛ لأنَّ الخير أعمّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر} [آل عمران (110) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: كنتم يَا أمة محمد خير أمة أنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، فمن تحقق فيه هذا الوصف فهو من أفضل الأمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف (199) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: خذ العفو من أخلاق الناس كقبول أعذارهم، والمساهلة معهم، والصبر عليهم، {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} ، المعروف {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} . لا تقابل السفه بالسفه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/146) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة (71) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى أنَّ المؤمنين أنصارٌ يتعاونون على العبادة، ويتبادرون إليها يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ضد وصف المنافقين فإنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة (78، 79) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: لُعنوا بكل لسان، لعنوا على عهد موسى في التوراة، ولعنوا على عهد داود في الزبور، ولعنوا على عهد عيسى في الإنجيل، ولعنوا على عهد محمد - صلى الله عليه وسلم - في القرآن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لتأمُرُنّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يد المسيء، ولتأطرنه على الحق أطرًا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف (29) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إذا بينت لكم الحق فلا أبالي بإيمان من آمن، وكفر من كفر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر} [الحجر (94) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: اجهر بما أمرك الله بتبليغه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف (165) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/147) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أول الآية: {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء ... } الآية. نزلت في أصحاب السبت، وهي عامة في كل من فعل مثل فعلهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالآيات في الباب كثيرة معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[184] فالأول: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: دليل على وجوب تغيير المنكر بحسب القدرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الإمام أحمد: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال: الناس محتاجون إلى مداراة ورفق، الأمر بالمعروف بلا غلطة، إلا رجل معلن بالفسق فلا حرمة له، وقال أيضًا: يأمر بالرفق، فإن أسمعوه ما يكره لا يغضب، فيكون يريد أنْ ينتصر لنفسه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[185] الثاني: عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ نَبيٍّ بَعَثَهُ اللهُ في أمَّة قَبْلِي إلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأصْحَابٌ يَأخُذُونَ بِسنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلبِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلسَانِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَل» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/148) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحواريٌّون: الأصفياء، الناصرون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: دليل على تفاوت مراتب الإيمان، وأنَّ عدم إنكار القلب دليل على ذهاب الإيمان منه، ولهذا قال ابن مسعود: هلكت إنْ لم يعرف قلبك المعروف، وينكر المنكر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي سنن أبي داود: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عُملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[186] الثالث: عن أبي الوليدِ عبادة بن الصامِت - رضي الله عنه - قَالَ: بَايَعْنَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلا أنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيهِ بُرْهَانٌ، وَعَلَى أنْ نَقُولَ بالحَقِّ أيْنَمَا كُنَّا لا نَخَافُ في اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المَنْشَطُ وَالمَكْرَهُ» بفتح ميمَيْهِما: أي في السهل والصعب. وَ «الأثَرَةُ» : الاختِصاص بالمشترَكِ وقد سبق بيانها. «بَوَاحاً» بفتح الباءِ الموحدة بعدها واو ثُمَّ ألف ثُمَّ حاءٌ مهملة: أي ظاهِراً لا يحتمل تأويلاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل عل وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإنْ جاروا، وأنه لا يجوز الخروج عليهم ما لم يظهروا كفرًا واضحًا لا يحتمل التأويل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[187] الرابع: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ في حُدُودِ اللهِ وَالوَاقعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَومٍ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/149) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَصَارَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا جَميعاً، وَإنْ أخَذُوا عَلَى أيدِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوْا جَميعاً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«القَائِمُ في حُدُودِ اللهِ تَعَالَى» معناه: المنكر لَهَا، القائم في دفعِها وإزالتِها، وَالمُرادُ بالحُدُودِ: مَا نَهَى الله عَنْهُ. «اسْتَهَمُوا» : اقْتَرَعُوا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن عقوبة المعاصي، تَعُمّ إذا تُرك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} [الأنفال (25) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[188] الخامس: عن أُمِّ المؤمنين أم سلمة هند بنت أَبي أمية حذيفة رضي الله عنها، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: «إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعرِفُونَ وتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالوا: يَا رَسُول اللهِ، ألا نُقَاتِلهم؟ قَالَ: «لا، مَا أَقَامُوا فيكُمُ الصَّلاةَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معناه: مَنْ كَرِهَ بِقَلْبهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ إنْكَاراً بِيَدٍ وَلا لِسَانٍ فقَدْ بَرِئَ مِنَ الإِثْمِ، وَأَدَّى وَظيفَتَهُ، وَمَنْ أَنْكَرَ بحَسَبِ طَاقَتِهِ فَقَدْ سَلِمَ مِنْ هذِهِ المَعْصِيَةِ وَمَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ وَتَابَعَهُمْ فَهُوَ العَاصِي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على وجوب إنكار المنكر على حسب القدرة، ولا يجوز الخروج على وُلاة الأمر، إلا إذا تركوا الصلاة، لأنها الفارقة بين الكفر والإسلام. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/150) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[189] السادس: عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنتِ جحش رَضِي الله عنها: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَيْهَا فَزِعاً، يقول: «لا إلهَ إلا الله، وَيلٌ للْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلَ هذِهِ» ، وحلّق بأُصبُعيهِ الإبهامِ والتي تليها، فقلتُ: يَا رَسُول الله، أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: والمراد بالشر ما وقع بعده - صلى الله عليه وسلم - من قتل عثمان، ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكَلَة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمراد بالردم: السد الذي بناه ذو القرنين. انتهى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: بيان شؤم المعاصي والتحريض على إنكارها، وأنها إذا كثرت فقد يحصل الهلاك العام، وإنْ كثر الصالحون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[190] السابع: عن أَبي سعيد الخُدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ!» فقالوا: يَا رَسُول الله، مَا لنا مِنْ مجالِسِنا بُدٌّ، نتحدث فِيهَا. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «فَإذَا أبَيْتُمْ إلا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ» . قالوا: وما حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذ االحديث: استحباب ترك الجلوس في الطريق، وأنَّ مَنْ جلس فعليه القيام، بما ذكر من غض البصر عما لا يحل، وكف الأذى بفعل أو قول، وإذا رأى ما يعجبه فليقل: ما شاء الله، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/151) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وورد في بعض الأحاديث زيادات على ما ذكر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وجمعها بعض العلماء في أبيات فقال:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">جمعت آداب من رام الجلوس على الطريق ... من قول خير الخلق إنسانا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">افش السلام وأحسن في الكلام وشمّت ... ?? ... عاطسًا وسلامًا رد إحسانا ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في العمل عاون ومظلومًا أعن وأغِث ... لهفان اِهْدِ سبيلاً، واهدِ حيرانا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بالعرف أمُرْ وانهَ عن منكر وكف أذى ... ?? ... وغضّ طرفًا وأكثر ذكر مولانا ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[191] الثامن: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتَماً مِنْ ذهبٍ في يدِ رجلٍ فنَزعه فطرحه، وَقالَ: «يَعْمدُ أحَدُكُمْ ... إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ!» فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذهب ... رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لا والله لا آخُذُهُ أبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إزالة المنكر باليد للقادر عليه، وأنَّ النهي عن خاتم الذهب للتحريم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: المبالغة في امتثال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - واجتناب نهيه، ولهذا ترك الرجل أخذ الخاتم، وأخذُه جائز للانتفاع به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[192] التاسع: عن أَبي سعيد الحسن البصري: أن عائِذَ بن عمرو - رضي الله عنه - دخل عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زياد، فَقَالَ: أي بُنَيَّ، إني سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ» فَإِيَّاكَ أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ: اجلِسْ فَإِنَّمَا أنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أصْحَابِ مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: وهل كَانَتْ لَهُم نُخَالَةٌ إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ وَفي غَيْرِهِمْ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحطمة: العنيف في رعيته لا يرفق بها في سوقها، ومرعاها، وشربها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/152) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: أمر الأمراء بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل الصحابة رضي الله عنهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث المشهور: «أصحابي كالنجوم بأيِّهم اقتديتم اهتديتم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[193] العاشر: عن حذيفة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُوْنَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنه إذا لم يُنْكَر المنكر عمَّ شؤمه وبلاؤه بجَوْر الولاة أو تسليط الأعداء، أو غير ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[194] الحادي عشر: عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «أفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[195] الثاني عشر: عن أَبي عبدِ الله طارِقِ بن شِهاب البَجَليِّ الأَحْمَسِيّ - رضي الله عنه -: أنَّ رجلاً سأل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقد وضع رِجله في الغَرْزِ: أيُّ الجِهادِ أفضلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ» . رواه النسائي بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الغرز» بغين معجمة مفتوحة ثُمَّ راء ساكنة ثُمَّ زاي: وَهُوَ ركاب كَوْرِ الجملِ إِذَا كَانَ من جلد أَوْ خشب وقيل: لا يختص بجلد وخشب. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/153) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إنما كان ذلك أفضل الجهاد لأنَّه يدل على كمال يقين فاعله، وقوَّة إيمانه، حيث تكلَّم بالحق عند هذا السلطان الجائر، ولم يخف من بطشه بل باع نفسه وقدَّم أمر الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[196] الثالث عشر: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ الله ودَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، فَلا يَمْنَعُهُ ذلِكَ أنْ يَكُونَ أكِيلَهُ وَشَريبَهُ وَقَعيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ» ثُمَّ قَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} - إِلَى قوله - {فاسِقُونَ} [المائدة (78: 81) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ قَالَ: «كَلا، وَاللهِ لَتَأمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَتَأخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأطِرُنَّهُ عَلَى الحَقِّ أطْراً، وَلَتَقْصُرُنَّه عَلَى الحَقِّ قَصْراً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ليَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: (حديث حسن) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هَذَا لفظ أَبي داود، ولفظ الترمذي، قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ في المَعَاصي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَجَالَسُوهُمْ في مَجَالِسِهمْ، وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ، فَضَربَ اللهُ قُلُوبَ بَعضِهِمْ بِبعْضٍ، وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسانِ دَاوُد وعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بما عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ» فَجَلَسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مُتَّكِئاً، فَقَالَ: «لا، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأطِرُوهُمْ عَلَى الحَقِّ أطْراً» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/154) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «تَأطِرُوهم» : أي تعطفوهم. «ولتقْصُرُنَّهُ» : أي لتحبِسُنَّه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هؤلاء الملعون جمعوا بين فعل المنكر والتجاهرَ به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنهي عن مجالسة أهل المعاصي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[197] الرابع عشر: عن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قَالَ: يَا أيّها النَّاس، إنّكم لتَقرؤُون هذِهِ الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة (105) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإني سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ» . رواه أَبُو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معناه: أنكم تقرؤون هذه الآية وتتوهَّمون أن من فعل ما أُمر به وترك ما نُهي عنه في نفسه أنْ لا حرج عليه في عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يَجِب كما في الحديث الآخر: «يَا أيها الناس، مُروا بالمعروف، وتناهَوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شُحًّا مطاعًا، وهوًى متَّبعًا، ودنيا مُؤثرة، وإعجاب كلُّ ذي رأي برأيه، فعليك نفسك، ودع عنك العوام» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">24- باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَوْ نهى عن منكر وخالف قوله فعله</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة (44) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الآية: توبيخ وتقريع لمن أمر بالطاعة ولم يفعل. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/155) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيها: تنبيه على أنَّ ذلك خلاف العقل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف (2، 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المقت: أشد البغض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى إخباراً عن شعيب - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود (88) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ما أريد أن أنهاكم عن شيء ثم أرتكبه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا تَنْه عن خُلُقٍ وتأتيَ مثله ... ?? ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيما ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[198] وعن أَبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُؤْتَى بالرَّجُلِ يَوْمَ القيَامَةِ فَيُلْقَى في النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُ بَطْنِهِ فَيدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ في الرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْه أهْلُ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، مَا لَكَ؟ أَلَمْ تَكُ تَأمُرُ بالمعْرُوفِ وَتنهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيقُولُ: بَلَى، كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ، وأنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «تَنْدلِقُ» هُوَ بالدالِ المهملةِ، ومعناه تَخرُجُ. وَ «الأَقْتَابُ» : الأمعاءُ، واحدها قِتْبٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيدٌ شديد لمن خالف قوله فعله، وأنَّ العذاب يُشَدَّدُ على العالِم إذا عصى أعظم من غيره، كما يضاعف له الأجر إذا عمل بعلمه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/156) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">25- باب الأمر بأداء الأمانة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ... [النساء (58) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبب نزول هذه الآية: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة، وهي عامة في كل الأمانات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس وغيره: نزلت في الأمراء وأنْ يؤدوا الأمانة فيما ائتمنهم الله من أمر رعيته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب (72) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: الأمانة: الفرائض التي افترضها الله على العباد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ... } قال: فلما عُرضت على آدم، قال: أي رب وما الأمانة؟ ! قال: قيل: إنْ أدَّيتها جُزيت، وإنْ ضيَّعتها عوقبت. قال: أي رب حملتها بما فيها؟ قال: فما مكث في الحنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس، حتى عمل بالمعصية فأُخرجَ منها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/157) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[199] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آيةُ المُنافقِ ثلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعدَ أخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على أنَّ هذه الخصال من علامات النفاق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث عبد الله بن عمرو: «أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَنْ كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتُمِنَ خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[200] وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قَالَ: حدثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حدِيثَينِ قَدْ رأيْتُ أحَدَهُمَا وأنا أنتظرُ الآخر: حدثنا أن الأمانة نَزلت في جَذرِ قلوبِ الرجال، ثُمَّ نزل القرآن فعلموا مِنَ القرآن، وعلِموا من السنةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ حدّثنا عن رفع الأمانة، فَقَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّومَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ أَثَرِ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبراً وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ» ثُمَّ أخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ «فَيُصْبحُ النَّاسُ يَتَبَايعُونَ، فَلا يَكَادُ أحدٌ يُؤَدّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ في بَني فُلانٍ رَجُلاً أميناً، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أجْلَدَهُ! مَا أَظْرَفَهُ! مَا أعْقَلَهُ! وَمَا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّة مِن خَرْدَل مِنْ إيمَان» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/158) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَلَقدْ أتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أيُّكُمْ بَايَعْتُ: لَئن كَانَ مُسْلِماً لَيَرُدَّنَّهُ عليَّ دِينهُ، وَإنْ كَانَ نَصْرانِيّاً أَوْ يَهُودِياً لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايعُ مِنْكُمْ إلا فُلاناً وَفُلاناً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «جَذْرُ» بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ أصل الشيء وَ «الوكت» بالتاء المثناة من فوق: الأثر اليسير. وَ «المَجْلُ»</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بفتح الميم وإسكان الجيم: وَهُوَ تَنَفُّطٌ في اليدِ ونحوها من أثرِ عمل وغيرِهِ. قوله: «مُنْتَبراً» : مرتفِعاً. قوله: «ساعِيهِ» : الوالي عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني: أنَّ الأمانة نزلت في القلوب بالفطرة، ثم نزل القرآن شفاء من الجهل، نور على نور، وقول حذيفة: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين - يعني: في الأمانة -، وهذا أحدهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والثاني قوله: ثم حدثنا عن رفع الأمانة، ولا تقبض الأمانة إلا بسوء العمل. قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد (11) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[201] وعن حُذَيفَة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَجمَعُ اللهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ فَيَقُومُ المُؤمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الجَنَّةُ، فَيَأتُونَ آدَمَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ، فَيقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الجَنَّةَ، فَيقُولُ: وَهَلْ أخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إلا خَطيئَةُ أبيكُمْ ! لَسْتُ بِصَاحِبِ ... ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْراهيمَ خَلِيل اللهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: فَيَأتُونَ إبرَاهِيمَ فَيَقُولُ إبراهيم: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ إِنَّمَا كُنْتُ خَليلاً مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، اعْمَدُوا إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ الله تَكليماً. فَيَأتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لستُ بِصَاحِبِ ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسى كلمةِ اللهِ ورُوحه، فيقول عيسى: لستُ بصَاحبِ ذلِكَ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/159) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَيَأتُونَ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُومُ فَيُؤذَنُ لَهُ، وتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَيَقُومانِ جَنْبَتَي الصِّرَاطِ يَمِيناً وَشِمَالاً فَيَمُرُّ أوَّلُكُمْ كَالبَرْقِ» قُلْتُ: بأبي وَأمِّي،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أيُّ شَيءٍ كَمَرِّ البَرقِ؟ قَالَ: «ألَمْ تَرَوا كَيْفَ يمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْن، ثُمَّ كَمَرّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَأَشَدِّ الرِّجَال تَجْري بهمْ أعْمَالُهُمْ، وَنَبيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّراطِ، يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أعْمَالُ العِبَادِ، حَتَّى يَجِيء الرَّجُلُ لا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إلا زَحْفاً، وَفي حَافَتي الصِّراطِ كَلاَلِيبُ معَلَّقَةٌ مَأمُورَةٌ بِأخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ، وَمُكَرْدَسٌ في النَّارِ» وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، إنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفاً. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «وراء وراء» هُوَ بالفتح فيهما. وقيل: بالضم بلا تنوين ومعناه: لست بتلك الدرجة الرفيعة، وهي كلمة تذكر عَلَى سبيل التواضع. وقد بسطت معناها في شرح صحيح مسلم، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا حديث جليل القدر، مشتمل على فوائد كثيرة، والشاهد من الحديث للترجمة قوله: " وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط ".</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وذلك لعظم أمرهما وكبر موقعهما، فمن أدَّى الأمانة ووصل الرحم نجا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[202] وعن أَبي خُبيب - بضم الخاء المعجمة - عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا وَقفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَل دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبه، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إنَّهُ لا يُقْتَلُ اليَومَ إلا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإنِّي لا أراني إلا سَأُقْتَلُ اليوم مظلوماً، وإنَّ مِنْ أكبرَ هَمِّي لَدَيْنِي، أفَتَرَى </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/160) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">دَيْننا يُبقي من مالِنا شَيئاً؟ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، بعْ مَا لَنَا وَاقْضِ دَيْنِي، وَأوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ، يعني لبني عبد الله بن الزبير ثُلُثُ الثُّلُث. قَالَ: فَإنْ فَضَلَ مِنْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَالِنَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّينِ شَيء فَثُلُثُه لِبَنِيكَ. قَالَ هِشَام: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ قَدْ وَازى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبيبٍ وَعَبَّادٍ، وَلهُ يَوْمَئذٍ تِسْعَةُ بَنينَ وَتِسْعُ بَنَات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ عَبدُ الله: فَجَعلَ يُوصينِي بدَيْنِهِ وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ، إنْ عَجَزْتَ عَن شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيهِ بِمَوْلاَيَ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا دَرَيْتُ مَا أرَادَ حَتَّى ... قُلْتُ: يَا أبَتِ مَنْ مَوْلاَكَ؟ قَالَ: الله. قَالَ: فَوَاللهِ مَا وَقَعْتُ في كُرْبةٍ مِنْ دَيْنِهِ إلا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيَهُ. قَالَ: فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَم يَدَعْ دِينَاراً وَلا دِرْهماً إلا أرَضِينَ، مِنْهَا الغَابَةُ وإحْدَى عَشْرَةَ دَاراً بالمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بالبَصْرَةِ، ودَاراً بالكُوفَةِ، ودَاراً بمِصْرَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيهِ أنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأتِيهِ بالمال، فَيَسْتَودِعُهُ إيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لا، وَلَكِنْ هُوَ سَلَفٌ إنِّي أخْشَى عَلَيهِ الضَّيْعَةَ. وَمَا وَليَ إمَارَةً قَطُّ وَلا جِبَايَةً، ولا خراجاً، وَلا شَيئاً إلا أنْ يَكُونَ في غَزْوٍ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَوْ مَعَ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضي الله عنهم -، قَالَ عَبدُ الله: فَحَسَبْتُ مَا كَانَ عَلَيهِ مِن الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ ألْفيْ ألْفٍ وَمئَتَي ألْف ! فَلَقِيَ حَكِيمُ بنُ حِزَام عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أخِي، كَمْ عَلَى أخي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمْتُهُ وَقُلْتُ: مِئَةُ ألْف. فَقَالَ حَكيمٌ: واللهِ مَا أرَى أمْوَالَكُمْ تَسَعُ هذِهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أرَأيْتُكَ إنْ كَانَتْ ألْفَي ألف وَمائَتَيْ ألْف؟ قَالَ: مَا أرَاكُمْ تُطيقُونَ هَذَا، فَإنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: وَكَانَ الزُّبَيرُ قَد اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِينَ ومئة ألف، فَبَاعَهَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/161) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَبدُ اللهِ بِألْفِ ألْف وَسِتّمِئَةِ ألْف، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ شَيْء فَلْيُوافِنَا بِالغَابَةِ، فَأتَاهُ عَبدُ اللهِ بنُ جَعفَر، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ أرْبَعمئةِ ألْف، فَقَالَ لعَبدِ الله: إنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكمْ؟ قَالَ عَبدُ الله: لا، قَالَ: فَإنْ شِئتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إنْ إخَّرْتُمْ، فَقَالَ عَبدُ الله: لا، قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قطْعَةً، قَالَ عَبدُ الله: لَكَ مِنْ ها هُنَا إِلَى هَا هُنَا. فَبَاعَ ... عَبدُ اللهِ مِنهَا فَقَضَى عَنْهُ دَينَه وَأوْفَاهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا أرْبَعَةُ أسْهُم وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَة وَعنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاويَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْم بمئَة ألف، قَالَ: كَمْ بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَ: أرْبَعَةُ أسْهُم وَنصْفٌ، فَقَالَ المُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيرِ: قَدْ أخَذْتُ مِنْهَا سَهماً بِمئَةِ ألف، قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أخَذْتُ مِنْهَا سَهْماً بمئَةِ ألْف. وَقالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أخَذْتُ سَهْماً بِمئَةِ ألْف، فَقَالَ مُعَاويَةُ: كَمْ بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَ: سَهْمٌ ونصْفُ سَهْم، قَالَ: قَدْ أخَذْتُهُ بخَمْسِينَ وَمئَةِ ألْف. قَالَ: وَبَاعَ عَبدُ الله بْنُ جَعفَر نَصيبهُ مِنْ مَعَاوِيَةَ بستِّمِئَةِ ألْف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، قَالَ بَنُو الزُّبَيرِ: اقسمْ بَينَنَا ميراثَنا، قَالَ: وَاللهِ لا أقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أنَادِي بالمَوْسم أرْبَعَ سنينَ: ألا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا فَلْنَقْضِهِ. فَجَعَلَ كُلّ سَنَةٍ يُنَادِي في المَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أرْبَعُ سنينَ قَسَمَ بيْنَهُمْ وَدَفَعَ الثُّلُثَ. وَكَانَ للزُّبَيْرِ أرْبَعُ نِسْوَةٍ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَأصَابَ كُلَّ امرَأةٍ ألْفُ ألف وَمِئَتَا ألْف، فَجَميعُ مَالِه خَمْسُونَ ألف ألْف وَمِئَتَا ألْف. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على عِظَم الأمانة، وأنَّ مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، وأنَّ مَن استعان بالله أعانه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/162) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">26- باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر (18) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحميم: القريب المشفق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج (71) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأمّا الأحاديث فمنها: حديث أبي ذر - رضي الله عنه - المتقدم في آخر باب المجاهدة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والشاهد منه: قوله تعالى: «يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[203] وعن جابر - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. حَمَلَهُمْ عَلَى أنْ سَفَكُوا دِمَاءهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الشحّ: البخل مع الحرص على طلب المال من غير وجهه المأذون فيه، كما في الحديث الآخر: «إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمَّهات، ووأد البنات، ومنعًا، وهات» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/163) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[204] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَومَ القِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ الشاة الجمّاء تقتص يوم القيامة من ذات القرن، وبعد القصاص تكون البهائم ترابًا، فيقول الكافر: يَا ليتني كنتُ ترابًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تنبيه على أنَّ المظلوم يقتص من ظالمه يوم القيامة، ويؤخذ له حقه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[205] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَنْ حَجَّةِ الوَدَاعِ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أظْهُرِنَا، وَلا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الوَدَاعِ حَتَّى حَمِدَ اللهَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأثْنَى عَلَيهِ ثُمَّ ذَكَرَ المَسْيحَ الدَّجَّال فَأطْنَبَ في ذِكْرِهِ، وَقَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبيٍّ إلا أنْذَرَهُ أُمَّتَهُ أنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ إنْ يَخْرُجْ فِيكُمْ فَما خَفِيَ عَليْكُمْ مِنْ شَأنِه فَلَيْسَ يَخْفَى عَليْكُم، إنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأعْوَرَ وإنَّهُ أعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ألا إنَّ الله حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءكُمْ وَأمْوَالَكُمْ كحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بلدكم هذا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلّغْتُ؟» قالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ... «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثلاثاً «وَيْلَكُمْ - أَوْ وَيْحَكُمْ -، انْظُروا: لا تَرْجعُوا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» . رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيدٌ شديد على القتال بغير حق، كما في الحديث الآخر: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار ". قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ ! قال: «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/164) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[206] وعن عائشة رضي الله عنها: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سبْعِ أرَضينَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تأكيد تحريم غصب الأرض، وأنَّ من أخذ شيئًا منها ظلمًا عُذَّب بحمله يوم القيامة في عنقه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «من أخذ من الأرض شيئًا بغير حقه، خُسف به يوم القيامة إلى سبع أَرَضين» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على أنَّ الأرضين السبع طباق، كالسموات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[207] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ، ثُمَّ قَرَأَ: {وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود (102) ] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الوعيد الشديد للظالم، وإنْ أُمْهِل على ظلمه، ولم يُعاجل بالعقوبة، فإن الله تعالى (يمهل ولا يهمل) . قال الله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف (183) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[208] وعن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إنَّكَ تَأتِي قَوْماً مِنْ أهلِ الكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلا الله، وَأنِّي رسولُ الله، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التنبيه على المنع من الظلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/165) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أن أخذ كرائم الأموال ظلم، إلا إنْ رضي صاحبها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ دعوة المظلوم مقبولة، كما في الحديث الآخر: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[209] وعن أبي حُمَيدٍ عبد الرحمن بن سعد السَّاعِدِي - رضي الله عنه - قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأزْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَقَامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعدُ، فَإِنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ منْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلانِي اللهُ، فَيَأتِي فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذا هَدِيَّةٌ أُهْدِيتْ إلَيَّ، أفَلا جَلَسَ في بيت أبِيهِ أَوْ أُمِّهِ حَتَّى تَأتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كَانَ صَادِقاً ، واللهِ لا يَأخُذُ أحَدٌ مِنْكُمْ شَيئاً بِغَيرِ حَقِّهِ إلا لَقِيَ الله تَعَالَى، يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلا أعْرِفَنَّ أحَداً مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعيراً لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شَاةً تَيْعَرُ» . ثُمَّ رفع يديهِ حَتَّى رُؤِيَ عُفْرَةُ إبْطَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» ثلاثاً مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنَّ هدية العمال راجعة إلى بيت المال، وأنَّ ما أخذه بغير حقه يجيء به يحمله يوم القيامة تعذيبًا له وزيادة في فضيحته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران (161) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[210] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلمَةٌ لأَخِيه، مِنْ عِرضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قبْلَ أنْ لا يَكُونَ دِينَار وَلا دِرْهَمٌ؛ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/166) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَظْلمَتِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بالاستحلال، ورد المظالم في الدنيا، وإلا أخذ المظلوم لحقه وافيًا في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[211] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن من كف لسانه ويده عن المسلمين أنه كامل الإسلام، ومن هجر ما نهى الله عنه فهو المهاجر حقًا، فاشتمل هذا الحديث على جوامع من معاني الكلم والحكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[212] وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هُوَ في النَّارِ» فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْه، فَوَجَدُوا عَبَاءةً قَدْ غَلَّهَا. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم الغلول قليله وكثيره، وهو من الكبائر بالإجماع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[213] وعن أَبي بكْرة نُفَيْع بن الحارث - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ: السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرَاً، مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَة، وذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/167) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">جُمَادَى وَشعْبَانَ، أيُّ شَهْر هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَننَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأيُّ بَلَد هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيرِ اسْمِهِ. قَالَ: «ألَيْسَ البَلْدَةَ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأيُّ يَوْم هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بغَيرِ اسْمِهِ. قَالَ: «ألَيسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: «فَإنَّ دِمَاءكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عليكم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في بَلَدِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقُونَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ أعْمَالِكُمْ، ألا فَلا تَرْجعوا بعدي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض، ألا لَيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أنْ يَكُونَ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْض</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَنْ سَمِعَهُ» ، ثُمَّ قَالَ: «ألا هَلْ بَلَّغْتُ، ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المراد بالزمان: السنة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى بطلان النسيء؛ لأن أهل الجاهلية إذا احتاجوا إلى الحرب في المحرم استحلوه، وجعلوا المحرم صفر، وأحلوا رجب وجعلوا المحرم شعبان، وبنوا عليه حساب حجهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تأكيد تحريم دماء المسلمين، وأموالهم، وأعراضهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الأمر بتبليغ العلم ونشره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[214] وعن أَبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَن اقْتَطَعَ حَقَّ امْرئ مُسْلِم بيَمينه، فَقدْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/168) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيهِ الجَنَّةَ» فَقَالَ رَجُلٌ: وإنْ كَانَ شَيْئاً يَسيراً يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: «وإنْ كَانَ قَضيباً مِنْ أرَاك» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد على من حلف بيمين كاذبة ليقطع بها حق مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[215] وعن عَدِيّ بن عَميْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَل، فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولاً يَأتِي به يَومَ القِيَامَةِ» فَقَامَ إليه رَجُلٌ أسْوَدُ مِنَ الأنْصَارِ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: «وَمَا لَكَ؟» قَالَ: سَمِعْتكَ تَقُولُ كَذَا وكَذَا، قَالَ: «وَأَنَا أقُولُه الآنَ: مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَلْيَجِئْ بقَليله وَكَثيره، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد، وزجر أكيد في الخيانة من العامل، وأنه من الكبائر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[216] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيبَر أقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، وفُلانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فقالوا: فُلانٌ شَهِيدٌ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «كَلا، إنِّي رَأيْتُهُ في النَّار في بُرْدَةٍ غَلَّهَا - أَوْ عَبَاءة -» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تأكيد تحريم الغلول، وأنه من الكبائر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/169) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[217] وعن أَبي قتادة الحارث بن ربعي - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ قَامَ فيهم، فَذَكَرَ لَهُمْ أنَّ الجِهَادَ في سبيلِ الله، وَالإِيمَانَ بالله أفْضَلُ الأعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله، تُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سبيلِ اللهِ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبر» ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله، أتُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَعمْ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبِرٍ، إلا الدَّيْنَ؛ فإنَّ جِبريلَ قَالَ لي ذلِكَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تعظيم شأن الدَّيْنِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تنبيه على أن الجهاد والشهادة لا تكفر حقوق الآدميين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[218] وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ؟» قالوا: المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع، فَقَالَ: «إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ، ويأتي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن المفلس حقيقة من أخذ غرماؤه أعماله الصالحة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/170) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[219] وعن أم سلمة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّمَا أنا بَشَرٌ، وَإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فأَقْضِيَ لَهُ بِنَحْوِ مَا أسْمعُ، فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَقِّ أخِيهِ فَإِنَّما أقطَعُ لَهُ قِطعةً مِنَ النَّارِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«ألْحَن» أي: أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم من الغيب إلا ما علَّمَهُ الله، وأنه يقضي بين الخصوم بما ظهر له من الحجة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ حكم الحاكم لا يحل حرامًا في نفس الأمر، وقد قال الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة (188) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[220] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دِينهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الفسحة: السِّعَة. أي: لا يزال في رجاء رحمة من الله على ما ارتكبه من الذنوب، فإذا أصاب الدم الحرام ضاقت عليه المسالك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَن أعانَ على من قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقي الله مكتوبًا بين عينيه آيس من رحمة الله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[221] وعن خولة بنتِ عامر الأنصارية وهي امرأة حمزة - رضي الله عنه - وعنها، قَالَتْ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ رِجَالاً </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/171) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ الله بغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التخوض: التصرف بالباطل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ففيه: أنَّ التصرف في بيت المال لا يجوز بمجرد التشهي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية الترمذي من حديث خولة بنت قيس بن قَهْد: «إنَّ هذا المال حلوة خضرة، مَنْ أصابه بحقه بُوْرِكَ له فيه، ورُبَّ مُتخوضٍ فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">27- باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والشفقة عليهم ورحمتهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه} ... [الحج (30) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تعظيم حرمات الله، تركُ ما نهى الله عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شعائر الله: الهدايا، وفرائض الحج ومواضع نسكه، والآيةُ عامَّة في جميع شعائر الدين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر (88) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ألِنْ جَانِبك، وتواضع لهم وارفق بهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/172) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: {بِغَيْرِ نَفْسٍ} ، أي: توجب القصاص. {أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ} ، كالشرك، وقطع الطرق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وثبت بالسُّنَّة رجم الزاني المحصن، وقتل تارك الصلاة {وَمَنْ أَحْيَاهَا} ، أي: تسبب لبقاء حياتها بعفو، أو منع عن القتل، أو استنقاذ {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تعظيم إثم قاتل النفس وتعظيم أجر من أحياها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[222] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً» وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ على معاونة المؤمن ونصرته، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة (2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[223] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَرَّ في شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنا، أَوْ أَسْوَاقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ، أَوْ لِيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا بكَفّه؛ أنْ يُصِيبَ أحَداً مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْء» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بالقبض على نصال النبل، ومثله جفر السيف والسكين والحربة، ونحو ذلك. وأخذ الرصاصة من البندق والفرد مخافة أنْ يصيب أحدًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[224] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/173) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تعظيمُ حقوق المسلمين، والحض على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[225] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَبَّلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ رضي الله عنهما، وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِس، فَقَالَ الأقْرَعُ: إن لِي عَشرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ!» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[226] وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: أتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قالوا: لَكِنَّا والله مَا نُقَبِّلُ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَ أَمْلِك إنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحْمَةَ» ! . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الشفقة على الأولاد، وتقبيلهم ورحمتهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[227] وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لا يَرْحَم النَّاسَ لا يَرْحَمْهُ الله» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">خصَّ الناس بالرحمة، اهتمامًا بهم وإلا فالرحمة مطلوبة لسائر الحيوانات قال - صلى الله عليه وسلم -: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/174) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[228] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ للنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإن فيهِم الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبيرَ، وَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّل مَا شَاءَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «وذَا الحَاجَةِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التخفيف والتطويل من الأمور الإِضافية يرجع إلى فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا حجة فيه للنقارين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/175) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[229] وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: إنْ كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيَدَعُ العَمَلَ، وَهُوَ يُحبُّ أنْ يَعْمَلَ بِهِ؛ خَشْيَةَ أنْ يَعمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ علَيْهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته، كما ترك الخروج في الليلة الرابعة من رمضان حتى طلع الفجر، وقال: «ما منعني إلا خشية أنْ تفرض عليكم فتعْجَزوا عنها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[230] وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: نَهَاهُمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الوِصَال رَحمَةً لَهُمْ، فَقَالُوا: إنَّكَ تُوَاصِلُ؟ قَالَ: «إنّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أبيتُ يُطْعمُني رَبِّي وَيَسقِيني» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَعنَاهُ: يَجْعَلُ فِيَّ قُوَّةَ مَنْ أَكَلَ وَشَرِبَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن الوصال شفقة بهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السَّحَر» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[231] وعن أَبي قَتادةَ الحارثِ بن رِبعِي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاة، وَأُرِيدُ أنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأسْمَع بُكَاءَ الصَّبيِّ فَأَتَجَوَّزَ في صَلاتي كَرَاهية أنْ أشُقَّ عَلَى أُمِّهِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: شفقته - صلى الله عليه وسلم -، ومرعاة أحوال الكبير منهم والصغير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[232] وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ في ذِمَّةِ الله فَلا يَطْلُبَنَّكُمُ الله مِنْ ذِمَّته بشَيءٍ، فَإنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ منْ ذمَّته بشَيءٍ يُدْركْهُ، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ذمة الله: أمانه وعهده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «من صلَّى صلاة الصبح في جماعة» . وكأنها خُصَّت بذلك، لأنها أول النهار الذي هو وقت ابتداء انتشار الناس في حوائجهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وعيد شديد لمن تعرض للمصلين بسوء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[233] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِم، لا يَظْلِمهُ، وَلا يُسْلمُهُ. مَنْ كَانَ في حَاجَة أخيه، كَانَ اللهُ في حَاجَته، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: حضّ المسلمين على التعاون، وشفقة بعضهم على بعض، وترك ظلمهم، وقضاء حوائجهم، وتفريج كرباتهم، وستر عوراتهم وإدخال السرور عليهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/176) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي بعض الآثار: (الخلق عيال الله وأحبّهم إلى الله أرفقهم لعياله) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[234] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المُسْلِمُ، لا يَخُونُهُ، وَلا يَكْذِبُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِم حَرَامٌ عِرْضُهُ وَمَالهُ وَدَمُهُ، التَّقْوى ها هُنَا، بحَسْب امْرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِم» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم دم المسلم وماله، وعرضه، وتحريم خُذْلانه وخيانته وحقرانه، وأن يحدِّثه كذبًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن التقوى في القلب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[235] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْع بَعْض، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً، المُسْلِمُ أخُو المُسْلم: لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى ها هُنَا - ويشير إِلَى صدره ثلاث مرات - - بحَسْب امْرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلم عَلَى المُسْلم حَرَامٌ، دَمُهُ ومَالُهُ وعرْضُهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«النَّجْشُ» : أنْ يزيدَ في ثَمَنِ سلْعَة يُنَادَى عَلَيْهَا في السُّوقِ وَنَحْوه، وَلا رَغْبَةَ لَهُ في شرَائهَا بَلْ يَقْصدُ أنْ يَغُرَّ غَيْرَهُ، وهَذَا حَرَامٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «التَّدَابُرُ» : أنْ يُعْرضَ عَنِ الإنْسَان ويَهْجُرَهُ وَيَجْعَلهُ كَالشَيءِ الَّذِي وَرَاء الظَّهْر وَالدُّبُر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/177) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم الحسد وهو تمنِّي زوال نعمة المحسود. والحسدُ اعتراض على الله تعالى في فعله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تحريم النجش؛ لأنه غش وخداع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: النهي عن التباغض والتدابر، والنهي عن البيع على البيع، ومثله الشراء على الشراء، بغير إذنه في زمن الخيار؛ لأن ذلك من دواعي النفرة والتباغض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ التقوى إنما تحصل بما يقع في القلب من خشية الله ومراقبته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[236] وعن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لنَفْسِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ الإيمان الكامل لا يحصل حتى يحب للمسلم من الطاعات والمباحات ما يحب لنفسه؛ لأنَّ المؤمنين كالجسد الواحد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التحريضُ على التواضع ومحاسن الأخلاق، ولا يحصل ذلك إلا بالمجاهدة، لأنَّه خلاف الهوى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[237] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انْصُرْ أخَاكَ ظَالماً أَوْ مَظْلُوماً» فَقَالَ رجل: يَا رَسُول اللهِ، أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً، أرَأيْتَ إنْ كَانَ ظَالِماً</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تحْجُزُهُ - أَوْ تمْنَعُهُ - مِنَ الظُلْمِ فَإِنَّ ذلِكَ نَصرُهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: من وجيز البلاغة، ومعناه: أنَّ الظالم مظلوم في نفسه؛ لأنه ظَلَمَ نفسه بعدم ردعها عن الظلم، فوجب نصره لذلك. .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[238] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ المَريض، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَة، وتَشْميتُ العَاطِسِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/178) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم ستٌّ: إِذَا لَقيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأجبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان حق المسلم على المسلم، فمنها: واجب، ومنها: مندوب. ويختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[239] وعن أَبي عُمَارة البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، قَالَ: أمرنا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع: أمَرَنَا بعيَادَة المَرِيض، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وتَشْمِيتِ العَاطسِ، وَإبْرار المُقْسِم، ونَصْرِ المَظْلُوم، وَإجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ، ونَهَانَا عَنْ خَواتِيمٍ أَوْ تَخَتُّمٍ بالذَّهَبِ، وَعَنْ شُرْبٍ بالفِضَّةِ، وَعَن الميَاثِرِ الحُمْرِ، وَعَن القَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَريرِ والإسْتبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: وَإنْشَادِ الضَّالَّةِ في السَّبْعِ الأُوَل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المَيَاثِرُ» بياء مثَنَّاة قبل الألفِ، وثاء مُثَلَّثَة بعدها: وهي جَمْعُ ميثَرة، وهي شيء يُتَّخَذُ مِنْ حرير وَيُحْشَى قطناً أَوْ غيره، وَيُجْعَلُ في السَّرْجِ وَكُور البَعير يجلس عَلَيهِ الراكب. «القَسِّيُّ» بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة: وهي ثياب تنسج مِنْ حرير وَكتَّانٍ مختلِطينِ. «وَإنْشَادُ الضَّالَّةِ» : تعريفها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: أمرنا بسبع، أي: سبع خصال، وهي من حقوق المسلمين بعضهم على بعض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: ونهانا عن سبع، أي: سبع خصال. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/179) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأولى: المياثر الحمر، فإن كانت من حرير فالنهي للتحريم سواء كانت حمرًا أو غير حمر، وإن كانت من غير، فالنهي للتنزيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والقَسِيّ: ثياب مخلوطة بحرير، فإذا كان غير الحرير هو الأغلب جاز عند الجمهور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والإِستبرق والديباج: صنفان من الحرير، وعطفهما عليه من عطف الخاص على العام، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">28- باب ستر عورات المسلمين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة} [النور (19) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت في الذين رموا عائشة بالإفك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهي عامة في كل من رمى المحصنين والمحصنات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والعذاب الأليم: هو حد القذف في الدنيا، وفي الآخرة بالنار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[240] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْداً في الدُّنْيَا إلا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثّ على ستر المسلم، خصوصًا من كان غير معروف بالشرّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[241] وعنه قَالَ: سمعت رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافى إلا المُجَاهِرِينَ، وَإنّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبحُ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيهِ، فَيقُولُ: يَا فُلانُ، عَمِلت البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصبحُ يَكْشِفُ ستْرَ اللهِ عَنْه» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/180) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المجاهر: الذي يظهر معصيته فيتحدَّث بها، وهو استخفاف بحقِّ الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[242] وعنه عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثَّانِيَةَ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْل مِنْ شَعَر» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«التثريب» : التوبيخ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: المسارعة لمفارقة أرباب المعاصي، ويلزمه تبيين العيب للمشتري، ولعلها تتعفف عنده؛ لأنَّه يرجى تبديل الحال عند تبديل المحل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[243] وعنه قَالَ: أُتِيَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - برجل قَدْ شَرِبَ خَمْراً، قَالَ: «اضْربُوهُ» . قَالَ أَبُو هريرة: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعضُ القَومِ: أخْزَاكَ الله، قَالَ: «لا تَقُولُوا هكَذا، لا تُعِينُوا عَلَيهِ الشَّيْطَانَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ الضرب باليد، والنعل، والثوب يجزئ في حد الخمر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كراهة الدعاء عليه بالخزي ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">29- باب قضاء حوائج المسلمين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج (77) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية عامة في جميع أفعال الخير البدنية، والمالية، وغيرها كصلة الأرحام ومكارم الأخلاق، أي: افعلوا كل ذلك راجين الفلاح من فضل الله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/181) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[244] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يُسْلِمُهُ. مَنْ كَانَ في حَاجَة أخِيه، كَانَ اللهُ في حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن ظلم المسلم وإهانته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل قضاء حاجته، وتفريج كربته، وستر عورته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الله يعامل العبد بما يعامل به الخلق، كما في الحديث المشهور: «الراحمون يرحمهم الله الرحمن، ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم مَنْ في ... السماء» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[245] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنيَا، نَفَّسَ الله عَنْهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّر عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ الله في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، والله في عَونِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَونِ أخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَريقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ. وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيت مِنْ بُيُوتِ اللهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِندَهُ. وَمَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبُهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا حديث عظيم، جليل، جامع لأنواع من العلوم، والقواعد، والآداب، والفضائل، والفوائد، والأحكام. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/182) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أنَّ الجزاء من جنس العمل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل قضاء حوائج المسلمين، ونفعهم بما تيسَّر من علم، أو مال أو نصح أو دلالة على خير، وفضل التيسير على المعسر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل إعانة المسلم بما يقدر عليه؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل العلم الديني، وأنه سبب لدخول الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل الاجتماع على مدارسة القرآن خصوصًا في المساجد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">30- باب الشفاعة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} ... [النساء (85) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الشفاعة الجائزة: هي السؤال بقضاء حاجة أو عفو عن زلة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[246] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أتاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أقبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أحبَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «مَا شَاءَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ على الخير، والتسبُّب إليه بكل وجه، والشفاعة إلى الكبير، ومعونة الضعيف؛ إذ ليس كل أحد يقدر على تبيين حاله للرئيس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الثواب حاصلٌ بالشفاعة، سواء حصل المشفوع به أم لا، وأنَّه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لم منع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[247] وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قِصَّةِ برِيرَةَ وَزَوْجِهَا، قَالَ: قَالَ لَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ رَاجَعْتِهِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ تَأمُرُنِي؟ قَالَ: «إنَّمَا أَشْفَع» . قَالَتْ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ. رواه البخاري. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/183) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب شفاعة الحاكم في الرفق بالخصم، وأنَّ الأَمَة إذا أُعتقت تحت عبد فلها الخيار، وأنَّ المرء إذا خُيِّر بين مباحين، فاختار ما ينفعه لم يُلَمْ، ولو أضرَّ ذلك برفيقه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">31- باب الإصلاح بَيْنَ الناس</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء (114) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المعروف: كل ما يستحسنه الشرع. وخصَّ الإصلاح لشرفه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الواحدي: هذا مما حثَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لأبي أيُّوب الأنصاري: «ألا أَدُلُّك على صدقة هي خير لك من حمر النعم» . قال: نعم يَا رسول الله. قال: «تصلح بين الناس إذا فسدوا، وتقرَّب بينهم إذا تباعدوا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء (128) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من الفرقة. وهذه الآية نزلت في الصلح بين المرأة وزوجها، وهي عامة في كل شيء فيه خصومة ونزاع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال (1) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت حين اختلف الصحابة في غنائم بدر. وهي عامة في كل ما يقع فيه النزاع والاختلاف الذي يورث الشحناء؛ لأنَّ فساد ذات البين مضرة بالدين والدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} ... [الحجرات (10) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/184) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت حين اقتتل بعضُ الصحابة بالسعف والنعال، ثم أخذوا السلاح، فأصلح بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهي عامة في كل نزاع يقع بين المسلمين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[248] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَينِ صَدَقَةٌ، وَتُعينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقةٌ، وَبِكُلِّ خَطْوَةٍ تَمشِيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُميطُ الأَذى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «تَعدِلُ بينهما» : تُصْلِحُ بينهما بالعدل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">السُّلامى: عظام البدن ومفاصله. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خلق الإنسان على ستين وثلاثمئة مفصل» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تجديد هذه الصدقات كل يوم شكرًا لله تعالى على ما أنعم به من العافية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «إنَّ الصدقة تدفع البلاء» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[249] وعن أمِّ كُلْثُوم بنت عُقْبَة بن أَبي مُعَيط رضي الله عنها، قَالَتْ: سمِعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيراً، أَوْ يقُولُ خَيْراً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية مسلم زيادة، قَالَتْ: وَلَمْ أسْمَعْهُ يُرْخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُهُ النَّاسُ إلا في ثَلاثٍ، تَعْنِي: الحَرْبَ، وَالإِصْلاَحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثَ المَرْأةِ زَوْجَهَا. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/185) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على جواز الكذب في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس في ذلك، وجواز الكذب على المرأة بما لا يبطل حقها، كأن يقول: أنت كذا وكذا، وأنا أحبك، ونحو ذلك. والتورية أحسن، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[250] وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَ خُصُومٍ بِالبَابِ عَاليةً أصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَر وَيَسْتَرْفِقُهُ في شَيءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: والله لا أفْعَلُ، فَخَرجَ عَلَيْهِمَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أيْنَ المُتَأَلِّي عَلَى اللهِ لا يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟» ، فَقَالَ: أَنَا يَا رسولَ اللهِ، فَلَهُ أيُّ ذلِكَ أحَبَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى «يَسْتَوضِعُهُ» : يَسْأَلهُ أنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعضَ دَيْنِهِ. «وَيَسْتَرفِقُهُ» : يَسأَلُهُ الرِّفْقَ. «وَالمُتَأَلِّي» : الحَالِفُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (فلهُ، أي: ذلك أحب) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لابن حبان: «إن شئت وضعت ما نقصوا، وإنْ شئت من رأس المال» . فوضع ما نقصوا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي أول الحديث دخلت امرأة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني ابتعتُ أنا وابني من فلان تمرًا فأحصيناه. (والذي أكرمك بالحق ما أحصينا منه إلا ما نأكله في بطوننا، أو نطعمه مسكينًا، وجئنا نستوضعُه ما نقصنا ... ) الحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وهي غير قصة كعب بن مالك وخصمه عبد الله بن أبي حدرد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحض على الرفق بالغريم، والإحسان إليه بالوضع، والزجر عن الحلف على ترك الخير. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/186) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللفظ ورفع الصوت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[251] وعن أَبي العباس سهل بن سَعد الساعِدِيّ - رضي الله عنه - أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بَلَغَهُ أنَّ بَني عَمرو بن عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَخَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَينَهُمْ في أُنَاس مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتِ الصَّلاة، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبي بكر رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا أَبا بَكْر، إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَحَانَتِ الصَّلاةُ فَهَلْ لَكَ أنْ تَؤُمَّ النَّاس؟ قَالَ: نَعَمْ، إنْ شِئْتَ، فَأقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، وتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ، وَجَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمشي في الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ، وَكَانَ أَبُو بكرٍ - رضي الله عنه - لا يَلْتَفِتُ في صَّلاتِه، فَلَمَّا أكْثَرَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ الْتَفَتَ، فإِذَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَشَارَ إِلَيْه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَفَعَ أَبُو بَكْر - رضي الله عنه - يَدَهُ فَحَمِدَ اللهَ، وَرَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءهُ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى للنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «أيُّهَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النَّاسُ، مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ في الصَّلاةِ أخَذْتُمْ في التَّصفيق؟! إِنَّمَا التَّصفيق للنِّساء. مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ الله، فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أحدٌ حِينَ يقُولُ: سُبْحَانَ الله، إلا الْتَفَتَ. يَا أَبَا بَكْر: مَا مَنَعَكَ أنْ تُصَلِّي بالنَّاسِ حِينَ أشَرْتُ إلَيْكَ؟» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ يَنْبَغي لابْنِ أَبي قُحَافَةَ أنْ يُصَلِّي بالنَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى «حُبِسَ» : أمْسَكُوهُ لِيُضَيِّفُوهُ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/187) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: السعي في الإصلاح بين الناس، وجواز الصلاة بإمامين، وجواز الالتفات للحاجة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">32- باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف (28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نزلت هذه الآية حين قالت أشراف قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نحِّ هؤلاء - يعني فقراء المسلمين - حتى نجالسك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[252] وعن حارثة بن وهْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «ألا أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيف مُتَضَعَّف، لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«العُتُلُّ» : الغَلِيظُ الجَافِي. «وَالجَوَّاظُ» : بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة: وَهُوَ الجَمُوعُ المَنُوعُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ المُخْتَالُ في مِشْيَتِهِ، وَقِيلَ: القَصِيرُ البَطِينُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان أن أكثر أهل الجنة الضعفاء، وأكثر أهل النار المتكبرون. وروي عن ابن عباس مرفوعًا: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: الجواظ، والعتل، والجعظري» . قيل: وما الجواظ: قال: الجَمُوع المنوع، البخيلُ بما في يديه. والجعظري: الفَظُّ على ما ملكت يمينه، والغليظ لقرابته وجيرانه وأهل بيته. والعتل: الشرس الخلق، الرحب الجوف، الأكول الشروب، الغشوم الظلوم» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/188) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[253] وعن أَبي عباس سهل بن سعد الساعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَىالنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٌ: «مَا رَأيُكَ في هَذَا؟» ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا واللهِ حَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أنْ يُنْكَحَ، وَإنْ شَفَعَ أنْ يُشَفَّعَ. فَسَكَتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا رَأيُكَ في هَذَا؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَراءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أنْ لا يُنْكَحَ، وَإنْ شَفَعَ أنْ لا يُشَفَّعَ، وَإنْ قَالَ أنْ لا يُسْمَعَ لِقَولِهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلءِ الأرْضِ مِثْلَ هَذَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «حَرِيٌّ» هُوَ بفتح الحاءِ وكسر الراء وتشديد الياءِ: أي حَقيقٌ. وقوله: «شَفَعَ» بفتح الفاءِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ... [الحجرات (13) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[254] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالتِ النَّارُ: فِيَّ الجَبَّارُونَ وَالمُتَكَبِّرُونَ. وَقَالتِ الجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللهُ بَيْنَهُمَا: إنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَإنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَلِكلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الضعفاء والمساكين العاملين بطاعة الله التاركين لمعاصيه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/189) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[255] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّهُ لَيَأتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ لا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ ذا القدر والجاه في الدنيا إذا لم يكن ذا تقوى، فليس له قدر عند الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الصحيح: «ولا ينفعُ ذا الجد منك الجد» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[256] وعنه: أنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ، أَوْ شَابّاً، فَفَقَدَهَا، أَوْ فَقَدَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلَ عَنْهَا، أو عنه، فقالوا: مَاتَ. قَالَ: «</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ» فَكَأنَّهُمْ صَغَّرُوا أمْرَهَا، أَوْ أمْرهُ، فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أو قَبْرِهَا» فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ هذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءةٌ ظُلْمَةً عَلَى أهْلِهَا، وَإنَّ اللهَ تعالى يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «تَقُمُّ» هُوَ بفتح التاءِ وضم القاف: أي تَكْنُسُ. «وَالقُمَامَةُ» : الكُنَاسَةُ، «وَآذَنْتُمُونِي» بِمد الهمزة: أيْ: أعْلَمْتُمُونِي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنّ القبور لا ينورها إلا الأعمال الصالحة، أو الشفاعة المقبولة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل تنظيف المساجد، والترغيب في شهود جنائز أهل الخير، ومشروعية الصلاة على قبر الميت لمن لم يصل عليه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/190) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[257] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رُبَّ أشْعَثَ أغبرَ مَدْفُوعٍ بالأبْوابِ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «مدفوع بالأبواب» ، أي أبواب الملوك والأمراء لحقارة قدره عندهم، ولو حلف يمينًا بحصول أمر طمعًا في كرم الله لأبره، إكرامًا له بإجابة سؤاله، وصيانته من الحنث في يمينه. كما قال أنس بن النضر: لا والله لا تُكسر ثنية الربيع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أنس كتاب الله: القصاص» ، فرضي القوم أجمعون، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبره» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[258] وعن أسامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ، وَأصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أنَّ أصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ. وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَالْجَدُّ» : بفتح الجيم: الحَظُّ وَالغِنَى. وَقوله: «مَحْبُوسُونَ» أيْ: لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ بَعْدُ في دُخُولِ الجَنَّةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الفقراء الصابرين على الضَّرَّاء، والشاكرين على السراء، وأنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنَّ الذين يؤدَّون حقوق المال، ويسلمون من فتنته هم الأقلُّون، وأنَّ الكفار يدخلون النار ولا يُحبسون عنها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن عامة من يدخل النار النساء لإكثارهن اللَّعْن. وكفر العشير. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/191) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[259] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إلا ثَلاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِداً، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ فَانْصَرَفَتْ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ أمِّي وَصَلاتِي، فَأقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ أمِّي وَصَلاتِي، فَأقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ المُومِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إسْرائِيل جُرَيْجاً</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأتَتْ رَاعِياً كَانَ يَأوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ، قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُريج، فَأتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ، فَقَالَ: مَا ... شَأنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بهذِهِ البَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ. قَالَ: أيْنَ الصَّبيُّ؟ فَجَاؤُوا بِهِ فَقَالَ: دَعُوني حَتَّى أصَلِّي، فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرفَ أتَى الصَّبيَّ فَطَعنَ في بَطْنِهِ، وَقالَ: يَا غُلامُ مَنْ أبُوكَ؟ قَالَ: فُلانٌ الرَّاعِي، فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَب. قَالَ: لا، أعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعلُوا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وبَينَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ منْ أُمِّهِ فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/192) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حَسَنَةٍ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَل ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَى ثَدْيه فَجَعَلَ يَرتَضِعُ» ، فَكَأنِّي أنْظُرُ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَحْكِي ارْتضَاعَهُ بِأصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ في فِيه، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا، قَالَ: «وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُم يَضْرِبُونَهَا، ويَقُولُونَ: زَنَيْتِ سَرَقْتِ، وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِيَ اللهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ. فَقَالَتْ أمُّهُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَل ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَركَ الرَّضَاعَ ونَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مثْلَهَا، فَهُنَالِكَ تَرَاجَعَا الحَديثَ، فَقَالَتْ: مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمَرُّوا بهذِهِ الأمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ سَرَقْتِ، فقلتُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا؟! قَالَ: إنَّ ذلك الرَّجُل</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كَانَ جَبَّاراً، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإنَّ هذِهِ يَقُولُونَ: لها زَنَيْتِ، وَلَمْ تَزْنِ وَسَرقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المُومسَاتُ» بِضَمِّ الميمِ الأُولَى، وَإسكان الواو وكسر الميم الثانية وبالسين المهملة؛ وهُنَّ الزَّواني. وَالمُومِسَةُ: الزَّانِيَةُ. وقوله: «دَابَّةٌ فَارِهَةٌ» بِالفَاءِ: أي حَاذِقَةٌ نَفيسةٌ. «وَالشَّارَةُ» بالشين المعجمة وتخفيف الرَّاءِ: وَهيَ الجَمَالُ الظَّاهِرُ في الهَيْئَةِ والمَلبَسِ. ومعنى «تَراجَعَا الحَديث» أي: حَدَّثت الصبي وحَدَّثها، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان جريج في أول أمره تاجرًا، وكان يزيد مرة، وينقص أخرى. فقال: ما في هذه التجارة خير، لأَلْتمَسَنَّ تجارة خيرًا من هذه، فبنى صومعة وترهَّب فيها. رواه أحمد. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/193) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث مرفوع: «لو كان جريج عالمًا لعلم أنَّ إجابته أمه أولى من صلاته» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنّ صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إثبات كرامات الأولياء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث أيضًا: أنّ نفوس أهل الدنيا تقف مع الخيال الظاهر، بخلاف أهل الحقيقة. كما قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ *</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ} [القصص (79، 80) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">33- باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمنكسرين والإحسان إليهم والشفقة عليهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والتواضع معهم وخفض الجناح لهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر (88) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ليَّن جانبك. وهذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - محرضًا له على مكارم الأخلاق، ومحاسنها، وهو عام لجميع أمته. قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف (28) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/194) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يحبس نفسه مع الذين يعبدون الله في سائر الأوقات، وأنْ لا يجاوزهم ناظرًا إلى غيرهم من ذوي الهيئات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} [الضحى (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا تغلبه بالظلم، وكُن له كالأب الرحيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى (10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا تزجره، ولكن أعطه، أو رده ردًا جميلاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون (1: 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الاستفهام للتعجب من المكذب بالجزاء والبعث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} ، أي: يدفعه دفعًا عنيفًا، ولا يحض أهله وغيرهم. على طعام المسكين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[260] وعن سعد بن أَبي وَقَّاص - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ المُشْرِكُونَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اطْرُدْ هؤلاء لا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا، وَكُنْتُ أنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَبِلالٌ وَرَجُلاَنِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا، فَوَقَعَ في نفس رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفسَهُ، فَأنْزَلَ اللهُ تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ... [الأنعام (52) ] . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في بعض كتب التفسير أنهم لما عرضوا ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له: اجعل لنا يومًا ولهم يومًا، فَهَمَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك فأنزل الله: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام (52) ] ، فنهاه عن طردهم ووصفهم </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/195) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بأحسن أوصافهم، وأمر بأن يصبر نفسه معهم فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رآهم يقول: «مرحبًا بالذين عاتبني الله فيهم» . وإذا جالسهم لم يقم عنهم، حتى يكونوا هم الذين يبدأون بالقيام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[261] وعن أَبي هُبَيرَة عائِذ بن عمرو المزنِي وَهُوَ مِنْ أهْل بيعة الرضوان ... - رضي الله عنه - أنَّ أبا سُفْيَانَ أتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبلاَلٍ في نَفَرٍ، فقالوا: مَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عَدُوِّ الله مَأْخَذَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - أتَقُولُون هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيدِهِمْ؟ فَأتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأخْبَرهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعلَّكَ أغْضَبتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أغْضَبتَ رَبَّكَ» فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: يَا إخْوَتَاهُ، أغْضَبْتُكُمْ؟ قالوا: لا، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أُخَيَّ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولُهُ: «مَأْخَذَهَا» أيْ: لَمْ تَسْتَوفِ حقها مِنْهُ. وقوله: «يَا أُخَيَّ» : رُوِي بفتحِ الهمزةِ وكسرِ الخاءِ وتخفيف الياءِ، وَرُوِيَ بضم الهمزة وفتح الخاء وتشديد الياءِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان إتيان أبي سفيان المدينة، وهو كافر في الهدنة بعد صلح الحديبية، وقول أبي بكر تألفًا لأبي سفيان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: احترام الصالحين واتقاء ما يؤذيهم أو يغضبهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[262] وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا وَكَافلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا» . وَأَشارَ بالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">و «كَافلُ اليَتيم» : القَائِمُ بِأمُوره. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/196) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: حقٌ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به، فيكون رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[263] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَافلُ اليَتيِم لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ في الجَنَّةِ» . وَأَشَارَ الرَّ اوِي وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أنَس بالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اليَتِيمُ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ» مَعْنَاهُ: قَريبُهُ، أَو الأجْنَبيُّ مِنْهُ، فالقَريبُ مِثلُ أنْ تَكْفَلهُ أمُّهُ أَوْ جَدُّهُ أَوْ أخُوهُ أَوْ غَيرُهُمْ مِنْ قَرَابَتِهِ، والله أعْلَمُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال النووي: هذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه، أو مال اليتيم، بولاية شرعية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[264] وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ المِسْكينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا المِسكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيحين: «لَيْسَ المِسكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتانِ، وَالتَّمْرَةُ والتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لا يَجِدُ غنىً يُغْنِيه، وَلا يُفْطَنُ لهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيهِ، وَلا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ليس المسكين الممدوح من المساكين، الأحق بالصدقة والأحوج بها سوى المتعفف. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/197) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي: إنما نفى - صلى الله عليه وسلم - المسكنة عن السائل الطواف، لأنه تأتيه الكفاية، وقد تأتيه الزكاة فتزول خصاصته، وإنما تدوم الحاجة فيمن لا يسأل ولا يعطى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[265] وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ في سَبيلِ اللهِ» وَأحسَبُهُ قَالَ: «وَكالقَائِمِ الَّذِي لا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ الَّذِي لا يُفْطِرُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأرملة: المرأة التي لا وزج لها. والأرامل: المساكين من رجال ونساء، والساعي عليهما، وهو المكتسب لهما بما يمونهما به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[266] وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأتِيهَا، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيحين، عن أَبي هريرة من قوله: «بئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا الأغْنِيَاءُ ويُتْرَكُ الفُقَراءُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الوليمة: الطعام المتخذ للعرس، وتقع على كل دعوة تتخذ لسرور حادث، كختان ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: مراعاة الفقراء، والتلطف بهم، وإجابة الداعي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[267] وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْن حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ» وضَمَّ أصَابِعَهُ. رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/198) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«جَارِيَتَيْنِ» أيْ: بنتين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الثواب العظيم لمن قام على البنات بالمؤونة والتربية حتى يتزوجن.. وكذلك الأخوات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[268] وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأةٌ وَمَعَهَا ابنتان لَهَا، تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيئاً غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحدَةٍ، فَأعْطَيْتُهَا إيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْها ولَمْ تَأكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرجَتْ، فَدَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَلَينَا، فَأخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «مَنِ ابْتُليَ مِنْ هذِهِ البَنَاتِ بِشَيءٍ فَأحْسَنَ إلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتراً مِنَ النَّارِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: يفيد هذا الحديث بعمومه أن الستر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدة من البنات، فإذا عال زيادة على الواحدة فيحصل له زيادة على السترِ السبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجنة كما في الحديث السابق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[269] وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءتني مِسْكينةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأطْعَمْتُها ثَلاثَ تَمرَات، فَأعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَة مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعتْ إِلَى فِيها تَمْرَةً لِتَأكُلها، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُريدُ أنْ تَأكُلَهَا بَيْنَهُما، فَأعجَبَنِي شَأنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «إنَّ الله قَدْ أوْجَبَ لَهَا بها الجَنَّةَ، أَوْ أعتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الإثيار على النفس، ورحمة الصغار، ومزيد الإحسان والرفق بالبنات وأن ذلك سبب لدخول الجنة والعتق من النار. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/199) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[270] وعن أَبي شُرَيحٍ خُوَيْلِدِ بن عمرو الخزاعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأةِ» . حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «أُحَرِّجُ» : أُلْحِقُ الحَرَجَ وَهُوَ الإثْمُ بِمَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُمَا، وَأُحَذِّرُ مِنْ ذلِكَ تَحْذِيراً بَليغاً، وَأزْجُرُ عَنْهُ زجراً أكيداً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أنما حرج النبي - صلى الله عليه وسلم - حق اليتيم والمرأة، لأنهما لا قوة لهما ولا ملجأ إلا إلى الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[271] وعن مصعب بن سعد بن أَبي وقَّاص رضي الله عنهما، قَالَ: رَأى سعد أنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ تُنْصرُونَ وتُرْزَقُونَ إلا بِضُعَفَائِكُمْ» . رواه البخاري هكذا مُرسلاً، فإن مصعب بن سعد تابعيٌّ، ورواه الحافظ أَبُو بكر البرقاني في صحيحه متصلاً عن مصعب عن أبيه - رضي الله عنه -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: تأويل الحديث أنَّ الضعفاء أشد إخلاصًا في الدعاء وأكثر خشوعًا في العبادة، لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[272] وعن أَبي الدَّرداءِ عُويمر - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «ابْغُوني الضُّعَفَاء، فَإنَّمَا تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ، بِضُعَفَائِكُمْ» . رواه أَبُو داود بإسناد جيد. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/200) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الضعفاء: صعاليك المسلمين، أي ائتوا بهم لأستعين بهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية:: «ابغوني في الضعفاء» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي أحاديث الباب: الانقطاع إلى الله سبحانه وإعانة الفقراء، وإغاثة المنقطعين وعدم رؤية النفس، والحذر من التعرُّض لإيذاء أحد من الضعفاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">34- باب الوصية بالنساء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء (19) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المعاشرة بالمعروف: حُسْن الخلق. أي: أجملوا بالقول والفعل معهن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء (129) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى الآية: أنَّ الرجال لا يستطيعون العدل بين النساء من جميع الوجوه؛ لأنه لا بُدَّ من التفاوت في المحبة والشهوة، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جُلّه، فلا تميلوا كل الميل إلى واحدة فتتركوا الأخرى كالمعلقة، لا ذات بعل ولا مطلقة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[273] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ، لَمْ يَزَلْ أعْوجَ، فَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية في الصحيحين: «المَرأةُ كالضِّلَعِ إنْ أقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإن اسْتَمتَعْتَ بِهَا، اسْتَمتَعْتَ وفِيهَا عوَجٌ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/201) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «إنَّ المَرأةَ خُلِقَت مِنْ ضِلَع، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَريقة، فإن اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفيهَا عوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَها، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «عَوَجٌ» هُوَ بفتح العينِ والواوِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">العوج: بفتحتين في الأجساد، وبكسر العين في المعاني فالصواب الكسر، قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} [الكهف (1) ]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم عليهما السلام، وأن طبيعة المرأة الاعوجاج فلا بد من الصبر عليهن والرفق بهن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[274] وعن عبد الله بن زَمْعَةَ - رضي الله عنه - أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: « {إِذ انْبَعَثَ أشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزيزٌ، عَارِمٌ مَنيعٌ في رَهْطِهِ» ، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ، فَوعَظَ فِيهنَّ، فَقَالَ: «يَعْمِدُ أحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأتَهُ جَلْدَ العَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَومِهِ» ثُمَّ وَعَظَهُمْ في ضَحِكِهمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقالَ: «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟!» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَالعَارِمُ» بالعين المهملة والراء: هُوَ الشِّرِّيرُ المفسِدُ، وقوله: «انْبَعَثَ» ، أيْ: قَامَ بسرعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إيماء إلى جواز الضرب اليسير للنساء، بحيث لا يحصل معه النفور، لأن المجامعة إنما تستحسن مع الرغبة في العشرة فيستبعد وقوع الضرب الشديد، والمضاجعة في يوم واحد من عاقل. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/202) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[275] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» ، أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقولُهُ: «يَفْرَكْ» هُوَ بفتح الياءِ وإسكان الفاء وفتح الراءِ معناه: يُبْغِضُ، يقالُ: فَرِكَتِ المَرأةُ زَوْجَهَا، وَفَرِكَهَا زَوْجُهَا، بكسر الراء يفْرَكُهَا بفتحها: أيْ أبْغَضَهَا، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي ليس لمؤمن أن يبغض زوجته المؤمنة، لأنه إن وجد منها خلقًا يكرهه، كسوء خلق، رضي منها خلقًا يحبه، كالعفاف والمعاونة، ونحو ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[276] وعن عمرو بن الأحوصِ الجُشَمي - رضي الله عنه - أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوَدَاعِ يَقُولُ بَعْدَ أنْ حَمِدَ الله تَعَالَى، وَأثْنَى عَلَيهِ وَذَكَّرَ وَوَعظَ، ثُمَّ قَالَ: «ألا وَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ خَيْراً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذلِكَ إلا أنْ يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِع، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبيلاً؛ ألا إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً؛ فَحَقُّكُمْ عَلَيهِنَّ أنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ؛ ألا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهنَّ وَطَعَامِهنَّ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عَوان» أيْ: أسِيرَاتٌ جَمْع عَانِيَة، بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَهِيَ الأسِيرَةُ، والعاني: الأسير. شَبَّهَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المرأةَ في دخولِها تَحْتَ حُكْمِ الزَّوْجِ بالأَسيرِ «وَالضَّرْبُ المبَرِّحُ» : هُوَ الشَّاقُ الشَّدِيد </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/203) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَلا تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبِيلاً» أيْ: لا تَطْلُبُوا طَريقاً تَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَيهِنَّ وَتُؤْذُونَهُنَّ بِهِ، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حق الزوج على المرأة الاسمتاع، وأن تحفظه في نفسها وماله، فإنْ نشزت أو أساءت العشرة هجرها في المضجع، فإن أصرَّت ضَرَبَها ضربًا غير مبرح، بأنْ لا يجرحها ولا يكسر لها عظمًا، ويجتنب الوجه والمقاتل، وحق المرأة على الزوج نفقتُها وكسوتها عند عدم النشوز.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[277] وعن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا حق زَوجَةِ أَحَدِنَا عَلَيهِ؟ قَالَ: «أنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلا تَضْرِبِ الوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إلا في البَيْتِ» . حديثٌ حسنٌ رواه أَبُو داود، وَقالَ: معنى «لا تُقَبِّحْ» : لا تقل: قبحكِ الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وجوب إطعام المرأة وكسوتها، والنهي عن تقبيحها وضرب وجهها، وجواز هجرها في البيت تأديبًا لها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[278] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أنّ حسن الخلق من أفضل الأعمال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على معاملة الزوجة بالإحسان إليها، وطلاقة الوجه، وكف الأذى عنها، والصبر على أذاها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/204) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[279] وعن إياس بن عبد الله بن أَبي ذباب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَضْرِبُوا إمَاء الله» . فجاء عُمَرُ - رضي الله عنه - إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ في ضَرْبِهِنَّ، فَأطَافَ بآلِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءٌ كَثيرٌ يَشْكُونَ أزْواجَهُنَّ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ أطَافَ بِآلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أولَئكَ بخيَارِكُمْ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ذَئِرنَ» هُوَ بذَال مُعْجَمَة مفْتوحَة، ثُمَّ هَمْزة مَكْسُورَة، ثُمَّ راءٍ سَاكِنَة، ثُمَّ نُون، أي: اجْتَرَأْنَ، قوله: «أطَافَ» أيْ: أحَاطَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ضرب المرأة يكون من حرج الصدر، وضيق النفس، وذلك خلاف حسن الخلق الذي هو من أوصاف الخيار، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس أولئك بخياركم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[280] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: فُسِّرت: المرأة الصالحة في الحديث بقوله: «التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسِهَا وماله» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/205) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">35- باب حق الزوج عَلَى المرأة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ} ... [النساء (34) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى أنَّ الرجالَ قوَّامون على النساء، قيام الوُلاة على الرعايا بما فضلهم الله به عليهن من كمال العقل، والدين والقوة، وبما أعطوهن من المهر والنفقة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثم أخبر أنَّ الصالحات منهن مطيعات لله، ولأزواجهن، حافظات لفروجهن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق في الباب قبله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: «فحقكم عليهن: أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[281] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إِلَى فرَاشِهِ فَلَمْ تَأتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لهما: «إِذَا بَاتَت المَرأةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشهِ فَتَأبَى عَلَيهِ إلا كَانَ الَّذِي في السَّمَاء سَاخطاً عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنها» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/206) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على تحريم امتناع المرأة إذا طلبها زوجها للجماع، وأنه يوجب سخط الله عليها، ولهذا لعنتها الملائكة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[282] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أيضاً: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَحِلُّ لامْرَأةٍ أنْ تَصُومَ وزَوْجُهَا شَاهدٌ إلا بإذْنِهِ، وَلا تَأذَنَ في بَيْتِهِ إلا بِإذنِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ وهذا لفظ البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا يجوز للمرأة أن تصوم نفلاً إلا بإذن زوجها، وكذلك قضاء رمضان إذا لم يضق الوقت، قالت عائشة: (كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان للشغل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[283] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كلكم رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: وَالأمِيرُ رَاعٍ، والرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أهْلِ بَيتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجها وَوَلَدهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الراعي: هو الحافظ المؤتَمن الملتزم صلاح ما اؤتمن على حفظه، فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه، ومسؤول هل قام بما يجب لرعيته أو لا؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[284] وعن أَبي علي طَلْق بن علي - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجَتهُ لحَاجَتِهِ فَلْتَأتِهِ وَإنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُور» . رواه الترمذي والنسائي، وَقالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/207) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على وجوب طاعة الزوج وتقديمه على شغلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[285] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ كُنْتُ آمِراً أحَداً أنْ يَسْجُدَ لأحَدٍ لأمَرْتُ المَرأةَ أنْ تَسْجُدَ لزَوجِهَا» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على تعظيم حق الزوج على المرأة وسبب هذا الحديث ما رواه أبو داود عن قيس بن سعد قال: أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم فقلت: رسول الله أحق أنْ يسجد له. قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت رسول الله أحق أن يُسجد لك، قال: «أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد لي» ، فقال: لا. قال: «فلا تفعلوا، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[286] وعن أم سَلَمَة رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيُّمَا امْرَأةٍ مَاتَتْ، وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحثُّ على سعي المرأة فيما يرضي زوجها، وتجنّب ما يسخطه لتفوز بالجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[287] وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تُؤْذِي امْرَأةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيَا إلا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ لا تُؤذِيهِ قَاتَلكِ اللهُ ! فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/208) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الدخيل: الضيف والنزيل؛ وعبرت بذلك لأن مدة المقام بالدنيا وإن طالت فهي يسيرة بالنظر إلى الآخرة التي لا أَمَد لها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[288] وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أن الافتتان بالنساء أشد من سائر الشهوات، لعدم الاستغناء عنهن، وقد يحمل حبهن على تعاطي ما لا يحل للرجل وترك ما ينفعه في أمور دينه ودنياه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">36- باب النفقة عَلَى العيال</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة (233) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: وعلى والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن، سواءً كُنَّ في عصمته أو مطلقات بالمعروف، أي: بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن من غير إسراف ولا إقتار بحسب قدرته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلا مَا آتَاهَا} [الطلاق (7) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت في الإنفاق على المرضعة، وهي عامة في جميع النفقات الواجبة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُه} [سبأ (39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: يعوِّضه عاجلاً أو آجلاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[289] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دِينَارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، وَدِينار أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، وَدِينارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/209) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ، أعْظَمُهَا أجْراً الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أنّ النفقة الواجبة أعظم أجرًا من المندوبة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[290] وعن أَبي عبد الله، ويُقالُ لَهُ: أَبو عبد الرحمن ثَوبَان بن بُجْدُد مَوْلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفقُهُ الرَّجُلُ: دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدينَارٌ يُنْفقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ في سَبيلِ الله، وَدِينارٌ يُنْفقُهُ عَلَى أصْحَابهِ في سَبيلِ اللهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قدَّم في هذا الحديث النفقة على العيال في الذكر، اهتمامًا بذلك لأنه أشرف الأنواع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[291] وعن أمِّ سَلمَة رَضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، هَلْ لِي أجرٌ فِي بَنِي أَبي سَلَمَة أنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكتهمْ هكَذَا وَهكَذَا إنَّمَا هُمْ بَنِيّ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، لَكِ أجْرُ مَا أنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على ثبوت الأجر على نفقة العيال وغيرهم، ولو كان ذلك لازمًا بالطبع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[292] وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - في حديثه الطويل الَّذِي قدمناه في أول الكتاب في باب النِّيَةِ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: «وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فيِّ امرأتِك» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/210) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنّ كل شيء قصد به وجه الله تعالى يثاب عليه فاعله، ولو كان من الملاعبة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[293] وعن أَبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أنّ النفقة على الأهل وإن كانت واجبة فهي له صدقة إذا احتسبها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[294] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَفَى بِالمَرْءِ إثْمَاً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» . حديث صحيح رواه أَبُو داود وغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورواه مسلم في صحيحه بمعناه، قَالَ: «كَفَى بِالمَرْءِ إثْمَاً أنْ يحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: عظم إثم من منع نفقة زوجته أو ولده، أو غيرهم ممن تلزمه نفقتهم وكذلك دوابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[295] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلا مَلَكانِ يَنْزلاَنِ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تلَفاً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أيهم الخَلَفُ في هذا الحديث، ليتناول المال والثواب وغيرهما، والتَلَفُ يتناول ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/211) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[296] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اليد العليا: يد المعطي. والسفلى: هي السائلة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومحصل ما في الأحاديث أن أعلى الأيدي: المنفقة، ثم المتعففة عن الأخذ، ثم الآخذة بغير سؤال، وأسفل الأيدي السائلة والمانعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وجوب البداءة بمن تلزمه مؤنته، وأن خير الصدقة ما كان بالفاضل عن كفايته، ومن يمونه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على الاستعفاف والاستغناء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">37- باب الإنفاق مِمَّا يحبُّ ومن الجيِّد</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران (92) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: لن تنالوا كمال الخير الذي يسرع بكم إلى دخول الجنة حتى تنفقوا مما تحبون من أموالكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال عطاء: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} ، أي: شرف الدين والتقوى حتى تتصدَّقوا وأنتم أصحَّاء أشحَّاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة (267) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/212) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ونهاهم عن التصدُّق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه، فإن الله طيِبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[297] عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ - رضي الله عنه - أكْثَرَ الأنْصَار بالمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْل، وَكَانَ أَحَبُّ أمْوالِهِ إِلَيْه بَيْرَحَاء، وَكَانتْ مُسْتَقْبلَةَ المَسْجِدِ وَكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّب. قَالَ أنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنَّ الله تَعَالَى أنْزَلَ عَلَيْكَ: ... {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ تَعَالَى، أرْجُو بِرَّهَا، وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رَسُول الله حَيْثُ أرَاكَ الله، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَخ! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأقْرَبينَ» ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُول الله، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ، وبَنِي عَمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مالٌ رابحٌ» ، رُوِيَ في الصحيحين «رابحٌ» و «رايحٌ» بالباء الموحدة وبالياءِ المثناةِ، أي: رايح عَلَيْكَ نفعه، وَ «بَيرَحَاءُ» : حديقة نخلٍ، وروي بكسرِ الباءِ وَفتحِها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على فضل إنفاق أحب الأموال على أقرب الأقارب، وأن النفقة عليهم أفضل من الأجانب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز دخول أهل الفضل للحوائط والبساتين، والاستظلال بظلها، والأكل من ثمرها، والراحة، والتنزه، إذا علم رضا المالك. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/213) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">38- باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنعهم من ارتكاب مَنْهِيٍّ عَنْهُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ} [طه (132) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: دليل على وجوب أمر الإنسان أهله بطاعة الله تعالى، خصوصًا الصلاة. وكان عمر بن الخطاب إذا استيقظ من الليل أقام أهله للصلاة، وتلا هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم (6) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى بطاعته، وترك معصيته، وأمر أهله بذلك، والقيام عليهم، وتأديبهم وتعليمهم، لينجو من النار العظيمة التي وقودها العُصاة من بني آدم وحجارة الكبريت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[298] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْر الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَخْ كَخْ إرْمِ بِهَا، أمَا عَلِمْتَ أنَّا لا نَأكُلُ الصَّدَقَةَ» !؟ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أنَّا لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «كَخْ كَخْ» يقال: بإسكان الخاء، ويقال: بكسرها مَعَ التنوين وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذراتِ، وكان الحسن - رضي الله عنه - صبِيّاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على منع الصبي عما يحرم على المكلف. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/214) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[299] وعن أَبي حفص عمر بن أَبي سلمة عبد الله بن عبد الأسدِ ربيبِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: كُنْتُ غلاَماً في حجر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا غُلامُ، سَمِّ الله تَعَالَى، وَكُلْ بيَمِينكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتي بَعْدُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَتَطِيشُ» : تدور في نواحِي الصحفة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية تأديب الصبي وتعليمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[300] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ: الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن كل أحد مسؤول عَمَّنْ تَحتَ يده من آدمي وغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[301] وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدهِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا أوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أبْنَاءُ سَبْعِ سِنينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المضَاجِعِ» . حديث حسن رواه أَبُو داود بإسناد حسن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مشروعية أمر الأولاد، ذكورًا كانوا أو إناثًا بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين، وهو سِنُّ التمييز، وتأديبهم عليها إذا بلغوا عشر سنين، والتفريق بينهم في المضاجع حينئذٍ لأنها تنتشر فيها الشهوة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/215) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[302] وعن أَبي ثُرَيَّةَ سَبْرَةَ بن معبدٍ الجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلاةَ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ» . حديث حسن رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ولفظ أَبي داود: «مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يجب على الولي أمر الصبي بالصلاة ليتمرن عليها ويعتادها فلا يتركها إذا بلغ إنْ شاء الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">39- باب حق الجار والوصية بِهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء (36) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له، والإحسان بالوالدين، والأقارب، والأيتام والمساكين، والجيران، وهم ثلاثة:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فجارٌ له ثلاثة حقوق: وهو الجار المسلم القريب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وجارٌ له حقان: حق الجوار، وحق الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وجار له حق الجوار: وهو الكافر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والصاحب بالجنب: قيل: المرأة. وقيل الرفيق في السفر. وقيل: الذي يصحبك رجاء نفعك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآية تعمّ الجميع، وابن السبيل: المسافر، والضيف، وما ملكت أيمانكم: يعني العبيد، والإماء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثم قال تعالى بعد ما ذكر من الحقوق: {إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء (36) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/216) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لأن المتكبِّر يمنع الحق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال أبو رجاء: لا تجد سيِّيء الملكة إلا وجدته مختالاً فخورًا، ولا عاقًا إلا وجدته جَبَّارًا شقيًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[303] وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا زَالَ جِبْريلُ يُوصِيني بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُورِّثُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا تعظيم حق الجار، والاعتناء به، والاهتمام بشأنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[304] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأكثِرْ مَاءهَا، وَتَعَاهَدْ جيرَانَكَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ عن أَبي ذر، قَالَ: إنّ خليلي - صلى الله عليه وسلم - أوْصَاني: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَاً فَأكْثِرْ مَاءها، ثُمَّ انْظُرْ أهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأصِبْهُمْ مِنْهَا بِمعرُوفٍ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأمر بإكثار ماء المرقة ليكثر الائتدام بها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحضّ على تعاهد الجيران ولو بالقليل، لما يترتب على ذلك من المحبة والأُلفة، ولما يحصل به من المنفعة ودفع المفسدة، لأن الجار قد يتزوج القتار فيتحرى لهدية جاره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[305] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «واللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ!» قِيلَ: مَنْ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «الَّذِي لا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ!» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/217) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ لا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«البَوَائِقُ» : الغَوَائِلُ والشُّرُورُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيد شديد لمن أخاف جاره أو خادعه على أهله أو ماله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[306] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا نِسَاء المُسْلِمَاتِ، لا تَحْقِرَنَّ جَارةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاة» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحثُ على فعل المعروف بين الجيران وإنْ قل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[307] وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً في جِدَارِهِ» ، ثُمَّ يقُولُ أَبُو هريرة: مَا لِي أرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضينَ! وَاللهِ لأرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أكْتَافِكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رُوِيَ «خَشَبَهُ» بالإضَافَة وَالجمع. وَرُويَ «خَشَبَةً» بالتنوين عَلَى الإفرادِ. وقوله: مَا لي أراكم عَنْهَا مُعْرِضينَ: يَعْني عَنْ هذِهِ السُّنَّة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن المشاحنة بين الجيران وندبهم إلى التساهل والتسامح فيما ينفع الجار من وضع خشب وإجراء ماء. ونحو ذلك مما ينفع الجار، ولا يضر بالمالك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[308] وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَومِ الآخرِ، فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/218) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[309] وعن أَبي شُرَيْح الخُزَاعيِّ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ» . رواه مسلم بهذا اللفظ، وروى البخاري بعضه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: من قواعد الإسلام، لأن جميع آداب الخير تتفرع منه وآكدها حق الجوار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[310] وعن عائشة رضي الله عنها قَالَت: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إنَّ لِي جارَيْنِ، فإلى أيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أقْرَبِهِمَا مِنكِ بَاباً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على تقديم الأقرب من الجيران بابًا على الأبعد منهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[311] وعن عبدِ الله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيرُ الجِيرَانِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحث على الإحسان إلى الجيران، وكف الأذى عنهم والانبساط إليهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/219) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">40- باب بر الوالدين وصلة الأرحام</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء (36) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَام} [النساء (1) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: اتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لينجيكم من عذابه، واتقوا الأرحام لا تقطعوها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} الآية [الرعد (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية عامة في صلة الأرحام، والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج وبذل المعروف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت (8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: برًّا بهما وعطفًا عليهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقَّاص لما أسلم، وكان بارًّا بأمه، فقالت أمه: ما هذا الدين! والله لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنتَ عليه، أو أموت، فمكثت كذلك أيَّامًا، فجاءها سعد فقال: يَا أمَّاه لو أن لك مئة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني، فكلي إن شئتِ، أو اتركي، فلما أيست منه أَكَلَت وشَرِبَت، فأنزل الله هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ، فنهى تعالى عن طاعتهما في المعصية وأمر ببرهما، لما قال في الآية الأُخرى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان (15) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ إلا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/220) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء (23، 24) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له، والإحسان إلى الوالدين، وبرهما، والعطف عليهما خصوصًا عند كبرهما، وضعفهما، فإنهما قد ربَّياه، وعطفا عليه، وهو صغير ضعيف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك} [لقمان (14) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عيينة: من صلَّى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين في إدبار الصلوات فقد شكر لهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[312] وعن أَبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا» ، قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» ، قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سبيلِ الله» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحديث: دليل على أنّ الصلاة في وقتها أفضل الأعمال، وأن بر الوالدين أفضل من الجهاد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[313] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِداً إلا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكاً، فَيَشْتَرِيهُ فَيُعْتِقَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تعظيم حق الوالدين، وأن الولد لو فعل من البر ما فعل لا يكافئه إلا بعتقه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/221) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[314] وعنه أيضاً - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">صلة الرحم واجبة وقطعها معصية كبيرة وهي درجات بعضها أرفع من بعض.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[315] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مُقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعةِ، قَالَ: نَعَمْ، أمَا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَؤُوا إنْ شِئْتمْ: ... {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد (22، 23) ] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية للبخاري: فَقَالَ الله تَعَالَى: «مَنْ وَصَلَكِ، وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ، قَطَعْتُهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تعظيم شأن الرحم، وفضلِ واصلها، وعظيم إثم قاطعها، والرحم: قرابات الرجل من جهة والديه وإن علوا، وأولاده وإن نزلوا، وما يتصل بالطرفين من الأعمام والأخوال وأولادهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[316] وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: جاء رجل إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَنْ أحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/222) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ... «أبُوكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: يَا رَسُول الله! مَنْ أَحَقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ أدْنَاكَ أدْنَاكَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَالصَّحَابَةُ» بمعنى: الصحبةِ. وقوله: «ثُمَّ أباك» هكذا هُوَ منصوب بفعلٍ محذوفٍ، أي: ثُمَّ بُرَّ أبَاكَ. وفي رواية: «ثُمَّ أبوك» ، وهذا واضح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تأكيد حق الأم، ويشهد له قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان (8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[317] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رغِم أنفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ مَنْ أدْرَكَ أبَويهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أَحَدهُما أَوْ كِليهمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: البشارة لمن برَّ بوالديه بدخول الجنة، خصوصًا عند كبرهما وَضُعْفِهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[318] وعنه - رضي الله عنه - أن رجلاً قَالَ: يَا رَسُول الله! إنّ لِي قَرابةً أصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلَمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذلِكَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«وَتُسِفُّهُمْ» بضم التاء وكسرِ السين المهملة وتشديد الفاءِ و «المَلُّ» بفتح الميم، وتشديد اللام وَهُوَ الرَّمادُ الحَارُّ: أيْ كَأنَّمَا تُطْعِمُهُمُ الرَّمَادَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/223) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحَارَّ، وَهُوَ تَشبِيهٌ لِمَا يَلْحَقَهُمْ من الإثم بما يلحَقُ آكِلَ الرَّمَادِ الحَارِّ مِنَ الأَلمِ، وَلا شَيءَ عَلَى هَذَا المُحْسِنِ إلَيهمْ، لكِنْ يَنَالُهُمْ إثمٌ عَظيمٌ بتَقْصيرِهم في حَقِّهِ، وَإدْخَالِهِمُ الأَذَى عَلَيهِ، وَاللهُ أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: أنَّ هذه الخصال هي سبب إعانة هذا الواصل وتأييده وتوفيقه، وتسديده، ونصره عليهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[319] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «من أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، ويُنْسأَ لَهُ في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «ينسأ لَهُ في أثرِهِ» ، أي: يؤخر لَهُ في أجلِهِ وعمرِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن صلة الرحم تزيد في الرزق والعمر، بالتوفيق والبركة، وقد قال الله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد (38، 39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[320] وعنه قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أكْثَرَ الأنْصَارِ بالمَدينَةِ مَالاً مِنْ نَخل، وَكَانَ أحَبُّ أمْوَاله إِلَيْهِ بَيْرَحاء، وَكَانَتْ مسْتَقْبَلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ ... رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّب، فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران (92) ]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله! إنَّ الله تبارك وتَعَالَى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ تعالى، أرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رَسُول الله! حَيْثُ أرَاكَ الله. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَخ! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ! وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإنِّي أرَى </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/224) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبينَ» ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُول الله! فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ وبَنِي عَمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وسبق بيان ألفاظِهِ في باب الإنْفَاقِ مِمَّا يحب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنّ أفضل الصدقة ما كان على الأقارب؛ لأنها صدقةٌ وصِلة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[321] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: أقبلَ رَجُلٌ إِلَى نَبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ وَالجِهَادِ أَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى. قَالَ: «فَهَلْ لَكَ مِنْ وَالِدَيْكَ أحَدٌ حَيٌّ؟» . قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلاهُمَا. قَالَ: «فَتَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى؟» . قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«فارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ، فَأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لَفْظُ مسلِم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُمَا: جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأذَنَهُ في الجِهَادِ، فقَالَ: «أحَيٌّ وَالِداكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفيهِمَا فَجَاهِدْ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث تقديم برِّ الوالدين على الهجرة والجهاد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[322] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «قَطَعَتْ» بِفَتح القَاف وَالطَّاء. وَ «رَحِمُهُ» مرفُوعٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الناس ثلاثة: واصل، ومكافئ، وقاطع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فالواصل: من يبدأ بالفضل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمكافئ: من يرد مثله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والقاطع: من لا يتفضل ولا يكافئ، فالكامل من يصل من قطعه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/225) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[323] وعن عائشة قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي، وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي، قَطَعَهُ اللهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: تعظيم شأن الرحم، ووعِد من وصلها بوصل الله، ووعيد من قطعها بقطعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[324] وعن أم المؤمنين ميمونة بنتِ الحارث رضي الله عنها: أنَّهَا أعْتَقَتْ وَليدَةً وَلَمْ تَستَأذِنِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فِيهِ، قَالَتْ: أشَعَرْتَ يَا رَسُول الله! أنِّي أعتَقْتُ وَليدَتِي؟ قَالَ: «أَوَ فَعَلْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «أما إنَّكِ لَوْ أعْطَيْتِهَا أخْوَالَكِ كَانَ أعْظَمَ لأجْرِكِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن عطية القريب أفضل من العتق إذا كانوا محتاجين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: صحة تصرف الزوجة في مالها بغير إذن زوجها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[325] وعن أسماءَ بنتِ أَبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشركةٌ في عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاسْتَفْتَيْتُ ... رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قُلْتُ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أفَأصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَولُهَا: «رَاغِبَةٌ» أيْ: طَامِعَةٌ فِيمَا عِنْدِي تَسْألُني شَيْئاً؛ قِيلَ: كَانَتْ أُمُّهَا مِن النَّسَبِ، وَقيل: مِن الرَّضَاعَةِ، وَالصحيحُ الأول. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/226) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: جواز صلة القريب المشرك، ويشهد لذلك قوله تعالى ... {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان (15) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[326] وعن زينب الثقفيةِ امرأةِ عبدِ الله بن مسعود رضي الله عَنْهُ وعنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» ، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى عبد الله بنِ مسعود، فقلتُ لَهُ: إنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ اليَدِ، وَإنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ فَأْتِهِ، فَاسألهُ، فإنْ كَانَ ذلِكَ يْجُزِئُ عَنِّي وَإلا صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ. فَقَالَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عبدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أنتِ، فانْطَلَقتُ، فَإذا امْرأةٌ مِنَ الأنْصارِ بِبَابِ ... رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتي حَاجَتُها، وَكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيهِ المَهَابَةُ، فَخَرجَ عَلَيْنَا بِلاَلٌ، فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأخْبرْهُ أنَّ امْرَأتَيْنِ بالبَابِ تَسألانِكَ: أُتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أزْواجِهمَا ... وَعَلَى أيْتَامٍ في حُجُورِهِما؟ ، وَلا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ، فَدَخلَ بِلاَلٌ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ هُمَا؟» قَالَ: امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ وَزَيْنَبُ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيُّ الزَّيَانِبِ» ؟ قَالَ: امْرَأةُ عبدِ الله، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَهُمَا أجْرَانِ: أجْرُ القَرَابَةِ وَأجْرُ الصَّدَقَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الصدقة على القريب إذا كان محتاجًا أفضل من الصدقة على البعيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[327] وعن أَبي سفيان صخر بنِ حرب - رضي الله عنه - في حديثِهِ الطويل في قِصَّةِ هِرَقْلَ: أنَّ هرقْلَ قَالَ لأبي سُفْيَانَ: فَمَاذَا يَأمُرُكُمْ بِهِ؟ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/227) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَعْنِي النبي - صلى الله عليه وسلم - ... قَالَ: قُلْتُ: يقول: «اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً، واتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأمُرُنَا بِالصَّلاةِ، وَالصّدْقِ، والعَفَافِ، والصِّلَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بالتوحيد، والنهي عن الشرك، وعن عوائد الجاهلية المخالفة للشرع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الأمر بالصلاة، والصدقة والعفاف، وصلة الأرحام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[328] وعن أَبي ذرّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ» . وفي رواية: «سَتَفْتَحونَ مِصْرَ وَهِيَ أرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا القِيراطُ، فَاسْتَوْصُوا بأهْلِهَا خَيْراً؛ فَإنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً» . وفي رواية: «فإذا افتتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذمة ورحماً» ، أَوْ قَالَ: «ذِمَّةً وصِهْراً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماء: «الرَّحِمُ» : الَّتي لَهُمْ كَوْنُ هَاجَرَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ، «وَالصِّهْرُ» : كَوْن مَارية أمِّ إبْراهيمَ ابن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: علامة من علامة النبوة، لكون الصحابة فتحوا مصر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الوصية بحفظ الذمة وصلة الرحم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[329] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لما نزلت هذِهِ الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء (214) ] </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/228) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">دَعَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْشاً، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، وَقالَ: «يا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤيٍّ، أنقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بن كَعْبٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَاف أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يَا بني عبد المطلب، انقذوا أنفسكم من النار، يَا فَاطِمَةُ، أنْقِذي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ. فَإنِّي لا أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيئاً، غَيْرَ أنَّ لَكُمْ رَحِماً سَأبُلُّهَا بِبِلالِهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بِبِلالِهَا» هُوَ بفتح الباء الثانيةِ وكسرِها، «وَالبِلاَلُ» : الماءُ. ومعنى الحديث: سَأصِلُهَا، شَبّه قَطِيعَتَهَا بالحَرارَةِ تُطْفَأُ بِالماءِ وهذِهِ تُبَرَّدُ بالصِّلَةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الآية والحديث: دلالة على البداءة بإنذار الأقربين عمومًا وخصوصًا، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإني لا أملك لكم من الله شيئًا» ، أي: لا تتكلوا على قرابتي فإني لا أقدر على دفع مكروه يريده الله بكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[330] وعن أَبي عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - جِهَاراً غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ: «إنَّ آل بَني فُلاَن لَيْسُوا ... بِأولِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنينَ، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أبُلُّهَا بِبلاَلِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، واللفظ للبخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما وليي الله» ، أي: هو ناصري والذي أتولاه في جميع الأمور. كما قال تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم (4) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/229) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى الحديث: لست أخص قرابتي ولا فصيلتي الأدنين بولاية دون المسلمين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[331] وعن أَبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قَالَ: يَا رَسُول الله، أخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُني مِنَ النَّارِ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «تَعْبُدُ الله، وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: دليل على أنّ من وحّد الله، وقام بأركان الإسلام، ووصل رَحِمَهُ دخل الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[332] وعن سلمان بن عامر - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أفْطَرَ أحَدُكُمْ فَلْيُفْطرْ عَلَى تَمْرٍ؛ فَإنَّهُ بَرَكةٌ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ تَمْراً، فالمَاءُ؛ فَإنَّهُ طَهُورٌ» ، وَقالَ: «الصَّدَقَةُ عَلَى المِسكينِ صَدَقةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: في الصدقة على القريب ثوابان جليلان، ثواب الصدقة، وثواب صلة الرحم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[333] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأةٌ، وَكُنْتُ أحِبُّهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا، فَقَالَ لي: طَلِّقْهَا، فَأبَيْتُ، فَأتَى عُمَرُ - رضي الله عنه - النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «طَلِّقْهَا» . رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/230) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: امتثال أمر الأب إذا أمر ولده بطلاق امرأته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[334] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - أن رجلاً أتاه، فقَالَ: إنّ لي امرأةً وإنّ أُمِّي تَأمُرُنِي بِطَلاقِهَا؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «الوَالِدُ أوْسَطُ أبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإنْ شِئْتَ، فَأضِعْ ذلِكَ البَابَ، أَو احْفَظْهُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب طاعة الأم إذا أمرته بطلاق امرأته، ولم ترض إلا بذلك وهو من البر، وإن لم يطلقها فليس بعقوق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[335] وعن البراءِ بن عازب رضي اللهُ عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «الخَالةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الخالة بمنزلة الأم في البر لأنها تقرب منها في الحنوِّ والشفقة ومعرفة ما يصلح الولد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة؛ مِنْهَا حديث أصحاب الغار، وحديث جُرَيْجٍ وقد سبقا، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختِصَاراً، وَمِنْ أهَمِّهَا حديث عَمْرو بن عَبسَة - رضي الله عنه - الطَّويلُ المُشْتَمِلُ عَلَى جُمَلٍ كَثيرةٍ مِنْ قَواعِدِ الإسْلامِ وآدابِهِ، وَسَأذْكُرُهُ بتَمَامِهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى في باب الرَّجَاءِ، قَالَ فِيهِ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمَكَّةَ - يَعْني: في أوَّلِ النُّبُوَّةِ - فقلتُ لَهُ: مَا أنْتَ؟ قَالَ: «نَبيٌّ» ، فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: «أرْسَلنِي اللهُ تَعَالَى» ، فقلت: بأيِّ شَيءٍ أرْسَلَكَ؟ قَالَ: «أرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرْحَامِ وَكَسْرِ الأَوثَانِ، وَأنْ يُوَحَّدَ اللهُ لا يُشْرَكُ بِهِ شَيء ... » وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيث. والله أعلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/231) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">41- باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد (22، 23) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ} ، أي: فلعلكم إن توليتم، أي: أعرضتم عن الدين، وفارقتم أحكام القرآن أن تفسدوا في الأرض بالمعصية، والبغي، وسفك الدماء، وتقطِّعوا أرحامكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطعوا الأرحام، وعصوا الرحمن، أولئك الذين لعنهم الله، فأصمهم، وأعمى أبصارهم عن الحق، وهذا نهي من الله تعالى عن الإفساد في الأرض عمومًا، وعن قطع الأرحام خصوصًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد (25) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لما ذكر تعالى السعداء الذين يوفون بعهد الله، ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلون ما أمر الله به أنْ يوصل، ذكر الأشقياء الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، وهي عامة في الرحم وغيرها من أمور الدين، ويفسدون في الأرض بالمعاصي أولئك لهم اللعنة، ولهم سوء الدار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء (23، 24) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/232) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية الكريمة: الأمر ببرّ الوالدين، والنهي عن عقوقهما، والأدب في ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[336] وعن أَبي بكرة نُفَيع بن الحارث - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» - ثلاثاً - قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُول الله! قَالَ: «الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ» ، وكان مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ألا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ» . فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الذنوب: فيها صغائر وكبائر. فالكبيرة: ما توعّد صاحبها بغضب أو لعنة أو نار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (وكان متكئًا فجلس، فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور» . سبب الاهتمام به، سهولة وقوع الناس فيه، وتهاونهم به، والحوامل عليه كثيرة من العداوة والحسد وغير ذلك؛ ولأن مفسدته متعدية إلى الغير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الشرك فإنه ينبو عنه القلب السليم، والعقوق يصرف عنه الطبع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: (حتى قلنا: ليته يسكت) ، أي: شفقة عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[337] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْس، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«اليمين الغموس» : التي يحلفها كاذباً عامداً، سميت غموساً؛ لأنها تغمس الحالِفَ في الإثم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الاقتصار على هذه الأربع لكونها أعظم الكبائر إثمًا، وأشدِّها جُرمًا، ومن ذلك السبع الموبقات. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/233) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[338] وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مِنَ الكَبَائِر شَتْمُ الرَّجُل وَالِدَيهِ» . قالوا: يَا رَسُول الله، وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟! قَالَ: «نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أبَاه، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إنَّ مِنْ أكْبَرِ الكَبَائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ!» ، قِيلَ: يَا رَسُول الله! كَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيهِ؟! قَالَ: «يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (هل يشتم الرجل والديه؟) استفهامُ استبعاد أنْ يصدر ذلك من ذي دين أو عقل، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك يقع بالتسبب في سبِّهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[339] وعن أَبي محمد جبيرِ بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ» . قَالَ سفيان في روايته: يَعْنِي: قَاطِع رَحِم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد لمن قطع رحمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: عظم إثم قاطع الرحم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[340] وعن أَبي عيسى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأمَّهَاتِ، وَمَنْعاً وهاتِ، وَوَأْد البَنَاتِ، وكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإضَاعَةَ المَالِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «مَنْعاً» مَعنَاهُ: مَنْعُ مَا وَجَب عَلَيهِ، وَ «هَاتِ» : طَلَبُ مَا لَيْسَ لَهُ. وَ «وَأْد البَنَاتِ» مَعنَاهُ: دَفنُهُنَّ في الحَيَاةِ، وَ «قيلَ وَقالَ» مَعْنَاهُ: الحَديث بكُلّ مَا يَسمَعهُ، فيَقُولُ: قِيلَ كَذَا، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/234) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَلا يَظُنُّهَا، وَكَفَى بالمَرْءِ كذِباً أنْ يُحَدّثَ بكُلِّ مَا سَمِعَ. وَ «إضَاعَةُ المَال» : تَبذِيرُهُ وَصَرفُهُ في غَيْرِ الوُجُوهِ المأذُونِ فِيهَا مِنْ مَقَاصِدِ الآخِرةِ وَالدُّنْيَا، وتَرْكُ حِفظِهِ مَعَ إمكَانِ الحِفظِ. وَ «كَثْرَةُ السُّؤَال» : الإلحَاحُ فيما لا حَاجَة إِلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اقتصر في الحديث على عقوق الأمّهات، مع تحريم عقوق الآباء أيضًا، لأن الاستخفاف بهن أكثر لضعفهن وعجزهن، وينبه على تقديم برِّهن على برِّ الأب في التلطف ونحو ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنعًا وهات: أي: منع ما أمر بإعطائه وطلب ما لا يستحق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الباب أحاديث سبقت في الباب قبله كحديث: «وأقْطَعُ مَنْ قَطَعَك» ، وحديث: «مَنْ قَطَعني قَطَعهُ الله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (وفي الباب) ، أي: في تحريم العقوق والقطيعة أحاديث كثيرة تدل على تحريم عقوق الوالدين وقطيعة الرحم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">42- باب فضل بر أصدقاء الأب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[341] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنّ أبَرَّ البرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ أبيهِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[342] وعن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلاً مِنَ الأعْرَابِ لَقِيَهُ بطَريق مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ عبدُ الله بْنُ عُمَرَ، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأسِهِ، قَالَ ابنُ دِينَار: فَقُلْنَا لَهُ: أصْلَحَكَ الله، إنَّهُمُ الأعرَابُ وَهُمْ يَرْضَوْنَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/235) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">باليَسير، فَقَالَ عبد الله بن عمر: إن أَبَا هَذَا كَانَ وُدّاً لِعُمَرَ بنِ الخطاب - رضي الله عنه - وإنِّي سَمِعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أبرَّ البِرِّ صِلَةُ الرَّجُلِ أهْلَ وُدِّ أبِيهِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عن ابن دينار، عن ابن عمر: أنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيهِ إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلةِ، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأسَهُ، فَبيْنَا هُوَ يَوماً عَلَى ذلِكَ الحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أعْرابيٌّ، فَقَالَ: ألَسْتَ فُلاَنَ بْنَ فُلاَن؟ قَالَ: بَلَى. فَأعْطَاهُ الحِمَارَ، فَقَالَ: ارْكَبْ هَذَا، وَأعْطَاهُ العِمَامَةَ وَقالَ: اشْدُدْ بِهَا رَأسَكَ، فَقَالَ لَهُ بعضُ أصْحَابِهِ: غَفَرَ الله لَكَ أعْطَيْتَ هَذَا الأعْرَابيَّ حِمَاراً كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيهِ، وعِمَامةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأسَكَ؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: «إنَّ مِنْ أبَرِّ البِرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلَ وُدِّ أبيهِ بَعْدَ أنْ يُولِّيَ» وَإنَّ أبَاهُ كَانَ صَديقاً لعُمَرَ - رضي الله عنه -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَوَى هذِهِ الرواياتِ كُلَّهَا مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على إكرام أصدقاء أبيه، ويقاس عليه أصدقاء الأم وسائر الأقارب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[343] وعن أَبي أُسَيد - بضم الهمزة وفتح السين - مالك بن ربيعة الساعدي - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جَاءهُ رَجُلٌ مِنْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ! هَلْ بَقِيَ مِنْ برِّ أَبَوَيَّ شَيء أبرُّهُما بِهِ بَعْدَ مَوتِهمَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا، والاسْتغْفَارُ لَهُمَا، وَإنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِما، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتي لا تُوصَلُ إلا بِهِمَا، وَإكرامُ صَدِيقهمَا» . رواه أَبُو داود. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/236) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحديث دليل على أنَّ الدعاء للوالدين من البر، وقد قال الله تعالى: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء (24) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على صلة الأرحام وإكرام أصدقاء الوالدين وتنفيذ وصيتهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[344] وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَة رضي الله عنها، وَمَا رَأيْتُهَا قَطُّ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يقَطِّعُهَا أعْضَاء، ثُمَّ يَبْعثُهَا في صَدَائِقِ خَديجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأنْ لَمْ يَكُنْ في الدُّنْيَا امرأة إلا خَديجَةَ ! . فَيَقُولُ: «إنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لي مِنْهَا وَلَدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: وإنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ، فَيُهْدِي في خَلاَئِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: كَانَ إِذَا ذبح الشاة، يقولُ: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أصْدِقَاءِ خَديجَةَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: قَالَت: اسْتَأذَنتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَعرَفَ اسْتِئذَانَ خَديجَةَ، فَارتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَالةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولُهَا: «فَارتَاحَ» هُوَ بالحاء، وفي الجمعِ بَيْنَ الصحيحين للحُميدِي: «فارتاع» بالعينِ ومعناه: اهتم بهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على حُسن عهد الصاحب، وحفظ وده، ورعاية حرمته وإكرام صديقه في حياته، وبعد موته. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/237) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[345] وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: خرجت مَعَ جرير بن عبد الله البَجَليّ - رضي الله عنه - في سَفَرٍ، فَكَانَ يَخْدُمُني، فَقُلْتُ لَهُ: لا تَفْعَل، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأيْتُ الأنْصَارَ تَصْنَعُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً آلَيْتُ أنْ لا أصْحَبَ أحَداً مِنْهُمْ إلا خَدَمْتُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وكان جرير أسنَّ من أنس، وجرير سيد بجيلة، فكان يخدم أنسًا إكرامًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإحسانًا للمنتسب إلى خدمته، ففيه: دليل على إكرام المحسن، وإن كان أصغر منه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تواضع جرير وفضيلته رضي الله عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">43- باب إكرام أهل بيت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وبيان فضلهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب (33) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه الآية نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يدل عليه السياق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والرجس: الذنب المدنس للعرض وهو الإثم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما ذريته فيدخلون من باب أولى، كما في حديث واثلة بن</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأسقع: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه علي، وحسن، وحسين رضي الله عنهم آخذ كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدنى عليًّا وفاطمة رضي الله عنهما وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنًا وحسينًا كل واحد منهما على فخذه، ثم لفَّ عليهم ثوبه، ثم تلا هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} ، وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق ... » . رواه أحمد. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/238) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ... [الحج (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبب نزول هذه الآية في الهدايا وفرائض الحج، وهي عامة في جميع شعائر الدين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[346] وعن يزيد بن حَيَّانَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أنَا وحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَة، وَعَمْرُو بن مُسْلِم إِلَى زَيْد بْنِ أرقَمَ - رضي الله عنهم - فَلَمَّا جَلسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْن: لَقَدْ لقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْراً كَثِيراً، رَأيْتَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمعتَ حديثَهُ، وغَزوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْراً كَثيراً، حَدِّثْنَا يَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَا ابْنَ أخِي، وَاللهِ لقد كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهدِي، وَنَسيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أعِي مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فما حَدَّثْتُكُمْ، فَاقْبَلُوا، ومَا لا فَلا تُكَلِّفُونيهِ. ثُمَّ قَالَ: قام رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوماً فينا خَطِيباً بمَاء يُدْعَى خُمَّاً بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَحَمِدَ الله، وَأثْنَى عَلَيهِ، وَوعظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعدُ، ألا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشِكَ أنْ يَأتِي رسولُ ربِّي فَأُجِيبَ، وَأنَا تارك فيكم ثَقَلَيْنِ: أوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ، فِيهِ الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكتابِ الله، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» ، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ الله، وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأهْلُ بَيْتِي أُذكِّرُكُمُ الله في أهلِ بَيْتي، أذكرُكُمُ الله في أهل بيتي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أهْلُ بَيتهِ يَا زَيْدُ، أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أهْلِ بَيتهِ، وَلكِنْ أهْلُ بَيتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عقيل وَآلُ جَعفَرَ وآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هؤلاء حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/239) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «ألا وَإنّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَليْنِ: أحَدُهُما كِتَابُ الله وَهُوَ حَبْلُ الله، مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلالَة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على التمسك بالقرآن والتحريض على العمل به والاعتصام به.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تأكيد الوصاية بأهل البيت، والعناية بشأنهم وإكرامهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[347] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مَوقُوفاً عَلَيهِ - أنَّهُ قَالَ: ارْقَبُوا مُحَمداً - صلى الله عليه وسلم - في أهْلِ بَيْتِهِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى «ارقبوه» : راعوه واحترموه وأكرموه، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في أثر أبي بكر رضي الله عنه دليل على معرفة الصحابة رضي الله عنهم بحق أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوقيرهم واحترامهم، فمن كان من أهل البيت مستقيمًا على الدين متبعًا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان له حقّان: حق الإسلام وحق القرابة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">44- باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وتقديمهم عَلَى غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مَزِيَّتِهِم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التوقير: التبجيل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} [الزمر (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا يستوي الموحد والمشرك، والعالم والجاهل، ولا القانت والعاصي، {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص (28) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/240) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[348] وعن أَبي مسعودٍ عقبةَ بن عمرو البدري الأنصاري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَؤُمُّ القَوْمَ أقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإنْ كَانُوا في القِراءةِ سَوَاءً، فأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأقْدَمُهُمْ سِنّاً، وَلا يُؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ، وَلا يَقْعُدْ في بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلا بِإذْنهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «فَأقْدَمُهُمْ سِلْماً» بَدَلَ «سِنّاً» : أيْ إسْلاماً. وفي رواية: «يَؤُمُّ القَومَ أقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، وَأقْدَمُهُمْ قِراءةً، فَإنْ كَانَتْ قِرَاءتُهُمْ سَوَاءً فَيَؤُمُّهُمْ أقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَواء، فَليَؤُمُّهُمْ أكْبَرُهُمْ سِنّاً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمراد «بِسلطانهِ» : محل ولايتهِ، أَو الموضعِ الَّذِي يختص بِهِ «وتَكرِمتُهُ» بفتح التاءِ وكسر الراءِ: وهي مَا ينفرد بِهِ من فِراشٍ وسَريرٍ ونحوهِما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: تأول أصحاب الحديث بأن الأقرأ في الصدر الأول هو الأفقه، لأنهم كانوا يتفقهون مع القراءة، فلا يوجد قارئ إلا وهو فقيه، وكان مِنْ عُرْفهم تسمية الفقهاء بالقراء. وقد قَدَّمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصدِّيقَ على أُبَيّ مع قوله: «أقرؤكم أُبَيّ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: فضل الهجرة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/241) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[349] وعنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا في الصَّلاةِ، ويَقُولُ: «اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِني مِنْكُمْ أُولُوا الأحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لِيَلِني» هُوَ بتخفيف النون وليس قبلها ياءٌ، وَرُوِيَ بتشديد النُّون مَعَ يَاءٍ قَبْلَهَا. «وَالنُّهَى» : العُقُولُ. (وَأُولُوا الأحْلام) : هُم البَالِغُونَ، وقَيلَ: أهْلُ الحِلْمِ وَالفَضْلِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: تقديم الأفضل فالأفضل إلى الأمام لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف، فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام عن السهو والغلط.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[350] وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لِيَلِني مِنْكُمْ أُولُوا الأحْلام وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ثَلاثاً «وَإيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأسْوَاق» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هيشات الأسواق: المنازعة، والخصومات واللغط، وارتفاع ... الأصوات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[351] وعن أَبي يَحيَى، وقيل: أَبي محمد سهلِ بن أَبي حَثْمة - بفتح الحاءِ المهملة وإسكان الثاءِ المثلثةِ - الأنصاري - رضي الله عنه - قَالَ: انطَلَقَ عَبدُ اللهِ بنُ سهْلٍ وَمُحَيِّصَة بن مَسْعُود إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَومَئذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عبدِ اللهِ بنِ سهل وَهُوَ يَتشَحَّطُ في دَمِهِ قَتِيلاً، فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبدُ الرحمن بنُ سهل وَمُحَيِّصَةُ وحوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبَ عَبدُ الرحمن يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» وَهُوَ أحْدَثُ القَوم، فَسَكَتَ، فَتَكَلَّمَا، فَقَالَ: «أتَحْلِفُونَ وتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ؟ ... » وذكر تمام الحديث. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/242) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كَبِّرْ كَبِّرْ» معناه: يتكلم الأكبر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: استحباب تقديم أهل الفضل والسنِّ، ولو كان الحق للصغير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[352] وعن جابر - رضي الله عنه - أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُد يَعْنِي في القَبْرِ، ثُمَّ يَقُولُ: «أيُّهُما أكْثَرُ أخذاً للقُرآنِ؟» فَإذَا أُشيرَ لَهُ إِلَى أحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: تقديم الأكثر حفظًا للقرآن على ما دونه في القبر للحاجة، وكذلك غيره، قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة (11) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[353] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أرَانِي فِي المَنَامِ أتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءنِي رَجُلانِ، أحَدُهُما أكبر مِنَ الآخرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأصْغَرَ، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتهُ إِلَى الأكْبَرِ مِنْهُمَا» . رواه مسلم مسنداً، ورواه البخاري تعليقاً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام، وهذا ما لم يترتب القوم، فإن ترتبوا فالسنة تقديم الأيمن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز استعمال سواك الغير بإذنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[354] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مِنْ إجْلالِ اللهِ تَعَالَى: إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ القُرآنِ غَيْرِ الغَالِي فِيهِ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالجَافِي عَنْهُ، وَإكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِط» . حديث حسن رواه أَبُو داود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إكرام هؤلاء الثلاثة مما يرضاه الله تعالى ويثيب عليه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/243) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[355] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنهم - قَالَ: قَالَ ... رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبيرِنَا» . حديث صحيح رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية أبي داود: «حَقَّ كَبيرِنَا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الوعيد لمن لا يرحم الصغير، ولا يُجلّ الكبير، وذوي القدر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[356] وعن ميمون بن أَبي شَبيب رحمه الله: أنَّ عائشة رَضي الله عنها مَرَّ بِهَا سَائِلٌ، فَأعْطَتْهُ كِسْرَةً، وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ، فَأقْعَدَتهُ، فَأكَلَ، فقِيلَ لَهَا في ذلِكَ؟ فقَالتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» . رواه أبو داود. لكن قال: ميمون لم يدرك عائشة. وقد ... ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقاً فقال: وذكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم، وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ أَبُو عبد الله في كتابه «مَعرِفَة عُلُومِ الحَديث» . وَقالَ: «هُوَ حديث صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحضّ على مُرَاعَاة مقادير الناس، ومراتبهم، ومناصبهم وتفضيل بعضهم على بعض، فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته، ويعطي كل ذي حق حقه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذا الحديث: مما أدَّب به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من التعظيم والإكرام لذوي القدر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/244) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[357] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه - وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَاب مَجْلِس عُمَرَ وَمُشاوَرَتِهِ، كُهُولاً كاَنُوا أَوْ شُبَّاناً، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ: يَا ابْنَ أخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ، فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ، فاسْتَأذَن له، فَإذِنَ لَهُ عُمَرُ - رضي الله عنه - فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: هِي يَا ابنَ الخَطَّابِ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أميرَ المُؤْمِنينَ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} . وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ. واللهِ مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عليه، وكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تقديم أولي الفضل على من عداهم، وإن كانوا دونهم في السن والنسب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنه ينبغي لولي الأمر مجالسة القراء، والفقهاء، ليذكروه إذا ... نسي، ويعينوه إذا ذكر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحلم عن الجهال والصبر على أذاهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال جعفر الصادق: ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[358] وعن أَبي سعيد سَمُرة بنِ جُندب - رضي الله عنه - قَالَ: لقد كنت عَلَى عَهْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - غُلاماً، فَكُنْتُ أحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلا أنَّ ها هُنَا رِجَالاً هُمْ أسَنُّ مِنِّي. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/245) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأدب مع الكبار من أهل العلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[359] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إلا قَيَّضَ الله لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّه» . رواه الترمذي، وَقالَ: ... «حديث غريب» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الجزاء من جنس العمل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى الوعد بطول عمر المُكرِم حتى يبلغ ذلك السن. والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">45- باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} إِلَى قوله تَعَالَى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} ؟ [الكهف (60، 66) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآيات استحباب زيارة أهل الخير في أماكنهم، ومصاحبتهم ومجالستهم، والتواضع معهم، والرحلة في طلب العلم، واستزادة العالم من العلم، وتواضع المتعلم لمن يتعلم منه ولو كان دونه في المرتبة، واستحباب الرفيق في السفر، وأنه لا بأس بالاستخدام واتخاذ الخادم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف (28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا أمر من الله تعالى لنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يحبس نفسه مع الذين يعبدون الله في هذه الأوقات، وأن لا يجاوزهم ناظرًا إلى غيرهم من ذوي الهيئات، فإن مصاحبتهم سبب إلى دخول الجنات. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/246) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[360] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ أَبُو بكر لِعُمَرَ رضي الله عنهما بَعْدَ وَفَاةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أيْمَنَ رضي الله عنها نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا، بَكَتْ، فَقَالا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ أمَا تَعْلَمِينَ أنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: إني لا أبْكِي إني لا أَعْلَم أنَّ مَا عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولَكِنْ أبكي أنَّ الوَحْيَ قدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّماءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى البُكَاءِ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ مَعَهَا. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أم أيمن: مولاة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكحها زيد بن حارثة واسمها بركة، وهي أم أسامة بن زيد وكان - صلى الله عليه وسلم - يكرمها، وكان عندها كالولد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي هذا الحديث: زيارة الصالح لمن هو دونه، وزيارة الإنسان لمن كان صديقه يزوره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: البكاء حزنًا على فراق الصالحين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[361] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أنَّ رَجُلاً زَارَ أَخَاً لَهُ في قَريَة أُخْرَى، فَأرْصَدَ الله تَعَالَى عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً، فَلَمَّا أتَى عَلَيهِ، قَالَ: أيْنَ تُريدُ؟ قَالَ: أُريدُ أخاً لي في هذِهِ القَريَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيهِ مِنْ نِعْمَة تَرُبُّهَا عَلَيهِ؟ قَالَ: لا، غَيْرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في الله تَعَالَى، قَالَ: فإنِّي رَسُول الله إلَيْكَ بَأنَّ الله قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أحْبَبْتَهُ فِيهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقال: «أرْصَدَهُ» لِكَذَا: إِذَا وَكَّلَهُ بِحِفْظِهِ، وَ «المَدْرَجَةُ» بِفْتْحِ الميمِ والرَّاءِ: الطَّرِيقُ، ومعنى (تَرُبُّهَا) : تَقُومُ بِهَا، وَتَسْعَى في صَلاحِهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على عظم فضل الحب في الله والتزاور فيه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/247) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[362] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ عَادَ مَرِيضاً أَوْ زَارَ أخاً لَهُ في الله، نَادَاهُ مُنَادٍ: بِأنْ طِبْتَ، وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلا» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن» ، وفي بعض النسخ: ... «غريب» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعد الله تعالى للزائر فيه بأن يطهره من ذنوبه، ويعظم أجره ويدخله الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[363] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّمَا مَثلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وَإمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحاً طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً مُنْتِنَةً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(يُحْذِيكَ) : يُعْطِيكَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على مجالسة أهل الخير، والتحذير من مجالسة أهل الشر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحكم بطهارة المسك. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/248) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[364] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاك» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعناه: أنَّ النَّاسَ يَقْصدونَ في العَادَة مِنَ المَرْأةِ هذِهِ الخِصَالَ الأرْبَعَ، فَاحْرَصْ أنتَ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ، وَاظْفَرْ بِهَا، وَاحْرِصْ عَلَى صُحْبَتِها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحسب: طيب الأصل. وكل واحد من هذه الأربع مما يقصده المتزوج.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحث على صاحبة الدين، لأن الحسن البالغ يخاف بسببه من فساد المرأة، أو إفسادها، والمال ربما أطغاها. وأما الدين فهو الحبل الذي لا ينقطع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[365] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِجبريل: «مَا يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورنَا أكثَر مِمَّا تَزُورَنَا؟» فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} [مريم (64) ] رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: طلب الصديق من صديقه كثرة زيارته، إذا لم يكن مانع من شغل أو غيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[366] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِناً، وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقِيٌّ» . رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد لا بأس بِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن موالاة الكفار، ومودتهم، ومصاحبتهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الأمر بملازمة الأتقياء، ودوام مخالطتهم، وترك مخالطة الفجار، ومؤاكلتهم، وهذا في طعام الدعوة، لا إطعام الحاجة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/249) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[367] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَليَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» . رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، وَقالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخليل: الصديق. وأقل درجات الصداقة، النظر بعين المساواة، والكمال. رؤية الفضل للصديق. وروي: (لا خير في محبة من لا يرى مَا لَكَ مثل ما يرى له) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[368] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: الرَّجُلُ يُحبُّ القَومَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على محبة الصالحين، لأن من أحبّهم دخل معهم الجنة، والمعية تحصل بمجرد الاجتماع وإنْ تفاوتت الدرجات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[369] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ أعرابياً قَالَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ: حُبَّ الله ورسولهِ، قَالَ: ... «أنْتَ مَعَ مَنْ أحْبَبْتَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لهما: مَا أعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثيرِ صَوْمٍ، وَلا صَلاَةٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/250) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الساعة: القيامة. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أعددت لها» . من أسلوب الحكيم؛ لأنه سأل عن الوقت فقيل له: ما لَكَ ولها، إنما يهمك التزود لها والعمل بما ينفعك فيها. فطرح الرجل ذكر أعماله، ونظر إلى ما في قلبه من محبة الله ورسوله فقدمه بين يديه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[370] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: جاء رجلٌ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيْفَ تَقُولُ في رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْماً وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولم يلحق بهم» . ولابن حبان: «ولا يستطيع أن يعمل بعملهم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[371] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «النَّاسُ مَعَادِنٌ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقهُوا، وَالأرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، ومَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروى البخاري قوله: «الأَرْوَاحُ ... » إلخ مِنْ رواية عائشة رضي الله عنها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «معادن» ، أي: أصول. فكل معدن يخرج منه ما في أصله. وكل إنسان يظهر منه ما فيه من خسة، أو شرف، فإذا انضم الدين إلى الشرف الأصلي فقد حاز الشرف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «والأرواح جنود مجندة» ، أي: جموع مجتمعة، وأنواع مختلفة، فما تشاكل منها في الخير أو الشر حنّ إلى شكله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروي: «أن الأرواح خلقت قبل الأجسام، فكانت تلتقي وتتشام فلما </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/251) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول، فتميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[372] وعن أُسَيْر بن عمرو، ويقال: ابن جابر وَهُوَ - بضم الهمزة وفتح السين المهملة - قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - إِذَا أتَى عَلَيهِ أمْدَادُ أهْلِ اليَمَنِ سَألَهُمْ: أفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أتَى عَلَى أُوَيْسٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَهُ: أنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِر؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ، فَبَرَأْتَ مِنْهُ إلا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَكَ وَالِدةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يَأتِي عَلَيْكُمْ أُويْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أمْدَادِ أهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ إلا موْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالدةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ، فإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَل» فَاسْتَغْفِرْ لي فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أيْنَ تُريدُ؟ قَالَ: الكُوفَةَ، قَالَ: ألا أكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أكُونُ في غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أشْرَافِهِمْ، فَوافَقَ عُمَرَ، فَسَألَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ البَيْتِ قَليلَ المَتَاع، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «يَأتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أمْدَادٍ مِنْ أهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إلا مَوضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإنِ اسْتَطْعتَ أنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ، فَافْعَلْ» فَأتَى أُوَيْساً، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أنْتَ أحْدَثُ عَهْداً بسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لي. قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أنْتَ أحْدَثُ عَهْداً بسَفَرٍ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/252) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لي. قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم أيضاً عن أُسَيْر بن جابر - رضي الله عنه - أنَّ أهْلَ الكُوفَةِ وَفَدُوا عَلَى عُمَرَ - رضي الله عنه - وَفِيهمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ، فَقَالَ عُمَرُ: هَلْ ها هُنَا أَحَدٌ مِنَ القَرَنِيِّينَ؟ فَجَاءَ ذلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عمرُ: إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَدْ قَالَ: «إنَّ رَجُلاً يَأتِيكُمْ مِنَ اليَمَنِ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، لا يَدَعُ باليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا الله تَعَالَى، فَأذْهَبَهُ إلا مَوضِعَ الدِّينَارِ أَو الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: عن عمر - رضي الله عنه - قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَمُرُوهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «غَبْرَاءِ النَّاسِ» بفتح الغين المعجمة، وإسكان الباءِ وبالمد: وهم فُقَرَاؤُهُمْ وَصَعَالِيكُهُمْ وَمَنْ لا يُعْرَفُ عَيْنُهُ مِنْ أخلاطِهِمْ «وَالأَمْدَادُ» جَمْعُ مَدَدٍ: وَهُمُ الأَعْوَانُ وَالنَّاصِرُونَ الَّذِينَ كَانُوا يُمدُّونَ المُسْلِمِينَ في الجهَاد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: طلب الدعاء من الصالحين وإنْ كان الطالبُ أفضل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من الإخبار بالأمر قبل وقوعه. وذكر أويسًا باسمه، وصفته، وعلامته، واجتماعه بعمر، وفيما فعل عمر رضي الله عنه تبليغ الشريعة ونشر السنة، والإقرار بالفضل لأهله، والثناء على من لا يخشى عليه عجب بذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: كان أويس من أولياء الله المخلصين المختفين الذين لا يؤبه لهم، ولولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر عنه، ووصفه ونعته بنعته، وعلامته، لَمَا عرفه </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/253) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أحد وكان موجودًا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمن به وصدقه ولم يَلْقه، ولا كاتبه، فلم يُعَد من الصحابة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[373] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: اسْتَأذَنْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في العُمْرَةِ، فَأذِنَ لِي، وَقالَ: «لا تَنْسَنا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ» فَقَالَ كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: وَقالَ: «أشْرِكْنَا يَا أُخَيَّ في دُعَائِكَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حديث صحيح رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على استحباب طلب المقيم من المسافر، ووصيته له بالدعاء في مواطن الخير، ولو كان المقيم أفضل من المسافر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[374] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يزور قُبَاءَ رَاكِباً وَمَاشِياً، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأتي مَسْجِد قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ رَاكباً، وَمَاشِياً وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مسافة ما بين مسجد قباء ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسخ، وهو ثلاث أميال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب زيارة مسجد قباء اقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">46- باب فضل الحب في الله والحث عَلَيهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإعلام الرجل من يحبه، أنه يحبه، وماذا يقول لَهُ إِذَا أعلمه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح (29) ] إِلَى آخر السورة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/254) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: غلاظ على من خالف الدين ويتراحمون فيما بينهم. كما قال تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة (54) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} [الحشر (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المراد بالدار: المدينة. والآية نزلت في الأنصار لأنهم لزموا المدينة، والإيمان وتمكنوا فيهما قبل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[375] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أنْ أنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات، وتحمل المشاق في الدين، وإيثار ذلك على أغراض الدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[376] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ في عِبَادَةِ الله - عز وجل -، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إنِّي أخَافُ الله، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «سبعة يظلّهم الله [في ظِِلّه] » ، أي: ظل عرشه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/255) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحثُ على هذه الخصال والتخلُّق بها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد نظمها بعضهم فقال:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أناسٌ روينا في الصحيحين سبعة ... ?? ... يظلهم الرحمن في برد ظله ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">محبٌّ، عفيف، ناشئ، متصدق ... ?? ... وباكٍ، مُصّلٍّ، والإِمام بِعَدْلِه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد أورد بعضهم الخصال التي توجب إظلال الله لأصحابها، فبلغها تسعة وثمانين، منها الجهاد، وإنظار المعسر، والصبر، وحسن الخلق، وكفالة اليتيم، والصدق، والنصح، وترك الزنا، والحلم، وحفظ القرآن، وعيادة المرضى، وإشباع جائع، وصلة الرحم، ومحيي سنَّة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبناء مسجد، ومعلم دين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[377] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الله تَعَالَى يقول يَوْمَ القِيَامَةِ: أيْنَ المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي؟ اليَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلِّي» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سؤال الله تعالى عن المتحابين مع علمه بمكانهم، لينادي بفضلهم في ذلك الموقف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[378] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بينكم» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحث على إفشاء السلام، وبذله لكل مسلم عرفته أو لم تعرفه، وفي إفشائه أُلفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم مع ما فيه من التواضع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[379] وعنه عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «أنَّ رَجُلاً زَارَ أخاً لَهُ في قَرْيَةٍ أخْرَى، فَأرصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً ... » وذكر الحديث إِلَى قوله: «إنَّ الله قَدْ أحبَّكَ كَمَا أحْبَبْتَهُ فِيهِ» . رواه مسلم، وقد سبق بالباب قبله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/256) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل الحب في الله لما يؤول به إلى محبة الله للعبد، ومن أحبه الله فقد فاز فوزًا عظيمًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الدعاء المأثور: (اللهم ارزقني حبك، وحب من يحبك والعمل الذي يقربني إلى حبك) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[380] وعن البرَاءِ بن عازب رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ في الأنصار: «لا يُحِبُّهُمْ إلا مُؤمِنٌ، وَلا يُبْغِضُهُمْ إلا مُنَافِقٌ، مَنْ أحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ الله، وَمَنْ أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ الله» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يُسمى الأوس والخزرج الأنصار لنصرهم الإسلام، وإيواء أهله، قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة (100) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[381] وعن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «قَالَ الله - عز وجل -: المُتَحَابُّونَ في جَلالِي، لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أن لهؤلاء العباد منازل شريفة عظيمة في الآخرة، ولا يلزم من ذلك أنْ يكونوا أفضل من الأنبياء، وإنما أُريد بذلك بيان فضلهم وشرفهم عند الله تعالى. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/257) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[382] وعن أَبي إدريس الخولاني رحمه الله، قَالَ: دخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإذَا فَتَىً بَرَّاق الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ، أَسْنَدُوهُ إِلَيْه، وَصَدَرُوا عَنْ رَأيِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقيلَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَل - رضي الله عنه -. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، هَجَّرْتُ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بالتَّهْجِيرِ، ووَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فانْتَظَرتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللهِ إنّي لأَحِبُّكَ لِله، فَقَالَ: آلله؟ فَقُلْتُ: اللهِ، فَقَالَ: آللهِ؟ فَقُلْتُ: اللهِ، فَأخَذَنِي بِحَبْوَةِ رِدَائِي، فجبذني إِلَيْهِ، فَقَالَ: أبْشِرْ! فإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «قَالَ الله تَعَالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتي لِلْمُتَحابين فيَّ، وَالمُتَجَالِسينَ فيَّ، وَالمُتَزَاوِرِينَ فيَّ، وَالمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ» . حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «هَجَّرْتُ» أيْ بَكَّرْتُ، وَهُوَ بتشديد الجيم قوله: «آلله فَقُلْت: الله» الأول بهمزة ممدودة للاستفهام، والثاني بلا مد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: تنبيه على أنَّ الأدب لمن جاء إلى مشغول بطاعة الله تعالى إن لا يلهيه عما هو فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الأدب قَصْدُ الإنسان من قِبَلِ وجهه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل التحابّ والتجالس والتزاور في الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[383] وعن أَبي كَرِيمَةَ المقداد بن معد يكرب - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أخَاهُ، فَليُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح غريب» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب إخبار المحبوب في الله بحبه، لتزداد المحبة والأُلفة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/258) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[384] وعن معاذ - رضي الله عنه - أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيدهِ، وَقالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ، إنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» . حديث ... صحيح، رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل معاذ. قال بعضهم: لما صحت محبة معاذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - جازاه بأعلا منها كما هو عادة الكرام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[385] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَّ به رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أنِّي لأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «أأعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لا. قَالَ: «أعْلِمْهُ» فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّكَ في الله، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على استحباب إظهار المحبة في الله، والدعاء لفاعل الخير مثل عمله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">47- باب علامات حب الله تَعَالَى للعبد</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والحث عَلَى التخلق بِهَا والسعي في تحصيلها</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران (31) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: وعدٌ من الله عزَّ وجلّ بالمحبة، والرحمة، وغفران الذنوب، لمن اتبع محمدًا - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/259) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة (54) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا من الكائنات التي أخبر الله بها قبل وقوعها، وقد ارتد العرب في آخر عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنو مدلج، ورئيسهم العنسي، وبنو حنيفة ورئيسهم مسيلمة، وبنو أسد ورئيسهم طليحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي عهد الصديق، فزارة وغطفان، وبنو سليم، وبنو يربوع، وبعض تميم، قوم سجاح زوجة مسيلمة، وكِنْدة، وبنو بكر بن وائل، وكفى الله أمرهم على يد الصديق رضي الله عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي إمرة عمر، غسان قوم جبلة بن الأيهم تنصر وسار إلى الشام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ، قيل: هم أهل اليمن؛ لما روي أنه عليه السلام أشار إلى أبي موسى، وقال: «هم قوم هذا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[386] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى ليَ وَلِيّاً، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، وَرجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإنْ سَألَنِي أعْطَيْتُهُ، وَلَئِن اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى «آذنته» : أعلمته بأني محارِب لَهُ. وقوله: «استعاذني» رُوِيَ بالباءِ ورُوِيَ بالنون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الولي: هو من تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/260) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وعيد شديد لمن عادى وليًّا من أولياء الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنّ أحب الأعمال إلى الله أداء فرائضه، وأنَّ كثرة النوافل توجب محبة الله للعبد، وقربه، فيرتقي إلى درجة الإحسان، فيمتلأ قلبه بمعرفة الله تعالى، وعظمته، وخوفه، ورجائه، فإن نطق: نطق بالله، وإنْ سمع: سمع به، وإنْ نظر نظر به، وإنْ بطش: بطش به. قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل (128) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[387] وعنه عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ تَعَالَى العَبْدَ، نَادَى جِبْريلَ: إنَّ الله تَعَالَى يُحِبُّ فُلاناً، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبريلُ، فَيُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً، فَأحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأرْضِ» . متفق عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريلَ، فقال: إنّي أُحِبُّ فلاناً فأحببهُ، فيحبُّهُ جبريلُ، ثمَّ ينادي في السماءِ، فيقول: إنَّ اللهَ يحبُّ فلاناً فأحبوهُ، فيحبُّهُ أهلُ السماءِ، ثمَّ يوضعُ لهُ القبولُ في الأرضِ، وَإِذَا أبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْريلَ، فَيَقُولُ: إنّي أُبْغِضُ فُلاناً فَأبْغِضْهُ. فَيُبغِضُهُ جِبريلُ ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّماءِ: إنَّ الله يُبْغِضُ فُلاناً فَأبْغِضُوهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضَاءُ في الأَرْضِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المراد بالقبول، الحب للعبد في قلوب أهل الدين والخير، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم (96) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والبغضاء: شدة البغض. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/261) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[388] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً عَلَى سَريَّة فَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ في صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ {قُل هُوَ الله أَحَدٌ} ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلِكَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذلِكَ» ؟ فَسَألُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمنِ فَأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أخْبِرُوهُ أنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على أنَّ من أحب هذه السورة لأجل أنها صفة الله، أحبه الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعلى جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس والاستكثار منه، أن الجزاء يترتب بحسب النية والقصد، وجواز الجمع بين سورتين غير الفاتحة في ركعة واحدة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">48- باب التحذير من إيذاء الصالحين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والضعفة والمساكين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: التحذير من إيذاء المؤمنين بغير جناية استحقوا بها الإيذاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: قيل: يَا رسول الله! ما الغيبة؟ قال: «ذكرك أخاك بما يكره» . قال: أرأيت إنْ كان فيه ما أقول. قال: «إن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى (9، 10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا تقهر اليتيم على مالِه فتذهب بحقه لضعفه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/262) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه، وشرُّ بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُساء إليه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} ، أي: لا تنهره ولا تزجره إذا سألك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: رُدَّ السائلَ برحمة ولين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال إبراهيم بن أدهم: نِعْم القوم السُّؤال، يحملون زادنا في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن إسحاق: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} ، أي: فلا تكن جبَّارًا ولا متكبِّرًا، ولا فحَّاشًا، ولا فظَّا على الضعفاء من عباد الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث، فكثيرة مِنْهَا:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حديث أَبي هريرة - رضي الله عنه - في الباب قبل هَذَا: «مَنْ عَادَى لِي وَليّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومنها حديث سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - السابق في باب ملاطفة اليتيم، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أغْضَبْتَ رَبَّكَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: وكلا الحديثين يدلان على تحريم إيذاء الصالحين، والضعفة، والمساكين بخصوصهم، ومثلهم سائر المؤمنين لحرمة الإيمان وشرفه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[389] وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ، فَهُوَ في ذِمَّةِ الله، فَلا يَطْلُبَنَّكُمُ الله </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/263) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإنَّهُ مَنْ يَطْلُبُهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «من صلَّى الصبح» ، أي: في جماعة. كما في رواية أُخرى لمسلم. وكأنها إنما خصت بذلك لأنها أول النهار الذي هو وقت انتشار الناس في حوائجهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: غاية التحذير عن التعريض لمن صلَّى الصبح المستلزم لصلاة بقية الخمس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">49- باب إجراء أحكام الناس عَلَى الظاهر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وسرائرهم إِلَى الله تَعَالَى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُم} [التوبة (5) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال السيوطي: لم يكتف في تخلية السبيل بالتوبة من الشرك حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. واستدل به الشافعي على قتل تارك الصلاة، وقتال مانع الزكاة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[390] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلهَ إلا الله، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُول الله، وَيُقيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ إلا بحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله تَعَالَى» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الخطابي وغيره: المرادُ بهذا أهل الأوثان، ومشركوا العرب ومن </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/264) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا يؤمن دون أهل الكتاب، ومَنْ يُقر بالتوحيد، فلا يكتفي بعصمته بقوله: (لا إله إلا الله) . إذا كان يقولها في كفره، وهي من اعتقاده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[391] وعن أَبي عبدِ الله طارِق بن أشَيْم - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «مَنْ قالَ لا إلهَ إلا الله، وَكَفَرَ بما يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله تَعَالَى» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «من قال لا إله إلا الله» ، أي: مع قرينتها وهي: محمد رسول الله، «وكفر بما يعبد من دون الله» ، أي: أيَّ معبود كان، «حرم ماله ودمه» ، على المسلمين «وحسابه» في صدقه وكذبه على الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[392] وعن أَبي معبد المقداد بن الأسْود - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرَأيْتَ إنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الكُفَّارِ، فَاقْتتَلْنَا، فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَها، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أسْلَمْتُ لِلهِ، أأقْتُلُهُ يَا رَسُول الله بَعْدَ أنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ: «لا تَقْتُلهُ» فَقُلْتُ: يَا رَسُول الله، قَطَعَ إحْدَى يَدَيَّ، ثُمَّ قَالَ ذلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا؟! فَقَالَ: «لا تَقتُلْهُ، فإنْ قَتَلْتَهُ فَإنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أنْ تَقْتُلَهُ، وَإنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي ... قَالَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «أنه بمنزلتك» أي: معصوم الدم محكوم بإسلامه. ومعنى ... «أنك بمنزلته» أي: مباح الدمِ بالقصاص لورثتهِ لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: دليل على أنّ كل من صدر عنه ما يدل على الدخول في الإسلام من قول أو فعل حكم بإسلامه، حتى يتبيَّن منه ما يخالفه، وقد حكم - صلى الله عليه وسلم - بإسلام بني خزيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد بقولهم: صبأنا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">صبأنا، ولم يحسنوا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/265) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أن يقولوا: أسلمنا. فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» . ثم واداهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تقتل فإن قتلته فإنه بمنزلتك» قبل أنْ تقتله وإنّك بمنزلته قبل أنْ يقول كلمته التي قال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زاد البخاري في هذا الحديث أنه عليه السلام قال للمقداد: «إذا كان المؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، كذلك كنت تخفي إيمانك بمكة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ومعنى أنك بمنزلته» ، أي: مباح القصاص لورثته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الظاهر أنه لا يلزمه قصاص، ولكن تلزمه دية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل المقداد ولا أسامة، وودي الذين قتلهم خالد بن الوليد. والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[393] وعن أُسَامة بن زيدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بعثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا القَوْمَ عَلَى مِيَاهِهِمْ، وَلَحقْتُ أنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُ، قَالَ: لا إلهَ إلا الله، فَكفَّ عَنْهُ الأَنْصَاري، وطَعَنْتُهُ برُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، بَلَغَ ذلِكَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِي: «يَا أُسَامَة، أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لا إلهَ إلا اللهُ؟!» قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ متعوِّذاً، فَقَالَ: «أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لا إلهَ إلا اللهُ؟!» فما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمنْيَّتُ أنِّي لَمْ أكُنْ أسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ اليَوْمِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقالَ: لا إلهَ إلا اللهُ وقَتَلْتَهُ» ؟! قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفاً مِن السِّلاحِ، قَالَ: «أَفَلا شَقَقْتَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/266) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أمْ لا؟!» فمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أنِّي أسْلَمْتُ يَوْمَئذٍ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(الحُرَقَةُ) بضم الحاءِ المهملة وفتح الراءِ: بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ: القَبِيلةُ المَعْرُوفَةُ. وقوله: «مُتَعَوِّذاً» : أيْ مُعْتَصِماً بِهَا مِنَ القَتْلِ لا معْتَقِداً لَهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على جريان الأحكام على الأسباب الظاهرة دون الباطنة الخفية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[394] وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثاً مِنَ المُسْلِمينَ إِلَى قَومٍ مِنَ المُشرِكينَ، وَأنَّهُمْ التَقَوْا، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ إِذَا شَاءَ أنْ يَقْصِدَ إِلَى رَجُل مِنَ المُسْلِمينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ، وَأنَّ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ. وَكُنَّا نتحَدَّثُ أنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيهِ السَّيفَ، قَالَ: لا إلهَ إلا اللهُ، فَقَتَلهُ، فَجَاءَ البَشيرُ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَألَهُ وَأخبَرَهُ، حَتَّى أخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ كَيْفَ صَنَعَ، فَدَعَاهُ فَسَألَهُ، فَقَالَ: «لِمَ قَتَلْتَهُ؟» فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ، أوْجَعَ في المُسلِمِينَ، وَقَتَلَ فُلاناً وفلاناً، وسمى لَهُ نَفراً، وَإنِّي حَمَلْتُ عَلَيهِ، فَلَمَّا رَأى السَّيفَ، قَالَ: لا إلهَ إلا اللهُ. قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَكَيفَ تَصْنَعُ بلا إلهَ إلا اللهُ، إِذَا جَاءتْ يَوْمَ القِيَامَةِ؟» قَالَ: يَا رَسُول الله، اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: «وكَيفَ تَصْنَعُ بِلا إلهَ إلا الله إِذَا جَاءتْ يَوْمَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القِيَامَةِ؟» فَجَعَلَ لا يَزِيدُ عَلَى أنْ يَقُولَ: «كَيفَ تَصْنَعُ بِلا إلهَ إلا الله إِذَا جَاءتْ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «فكيف تصنع بلا إله إلا الله» ، أي: من يشفع لك، ومن يحاج عنك ويجادل إذا جيء بكلمة التوحيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقيل: كيف قتلت من قالها وقد حصل له ذمة الإسلام وحرمته. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/267) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[395] وعن عبد الله بن عتبة بن مسعود قَالَ: سَمِعْتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقولُ: إنَّ نَاساً كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ في عَهْدِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَإنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وإِنَّمَا نَأخُذُكُمُ الآن بما ظَهَرَ لَنَا مِنْ أعمَالِكُمْ، فَمَنْ أظْهَرَ لَنَا خَيْراً أمَّنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْء، اللهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أظْهَرَ لَنَا سُوءاً لَمْ نَأمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإنْ قَالَ: إنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال المهلّب: هذا إخبار من عمر عما كان الناس عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعما صار بعده، ويؤخذ منه أن العدل من لم توجد منه ريبة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">50- باب الخوف</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة (40) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الرهبة: الخوف، أي: خافون خوفًا معه تحرز فيما تأتون وتذرون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج (12) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أن بطشه وانتقامه من أعدائه لشديد عظيم قوي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إلا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود (102: 106) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: {وَكَذَلِكَ} ، أي: ومثل ذلك الأخذ للأمم الماضين {أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران (28) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/268) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: يخوفكم عقابه. وفي ذلك غاية التحذير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن البصري: من رأفته بهم حذَّرهم بنفسه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ * مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس (34: 37) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: يشغله عن شأن غيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ} [الحج (1، 2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيرهقهم هوله بحيث تطير قلوبهم، ويذهب تمييزهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن (46) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من خاف مقام ربه بين يديه للحساب، فامتثل أوامره، وترك نواهيه، فله جنتان، أي: لكل إنسان جنتان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث المتفق عليه: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عزَّ وجلّ إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه في قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ، وفي قوله {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن (62) ] ، جنتان من ذهب للمقربين، وجنات من ورق لأصحاب اليمين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/269) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقالَ تَعَالَى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور (25: 28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يقول تعالى: وأقبل أهل الجنة يتحادثون وهم على طعامهم وشرابهم، ويتساءلون عن أحوالهم في الدنيا، قالوا {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} ، خائفين من العذاب {فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} ، أي: عذاب النار، {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} نخلص</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">له العبادة، {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} ، أي: اللطيف بعباده الصادق في وعده، {الرَّحِيمُ} بالمؤمنين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالآيات في الباب كثيرة جداً معلومات والغرض الإشارة إِلَى بعضها وقد حصل:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فكثيرة جداً فنذكر مِنْهَا طرفاً وبالله التوفيق:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[396] عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: حدثنا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصادق المصدوق: «إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أربَعِينَ يَوماً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. فَوَالَّذِي لا إلهَ غَيْرُهُ إنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وبيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ فَيدْخُلُهَا، وَإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذراعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إثبات القدر، وأن جميع ما في الكون من نفع أو ضر بقضاء وقدر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/270) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى عدم الاغترار بصور الأعمال، لأن الأعمال بالخواتيم، نسأل الله حسن الخاتمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[397] وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤتَى بِجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لَهَا سَبْعُونَ ألفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «يومئذٍ» ، أي: يوم يقوم الناس للحساب، ويشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر (21: 24) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[398] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ يوضعُ في أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ. مَا يَرَى أنَّ أَحَداً أشَدُّ مِنْهُ عَذَاباً، وَأنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَاباً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «أهل النار» ، أي: الكفار، لأنهم أهلها الخالدون فيها أبدًا، وأما العصاة فإن الله يعذب فيها من يشاء منهم، ثم يدخله الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[399] وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مِنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيهِ، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيهِ، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى حُجزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الحُجْزَةُ» : مَعْقِدُ الإزار تَحْتَ السُّرَّةِ، وَ «التَّرْقُوَةُ» بفتح التاءِ وضم القاف: هي العَظمُ الَّذِي عِنْدَ ثَغْرَةِ النَّحْرِ، وَللإنْسَانِ تَرْقُوتَانِ في جَانبَي النَّحْرِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/271) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «منهم» ، أي: من أهل النار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنّ عذاب بعضهم أشد من بعض، قال الله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الأحقاف (19) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[400] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَقُومُ النَّاس لِرَبِّ العَالَمينَ حَتَّى يَغِيبَ أحَدُهُمْ في رَشْحِهِ إِلَى أنْصَافِ أُذُنَيهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «الرَّشْحُ» : العَرَقُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: سبب هذا العرق تراكم الأحوال وتزاحم حرّ الشمس والنار، كما جاء أنّ جهنم تدير أهل المحشر فلا يكون لأهل الجنة طريق إلا الصراط فيكون الناس في ذلك العرق على قدر أعمالهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[401] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: خطبنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة مَا سَمِعْتُ مِثلها قطّ، فَقَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيتُمْ كَثِيراً» فَغَطَّى أصْحَابُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنَينٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: بَلَغَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ: ... «عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أرَ كَاليَومِ في الخَيرِ وَالشَّرِّ وَلَوْ تَعْلَمونَ مَا أعلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً» فَمَا أتَى عَلَى أصْحَابِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الخَنِينُ» بالخاءِ المعجمة: هُوَ البُكَاءُ مَعَ غُنَّة وانتِشَاقِ الصَّوْتِ مِنَ الأنْفِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحثُّ على البكاء، والتحذير من إكثار الضحك، واستحباب تغطية الوجه عند البكاء. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/272) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[402] وعن المقداد - رضي الله عنه - قَالَ: سمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ» . - قَالَ سُلَيْم بنُ عامِر الراوي عن المقداد: فَوَاللهِ مَا أدْرِي مَا يعني بالمِيلِ، أمَسَافَةَ الأرضِ أَمِ المِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ العَيْنُ؟ -: «فَيكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أعْمَالِهِمْ في العَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، ومنهم من يكون إِلَى ركبتيه، ومنهم مَنْ يَكُونُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجَاماً» . وَأَشَارَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدهِ إِلَى فِيهِ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الميل عند العرب: مقدار مدّ البصر من الأرض، وعند أهل الهيئة: ثلاثة آلاف ذراع، وعند المحدثين: أربعة آلاف ذراع. ولكن أهل الهيئة يقولون: الذراع اثنتان وثلاثون أصبعًا. والمحدثون يقولون: أربع وعشرون أصبعًا، واتفقوا على أن مقدار الميل ست وتسعون ألف أصبع فالمتحصل أربعة آلاف ذراع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[403] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَعْرَقُ النَّاسُ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ في الأرضِ سَبْعِينَ ذِراعاً، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «يَذْهَبُ في الأرضِ» : ينزل ويغوص.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: سبب العرق في المحشر شدة كرب يوم القيامة وأهوالها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[404] وعنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ سمع وجبة، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قُلْنَا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «هذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ في النَّارِ مُنْذُ سَبْعينَ خَريفاً، فَهُوَ يَهْوِي في النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِها فَسَمِعْتُمْ وَجْبَتَهَا» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/273) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الوجبة: السقطة مع الهدة، يقال: وجب الحائط ونحوه، أي سقط.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج (36) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: أن الإنسان إذا سئل عما لا علم له به أن يكل العلم فيه إلى الله سبحانه وتعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن قعر النار تحت الأرض السابعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[405] وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَرَى إلا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ليس بينه وبينه ترجمان» ، المراد أن الله يكلمه بلا واسطة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحث على الصدقة، والاستكثار من الأعمال الصالحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[406] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ، وأَسمعُ ما لا تَسمعُون، أطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوضِعُ أرْبَع أصَابعَ إلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً للهِ تَعَالَى. والله لَوْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بالنِّساءِ عَلَى الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأرُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «أطَّت» بفتح الهمزة وتشديد الطاءِ و «تئط» بفتح التاءِ وبعدها همزة مكسورة، وَالأطيط: صوتُ الرَّحْلِ وَالقَتَبِ وَشِبْهِهِمَا، ومعناه: أنَّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/274) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كَثرَةَ مَنْ في السَّماءِ مِنَ المَلائِكَةِ العَابِدِينَ قَدْ أثْقَلَتْهَا حَتَّى أطّتْ. وَ «الصُّعُدات» بضم الصاد والعين: الطُّرُقات: ومعنى: «تَجأَرُون» : تَستَغيثُونَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «لو تعلمون ما أعلم» ، أي: من عظمة جلال الله تعالى، وشدة انتقامه، «لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا» ، أي: خوفًا من سطوة الجبار سبحانه وتعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إيماء إلى أن المطلوب من العبد أنْ لا ينتهي به الخوف إلى اليأس والقنوط، بل يكون عنده بعض الرجاء فيعمل معه البر، ويكون عنده من الخوف ما ينزجر به عن الْمُخَالَفَة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[407] وعن أَبي برزة - براء ثُمَّ زاي - نَضْلَة بن عبيد الأسلمي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أفنَاهُ؟ وَعَنْ عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فيه؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفيمَ أنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسمِهِ فِيمَ أبلاهُ؟» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «لا تزول قدما عبد» ، أي: من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره فيما أفناه أفي طاعة أم معصية، وعن عمله فيم عمله لوجه الله تعالى خالصًا أو رياء وسمعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن ماله من أين اكتسبه، أَمِنْ حلال أو حرام؟ وفيما أنفقه أفي البر والمعروف أو الإسراف والتبذير؟ وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه؟ .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[408] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قرأ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/275) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة (4) ] ثُمَّ قَالَ: «أتَدْرونَ مَا أخْبَارهَا» ؟ قالوا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّ أخْبَارَهَا أنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلّ عَبْدٍ أَوْ أمَةٍ بما عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا تَقُولُ: عَملْتَ كَذَا وكَذَا في يَومِ كَذَا وكَذَا فَهذِهِ أخْبَارُهَا» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أن الأرض تنطق بما عمل عليها، ونظيره، قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت (19: 21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[409] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَيْفَ أنْعَمُ! وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإذْنَ مَتَى يُؤمَرُ بالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ» فَكَأنَّ ذلِكَ ثَقُلَ عَلَى أصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمْ: «</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قُولُوا: حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«القَرْنُ» : هُوَ الصُّورُ الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى: {وَنُفِخَ في الصُّورِ} كذا فسَّره رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «كيف أنعمُ» ، أي: كيف أطيب عيشًا، وقد قرب أمر الساعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: حث لأصحابه على الوصية لمن بعدهم بالتهيؤ لها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/276) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[410] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ خَافَ أدْلَجَ، وَمَنْ أدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ. ألا إنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، ألا إنَّ سِلْعَةَ الله الجَنَّةُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «أدْلَجَ» : بإسكان الدال ومعناه سار من أول الليلِ. والمراد التشمير في الطاعة، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «أدلج» ، أي: هرب في أول الليل، ومن أدلج بلغ المنزل الذي يأمن فيه البيات. قال العاقولي: هذا مثل طالب الآخرة، وكون الشيطان على طريقه، فإنْ تبتّل بالطاعة، وصبر أيامه القلائل أمن من الشيطان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[411] وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً» قُلْتُ: يَا رَسُول الله الرِّجَالُ وَالنِّساءُ جَمِيعاً يَنْظُرُ بَعضُهُمْ إِلَى بَعْض؟! قَالَ: «يَا عائِشَةُ، الأمرُ أشَدُّ مِنْ أنْ يُهِمَّهُمْ ذلِكَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «الأَمْرُ أهمُّ مِنْ أنْ يَنْظُرَ بَعضُهُمْ إِلَى بَعض» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«غُرلاً» بِضَمِّ الغَينِ المعجمة، أيْ: غَيرَ مَختُونينَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: عظم هول يوم القيامة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج (1، 2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">51- باب الرجاء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/277) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر (53) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الرجاء: تعليق القلب بمحبوب في المستقبل، والفرق بينه وبين التمنِّي، أنَّ التمنِّي يصاحبه الكسل، والرجاء يبعث على صالح العمل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ويطلقُ الرجاء على الخوف، ومنه قوله تعالى: {مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح (13) ] ، أي لا تخافون له عظمة حتى تتركوا عصيانه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: لا تُعَظِّمون الله حقَّ عظمته، أي: لا تخافون من بأسه ونقمته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: لا تعرفون له حقًّا، ولا تشكرون له نعمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر (53) ] ، ولا يبالي [إنه هو الغفور رحيم] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: نزلت هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروي عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد، ونفر من المسلمين، كانوا قد أسلموا، ثم فُتِنوا وعُذِّبوا فافتتنوا، فكنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صرفًا، ولا عدلاً أبدًا، قومٌ أسلموا ثم تركوا دينهم لعذاب عُذِّبوا فيه، فأنزل الله هذه الآيات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وما روي من خصوص نزولها في جماعة لا ينفي عمومها، لأنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/278) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن ابن عمر قال: كنا معاشر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقول: ليس شيء من حسناتنا إلا وهي مقبولة، حتى نزلت {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد (33) ] ، فكنا إذا رأينا من أصاب شيئًا من الكبائر، قلنا: قد هلك، فنزلت هذه الآية، فكففنا عن القول في ذلك، وكنا إذا رأينا أحدًا أصاب منها شيئًا خفنا عليه، وإن لم يصب منها شيئًا رجونا له؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وهل يجازى إلا الكفور} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي القراءة الأخرى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: عاقبناهم بكفرهم، وهل نجازي إلا الكفور؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال طاوس: لا يناقش إلا الكفور</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال مقاتل: وهل يكافؤ بعمله السِّيئ إلا الكفور لله في نعمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال بعض العلماء: جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعسُّر في اللذة، لا يصادف لذو حلالاً إلا جاءه ما ينغصه إياها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه (48) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي العذاب اللازم على من كذَّب بآيات الله، وأعرض عنها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف (156) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: وسعت في الدنيا البرَّ والفاجر، وهي يوم القيامة للمتقين خاصة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: لما نزلت: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} قال إبليس: أنا من ذلك الشيء. فقال الله سبحانه وتعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/279) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف (156) ] ، فتمناها اليهود والنصارى فجعلها الله لهذه الأمة، فقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} [الأعراف (157) ] الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[412] وعن عبادة بن الصامتِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ شَهِدَ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمداً عَبْدهُ ورَسُولُهُ، وَأنَّ عِيسى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ، وَأنَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «مَنْ شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ النَّارَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بشارة لأهل التوحيد بدخول الجنة، وعدم الخلود في النار، قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء (48) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[413] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله - عز وجل -: مَنْ جَاء بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثَالِهَا أَوْ أزْيَد، وَمَنْ جَاءَ بالسَيِّئَةِ فَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أغْفِرُ. وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً، وَمَنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيني بِقُرَابِ الأرْض خَطِيئةً لا يُشْرِكُ بِي شَيئاً، لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغفِرَةً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى الحديث: «مَنْ تَقَرَّبَ» إلَيَّ بطَاعَتِي «تَقَرَّبْتُ» إِلَيْهِ بِرَحْمَتِي وَإنْ زَادَ زِدْتُ «فَإنْ أتَاني يَمْشِي» وَأسرَعَ في طَاعَتي «أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» أيْ: صَبَبْتُ عَلَيهِ الرَّحْمَةَ وَسَبَقْتُهُ بِهَا وَلَمْ أحْوِجْهُ إِلَى المَشْيِ الكَثِيرِ في </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/280) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الوُصُولِ إِلَى المَقْصُودِ «وقُرَابُ الأَرضِ» بضم القافِ، ويقال: بكسرها والضم أصح وأشهر ومعناه: مَا يُقَارِبُ مِلأَهَا، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا من الأحاديث القدسية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الجزاء على قدر العمل السيِّئ، وأن العمل الصالح يضاعف لفاعله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: هذه الجمل أمثال ضربت لمن عمل من الطاعات، وقصد به التقرب إلى الله تعالى، تدل على أنه تعالى لا يضيع أجر محسن، وإن قلَّ عمله، بل يقبله ويثبته مضاعفًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[414] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: جاء أعرابي إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا رَسُول الله، مَا الموجِبَتَانِ؟ قَالَ: «مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بالله شَيئاً دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النَّار» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بشارة للموحدين بدخول الجنة، ابتداء مع الفائزين أو بعد تمحيصهم بالنار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[415] وعن أنس - رضي الله عنه - أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه عَلَى الرَّحْل، قَالَ: ... «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبِّيْكَ يَا رَسُول الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُول الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قَالَ: لَبِّيْكَ يَا رَسُول الله وسَعْدَيْكَ، ثَلاثاً، قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أن لا إلهَ إلا الله، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صِدْقاً مِنْ قَلْبِهِ إلا حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّار» قَالَ: يَا رَسُول الله، أفَلا أخْبِرُ بِهَا النَّاس فَيَسْتَبْشِروا؟ قَالَ: «إِذاً يَتَّكِلُوا» فأخبر بِهَا مُعاذٌ عِنْدَ موتِه تَأثُّماً. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/281) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «تأثُّماً» أي خوفاً مِنْ الإثم في كَتْم هَذَا العلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «صدقًا من قلبه» ، هذا: القيد لإخراج شهادة اللسان إذا لم يطابقها الجنان، كالمنافقين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (ألا أُخبر بها الناس فيستبشروا، قال: «إذًا يتكلوا» .) ، ... أي: يتركوا العمل، ويتكلوا على ذلك، فيأثموا بترك الواجب، ويفوتهم أعالي المنازل بترك المستحب، فأشار إلى معاذ بالترك، لأنه رأى المصلحة في ذلك أتم من الإعلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن العالم يراعي المصلحة في كتمان العلم ونشره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[416] وعن أَبي هريرة - - أَوْ أَبي سعيد الخدري رضي الله عنهما - شك الراوي - ولا يَضُرُّ الشَّكُّ في عَين الصَّحَابيّ؛ لأنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ - قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزوَةُ تَبُوكَ، أصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فقالوا: يَا رَسُول الله، لَوْ أذِنْتَ لَنَا فَنَحرْنَا نَواضِحَنَا فَأكَلْنَا وَادَّهَنَّا؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «افْعَلُوا» فَجاء عُمَرُ - رضي الله عنه - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِن ادعُهُمْ بفَضلِ أزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادعُ الله لَهُمْ عَلَيْهَا بِالبَرَكَةِ، لَعَلَّ الله أنْ يَجْعَلَ لهم في ذلِكَ البَرَكَةَ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَمْ» فَدَعَا بِنَطْع فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفضلِ أزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجيءُ بكَفّ ذُرَة وَيَجيءُ الآخر بِكَفّ تمر وَيجيءُ الآخرُ بِكِسرَة حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النّطعِ مِنْ ذلِكَ شَيء يَسيرٌ، فَدَعَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا في أوعِيَتِكُمْ» فَأَخَذُوا في أوْعِيَتهم حَتَّى مَا تَرَكُوا في العَسْكَرِ وِعَاء إلا مَلأوهُ وَأَكَلُوا حَتَّى شَبعُوا وَفَضَلَ فَضْلَةٌ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأنّي رَسُولُ الله، لا يَلْقَى الله بِهِما عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الجَنَّةِ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/282) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: حسن الأدب في خطاب الكبار، وأنه لا ينبغي للإمام أن يأذن للعسكر في تضييع دوابهم، إلا إذا رأى مصلحة أو خاف مفسدة ظاهرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تقديم الأهم فالأهم، وارتكاب أخف الضررين دفعًا لأشدهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن المؤمن لا بدَّ له من دخول الجنة إمَّا ابتداء مع الناجين أو بعد إخراجه من النار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[417] وعن عِتْبَانَ بن مالك - رضي الله عنه - وَهُوَ مِمَّن شَهِدَ بَدراً، قَالَ: كنت أُصَلِّي لِقَوْمِي بَني سَالِم، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءتِ الأَمْطَار، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مسْجِدِهم، فَجِئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت لَهُ: إنّي أنْكَرْتُ بَصَرِي وَإنَّ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وبَيْنَ قَومِي يَسيلُ إِذَا جَاءتِ الأمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ فَوَدِدْتُ أنَّكَ تَأتِي فَتُصَلِّي في بَيْتِي مَكَاناً أتَّخِذُهُ مُصَلّى، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَأفْعَلُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَغَدَا عليّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بكر - رضي الله عنه - بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، وَاسْتَأذَنَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: «أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» فَأشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحبُّ أنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَصَلَّى رَكعَتَينِ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أهلُ الدَّارِ أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بَيْتِي فَثَابَ رِجالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ في البَيْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ لا أرَاهُ! فَقَالَ رَجُلٌ: ذلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ الله ورسولَهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَقُلْ ذلِكَ، ألا تَرَاهُ قَالَ: لا إلهَ إلا الله يَبْتَغي بذَلِكَ وَجهَ الله تَعَالَى» فَقَالَ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ أمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ مَا نَرَى وُدَّهُ وَلا حَدِيثَهُ إلا إِلَى المُنَافِقينَ! فَقَالَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/283) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلا الله يَبْتَغِي بذَلِكَ وَجْهَ الله» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «عِتْبَان» : بكسر العين المهملة وإسكان التاءِ المثناةِ فَوق وبعدها باءٌ موحدة. وَ «الخَزِيرَةُ» بالخاءِ المعجمةِ والزاي: هِيَ دَقيقٌ يُطْبَخُ بِشَحم. وقوله: «ثَابَ رِجَالٌ» بِالثاءِ المثلثةِ: أيْ جَاؤُوا وَاجْتَمَعُوا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ في (فتح الباري) : وفي هذا الحديث من الفوائد: إمامة الأعمى، وإخبار المرء عن نفسه بما فيه من عاهته، ولا يكون من الشكوى، والتخلف عن الجماعة في المطر والظلمة، ونحو ذلك، واتخاذ موضع معين للصلاة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما النهي عن إيطان موضع من المسجد، ففيه حديث رواه أبو داود، وهو محمول على ما إذا استلزم رياء، ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إجابة الفاضل دعوة المفضول، واستصحاب الزائر بعض أصحابه إذا علم أنّ المستدعي لا يكره ذلك، وأن اتخاذ مكان في البيت للصلاة لا يستلزم وقفيته، ولو أطلق عليه اسم المسجد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن لا يكفي في الإيمان النطق من غير اعتقاد، وأنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد، وترجم عليه البخاري: «صلاة النوافل جماعة» ، انتهى ملخصًا من شرح باب المساجد في البيوت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[418] وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قدِم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأةٌ مِنَ السَّبْيِ تَسْعَى، إِذْ وَجَدَتْ صَبياً في السَّبْيِ أخَذَتْهُ فَألْزَقَتهُ بِبَطْنِهَا فَأَرضَعَتْهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتَرَوْنَ هذِهِ المَرْأةَ طَارِحَةً وَلَدَها في النَّارِ؟» قُلْنَا: لا وَاللهِ. فَقَالَ: «للهُ أرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هذِهِ بِوَلَدِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/284) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث ذكره البخاري في باب رحمة الولد، وتقبيله، ومعانقته، بلفظ: قدم على النبي س سبي، فإذا امرأة من السبي تحلب سديها، تسقي إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «الله أرحم بعباده من هذه بولدها» . قال ابن أبي جمرة: لفظ العباد عام، ومعناه خاص بالمؤمنين، وهو كقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف (15) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أنه ينبغي للمرء أن يجعل تعلقه في جميع أموره بالله وحده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[419] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَمَّا خَلَقَ الله الخَلْقَ كَتَبَ في كِتَابٍ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ ... غَضَبي» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «غَلَبَتْ غَضَبي» وفي رواية: «سَبَقَتْ غَضَبي» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الطيبي: في سبق الرحمة إشارة أنّ قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم بغير استحقاق، وأن الغضب لا ينالهم إلا بالاستحقاق. فالرحمة تشمل الشخص جنينًا ورضيعًا وفطيمًا، وناشئًا، قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة، ولا يلحقه الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[420] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فَأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَأنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءاً وَاحِداً، فَمِنْ ذلِكَ الجُزءِ يَتَرَاحَمُ الخَلائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابّةُ حَافِرهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/285) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إنّ للهِ مئَةَ رَحمَةٍ، أنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجنِّ وَالإنس وَالبهائِمِ وَالهَوامّ، فبها يَتَعاطَفُونَ، وبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأخَّرَ اللهُ تِسْعاً وَتِسْعينَ رَحْمَةً يرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَة» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورواه مسلم أيضاً مِنْ رواية سَلْمَانَ الفارِسيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ للهِ تَعَالَى مِئَة رَحْمَةٍ فَمِنْهَا رَحْمَةٌ يَتَرَاحمُ بِهَا الخَلْقُ بَيْنَهُمْ، وَتِسْعٌ وَتِسعُونَ لِيَومِ القِيَامَةِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إنَّ الله خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ مَئَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّماءِ إِلَى الأرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا في الأرضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطفُ الوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْض، فَإذا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أكملَهَا بِهذِهِ الرَّحمَةِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الرحمة رحمتان: رحمة من صفات الذات، ورحمة من صفات الفعل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: مقتضي هذا الحديث، أن الله علم أن أنواع النعم التي ينعم بها على خلقه مئة نوع، فأنعم عليهم في هذه الدنيا بنوع واحد انتظمت به مصالحهم، وحصلت به مرافقتهم، فإذا كان يوم القيامة كمل لعباده المؤمنين ما بقي، فبلغت مئة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن أبي جمرة: في الحديث إدخال السرور على المؤمنين، لأن العادة أنّ النفس يكمل فرحها بما وهب لها، إذا كان معلومًا مما يكون موعودًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على الإيمان، واتساع الرجاء في رَحَمَات الله تعالى المدخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[421] وعنه عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكِي عن ربهِ تبارك وتعالى، قَالَ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/286) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«أذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ الله تَبَاركَ وَتَعَالَى: أذنَبَ عبدي ذَنباً، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأذْنَبَ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أذنَبَ عبدِي ذَنباً، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً، يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأذْنَبَ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أذنَبَ عبدِي ذَنباً،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً، يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تَعَالَى: «فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ» أيْ: مَا دَامَ يَفْعَلُ هكذا، يُذْنِبُ وَيَتُوبُ أغفِرُ لَهُ، فَإنَّ التَّوْبَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: أخرجه البخاري في باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} [الفتح (15) ] ، من كتاب التوحيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: يدل هذا الحديث على عظيم فائدة الاستغفار، وعلى عظيم فضل الله، وسعة رحمته وحلمه، وكرمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[422] وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ الله بِكُمْ، وَلجَاءَ بِقَومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ الله تَعَالَى، فَيَغْفِرُ لَهُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[423] وعن أَبي أيوب خالد بن زيد - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «لَوْلا أنَّكُمْ تُذْنِبُونَ، لَخَلَقَ الله خَلْقاً يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرونَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/287) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن مالك: ليس هذا تحريضًا للناس على الذنوب، بل كان صدوره لتسلية الصحابة، وإزالة شدة الخوف عن صدورهم، لأن الخوف كان غالبًا عليهم حتى فرّ بعضهم إلى رؤوس الجبال للعبادة، وبعضهم اعتزل النساء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تنبيه على رجاء مغفرة الله تعالى، وتحقق أنّ ما سبق في علمه تعالى كائن، لأنه سبق في علمه أنه يغفر للعاصي، فلو قدر عدم عاصٍ لخلق الله من يعصيه فيغفر له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[424] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا قُعُوداً مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمْرُ رضي الله عنهما، في نَفَرٍ فَقَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ أظْهُرِنَا، فَأبْطَأَ عَلَيْنَا فَخَشِينَا أنْ يُقتطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا فَقُمْنَا فَكُنْتُ أوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَخَرَجْتُ أبْتَغِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى أتَيْتُ حَائِطاً للأنْصَارِ ... وَذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى قوله: فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذهَبْ فَمَن لَقِيتَ وَرَاءَ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أنْ لا إله إلا الله، مُسْتَيقِناً بِهَا قَلبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: البشارة بدخول الجنة للموحدين، إما ابتداء مع الفائزين، أو بعد دخول النار لمن يغفر له من العاصين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[425] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تَلا قَولَ الله - عز وجل - في إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم (36) ] الآية، وقَالَ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم -: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة (118) ] فَرَفَعَ يَدَيهِ وَقالَ: «اللَّهُمَّ أُمّتي </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/288) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أُمّتي» وبَكَى، فَقَالَ الله - عز وجل -: «يَا جِبْريلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيهِ؟» فَأتَاهُ جبريلُ فسأله، فَأخْبَرَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، بِمَا قَالَ - وَهُوَ أعْلَمُ - فَقَالَ اللهُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَعَالَى: «يَا جِبريلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمّتِكَ وَلا نَسُوءكَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [إبراهيم (36) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البيضاوي: فيه دليل على أنّ كل ذنب، فللَّه أن يغفره حتى الشرك، إلا أن الوعيد فرق بينه وبين غيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته، واعتنائه بمصالحهم، واهتمامه بأمرهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: البشارة العظيمة لهذه الأمة، وهو من أرجى الأحاديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[426] وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الله عَلَى عِبَادِهِ؟ وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى الله؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أنْ يَعْبُدُوهُ، وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيئاً» فقلتُ: يَا رَسُول الله، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البخاري في كتاب الرقاق، باب: من جاهد نفسه في طاعة الله عزَّ وجل، وذكر الحديث بنحوه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/289) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: جهاد المرء نفسه، هو الجهاد الأكمل، وهو أربع مراتب: حملها على تعلم أمور الدين، ثم حملها على العمل بذلك، ثم حملها على تعليم من لا يعلم، ثم الدعاء إلى توحيد الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: حق العباد على الله ما وعدهم به من الثواب والجزاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن رجب: قال العلماء: يؤخذ من مَنْع معاذٍ من تبشير الناس لئلا ييتكلوا. أن أحاديث الرخص لا تشاع في عموم الناس، لئلا يقصر فهمهم عن المراد بها، وقد سمعها معاذ فلم يزدد إلا اجتهادًا في العمل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقيل لوهب بن منبه: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى، وليس من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[427] وعن البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ في القَبْرِ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا الله وَأنّ مُحَمّداً رَسُول الله، فذلك قوله تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة} » [إبراهيم (27) ] . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس رضي الله عنهما: من دام على الشهادة في الدنيا يلقِّنه الله تعالى إياها في قبره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[428] وعن أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنّ الكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً، أُطعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَأَمَّا المُؤْمِنُ فَإنَّ الله يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقاً في الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/290) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «إنَّ الله لا يَظْلِمُ مُؤْمِناً حَسنَةً يُعْطَى بِهَا في الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا في الآخِرَةِ. وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ للهِ تعالى في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أفْضَى إِلَى الآخرَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى (20) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل (97) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[429] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْم خَمْسَ مَرَّات» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الغَمْرُ» : الكَثِيرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">شبه - صلى الله عليه وسلم - الدَّنَسَ المعنوي بالدنس الحسي، فكما أن الاغتسال كل يوم خمس مرات يذهب الوسخ، فكذلك الصلوات الخمس تذهب الذنوب. ويشهد لذلك قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود (114، 115) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[430] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيقُومُ عَلَى جَنَازَتهِ أرْبَعونَ رَجُلاً لا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيئاً، إلا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على تكثير عدد المصلين على الجنازة، رجاء أن يغفر الله للميت، بدعائهم وشفاعتهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/291) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[431] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في قُبَّة نَحْوَاً مِنْ أربَعِينَ رجلاً، فَقَالَ: «أتَرْضَونَ أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهلِ الجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بيَدِهِ، إنِّي لأَرْجُو أنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ وذلك أنَّ الجنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، ومَا أنْتُم في أهْلِ الشِّركِ إلا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّودَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأحْمَر» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأرجو» قال العلماء: كل رجاء جاء عن الله أو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو كائن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: وهذه الطماعية قد حققت له بقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى (5) ] ، وبقوله: إنا سنرضيك في ... أمتك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[432] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ دَفَعَ اللهُ إِلَى كُلِّ مُسْلِم يَهُودياً أَوْ نَصْرانِياً، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عَنْهُ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ المُسْلِمينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَال الجِبَالِ يَغْفِرُهَا الله لَهُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «دَفَعَ الله إِلَى كُلِّ مُسْلِم يَهُوديّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِن النَّارِ» مَعنَاهُ مَا جَاءَ في حديث أَبي هريرة - رضي الله عنه -: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/292) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«لِكُلِّ أَحَدٍ مَنْزلٌ في الجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ في النَّارِ، فَالمُؤْمِنُ إِذَا دَخَلَ الجَنَّةَ خَلَفَهُ الكَافِرُ في النَّارِ؛ لأنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ بِكفْرِهِ» ومعنى «فِكَاكُكَ» : أنَّكَ كُنْتَ معْرَّضاً لِدُخُولِ النَّارِ، وَهَذَا فِكَاكُكَ؛ لأنَّ الله تَعَالَى، قَدَّرَ للنَّارِ عَدَداً يَمْلَؤُهَا، فَإذَا دَخَلَهَا الكُفَّارُ بِذُنُوبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، صَارُوا في مَعنَى الفِكَاك للمُسْلِمِينَ، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى الحديث: أن الله تعالى يغفر ذنوب المسلمين، بفضله، ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم، فيدخلهم النار بعملهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عمر بن عبد العزيز: هذا الحديث أرجى حديث للمسلمين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[433] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُدْنَى المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَة مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرُهُ بذُنُوبِهِ، فيقولُ: أتعرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعرفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أعْرِفُ، قَالَ: فَإنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيا، وَأنَا أغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعْطَى صَحيفَةَ حَسَنَاتِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«كَنَفَهُ» : سَتْرُهُ وَرَحْمَتُهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث من أرجى الأحاديث لمن لم يجاهر بذنوبه، قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء (48) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[434] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِن امْرَأة قُبْلَةً، فَأتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ، فَأنْزَلَ الله تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/293) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} [هود (114) ] فَقَالَ الرجل: أَليَ هَذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «لجميعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: أنزل الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ} - كذا هو بحذف الواو، والتلاوة بإثباتها - وفي رواية: فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ} ... الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: معناه الصلوات الخمس مكفرة الذنوب إذا اجتنبت الكبائر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[435] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: جاء رجل إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَصَبْتُ حَدّاً، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ، قَالَ: يَا رَسُول الله، إنِّي أصَبْتُ حَدّاً فَأقِمْ فيَّ كِتَابَ الله. قَالَ: «هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلاةَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «أصَبْتُ حَدّاً» مَعنَاهُ: مَعْصِيَةً تُوجِبُ التَّعْزيرَ، وَلَيْسَ المُرَادُ الحدّ الشَّرعيَّ الحَقِيقيَّ كَحَدِّ الزِّنَا وَالخمر وَغَيرِهِمَا، فإنَّ هذِهِ الحُدودَ لا تَسْقُطُ بالصَّلاةِ، وَلا يَجُوزُ للإمَامِ تَرْكُهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه. وذكر الحديث بنحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وقد اختلف نظر العلماء في هذا الحكم، فظاهر ترجمة البخاري حمله على من أقر بحد ولم يفسره، فإنه لا يجب على الإمام أن يقيمه عليه إذا تاب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الخطابي: في هذا الحديث أنه لا يكشف عن الحدود بل يدفع، مهما أمكن، وقد استحب العلماء تلقينَ من أقرّ بموجب الحد بالرجوع عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وجزم النووي وجماعة: أن الذنب الذي فعله كان من الصغائر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/294) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال صاحب (الهدي) : أصح المسالك فيه أن الحد يسقط بالتوبة. انتهى ملخصًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[436] وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ أنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الأَكْلَة» : بفتح الهمزة وهي المرةُ الواحدةُ مِنَ الأكلِ كَالغَدوَةِ وَالعَشْوَةِ، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: غاية الكرم من المولى سبحانه وتعالى، أن يتفضل على عبده بالرزق، فإذا حمده رضي عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[437] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ ليَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الله تعالى يقبل التوبة من عباده ليلاً ونهارًا ما لم يغرغره الموت، أو تطلع الشمس من مغربها. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام (158) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[438] وعن أَبي نجيح عمرو بن عَبَسَة - بفتح العين والباءِ - السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ وأنَا في الجاهِلِيَّةِ أظُنُّ أنَّ النَّاسَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/295) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَلَى ضَلاَلَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أخْبَاراً، فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَقَدِمْتُ عَلَيهِ، فإِذَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَخْفِياً، جرَآءُ عَلَيهِ قَومُهُ، فَتَلَطَّفَتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيهِ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أنْتَ؟ قَالَ: «أنا نَبيٌّ» قُلْتُ: وما نبيٌّ؟ قَالَ: «أرْسَلَنِي الله» قُلْتُ: وبأيِّ شَيْء أرْسَلَكَ؟ قَالَ: «أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَأنْ يُوَحَّدَ اللهُ لا يُشْرَكُ بِهِ شَيْء» قُلْتُ له: فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ» ومعه يَوْمَئذٍ أَبُو بكرٍ وبلالٌ رضي الله عنهما، قُلْتُ: إنّي مُتَّبِعُكَ، قَالَ: «إنَّكَ لَنْ تَسْتَطيعَ ذلِكَ يَومَكَ هَذَا، ألا تَرَى حَالي وحالَ النَّاسِ؟ وَلَكِنِ ارْجعْ إِلَى أهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بي قَدْ ظَهرْتُ فَأتِنِي» قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَى أهْلِي وقَدِمَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وكنت في أهلي فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة حَتَّى قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ أهْلِي المَدِينَةَ، فقلتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ المَدِينَةَ؟ فقالوا: النَّاس إلَيهِ سِرَاعٌ، وَقَدْ أرادَ قَومُهُ قَتْلَهُ، فلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ، فقَدِمْتُ المدينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فقلتُ: يَا رَسُول الله أَتَعْرِفُني؟ قَالَ: «نَعَمْ، أنْتَ الَّذِي لَقَيْتَنِي بمكّةَ» قَالَ: فقلتُ: يَا رَسُول الله، أخْبِرنِي عَمَّا عَلَّمَكَ الله وأَجْهَلُهُ، أخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «صَلِّ صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، فَإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيطَان، وَحينَئذٍ يَسجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإنَّ الصَلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإنَّهُ حينئذ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فإذَا أقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فَإنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّي العصرَ، ثُمَّ اقْصرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فإنَّهَا تَغْرُبُ بينَ قَرْنَيْ شَيطانٍ، وَحِينَئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفّارُ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/296) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: فقلتُ: يَا نَبيَّ الله، فالوضوءُ حدثني عَنْهُ؟ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءهُ، فَيَتَمَضْمَضُ وَيسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ، إلا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه مِنْ أطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يديهِ إِلَى المِرفقَيْن، إلا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أنَامِلِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأسَهُ، إلا خرّتْ خطايا رأسِهِ من أطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يغسل قدميه إِلَى الكعْبَيْنِ، إلا خَرَّتْ خَطَايَا رِجلَيْهِ مِنْ أنَاملِهِ مَعَ الماءِ، فَإنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ الله تَعَالَى، وأثنى عَلَيهِ ومَجَّدَهُ بالَّذي هُوَ لَهُ أهْلٌ، وَفَرَّغَ قلبه للهِ تَعَالَى، إلا انْصَرفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كهيئته يَومَ وَلَدتهُ أُمُّهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فحدث عَمرُو بن عَبسَة بهذا الحديث أَبَا أُمَامَة صاحِب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَة: يَا عَمْرُو بنُ عَبسَة، انْظُر مَا تقولُ ! في مقامٍ واحدٍ يُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَبَا أُمَامَة، لقد كَبرَتْ سِنّي، وَرَقَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَظمِي، وَاقْتَرَبَ أجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ أنْ أكْذِبَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، لَوْ لَمْ أسمعه مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثاً - حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّات - مَا حَدَّثْتُ بِهِ أبداً، وَلكنِّي سمعتُهُ أكثَر من ذلِكَ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «جُرَآءُ عَلَيهِ قَومُه» هُوَ بجيم مضمومة وبالمد عَلَى وزنِ عُلماءَ، أيْ: جَاسِرونَ مُستَطِيلُونَ غيرُ هائِبينَ، هذِهِ الرواية المشهورةُ، ورواه الحُمَيْدِيُّ وغيرُهُ «حِرَاءٌ» بكسر الحاء المهملة، وَقالَ: معناه غِضَابٌ ذَوُو غَمّ وهَمّ، قَدْ عِيلَ صَبرُهُمْ بِهِ، حَتَّى أثَّرَ في أجسامهم، من </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/297) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولِهِم: حَرَى جسمهُ يَحْرَى، إِذَا نَقَصَ مِنْ ألمٍ أَوْ غَمٍّ ونحوهِ، والصَّحيحُ أنَّهُ بالجيمِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنَ قَرنَيْ شيطان» أيْ ناحيتي رأسِهِ والمرادُ التَّمْثيلُ، وَمعْنَاهُ: أنه حينئذٍ يَتَحرَّكُ الشَّيطَانُ وَشيعَتُهُ، وَيتَسَلَّطُونَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «يُقَرِّبُ وَضوءهُ» معناه يُحضِرُ الماءَ الَّذِي يَتَوضّأ بِهِ، وقوله: «إلا خَرَّت خطايا» هُوَ بالخاءِ المعجمة: أيْ سقطت، ورواه بعضُهم ... «جَرَت» بالجيم، والصحيح بالخاءِ وَهُوَ رواية الجمهور. وقوله: «فينْتَثرُ» أيْ يَستخرجُ مَا في أنفهِ مِنْ أذىً والنَّثْرَةُ: طَرَفُ الأنْفِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على صلة الأرحام لأن الله تعالى قرنها بالتوحيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: مشروعية الصلاة في كل وقت، إلا أوقات النهي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل إسباغ الوضوء، وأنّ من صلَّى صلاة لا يحدث فيها نفسه غفرت له ذنوبه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[439] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أرادَ الله تَعَالَى رَحمةَ أُمَّةٍ، قَبَضَ نَبيَّهَا قَبْلَها، فَجعلهُ لَهَا فَرطاً وسلَفاً بَيْنَ يَديْهَا، وإذَا أرادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأهلكَها وَهُوَ يَنظُرُ، فَأقرّ عَينَهُ بهلاكِها حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوا أمْرَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قد وعد الله الصابرين على المصائب بالأجور. قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ... [البقرة (155 - 157) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته فِيَّ» . وبالله التوفيق. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/298) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">52- باب فضل الرجاء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى إخباراً عن العبدِ الصالِحِ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلى اللهِ إنَّ اللهَ بَصِيرٌ بالعِبَادِ فَوَقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر (44، 45) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يُخبر تعالى عن مؤمن آل فرعون حين دعاهم إلى التوحيد، وتصديق موسى، ونهاهم عن الشرك، فتوعَّدوه أنَّه قال: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر (44) ] . أي: وأتوكل عليه، وأستعين، فيعصمني عن كل سوء، {إن اله بصير بالعباد} ، فيهدي من يستحق الهداية ويضل من يستحق الإضلال، وله الحجة البالغة، والحكمة التامة، {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} ، ما أرادوا به من الشر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: نجا مع موسى وكان قبطيًّا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[440] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ الله - عز وجل -: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا معه حَيْثُ يَذْكُرنِي، وَاللهِ، للهُ أفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بالفَلاَةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْراً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِذَا أقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ» متفقٌ عليه، وهذا لفظ إحدى روايات مسلم. وتقدم شرحه في الباب قبله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوِيَ في الصحيحين: «وأنا معه حين يذكرني» بالنون، وفي هذه الرواية «حيث» بالثاء وكلاهما صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله عزَّ وجل: «أنا عند ظن عبدي بي» ، أي في الرجاء، وأمل العفو، «وأنا معه» ، أي: بالرحمة، والتوفيق، والإِعانة، والنصر، ... «حيث ذكرني في نفسه أو في الملأ» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/299) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: لطف الله بعباده، وفرحه بتوبتهم، وأن من تقرب إليه بطاعته، تقرب إليه بإحسانه، وفضله، وجزائه المضاعف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[441] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ مَوْتِه بثَلاثَةِ أيّام، يقولُ: «لا يَمُوتَنّ أحَدُكُمْ إلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله - عز وجل -» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على حسن الظن بالله تعالى، والتحذير من القنوط خصوصًا عند الخاتمة، قال الله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنتُم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مُّسْلِمُونَ} [آل عمران (102) ] ، وقال الشافعي - رحمه الله تعالى - في مرض موته:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي ... ?? ... جعلت الرجَاء مني لعفوك سُلَّما ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... ? ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[442] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قَالَ الله تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ ما دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغت ذُنُوبُك عَنَانَ السماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايا، ثُمَّ لَقَيْتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً، لأَتَيْتُكَ بقُرَابِها مَغْفِرَةً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«عَنَانُ السَّماءِ» بفتح العين، قيل: هو مَا عَنَّ لَكَ مِنْهَا، أيْ: ظَهَرَ إِذَا رَفَعْتَ رَأسَكَ، وقيل: هو السَّحَابُ. وَ «قُرابُ الأَرض» بضم القاف، وقيل: بكسرها، والضم أصح وأشهر، وَهُوَ: مَا يقارب مِلأَهَا، والله أعلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/300) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بشارة عظيمة، وحلم، وكرم عظيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وأسواقكم، ومجالسكم، وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال قتادة: إن هذا القرآن يدّلكم على دائكم ودوائكم، فأمَّا داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعضهم:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أستغفر الله مما يعلمُ اللهُ ... ?? ... إِنَّ الشقيَّ لَمن لا يرحمُ اللهُ ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَا أحلمَ الله عمن لا يراقبه ... ?? ... كلٌّ مسيء ولكن يحلم اللهُ ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فاستغفر الله مما كان من زلل ... ?? ... طوبى لِمَنْ كف عما يكره اللهُ ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">طوبى لِمَن حسنت منه سريرته ... ?? ... طوبى لِمَنْ ينتهي عما نهى الله ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">53- باب الجمع بين الخوف والرجاء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اعْلَمْ أنَّ المُخْتَارَ لِلْعَبْدِ في حَالِ صِحَّتِهِ أنْ يَكُونَ خَائفاً رَاجِياً، وَيَكُونَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ سَواءً، وفي حَالِ المَرَضِ يَتَمَحَّضُ الرَّجاءُ، وقواعِدُ الشَّرْع مِنْ الكِتَابِ والسُّنَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ مُتظاهِرَةٌ عَلَى ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَلا يَأمَنُ مَكْرَ الله إلا القَوْمُ الخَاسِرونَ} [الأعراف (99) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إلا القَوْمُ الكافِرُونَ} [يوسف (87) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخوف يزجر العبد عن المعاصي، والرجاء يبعثه على الطاعات فلا يأمن العقوبة، ولا يقنط من الرحمة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/301) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وَجُوهٌ} [آل عمران (106) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: تبيض وجوه المؤمنين يوم القيامة، وتسوّد وجوه الكافرين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: تبيضُّ وجوه أهل السنَّة والجماعة، وتسودُّ وجوه أهل البدعة والفرقة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنعام (165) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا ترهيب وترغيب، وكل ما هو آت قريب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار (13، 14) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأبرار: الذين برُّوا وصدقوا في إيمانهم بأداء فرائض الله، واجتناب معاصيه، والفجار بضدِّ ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَأمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة (6، 9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من رجحت حسناته على سيِّئاته فهو من أهل الجنة، ومن رجحت سيِّئاته على حسناته فهو من أهل النار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ معلومة. فَيَجْتَمعُ الخَوفُ والرجاءُ في آيَتَيْنِ مُقْتَرِنَتَيْنِ أَو آيات أَو آية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر (23) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/302) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[443] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤمِنُ مَا عِنْدَ الله مِنَ العُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ مَا عِنْدَ الله مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أحَدٌ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث: قوله تعالى: {اعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ، وقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف (156) ] الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[444] وعن أَبي سعيد الخدرِيِّ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا وُضِعَتِ الجنازةُ واحْتَمَلَهَا النَّاسُ أَوِ الرِّجَالُ عَلَى أعناقِهِمْ، فَإنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قالتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قالتْ: يَا وَيْلَهَا! أَيْنَ يَذْهَبُونَ بها؟ يَسْمَعُ صَوْتَها كُلُّ شَيْءٍ إلا الإنْسانُ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولها: «قدموني قدموني» ، هو اشتياق إلى ما أعده الله للمؤمن من نعيم القبر وما بعده، وقول الآخر: (يَا ويلها، أين يذهبون بها» ، هو جزع وتحسر من الفاجر، ورهبة مما أُعد له من عذاب القبر وما بعده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[445] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجَنَّةُ أقْرَبُ إِلى أحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذلك» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الطاعة موصلة إلى الجنة، وأن المعصية مقربة إلى النار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «إن الرجل يتكلم بالكلمة ما يظن أنْ يبلغ ما بلغت، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/303) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وأن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله يهوي بها في النار» . فينبغي للمؤمن أن لا يزهد في القليل من الخير بالفعل والقول، وأن يجتنب الشر قليله وكثيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">54- باب فضل البكاء من خشية الله تَعَالَى وشوقاً إِليه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء (109) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: يزيدهم سماع القرآن إيمانًا وخضوعًا لله عزَّ وجلّ، كما قال تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم (58) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: «حُرَّمت النار على ثلاثة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين سهرت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ} [النجم (59، 60) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يخبر تعالى عن المشركين أنهم ينكرون القرآن، ويستهزؤون به، ولا يبكون، بخلاف المؤمنين، فإنهم إذا سمعوا القرآن زادهم إيمانًا واقشعرت جلودهم، ولانت قلوبهم، وبكوا لما فيه من الوعد والوعيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[446] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَأْ عليَّ القُرْآنَ» قلت: يَا رسول اللهِ، أقرأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيرِي» . فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سورةَ النِّسَاءِ، حَتَّى جِئْتُ إِلى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَجِئْنَا بِكَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/304) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَلَى هؤُلاءِ شَهيداً} [النساء (41) ] قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» . فَالَتَفَتُّ إِلَيْهِ فإذا عَيْنَاهُ تَذْرِفَان. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب البكاء عند القرآن، وأورد الحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال النووي: البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين، وشعار الصالحين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: بكى - صلى الله عليه وسلم - رحمة لأمته، لأنه علم أنه لا بد أن يشهد عليهم بعملهم، وعملهم قد لا يكون مستقيمًا فقد يفضي إلى تعذيبهم، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: استحباب عرض القرآن على الغير، وجواز الأمر بقطع القرآن للمصلحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[447] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، فقال: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَليلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً» قَالَ: فَغَطَّى أصْحَابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وُجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنِينٌ. متفقٌ عَلَيْهِ. وَسَبقَ بَيَانُهُ في بَابِ الخَوْفِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بيان أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر (28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[448] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل البكاء من خشية الله تعالى، لأن الخشية تحمله على </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/305) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، فلا يدخلها بوعده الصادق إلا تحلة القسم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[449] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابّا في الله اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إنِّي أَخَافُ الله، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُه مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِياً ففاضت عَيْنَاهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[450] وعن عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - قَالَ: أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّي ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حديث صحيح رواه أَبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على كمال خوفه - صلى الله عليه وسلم -، وخشيته لربه، وذلك ناشئ عن عظيم الرهبة والإِجلال لله سبحانه وتعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[451] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأُبَي بن كعب - رضي الله عنه - «إنَّ الله - عز وجل - أَمَرَنِي أنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَروا ... } قَالَ: وَسَمَّانِي لك؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَبَكَى أُبَيٌّ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/306) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بكاء أُبَيّ رضي الله عنه فرحًا، وخشوعًا، وخوفًا من التقصير، واستحقارًا لنفسه، قيل: الحكمة في تخصيصها بالذكر لأن فيها {يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} ، وفي تخصيص أُبَيّ التنويه به في أنه أقرأ الصحابة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن كثير: قرأها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة إبلاغ، وتثبيت، وإنذار، لا قراءة تعلم واستذكار، كما قرأ على عمر بن الخطاب سورة الفتح يوم الحديبية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[452] وعنه قَالَ: قَالَ أَبو بكر لِعُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما، بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انْطَلِقْ بِنَا إِلى أُمِّ أيْمَنَ رضي الله عنها نَزورُهَا، كَمَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزُورُها، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فقالا لها: مَا يُبْكِيكِ؟ أمَا تَعْلَمِينَ أنَّ مَا عِنْدَ الله تَعَالَى خَيرٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -! قالت: إني لا أبكي أني لا أَعْلَمُ أنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلكِنِّي أبكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَد انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ؛ فَهَيَّجَتْهُما عَلَى البُكَاءِ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ مَعَهَا. رواه مسلم، وقد سبق في بابِ زِيارَةِ أهلِ الخَيْرِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أم أيمن مولاة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي أم أسامة بن زيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: جواز البكاء حزنًا على فراق الصالحين، وفقد العلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[453] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ، قِيلَ له في الصَّلاَةِ، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» . فقالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ غَلَبَهُ البُكَاءُ، فقال: «مُرُوهُ فَليُصَلِّ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قلت: إنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ. متفقٌ عَلَيْهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/307) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: دليل على استحباب البكاء عند قراءة القرآن، قال الله تعالى: ... {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال (2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[454] وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أنَّ عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أُتِيَ بطعام وكان صائِماً، فقال: قُتِلَ مُصْعَبُ بن عُمَيْر - رضي الله عنه - وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، فَلَمْ يوجَدْ له مَا يُكَفَّنُ فيهِ إلا بُرْدَةٌ إنْ غُطِّيَ بِهَا رَأسُهُ بَدَتْ رِجْلاهُ؛ وَإنْ غُطِّيَ بِهَا رِجْلاَهُ بَدَا رَأسُهُ، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ - أَو قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا - قَدْ خَشِينا أنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبكِي حَتَّى تَرَكَ الطعَام. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا البكاء من مزيد خوفه من الله تعالى، وشدة خشيته، وعدم نظره إلى عمله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[455] وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إِلى اللهِ تَعَالَى مِنْ قطْرَتَيْنِ وَأثَرَيْنِ: قَطَرَةُ دُمُوع مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَقَطَرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ في سَبيلِ اللهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ في ... سَبيلِ اللهِ تَعَالَى، وَأَثَرٌ في فَريضةٍ مِنْ فَرائِضِ الله تَعَالَى» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل البكاء من خشية الله، والجهاد في سبيل الله، وكثرة الخطا إلى المساجد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الباب أحاديث كثيرة منها: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/308) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[456] حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قَالَ: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَوعظةً وَجلَتْ منها القُلُوبُ، وذرِفت منها الْعُيُونُ. وقد سبق في باب النهي عن البدع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لفظ الحديث: «وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي، فإِنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ، وإِياكم ومحدثات الأمور، فإِن كل محدثة بدعة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">55- باب فضل الزهد في الدنيا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والحث عَلَى التقلل منها، وفضل الفقر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ والأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيهَا أتَاهَا أمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس (24) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أصل الزهد الرضا عن الله عزَّ وجلّ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا، وقنَّعه الله بم أتاه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وسُئل الزهري عن الزاهد، فقال: من لم يغلب الحرام صبره، ومن لم يشغل الحلال شكره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذه الآية مثلٌ ضَرَبَهُ الله تعالى لزينة الدنيا، وسرعة زوالها، وفنائها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/309) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَاخْتَلَطَ بهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الْدُّنْيَا وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف (45، 46) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: المال والبنون حرث الدنيا، والأعمال الصالحاتُ حرثُ الآخرة، وقد يجمعها الله لأقوام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ في الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الْكُفّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله ورِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الغُرُورِ} [الحديد (20) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكفار أشد إعجابًا بزهرة الدنيا، وأما المؤمن فإذا رأى معجبًا انتقل فكره إلى قدره الله، وعلم أنه زائل، وقال: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران (185) ] ، أي: كمتاع يدلس به على المستام فيُغَر ويشتريه، فمن اغترَّ بها وآثرها فهو مغرور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {زُيِّنَ لِلْنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَياةِ الْدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المآبِ} [آل عمران (14) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية تزهيد في الدنيا، وترغيب في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الْدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ} [فاطر (5) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا يذهلكم التمتع بالدنيا عن طلب الآخرة، والسعي لها، ولا يغرنكم الشيطان بأن يمنِّيكم المغفرة مع الإصرار على المعصية. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/310) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} [الأعراف (169) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {ألْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ * كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر (1: 5) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لو تعلمون علمًا يقينًا لما ألهاكم شيء عن طلب الآخرة، حتى صرتم إلى المقابر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَا هذِهِ الحَياةُ الدُّنْيَا إلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت (64) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لو كانوا يعلمون لم يؤثروا الدنيا على الآخرة، التي هي الحياة الحقيقة الدائمة، فإن الدنيا سريعة الزوال، ونعيمها لهو ولعب، كما يبتهج به الصبيان ساعة، ثم يتفرَّقون عنه لاغيين متعبين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة مشهورة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فأكثر مِنْ أن تحصر فننبِّهُ بطرف منها عَلَى مَا سواه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[457] عن عمرو بن عوف الأنصاري - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عبيدة بنَ الجَرَّاح - رضي الله عنه - إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأتِي بِجِزْيَتِهَا، فَقَدِمَ بمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بقُدُومِ أَبي عُبيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا صَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، انْصَرفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «أظُنُّكُمْ سَمعتُمْ أنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟» فقالوا: أجل، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/311) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا رسول الله، فقال: «أبْشِرُوا وَأَمِّلْوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوالله مَا الفَقْرَ أخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلكِنِّي أخْشَى عليكم أنْ تُبْسَط</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أهْلَكَتْهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بلاد البحرين: بين البصرة وهَجَرْ، وسميت (البحرين) ، لاجتماع البحر العذب والملح فيها، فإن الماء العذب تحت البحر، فإذا حفر الحاجز بينهما نبع العذب وارتفع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: فتنافسوها كما تنافسوها. التنافس أول درجات الحسد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عند مسلم: «تنافسون ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: فيه: أن زهرة الدنيا ينبغي لمن فتحت عليه أن يحذر من سوء عاقبتها وشر فتنتها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[458] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: جلس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فقال: «إنَّ ممَّا أخَافُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زهرة الدنيا: زينتها وبهجتها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه (131) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[459] وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/312) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَإنَّ الله تَعَالَى مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «خضرة حلوة» ، أي: جامعة بين الوصفين المحبوبين للبصر والذوق، كالفاكهة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: التحذير من فتنة المال، وفتنة النساء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[460] وعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلا عَيْشَ الآخِرَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الكلام قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في أشد أحواله، لما رأى تعب أصحابه في حفر الخندق، وقاله في أسرِّ الأحوال أيضًا لما رأى كثرة المؤمنين في يوم عرفة، لبيك إن العيش عيش الآخر، أي الحياة الدائمة التي لا حزن فيها ولا تعب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[461] وعنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ: أهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ: فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، وَيَبْقَى معه وَاحِدٌ: يَرْجِعُ أهْلُهُ وَمَالُهُ وَيبْقَى ... عَمَلُهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الغالب أنّ المرء إذا مات تبعه أهله، وما احتيج إليه من ماله في تجهيزه، وإذا دفن رجعوا ودخل عمله معه في قبره، كما في حديث البراء. «ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح» . الحديث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[462] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤْتَى بِأنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيَا مِنْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/313) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أهْلِ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأيْتَ خَيْراً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأشَدِّ النَّاسِ بُؤسَاً في الدُّنْيَا مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فَيُقَالُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأيْتَ بُؤساً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقُولُ: لا وَاللهِ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلا رَأيْتُ شِدَّةً قَطُّ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن عذاب الآخرة ينسي نعيم الدنيا، وأن نعيم الآخرة ينسي شدَّة الدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ * قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلا قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون (112: 114) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر (34، 35) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[463] وعن المُسْتَوْرِد بن شَدَّاد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ!» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مثَّل - صلى الله عليه وسلم - زمان الدنيا في جانب زمان الآخرة، ونعيمها بنسبة الماء الملاصق بالأصبع إلى البحر، قال الله تعالى: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إلا قَلِيلٌ} [التوبة (38) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[464] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بالسُّوقِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَيْهِ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/314) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«أَيُّكُم يُحِبُّ أنْ هَذَا لَهُ بِدرْهَم؟» فقالوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ ثُمَّ قَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيّاً كَانَ عَيْباً، أنَّهُ أسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ ميِّتٌ! فقال: «فوَاللهِ للدُّنْيَا أهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «كَنَفَتَيْهِ» أيْ: عن جانبيه. وَ «الأَسَكُّ» : الصغير الأذُن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الدنيا عند الله أذل وأحقر من التيس الصغير الأصمع الميت عند الناس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله، وما والاه وعالمًا ومتعلمًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[465] وعن أَبي ذر - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في حَرَّةٍ ... بِالمَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فقال: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قلت: لَبَّيْكَ يَا رسولَ الله. فقال: «مَا يَسُرُّنِي أنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَباً تَمْضي عَلَيَّ ثَلاَثَةُ أيّامٍ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إلا شَيْءٌ أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إلا أنْ أقُولَ بِهِ في عِبَادِ الله هكذا وَهَكَذَا وَهكَذَا» عن يَمِينِهِ وعن شِمَالِهِ وَعَنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ سَارَ، فقال: «إنَّ الأَكْثَرينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا مَنْ قَالَ بالمَالِ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا» عن يمينِهِ وعن شِمَالِهِ وِمنْ خَلْفِهِ «وَقَلِيلٌ مَا هُمُ» . ثُمَّ قَالَ لي: «مَكَانَكَ لا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيكَ» ثُمَّ انْطَلَقَ في سَوادِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/315) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فَسَمِعْتُ صَوتاً، قَدِ ارْتَفَع، فَتَخَوَّفْتُ أنْ يَكُونَ أحَدٌ عَرَضَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأرَدْتُ أنْ آتِيهِ فَذَكَرتُ قَوْله: «لا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» فلم أبْرَحْ حَتَّى أتَاني، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوتاً تَخَوَّفْتُ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فقال: «وَهَلْ سَمِعْتَهُ؟» قلت: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ جِبريلُ أتَانِي. فقال: مَنْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنَّةَ» ، قلت: وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ» . متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اشتمل هذا الحديث: على فوائد كثيرة، وقواعد عظيمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: البشارة بعدم خلود المسلم في النار وإن عمل الكبائر، فإن تاب منها في الدنيا لم يدخل النار إلا تحلة القسم، وإن لم يتب فأمره إلى الله إن شاء غفر له وأدخله الجنة، وإن شاء عذبه. قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [النساء (116) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[466] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَباً، لَسَرَّنِي أنْ لا تَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاَثُ لَيالٍ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إلا شَيْءٌ أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[467] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَلَ مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَهُوَ أجْدَرُ أنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية البخاري: «إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ في المَالِ وَالخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أسْفَل مِنْهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: جامع لمعاني الخير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دواء كل داء من الحسد وغيره. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/316) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «رحم الله عبدًا نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله وشكره، وفي دينه إلى من هو فوقه، فجد واجتهد» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن عمرو بن شعيب مرفوعًا: «خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرًا صابرًا: من نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضَّله به، ومن نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، وأما من نظر في دنياه إلى من هو فوقه وآسف على ما فاته، فإنه لا يكتب شاكرًا ولا صابرًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض السلف: صاحبت الأغنياء فكنت لا أزال في حزن، فصحبت الفقراء فاسترحت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث مرفوع: «أقلوا الدخول على الأغنياء، فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[468] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ذم الحرص على الدنيا، حتى يكون عبدًا لها، رضاه وسخطه لأجلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[469] وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ سَبعِينَ مِنْ أهْلِ الصُّفَّةِ، مَا منهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ: إمَّا إزارٌ، وَإمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوها في </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/317) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أعنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَراهِيَةَ أنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الدنيا لو كانت مكرَّمة عند الله، لخصَّ أصفياءه بِهَا، فإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[470] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى ذلك: أن الدنيا سجن المؤمن بالنسبة إلى ما أعد له من النعيم، وجنة الكافر بالنسبة إِلى ما أعد له من العذاب وأيضًا فإن المؤمن ممنوع من الشهوات المحرمة، والكافر منهمك فيها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حُفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن أبي سهل الصعلوكي الفقيه، وكان ممن جمع رياسة الدين والدنيا، أنه كان في بعض مواكبه إذْ خرج عليه يهودي، بثياب دنسة، فقال: ألستم تزعمون أن نبيكم قال: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» . وأنا كافر وترى حالي، وأنت مؤمن وترى حالك، فقال له: إذا صرت غدًا إلى عذاب الله كانت هذه جنتك، وإذا صرت أنا إلى النعيم، ورضوان الله صار هذا سجني، فعجب الناس من فهمه وسرعة جوابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[471] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبَيَّ، فقال: «كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ، أَو عَابِرُ سَبيلٍ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَكَانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، يقول: إِذَا أمْسَيتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قالوا في شَرْحِ هَذَا الحديث معناه: لا تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا وَلا تَتَّخِذْهَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/318) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَطَناً، وَلا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِطُولِ البَقَاءِ فِيهَا، وَلا بِالاعْتِنَاءِ بِهَا، وَلا تَتَعَلَّقْ مِنْهَا إلا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغَريبُ في غَيْرِ وَطَنِهِ، وَلا تَشْتَغِلْ فِيهَا بِمَا لا يَشْتَغِلُ بِهِ الغَرِيبُ الَّذِي يُريدُ الذَّهَابَ إِلَى أهْلِهِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحضُّ على تقصير الأمل، والمبادرة إلى العمل، وترك التراخي والكسل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث الآخر: «اغتنم خمسًا فبل خمس شبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[472] وعن أَبي العباس سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يَا رسولَ الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أحَبَّنِي اللهُ وَأحَبَّنِي النَّاسُ، فقال: «ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبّك اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبّك النَّاسُ» . حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اشتمل هذا الحديث على وصيتين عظيمتين فإذا عمل بهما أحبه الله وأحبه الناس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والزهد: هو القناعة بما أعطاك الله، والتعفف عن أموال الناس، وكان عمر يقول على المنبر: إنَّ الطمع فقر وإنَّ اليأس غنى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال أيوب السختياني: لا يقبل الرجل حتى تكون فيه خصلتان، العفة عما </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/319) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في أي الناس، والتجاوز عما يكون منهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث المرفوع: «حب الدنيا رأس كل خطيئة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الشافعي رحمه الله تعالى:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وما هي إلا جيفة مستحيلة ... ?? ... عليها كلاب هَمُّهُن اجتذابها ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها ... ?? ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[473] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأ بِهِ بَطْنَهُ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الدَّقَلُ» بفتح الدَّال المهملة والقاف: رديءُ التمرِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: زهده - صلى الله عليه وسلم - وصبره، وحقارة الدنيا عنده، فإن الله تعالى خيره في أنْ يكون ملكًا نبيًا أو عبدًا نبيًا فاختار أن يكون عبدًا، وقال: «يا رب، أجوع يومًا وأشبع يومًا، فإذا جعت سألتك، وإذا شبعت شكرتك» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[474] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: تُوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا في بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إلا شَطْرُ شَعِيرٍ في رَفٍّ لي، فَأكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولها: «شَطْرُ شَعير» أيْ: شَيْءٌ مِنْ شَعير،، كَذَا فَسَّرَهُ التُرْمذيُّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن الدنيا، وعدم النظر إليها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/320) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب عدم كيل القوت توكلاً على الله، وثقة به فإن تكثير الطعام القليل من أسرار الله الخفية، ولا يخالف هذا الحديث: «كيِّلوا طعامكم يبارك لكم فيه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: الكيل عند المبايعة محبوب من أجل تعلق حق المتبايعين وأما الكيل عند الإنفاق فالباعث عليه الشح؛ فلذا كُرِه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[475] وعن عمرو بن الحارث أخي جُوَيْرِيّة بنتِ الحارِث أُمِّ المُؤْمِنِينَ، رضي الله عنهما، قَالَ: مَا تَرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ مَوْتِهِ دِيناراً، وَلا دِرْهَماً، وَلا عَبْداً، وَلا أَمَةً، وَلا شَيْئاً إلا بَغْلَتَهُ الْبَيضَاءَ الَّتي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاَحَهُ، وَأرْضاً جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الإماء والعبيد الذين ملكهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته لم يبقوا على ملكه بعد وفاته، فمنهم من أعتقه، ومنهم من مات قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - وقد قال ... النبي - صلى الله عليه وسلم - «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[476] وعن خَبابِ بن الأَرَتِّ - رضي الله عنه - قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى، فَوَقَعَ أجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأكُل منْ أجْرِهِ شَيْئاً، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بن عُمَيْرٍ - رضي الله عنه -، قُتِلَ يَوْمَ أُحُد، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ، بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رِجْلَيْهِ، بَدَا رَأسُهُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">، فَأمَرَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنْ نُغَطِّي رَأسَهُ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/321) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَنَجْعَل عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الإذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«النَّمِرَةُ» : كِساءٌ مُلَوَّنٌ مِنْ صوف. وَقَوْلُه: «أيْنَعَتْ» أيْ: نَضِجَتْ وَأَدْرَكَتْ. وَقَوْلُه: «يَهْدِبها» هُوَ بفتح الياءِ وضم الدال وكسرها لغتان: أيْ: يَقْطُفهَا وَيَجْتَنِيهَا، وهذه استعارة لما فتح الله تَعَالَى عليهم من الدنيا وتمكنوا فِيهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ما كان عليه السلف من الصدق في وصف أحوالهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الكفن يكون ساترًا لجميع البدن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[477] وعن سهلِ بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: حقارة الدنيا عند الله تعالى، ولهذا ملَّكها تعالى في الغالب للكفار والفساق لهوانهم عليه، وحَمَى منها في الغالب الأنبياء والصالحين لئلا تُدَنَّسَهُم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[478] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «أَلا إنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إلا ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى، وَمَا وَالاهُ، وَعالِماً وَمُتَعَلِّماً» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: ذم ما أشغل من الدنيا عن ذكر الله وطاعته، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون (9) ] ، وأما ما أعان على طاعة الله من الدنيا فليس بمذموم، قال تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/322) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الزَّكَاةِ} [النور (37) ] ، وفي حديث مرفوع: «لا تسبوا الدنيا فنعم مطية المؤمن عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[479] وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا في الدُّنْيَا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الضيعة: العقار الذي يحتاج إلى عمل، والمراد لا تتوغلوا في ذلك فترغبوا عن صلاح آخرتكم وتشتغلوا في طلب الدنيا فلا تشبعوا منها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[480] وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نعالِجُ خُصّاً لَنَا، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَقُلْنَا: قَدْ وَهَى، فَنَحَنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ: «مَا أرَى الأَمْرَ إلا أعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رواه أَبو داود والترمذي بإسناد البخاري ومسلم، وقال الترمذي: ... (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخُصُّ: بيت يعمل من القصب ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: شاهد لحديث ابن عمر: «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[481] وعن كعب بن عياض - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/323) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وفِتْنَةُ أُمَّتِي: المَالُ» . رواه الترمذي، وقال: ... (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «فتنة» ، أي: ابتلاء واختبار. قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء (35) ] ، وقال تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال (28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[482] وعن أَبي عمرو، ويقالُ: أَبو عبدِ الله، ويقالُ: أَبو ليلى عثمان ابن عفان - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ في سِوَى هذِهِ الخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الخُبز وَالماء» . رواه الترمذي، وقال: «حديث صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الترمذي: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد سُلَيْمَانَ بنَ سَالمٍ البَلْخيَّ، يقولُ: سَمِعْتُ النَّضْرَ بْن شُمَيْل، يقولُ: الجِلْفُ: الخُبْز لَيْسَ مَعَهُ إدَامٌ، وقال غَيْرُهُ: هُوَ غَليظُ الخُبُزِ. وقَالَ الهَرَوِيُّ: المُرادُ بِهِ هنَا وِعَاءُ الخُبزِ، كَالجَوَالِقِ وَالخُرْجِ، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحق هنا: ما يستحقه الإِنسان لاحتياجه إليه في كُنه من الحر والبرد، وستر بدنه، وسد جوعته، وما سوى ذلك فهو من حظوظ النفس لا من حقوقها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض الزهاد:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَقِرْص شعير ثافل غير مالح ... ?? ... بغير إدام والذي خلق النجوى ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مع العزِّ في بيتي وطاعة خالقي ... ?? ... ألذُّ على قلبي من المنِّ والسلوى ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[483] وعن عبدِ الله بن الشِّخِّيرِ - بكسر الشينِ والخاء المشددة المعجمتين - رضي الله عنه -، أنه قَالَ: أتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/324) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التَّكَاثُرُ} قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي، مالي، وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا مَا أكَلْتَ فَأفْنَيْتَ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» ؟! . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي ليس لك من مالك إلا ما انتفعت به في دنياك، بأكل أو لبس أو ادخرته لآخرتك، وما سوى ذلك فهو لورثتك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض السلف: اجعل ما عندك ذخيرة لك عند الله، واجعل الله ذخيرة لأولادك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[484] وعن عبدِ الله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا رسولَ الله، وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ، فَقَالَ له: «انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ؟» قَالَ: وَاللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ، ثَلاَثَ مَرَّات، فَقَالَ: «إنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافاً، فإنَّ الفَقْرَ أسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّني مِنَ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«التجفافُ» بكسرِ التاءِ المثناةِ فوقُ وَإسكانِ الجيمِ وبالفاءِ المكررة: وَهُوَ شَيْءٌ يُلْبَسُهُ الفَرَسُ، لِيُتَّقَى بِهِ الأَذَى، وَقَدْ يَلْبَسُهُ الإنْسَانُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لما كان - صلى الله عليه وسلم - أزهد الناس في الدنيا، كان المحب التابع له متّصف بذلك لقوة الرغبة، وصدق المحبة فالمرء مع من أحب، ومولى قوم منهم في العسر واليسر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فمن أحب أن يكون معهم في نعيم الآخرة فليصبر كما صبروا في الدنيا. قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران (142) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[485] وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا في غَنَمٍ بِأفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/325) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينهِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحذر من الحرص على المال والشرف، فإن حب الدنيا رأس كل خطيئة، ورزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإِمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[486] وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: نَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَصيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً. فَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ مَا أَنَا في الدُّنْيَا إلا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الإِرشاد إلى ترك الاهتمام بِعَمارة الدنيا، والحث على الاعتناء بعمارة منازل الآخرة، وأن الدنيا دار عبور إلى دار الحبور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[487] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يدْخُلُ الفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمئَةِ عَامٍ» . رواه الترمذي، وقال: «حديث صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل الفقير الصابر على الغني الشاكر، لأن الأغنياء يحبسون للحساب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[488] وعن ابن عباس وعِمْرَانَ بن الحُصَيْنِ - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ... «اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِهَا الفُقَرَاءَ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/326) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَاطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأيْتُ أكْثَرَ أهْلِهَا النِّسَاءَ» . متفقٌ عَلَيْهِ من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيضاً من رواية عِمْرَان بن الحُصَيْن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: التحريض على ترك التوسع في الدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التحريض للنساء على المحافظة على أمر الدين ليسلمن من النار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[489] وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ، وَأصْحَابُ الجَدِّ مَحبُوسُونَ، غَيْرَ أنَّ أصْحَابِ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِم إِلَى النَّارِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «الجَدُّ» : الحَظُّ والغِنَى. وقد سبق بيان هَذَا الحديث في باب فَضْلِ الضَّعفَة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أصحاب النار هنا: هم الخالدون فيها، وهم الكفار، قال الله تعالى: {لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى} [الليل (15) ] ، وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر (71) ] ، وقال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ} [الرحمن (55) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[490] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: ألا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللهَ بَاطِلُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا البيت قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص (88) ] ، كان لبيد من فحول شعراء الجاهلية، وهو من هوازان، وَفَدَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/327) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فأسلم، وحسن إسلامه، وكان من المعمرين، عاش فوق مئة سنة، وكان شريفًا في الجاهلية والإسلام، ولم يقل شعرًا بعد إسلامه، وكان يقول: أبدلني الله به القرآن إلا بيتًا واحدًا:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ما عاتب المرءَ الكريم كنفسه ... ?? ... والمرء يصلحه القرين الصالح ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشافعي:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ولولا الشعر بالعلماء يُزري ... ?? ... لكنت اليوم أشعرَ من لبيد ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">56- باب فضل الجوع وخشونة العيش</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والاقتصار عَلَى القليل من المأكول والمشروب والملبوس</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَخَلَفَ منْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم (59، 60) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: خلف من بعد الذين أثنى الله عليهم من الأنبياء والصالحين، خلفُ سوء، أضاعوا الصلاة بتركها أو تأخيرها عن وقتها: {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} مالوا إلى زخارف الدنيا {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} شرًّا وخسرانًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ في زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُريدُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَواب اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً} [القصص (79: 80) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: إنَّ قارون خرج على بغلة شهباء عليه الأُرْجُوَان، وعليها سُرْج من ذهب، ومعه أربعة آلاف على زيِّه؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {ثُمَّ لًتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر (8) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إذا ألهاكم عن الشكر. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/328) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن زيد بن أسلم مرفوعًا: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} يعني: شبع البطون، وبارد الشراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُريدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُريدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً} [الإسراء (18) ]</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من كانت همَّته مقصورة على الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء من البسط، والتقتير، لمن يريد أن نفعل به ذلك، ثم جعلنا له في الآخرة جهنم يصلاها مذمومًا، مدحورًا، مطرودًا، مبعدًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له» . رواه أحمد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرةٌ معلومةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: في فضل التقلل من الدنيا، والترغيب في الآخرة، كقوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى (20) ] ، وقوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ} [القصص (60) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[491] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مَا شَبعَ آلُ مُحَمّد - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: مَا شَبعَ آلُ محَمّد - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعاً حَتَّى قُبِضَ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/329) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن الدنيا، وزهده فيها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تحريض لأمته على الزهد فيها، والإعراض عما زاد على الحاجة منها، ولا منافاة فيه وبين حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - يدخر لأهله قوت سنة، لأنه كان يفعل ذلك في آخر حياته، فيخرجه في الحوائج تعرض عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[492] وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها، أنّها كَانَتْ تقول: وَاللهِ، يَا ابْنَ أُخْتِي، إنْ كُنَّا لنَنْظُرُ إِلَى الهِلاَلِ، ثُمَّ الهِلالِ، ثُمَّ الهِلالِ: ثَلاَثَةُ أهلَّةٍ في شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَ في أبْيَاتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ قط. قُلْتُ: يَا خَالَةُ، فَمَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قالت: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ، إلا أنَّهُ قَدْ كَانَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ وَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ألْبَانِهَا فَيَسْقِينَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وفي هذا الحديث ما كان فيه الصحابة من التقلل من الدنيا في أول الأمر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضل الزهد، وإيثار الواجد للمعدوم، والاشتراك فيما في الأيدي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز ذكر المرء ما كان فيه من الضيق بعد أن يوسع الله عليه، تذكيرًا بنعمته وليتأس به غيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[493] وعن أَبي سعيد المقبُريِّ عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّهُ مَرَّ بِقَومٍ بَيْنَ أيدِيهمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ فَأبَى أنْ يأْكُلَ. وقال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعيرِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«مَصْلِيَّةٌ» بفتح الميم: أيْ مَشْوِيَّةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن من شأن المُحب أن يتبع آثار محبوبه، ويأتم بها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/330) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[494] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: لَمْ يَأكُلِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أكَلَ خُبْزاً مُرَقَّقاً حَتَّى مَاتَ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: وَلا رَأى شَاةً سَمِيطاً بعَيْنِهِ قَطُّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخِوان: ما يؤكل عليه الطعام بدون أن يخفض الآكل رأسه، وهو بدعة جائزة. والخبز المرقق: هو الأرغفة الواسعة الرقيقة. والسميط: ما أزيل شعره وشوي بجلده. وقطّ: ظرف لما مضى من الزمان مبني على الضم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[495] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُ نَبيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الدَّقَلُ» : تَمْرٌ رَدِيءٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (لقد رأيت نبيكم) ، فيه: حث المخاطبين على الاقتداء به، والإعراض عن الدنيا مهما أمكن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[496] وعن سهلِ بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ: مَا رَأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النَّقِيَّ مِنْ حِين ابْتَعَثَهُ الله تَعَالَى حَتَّى قَبضَهُ الله تَعَالَى. فقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ لَكُمْ في عَهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنَاخِلُ؟ قَالَ: مَا رَأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنْخُلاً مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ تَعَالَى، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَطحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ، فيَطيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «النَّقِيّ» هُوَ بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياءِ: وَهُوَ الخُبْزُ الحُوَّارَى، وَهُوَ: الدَّرْمَكُ. قَوْله: «ثَرَّيْنَاهُ» هُوَ بثاء مثلثة، ثُمَّ راء مشددة، ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاة من تَحْت ثُمَّ نون، أيْ: بَللْنَاهُ وَعَجَنَّاهُ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/331) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال في القاموس: والحُوَّاري بضم الحاء وتشديد الواو، وفتح الراء: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق، وكل ما حُوّر، أي: بُيّض من طعام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[497] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ... لَيْلَةٍ، فَإذَا هُوَ بأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَالَ: «مَا أخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُما هذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالا: الجُوعُ يَا رسول الله. قَالَ: «وَأنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأخْرَجَنِي الَّذِي أخْرَجَكُما، قُوما» فقَامَا مَعَهُ، فَأتَى رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَإذَا هُوَ لَيْسَ في بيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ المَرْأَةُ، قالت: مَرْحَبَاً وَأهلاً. فقال لَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيْنَ فُلانُ؟» قالت: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لنَا المَاءَ. إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الحَمْدُ للهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أكْرَمَ أضْيَافاً مِنِّي، فَانْطَلَقَ فَجَاءهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إيْاكَ وَالْحَلُوبَ» فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ العِذْقِ وَشَرِبُوا. فَلَمَّا أنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأَبي بَكْر وَعُمَرَ رضي الله عنهما: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ القِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أصَابَكُمْ هَذَا النَّعيمُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قولُهَا: «يَسْتَعْذِبُ» أيْ: يَطْلُبُ المَاءَ العَذْبَ، وَهُوَ الطَّيِّبُ. وَ «العِذْقُ» بكسر العين وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ الكِباسَةُ، وَهِيَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الغُصْنُ. وَ «المُدْيَةُ» بضم الميم وكسرها: هي السِّكِّينُ. وَ «الْحَلُوبُ» : ذاتُ اللَّبَن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالسُّؤالُ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ سُؤَالُ تَعْدِيد النِّعَم لا سُؤَالُ تَوْبيخٍ وتَعْذِيبٍ، والله أعلَمُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَهَذَا الأَنْصَارِيُّ الَّذِي أَتَوْهُ هُوَ، أَبُو الْهَيْثَم بْنُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/332) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التَّيِّهَانِ، كَذَا جَاءَ مُبَيَّناً في رواية الترمذي وغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فوائد كثيرة منها: جواز الضيافة للمقيم إذا احتاج إليها، وجواز ترحيب المرأة بالضيفان، وإنزال الناس منازلهم، واستحباب ترك ذبح الحلوب إذا وجد غيرها، والنهي عن ذبحها نهي إرشاد لا كراهة فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن ابن عباس مرفوعًا: «إذا أصبتم مثل هذا، فضربتم بأيديكم فقولوا: بسم الله وببركة الله، وإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي أشبعنا، وأروانا، وأنعم علينا، وأفضل، فإن هذا كفاف هذا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن القيم: كل أحد يُسأل عن تنعمه الذي كان فيه، هل ناله من حل أو لا؟ وإذا خلص من ذلك يسأل هل قام بواجب الشكر فاستعان به على الطاعة أو لا؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[498] وعن خالد بن عُمَيْر العَدَوِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ، وَكَانَ أمِيراً عَلَى البَصْرَةِ، فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الإنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ الحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَاماً، لا يُدْرِكُ لَهَا قَعْراً، وَاللهِ لَتُمْلأَنَّ أَفَعَجِبْتُمْ؟! وَلَقدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسيرَةُ أرْبَعِينَ عَاماً، وَليَأتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ، وَلَقَدْ رَأيْتُنِي سَابعَ سَبْعَةٍ مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مَا لَنَا طَعَامٌ إلا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/333) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أشْدَاقُنَا، فَالتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا، وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا، فَمَا أصْبَحَ اليَوْمَ مِنَّا أحَدٌ إلا أَصْبَحَ أمِيراً عَلَى مِصرٍ مِنَ الأَمْصَارِ، وَإنِّي أعُوذُ بِاللهِ أنْ أكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيماً، وَعِنْدَ اللهِ صَغِيراً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «آذَنَتْ» هُوَ بِمَدّ الألف وذال معْجمةٍ غير مشدَّدة، أيْ: أعْلَمَتْ. وَقَوْلُه: «بِصُرْم» هُوَ بضم الصاد، أيْ: بِانْقِطَاعِهَا وَفَنَائِهَا. ... وَقوله: «ووَلَّتْ حَذَّاءَ» هُوَ بحاءٍ مهملة مفتوحة، ثُمَّ ذال معجمة مشدّدة، ثُمَّ ألف ممدودة، أيْ: سريعة. وَ «الصُّبَابَةُ» بضم الصاد المهملة وهي: البَقِيَّةُ اليَسِيرَةُ. وَقَوْلُهُ: «يَتَصَابُّهَا» هُوَ بتشديد الباء قبل الهاء، أيْ: يجمعها. وَ «الْكَظِيظُ» : الكثير الممتلىءُ. وَقَوْلُه: «قَرِحَتْ» هُوَ بفتح القاف وكسر الراء، أيْ صار فِيهَا قُروح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فوائد كثيرة، من الترغيب والترهيب، والوعظ والتذكير، وعمق النار، وسعة الجنة وغير ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[499] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: أخْرَجَتْ لَنَا عَائِشَةُ رضي الله عنها كِسَاءً وَإزاراً غَلِيظاً، قالَتْ: قُبِضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هَذَيْنِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن الدنيا، واكتفاؤه بما تيسر من اللباس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تهييج للمتبعين سبيله على ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[500] وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: إنِّي لأَوَّلُ رجل من الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ الله، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إلا وَرَقُ الْحُبْلَةِ، وَهذَا السَّمُرُ، حَتَّى إنْ كَانَ أحَدُنَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/334) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خَلْطٌ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الحُبْلَة» بضم الحاء المهملة وإسكان الباءِ الموحدةِ: وَهِيَ وَالسَّمُرُ، نَوْعَانِ مَعْرُوفَانِ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «إلا ورق الحُبْلة وهذا السَّمُرُ» في رواية للبخاري: «إلا الحبلة وورق السمر» : وهذه الغزوة تسمى غزوة الخبط.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان الصحابة عليه من الضيق في أول الإسلام امتحانًا ليظهر صدقهم، قال الله تعالى: {آلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت (1: 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لولا اشتعال النار في جزل الفضاء ... ?? ... ما كان يعرف طيب نشر العود ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[501] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمّدٍ قُوتاً» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ أهْلُ اللُّغَةِ وَالغَرِيبِ: مَعْنَى «قُوتاً» أيْ: مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى الحديث: طلب الكفاف، فإن القوت ما يقوت البدن، ويكف عن الحاجة، وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغنى والفقر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[502] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: وَاللهِ الَّذِي لا إِلهَ إلا هُوَ، إنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وَإنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطنِي مِنَ الْجُوعِ. وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوماً عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ بِي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَتَبَسَّمَ حِيْنَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي وَمَا فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/335) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الْحَقْ» وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأذَنَ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنَاً في قَدَحٍ، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» قَالُوا: أهْدَاهُ لَكَ فُلانٌ - أَو فُلانَةٌ - قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول اللهِ، قَالَ: «الْحَقْ إِلَى أهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي» قَالَ: وَأهْلُ الصُّفَّة أضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لا يَأوُونَ علَى أهْلٍ وَلا مَالٍ وَلا عَلَى أحَدٍ، وَكَانَ إِذَا أتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئاً، وَإِذَا أتَتْهُ هَدِيَّةٌ أرْسَلَ إلَيْهِمْ، وَأصَابَ مِنْهَا، وأشْرَكَهُمْ فِيهَا. فَسَاءنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ في أهْلِ الصُّفَّةِ! كُنْتُ أحَقُّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أتَقَوَّى بِهَا، فَإذَا جَاءُوا وَأمَرَنِي فَكُنْتُ أنَا أُعْطِيهِمْ؛ وَمَا عَسَى أنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ. وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأقْبَلُوا وَاسْتَأذَنُوا، فَأَذِنَ ... لَهُمْ وَأخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «خُذْ فَأعْطِهِمْ» قَالَ: فَأخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُل فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأخَذَ الْقَدَحَ فَوضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إليَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» . قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول الله، قَالَ: «بَقيتُ أنَا وَأنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رسول الله، قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أجِدُ لَهُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/336) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَسْلكاً! قَالَ: «فَأرِنِي» فَأعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ الله، وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث من الفوائد: استحباب الشرب من قعود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: معجزة عظيمة من علامات النبوة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الشبع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنّ كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإيثاره على نفسه، وأن ساقي القوم آخرهم شربًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب الحمد على النعم والتسمية عند الشرب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[503] وعن محمد بن سيرين، عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأيْتُنِي وَإنِّي لأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُجْرَةِ عائِشَةَ رضي الله عنها مَغْشِيّاً عَلَيَّ، فَيَجِيءُ الجَائِي، فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي، وَيَرَى أنِّي مَجْنُونٌ وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ، مَا بِي إلا الْجُوعُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: صبر الصحابة رضي الله عنهم على الفقر والجوع تتميمًا لهجرتهم إلى الله ورسوله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ثباتهم على دينهم بخلاف من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[504] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: تُوُفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِي في ثَلاثِينَ صَاعاً مِنْ شَعِير. متفق عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: الحكمة في عدوله - صلى الله عليه وسلم - عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهود، إما لبيان الجواز، أو لأنهم لم يكن عندهم إذْ ذاك طعام فاضل عن حاجتهم، أو خشي أنهم لا يأخذون ثمنًا فلم يرد التضييق عليهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/337) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وذكر ابن الطلاع: أن أبا بكر إِفْتَكَّ الدرع بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[505] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَهَنَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بخُبْزِ شَعِيرٍ وَإهَالَة سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا أصْبَحَ لآلِ مُحَمّدٍ صَاعٌ وَلا أمْسَى» وَإنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أبيَات. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الإهالَةُ» بكسر الهمزة: الشَّحْمُ الذَّائِبُ. وَ «السَّنِخَةُ» بالنون والخاء المعجمة: وَهِيَ المُتَغَيِّرَةُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن المشتهيات، واجتزاؤه بما يسد الحاجة من القوت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تسلية لذوي الفقر والحاجة من أمته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: وإنهم لتسعة أبيات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: ومناسبة ذكر أنس لهذا القدر مع ما قبله، الإشارة إلى سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا، وأنه لم يقله متضجِّرًا، ولا شاكيًا، وإنما قاله معتذرًا عن إجابة دعوى اليهودي، ولرهنه درعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">واستنبط منه جواز معاملة مَنْ أكْثَرُ ماله حرام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز بيع السلاح، ورهنه، وإجازته، وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع، والزهد في الدنيا، والتقلل منها </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/338) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مع قدرته عليها، والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار، والصبر على ضيق العيش.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضيلة لأزواجه وصبرهن معه على ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[506] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ ردَاءٌ، إمَّا إزَارٌ وَإمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا في أعْنَاقِهِم مِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أنْ تُرَى عَوْرَتُهُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة الصحابة رضي الله عنهم، وصبرهم على الفقر، وضيق الحال، والاجتزاء من اللباس على ما يستر العورة، وقد أثابهم الله على ذلك فاستخلفهم في الأرض، ومكّن لهم دينهم وبدلهم من بعد فقرهم غنىً، ومن بعد خوفهم أمناً مع ما أعد الله لهم في الآخرة من الثواب في الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[507] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ فِرَاشُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أُدْمٍ حَشْوُهُ مِنْ لِيفٌ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: عدم مبالاته - صلى الله عليه وسلم - بمستلذات الدنيا، كما قال: «ما لي وللدنيا، إنما مثلي في الدنيا كراكب قَال في ظل دوحة، ثم راح، وتركها» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[508] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أدْبَرَ الأَنْصَاريُّ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أخَا الأنْصَارِ، كَيْفَ أخِي سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟» </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/339) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَقَالَ: صَالِحٌ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَعُودُهُ مِنْكُمْ؟» فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، وَنَحْنُ بضْعَةَ عَشَرَ، مَا عَلَيْنَا نِعَالٌ، وَلا خِفَافٌ، وَلا قَلاَنِسُ، وَلا قُمُصٌ، نَمْشِي في تِلك السِّبَاخِ، حَتَّى جِئْنَاهُ، فَاسْتَأْخَرَ قَوْمُهُ مِنْ حَوْله حَتَّى دَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: تواضعه - صلى الله عليه وسلم - واستحباب السؤال عن المريض وعيادته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دلالة على الاقتصار على قليل الملبوس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إكرام الوفد، وإنزال الناس منازلهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[509] وعن عِمْرَان بنِ الحُصَيْنِ رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قَالَ: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قَالَ عِمْرَانُ: فَمَا أدْري قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتَيْنِ أَو ثَلاَثاً «ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلا يُوفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهمُ السَّمَنُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القرن: أهل زمان واحد متقارب، وقرنه - صلى الله عليه وسلم - هم أصحابه، ثم قرن التابعين، ثم أتباع التابعين، ثم فشت البدع، وامتحن أهل العلم، ورفعت الفلاسفة رؤوسها، وكثرة شهادة الزور، والخيانة، واتباع الشهوات، ولا يأتي زمان إلا والذي بعده شرٌّ منه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[510] وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيرٌ لَكَ، وَأنْ تُمسِكَهُ شَرٌ لَكَ، ولا تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدأ بِمَنْ تَعُولُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: بذلك الفضل خير لك في الدنيا والآخرة، وإمساكه شر لك لعدم أداء </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/340) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحقوق، واشتغال القلب عن التوجه إلى الله، ولا تلام على إمساك ما يكفيك، ويسد حاجتك، وابدأ في الإنفاق بحق من تعول.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[511] وعن عُبيْدِ الله بنِ محْصن الأَنصَارِيِّ الخطميِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«سِربه» : بكسر السين المهملة: أي نَفْسه، وَقِيلَ: قَومه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ [قريش (3، 4) ] ، فإذا كان المسلم آمنًا في محله، صحيحًا عنده من القوت ما يكفه عن سؤال الناس، فهو في نعمة عظيمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[512] وعن عبد الله بن عَمْرو بنِ العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَدْ أفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: معنى الحديث أنّ من حصل له ذلك فقد حصل على مطلوبه، وظفر بمرغوبه في الدارين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[513] وعن أَبي محمدٍ فضَالَة بن عبيدٍ الأنصاريِّ - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إلى الإسْلاَمِ، وَكَانَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/341) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَيْشُهُ كَفَافاً وَقَنِعَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكفاف: هو الكفاية من غير زيادة ولا نقص.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[514] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَبيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِياً، وَأهْلُهُ لا يَجِدُونَ عَشَاءً، وَكَانَ أكْثَرُ خُبْزِهِمْ خُبزَ الشَّعيرِ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: صبره - صلى الله عليه وسلم - على الجوع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضيلة لأزواجه بصبرهن على ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[515] وعن فُضَالَةَ بن عبيدٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ، يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قَامَتِهِمْ في الصَّلاةِ مِنَ الخَصَاصَةِ - وَهُمْ أصْحَابُ الصُّفَّةِ - حَتَّى يَقُولَ الأعْرَابُ: هؤُلاء مَجَانِينٌ. فَإذَا صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ إلَيْهِمْ، فَقَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، لأَحْبَبْتُمْ أنْ تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً» . رواه الترمذي، وقال: «حديث صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الخَصَاصَةُ» : الفَاقَةُ وَالجُوعُ الشَّدِيدُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على الصبر على الفقر، وضيق العيش، قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف (90) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[516] وعن أَبي كريمة المقدام بن معد يكرِبَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ ... رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاء شَرّاً مِنْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/342) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإنْ كانَ لا مَحالةَ فثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسه» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«أكُلاَتٌ» أيْ: لُقَمٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: إن كسرى سأل طبيبًا، ما الداء الذي لا دواء له؟ قال: إدخال الطعام على الطعام، وسأله عن الحمية، قال: الاقتصاد في كل شيء، فإذا أكل فوق المقدار ضيق على الروح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[517] وعن أَبي أُمَامَة إياسِ بن ثعلبةَ الأَنْصَارِيِّ الحارثي - رضي الله عنه - قَالَ: ذَكَرَ أصْحَابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوماً عِنْدَهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا تَسْمَعُونَ؟ ألا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ البَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ، إنَّ البَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ» يَعْنِي: التَّقَحُّلَ. رواهُ أَبو داود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«البَذَاذَةُ» - بالباءِ الموحدةِ والذالين المعجمتين - وَهِيَ رَثَاثَةُ الهَيْئَةِ وَتَرْكُ فَاخِرِ اللِّبَاسِ. وَأَمَّا «التَّقَحُّلُ» فبالقافِ والحاء: قَالَ أهْلُ اللُّغَةِ: المُتَقَحِّلُ هُوَ الرَّجُلُ اليَابِسُ الجِلْدِ مِنْ خُشُونَةِ العَيْشِ وَتَرْكِ التَّرَفُّهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إنما كانت البذاذة من الإيمان لما تؤدي إليه من كسر النفس والتواضع، قال عيسى عليه السلام: جودة الثياب خيلاء القلب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعوتب علي رضي الله عنه في إزار مرقوع، فقال: يقتدي به المؤمن ويخشع له القلب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذا يدل على استحباب ذلك إذا لم يكن فيه رياء، ولا حيلة على الدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وبالجملة فالمحبوب التوسط في كل شيء. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/343) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال بعض العارفين - لما أنكر عليه جمال هيئته -: يا هذا، هيأتي هذه تقول الحمدُ لله، وهيأتكم هذه تقول: أعطوني من دنياكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[518] وعن أَبي عبد الله جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ - رضي الله عنه - نَتَلَقَّى عِيراً لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَاباً مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبو عُبيدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، فَقيلَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا؟ قَالَ: نَمَصُّهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبي، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصيِّنَا الخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالماءِ فَنَأكُلُهُ. قَالَ: وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي سبيل الله وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، فَأقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْراً، وَنَحْنُ ثَلاَثُمِئَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، وَلَقَدْ رَأيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِن وَقْبِ عَيْنِهِ بِالقِلاَلِ الدُّهْنَ وَنَقْطَعُ مِنْهُ الفِدَرَ كالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، وَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبو عُبَيْدَةَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَأقْعَدَهُمْ في وَقْبِ عَيْنِهِ وَأخَذَ ضِلْعاً مِنْ أضْلاَعِهِ فَأقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا فَمَرَّ مِنْ تَحْتهَا وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ أَتَيْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «هُوَ رِزْقٌ أخْرَجَهُ اللهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟» فَأرْسَلْنَا إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ فَأكَلَهُ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الجِرَابُ» : وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ بِكَسرِ الجيم وفتحها والكسر أفْصَحُ. قَوْلُهُ: «نَمَصُّهَا» هو بفتح الميم، وَ «الخَبَطُ» : وَرَقُ شَجَرٍ مَعْرُوفٍ تَأكُلُهُ الإبِلُ. وَ «الكَثِيبُ» : التَّلُّ مِنَ الرَّمْلِ، وَ «الوَقْبُ» : بفتح </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/344) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الواو وَإسكان القافِ وبعدها بَاءٌ موحدةٌ وَهُوَ نُقْرَةُ العَيْنِ. وَ «</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القِلاَلُ» : الجِرار. وَ «الفِدَرُ» بكسرِ الفاءِ وفتح الدال: القِطَعُ. «رَحَلَ البَعِيرَ» بتخفيف الحاءِ: أيْ جَعَلَ عَلَيْهِ الرَّحْلِ. «الوَشَائِقُ» بالشينِ المعجمةِ والقاف: اللَّحْمُ الَّذِي اقْتُطِعَ لِيُقَدَّدَ مِنْهُ، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الزهد في الدنيا، والتقلل منها، والصبر على الجوع، وخشونة العيش.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كرامة له - صلى الله عليه وسلم - حيث كفى الواحد منهم نهاره ثمرة واحدة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: حِل ميتة حوت البحر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[519] وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها، قالت: كَانَ كُمُّ قَمِيصِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الرُّصْغِ. رواه أَبو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الرُّصْغُ» بالصاد وَالرُّسْغُ بالسينِ أيضاً: هُوَ المَفْصِلُ بَيْنَ الكفِّ والسَّاعِدِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: حكمة الاقتصار على الرصغ، أنه متى جاوز اليد شق على لابسه، ومتى قصر عنه تأذي الساعد ببروزه للحر والبرد، وخير الأمور أوساطها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[520] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّا كُنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: هذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ في الخَنْدَقِ. فَقَالَ: «أنَا نَازِلٌ» ثُمَّ قَامَ، وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَة أيّامٍ لا نَذُوقُ ذَوَاقاً فَأخَذَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المِعْوَلَ، فَضَرَبَ فَعَادَ كَثيباً أهْيَلَ أَو أهْيَمَ، فقلت: يَا رسول الله، ائْذَنْ لي إِلَى البَيْتِ، فقلتُ لامْرَأتِي: رَأيْتُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/345) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بالنَّبيِّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">- صلى الله عليه وسلم - شَيئاً مَا في ذَلِكَ صَبْرٌ فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فقالت: عِنْدي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، فَذَبَحْتُ العَنَاقَ وَطَحَنْتُ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ في البُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وَالعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالبُرْمَةُ بَيْنَ الأثَافِيِّ قَدْ كَادَتْ تَنْضِجُ، فقلتُ: طُعَيْمٌ لي، فَقُمْ أنْتَ يَا رسول اللهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلانِ، قَالَ: «كَمْ هُوَ» ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: «كثيرٌ طَيِّبٌ قُل لَهَا لا تَنْزَع البُرْمَةَ، ... وَلا الخبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حتى آتِي» فَقَالَ: «قُومُوا» ، فقام المُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فقلتُ: وَيْحَكِ جَاءَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ ومن مَعَهُمْ! قالت: هَلْ سَألَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «ادْخُلُوا وَلا تَضَاغَطُوا» فَجَعَلَ يَكْسرُ الخُبْزَ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ البُرْمَةَ وَالتَّنُّور إِذَا أخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزعُ، فَلَمْ يَزَلْ يِكْسِرُ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا، وَبَقِيَ مِنْهُ، فَقَالَ: «كُلِي هَذَا وَأهِدي، فَإنَّ النَّاسَ أصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قَالَ جابر: لَمَّا حُفِرَ الخَنْدَقُ رَأيْتُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصاً، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأتِي، فقلت: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإنّي رَأيْتُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَمَصاً شَديداً، فَأخْرَجَتْ إلَيَّ جِرَاباً فِيه صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بَهِيمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغي، وَقَطَعْتُهَا في بُرْمَتها، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: لا تَفْضَحْنِي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ، فَجئتهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رسول الله، ذَبَحْنَا بهيمَة لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، فَتَعَالَ أنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «يَا أهلَ الخَنْدَقِ: إنَّ جَابِراً قَدْ صَنَعَ سُؤْراً فَحَيَّهَلا بِكُمْ» فَقَالَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النبي - صلى الله عليه وسلم -: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/346) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«لا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلا تَخْبزنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أجِيءَ» فَجِئْتُ، وَجَاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأتِي، فقالَتْ: بِكَ وَبِكَ! فقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ لي. فَأخْرَجَتْ عَجِيناً، فَبسَقَ فِيهِ وَبَاركَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنا فَبصَقَ فيها وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعِي خَابزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلا تُنْزِلُوها» وَهُم ألْفٌ، فَأُقْسِمُ بِالله لأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطّ كَمَا هِيَ، وَإنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «عَرَضَتْ كُدْيَةٌ» بضم الكاف وإسكان الدال وبالياء المثناة تَحْتَ، وَهِيَ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلْبَةٌ مِنَ الأرضِ لا يَعْمَلُ فِيهَا الفَأسُ، ... وَ «الكَثيبُ» أصْلُهُ تَلُّ الرَّمْل، وَالمُرَادُ هُنا: صَارَتْ تُراباً نَاعِماً، وَهُوَ مَعْنَى «أهْيَلَ» . وَ «الأَثَافِيُّ» : الأحجَارُ الَّتي يكُونُ عَلَيْهَا القِدْرُ، وَ «تَضَاغَطُوا» : تَزَاحَمُوا. وَ «المَجَاعَةُ» : الجُوعُ، وَهُوَ بفتح الميم. وَ «الخَمَصُ» : بفتح الخاء المعجمة والميم: الجُوعُ، وَ «انْكَفَأتُ» : انْقَلَبْتُ وَرَجَعْتُ. و «البُهَيْمَةُ» بضم الباء، تصغير بَهْمَة وَهيَ، العَنَاقُ، بفتح العين. وَ «الدَّاجِنُ» : هِيَ الَّتي ألِفَتِ البَيْتَ: وَ «السُّؤْرُ» الطَّعَامُ الَّذِي يُدْعَى النَّاسُ إِلَيْهِ؛ وَهُوَ بالفَارِسيَّة. وَ «حَيَّهَلا» أيْ تَعَالُوا. وَقَوْلُهَا «بك وَبكَ» أيْ خَاصَمَتْهُ وَسَبَّتْهُ، لأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أنَّ الَّذِي عِنْدَهَا لا يَكْفِيهمْ، فَاسْتَحْيَتْ وَخَفِيَ عَلَيْهَا مَا أكْرَمَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هذِهِ المُعْجِزَةِ الظَّاهِرَةِ وَالآية البَاهِرَةِ. «بَسَقَ» أيْ: بَصَقَ؛ وَيُقَالُ أيْضاً: بَزَقَ، ثَلاث لُغاتٍ. وَ «عَمَدَ» بفتح الميم، أيْ: قَصَدَ. وَ «اقْدَحي»</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أيْ: اغْرِفِي؛ وَالمِقْدَحَةُ: المِغْرَفَةُ. وَ «تَغِطُّ» أيْ: لِغَلَيَانِهَا صَوْتٌ، والله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفضيلة لأصحابه رضي الله عنهم، حيث صبروا معه على الجوع والحرب، فأثابهم الله على ذلك بأن استخلفهم في </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/347) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأرض، ومكّن لهم دينهم، وبدّلهم من بعد خوفهم أمنًا، مع ما أعد لهم من الثواب في الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[521] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ أَبو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيمٍ: قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضَعيفاً أعْرِفُ فيه الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأخْرَجَتْ أقْرَاصاً مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أخَذَتْ خِمَاراً لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أرْسَلَتْني إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، جَالِساً في المَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهمْ، فَقَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرْسَلَكَ أَبو طَلْحَةَ؟» فقلت: نَعَمْ، فَقَالَ: «ألِطَعَامٍ؟» فقلت: نَعَمْ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «قُومُوا» فَانْطَلَقُوا وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟ فَقَالَتْ: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. فَانْطَلَقَ أَبو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأقْبَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ حَتَّى دَخَلا، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» فَأتَتْ بِذلِكَ الخُبْزِ، فَأمَرَ بِهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أمُّ سُلَيْمٍ عُكّةً فَآدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ» فأذنَ لَهُمْ فَأكَلُوا حتى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ» فأذِنَ لهم فَأكَلُوا حتى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ» فأذِنَ لهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حَتَّى أكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلاً أَو ثَمَانُونَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فَمَا زَالَ يَدْخُلُ عَشرَة، وَيخرجُ عشرةٌ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/348) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أحَدٌ إلا دَخَلَ، فَأكَلَ حَتَّى شَبعَ، ثُمَّ هَيَّأهَا فَإذَا هِيَ مِثْلُهَا حِيْنَ أكَلُوا مِنْهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: فَأَكَلُوا عَشرَةً عَشرةً، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ بِثَمَانِينَ رَجُلاً، ثُمَّ أكَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ وَأهْلُ البَيْتِ، وَتَرَكُوا سُؤْراً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: ثُمَّ أفْضَلُوا مَا بَلَغُوا جيرانَهُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية عن أنس، قَالَ: جِئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فَوَجَدْتُهُ جَالِساً مَعَ أصْحَابِه، وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ، بِعِصَابَةٍ، فقلتُ لِبَعْضِ أصْحَابِهِ: لِمَ عَصَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَطْنَهُ؟ فقالوا: مِنَ الجوعِ، فَذَهَبْتُ إِلَى أَبي طَلْحَةَ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْت مِلْحَانَ، فقلتُ: يَا أبتَاهُ، قَدْ رَأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ، فَسَألْتُ بَعْضَ أصْحَابِهِ، فقالوا: من الجُوعِ. فَدَخَلَ أَبو طَلْحَةَ عَلَى أُمِّي، فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَيءٍ؟ قالت: نَعَمْ، عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَرَاتٌ، فَإنْ جَاءنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَحْدَهُ أشْبَعْنَاهُ، وَإنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَلَّ عَنْهُمْ ... وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: معجزة ظاهرة للنبي - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فطنة أم سليم ورجحان عقلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب أكل صاحب الطعام وأهله بعد فراغ الضيفان، وإطعام جيرانهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز تسمية زوج الأم أبًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان عليه الصحابة من الاعتناء بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ما هم فيه من ضيق العيش يومئذٍ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: اجتزاؤهم بالقوت، وترك ما زاد عليه من شهوة النفس وحظها رضي الله عنهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/349) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">57- باب القناعة والعَفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وذم السؤال من غير ضرورة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأرْضِ إلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا}</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[هود (6) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: هو المتكفل بأرزاق المخلوقات في البر والبحر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: ما جاءها من رزق فمن الله عزَّ وجلّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافاً} [البقرة (273) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: الأَوْلى بالصدقات الفقراء المقيمون على طاعة الله، المتعففون عن السؤال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: استغن عمن شئت تكن نَظِيرَهُ، وأفضِل على من شئت تكن أميرَه، واحتج إلى من شئت تكن أسيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان (67) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: الإنفاق بين الإسراف والإقتار هو القوام الذي تقوم به معيشة الإنسان بحسب حاله، وخير الأمور أوساطها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات (56، 57) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ما خلق الله الجن والإنس إلا لأجل عبادته وحده، لا شريك له، وليس محتاجًا إليهم كما يحتاج السادة إلى عبيدهم، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذَّبه أشد العذاب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله تعالى: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/350) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يَا ابن آدم، تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنًى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل، ملأتُ صدرك شغلاً، ولم أسد فقرك» . رواه أحمد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي بعض الكتب الإلهية: ابن آدم خلقتك لعبادتي، فلا تلعب، وتكفَّلت برزقك فلا تتعب، فاطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل خير، وإنْ فتّك فاتك كل خير، وأنا أحب إليك من كل شيء» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَأَمَّا الأحاديث، فتقدم معظمها في البابينِ السابقينِ، ومما لَمْ يتقدم:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[522] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الغِنَى عَن كَثرَةِ العَرَض، وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«العَرَضُ» بفتح العين والراءِ: هُوَ المَالُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ليس حقيقة الغنى كثرة المال مع الحرص، وإنما الغني من استغنى بما آتاه الله، وقنع به، وإنما كان الممدوح غنى النفس، لأنها حينئذٍ تكفّ عن بث المطامع فتعز.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومن ينفق الساعاتِ في جمع ماله ... ?? ... مخافة فقر فالذي فعل الفقر ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال بعض العارفين:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رضينا بقسمة الجبار فينا ... ?? ... لنا علم وللجهل مالُ ... ????</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فإن المال يفنى عن قريب ... ??? ... وإن العلم كنز لا يزال ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[523] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/351) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«قَدْ أفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وقَنَّعَهُ الله بِمَا آتَاهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكفاف: ما كف عن السؤال مع القناعة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: شرف هذه الحال على الفقر المسهي، والغنى المطغي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[524] وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قَالَ: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا حَكِيم، إنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أخَذَهُ بإشرافِ نَفسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشْبَعُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى» . قَالَ حكيم: فقلتُ: يَا رسول الله، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا أرْزَأُ أحَداً بَعْدَكَ شَيْئاً حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - يَدْعُو حَكيماً لِيُعْطِيَه العَطَاء، فَيَأبَى أنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئاً، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - دَعَاهُ لِيُعْطِيَه فَأَبَى أنْ يَقْبَلَهُ. فقالَ: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكيمٍ أنّي أعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لَهُ في هَذَا الفَيء فَيَأبَى أنْ يَأخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكيمٌ أحَداً مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّي. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«يَرْزَأُ» بِراءٍ ثُمَّ زايٍ ثُمَّ همزة؛ أيْ: لَمْ يَأخُذْ مِنْ أحَدٍ شَيْئاً، وَأصْلُ الرُّزءِ: النُّقْصَان، أيْ: لَمْ يَنقُص أحَداً شَيْئاً بالأخذِ مِنْهُ، وَ «إشْرَافُ النَّفْسِ» : تَطَلُّعُهَا وَطَمَعُهَا بالشَّيْء. وَ «سَخَاوَةُ النَّفْسِ» : هِيَ عَدَمُ الإشرَاف إِلَى الشَيء، وَالطَّمَع فِيهِ، وَالمُبَالاَةِ بِهِ وَالشَّرَهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: إنما امتنع حكيم من أخذ العطاء، مع أنه حقه، لأنه خشي </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/352) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أن يقبل من أحد شيئًا، فيعتاد الأخذ فيتجاوز به إلى ما لا يريده ففطمها عن ذلك وترك ما لا يريبه خوفَ ما يريبه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[525] وعن أَبي بردة عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنقِبَت أقدَامُنَا وَنَقِبَت قَدَمِي، وسَقَطت أظْفَاري، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أرْجُلِنا الخِرَقَ، فَسُمِّيَت غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ، قَالَ أَبُو بُردَة: فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِه ذَلِكَ، وقال: مَا كُنْتُ أصْنَعُ بِأنْ أذْكُرَهُ! قَالَ: كأنَّهُ كَرِهَ أنْ يَكُونَ شَيْئاً مِنْ عَمَلِهِ أفْشَاهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ما كان فيه الصحابة رضي الله عنهم من الشدة والضيق، فصبروا حتى كانت العقبى الطيبة لهم في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا ... يُوقِنُونَ} [السجدة (24) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كراهية إفشاء العمل الصالح إلا إذا ترتب على ذلك مصلحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[526] وعن عمرو بن تَغْلِبَ - بفتح التاء المثناة فوق وإسكان الغين المعجمة وكسر اللام - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِي بِمالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَّمَهُ، فَأعْطَى رِجَالاً، وَتَرَكَ رِجَالاً، فَبَلغَهُ أنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللهَ، ثُمَّ أثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بعْدُ، فَواللهِ إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَأدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أدَعُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنِّي إنَّمَا أُعْطِي أقْوَاماً لِمَا أرَى في قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ، وَأكِلُ أقْوَاماً إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ في قُلُوبِهم مِنَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الغِنَى وَالخَيْرِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ» </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/353) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ: فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أنَّ لِي بِكَلِمَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَم. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الهَلَعُ» : هُوَ أشَدُّ الجَزَعِ، وقيل: الضَّجَرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ائتلاف من يخشى جزعه، أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الناس جُبلوا على حب العطاء، وبغض المنع، والإسراع إلى إنكار ذلك قبل الفكرة في عاقبته، إلا من شاء الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن المنع قد يكون خيرًا للمنوع، كما قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة (216) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الاعتذار إلى من ظن ظنَّا والأمر بخلافه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[527] وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفُّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغنهِ الله» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم أخصر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اليد العليا: المنفقة؛ والسفلى: السائلة، ومعنى: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» ، أي: أفضلها ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال، ومن يستعفف عن سؤال الناس «يعفه الله» ، أي: يرزقه العفة، ومن يستغن ولا يسأل الناس يغنه الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[528] وعن أَبي عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/354) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بن حرب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُلْحِفُوا في الْمَسْأَلَةِ، فَوَاللهِ لا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً، فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئاً وَأنَا لَهُ كَارهٌ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أعْطَيْتُهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن الإلحاح في السؤال، وأنه لا يبارك له فيما أُعطي، وقد قال الله تعالى مادحًا أقوامًا لتعففهم: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} [البقرة (273) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[529] وعن أَبي عبدِ الرحمن عوف بن مالِك الأَشْجَعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، فَقَالَ: «ألا تُبَايِعُونَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -» وَكُنَّا حَديثِي عَهْدٍ ببَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رسولَ اللهِ، ثمَّ قالَ: «ألا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ» فَبَسَطْنا أيْدينا، وقلنا: قدْ بايعناكَ يا رسول الله فَعَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «عَلَى أنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَتُطِيعُوا الله» وأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيفَةً «وَلا تَسْألُوا النَّاسَ شَيْئاً» . فَلَقَدْ رَأيْتُ بَعْضَ أُولئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوطُ أحَدِهِمْ فَمَا يَسأَلُ أحَداً يُنَاوِلُهُ إيّاهُ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحث على مكارم الأخلاق، والترفع عن تحمل منن الخلق، وتعظيم الصبر على مضض الحاجات، والاستغناء عن الناس، وعزّة النفس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التمسك بالعموم لأنهم نهوا عن سؤال الناس أموالهم، فحملوه على عمومه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التنزه عن جميع ما يسمى سؤالاً وإنْ كان حقيرًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[530] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/355) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَزَالُ الْمَسْأَلةُ بأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَلَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المُزْعَةُ» بضم الميم وإسكان الزايِ وبالعينِ المهملة: القِطْعَةُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: النهي عن السؤال من غير ضرورة، وأنه يحشر يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[531] وعنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَاليَدُ العُلْيَا هِيَ المُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: وللطبراني بإسناد صحيح عن حكيم بن حزام مرفوعًا: «يد الله فوق يد المعطي، ويد المعطي فوق يد المعطى، ويد المعطى أسفل الأيدي» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[532] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَألَ النَّاسَ تَكَثُّراً فإنَّمَا يَسْألُ جَمْراً؛ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريم السؤال من غير حاجة ظاهرة، وأنه كلما كثر سؤاله كثر عذابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[533] وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ المَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، إلا أنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطاناً أَوْ في أمْرٍ لا بُدَّ مِنْهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/356) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الكد» : الْخَدْشُ وَنَحْوُهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: قبح السؤال، ورخص في سؤال السلطان، لأن للسائل في بيت المال حق وكذلك السؤال للضرورة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[534] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ فَأنْزَلَهَا بالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أنْزَلَهَا باللهِ، فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح غريب) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«يُوشِكُ» بكسر الشين: أيْ يُسْرعُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال وَهْبُ بْن مُنَبِّهٍ لرجل يأتي الملوك: ويحك، تأتي من يغلق عنك بابه، وتدع من يفتح لك بابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[535] وعن ثوبان - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَكَفَّلَ لِي أنْ لا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئاً، وَأتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟» فقلتُ: أنَا، فَكَانَ لا يَسْأَلُ أحَداً شَيْئاً. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[536] وعن أَبي بِشْرٍ قَبيصَةَ بنِ المُخَارِقِ - رضي الله عنه - قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأتَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «أقِمْ حَتَّى تَأتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأمُرَ لَكَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بِهَا» ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبيصةُ، إنَّ المَسْأَلَةَ لا تَحِلُّ إلا لأَحَدِ ثلاثَةٍ: رَجُلٌ تحمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَها، ثُمَّ يُمْسِكُ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/357) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قواماً مِنْ عَيش - أَوْ قَالَ: سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ، حَتَّى يَقُولَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَى مِنْ قَوْمِه: لَقَدْ أصَابَتْ فُلاناً فَاقَةٌ. فَحلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يصيب قواماً من عيش، أَوْ قَالَ: سداداً من عيشِ، فما سِوَاهُنَّ مِنَ المسألَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ، يَأكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتاً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الحَمَالَةُ» بفتح الحاءِ: أنْ يَقَعَ قِتَالٌ وَنَحْوُهُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ، فَيُصْلِحُ إنْسَانٌ بَيْنَهُمْ عَلَى مَالٍ يَتَحَمَّلُهُ وَيَلْتَزِمُهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَ «الجَائحةُ» الآفَةُ تُصيبُ مَالَ الإنْسَانِ. وَ «القَوَامُ» بكسر القاف وفتحهَا: هُوَ مَا يَقُومُ بِهِ أمْرُ الإنسَان مِنْ مَال ونحوِهِ. وَ «السِّدَادُ» بكسر السين: مَا يَسُدُّ حَاجَةَ الْمَعْوِزِ وَيَكْفِيهِ، وَ «الفَاقَةُ» : الفَقْرُ. وَ «الحِجَى» : العَقْلُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم السؤال إلا في غُرْم، أو جائحة، أو فاقة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[537] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ المسكينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلكِنَّ المِسكينَ الَّذِي لا يَجِدُ غِنىً يُغْنِيهِ، وَلا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلا يَقُومُ فَيَسْألَ النَّاسَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ليس المسكين الكامل المسكنة الممدوح هذا الطوَّاف، ولك المسكين المتعفف الذي لا يجد غني يغنيه عن المسألة، ولا يُفطن له، لكتم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حاله، فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس، ولا يستطيع ضربًا في الأرض، {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/358) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">58- باب جواز الأخذ من غير مسألة وَلا تطلع إليه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[538] عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر عن عمر - رضي الله عنهم - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْطيني العَطَاءَ، فَأقُولُ: أعطِهِ مَنْ هُوَ أفْقَرُ إِلَيْهِ مِنّي. فَقَالَ: «خُذْهُ، إِذَا جَاءكَ مِنْ هَذَا المَال شَيْءٌ وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ، فَخُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، فَإنْ شِئْتَ كُلْهُ، وَإنْ شِئْتَ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا لا، فَلا تُتبعهُ نَفْسَكَ» قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبدُ الله لا يَسألُ أحَداً شَيْئاً، وَلا يَرُدُّ شَيْئاً ... أُعْطِيَه. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(مُشرف) : بالشين المعجمة: أيْ متطلع إِلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البخاري: باب من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة، ولا إشراف نفس {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات (19) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وذكر الحديث: قال الحافظ: وفي الحديث أنَّ للإمام أنْ يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجهًا وإن كان غيره أحوج إليه منه، وإن ردَّ عطية الإمام ليس من الأدب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">59- باب الحث عَلَى الأكل من عمل يده</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والتعفف به عن السؤال والتعرض للإعطاء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا في الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ الله} [الجمعة (10) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا أمر إباحة بعد النهي عن البيع، وكان عراك بن مالك إذا صلَّى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللَّهُمَّ إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/359) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[539] وعن أَبي عبد الله الزبير بن العَوَّام - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأَنْ يَأخُذَ أحَدُكُمْ أحبُلَهُ ثُمَّ يَأتِيَ الجَبَلَ، فَيَأْتِيَ بحُزمَةٍ مِنْ حَطَب عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيكُفّ اللهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَسْألَ النَّاسَ، أعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[540] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَسْألَ أحداً فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحضُّ على التعفف عن المسألة، والتنزه عنها، ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق، وارتكب المشاق، لما يدخل على السائل من ذل السؤال، وعلى المسؤول من الحرج.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[541] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ دَاوُدُ - عليه السلام - لا يَأكُلُ إلا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان داود عليه السلام ملكًا نبيًّا، وكان ينسج الدروع ويبيعها، ولا يأكل إلا من ثمنها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[542] وعنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كَانَ زَكرِيّا - عليه السلام - نَجَّاراً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز الصنائع، وأن النجارة صناعة فاضلة وأنها لا تسقط المروءة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[543] وعن المقدام بنِ مَعْدِ يكرِبَ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/360) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: «مَا أكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أنْ يَأكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِه، وَإنَّ نَبيَّ الله دَاوُدَ - عليه السلام - كَانَ يَأكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الاكتساب لا ينافي التوكل، فقد كان للجنيد دكان في البزازين، وكان يرخي ستره عليه، فيصلي ما بين الظهر والعصر، وكان إبراهيم بن أدهم يكثر الكسب وينفق منه ضرورته، ويتصدق بباقيه، وكان أحب طرقه إليه حفظ البساتين وخدمتها، لأنه تتم له فيها الخلوة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيُّ الكسب أطيب؟ قال: «عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">60- باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقةً بالله تعالى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكرم: الإنفاق بطيب نفس، والجود: الإنفاق فيما يعظم خطره ونفعه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ (39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ما أنفقتم في رضا الله عزَّ وجلّ فهز يخلفه في الدنيا بالمال، أو بالقناعة، وفي الآخرة بالجزاء المضاعف، قال الله تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة (245) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [البقرة (272) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ما تنفقوا من خير فثوابه لأنفسكم، فلا تمنُّوا به، وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/361) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال عطاء: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} ثوابه. {وَأنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} أي: لا تنقصون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فإنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة (273) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: فيجازيكم بقدره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[544] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ في الحَقّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا ويُعَلِّمُهَا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعناه: يَنْبَغي أنْ لا يُغبَطَ أحَدٌ إلا عَلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الخَصْلَتَيْنِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحكمة: العلم. وضابطها ما منع الجهل، وزجر عن القبيح، والعلم النافع هو القرآن والسنَّة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[545] وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيُّكُم مَالُ وَارِثِهِ أحبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» قالوا: يَا رسول اللهِ، مَا مِنَّا أحَدٌ إلا مَالُهُ أحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ: ... «فإنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالَ وَارِثِهِ مَا أخَّرَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: التحريض على ما يمكن تقديمه من المال في وجوه البر لينتفع به في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[546] وعن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الصدقة تقي من النار، ولو كانت قليلة، وفي الحديث الآخر: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/362) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[547] وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَا سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً قَطُّ، فقالَ: لا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق بالرد فإن كان عنده المسؤول، وساغ الإعطاء أعطى وإلا وعد كما قال تعالى: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً} [الإسراء (28) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[548] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبحُ العِبَادُ فِيهِ إلا مَلَكَانِ يَنْزلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحض على الإنفاق ورجاء قبول دعوة الملك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[549] وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَالَ الله تَعَالَى: أنفِق يَا ابْنَ آدَمَ يُنْفَقْ عَلَيْكَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الإنفاق الممدوح: ما كان في الطاعات، وعلى العيال والضيفان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[550] وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلاً سَألَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الإسلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المراد: الإطعام على وجه الصدقة، والهدية، والضيافة، ونحو ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» . المراد به: إفشاء السلام على من لقيت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: حض على ائتلاف القلوب واستجلاب مودتها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/363) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[551] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرْبَعُونَ خَصْلَةً: أعْلاهَا مَنِيحةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ مِنْهَا؛ رَجَاءَ ثَوَابهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلا أدْخَلَهُ الله تَعَالَى بِهَا الجَنَّةَ» . رواه البخاري. وقد سبق بيان هَذَا الحديث في باب بَيَانِ كَثْرَةِ طُرُقِ الخَيْرِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الإنسان ينبغي له أن يحرص على فعل الخير ولو كان قليلاً، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالمًا بالأربعين، وإنما لم يذكرها لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها، وذلك خشية أنْ يكون التعيين لها مزهدًا في غيرها من أبواب البر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[552] وعن أَبي أُمَامَة صُدّيِّ بن عَجْلانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ أن تَبْذُلَ الفَضلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأن تُمْسِكَه شَرٌّ لَكَ، وَلا تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الفضل: ما زاد على ما تدعو إليه حاجة الإنسان لنفسه ولمن يمونه من زوجة، وعبد، ودابة، وقريب؛ فلا يلام على إمساك ما يكف به الحاجة لذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[553] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَا سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئاً إلا أعْطَاهُ، وَلَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ، فَأعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/364) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">جَبَلَيْنِ، فَرجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أسْلِمُوا فإِنَّ مُحَمَّداً يُعطِي عَطَاءَ مَن لا يَخْشَى الفَقْر، وَإنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُريدُ إلا الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إلا يَسِيراً حَتَّى يَكُونَ الإسْلاَمُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم ترغيبًا في الإسلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كمال معرفته - صلى الله عليه وسلم - بدواء كل داء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[554] وعن عمر - رضي الله عنه - قَالَ: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَسْماً، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله، لَغَيْرُ هؤلاَءِ كَانُوا أحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: «إنَّهُمْ خَيرُونِي أنْ يَسألُوني بالفُحْشِ، أَوْ يُبَخِّلُونِي، وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من عظيم الخلق، والصبر، والحلم، والإعراض عن الجاهلين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[555] وعن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْن، فَعَلِقَهُ الأعْرَابُ يَسْألُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَة، فَخَطِفَت رِدَاءهُ، فَوَقَفَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أعْطُوني رِدَائي، فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هذِهِ العِضَاهِ نَعَماً، لَقَسَمْتُهُ بَينَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلا كَذّاباً وَلا جَبَاناً» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«مَقْفَلَهُ» أيْ: حَال رُجُوعِه. وَ «السَّمُرَةُ» : شَجَرَةٌ. وَ «العِضَاهُ» : شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: ذم البخل، والكذب، والجبن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من الحلم وحسن الخلق، والصبر على جفاة </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/365) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأعراب، وجواز وصف المرء نفسه بالخصال الحميدة عند الحاجة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[556] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَال، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إلا عِزّاً، وَمَا تَواضَعَ أحَدٌ لله إلا رَفَعَهُ اللهُ - عز وجل -» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الصدقة لا تنقص المال بل تزيده، لما تدفعه عنه الصدقة من الآفات، وتنزل بسبها البركات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن من عُرِف بالعفو والصفح ساد وعظم في قلوب الناس، وأن من تواضع رفعه الله في الدنيا والآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[557] وعن أَبي كبشة عمرو بن سعد الأنماري - رضي الله عنه - أنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ثَلاَثَةٌ أُقْسمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثاً فَاحْفَظُوهُ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إلا زَادَهُ اللهُ عِزّاً، وَلا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسألَةٍ إلا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقرٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - وَأُحَدِّثُكُمْ حَديثاً فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: «إنَّمَا الدُّنْيَا لأرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلماً، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقَّاً، فَهذا بأفضَلِ المَنَازِلِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/366) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَعَبْدٍ رَزَقهُ اللهُ عِلْماً، وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالاً لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بنيَّتِهِ، فأجْرُهُمَا سَوَاءٌ. وَعَبْدٍ رَزَقَهُ الله مَالاً، وَلَمَ يَرْزُقْهُ عِلْماً، فَهُوَ يَخبطُ في مَالِهِ بغَيرِ عِلْمٍ، لا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلا يَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقّاً، فَهذَا بأَخْبَثِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلا عِلْماً، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ما نقص مال عبد من صدقة» . يشهد له قوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ (39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزًّا» ، يشهد له قوله تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى (43) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر» وهذا مشاهد بالحس ويشهد له قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر (15) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «إنما الدنيا لأربعة ... » إلخ فالأول عَلِمَ وعَمِلَ صالحًا. والثاني: عَلِمَ وعزم على العمل الصالح لو قدر، فأجرهما سواء والثالث: لم يعْلَمْ ولم يعمَلْ في ماله صالحًا. والرابع: لم يعلَمْ وعزم على العمل السيِّئ، لو قدر على مال فوزهما سواء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال بعض العارفين:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أربعة تعجبت من شأنهم ... ?? ... فالعينُ في فكرتهم ساهرة ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فواحد دنياه مبسوطة ... ?? ... قد أوتي الدنيا مع الآخرة ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وآخر دنياه مقبوضة ... ???? ... وبعدها آخرة وافرة ... ?????</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وثالث دنياه مبسوطة ... ?? ... ليست له من بعده آخرة ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورابع أسقط من بينهم ... ?? ... ليست له دنيا ولا آخرة ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً} [الإسراء (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[558] وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بَقِيَ مِنْهَا؟» قالت: مَا بَقِيَ مِنْهَا إلا كَتِفُها. قَالَ: «بَقِيَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/367) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كُلُّهَا غَيْرُ كَتِفِهَا» . رواه الترمذي، وقال: «حديث صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعناه: تَصَدَّقُوا بِهَا إلا كَتِفَها. فَقَالَ: بَقِيَتْ لَنَا في الآخِرَةِ إلا كَتِفَهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: تحريض على الصدقة والاهتمام بها، وألا يكثر المرء ما أنفقه فيها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[559] وعن أسماء بنت أَبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما، قالت: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُوكِي فَيُوكي الله عَلَيْكِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «أنفقي أَوِ انْفَحِي، أَوْ انْضَحِي، وَلا تُحصي فَيُحْصِي اللهُ عَلَيْكِ، وَلا تُوعي فَيُوعي اللهُ عَلَيْكِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «انْفَحِي» بالحاء المهملة، وَهُوَ بمعنى «أنفقي» وكذلك «انْضحي» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الجزاء من جنس العمل، وأن من منع ما عنده من المال قطع الله عنه مادة الرزق، وهذا مفهوم قوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ (39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على الإنفاق في وجوهه ثقة بالله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[560] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: «مَثَل البَخيل وَالمُنْفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَديد مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ فَلا يُنْفِقُ إلا سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ، وَتَعْفُو أثرَهُ، وأمَّا البَخِيلُ، فَلا يُريدُ أنْ يُنْفِقَ شَيْئاً إلا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوسِّعُهَا فَلا تَتَّسِعُ» . متفقٌ عَلَيْهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/368) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «الجُبَّةُ» : الدِّرْعُ؛ وَمَعنَاهُ أنَّ المُنْفِقَ كُلَّمَا أنْفَقَ سَبَغَتْ، وَطَالَتْ حَتَّى تَجُرَّ وَرَاءهُ، وَتُخْفِيَ رِجْلَيْهِ وَأثَرَ مَشْيِهِ وَخطُوَاتِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القبض والشح من جبلة الإنسان قال الله تعالى: {وَكَانَ الإنسَانُ ... قَتُوراً} [الإسراء (100) ] ، والنفقة تستوعب عيوبه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وعدٌ للمنفق بالبركة والصيانة من البلاء والبخيل بضد ذلك. قال الله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ... [الحشر (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[561] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَدَّقَ بعَدلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ اللهُ إلا الطَّيبَ، فَإنَّ اللهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الفَلُوُّ» بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، ويقال أيضاً: بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو: وَهُوَ المُهْرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن الله لا يقبل الصدقة إلا من الكسب الطيب، وهو الحلال. وفي رواية: «ولا يصعد إلى الله إلا الطيب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «بيمينه» . قال الترمذي: قال أهل العلم من أهل السنة والجماعة: نؤمن بهذه الأحاديث، ولا نتوهم فيها تشبيهًا ولا نقول كيف، هكذا رُوي عن مالك، وابن عيينة، وابن المبارك، وغيرهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[562] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتاً في سَحَابَةٍ، اسقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأفْرَغَ مَاءهُ في حَرَّةٍ، فإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَت </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/369) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ذَلِكَ الماءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ المَاءَ، فإذَا رَجُلٌ قَائمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بِمسحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، ما اسمُكَ؟ قال: فُلانٌ للاسم الذي سَمِعَ في السَّحابةِ، فقال له: يا عبدَ الله، لِمَ تَسْألُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ صَوتْاً في السَّحابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاسمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا، فَقَالَ: أمَا إذ قلتَ هَذَا، فَإنِّي أنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أنَا وَعِيَالِي ثُلُثاً، وَأردُّ فِيهَا ثُلُثَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الحَرَّةُ» الأَرْضُ المُلَبَّسَةُ حجَارَةً سَوْدَاءَ. وَ «الشَّرْجَةُ» بفتح الشين المعجمة وإسكان الراءِ وبالجيم: هي مَسِيلُ الماءِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أن الصدقة تنتج البركة والمعونة من الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «ما نقصت صدقة من مال بل تزيده، بل تزيده» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">61- باب النهي عن البخل والشح</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَمَا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل (8: 11) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">البخل: معروف، والشح أبلغ من البخل؛ لأنه يبخل بما عنده، ويطلب ما ليس له. وقوله تعالى: {وَأَمَا مَنْ بَخِلَ} ، أي: بالإنفاق في الخيرات، {وَاسْتَغْنَى} ، أي: بالدنيا عن الآخرة، {وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى} ، أي: بالجزاء في الدار الآخرة، {فَسَنُيَسِّرُهُ} نهيئه {لِلْعُسْرَى} لطريق الشر، وهي الأعمال السيِّئة الموجبة للنار، {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ} الذي يبخل به {إِذَا تَرَدَّى} إذا مات، وهو في جهنم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن (16) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/370) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ومن سلم من الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم، {فَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، أي: الفائزون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن زيد وغيره: من لم يأخذ شيئًا نهاه الله عنه، ولم يمنع الزكاة المفروضة فقد برئ من شح النفس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن مسعود: شح النفس: أكل مال الناس بالباطل. أما منع الإنسان ماله فبخل، وهو قبيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عطية: شح النفس فقر لا يذهبه غنى المال بل يزيده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فتقدمت جملة مِنْهَا في الباب السابق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[563] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أنْ سَفَكُوا دِمَاءهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: استحلوا ما حرم الله عليهم حرصًا على المال، كما احتالوا على ما حرم الله عيهم من الشحوم، فأذابوها فباعوها واحتالوا لصيد السمك فحبلوا له يوم الجمعة وأخذوه يوم الأحد، وغير ذلك مما استحلوا به محارمهم وسفكوا به دماءهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">62- باب الإيثار والمواساة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[الحشر (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني: فاقة وحاجة، أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} ... [الدهر (8) ] . إلى آخر الآيات </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/371) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعني: ويطعمون الطعام وهم يحبونه، ويشتهونه، مسكينًا، ويتيمًا، وأسيرًا، وإن كان كافرًا، لوجه الله تعالى لا لحظ النفس، وخوفًا من عذاب يوم القيامة، فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم، ولقاهم نضرة في وجوههم، وسرورًا في قلوبهم، وجزاهم بما صبروا على ترك الشهوات، وأداء الواجبات جنةً وحريرًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[564] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إنِّي مَجْهُودٌ، فَأرسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقالت: وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عِنْدِي إلا مَاءٌ، ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثلَ ذَلِكَ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ مَا عِنْدِي إلا مَاءٌ. فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يُضيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا يَا رسولَ الله، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أكرِمِي ضَيْفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ قَالَ لامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فقَالَتْ: لا، إلا قُوتَ صِبيَانِي. قَالَ: فَعَلِّليهم بِشَيْءٍ وَإذَا أرَادُوا العَشَاءَ فَنَوِّمِيهمْ، وَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأطْفِئي السِّرَاجَ، وَأريهِ أنَّا نَأكُلُ. فَقَعَدُوا وَأكَلَ الضَّيْفُ وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لَقَدْ عَجبَ الله مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: أخرجه البخاري في التفسير، وفي فضائل الأنصار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب الإيثار على النفس ولو كان محتاجًا، وكذلك على العيال إذا لم يضرهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[565] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طَعَامُ الاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأربَعَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/372) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلمٍ عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأَرْبَعَة يَكْفِي الثَّمَانِية» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المراد بذلك: الحض على المكارم، والتقنع بالكفاية، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما، وإدخال رابع أيضًا بحسب من يحضر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعند الطبراني: «كلوا جميعًا ولا تفرقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين» . الحديث. فيؤخذ منه أن الكفاية تنشأ من بركة الاجتماع، وأن الجمع كلما زاد زادت البركة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصل معها البركة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنه ينبغي للمرء أن لا يستحقر ما عنده فيمتنع من تقديمه، فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[566] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصرِفُ بَصَرَهُ يَميناً وَشِمَالاً، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ» . فَذَكَرَ مِنْ أصْنَافِ المالِ مَا ذكر حَتَّى رَأيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الأمر بالمواساة من الفاضل، وهو كحديث: إنك يا ابن آدم إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/373) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[567] وعن سهل بن سعدٍ - رضي الله عنه - أنَّ أمْرَأةً جَاءَتْ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فَقَالَتْ: نَسَجْتُها بِيَدَيَّ لأَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجاً إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإنَّهَا إزَارُهُ، فَقَالَ فُلانٌ: اكْسُنِيهَا مَا أحْسَنَهَا! فَقَالَ:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«نَعَمْ» فَجَلَسَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المَجْلِسُ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَواهَا، ثُمَّ أرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ: فَقَالَ لَهُ الْقَومُ: مَا أحْسَنْتَ! لَبِسَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحتَاجَاً إِلَيْهَا، ثُمَّ سَألْتَهُ وَعَلِمْتَ أنَّهُ لا يَرُدُّ سَائِلاً، فَقَالَ: إنّي وَاللهِ مَا سَألْتُهُ لألْبِسَهَا، إنَّمَا سَألْتُهُ لِتَكُونَ كَفنِي. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز إعداد الشيء قبل الحاجة إليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعة جوده وقَبول الهدية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[568] وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إِذَا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بالمَديِنَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ في إنَاءٍ وَاحدٍ بالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأنَا مِنْهُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«أرْمَلُوا» : فَرَغَ زَادُهُمْ أَوْ قَارَبَ الفَرَاغَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: فضيلة الأشعريين، وفضيلة الإيثار، والمواساة، وفضيلة خلط الأزواد عند الحاجة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">63- باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك بِهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين (26) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يعرف ذلك مما قبل الآية هو قوله تعالى: {كَلا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/374) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الأَبْرَارَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين (18: 26) ] ، أي: فليتسابق المتسابقون، كقوله تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ} [الصافات (61) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[569] وعن سَهْلِ بن سَعدٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِشَرابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأشْيَاخُ، فَقَالَ لِلغُلاَمِ: «أتَأذَنُ لِي أنْ أُعْطِيَ هؤُلاء؟» فَقَالَ الغُلامُ: لا وَاللهِ يَا رسولَ الله، لا أُوْثِرُ بِنَصِيبي مِنْكَ أحَداً. فَتَلَّهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في يَدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«تَلَّهُ» بالتاءِ المثناة فوق: أيْ وَضَعَهُ. وَهذَا الغُلامُ هُوَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: أن سنَّة الشرب العامة تقديم الأيمن في كل موطن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن من استحق شيئًا لم يدفع عنه إلا بإذنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن الجوزي: وأنه استأذن الغلام دون الأعرابي في الحديث الآخر؛ لأن الأعرابي لم يكن له علم بالشريعة، فاستألفه بترك استئذانه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[570] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَا أيُّوبُ - عليه السلام - يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْثِي في ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ - عز وجل -: يَا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أغْنَيتكَ عَمَّا تَرَى؟! قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لا غِنى بي عن بَرَكَتِكَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز الاغتسال عريانًا في الخلوة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/375) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه بالشكر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: إنما حرص عليه أيوب عليه السلام لأنه قريب عهد بربه، كما حسر نبينا - صلى الله عليه وسلم - ثوبه حين نزل المطر، وقيل: لأنه نعمة جديدة خارقة للعادة، وكل ما نشأ عنها فهو بركة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">64- باب فضل الغَنِيّ الشاكر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بِهَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسْرَى} [الليل (5: 7) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أعطى ماله لوجه الله، واتقى محارمه، وصدق بالحسنى، أي: المجازاة، فسنيسِّره، نهيِّئه في الدنيا لليسرى، أي: للخلة التي توصله إلى اليسرى، والراحة في الآخرة، وهي الأعمال الصالحة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل (17: 21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: وسيجنب النار الأتقى، أي: من اتقى الشرك والمعاصي؛ الذي يعطي ماله في طاعة الله، يطلب تزكية نفسه طلبًا لمرضاة الله، ولسوف يرضى حين يرى جزاءه في الآخرة، وهذه الآيات نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، وهي عامة في جميع المؤمنين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي وَإنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة (271) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إنْ تبدوا الصدقات فَنِعْمَ ما أبديتم، وإنْ تعطوها مع إخفاء الفقراء فهو خير لكم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/376) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس رضي الله عنهما: السر في التطوع أفضل من العلانية، والفريضة علانيتها أفضل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران (92) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لن تنالوا كمال الخير حتى تنفقوا من المال الذي تحبونه، وما تنفقوا من شيء فإنَّ الله به عليم فيجازيكم بحسبه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في فضلِ الإنفاقِ في الطاعاتِ كثيرة معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة (274) ] ، وغيرها من الآيات المعروفة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[571] وعن عبدِ الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» . متفقٌ عَلَيْهِ. وتقدم شرحه قريباً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن شكر المال؛ إنفاقه في وجوه الطاعات، وأن شكر العلم العمل به وتعليمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[572] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله مَالاً، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» . متفقٌ عَلَيْهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/377) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الآناء» : السَّاعاتُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا ينبغي أن يغبط أحد إلا في هذين الخصلتين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[573] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ فُقَراءَ المُهَاجِرينَ أتَوْا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى، وَالنَّعِيم المُقيم، فَقَالَ: ... «وَمَا ذَاك؟» فَقَالوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ، وَيَعْتِقُونَ وَلا نَعْتِقُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلا يَكُونُ أحَدٌ أفْضَلَ مِنْكُمْ إلا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «تُسَبِّحُونَ وَتَحْمِدُونَ وَتُكَبِّرُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً» فَرَجَعَ فُقَرَاء المُهَاجِرِينَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أهلُ الأمْوالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثلَهُ؟ فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» . متفقٌ عَلَيْهِ، وَهَذا لفظ رواية مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الدُّثُور» : الأمْوَالُ الكَثِيرَةُ، وَالله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الغني على الفقير إذا استوت أعماله وأعمال الفقير البدنية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف، أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن العمل السهل قد يدرِك به صاحبه فضل العمل الشاق، وأن العمل القاصر قد يساوي المتعدِّي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">65- باب ذكر الموت وقصر الأمل</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/378) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَياةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران (185) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: وعد للمصدقين والمتقين ووعيد للمكذبين والعاصيين، وأن الفائز من نجي من النار، وأدخل الجنة، وأنَّ من اغترَّ بالدنيا فهو مغرور خاسر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدَاً وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان (34) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: أشياء استأثر الله بهنَّ فلم يطلع عليهنَّ ملكًا مقربًا، ولا نبيًّا مرسلاً، {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} ، فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة، في أي سنة، أو في أي شهر، {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} ، فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلاً أو نهارًا، {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} ، أذكر أم أنثى،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أحمر أو أسود، وما هو، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً} أخير أم شرّ، ولا تدري يا ابن آدم متى تموت، لعلك الميت غدًا، لعلك المصاب غدًا، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} ، أي ليس من أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض، أفي بحر، أم في بر، أو سهل، أو جبل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروى الطبراني عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما جعل الله منية عبد بأرض إلا جعل الله له فيها حاجة» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/379) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال أعْشَى همدان:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَمَا تَزُود مِمّا كَانَ يَجْمَعَه ... ?? ... سِوَى حنُوط غادة البَيْن مَع خرق ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَغَيْرُ نَفْحَةِ أَعْوَاد تَشِب لَهُ ... ?? ... وَقُلْ ذَلِكَ من زَادَ لمُنْطَلَق ... ????</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا تَأسِين عَلَى شَيْء فَكُل فَتَى ... ?? ... إِلَى مَنْيَتِهِ سَيّار فِي عَنَق ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَكُلّ مَنْ ظَنّ أَنَّ المَوْت يُخْطِئُهُ ... ?? ... مُعَلّل بِأَعَالِيل من حمق ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بِأَيّمَا بَلْدَةٍ تقدر منْيَته ... ?? ... إِلا يَسِير إِلَيْهَا طائعًا شبق ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَإذَا جَاءَ أجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف (34) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إذا جاء وقت انقضاء أعمارهم لا يتأخرون عنه، ولا يتقدمون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أمْوَالُكُمْ وَلا أوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هم الْخَاسِرُونَ * وَأنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَريبٍ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَأصَّدَّقَ وأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون (9: 11) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآيات: النهي عن الاشتغال بالأموال، والأولاد عن طاعة الله، والأمر بالإنفاق قبل الموت، والحض على المبادرة بالأعمال الصالحة، والتوبة قبل حضور الأجل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلّي أعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يبْعَثُونَ * فَإذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَومَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأولئِكَ الَّذِينَ خَسرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وَجَوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: { ... كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْئَلِ العَادِّينَ * قَالَ إنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُم تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون (99: 115) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/380) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} ، أي: ردوني إلى الدنيا {لَعَلّي أعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا} ، ردع عن طلب الرجعة، واستبعاد لها {إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} ، لا محالة، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه {وَمِنْ وَرَائِهِمْ} ، أي: أمامهم، {بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يبْعَثُونَ} ، {فَإذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} ، وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل للبعث {فَلا أنْسَابَ بَيْنَهُمْ} ، أي لا تنفع، {يَومَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ} ، أي: لا يسأل قريب قريبه، بل يفرح أن يجب له حق ولو على ولده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} ، أي: موازين أعماله، {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الفائزون بالنجاة والدرجات، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأولئِكَ الَّذِينَ خَسرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وَجَوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} أي: عابسون، وهم الكفار، {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} . وأما المسلمون فمن خفت موازين حسناته فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، ومصيره بعد ذلك إلى الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{قَالُوا} ، أي الكفار: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ * قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً} ، نسوا مدة لبثهم في الدنيا لعظم ما هم بِصَدَدِهِ من العذاب، وقيل: المراد السؤال عن مدة لبثهم في القبور؛ لأنهم أنكروا البعث.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فقيل لهم لما قاموا من القبور: {كَمْ لَبِثْتُمْ} ، {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْئَلِ العَادِّينَ} ، أي: الحاسبين، وهم الملائكة، {قَالَ إنْ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلاً} ، أي: ما لبثتم فيها إلا زمانًا قليلاً، {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُم تَعْلَمُونَ} ، أي: لما آثرتم الفاني على الباقي، {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} ، لعبًا وباطلاً. {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} ، أي: في الآخرة للجزاء، {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} ، أي: تقدس، أن يخلق شيئًا عبثًا لا لحكمة، فإنه الملك الحق المنزَّه عن ذلك {لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ ... الْكَرِيمِ} . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/381) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِم الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد (16) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالآيات في الباب كَثيرةٌ معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{أَلَمْ يَأْنِ} ألم يحن، أي: أما آن للمؤمنين {أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} أي: تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن فتفهم، وتنقاد له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: إنَّ الله استبطأ المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن أول ما يرفع من الناس الخشوع» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن مسعود: إنَّ بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، اخترعوا كتابًا من عند أنفسهم استهوته قلوبهم، واستحلته ألسنتهم، وكَانَ الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، فقالوا: تعالوا ندعوا بني إسرائيل</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إلى كتابنا هذا، فمن تابعنا عليه تركناه، ومن كره أن يتابعنا قتلناه، ففعلوا ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن ابن المبارك أنه في صباه حرك العود ليضربه، فإذا به قد نطق بهذه الآية، فتاب ابن المبارك، وكسر العود، وجاءه التوفيق والخشوع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} أي: خارجون عن طاعة الله، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لتتبعن سنن من كان قبلكم» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/382) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[574] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمِنْكَبي، فَقَالَ: «كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، يقول: إِذَا أمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أصْبَحتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الإنسان في الدنيا غريب ووطنه الحقيقي الجنة، وهي التي أنزل الله بها الأبوين ابتداء، وإليها المرجع إن شاء الله تعالى بفضل الله ورحمته، وهو مسافر في الدنيا بالأعمال الصالحة، وترك الأعمال السيئة، والمسافر لا يأخذ من المتاع إلا ما تدعوا إليه ضرورته، فإن الدنيا دار ممر، والآخرة هي دار المقر، فتزودوا من ممركم لمقركم، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وإن الآخرة هي دار القرار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشارح محمد بن علان رحمه الله تعالى:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إذا أمسيت فابتدئ الفلاحا ... ?? ... ولا تهمله تنتظر الصباحا ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وتب مما جنيت فكم أناسًا ... ?? ... قَضَوا نحبًا وقد باتوا صحاحًا ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[575] وعنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبيتُ لَيْلَتَيْنِ إلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ، هَذَا لفظ البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي روايةٍ لمسلمٍ: «يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ» قَالَ ابن عمر: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ إلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الوصية، واستحباب كتابتها، فإن كان عليه دين أو عنده أمانة وجب كتابتها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/383) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أنه لا ينبغي للمسلم أن يغفل عن الموت والاستعداد له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[576] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطُوطاً، فَقَالَ: «هَذَا الإنْسَانُ، وَهَذَا أجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ جَاءَ الخَطُّ الأَقْرَبُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[577] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَطّاً مُرَبَّعاً، وَخَطَّ خَطّاً في الوَسَطِ خَارِجَاً مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطاً صِغَاراً إِلَى هَذَا الَّذِي في الْوَسَطِ مِنْ جَانِبهِ الَّذِي في الوَسَط، فَقَالَ: «هَذَا الإنْسَانُ، وَهذَا أجَلُهُ مُحيطاً بِهِ - أَوْ قَدْ أحَاطَ بِهِ - وَهذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أمَلُهُ، وَهذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإنْ أخْطَأَهُ هَذَا، نَهَشَهُ هَذَا، وَإنْ أخْطَأَهُ هَذَا، نَهَشَهُ هَذَا» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ذُكر فيه صور كثيرة، وأقربها هكذا -، فالخط الأوسط هو الإِنسان، والمربع: أجله، والصغار: الآفات تعرض له، والخارج من المربع أمله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: التحريض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[578] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا بِالأعْمَالِ سَبْعاً، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلا فَقْراً مُنْسِياً، أَوْ غِنَىً مُطْغِياً، أَوْ مَرَضَاً مُفْسداً، أَوْ هَرَماً مُفَنِّداً، أَوْ مَوْتَاً مُجْهِزاً، أَوْ الدَّجّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أدْهَى وَأمَرُّ» ؟! . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/384) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: الأمر بالمسارعة إلى الأعمال الصالحة، قبل حصول واحدة من هذه النوازل التي تذهل الإِنسان من التوجُّه إلى العبادات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[579] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي: المَوْتَ. رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هاذم اللذات بالمعجمة، أي: قاطعها. وروي بالمهملة أي مزيلها من أصلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي حديث أنس مرفوعًا: «أكثروا ذكر هاذم اللذات فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها ... عليه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[580] وعن أُبَيِّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ» قُلْتُ: يَا رسول الله، إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ قَالَ: «مَا ... شِئْتَ» قُلْتُ: الرُّبُع، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: فَالنِّصْف؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: فالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: أجعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إذاً تُكْفى هَمَّكَ، وَيُغْفَر لَكَ ذَنْبكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تنبيه الناس من سِنَةِ الغفلة وتحريضهم على الطاعات. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/385) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والراجفة: هي النفخة الأولى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والرادفة: الثانية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر (68) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «جاء الموت بما فيه» . أي: من الأهوال عند الاحتضار، وفي القبر وأهواله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: فكم أجعل لك من صلاتي، أي: من دعائي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز ذكر الإنسان صالح عمله، لغرض كالاستفتاء ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">66- باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[581] عن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُوروها» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النهي عن زيارة القبور كان في أول الإِسلام، لقرب عهدهم بالجاهلية وكلماتها القبيحة، وأفعالهم التي كانوا يألفونها عند القبور، فلما علموا أحكام الشرع أمرهم بزيارتها لأنها تذكر الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروى الحاكم عن أنس مرفوعًا: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها فإنها ترق القلب، وتُدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا ... هَجْرًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[582] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّما كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى البَقِيعِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/386) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَيقولُ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَداً مُؤَجَّلْونَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[583] وعن بريدة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ أنْ يَقُولَ قَائِلُهُمْ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أهلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنينَ وَالمُسلمينَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ للاَحِقونَ، أسْألُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[584] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِقُبورٍ بالمدِينَةِ فَأقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ، أنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحنُ بالأثَرِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الأحاديث: استحباب زيارة القبور والدعاء لأهلها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">67- بابُ كراهة تمنّي الموت بسبب ضُرّ نزل بِهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَلا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[585] عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَتَمَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ، إمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» . متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/387) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأتِيَهُ؛ إنَّهُ إِذَا مَاتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإنَّهُ لا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمُرُهُ إلا خَيْراً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[586] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أصَابَهُ، فَإنْ كَانَ لا بُدَّ فَاعِلاً، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْراً لي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَت الوَفَاةُ خَيراً لي» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الأحاديث: النهي عن تمني الموت لضرٍّ أصابه من مرض، أو فقر أو نحو ذلك، وإنما كره تمنيه حينئذٍ لأنه يشعر بعدم الرضا بالقضاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «خيركم من طال عمره وحسن عمله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[587] وعن قيسِ بن أَبي حازم، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى خَبَّاب بن الأرَتِّ - رضي الله عنه - نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ، فَقَالَ: إنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا، وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وَإنَّا أصَبْنَا مَا لا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعاً إلا التُّرَابَ وَلولا أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أنْ نَدْعُوَ بالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. ثُمَّ أتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ يَبْنِي حَائِطاً لَهُ، فَقَالَ: إنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ إلا فِي شَيْءٍ يَجْعَلُهُ في هَذَا التُّرَابِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: جواز الكي، والنهي عن الدعاء بالموت، وجواز دفن المال إذا أعطى حقه الواجب فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كراهة البناء من غير حاجة. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/388) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">68- باب الورع وترك الشبهات</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ} [النور (15) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الورع: ترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس. والشبهات: ما لم يتضح وجه حله ولا حرمته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال حسان بن أبي سنان: ما رأيتُ شيئًا أهون من الورع: (دع ما يريبك إلى ما يريبك) . وهذه الآية نزلت في قصة عائشة حين رماها أهل الإفك، فقال تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور (15) ] ، أي: تظنون أنه سهل لا إثم فيه، ووزره عظيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار بُعْدَ مَا بين المشرق والمغرب» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر (14) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الكلبي: عليه طريق العباد لا يفوته أحد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن عباس: يرى ويسمع ويبصر ما تقول وتفعل وتهجس به العباد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: يعني يرصد خلقه فيما يعملون ويجازي كلا بسعيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[588] وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبَهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/389) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألا وَإنَّ لكُلّ مَلِكٍ حِمَىً، ألا وَإنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، ألا وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ القَلْبُ» . متفقٌ عَلَيْهِ، وروياه مِنْ طرقٍ بِألفَاظٍ متقاربةٍ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: أصل عظيم من أصول الشريعة، وأجمع العلماء على عظم موقعه، وكثرة فوائده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه» ، فيه إشارة إلى المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: المكروه: عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام، والمباح: عقبة بينه وبين المكروه فمن استكثر من المباح تطرق إلى المكروه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلح الجسد كله» ، أي: إذا صلح القلب بالإِيمان والعرفان، صلح بالأعمال والأحوال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وما أحسن قول القائل:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وإذا حلت العناية قلبًا ... ?? ... نشطت للعبادة الأعضاءُ ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فالقلب كالملك، والأعضاء كالرعية، وبصلاح الملك تصلح الرعية، وبفساده تفسد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[589] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: ... «لَوْلا أنِّي أخَافُ أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَة لأَكَلْتُهَا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحديث ذكره البخاري في باب ما يتنزه من الشبهات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: أنه ينبغي للإِنسان إذا شك في إِباحة شيء أن لا يفعله ما لم يُفْضِ إلى التنطع وأن الشيء التافه يجوز التقاطه من غير تعريف. ورأى عمر </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/390) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">رضي الله عنه رجلاً ينادي على عنبة التقطها، فضربه بالدِّرَّة وقال: إنَّ من الورع ما يمقت الله عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال البخاري: باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات. وذكر حديث عبد الله بن زيد قال: شكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يجد في الصلاة شيئًا أيقطع الصلاة؟ قال: «لا حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحًا» . وحديث</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عائشة رضي الله عنها: أن قومًا قالوا: يَا رسول الله إنَّ قومًا يأْتوننا باللحم لا ندري أَذكروا اسم الله عليه أَم لا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَمَّوا الله عليه وكلوه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: قد أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بجبنة وجبة، فأكل ولبس ولم ينظر لاحتمال مخالطة الخنزير لهم، ولا إِلى صُوفِها من مذبوح أو ميتة. ولو نظر أَحدٌ للاحتمال المذكور لم يجد حلالاً على وجه الأرض. وقال بعضهم: لا يتصور الحلال بيقين إلا في ماء المطر النازل من المساء الملتقي باليد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[590] وعن النَّواسِ بن سمعان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «البِرُّ: حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ: مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«حَاكَ» بِالحاءِ المهملةِ والكافِ: أيْ تَرَدَّدَ فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «البر حسن الخلق» . أي: التخلق بالأخلاق الحميدة، كطلاقة الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى، والرفق، والعدل، والإنصاف، والإِحسان، والإِثْمُ هو ما أَثَّر في القلب ضيقًا ونفورًا، وكراهية، وهذا يرجع إِليه عند الاشتباه إِذا كانت الفتوى بمجرد ظن من غير دليل شرعي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[591] وعن وَابِصَةَ بن مَعبدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أتَيْتُ رَسُول </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/391) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ... «جئتَ تَسْألُ عَنِ البِرِّ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البرُّ: مَا اطْمَأنَّت إِلَيْهِ النَّفسُ، وَاطْمأنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، وَالإثْمُ: مَا حَاكَ في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإنْ أفْتَاكَ النَّاسُ وَأفْتُوكَ» . حديث حسن، رواه أحمد والدَّارمِيُّ في مُسْنَدَيْهِمَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذا الحديث من جوامع الكلم؛ لأَن (البر) كلمة جامعة لجميع أفعال الخير، (والإثم) كلمة جامعة لجميع أَفعال الشر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[592] وعن أَبي سِرْوَعَةَ - بكسر السين المهملة وفتحها - عُقبَةَ بنِ الحارِثِ - رضي الله عنه - أنَّهُ تَزَوَّجَ ابنَةً لأبي إهَابِ بن عزيزٍ، فَأتَتْهُ امْرَأةٌ، فَقَالَتْ: إنّي قَدْ أرضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أعْلَمُ أنَّك أرضَعْتِنِي وَلا أخْبَرْتِني، فَرَكِبَ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ِ بِالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ: فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَيْفَ وَقَد قِيلَ» ؟ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ وَنَكَحَتْ زَوْجاً غَيْرَهُ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«إهَابٌ» بكسر الهمزة وَ «عَزيزٌ» بفتح العين وبزاي مكررة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحض على ترك الشبه والأخذ بالأحوط في الأمور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[593] وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قَالَ: حَفِظتُ من ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْ مَا يريبُكَ إِلَى ما لا يَرِيبُكَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معناه: اتْرُكْ مَا تَشُكُّ فِيهِ، وَخُذْ مَا لا تَشُكُّ فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إشارة إلى الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/392) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[594] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ لأبي بَكر الصديق - رضي الله عنه - غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْماً بِشَيءٍ، فَأكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلامُ: تَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بكر: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإنْسَانٍ في الجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الكَهَانَةَ، إلا أنّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي، فَأعْطَانِي بِذلِكَ هَذَا الَّذِي أكَلْتَ مِنْهُ، فَأدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الخَرَاجُ» : شَيْءٌ يَجْعَلُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ يُؤدِّيهِ إلى السيد كُلَّ يَومٍ، وَباقِي كَسْبِهِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكهانة بكسر الكاف: مصدر تكهن، وبالفتح: مصدر كهن، أي قضى له بالغيب. وفي «الورع» لأحمد عن ابن سيرين: (لم أعلم أحدًا استقاء من طعام غير أبي بكر، فإنه أتي بطعام فأكل منه، ثم قيل له: جاء به ابن النعيمان، قال: وأطعمتموني كهانة ابن النعيمان، ثم استقاء) . قال الحافظ: إنما قاء أبو بكر لما ثبت عنده من النهي عن حلوان الكاهن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[595] وعن نافِع أن عُمَرَ بن الخَطّاب - رضي الله عنه - كَانَ فَرَضَ لِلمُهَاجِرينَ الأَوَّلِينَ أرْبَعَةَ الآفٍ وَفَرَضَ لابْنِهِ ثَلاَثَة آلافٍ وَخَمْسَمئَةٍ، فَقيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ المُهَاجِرينَ فَلِمَ نَقَصْتَهُ؟ فَقَالَ: إنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أبَواهُ. يقول: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذا الحديث: دليلٌ على شدَّة وروع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[596] وعن عَطِيَّةَ بن عُروة السَّعْدِيِّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/393) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَبْلُغُ الْعَبدُ أنْ يَكُونَ منَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لا بَأسَ بِهِ، حَذَراً لِمَّا بِهِ بَأسٌ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا يصل إلى درجة الموصوفين بكمال التقوى حتى يترك ما لا شبهة فيه خشية وقوعه في المكروه والحرام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">69- باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أَو الخوف من فتنة في الدين ووقوع في حرام وشبهات ونحوها</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مبِينٌ} [الذاريات (50) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: ففروا إلى الله: فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإِيمان والطاعة. قال ابن عباس: فروا منه إليه وعملوا بطاعته. وقال سهل بن عبد الله: فروا مما سوى الله إلى الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن كثير: ففروا إلى الله، أي: الجئوا إليه، واعتمدوا في أُموركم عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشارح: فجمعت لفظة «ففروا» التحذير والاستدعاء. ويُنظر إلى هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحسين بن الفضل: من فر إلى غير الله لم يمتنع من الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[597] وعن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الغَنِيّ الْخَفِيَّ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/394) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمُرَادُ بـ «الغَنِيّ» غَنِيُّ النَّفْسِ، كَمَا سَبَقَ في الحديث الصحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الخفي: الخامل المشتغل بعبادة ربِّه وأُمور نفسه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[598] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللهِ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «يَتَّقِي اللهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل العزلة عند خوف الفتنة، ولا ينافيه حديث: «خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه» . ونحوه، لأَن هذا يختلف بحسب الأوقات، والأشخاص، والأحوال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[599] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُوشِكُ أنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتَّبعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ، وَمَواقعَ الْقَطْر يَفِرُّ بِدينِهِ مِنَ الفِتَنِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">و «شَعَفُ الجِبَالِ» : أعْلاَهَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أيضًا دليلٌ على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[600] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إلا رَعَى الْغَنَمَ» فَقَالَ أصْحَابُهُ: وأنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المراد بالقيراط هنا: جزء من الدينار والدرهم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/395) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: تواضعه - صلى الله عليه وسلم - واعترافه بنعمة الله عليه، والحكمة في رعي الأَنبياء الغنم ليتمرَّنوا بذلك على سياسة الأُمة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[601] وعنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ: «مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لهم رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سَبيلِ الله، يَطيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزعَةً، طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي القَتْلَ، أَوْ المَوْتَ مَظَانَّه، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيمَةٍ ... في رَأسِ شَعَفَةٍ مِنْ هذِهِ الشَّعَفِ، أَوْ بَطنِ وَادٍ مِنْ هذِهِ الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يأتِيَهُ اليَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إلا فِي خَيْرٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«يَطِيرُ» : أيْ يُسْرعُ. وَ «مَتْنُهُ» : ظَهْرُهُ. وَ «الهَيْعَةُ» : الصوتُ للحربِ. وَ «الفَزعَةُ» : نحوه. وَ «مَظَانُّ الشَيْءِ» : المواضعُ الَّتي يُظَنُّ وجودُهُ فِيهَا. وَ «الغُنَيْمَة» بضم الغين: تصغير الغنم. وَ «الشَّعَفَةُ» بفتح الشين والعين: هي أعلى الجَبَل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: فضيلة القتل أو الموت في سبيل الله، قال الله تعالى: {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران (157) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: فضيلة اعتزال الناس عند وقوع الفتنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">70- باب فضل الاختلاط بالناس</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وحضور جُمَعِهم وجماعاتهم، ومشاهد الخير،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومجالس الذكر معهم، وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم، ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم، وغير ذلك من مصالحهم لمن قدر عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر عَلَى الأذى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اعْلم أنَّ الاختلاط بالنَّاسِ عَلَى الوجهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ المختارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء صلواتُ اللهِ وسلامه </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/396) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَلَيْهِمْ، وكذلك الخُلفاءُ الرَّاشدون، ومن بعدَهُم مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، ومن بَعدَهُم من عُلَماءِ المُسلمين وأَخْيَارِهم، وَهُوَ مَذْهَبُ أكثَرِ التَّابِعينَ وَمَنْ بَعدَهُمْ، وبه قَالَ الشافعيُّ وأحمدُ وأكثَرُ الفقهاءِ رضي اللهُ عنهم أجمعين. ... قَالَ الله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة (2) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ففي الاختلاط: الاجتماع للتعاون على البر، أي: فعل المأمورات، كالجمعة والجماعات وإقامة الشرائع، وفيه التعاون على التقوى عن المنهيات وترك المحرمات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في معنى مَا ذكرته كثيرة معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران (104) ] ،</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف (4) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">71- باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} ... [الشعراء (215) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ألن جانبك للمؤمنين وارفق بهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ} ... [المائدة (54) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد ارتد قبائل من العرب في عهده - صلى الله عليه وسلم - وفي خلافة أبي بكر فقاتلهم أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم. ولما نزلت: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/397) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[المائدة (54) ] ، أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي موسى الأشعري وقال: «هم هذا وقومه» . يعني أهل اليمن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات ... (13) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الشَّعْب: رأس القبائل، كمضر، والقبيلة: كتميم، أي: جعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا لا لتفاخروا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم منسأة في الأجل» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا تمدحوها ولا تفخروا بأعمالكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الصحيح: «إذا كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلانًا كذا، وكذا، والله حسيبه. ولا أُزكِّي على الله أحدًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عنكم جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهؤُلاَءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} ... [الأعراف (48، 49) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأعراف: السُّوْرُ المضروب بين الجنة والنار، وأصحابه رجال تساوت حسناتهم وسيآتهم يقولون لأهل النار: ما أغنى عنكم مالكم ولا تكبركم، ولا منعكم ذلك عن دخول النار، وهؤلاء الضعفاء الذين كنتم تسخرون منهم </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/398) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وتحقرونهم في الدنيا وأقسمتم أن الله لا يُدخلهم الجنة، أدخلهم الله إيَّاها برحمته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[602] وعن عِيَاضِ بنِ حمارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله أوْحَى إِلَيَّ أنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أحَدٌ عَلَى أحَدٍ، وَلا يَبْغِي أحَدٌ عَلَى أحَدٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التواضع: الانكسار والتذلُّل، وضده: التكبر والرَّفع، ومَنْ تواضع لله رفع الله قدره، وطيَّب ذِكْرَه، ورفع درجته في الآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[603] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زادَ اللهُ عَبْداً بعَفْوٍ إلا عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أحَدٌ للهِ إلا رَفَعَهُ اللهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[604] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّهُ مَرَّ عَلَى صبيَانٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وقال: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تدريب الصبيان على أداب الشريعة، وطرح رداء الكبر والتواضع، ولين الجانب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[605] وعنه قَالَ: إن كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إمَاءِ المَدينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءتْ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: مزيد تواضعه - صلى الله عليه وسلم -، والتحريض على ذلك. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/399) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[606] وعن الأَسْوَدِ بن يَزيدَ، قَالَ: سَأَلْتُ عائشةُ رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قالت: كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أهْلِهِ - يعني: خِدمَة أهلِه - فإذا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">جاء ذلك مفسرًا في بعض الروايات: كان في بيته في مهنة أَهله يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعلِّف ناضحه، ويعقل البعير، ويأكل مع الخادم ويحمل بضاعته إلى السوق. ففي ذلك مزيد فضله، وكمال تواضعه - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[607] وعن أَبي رِفَاعَةَ تَميم بن أُسَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يخطب، فقلت: يَا رسول الله، رَجُلٌ غَريبٌ جَاءَ يَسْألُ عن دِينهِ لا يَدْرِي مَا دِينُهُ؟ فَأقْبَلَ عَليَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسيٍّ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأتَمَّ آخِرَهَا. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب تلطف السائل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كمال تواضعه - صلى الله عليه وسلم - ورفقه بالمسلمين وشفقته عليهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[608] وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أكَلَ طَعَاماً، لَعِقَ أصَابِعَهُ الثَّلاَثَ. قَالَ: وقال: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِط عنها الأَذى، وليَأكُلْها وَلا يَدَعْها لِلشَّيْطان» وأُمِرْنا أن نُسْلُتَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/400) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القَصْعَةُ، قَالَ: «فإنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَة» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: رد على من كره لعق الأصابع استقذارًا. قال الخطابي: عاف قَوْمٌ - أَفْسد قلوبهم - الرَّفه لعقها، وزعموا أَنه مستقبح، كأنهم لم يعلموا أَن الطعام الذي علق بالأَصابع جزءٌ ما أَكلوه وليس فيه أَكثر من مصها بباطن الشفة. انتهى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قلت: إنما يستقذر اللعق أَثناء الأَكل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب أَكل لقمته الساقطة كسرًا لنفسه، وتواضعًا لربه، والتماسًا للبركة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[609] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا بَعَثَ الله نَبِيّاً إلا رَعَى الغَنَمَ» قَالَ أصْحَابُهُ: وَأنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تنبيه على التواضع. وأَن تعاطي الكامل ما فيه كسر النفس لا يخل بمروءته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[610] وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُراعٍ أَوْ ذِرَاعٍ لأَجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إِلَيَّ ذراعٌ أَوْ كُراعٌ لَقَبِلْتُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: خصَّ الذراع والكراع بالذكر ليجمع بين الخطير والحقير، لأَن الذراع كانت أَحب إِليه من غيرها، والكراع لا قيمة لَهُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال ابن بطال: أَشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إِلى الحض على قبول الهدية وإن قلَّت، لئلا يمتنع الباعث من الهدية لاحتقار الشيء، فحض على ذلك لما فيه من التآلف. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/401) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: إجابة الداعي، وإن قل المدعو إليه، وفي ذلك كله تحريض على التواضع، وحث على تعاطي ما يبعث على التآلف ويغرس الوداد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[611] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَتْ ناقةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العضْبَاءُ لا تُسْبَقُ، أَوْ لا تَكَادُ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أعْرَابيٌّ عَلَى قَعودٍ لَهُ، فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَالَ: «حَقٌّ عَلَى اللهِ أنْ لا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إلا وَضَعَهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التزهيد في الدنيا، وإغماض الطرف عن زهرتها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: فيه هوان الدنيا على الله، والتنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على التواضع، وطرح رداء الكبر، والإِعلام بأن أُمور الدنيا ناقصة غير كاملة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - لحسن خلقه من إِذهاب ما يشق على أَصحابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">72- باب تحريم الكبر والإعجاب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُواً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص (83) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">العلوّ: الكبر. والفساد: المعاصي، يعني من تَرك ذلك فله الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء (37) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: بطرًا، وكبرًا، وخيلاء، كمشي الجبارين {إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ} ، أي: لن تقطعها بكبرك حتى تبلغ آخرها، {وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} ، أي: لا تقدر أن تطاول الجبال وتساويها بكبرك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي في من كان قبلكم </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/402) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعليه بردان يتبختر فيهما إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورأى البختري العابد رجلاً من آل علي يمشي وهو يخطر في مشيته. فقال له: يَا هذا، إنَّ الذي أكرمك به لم تكن هذه مشيته. قال: فتركها الرجل بعده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان (18) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ومعنى «تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ» : أيْ تُمِيلُهُ وتُعرِضُ بِهِ عَنِ النَّاسِ تَكَبُّراً عَلَيْهِمْ. وَ «المَرَحُ» : التَّبَخْتُرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: يقول لا تتكبَّر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلَّموك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال قتادة: ولا تحقرن الفقراء، ليكن الفقير والغني عندك سواء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ورُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رب ذي طمرين لا يُؤْبَهُ له، لو أقسم على الله لأَبَره. لو قال: (اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة لأعطاه الله الجنة ولم يعطه من الدنيا شيئًا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال عبد الله بن المبارك:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ألا رب ذي طمرين في منزل غدا ... ?? ... زرابيه مبثوثة ونمارقه ... ????</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قد اطردت أنواره حول قصره ... ?? ... وأشرق والتفت عليه حدائقه ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/403) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اللهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ} [القصص (76) ] ... إِلَى قَوْله تَعَالَى: ... {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص (81) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان قارون ابن عم موسى، آمن به ثم لحقه الزهو والإِعجاب فبغى على موسى وقومه. وكانت مفاتح خزائنه تثقل الجماعة الكثيرة. والفرح المنهي عنه هو انهماك النفس، والأثر، والإِعجاب. وقوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} [القصص (77) ] . بأن تصرفه في مرضاة الله {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} . من مأكل، وملبس، ومشرب وغيرها من المباحات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس لك يَا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت. وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس» . {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ} . بالمعاصي إن الله لا يحب المفسدين. قال: أي: لما وعظه قومه أخذته العزَّة بالإِثم. {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص (78) ] ، أي: علم بالتجارة، ووجوه تثمير المال وعَلِمَ الله أني أهل له ففضَّلني به عليكم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص (78) ] . أي: سؤال استعلام، فإنه تعالى مطلع عليهم وإنما يُسألون سؤال تقريع وتوبيخ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص (81) ] ... إلى آخر القصة. ففيها شؤم البغي، وسوء مصرع الكبر والإِعجاب ومحبة الدنيا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[612] وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّة مِنْ كِبْرٍ!» فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً، ونَعْلُهُ حَسَنَةً؟ قَالَ: «إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبْرُ: بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/404) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«بَطَرُ الحَقِّ» : دَفْعُهُ وَرَدُّهُ عَلَى قَائِلِهِ، وَ «غَمْطُ النَّاسِ» : احْتِقَارُهُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم الكبر، والوعيد الشديد على مرتكبه. وإن الجمال إذا لم يكن على وجه الفخر والخيلاء والمباهاة بل على سبيل إِظهار نعمة الله لا يدخل في الكبر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[613] وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنّ رَجُلاً أكَلَ عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشمالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بيَمِينِكَ» قَالَ: لا أسْتَطِيعُ! قَالَ: «لا اسْتَطَعْتَ» مَا مَنَعَهُ إلا الكِبْرُ. قَالَ: فما رفَعها إِلَى فِيهِ. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: جواز الدعاء على من قصد الخروج عن أَحكام الشريعة عمدًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[614] وعن حارثة بن وهْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أُخْبِرُكُمْ بأهْلِ النَّار: كلُّ عُتُلٍ جَوّاظٍ مُسْتَكْبرٍ» . متفقٌ عَلَيْهِ، وتقدم شرحه في بابِ ضعفةِ المسلمين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">العتل: الغليظ الجافي، والجواظ: الجموع المنوع، والمستكبر: المختال الفخور.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[615] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «احْتَجّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَت النَّارُ: فيَّ الْجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ. وقالتِ الجَنَّةُ: فيَّ ضُعفاءُ الناس ومساكينُهُم، فقضى اللهُ بَينهُما: إنكِ الجنّةُ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِك مَنْ أشَاءُ، وَإنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: دليل على أَن غالب أَهل النار الجبارون والمتكبرون، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/405) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأَن غالب أَهل الجنة الضعفاء، ويشهد لذلك قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف (48، 49) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[616] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">البطر: الفرح مع قلّة القيام بحق النعمة، وصرفها إلى غير وجهها، والبطر والخيلاء، والزهو، والكبر، والتبختر كلها بمعنى واحد، وهي حرام، وأمَّا الطرب فهو خفَّة مع فرح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والحديث دليل على أَن الإِسبال حرام إِذا كان على وجه الخُيلاء والبطر، وإلا فيكره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[617] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلاَثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَة، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«العَائِلُ» : الفَقِيرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سبب تخصيص، هؤلاء بهذا الوعيد، وإن كان لا يعذر أَحد بذنب، لأَن الشيخ قد ضعفت دواعي الشهوة فيه، والملك لا يخشى من أَحد من رعيته، والفقير قد عدم المال، وهو الداعي فصارت هذه الخصال الثلاث عزيزة في هؤلاء الثلاثة، فكان عذابهم أَشد من عذاب غيرهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[618] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ الله تعالى: العِزُّ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/406) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إزَاري، والكبرياءُ رِدائي، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">العز والكبرياء صفتان مختصتان بالله عز وجل لا يشاركه فيهما غيره، كما لا يشارك الرجل في إزاره وردائه، فمن ادعى العز والكبرياء فقد نازع الله في ملكه ومن نازع الله عذبه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[619] وعنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ رَأسَهُ، يَخْتَالُ فِي مَشْيَتهِ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ في الأَرضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«مُرَجِّلٌ رَأسَهُ» : أيْ مُمَشِّطُهُ، «يَتَجَلْجَلُ» بالجيمين: أيْ يَغُوصُ وَيَنْزِلُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال قتادة: يتجلجل في الأَرض كل يوم قامة رجل لا يبلغ قعرها إِلى يوم القيامة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: إنما فعل به ذلك تدريجًا ليدوم عليه العذاب فيكون أَبلغ في نكايته وإِهانته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[620] وعن سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجبَّارِين، فَيُصيبَهُ مَا أصَابَهُمْ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ» أيْ: يَرْتَفِعُ وَيَتَكبَّرُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال العاقولي: الباء في (يذهب بنفسه) للتعدية، أي: يرفع نفسه ويعتقدها </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/407) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عظيمة مرتفعة المقدار على الناس، ويجوز أَن تكون للمصاحبة أَي يوافقها على ما تريد من الاستعلاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قلت: ويشهد لهذا قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات (37: 39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">73- باب حسن الخلق</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم (4) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">حسن الخلق: بسط الوجه وبذل المعروف، وكفُّ الأذى. وقال علي: الخلق العظيم آداب القرآن. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «بُعثت لأُتمِّم مكارم الأخلاق» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران (134) ] الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إذا ثار بهم الغيظ كظموه وعفوا عمَّن أساء إليهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الثوري: الإِحسان أن تُحسن إلى المسيء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث أُقسم عليهنَّ: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوا إلا عِزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[621] وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ النَّاس خُلُقاً. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان حسن الخلق غريزة في النبي - صلى الله عليه وسلم - جبله الله عليها، واكتسابًا من القرآن، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَدبني ربي فأَحسن تأديِبِي» . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/408) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[622] وعنه قَالَ: مَا مَسِسْتُ دِيبَاجاً وَلا حَرِيراً ألْيَنَ مِنْ كَفِّ ... رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلا شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَقَدْ خدمتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سنين، فما قَالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلا قَالَ لِشَيءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَه؟ وَلا لشَيءٍ لَمْ أفعله: ألا فَعَلْتَ كَذا؟. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: (ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ، وورد في حديث آخر: أَنه شعث الكف والقدمين، فقيل: إن اللين بحسب أَصل الخلقة والخشونة لعرض عمل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: كمال خلقه - صلى الله عليه وسلم - وتسليمه للقدر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[623] وعن الصعب بن جَثَّامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أهديتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حِمَاراً وَحْشِيّاً، فَرَدَّهُ عَلَيَّ، فَلَمَّا رأى مَا في وجهي، قَالَ: «إنّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلا أنّا حُرُمٌ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحكم بالعلامة، لقوله: (فلما رأى ما في وجهي) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: جواز رد الهداية لعلة، والاعتذار عن ردها تطيبًا لقلب المهدي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[624] وعن النَّوَاس بنِ سمعان - رضي الله عنه - قَالَ: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البِرِّ وَالإثم، فَقَالَ: «البِرُّ: حُسنُ الخُلقِ، والإثمُ: مَا حاك في صدرِك، وكَرِهْتَ أن يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">البر: الطاعة، والإِثم: المعصية، حسن الخلق يقتدر به صاحبه على فعل المحاسن وترك المساوئ، والإِثم يذم صاحبه، والنفس بطبعها تحب المدح، وتكره الذمَّ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/409) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[625] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يكن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشاً وَلا مُتَفَحِّشاً، وكان يَقُولُ: «إنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاَقاً» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الفحش: ما يشتد قبحه من الأَقوال والأَفعال. والتفحش: تكلّف ذلك، أي: ليس ذا فحش في كلامه وأَفعاله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا» . لأَن حسن الخلق يدعو إِلى المحاسن، وترك المساوئ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[626] وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ في مِيزَانِ العبدِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإنَّ الله يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«البَذِيُّ» : هُوَ الَّذِي يتكلَّمُ بِالفُحْشِ ورديء الكلامِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة حسن الخلق، لأَنه يورث لصاحبه محبة الله، ومحبة عباده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: قبح الفحش والبذاءة، لأَنه يورث البغض من الله وعباده.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[627] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «تَقْوَى اللهِ وَحُسنُ الخُلُقِ» ، وَسُئِلَ عَنْ أكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ: «الفَمُ وَالفَرْجُ» . رواه الترمذي، وقال: ... «حديث حسن صحيح» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التقوى تصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/410) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[628] وعنه، قال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكْمَلُ المُؤمنينَ إيمَاناً أحسَنُهُمْ خُلُقاً، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كلما كان العبد أَحسن أَخلاقًا كان أَكمل إيمانًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله: «وخياركم خياركم لنسائهم» . وذلك بالبشاشة وطلاقه الوجه، وكف الأَذى، وبذل الندى، والصبر على إيذائها. وفي رواية: «إِن أكمل المؤمنين إيمانًا أَحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[629] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ المُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ» . رواه أَبُو داود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضيلة حسن الخلق، وأَنه يبلغ صاحبه أَعْلى الدرجات. وبسط الوجه، وبذل الندى، وكف الأذى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[630] وعن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنَا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَض الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ، وَإنْ كَانَ مُحِقّاً، وَبِبَيْتٍ في وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ، وَإنْ كَانَ مَازِحاً، وَبِبَيْتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ» . حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الزَّعِيمُ» : الضَّامِنُ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/411) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب ترك الجدال، وفي بعض الآثار: (إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العلم، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد بعبد شرًا فتح له باب الجدل، وأَغلق عنه باب العلم) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الحث على التخلق بحسن الخلق وترك الكذب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[631] وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إليَّ، وَأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ، أحَاسِنَكُم أخْلاَقاً، وَإنَّ أبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ القِيَامَةِ، الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهقُونَ» قالوا: يَا رسول الله، قَدْ عَلِمْنَا «الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ» ، فمَا المُتَفَيْهقُونَ؟ قَالَ: ... «المُتَكَبِّرُونَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الثَّرْثَارُ» : هُوَ كَثِيرُ الكَلاَمِ تَكَلُّفاً. وَ «المُتَشَدِّقُ» : المُتَطَاوِلُ ... عَلَى النَّاسِ بِكَلاَمِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَلءِ فِيهِ تَفَاصُحاً وَتَعْظِيماً لِكَلامِهِ، ... وَ «المُتَفَيْهِقُ» : أصلُهُ مِنَ الفَهْقِ وَهُوَ الامْتِلاَءُ، وَهُوَ الَّذِي يَمْلأُ فَمَهُ بِالكَلاَمِ وَيَتَوَسَّعُ فِيهِ، ويُغْرِبُ بِهِ تَكَبُّراً وَارْتِفَاعاً، وَإظْهَاراً للفَضيلَةِ عَلَى غَيْرِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وروى الترمذي عن عبد الله بن المباركِ رحِمه الله في تفسير حُسْنِ الخُلُقِ، قَالَ: «هُوَ طَلاَقَةُ الوَجه، وَبَذْلُ المَعروف، وَكَفُّ الأذَى» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الحافظ: حسن الخلق: اختيار الفضائل، وترك الرذائل، وقد جمع جماعة محاسن الأخلاق في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف (199) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">74- باب الحلم والأناة والرفق</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنينَ} [آل عمران (134) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/412) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية تحريض على التخلُّق بالإِحسان إلى الناس من العفو عنهم وكظم الغيظ، وغير ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأعْرِضْ عَنِ الجَاهِلينَ} ... [الأعراف (199) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد: {خُذِ الْعَفْوَ} ، يعني: من أخلاق الناس من غير تجسُّس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} ، أي المعروف، وكل ما يعرفه الشرع، {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} إذا تسفه عليك الجاهل فلا تقابله بالسفه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشعبي: لما أنزل الله عزَّ وجلَّ على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} قال: «ما هذا يَا جبريل؟» قال: «إنَّ الله أمرك أن تعفو عمَّن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت (34، 35) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإِساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوّهم كأنه وليٌّ حميم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال قتادة: الحظ العظيم: الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلَمنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى (43) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من صبر على الأذى ولم يجاز على السيئة، فإن ذلك من عزم الأمور المشكورة التي أمر الله بها. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/413) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[632] وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ: «إنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأنَاةُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحلم والأناة من صفات العقلاء. وسبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك للأشج. ما جاء في حديث الوفد، أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقام الأَشج عند رحالهم فجمعها، وعقل ناقته، ولبس أَحسن ثيابه ثم أَقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقربه وأَجلسه إلى جانبه. ثم قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تبايعوني على أَنفسكم، وقومكم» . فقال القوم: نعم. فقال الأشج: يَا رسول الله، إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه. نبايعك على أَنفسنا، ونرسل من يدعوهم. فمن أتبعنا كان منَّا، ومن أَبى قاتلناه. قال: «صدقت، إن فيك خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله. الحلم، والأناة» ، قال: يَا رسول</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الله، أكانا فِيَّ أم حدثًا، قال: «بل قديم» . قال: الحمد الله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[633] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّه» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[634] وعنها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطي عَلَى الرِّفق، مَا لا يُعْطِي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[635] وعنها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ في شَيْءٍ إلا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إلا شَانَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الرِّفق: لين الجانب بالقول والفعل، والأَخذ بالأَسهل، وهو ضد العنف، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/414) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهو الشدة والمشقة، فصاحب الرفق يدرك حاجته أَو بعضها، وصاحب العنف لا يدركها، وإِن أَدركها فبمشقة، وحريٌّ أن لا تتم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[636] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: بَال أعْرَابيٌّ في المسجدِ، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيَقَعُوا فِيهِ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعُوهُ وَأرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، فَإنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«السَّجْلُ» بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وَهِيَ الدَّلو الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً، وَكَذلِكَ الذَّنُوبُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الرفق في إنكار المنكر، وتعليم الجاهل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية ابن ماجة: فقال الأعرابي بعد أَن فقه: بأَبي وأُمي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يؤنب ولم يسب، فقال: «إِن هذا المسجد لا يُبال فيه، وإِنما بُني لذكر الله، والصلاة فيه» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث أيضًا: نجاسة بول الآدمي، ووجوب تنزيه المسجد، وأَنه يكتفي في ذلك بصب الماء عليها من غير تحجير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[637] وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اليسر: ضد العسر. قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج (78) ] . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» والتعسير يوجب التنفير. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/415) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[638] وعن جريرِ بنِ عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِفْقَ، يُحْرَمِ الخَيْرَ كلَّهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه الحث على الرفق في جميع الأمور، قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران (159) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[639] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أوْصِني. قَالَ: «لا تَغْضَبْ» ، فَرَدَّدَ مِرَاراً، قَالَ: «لا تَغْضَبْ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الغضب: جماع الشر، وباب من مداخل الشيطان الثلاثة وهي: الغفلة، والشهوة، والغضب. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: قد أفلح من عصم من الهوى، والغضب، والطمع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[640] وعن أَبي يعلى شَدَّاد بن أوسٍ - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإذَا قَتَلْتُم فَأحْسِنُوا القِتْلَة، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه، وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">معنى إِحسان القتلة: أَن لا يقصد التعذيب للمقتول وإِحسان الذبحة أن يرفق بالبهيمة عند الذبح. قال الإِمام أحمد: ما أبهمت عليه البهائم فلم تبهم أَنها تعرف ربها، وتعرف أَنها تموت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[641] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا خُيِّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلا أَخَذَ أيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إثماً، فَإنْ كَانَ إثماً، كَانَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/416) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. وَمَا انْتَقَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَطُّ، إلا أن تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله، فَيَنْتَقِمَ للهِ تَعَالَى. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الأَخذ بالأَيسر في أُمور الدين والدنيا إذا لم يكن فيه معصية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب ترك الانتقام للنفس كما في الحديث: «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من الحلم والصبر والقيام بالحق، والصلابة في الدين. وهذا هو الخلق الحسن قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم (4) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[642] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّار؟ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّار؟ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ، هَيّنٍ، لَيِّنٍ، سَهْلٍ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب ملاطفة الناس، وتسهيل الجانب لهم وقضاء حوائجهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث الآخر: «إنكم لا تسعون الناس بأَرزاقكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلق» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">75- باب العفو والإعراض عن الجاهلين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلينَ} ... [الأعراف (199) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وذلك لأنَّ في الإِعراض عن الجاهل إخمادًا لشره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشافعي رحمه الله تعالى:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/417) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب ... ?? ... نعم وفيه لصون العرض إصلاح ... ??</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر (85) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: عاملهم معاملة الحليم الصفوح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} ... [النور (22) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">نزلت في شأن الصدِّيق رضي الله عنه لما آلى أن لا ينفق على مسطح لرميه عائشة بالإِفك. فقال أبو بكر: بلى يَا رب، إني أُحبُّ أن تغفر لي، فرجع إلى مسطح ما كان يعطيه قبل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ} [آل عمران (134) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن العفو من صفات المحسنين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ... [الشورى (43) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: من صبر على الأذى وعفا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كما قال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى (40) ] ، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} [النحل (126) ] .. وغير ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[643] وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/418) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أشَدُّ مَا</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَقيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْني إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأنا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلا وأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا أنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبريلُ - عليه السلام -، فَنَادَاني، فَقَالَ: إنَّ الله تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ الله إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ. فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ قَدْ سَمِع قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ ... بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ» . فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الأخْشَبَان» : الجَبَلان المُحيطان بمكَّة. وَالأخشبُ: هُوَ الجبل الغليظ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لما مات أَبو طالب توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف وطلب منهم أَن يؤوه حتى يبلغ رسالة ربِّه فردوا عليه أقبح رد فرجع - صلى الله عليه وسلم - وهو مهموم إِذ فاته ما طلب منهم فلم ينتبه إلا وهو بقرن الثعالب، وهو قرن المنازل ميقات أَهل نجد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: بيان شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على قومه، وعفوه عنهم، ومزيد صبره وحلمه قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء (107) ] ، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ} [آل عمران (159) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[644] وعنها قالت: مَا ضَرَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً قَطُّ بِيَدِهِ، وَلا امْرَأةً وَلا خَادِماً، إلا أنْ يُجَاهِدَ فِي سَبيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إلا أن يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمُ للهِ تَعَالَى. رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/419) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -، وحلمه، وصبره، وعفوه، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[645] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أمشي مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَديدةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُر لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مزيد حُسْن خُلُقِهِ - صلى الله عليه وسلم - وصبره على سوء أَدب هذا الأَعرابي الجافي، وحلمه - صلى الله عليه وسلم - فإنه عفا عن جنايته عليه، وزاد على العفو بالبشر والعطاء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بشاشة وجه المرء خير من القِري ... فكيف من يعطي القِري وهو يضحك</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية البيهقي: (ثم قال: يَا محمد مُر لِيَ من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك، ولا من مال أَبيك. فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «المال مال الله وأَنا عبده» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وذكر في (الشفاء) أنه حمل له على بعير شعيرًا، وعلى الآخر تمرًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[646] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كأني أنظر إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيّاً مِنَ الأنبياءِ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُه عَلَيْهِمْ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ» . متفقٌ عَلَيْهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/420) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: زيادة الفضل بعد الصفح بالدعاء لهم، والاعتذار عنهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[647] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الشَّديدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والصُّرَعة: الذي يصرع الناس ويغلبهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والصُّرْعة: بالسكون الذي يصرعه الناس، أي: ليس القوي المحمود الذي يصرع الناس ويغلبهم، إنما المحمود الذي يغلب نفسه، ويملكها عند الغضب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">76- باب احتمال الأذى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} [آل عمران (134) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كظم الغيظ: حبس النفس عن مرادها من الانتقام. والعفو عن الناس: ترك مؤاخذتهم في ذلك. وفيه: إيماء إلى أن من كان متَّصفًا بهذه الصفات فهو من المحسنين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ... [الشورى (43) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: صبر على الإِيذاء وصفح عمن آذاه. {إِنَّ ذَلِكَ} ، أي: ما ذكر {لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ، أي: المأمور بها شرعًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الباب: الأحاديث السابقة في الباب قبله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: الأحاديث المذكورة في باب العفو، والإِعراض عن الجاهلين تدخل في باب احتمال الأذى. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/421) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[648] وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً، قَالَ: يَا رسول الله، إنّ لي قَرَابةً أصِلُهم وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلُمُ عَنهم وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ! فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ظَهيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد سَبَقَ شَرْحُهُ في بَابِ صلة الأرحام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحض على الصبر على الإِيذاء خصوصًا من الأَقارب، وأن من كان كذلك أعانه المولى سبحانه وتعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">77- باب الغضب إِذَا انتهكت حرمات الشّرع</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والانتصار لدين الله تعالى</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} ... [الحج (30) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: ومن يجتنب معاصي الله ومحارمه فله على ذلك خير كثير، وثواب جزيل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الزجاج: الحرمة ما وجب القيام به، وحرم التفريط فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الليث: حرمات الله ما لا يحل انتهاكها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنْ تَنْصُرُوْا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد (7) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: إن تنصروا دين الله، وتقوموا به ينصركم على عدوكم ويكف بأسهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الباب حديث عائشة رضي الله عنها السابق في باب العفو.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والمراد منه قولها: وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله تعالى. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/422) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[649] وعن أَبي مسعود عقبة بن عمرو البدري - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إنِّي لأَتَأخَّرُ عَن صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا! فَمَا رَأيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَضِبَ في مَوْعِظَةٍ قَطُّ أشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئذٍ؛ فَقَالَ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأيُّكُمْ أمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ؛ فَإنَّ مِنْ وَرَائِهِ الكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَذَا الحَاجَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: جواز الغضب في التعليم للمصلحة إذا لم يترتب على ذلك مفسدة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: استحباب التخفيف مع الإِتمام، وليس فيه حجة للنقارين، فإن التخفيف أمر نسبي راجع إلى فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[650] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هتكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجهُهُ، وقال: «يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بخَلْقِ اللهِ!» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«السَّهْوَةُ» : كَالصُّفَّةِ تَكُونُ بَيْنَ يدي البيت. وَ «القِرام» بكسر القاف: سِتر رقيق، وَ «هَتَكَه» : أفْسَدَ الصُّورَةَ الَّتي فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التماثيل: جمع تمثال، وهي الشيء المصور سواء كان شاخصًا أو نقشًا، أو نسجًا، أو دهانًا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «الذين يضاهون بخلق الله» ، أي يشبهون ما يضعونه بما يصنعه الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: تحريم التصوير واستعماله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[651] وعنها أن قرَيشاً أهَمَّهُمْ شَأنُ المَرأَةِ المخزومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: مَنْ يَجْتَرِئ عَلَيْهِ إلا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/423) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أُسَامَةُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ابنُ زَيْدٍ حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله» ؟! ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّمَا أهْلَك مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله، لَوْ أَنَّ فَاطمَةَ بِنْتَ مُحمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعتُ يَدَهَا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغت السلطان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن شرف الجاني لا يسقط الحد عنه، وأن أحكام الله تعالى يستوي فيها الشريف والوضيع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[652] وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأى نُخَامَةً في القبلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ في وَجْهِهِ؛ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: «إن أحدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، وَإنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبيْنَ القِبلْةِ، فَلا يَبْزُقَنَّ أحَدُكُمْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» ثُمَّ أخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هكذا» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَالأمرُ بالبُصَاقِ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ هُوَ فِيما إِذَا كَانَ في غَيْرِ المسجِدِ، فَأمَّا في المسجدِ فَلا يَبصُقُ إلا في ثَوْبِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن البصاق قبل القبلة، إذا كان يصلي لأنه يناجي ربه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">78- باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ... [الشعراء (215) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/424) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أمر الله تعالى نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يلين جانبه لمن اتبعه من المؤمنين، وقد أمر الله المؤمنين أن يقتدوا به، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل (90) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى بالعدل، وهو القسط والإِنصاف، وبالإِحسان إلى الناس، وبِصِلة الرحم، وينهى عن الفحشاء، وهي ما قبح من قولٍ أو فعلٍ، وعن المنكر: وهو ما ينكره الشرع، وعن البغي وهو العدوان على الناس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض العلماء: لو لم يكن في القرآن إلا هذه الآية لصدق عليه أنه تبيانٌ لكل شيء وهدىً ورحمةٌ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[653] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ: الإمَامُ رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أهلِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ في</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مال سيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وجوب القيام بحق الرعية وإرشادهم لمصالحهم الدينية والدنيوية، وردعهم عن ما يضرهم في دينهم ودنياهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[654] وعن أَبي يعلى مَعْقِل بن يَسارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّة» . متفقٌ عليه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/425) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: «فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلم: «مَا مِنْ أميرٍ يلي أمور المُسْلِمينَ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ لَهُمْ، إلا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وعيدٌ شديد لمن ولي أمر المسلمين ثم خانهم وغشهم وقدم مصلحته على مصلحتهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[655] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هَذَا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارفُقْ بِهِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: التنبيه لولاة الأُمور على السعي في مصالح الرعية، والجهد في دفع ضررهم، وما يشق عليهم من قولٍ أو فعل، وعدم الغفلة عن أحوالهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[656] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَانَتْ بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُم الأَنبِيَاء، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيكُونُ بَعْدِي خُلفَاءُ فَيَكثرُونَ» ، قالوا: يَا رسول الله، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّل فَالأَوَّل، ثُمَّ أعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، وَاسْأَلُوا الله الَّذِي لَكُمْ، فَإنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» متفقٌ عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: إيماء إلى أنه لا بد للرعية ممن يقوم بأمرها ويحملها على الحق، وينصف المظلوم من ظالمه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الأَمر بوفاء بيعة الخلفية وطاعته، وقتال من بغى عليه، والصبر على ظلمه. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/426) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[657] وعن عائِذ بن عمرو - رضي الله عنه - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبَيْد اللهِ بن زيادٍ، فَقَالَ لَهُ: أيْ بُنَيَّ، إنِّي سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ» فإيَاكَ أن تَكُونَ مِنْهُمْ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحطمة: العنيف بالبهائم في رعيها، ضرب مثلاً لوالي السوء الذي لا يرفق بالناس ولا يرحمهم. وفي الحديث مشروعية نصيحة الأُمراء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[658] وعن أَبي مريم الأزدِيِّ - رضي الله عنه - أنّه قَالَ لِمعاوية - رضي الله عنه - سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ وَلاهُ اللهُ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . فجعل معاوية رجلاً عَلَى حوائج النَّاسِ. رواه أَبُو داود والترمذي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: وعيدٌ شديدٌ لمن احتجب عن الرعية ولم يقض حوائجهم، سواء كان ملكًا، أو وزيرًا، أو قاضيًا، أو أميرًا، أو مديرًا، أو من دونهم ممن له ولاية على شيء من أُمور المسلمين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">79- باب الوالي العادل</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل (90) ] الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَأَقْسِطُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات (9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: اعدلوا وأنصفوا كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء (135) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/427) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[659] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عادِلٌ، وَشَابٌ نَشَأ في عِبادة الله تَعَالَى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللهِ اجتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ، فَقَالَ: إنّي أخافُ اللهَ، وَرَجُلٌ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل هؤلاء السبعة، وأشرفهم، الإِمام العادل، وفي معناه جميع الولاة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[660] وعن عبدِ اللهِ بن عَمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ: الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيْهِم وَمَا وَلُوْا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: فضل العدل في جميع الأُمور، وعظم ثواب فاعله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[661] وعن عوفِ بن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «خِيَارُ أئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ. وشِرَارُ أئِمَّتِكُم الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ!» ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رسول اللهِ، أفَلا نُنَابِذُهُم؟ قَالَ: «لا، مَا أقَامُوا فِيْكُمُ الصَّلاَةَ. لا، مَا أقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «تصلّون عَلَيْهِمْ» : تدعون لَهُمْ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: تعظيم الصلاة، وأنه لا يحوز الخروج على الإِمام المقيم </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/428) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">للصلاة، وفي حديث عبادة: «لا إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» ، وفي حديث أُم سلمة: قالوا: يَا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[662] وعن عِياضِ بن حِمارٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أهلُ الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ: ذُو سُلطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لكُلِّ ذي قُرْبَى ومُسْلِمٍ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِيالٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل الوالي العادل القائم بطاعة الله سبحانه وتعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: ثواب الواصل والرحيم بالمسلمين، وفضل المحتاج المتعفف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">80- باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وتحريم طاعتهم في المعصية</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء (59) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{أَطِيعُوا اللهَ} ، أي: اتبعوا كتابه، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ، أي: خذوا بسنته، {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ، أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[663] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ، إلا أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: وجوب السمع والطاعة والانقياد لقول ولي الأمر، سواء كان موافقًا لمراد المأمور، أو مخالفًا له إلا في معصية الله. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/429) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[664] وعنه قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمعِ والطَّاعَةِ، يَقُولُ لَنَا: «فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن وجوب السمع والطاعة على قدر الاستطاعة قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن (16) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[665] وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لَهُ: «وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ لِلجَمَاعَةِ، فَإنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«المِيتَةُ» بكسر الميم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيد شديد على من خرج على الإِمام ولم يَنْقَدْ له، ووجوب بيعة الإِمام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[666] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْمَعُوا وأطِيعُوا، وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ، كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان أهل الجاهلية يأنفون من الدخول تحت الطاعة خصوصًا العرب، فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك واجبٌ لكل أمير ولو أنه حقير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[667] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/430) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: وجوب السمع والطاعة للأمراء على كل حال ولو اختصوا بالمال دون مستحقيه فإن الله سائلهم عن ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[668] وعن عبدِ اللهِ بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: كنا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً، فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءهُ، وَمِنّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ في جَشَرِهِ، إذْ نَادَى مُنَادِي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: الصَّلاةَ جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبيٌّ قَبْلِي إلا كَانَ حَقّاً عَلَيْهِ أنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُم شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. وَإنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا في أوَّلِهَا، وَسَيُصيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتنَةٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَتَجِيءُ الفتنَةُ فَيقُولُ المُؤْمِنُ: هذه مُهلكتي، ثُمَّ تنكشفُ، وتجيء الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ: هذِهِ هذِهِ. فَمَنْ أحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، ويُدْخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأتِهِ منيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنَ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أنْ يُؤتَى إِلَيْهِ. وَمَنْ بَايَعَ إمَاماً فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إن استَطَاعَ، فإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنْقَ الآخَرِ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «يَنْتَضِلُ» أيْ: يُسَابِقُ بالرَّمْي بالنَّبل والنُّشَّاب. وَ «الجَشَرُ» : بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء، وهي: الدَّوابُّ الَّتي تَرْعَى وَتَبِيتُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَكَانَهَا. وَقَوْلُه: «يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً» أيْ: يُصَيِّرُ بَعْضُهَا بَعْضَاً رقيقاً: أيْ خَفِيفاً لِعِظَمِ مَا بَعْدَهُ، فالثَّانِي يُرَقّقُ الأَوَّلَ. وقيل مَعنَاهُ يُشَوِّقُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بتحسينهَا وَتَسويلِهَا، وقيل: يُشبِهُ بَعْضُها بَعضاً. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/431) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وإن أمَّتكم هذه جعل عافيتها في أولها» . قال القرطبي: المراد به زمان الخلفاء، الثلاثة إلى قتل عثمان فهذه كانت أزمنة اتفاق هذه الأمة واستقامة أمرها وعافية دينها، فلما قتل عثمان هاجت الفتن ولم تزل ولا تزال إلى يوم القيامة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه» . قال النووي: هذا من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -، وبدائع حكمه. وهذه قاعدة ينبغي الاعتناء بها، وهي أن الإِنسان يلتزم ألا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: وجوب طاعة الإمام وقتال من خرج عليه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[669] وعن أَبي هُنَيْدَةَ وَائِلِ بن حُجرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَألَ سَلَمَةُ بن يَزيدَ الجُعفِيُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله، أرأيتَ إنْ قامَت عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسألُونَا حَقَّهُم، وَيمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَألَهُ، فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْمَعْوا وَأَطِيعُوا، فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: وجوب السمع والطاعة للأمراء وإن لم يقوموا بحق الرعية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[670] وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا!» قالوا: يَا رسول الله، كَيْفَ تَأمُرُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأثرة: استئثار ولاة الأمر بالأموال على المستحقين فيها. وقد ظهر ذلك، فهو من جملة معجزاته - صلى الله عليه وسلم -. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/432) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: دليل على عدم التعرُّض للأئمة - وإن جاروا - والاعتماد على مكافأة الله تعالى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[671] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي، وَمَنْ يَعصِ الأميرَ فَقَدْ عَصَانِي» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: وجوب طاعة الأمراء، وتحريم معصيتهم، وقد قال الله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} [النساء (80) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[672] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَره مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحث على الصبر على جور الولاة، ولزوم طاعتهم وعدم الخروج عليهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[673] وعن أَبي بكرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أهانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ الله» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح. وَقَدْ سبق بعضها في أبواب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: وعيدٌ شديدٌ على من استخف بشأن السلطان ولم يسمع له ولم يطع لأمره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">81- باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إذا لَمْ يتعين عليه أَوْ تَدْعُ حاجة إِلَيْهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُريدُونَ عُلوّاً في </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/433) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ} [القصص (83) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">العلو: التكبُّر والاستكبار، والفساد: المعاصي والظلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[674] وعن أَبي سعيدٍ عبدِ الرحمنِ بن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَبْدَ الرَّحمن بن سَمُرَةَ، لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ؛ فَإنّكَ إن أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْألَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْألَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَأتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينكَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: النهي عن سؤال الإِمارة وأن من سألها لا يعان عليها وكذلك غيرها من الولايات. وروى ابن المنذر عن أنس رفعه: «من طلب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">القضاء واستعان عليه بالشغماء وُكِلَ إلى نفسه، ومن أُكره عليه أنزل الله له ملكًا يسدده»</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب التكفير عن اليمين وفعل الخير قال الله تعالى: {وَلا تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة (224) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[675] وعن أَبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إنِّي أرَاكَ ضَعِيفاً، وَإنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي. لا تَأمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: أن العاجز عن القيام بحقوق الإِمارة وتنفيذ أُمورها لا يجوز له أن يدخل فيها، وكذلك العاجز عن إصلاح مال اليتيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[676] وعنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، ألا تَسْتَعْمِلُني؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إنَّكَ ضَعِيفٌ، وإنّها أمانةٌ، وَإنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلا مَنْ أخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» . رواه مسلم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/434) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال القرطبي: ووجه ضعفه عنها: أن الغالب على أبي ذر، الزهادة في الدنيا، والإِعراض عنها، ومن كان كذلك لم يعتن بمصالح الدنيا ولا بأموالها، وبمراعتها تنتظم مصالح الدين ويتم أمره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[677] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإمَارَةِ، وَسَتَكونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: كراهة الحرص على الإِمارة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال بعض السلف: أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة. يعني: لمن لم يقم بحقها ولم يعدل فيها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">82- باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور عَلَى اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {الأَخِلاءُ يَوْمَئذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا المُتَّقِينَ} ... [الزخرف (67) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي: كل صداقة وصحبة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عزَّ وجلّ، فإنه دائم بدوامه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قلت: والصحبة ثلاث درجات: الأُولى: للدنيا، فهذه تزول بزوال سببها. الثانية: صحبةٌ على المعاصي، فإنها تنقلب عداوةً. الثالثة: صحبة الدين، فإنها تبقي في الدنيا والآخرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[678] عن أَبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَليفَةٍ إلا كَانَتْ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/435) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بالمَعْرُوفِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ» . رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على اتخاذ وزراء صالحين لولاة الأمور. وأن من سعادة ولي الأمر صلاح جلسائه، ومن شقاوته فساد جلسائه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقد قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لا تسل عن المرء وسل عن قرينه ... ?? ... فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي ... ???</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[679] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أرَادَ اللهُ بِالأَمِيرِ خَيْراً، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صدقٍ، إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإنْ ذَكَرَ أعَانَهُ، وَإِذَا أرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ، إنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ، وَإنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ» . رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ عَلَى شرط مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الحث على اتخاذ وزير صالح، وأن ذلك من علامة سعادة الوالي، والتحذير من وزير السوء، وأنه علامة على شقاوة الوالي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">83- باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">من الولايات لمن سألها أَوْ حرص عليها فعرَّض بها</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[680] عن أَبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَا وَرَجُلانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أحَدُهُمَا: يَا رسول الله، أمِّرْنَا عَلَى بَعْض مَا ولاكَ اللهُ - عز وجل -، وقال الآخَرُ مِثلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إنَّا وَاللهِ لا نُوَلِّي هَذَا العَمَلَ أحَداً سَألَهُ، أَوْ أحَداً حَرَصَ عَلَيْهِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">سؤال الولاية والحرص عليها يشعر بأنه لم يَسعَ في ذلك لنفع الإِسلام والمسلمين، وإنما سعى لنفع نفسه بجمع الدنيا، وفي ذلك إهلاك له، وإفساد لأمر الناس دنيا وأُخرى. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/436) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">====</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;"><img border="0" src="https://www.blogger.com/maowsoat_shurooh_hadith_title_01.gif" /> </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0004.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowleft010.gif" /></a> </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">( <a href="book-indx-032.htm">فهرس الكتاب</a> - <a href="index-all.htm">فهرس المحتويات</a> ) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;"><a href="pg_032_0002.htm"><img border="0" src="https://www.blogger.com/arrowright010.gif" /></a></span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">تطريز رياض الصالحين </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كِتَاب الأَدَب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">84- باب الحياء وفضله والحث على التخلق به</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[681] عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار وَهُوَ يَعِظُ أخَاهُ في الحَيَاءِ، فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْهُ، فَإنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأدب: الأخذ بمكارم الأخلاق. والحياء: من الأدب وهو من الإيمان. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[682] وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لمسلمٍ: «الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» أَوْ قَالَ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحياء يكف صاحبه عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثه على مكارم الأخلاق ومعاليها. قال بعض السلف: رأيت المعاصي نذالة فتركتها مروءةً، فاستحالت ديانةً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[683] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَوْلُ: لا إلهَ إِلا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/437) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الله، وَأدْنَاهَا إمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«البِضْعُ» بكسر الباءِ ويجوز فتحها: وَهُوَ مِنَ الثَّلاَثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «الشُّعْبَةُ» : القِطْعَةُ وَالْخَصْلَةُ. وَ «الإمَاطَةُ» : الإزَالَةُ. وَ «الأَذَى» : مَا يُؤْذِي كَحَجَرٍ وشوك وَطِينٍ ورماد وَقَذَرٍ وَنَحْو ذَلِكَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الإيمان: يطلق على جميع أمور الدين من اعتقاد القلب، وقول اللسان، وفعل الجوارح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[684] وعن أَبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئاً يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ في وَجْهِه. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ - أيْ النِّعَمِ - ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى حَيَاءً. وَالله أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">85- بابُ حفظ السِّر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء (34) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ذكر الآية في حفظ السر لأنه مما يعتاد التعاهد على كتمانه إما لفظًا أو بقرينة الحال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[685] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مِنْ أشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/438) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إِلَى الْمَرْأةِ وتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الإفضاء: مباشرة البشرة، وهو كناية عن الجماع. وفي الحديث وعيدٌ شديدٌ على من ذكر تفاصيل ما يقع بيينه وبين امرأته حال الجماع.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[686] وعن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ عمرَ - رضي الله عنه - حِيْنَ تأيَّمَتْ بِنْتُهُ حَفْصَةُ، قَالَ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ - رضي الله عنه -، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ؟ قَالَ: سأنْظُرُ فِي أمْرِي. فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أنْ لا أتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصديق - رضي الله عنه -، فقلتُ: إنْ شِئْتَ أنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بنْتَ عُمَرَ، فَصَمتَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -، فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيَّ شَيْئاً! فَكُنْتُ عَلَيْهِ أوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا النبي - صلى الله عليه وسلم - فَأنْكَحْتُهَا إيَّاهُ. فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِيْنَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئاً؟ فقلتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أنْ أرْجِعَ إِلَيْك فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ إِلا أنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَهَا، فَلَمْ أكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَوْ تَرَكَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَقَبِلْتُهَا. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «تَأَيَّمَتْ» أيْ: صَارَتْ بِلا زَوْجٍ، وَكَانَ زَوْجُهَا تُوُفِّيَ - رضي الله عنه -. ... «وَجَدْتَ» : غَضِبْتَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: عرض الإنسان موليته على أهل الخير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كتم السر والمبالغة في إخفائه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[687] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّ أزْوَاجُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/439) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عِنْدَهُ، فَأقْبَلَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَمْشِي، مَا تُخْطِئُ مِشيتُها مِنْ مشْيَةِ ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا، وقال: «مَرْحَباً بابْنَتِي» ، ثُمَّ أجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكتْ بُكَاءً شَديداً، فَلَمَّا رَأى جَزَعَهَا، سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ، فقلتُ لَهَا: خَصَّكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بالسِّرَارِ، ثُمَّ أنْتِ تَبْكِينَ! فَلَمَّا قَامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَألْتُهَا: مَا قَالَ لَكِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: مَا كُنْتُ لأُفْشِي عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ، لَمَا حَدَّثْتِنِي مَا قَالَ لَكِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالتْ: أمَّا الآن فَنَعَمْ، أمَّا حِيْنَ سَارَّنِي في المَرَّةِ الأُولَى فأخْبَرَنِي أنّ جِبْريلَ كَانَ يُعَارِضُهُ القُرآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَأنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وَإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إِلا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأيْتِ، فَلَمَّا رَأى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أمَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤُمِنِينَ، أَوْ سَيَّدَةَ نِساءِ هذِهِ الأُمَّةِ؟» فَضَحِكتُ ضَحِكِي الَّذِي رَأيْتِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: تقديم المؤانسة قبل الإخبار بالأمر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن جزاء الصبر على قدر عظم المصيبة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: لطف المولى سبحانه من تعقيب الكسر بالجبر، والحزن بالفرح، والعسر باليسر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: حفظ السر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[688] وعن ثَابِتٍ عن أنس - رضي الله عنه - قال: أتَى عَلَيَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأنَا ألْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَسَلمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَني فِي حاجَةٍ، فَأبْطَأتُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/440) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عَلَى أُمِّي. فَلَمَّا جِئْتُ، قالت: مَا حَبَسَكَ؟ فقلتُ: بَعَثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَةٍ، قالت: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إنَّهاَ سرٌّ. قالت: لا تُخْبِرَنَّ بِسرِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحَداً، قَالَ أنَسٌ: وَاللهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أحَداً لَحَدَّثْتُكَ بِهِ يَا ثَابِتُ. رواه مسلم وروى البخاري بعضه مختصراً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن حفظ السر يختلف باختلاف الأحوال، فتارةً يجوز إفشاؤه بعد الموت كما في حديث عائشة وفاطمة، وتارة لا يفشي. ولفظ البخاري عن أنس: (أسر النبي - صلى الله عليه وسلم - سرًا فما أخبرت به أحدًا بعده، ولقد سألتني أمي أم سليم فما أخبرتها به) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">86- باب الوفاء بالعهد وَإنجاز الوَعد</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَأوْفُوا بِالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} [الإسراء (34) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أوفوا بالعهد الذي تعاهدون عليه الناس، والعقود التي تعاملون بها فإنَّ كلاً من العهد والعقد مسؤول عنه صاحبه: هل وفَّى به أم لا؟</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَأوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل (91) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يأمر تعالى بالوفاء بالعهود والمواثيق، والمحافظة على الأَيمان المؤكدة، ولهذا قال: {وَلا تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل (91) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة (1) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: يعني: العهود: يعني: ما أحلَّ الله، وما حرَّم، وما حدَّ في القرآن كله ولا تغدروا، ولا تنكثوا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال زيد بن أسلم: هي ستة: عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/441) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف (2، 3) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">المقت: أشد البغض. وفي الآية وعيٌد شديدٌ لمخالف الوعد، وناكث العهد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[689] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زَادَ في روايةٍ لمسلم: «وإنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[690] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">النفاق: هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو نوعان: اعتقادي، ... وعملي. فالاعتقادي: هو النفاق الأكبر، وصاحبه مع الكفار مخلد معهم في النار. قال الله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} [التوبة (67، 68) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَلِيلاً} [النساء (142) ] إلى آخر الآيات. والنفاق العملي: هو النفاق الأصغر وهو من كبائر الذنوب. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/442) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[691] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أعْطَيْتُكَ هكَذَا وَهَكَذَا» فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَينِ حَتَّى قُبِضَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أمَرَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا، فَأتَيْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لي حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا، فَإذَا هِيَ خَمْسُ مِئَةٍ، فَقَالَ لِي: خُذْ مِثْلَيْهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">لما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بمكارم الأخلاق أدى أبو بكر مواعيده عنه، ولم يسأله البينة على ما ادَّعاه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">87- باب المحافظة عَلَى مَا اعتاده من الخير</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنْفُسِهِمْ} . [الرعد (11) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يُغِّيروا ما بأنفسهم فيعصوا ربهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكَاثاً} [النحل (92) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَ «الأنْكَاثُ» : جَمْعُ نِكْثٍ، وَهُوَ الْغَزْلُ المَنْقُوضُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال مجاهد وغيره: هذا مثل لمن نقض عهده بعد توكيده. قال: كانوا يخالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون أولئك الذين هم أكثر وأعز فنهوا عن ذلك. والآية تتناول نقض سائر العهود؛ لأن القرآن يعم بلفظه ولا يُقْصَرُ على سبب نزوله، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ... [محمد (33) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/443) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد (16) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: مالوا على الدنيا وأعرضوا عن مواعظ الله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال البغوي: والمعنى أنَّ الله عزَّ وجلّ ينهى المؤمنين أن يكونوا - في صحبة القرآن - كاليهود الذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد (27) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين: أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عزَّ وجلّ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[692] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عبْدَ الله، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من خير، وكراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبةً.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">88- باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوَجه عند اللقاء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنينَ} [الحجر (88) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لين جانبك، وتواضع للمؤمنين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران (159) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/444) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: لو كنت عنيفًا قاسي القلب لنفروا عنك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[693] وعن عدي بن حاتمٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: اتخذوا ما يقيكم من النار ولو كان يسيرًا من مال، أو خلق حسن.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[694] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» . متفقٌ عَلَيْهِِ، وَهُوَ بعض حديث تقدم بطولِه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الكلمة الطيبة: كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والشفاعة الحسنة، والإصلاح بين الناس ونحو ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[695] وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً، وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخَاكَ بوَجْهٍ طَلْيقٍ» . رواه مسلم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الوجه الطليق: هو المتهلل بالبشر والابتسام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال الشاعر:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">بَشَاشَةُ وَجْهِ المَرْءِ خَيْرٌ مِنَ القِرَى ... فَكَيْفَ بِمَنْ يُقْرِي القِرَى وَهُوَ يَضْحَكُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">89- باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وتكريره ليفهم إذا لَمْ يفهم إِلا بذلك</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[696] عن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةً أعَادَهَا ثَلاَثاً حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثاً. رواه البخاري. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/445) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن بطال: إنما كان تكرار الكلام والسلام إذا خشي أن لا يفهم عنه، أو لا يسمع سلامه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الثلاث غاية ما يقع فيه البيان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[697] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ كَلاَمُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلاماً فَصْلاً يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُ. رواه أَبُو داود.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أن كلامه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيِّن ظاهر لكل من سمعه ليس فيه تعقيد ولا تطويل. قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أعطيتُ جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارًا» . انتهى. وجوامع الكلم أن تجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">90- باب إصغاء الجليس لحديث جليسه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الذي ليس بحرام</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[698] عن جرير بن عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» ثُمَّ قَالَ: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: الأمر بالإنصات للعلماء والأمراء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: وعيدٌ شديدٌ في التقاتل بين المسلمين، واجتناب الأسباب المؤدية إلى ذلك من التقاطع، والتحاسد، والتباغض، والتدابر والتظالم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">91- بابُ الوَعظ والاقتصاد فِيهِ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل (125) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/446) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذه الآية: الأمر بالدعاء إلى دين الله، وتوحيده بالقرآن، وما فيه من المواعظ بلين ورفق من غير تغليظ، ولا تعنيف، ولهذا قال: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل (125) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[699] وعن أَبي وائلٍ شقيقِ بن سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ ابنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - يُذَكِّرُنَا في كُلِّ خَمِيسٍ مرة، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ، لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: أمَا إنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أنَّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ، وَإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«يَتَخَوَّلُنَا» : يَتَعَهَّدُنَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الموعظة: الوعظ، وهو الترغيب في ثواب الله لمن أطاعه، والترهيب من عقابه لمن عصاه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: مراعاة الأوقات في التذكير، لأن النفوس من طبعها الملل مما يداوم عليه وإن كان محبوبًا لها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[700] وعن أَبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقههِ، فأطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأقْصِرُوا الْخُطْبَةَ» . رواه مسلم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«مَئِنَّةٌ» بميم مفتوحة ثُمَّ همزة مكسورة ثُمَّ نون مشددة، أيْ: عَلاَمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى فِقْهِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إنما كان قصر الخطبة علامة على فقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني، وجوامع الألفاظ فيتمكن من التعبير بالكلام الجزل المفيد.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[701] وعن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي - رضي الله عنه - قال: بَيْنَا </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/447) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ! فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم عَلَى أفْخَاذِهِمْ! فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لكِنّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلّى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني، وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي. قَالَ: «إنَّ هذِهِ الصَّلاَةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِراءةُ القُرْآنِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قلتُ: يَا رسول الله، إنّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإسْلاَمِ، وَإنَّ مِنّا رِجَالاً يَأتُونَ الْكُهّانَ؟ قَالَ: «فَلا تَأتِهِمْ» قُلْتُ: وَمِنّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَاكَ شَيْء يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ» . رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الثُكْلُ» بضم الثاءِ المُثلثة: المُصيبَةُ الفَجِيعَةُ. «مَا كَهَرَنِي» أيْ: مَا نَهَرَنِي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «إنما هي التسبيح» ، أي: إنما الكلمات الصالحة فيها التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ونحو ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: إنما هو، أي: الذي يصلح في الصلاة التسبيح ونحوه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: أن من تكلم جاهلاً لا تبطل صلاته.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: النهي عن إتيان الكهان، والنهي عن التطير، وعن العمل بالطيرة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[702] وعن العِرْباض بن ساريَةَ - رضي الله عنه - قال: وَعَظَنَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ ... وَذَكَرَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/448) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الحَدِيثَ وَقَدْ سَبَقَ بِكَمَالِهِ في باب الأمْر بِالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَّة، وَذَكَرْنَا أنَّ التَّرْمِذِيَّ، قَالَ: (إنّه حديث حسن صحيح) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: استحباب الموعظة بما يحرك القلوب من الكلام الجزل الجامع البليغ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">92- باب الوقار والسكينة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمَاً} [الفرقان (63) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الهون: السيكنة والوقار، أي: يمشون متواضعين غير أشرين، ولا مرحين، ولا متكبِّرين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال محمد بن الحنفية: أصحاب وقار وعفة لا يسفهون، وإن سفه عليهم حلموا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن البصري: إنَّ المؤمنين قوم ذلل ذلت منهم والله الأسماع، والأبصار، والجوارح حتى يحسبهم الجاهل مرضى وما بالقوم من مرض وإنهم والله لأصحّاء، ولكنهم دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة. فقالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، أما والله ما أحزنهم ما أحزن الناس، ولا تعاظم في نفوسهم شيء طلبوا به الجندَ ولكن أبكاهم الخوف من النار أنه من لم يتعزى بعزاء الله تقطع نفسه عن الدنيا حسرات. ومن لم ير لله نعمة إلا في مطعم أو مشرب فقد قلَّ علمه، وحضر عذابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: والمراد بالهون هنا: لسكينة والوقار، وليس المراد أنهم يمشون كالمرض تصنُّعًا ورياء. فقد كان سيِّد ولد آدم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[703] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا رَأيْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/449) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">مُسْتَجْمِعاً قَطُّ ضَاحِكاً حَتَّى تُرَى مِنهُ لَهَوَاتُهُ إنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«اللَّهْوَاتُ» جَمْعُ لَهَاةٍ: وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتي في أقْصى سَقْفِ الْفَمِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبتسم ويضحك ولا يبالغ في الضحك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">93- باب الندب إِلَى إتيان الصلاة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ} ... [الحج (32) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: تعظيم أوامر الله ناشئ من تقوى قلوبهم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[704] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَلا تَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَونَ، وَأتُوهَا وَأنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أدْرَكْتُم فَصَلُّوا وَمَا فَاتكُمْ فَأَتِمُّوا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زاد مسلِمٌ في روايةٍ لَهُ: «فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ في صَلاَةٍ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال النووي: السكينة: التأني في الحركات، واجتناب العبث والوقار في الهيئة كغض البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» ، أي: أكملوا ما بقي من صلاتكم. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/450) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[705] وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَاءهُ زَجْراً شَديداً وَضَرْباً وَصَوْتاً للإِبْلِ، فَأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ، وقال: «أيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ، فَإنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ» رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الْبِرُّ» : الطَّاعَةُ. وَ «الإيضَاعُ» بِضادٍ معجمةٍ قبلها ياءٌ وهمزةٌ مكسورةٌ، وَهُوَ: الإسْرَاعُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">أي: أن البر ليس بالعجلة وإنما هو بالخضوع، والخشوع والاستكانة لمن لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">94- باب إكرام الضيف</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمَاً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ ألا تَأكُلُونَ} [الذاريات (24: 27) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} ، فيه تعظيم لشأن هذا الحديث، وتنبيه على أنه إنما عرف ذلك بالوحي، {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً} ، أي: نسلم عليكم سلامًا. قال: {قَالَ سَلامٌ} ، أي: عليكم {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} ، أي: أنتم قوم لا نعرفكم، {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ} ، أي: انسل خفيةً في سرعة، {فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} ، وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام بسرعة من حيث لا يشعرون وأتى بأفضل ما وجد من ماله ووضعه بين أيديهم، وقال: ألا تأكلون؟ على سبيل العرض والتلطف.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ في ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود (78) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/451) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">{وَجَاءهُ} ، أي: لوطًا {قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} يسرعون إليه عجلة لنيل مطلوبهم من أضيافه. {وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} أي: يأتون الرجال، يعني هذه عادتهم من قبل. {قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي} ، أي: فتزوَّجوهن واتركوا أضيافي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الشيخ ابن سعدي: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} ، يريدون فعل الفاحشة بأضياف لوط. فقال: {يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ، لعلمه أنه لا حق بهم فيهن كما عرض سليمان للمرأتين حين اختصما في الولد. فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. ومن المعلوم أنه لا يقع ذلك، وهذا مِثْلُه. ولهذا قال قومه: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود (79) ] ، وأيضًا يريد بعض العذر من أضيافه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[706] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">إكرام الضيف تلقيه بطلاقة الوجه، وتعجيل قراه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن إكرام الضيف، وصلة الرحم، وقول الخير، والصمات عن الشر من الإِيمان.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[707] وعن أَبي شُرَيْح خُوَيْلِدِ بن عَمرو الخُزَاعِيِّ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» قالوا: وَمَا جَائِزَتُهُ؟ يَا رسول الله، قَالَ: «يَوْمُهُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/452) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَلَيْلَتُهُ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية لِمسلمٍ: «ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يُقِيمَ عِنْدَ أخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ» قالوا: يَا رسول الله، وَكيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: «يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلا شَيْءَ لَهُ يُقْرِيه بِهِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال العلماء: المطلوب من المضيف أن يبالغ في إكرام الضيف اليوم الأول وليلته، وفي باقي اليومين يأتي له بما تيسر من الإِكرام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي الحديث: الحث على النظر إلى حال المضيف، والتخفيف عنه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">95- باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَبَشَّرْ عبادِ الذينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فيتَّبِعُونَ أَحْسَنهُ} [الزمر (17، 18) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">التبشير: الإِخبار بما يَسرُّ، {يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} ، أي: القرآن، ... {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} ، أي: يعملون بما فيه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال السدي: أحسن ما يؤمرون به. وقيل: أحسن الأُمور الخير فيها، كالعفو عن الظالم والعفو عن نصف الصداق، والعفو عن المعسر.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} . [التوبة (21) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">هذه أعظم بشارة؛ لأنَّ الرب عزَّ وجلّ هو المبشر، والمبشر به الجنة، والخلود فيها، والرضوان من الله، والمبشرون المؤمنون.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنْتُم تُوعَدُونَ} . [فصلت (30) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهذه بشارة الملائكة للمؤمنين عند الموت.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ} [الصافات (101) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/453) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وهو إسماعيل عليه السلام.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَلَقدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إبْراهِيمَ بِالبُشْرَى} [هود (69) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود (71) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن كثير: فضحكت سارة استبشارًا بهلاك قوم لوط، لكثرة فسادهم وغلظ كفرهم وعنادهم، فلهذا جوزيت بالبشارة بالولد بعد الإِياس.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تَعَالَى: {فَنَادَتْهُ المَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي في المِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران (39) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: سُمِّي محل الصلاة محرابًا لأنَّ المصلي يحارب فيه الشيطان. وقال تَعَالَى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمسِيحُ} [آل عمران (45) ] الآية.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: سُمِّي عيسى عليه السلام كلمة لأنه كان بـ (كُنْ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والآيات في الباب كثيرة معلومة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث فكثيرةٌ جِدّاً وهي مشهورة في الصحيح، مِنْهَا:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[708] عن أَبي إبراهيم، ويقال: أَبُو محمد، ويقال: أَبُو معاوية عبد اللهِ ابن أَبي أوفى رضي الله عنه: أنّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشَّرَ خَدِيجَةَ رضي اللهُ عنها ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ، وَلا نَصَبَ. متفقٌ عَلَيْهِ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/454) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«القَصَبُ» : هُنَا اللُّؤْلُؤُ الْمُجَوَّفُ. وَ «الصَّخَبُ» : الصِّياحُ وَاللَّغَطُ. وَ «النَّصَبُ» : التَّعَبُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: فضل خديجة رضي الله عنها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: أن الجنة لا تعب فيها؛ لأنها منزل تشريف وإجلال لا دار تكليف وأعمال.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[709] وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنَّهُ تَوَضَّأ في بَيْتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لأَلْزَمَنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا، فَجَاءَ الْمَسْجِدَ، فَسَألَ عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: وجَّهَ ها هُنَا، قَالَ: فَخَرَجْتُ عَلَى أثَرِهِ أسْألُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أريسٍ، فَجَلَسْتُ عِندَ البَابِ حتَّى قضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاجتهُ وتوضأ، فقمتُ إليهِ، فإذا هو قد جلسَ على بئرِ أريسٍ وتوَسَّطَ قُفَّهَا، وكشَفَ عنْ ساقيهِ ودلاهُما في البئرِ، فسلمتُ عَليهِ ثمَّ انصَرَفتُ، فجلستُ عِندَ البابِ، فَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَدَفَعَ الْبَابَ، فقلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فقُلتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهبْتُ، فقلتُ: يَا رسول الله، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَستَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» فَأقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَشِّرُكَ بِالجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكرٍ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَمينِ ... النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ في القُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ في البِئْرِ كَمَا صَنَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أخِي يَتَوَضَّأ وَيَلْحَقُنِي، فقلتُ: إنْ يُرِدِ الله بِفُلانٍ – يُريدُ أخَاهُ – خَيْراً يَأتِ بِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَإذَا إنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَاب، فقلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بن الخَطّابِ، فقلتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأذِنُ؟ فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ» فَجِئْتُ عُمَرَ، فقلتُ: أَذِنَ وَيُبَشِّرُكَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في القُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ في البِئرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلتُ: إنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلاَنٍ خَيْراً – يَعْنِي أخَاهُ – يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ فَحَرَّكَ الْبَابَ. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/455) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَقُلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بن عَفَّانَ. فقلتُ: عَلَى رِسْلِكَ، وجِئْتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ» فَجِئْتُ، فقلتُ: ادْخُلْ وَيُبَشِّرُكَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصيبُكَ، فَدَخَلَ فَوجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فجلس وِجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الآخرِ. قَالَ سَعيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وزاد في رواية: وأمرني رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحفظِ الباب. وَفيها: أنَّ عُثْمانَ حِيْنَ بَشَّرَهُ حَمِدَ اللهَ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: اللهُ المُسْتَعانُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَقَوْلُه: «وَجَّهَ» بفتحِ الواوِ وتشديد الجيمِ. أيْ: تَوَجَّهَ. وَقَوْلُه: «بِئْر أَرِيْسٍ» هُوَ بفتح الهمزة وكسرِ الراءِ وبعدها ياءٌ مثناة من تحت ساكِنة ثُمَّ سِين مهملة وَهُوَ مصروف ومنهم من منع صرفه، وَ «القُفُّ» بضم القاف وتشديد الفاءِ: وَهُوَ المبنيُّ حول البئر. قَوْلُه: «عَلَى رِسْلِك» بكسر الراء عَلَى المشهور، وقيل: بفتحِهَا، أيْ: ارفق.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: حسن ثمرة لزوم الأدب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: حسن الأدب في الاستئذان. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/456) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: الصبر على توقيع المصيبة وحمد الله تعالى على السراء والضراء</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التبشير بالخير.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[710] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كُنَّا قُعُوداً حَوْلَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَنَا أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما في نَفَرٍ، فَقَامَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْنِ أظْهُرِنَا فَأبْطَأ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أبْتَغِي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أتَيْتُ حَائِطاً للأنصَارِ لِبَني النَّجَارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أجِدُ لَهُ بَاباً؟ فَلَمْ أجِدْ! فَإذَا رَبيعٌ يَدْخُلُ في جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَهُ – وَالرَّبِيعُ: الجَدْوَلُ الصَّغِيرُ – فَاحْتَفَزْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقال: «أَبُو هُرَيْرَةَ؟» فقلتُ: نَعَمْ، يَا رسول اللهِ، قَالَ: «مَا شأنُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأبْطَأتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا، ففزعنا، فَكُنْتُ أوّلَ مَنْ فَزِعَ، فَأتَيْتُ هَذَا الحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وهؤلاء النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيرَةَ» وَأعْطَانِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أنْ لا إله إِلا الله مُسْتَيْقِنَاً بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ ... » وَذَكَرَ الحديثَ بطوله. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">«الرَّبِيعُ» : النَّهْرُ الصَّغَيرُ، وَهُوَ الجَدْوَلُ - بفتح الجيمِ - كَمَا فَسَّرَهُ في الحديث. وَقَوْلُه: «احْتَفَزْتُ» روِي بالراء وبالزاي، ومعناه بالزاي: تَضَامَمْتُ وتَصَاغَرْتُ حَتَّى أمْكَنَنِي الدُّخُولُ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: بشارةٌ عظيمةٌ لأهل التوحيد. وأن من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه فله الجنة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[711] وعن ابن شِمَاسَة، قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بنَ العَاصِ - رضي الله عنه - وَهُوَ في سِيَاقَةِ الْمَوْتِ، فَبَكَى طَوِيلاً، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الجِدَارِ، </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/457) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فَجَعَلَ ابْنُهُ، يَقُولُ: يَا أبَتَاهُ، أمَا بَشَّرَكَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكَذَا؟ أمَا بَشَّرَكَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا؟ فَأقْبَلَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إنَّ أفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أنْ لا إلهَ إِلا الله، وَأنَّ مُحَمَّداً رسول اللهِ، إنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى أطْبَاقٍ ثَلاَثٍ: لَقَدْ رَأيْتُنِي وَمَا أحَدٌ أشَدُّ بُغضاً لرسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي، وَلا أحَبَّ إليَّ مِنْ أنْ أكُونَ قدِ اسْتَمكنتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُه، فَلَوْ مُتُّ عَلَى تلكَ الحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الإسلامَ في قَلْبِي أتَيْتُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقُلْتُ: ابسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعُك، فَبَسَطَ يَمِينَهُ فَقَبَضْتُ يَدِي، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قلتُ: أردتُ أنْ أشْتَرِطَ، قَالَ: «تَشْتَرِط مَاذا؟» قُلْتُ: أنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: «أمَا عَلِمْتَ أن الإسلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأن الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبلَهَا، وَأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» وَمَا كَانَ أحدٌ أحَبَّ إليَّ مِنْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أجَلَّ في عَيني مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطيقُ أن أملأ عَيني مِنْهُ؛ إجلالاً لَهُ، ولو سئلت أن أصفه مَا أطقت، لأني لَمْ أكن أملأ عيني مِنْهُ، ولو مُتُّ عَلَى تِلْكَ الحالِ لَرجَوْتُ أن أكُونَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثُمَّ وَلِينَا أشْيَاءَ مَا أدْرِي مَا حَالِي فِيهَا؟ فَإذَا أنَا مُتُّ فَلا تَصحَبَنِّي نَائِحَةٌ وَلا نَارٌ، فَإذا دَفَنْتُمُونِي، فَشُنُّوا عَليَّ التُّرابَ شَنّاً، ثُمَّ أقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزورٌ، وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأنْظُرَ مَا أُرَاجعُ بِهِ رسُلَ رَبّي. رواه مسلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «شُنُّوا» رُوِي بالشّين المعجمة والمهملةِ، أيْ: صُبُّوه قَليلاً قَليلاً، والله سبحانه أعلم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: أنَّ المؤمن لا تفارقه خشية الله ولو عمل من الصالحات ما عمل، كما قال تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون (60) ] . </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/458) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: إثبات فتنة القبر، وسؤال الملكين، واستحباب المكث بعد القبر، والدعاء له.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: كراهة استصحاب النار للميت إلا أن تدعو إليها حاجة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">96- باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وغيره والدعاء لَهُ وطلب الدعاء مِنْهُ</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحاقَ إلهَاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ... [البقرة (132، 133) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا} ، أي: بالملة، وكلمة الإِخلاص لا إله إلا الله {إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ} ، ووصى بها أيضًا يعقوب بنيه فقالا: {إنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ} ، أي: دين الإسلام، {فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، أي: دوموا على الإسلام حتى تموتوا. وقالت اليهود للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ألستَ تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية؟ فردَّ الله عليهم بقوله {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحاقَ إلهَاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ، وإسماعيل عم يعقوب، فهو من التغليب.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وأما الأحاديث:</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[712] حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - الَّذِي سبق في بَابِ إكرام أهْلِ بَيْتِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَامَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِينَا خَطِيباً، فَحَمِدَ الله، وَأثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعْدُ، ألا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أنْ يَأتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ، أوَّلَهُمَا: كِتَابُ اللهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/459) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» ، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي، أذَكِّرُكُمُ اللهَ في أهْلِ بَيْتِي» رواه مسلم، وَقَدْ سَبَقَ بِطُولِهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: الحث على التمسُّك بكتاب الله، والاعتصام بحبله.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفيه: التمسُّك بمحبَّة أهل بيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[713] وعن أَبي سليمان مالِك بن الحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْنَا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحِيماً رَفيقاً، فَظَنَّ أنّا قد اشْتَقْنَا أهْلَنَا، فَسَألَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا مِنْ أهْلِنَا، فَأخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أهْلِيكُمْ، فَأقِيمُوا فِيهمْ، وَعَلِّمُوهُم وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِيْنِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا في حِيْنِ كَذَا، فَإذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">زاد البخاري في رواية لَهُ: «وَصَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أُصَلِّي» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْلُه: «رحِيماً رَفِيقاً» رُوِيَ بِفاءٍ وقافٍ، وَرُوِيَ بقافينِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: ما يدل على تساويهم فِي الأَخذ عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومدة الإِقامة عنده، فلم يبق إلا السن، فلهذا قال: «وليؤمكم أكبركم» ، وأما الأذان: فالقصد منه الإِعلام بدخول وقت الصلاة، فاستوى فيه الكامل وغيره، فلهذا قال: «فليؤذن لكم أحدكم» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[714] وعن عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: اسْتأذَنْتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العُمْرَةِ، فَأذِنَ، وقال: «لا تَنْسَانَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ» فقالَ كَلِمَةً ما يَسُرُّنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية قَالَ: «أشْرِكْنَا يَا أُخَيَّ في دُعَائِكَ» . رواه أَبُو داود </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/460) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: مزيد تواضعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والحث على سؤال الدعاء من سائر المسلمين، وإن كان السائل أفضل.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[715] وعن سالم بنِ عبدِ الله بنِ عمر: أنَّ عبدَ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، كَانَ يَقُولُ للرَّجُلِ إِذَا أرَادَ سَفَراً: ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كَمَا كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَدِّعُنَا، فَيَقُولُ: «أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ، وَأمَانَتَكَ، وَخَواتِيمَ عَمَلِكَ» رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ غريب) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[716] وعن عبدِ الله بن يزيدَ الخطْمِيِّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - قال: كَانَ ... رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أرَادَ أنْ يُوَدِّعَ الجَيشَ، قَالَ: «أسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكُمْ، وَأمَانَتَكُمْ، وَخَواتِيمَ أعْمَالِكُمْ» حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في الحديث: كمال فضله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتوديعه لأصحابه مع علو مقامه، وذكر الدين، لأن السفر مظنة التساهل في أمره والأمانة: التكاليف الشرعية، وذكر خواتيم الأعمال اهتمامًا بشأنها؛ لأن الأعمال بالخواتيم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[717] وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رسولَ الله إنّي أُرِيدُ سَفَراً، فَزَوِّدْنِي، فَقَالَ: «زَوَّدَكَ الله التَّقْوَى» قَالَ: زِدْنِي قَالَ: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب مجيء المسافر لأصحابه، وسؤاله دعاءهم، وعلم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقرينة حال السائل أن مراده الإِمداد بالدعاء، فلذا قال: «زودك الله التقوى» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">97- </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/461) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">باب الاستِخارة والمشاورة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران (159) ] ، وقال تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى (38) ] أيْ: يَتَشَاوَرُونَ فِيهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الاستخارة: سؤال خير الأمرين من الله تعالى. وفي المشاورة تطييب لقلوب الأصحاب، واستظهار رأي قد يخفى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[718] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بِالأمْرِ، فَلْيَركعْ ركْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ ليقل: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيْمِ، فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أعْلَمُ، وَأنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي» أَوْ قَالَ: «عَاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ. وَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» أَوْ قَالَ: «عَاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ؛ فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي بِهِ» قَالَ: «وَيُسَمِّيْ حَاجَتَهُ» رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في هذا الحديث: استحباب الاستخارة في الأمور كلها. وورد في بعض الآثار (ما ندم من استخار الله وشاور المخلوقين) . وفي كلام الحكمة: أن الناس ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا رجل، فالرجل من كان له رأي ويستشير. ونصف الرجل من كان له رأي ولا يستشير، أو ليس له رأي ويستشير. والناقص من لا رأي له، ولا يتشير. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/462) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">98- باب استحباب الذهاب إِلَى العيد</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[719] عن جابر - رضي الله عنه - قال: كَانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ يومُ عيدٍ خَالَفَ الطَّريقَ. رواه البخاري.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَوْله: «خَالَفَ الطَّريقَ» يعني: ذَهَبَ في طريقٍ، وَرَجَعَ في طريقٍ آخَرَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قيل: يستحب أن يجعل الطريق للذهاب حيث لا يخشى الفوات.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[720] وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَريق الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَريقِ الْمُعَرَّسِ، وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ، دَخَلَ مِن الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">ثنية العليا: هي المسماة الآن ريع الحمول، والسفلى: الشبيكة.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">99- باب استحباب تقديم اليمين</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">في كل مَا هو من باب التكريم</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَدُخولِ الْمَسْجِدِ، وَالسِّوَاكِ، وَالاكْتِحَالِ، وَتقليم الأظْفار، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَتْفِ الإبْطِ، وَحلقِ الرَّأسِ، وَالسّلامِ مِنَ الصَّلاَةِ، وَالأكْلِ، والشُّربِ، وَالمُصافحَةِ، وَاسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، والخروجِ منَ الخلاءِ، والأخذ والعطاء وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ في معناه. ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/463) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار، ودخولِ الخَلاءِ، والخروج من المَسْجِدِ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويلِ والثوبِ، والاسْتِنْجَاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذرَاتِ وأشْبَاه ذَلِكَ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الجامع لهذا أنه يستحب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التطييب والتكريم، وتقديم اليسرى في كل ما هو من باب الإهانة والاستقذار.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بيَمينِهِ فَيْقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيْه} [الحاقة (19) ] الآيات، وقَالَ تَعَالَى: {فَأصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أصْحَابُ المَيْمَنَةِ * وَأَصْحابُ المَشْئَمَةِ مَا أصْحَابُ المَشْئَمَةِ} [الواقعة (8، 9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">عن أبي عثمان قال: المؤمن يُعطى كتابه بيمينه في ستر من الله، فيقرأ سيَّئاته، فكلما قرأ سيئَّة تغيَّر لونه حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه. ثم ينظر فإذا سيَّائته قد بُدِّلت حسنات. قال فعند ذلك يقول: {هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ} .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة (25) ] قال ابن السائب: تُلوى يده اليسرى خلف ظهره، ثم يُعطى كتابه.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة (8، 9) ] .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">قال ابن عباس: أصحاب الميمنة: هم الذين كانوا على يمين آدم حين أُخرجت الذرية من صلبه، وأصحاب المشأمة: هم الذين كانوا على شمال آدم.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وقال الحسن: أصحاب الميمنة: هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم، وكانت أعمارهم في طاعة الله. وأصحاب المشأمة: هم المشائيم على أنفسهم، وكانت أعمارهم في المعاصي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[721] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/464) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في شَأنِهِ كُلِّهِ: في طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم، واستحباب استعمال اليسرى في ما كان من باب الاستقذار. قال الشارح، ويكون إمساك السواك باليد اليمنى.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[722] وعنها قالت: كَانَتْ يَدُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتِ يده الْيُسْرَى لِخَلائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أذَىً. حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بإسنادٍ صحيحٍ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">الأذى: كالامتخاط، والاستنجاء، ونحو ذلك.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[723] وعن أم عطية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لهن في غَسْلِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها: «ابْدَأنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب التيامن في غسل الميت كاستحبابه في غسل الحي.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[724] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا انْتَعَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدأْ بِالشِّمَالِ. لِتَكُنْ اليُمْنَى أوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: استحباب البداءة باليمين في لبس النعل، وبالشمال في نزعها ويقاس على ذلك لبس الثوب، والسراويل ونحوها.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[725] وعن حفصة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/465) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">يجعل يَمينَهُ لطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ يَسَارَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أَبُو داود وغيره.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">[726] وعن أَبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا لَبِسْتُمْ، وَإِذَا تَوَضَّأتُمْ، فَابْدَأوا بأيَامِنِكُمْ» . حديث صحيح، رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: مشروعية البداءة بغسل اليد اليمنى قبل اليسرى في الوضوء، وكذلك في الرجلين.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: #04ff00;">[727] </span>وعن أنس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى مِنىً، فَأتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أتَى مَنْزِلَهُ بِمِنَىً ونحر، ثُمَّ قَالَ لِلحَلاقِ: «خُذْ» وأشَارَ إِلَى جَانِبهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ. متفقٌ عَلَيْهِ.</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">وفي رواية: لما رمَى الجَمْرَةَ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ، نَاوَلَ الحَلاقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ - رضي الله عنه -، فَأعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ، فَقَالَ: «احْلِقْ» ، فَحَلَقَهُ فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ: «اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ» .</span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">فيه: البدء بيمين المحلوق. وفيه: فضيلة أبي طلحة، وهو زوج أم سليم، وهو الذي حفر قبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">(1/466) </span></b><br /><b><span style="font-size: x-large;">== </span></b></span></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-48771012479929994102022-04-16T23:01:00.002-07:002022-04-16T23:01:25.632-07:00كتاب الكتروني: تطريز رياض الصالحين، فيصل آل مبارك (عدة صيغ) <span style="font-size: x-large;"><br /></span><div style="margin-right: 40px; text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><div style="text-align: justify;"><b><span style="font-family: Amiri;"><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><br /><span style="background-color: #ffa400;"><span style="font-size: x-large;">كتاب الكتروني: تطريز رياض الصالحين، فيصل آل مبارك (عدة صيغ) </span></span><br /><br /><span style="font-size: x-large;"> نبذة عن الكتاب: جاء في التعريف به بموسوعة الويكيبيديا:</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> تطريز رياض الصالحين هو كتاب ألفه الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك، لشرحح فيه كتاب رياض الصالحين، للنووي مختصرًا إياه ، مدرجًا فوائد عقب الأحاديث استنبطها منها ، مستشهدًا عليها، يستفيد منها القارئ. وقد ربط أهمية الكتاب بأهمية كتاب رياض الصالحين، فكتب في مقدمته:</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> تطريز رياض الصالحين أما بعد: فإن كتاب (رياض الصالحين) من أنفع الكتب المختصرة، لأنه مشتمل على أحاديث صحيحة وآيات كريمة، تحثُ على سلوك الطرق الموصلة إلى الجنة، من الأعمال الصالحة، والآداب الباطنة والظاهرة، فجزى الله مؤلفه خيرًا، وغفر له ، ولوالديه، ومشايخه، وسائر أحبابه، والمسلمين أجمعين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> منهج المؤلف في الكتاب</span><br /><span style="font-size: x-large;"> يتوضح منهج المؤلف في هذا الكتاب في 3 نقاط:</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاختصار والإيجاز، فكان يبتعد عن الإطالة والإسهاب، فيذكر نص الحديث كما هو مذكور في رياض الصالحين، ثم يذكر بعده الفوائد المستنبطة منه مباشرةً. فمثلًا ذكر حديثًا عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ?: ((يغزوا جيشٌ الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأولهم وآخرهم)). قالت يا رسول الله! كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟! قال: ((يُخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم))، فذكر فائدةً استنبطها من الحديث وهي التحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم، وأن العقوبة تلزمه معهم، وأنه يعامل عند الحساب بقصده من الخير والشر).</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم. ومنه الحديث رقم 17، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ?: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه)). فاستشهد بقوله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ </span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاستشهاد بأحاديث نبوية.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاستشهاد بآثار عن الصحابة. ومن ذلك الحديث رقم 11، وفيه عن رسول الله يروي عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعافٍ كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة))، فذكر قول ابن مسعود في هذا: (ويلٌ لمن غلبت وحداته عشراته) ).</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاستشهاد بآثار عن التابعين. ومن الأمثلة على ذلك نقله عن البخاري بخصوص حديث ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى)). حيث ذكر عنه: (باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، فدخل فيه: الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام). وأن ابن عبد السلام قال: (الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الأعمال، والثانية لبيان ما يترتب عليها).</span><br /><span style="font-size: x-large;"> عدم ذكر مخارج الحديث أو فقهه، فقد كان الكتاب مختصرًا مقتصرًا على الفوائد المستنبطة من الأحاديث النبوية.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> مضمون الكتاب</span><br /><span style="font-size: x-large;"> صنف المؤلف الكتاب على كتاب رياض الصالحين، مع مقدمة، فكان توزيع الكتاب كالتالي:</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> مقدمة الشارح.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> مقدمة رياض الصالحين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب المقدمات.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب الأدب.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب آداب الطعام.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب اللباس.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب آداب النوم.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب السلام.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب عيَادة المريض وَتشييع المَيّت والصّلاة عليه وَحضور دَفنهِ وَالمكث عِنْدَ قبرهِ بَعدَ دَفنه.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب آداب السَّفَر.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب الفَضَائِل.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب الاعْتِكَاف.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب الحَجّ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب الجِهَاد.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَابُ العِلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب الأذْكَار.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب الدَّعَوات.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتَاب المنثُورَات وَالمُلَحِ.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> كتاب الاستغفار.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> أهمية الكتاب</span><br /><span style="font-size: x-large;"> تنبع أهمية الكتاب من كونه كُتب عن كتاب رياض الصالحين، للنووي، وهو من أهم كتب الحديث، وقد اعتنى به العلماء أشد ما اعتناء، وكتبوا عنه مؤلفات، منها كتاب "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" لمحمد بن علان، و"شرح رياض الصالحين" للحسيني عبد المجيد هاشم، و"منهل الواردين شرح رياض الصالحين" لصبحي الصالح، و"نزهة المتقين شرح رياض الصالحين" لمصطفى سعيد الخن ومصطفى البغى ومحيي الدين مستو ومحمد أمين لطفي، و"شرح رياض الصالحين" لمحمد بن صالح العثيمين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> مناقشة أحاديث رسول الله، واستنباط فوائد منها.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> إضافة إلى الكتب المؤلفة على كتاب رياض الصالحين.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> المصادر التي استخدمها المؤلف</span><br /><span style="font-size: x-large;"> استخدم المؤلف في تأليف كتابه المصادر التالية:</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> إحكام الأحكام، لابن دقيق العيد.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الاختيارات الفقهية، لأبي الحسن البعلي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> تفسير الخازن.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> تفسير القرآن العظيم، لابن كثير.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> تيسير الكريم الرحمن، لابن سعدي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> جامع البيان، لابن جرير الطبري.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> دليل الفالحين، لابن علان الصديقي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> عارضة الأحوذي، لأبي بكر ابن العربي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> فتح الباري، لابن حجر العسقلاني.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> القاموس المحيط، للفيروز آبادي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> المحرر الوجيز، لابن عطية.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> المحكم، لابن سيدة.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> المصباح المنير.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> معالم التنزيل، للبغوي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> تفسير الوسيط، للواحدي.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> * المؤلف:</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> فيصل المبارك (1313 - 1376 هـ = 1895 - 1957 م)</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي: قاض حنبلي، من كبار العلماء. كان عميد آل حمد من بني مبارك في «حريملاء» شمالي الرياض. ولد وتفقه بها.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> وأخذ عن علماء الرياض وقطر. وتنقل في مناصب القضاء إلى أن كان قاضي «الجوف» وقام بالتدريس في بعض مساجده فأقبل عليه الطلبة فسعى لدى الحكومة فأنشأت لهم عدة مدارس. وألف رسائل في الحديث والفقه والتفسير والنحو والفرائض، منها «الحجج القاطعة في المواريث الواقعة - خ» [طُبع] فرائض، و «مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد - خ» [طُبع] بخطه، كلاهما في الرياض، و «توفيق الرحمن في دروس القرآن - ط» أربعة أجزاء، و «خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام - ط» واختصر بعض المطولات ككتاب «نيل الأوطار» للشوكاني سمى مختصره «بستان الأخبار - ط» وأضاف إليه زيادات، و «فتح الباري» لابن حجر العسقلاني، سمى مختصره «لذة القارئ - خ» ثمانية أجزاء، شرع بعض الفضلاء بطبعه. وتوفي صاحب الترجمة في سكاكة، بالجوف.</span><br /><span style="font-size: x-large;"> </span><br /><span style="font-size: x-large;"> نقلا عن : الأعلام للزركلي </span><br /><br /><span style="font-size: x-large;"> * ما هو الكتاب الالكتروني؟ هو كتاب يعد بصيغة قابلة للتشغيل والنشر على مختلف الأجهزة الالكترونية، وتعمل هذه الخدمة على إفراده بالنشر، وفصله عن الموسوعات، وتهيئته بالصيغ الالكترونية المتعددة، وتوثيقه بنسخ مصورة (بي دي اف) ما أمكن. </span><br /><br /><span style="font-size: x-large;"> بيانات النسخ: تشمل ما يلي: </span><br /><br /><span style="font-size: x-large;"> * المصورة (بي دي اف): ذات البيانات أدناه. </span><br /><br /><span style="font-size: x-large;"> * الالكترونية (عدة صيغ): تطريز رياض الصالحين</span><br /><span style="font-size: x-large;"> المؤلف: فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376هـ)</span><br /><span style="font-size: x-large;"> المحقق: د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض</span><br /><span style="font-size: x-large;"> الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2002 م</span><br /><span style="font-size: x-large;"> عدد الأجزاء: 1 </span><br /><br /></span></b></div><div style="text-align: center;"><b><span style="font-family: Amiri;"><span style="font-size: x-large;"> <span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="background-color: #ffd966;"><a href="https://www.badrweb.net/islamspirit/ebooks/ebook_0274_ttrriad.zip">تحميل الكتاب (عدة صيغ)</a></span></span></span><br /></span></b></div><div style="text-align: justify;"><b><span style="font-family: Amiri;"><br /><span style="font-size: x-large;">============= </span></span></b><br /></div></div>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-51469825205161353252022-04-16T22:55:00.004-07:002022-04-16T22:55:53.616-07:00روااابط {{ كتب الكترونية في العقيدة وعلوم السنةكتب الكترونية في التفسير وعلوم القرآن كتب الكترونية في اللغة والأدبكتب الكترونية في السيرة والتاريخ والتراجم كتب الكترونية في الفقه وأصولهكتب الكترونية في علوم الحديث وشروحه <span style="font-family: arial;"><span style="color: red;"><span style="font-size: x-large;"> </span></span></span><div style="text-align: center;"><span style="font-family: arial;"><span style="color: red;"><span style="font-size: x-large;"><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_eng.php">English</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_fr.php">Français</a><br />كتب الكترونية <br /><img border="0" src="https://www.islamspirit.com/bullet.gif" /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks_01.php">كتب الكترونية في العقيدة وعلوم السنة</a><img border="0" src="https://www.islamspirit.com/bullet.gif" /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks_02.php">كتب الكترونية في التفسير وعلوم القرآن</a><br /><img border="0" src="https://www.islamspirit.com/bullet.gif" /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks_03.php">كتب الكترونية في اللغة والأدب</a><img border="0" src="https://www.islamspirit.com/bullet.gif" /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks_04.php">كتب الكترونية في السيرة والتاريخ والتراجم</a><br /><img border="0" src="https://www.islamspirit.com/bullet.gif" /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks_05.php">كتب الكترونية في الفقه وأصوله</a><img border="0" src="https://www.islamspirit.com/bullet.gif" /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks_06.php">كتب الكترونية في علوم الحديث وشروحه </a><br /> * ما هو الكتاب الالكتروني؟ هو كتاب يعد بصيغة قابلة للتشغيل والنشر على مختلف الأجهزة الالكترونية، وتعمل هذه الخدمة على إفراده بالنشر، وفصله عن الموسوعات، وتهيئته بالصيغ الالكترونية المتعددة، وتوثيقه بنسخ مصورة (بي دي اف) ما أمكن.. <br /><a href="http://www.islamspirit.com">الواجهة</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_news.php">جديد الموقع</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_encys.php">موسوعات</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_pdf_books.php">كتب مصورة</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ebooks.php">كتب الكترونية</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_ilmolma.php">مدونة علم وعلماء</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_videos.php">المكتبة المرئية</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_articles.php">ركن المقالات</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_dvds.php">أسطوانات دعوية</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_tafreghat.php">أشرطة مفرغة</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_about.php">حول روح الإسلام</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_backgrounds.php">خلفيات إسلامية</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_sites.php">مواقع مختارة</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_faq.php">أسئلة متكررة</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_terms.php">اتفاقية الموقع</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_eng.php">English</a><br /><a href="https://www.islamspirit.com/islamspirit_fr.php">Français</a> <br />-=============== </span></span></span></div><span style="font-family: arial;"><span style="color: red;"><span style="font-size: x-large;"> </span></span></span>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-32356550920057450482022-04-16T22:51:00.004-07:002022-04-16T22:51:36.815-07:00مكتبة علوم القران و الادب<span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">مكتبة علوم القران الكتاب الاسلامي<br /></span></span><div id="content">
<p><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span>
</p>
<table id="hor-zebra" summary="Employee Pay Sheet">
<thead> <tr>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">اسم المؤلف<br /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">اسم الكتاب<br /></span></span>
</th>
</tr>
</thead> <tbody>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><span style="color: #990000;">كتب
علوم القران</span></span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/abn-alarbi-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/abn-alarbi-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن العربي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أحكام القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alahrf-alsbat.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alahrf-alsbat.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الداني أبو عمرو</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأحرف السبعة للقرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alajab-fi-bian-alasbab-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alajab-fi-bian-alasbab-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">العجاب في بيان الأسباب</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alamthal-fi-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alamthal-fi-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن القيم</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأمثال في القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/albrhan-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/albrhan-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي </span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البرهان في علوم القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alhjt-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alhjt-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الحسين بن أحمد بن خالويه</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الحجة في القراءات السبع</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alihkam-fi-aswl-alqran-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alihkam-fi-aswl-alqran-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن حزم</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الإحكام في أصول القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alitqan-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alitqan-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الإتقان في علوم القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/allgat-fi-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/allgat-fi-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن حسنون</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">اللغات في القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/almhdb-fima-wqa-fi-alqran-mn-almarb.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/almhdb-fima-wqa-fi-alqran-mn-almarb.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/almqsd-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/almqsd-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">زكريا الأنصاري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alnaskh-walmnswkh-labn-hzm.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alnaskh-walmnswkh-labn-hzm.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">علي بن أحمد بن سعيد بن حزم</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alnaskh-walmnswkh-llnhas-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alnaskh-walmnswkh-llnhas-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي النحاس </span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الناسخ والمنسوخ</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alqwaad-walisharat-fi-aswl-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alqwaad-walisharat-fi-aswl-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن أبي الرضا الحموي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">القواعد والإشارات في أصول القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/altbian-fi-adab-hmlt-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/altbian-fi-adab-hmlt-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو زكريا بن شرف النووى</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">التبيان في آداب حملة القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/altbian-fi-iarab-alqran-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/altbian-fi-iarab-alqran-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبدالله بن أبي عبدالله الحسين العكبري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">التبيان في إعراب القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alwjiz-fi-alm-altjwid.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/alwjiz-fi-alm-altjwid.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">محمود سيبويه البدوي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الوجيز في علم التجويد</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asbab-alnzwl-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asbab-alnzwl-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">علي بن أحمد الواحدي النيسابوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أسباب نزول القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asfhani-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asfhani-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الراغب الاصفهانى</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">مفردات غريب القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asrar-altkrar-fi-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asrar-altkrar-fi-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">محمود بن حمزة بن نصر الكرماني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أسرار التكرار في القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asrar-trtib-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/asrar-trtib-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أسرار ترتيب القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/aswl-alqraat.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/aswl-alqraat.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أحمد بن عمر بن محمد بن أبي الرضا الحموي </span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">القواعد والإشارات في أصول القراءات</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/fdhael-alqran-wtlawth-llrazi.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/fdhael-alqran-wtlawth-llrazi.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">فضائل القرآن وتلاوته</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/fhm-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/fhm-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الحارث بن أسد بن عبد الله المحاسبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">فهم القرآن ومعانيه</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/grib-alqran-llasfhani-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/grib-alqran-llasfhani-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الراغب الاصفهانى</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">غريب القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/hrz-alamani.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/hrz-alamani.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">القاسم بن فيرة بن خلف الشاطبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/iajaz-alqran-llbaqlani-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/iajaz-alqran-llbaqlani-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">إعجاز القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/iarab-alqran-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/iarab-alqran-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الزجاج</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">إعراب القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/ibraz-almaani-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/ibraz-almaani-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الشاطبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">إبراز المعاني من حرز الأماني في القراءات السبع</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/jwahr-alqran.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/jwahr-alqran.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو حامد محمد بن محمد الغزالي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">جواهر القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/lbab-alnqwl-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/lbab-alnqwl-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">لباب النقول في أسباب النزول</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/aldaa-001.htmlalom/ljsas-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/aldaa-001.htmlalom/ljsas-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أحمد بن علي الرازي الجصاص </span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أحكام القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/llshafai-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/llshafai-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">محمد بن إدريس الشافعي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أحكام القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/mqdmt-fi-altfsir.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/mqdmt-fi-altfsir.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">شيخ الإسلام ابن تيمية</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">مقدمة في التفسير</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/majm-almstlhat-alqranit.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/majm-almstlhat-alqranit.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبدالرحيم</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">معجم المصطلحات القرآنية</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/mjaz-alqran-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/mjaz-alqran-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو عبيدة</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">مجاز القرآن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/msfa-alnaskh-walmnswkh.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/alom/msfa-alnaskh-walmnswkh.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/qbook/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ</span></span></td>
</tr>
</tbody>
</table>
<hr />
<span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span>
<span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><span class="ca"><a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/qbook2.html">الصفحة
التالية</a>
<a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/index.html">1</a> <a href="http://www.islamicbook.ws/qbook/qbook2.html">2</a>
</span></span></span></div><p><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">=========</span></span></p><h1><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><u>كتب الأدب الكتاب الاسلامي</u><br /></span></span></h1><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">
</span></span><table id="hor-zebra" summary="Employee Pay Sheet">
<thead> <tr>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">اسم المؤلف<br /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">اسم الكتاب<br /></span></span>
</th>
</tr>
</thead> <tbody>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adb-alkatb-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a><br /></span></span>
</td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adb-alkatb-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الكوفي
المروري<br /></span></span>
</td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أدب الكاتب<br /></span></span>
</td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adb-alkhwas.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adb-alkhwas.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الوزير المغربي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ادب الخواص</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adb-alktab-llswli-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adb-alktab-llswli-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الصولي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أدب الكتاب</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aiar-alshar.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aiar-alshar.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">محمد بن أحمد بن طباطبا</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> عيار الشعر</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-abi-alqasm-alzjaji-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-abi-alqasm-alzjaji-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الزجاجي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أخبار أبي القاسم الزجاجي</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-abi-tmam.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-abi-tmam.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الصولي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أخبار أبي تمام</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-aldhraf-walmtmajnin.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-aldhraf-walmtmajnin.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أخبارالظراف والمتماجنين</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-alhmqa-walmgflin.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-alhmqa-walmgflin.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أخبار الحمقى والمغفلين</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-alnsa-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhbar-alnsa-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> أخبار النساء</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو حيان التوحيدي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أخلاق الوزيرين</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aladb-alkbir-waladb-alsgir.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aladb-alkbir-waladb-alsgir.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن المقفع</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأدب الكبير والأدب الصغير</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aladkia-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aladkia-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الأذكياء</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alagani-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alagani-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبي الفرج الأصفهاني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأغاني</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamali-fi-lgt-alarb-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamali-fi-lgt-alarb-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأمالي في لغة العرب</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamdt-fi-mhasn-alshar-wadabh-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamdt-fi-mhasn-alshar-wadabh-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن رشيق القيروان</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">العمدة في محاسن الشعر وآدابه</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alaml-walmamwl.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alaml-walmamwl.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الآمل والمأمول</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-labn-slam-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-labn-slam-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو عبيد ابن سلام</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأمثال</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-lldhbi.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-lldhbi.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">المفضل الضبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأمثال</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-llsdwsi.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-llsdwsi.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> مؤرج السدوسي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأمثال</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-mn-alktab-walsnt-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alamthal-mn-alktab-walsnt-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأمثال من الكتاب والسنة</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alaqd-alfrid-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alaqd-alfrid-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن عبد ربه الأندلسي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">العقد الفريد</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alaql-walhwa.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alaql-walhwa.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">العقل والهوى</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alarwdh.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alarwdh.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو الفتح عثمان بن جني النحوي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">العروض</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alashrbt.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alashrbt.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الكوفي
المروري </span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alasmaiat.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alasmaiat.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأصمعي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الأصمعيات</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alazdhar.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alazdhar.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الازدهار في ما عقده الشعراء من
الأحاديث</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albdia-fi-nqd-alshar-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albdia-fi-nqd-alshar-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أسامة بن منقذ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البديع في نقد الشعر</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albdia-fi-wsf-alrbia.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albdia-fi-wsf-alrbia.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> إسماعيل بن محمد بن عامر</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البديع في وصف الربيع</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albgal.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albgal.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البغال</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albian-waltbiin-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albian-waltbiin-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البيان والتبيين</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albkhla-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albkhla-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البخلاء</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albrsan-walarjan-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albrsan-walarjan-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">البرصان والعرجان</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albsaer-waldkhaer-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/albsaer-waldkhaer-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو حيان التوحيدي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> البصائر والذخائر</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aldiarat-llasbhani.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aldiarat-llasbhani.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> أبو الفرج الأصبهاني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الديارات</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aldibaj.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/aldibaj.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمى</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الديباج</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alfadhl.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alfadhl.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">المبرد</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> الفاضل</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alfswl-walgaiat-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alfswl-walgaiat-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"> أبو العلاء المعري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الفصول والغايات</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alfwaed-walakhbar.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alfwaed-walakhbar.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">ابن دريد</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الفوائد والأخبار</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alhiwan-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/alhiwan-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/adab/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ</span></span></td>
<td><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">الحيوان</span></span></td>
</tr>
</tbody>
</table><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">
<br />
<span class="ca"><a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adab2.html">الصفحة
التالية</a>
<a href="http://www.islamicbook.ws/adab/index.html">1</a> <a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adab2.html">2</a>
<a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adab3.html">3</a> <a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adab4.html">4</a>
<a href="http://www.islamicbook.ws/adab/adab5.html">5</a></span></span></span><p><span style="font-family: Cinzel;"><span style="font-size: large;">=================== <br /></span></span></p>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-23498278748161730272022-04-16T22:47:00.002-07:002022-04-16T22:47:19.937-07:00مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث<span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مكتبة التاريخ الكتاب الاسلامي<br /></span></span><div style="margin-right: 40px; text-align: right;">
</div><p style="margin-right: 40px; text-align: right;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span>
</p><div style="margin-right: 40px; text-align: right;">
</div><table id="hor-zebra" style="margin-right: 40px; text-align: right;" summary="Employee Pay Sheet">
<thead> <tr>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اسم المؤلف<br /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اسم الكتاب<span style="color: #cc0000;"></span><br /></span></span>
</th>
</tr>
</thead> <tbody>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aaian-alasr-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a><br /></span></span>
</td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aaian-alasr-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الصفدي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أعيان العصر وأعوان النصر</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aiwn-alakhbar-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aiwn-alakhbar-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن قتيبة الدينوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عيون الأخبار</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/ajaeb-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/ajaeb-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن حسن الجبرتي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/albdait-walnhait-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/albdait-walnhait-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اسماعيل بن كثير الدمشقي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">البداية والنهاية</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aldrr-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aldrr-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن عبد البر</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"> الدرر في اختصار المغازي والسير</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alhwadth-aljamat.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alhwadth-aljamat.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن الفوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الحوادث الجامعة والتجارب النافعة</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alihatt-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alihatt-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">لسان الدين ابن الخطيب</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإحاطة في أخبار غرناطة</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aliklil.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/aliklil.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإكليل</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alkaml-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alkaml-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن الأثير</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الكامل في التاريخ</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alkwakb-alsaert-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alkwakb-alsaert-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">النجم الغزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almaarf-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almaarf-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن قتيبة الدينوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المعارف</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almgazi-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almgazi-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الواقدي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المغازي</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almkhtsr-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almkhtsr-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أبو الفداء</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المختصر في أخبار البشر</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almntdhm-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almntdhm-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المنتظم في تاريخ الملوك والأمم</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almqtbs-mn-anba-alandls.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/almqtbs-mn-anba-alandls.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن حيان القرطبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المقتبس من أنباء الأندلس</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alnhait-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alnhait-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن كثير</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">النهاية في الفتن والملاحم</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alrwdhtin-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alrwdhtin-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أبو شامة المقدسي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الروضتين في أخبار النورية و الصلاحية</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alshmarikh.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alshmarikh.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الحافظ جلال الدين السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الشماريخ في علم التاريخ </span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alslwk-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alslwk-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المقريزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">السلوك لمعرفة دول الملوك</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/altarikh-almnswri.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/altarikh-almnswri.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن علي بن نظيف الحموي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">لخيص الكشف والبيان في حوادث الزمان</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/altdwin-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/altdwin-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الرافعي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">التدوين في أخبار قزوين</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alzhr-alfath.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alzhr-alfath.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن الجزري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الزهر الفاتح </span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/asd-algabt-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/asd-algabt-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن الأثير</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أسد الغابة</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/sirt-abn-hsham-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/sirt-abn-hsham-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الملك بن هشام البصري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">السيرة النبوية لابن هشام</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/dil-mrat-alzman-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/dil-mrat-alzman-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اليونيني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ذيل مرآة الزمان</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/gzwat-alrswl-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/gzwat-alrswl-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن سعد</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">غزوات الرسول وسراياه</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/hwadth-aldhwr.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/hwadth-aldhwr.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن تغري بردي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">حوادث الدهور في مدى الأيام و الشهور</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/ialam-alnas-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/ialam-alnas-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإتليدي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">إعلام الناس بما وقع للبرامكة</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/mfakht-alkhlan-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/mfakht-alkhlan-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن طولون</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مفاكهة الخلان في حوادث الزمان</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/mqdmt-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/mqdmt-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن خلدون</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مقدمة ابن خلدون</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alaktfa-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alaktfa-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">سليمان بن موسى الكلاعي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-abi-zrat-aldmshqi-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-abi-zrat-aldmshqi-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أبو زرعة</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ أبي زرعة الدمشقي</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-aliaqwbi-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-aliaqwbi-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اليعقوبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ اليعقوبي</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-alkhlfa-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-alkhlfa-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ الخلفاء</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-alrsl-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-alrsl-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الطبري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ الرسل والملوك</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-asbhan-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-asbhan-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أبو نعيم الأصبهاني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ أصبهان</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-bit-almqds.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tarikh-bit-almqds.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تاريخ بيت المقدس</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tjarb.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/tjarb.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن مسكويه</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تجارب الأمم وتعاقب الهمم</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alsirt-alhlbit-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alsirt-alhlbit-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">علي بن برهان الدين الحلبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">السيرة الحلبية</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alsirt-alnbwit-labn-ishaq-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alsirt-alnbwit-labn-ishaq-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن اسحاق</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">السيرة النبوية</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alsirt-labn-hban-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/alsirt-labn-hban-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن حبان بن أحمد التميمي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">السيرة النبوية </span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/mnhaj-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/tarekh/mnhaj-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/tarekh/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">شيخ الإسلام بن تيمية</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">منهاج السنة النبوية</span></span></td>
</tr>
</tbody>
</table><div style="margin-right: 40px; text-align: right;">
</div><hr style="margin-right: 40px; text-align: right;" /><p style="margin-right: 40px; text-align: right;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">======</span></span></p><div id="content">
<h1><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مكتبة الحديث الكناب الاسلامي<br /></span></span></h1>
<table id="hor-zebra" summary="Employee Pay Sheet">
<thead> <tr>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اسم المؤلف<br /></span></span>
</th>
<th scope="col"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">اسم الكتاب<br /></span></span>
</th>
</tr>
</thead> <tbody>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><span style="color: #990000;">كتب
علوم الحديث</span></span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alall-alsgir-lltrmdi.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alall-alsgir-lltrmdi.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن عيسى الترمذي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">العلل الصغير للترمذي</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/albaath.pdf"><img alt="" src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" style="border: 0px solid; height: 16px; width: 16px;" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/albaath.html"><img alt="" src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" style="border: 0px solid; height: 16px; width: 16px;" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">إسماعيل بن كثير</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alfit-alaraqi-fi-alwm-alhdith.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alfit-alaraqi-fi-alwm-alhdith.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"> ألفية العراقي في علوم الحديث</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alilmaa.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alilmaa.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">القاضي عياض بن موسى اليحصبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alirshad-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alirshad-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابو يعلى الخليل</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإرشاد في معرفة علماء الحديث</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alkfait-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alkfait-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الكفاية في علم الرواية</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/almkhtsr-fi-aswl-alhdith.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/almkhtsr-fi-aswl-alhdith.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الشريف الجرجاني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المختصر في أصول الحديث</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/almnhl-alrwi.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/almnhl-alrwi.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">حمد بن إبراهيم بن جماعة</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/almwqdht.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/almwqdht.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"> محمد بن أحمد الذهبي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المُوْقِظَةُ</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alrfa-waltkmil.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alrfa-waltkmil.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد عبد الحي اللكنوي </span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الرفع والتكميل في الجرح والتعديل</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alrhlt-fi-tlb-alhdith.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alrhlt-fi-tlb-alhdith.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"> أحمد بن علي بن ثابت البغدادي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الرحلة في طلب الحديث</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alsnn-alabin.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/alsnn-alabin.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن عمر الفهري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المحاكمة بين الإمامين في السن</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altmiiz-llimam-mslm.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altmiiz-llimam-mslm.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مسلم بن الحجاج القُشَيْري النيسابوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">التمييز</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altqiid-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altqiid-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي </span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altqrib.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altqrib.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابن شرف النووي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altqrirat-alsnit.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/altqrirat-alsnit.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">حسن محمد المشاط</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">التقريرات السنية شرح المنظومة البيقونية</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/blgt-alarib.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/blgt-alarib.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد مرتضى الحسيني الزبيدي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">بلغة الأريب في مصطلح آثار الحبيب</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/jama-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/jama-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أبو سعيد العلائي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">جامع التحصيل في أحكام المراسيل</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/marft-alwm-alhdith-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/marft-alwm-alhdith-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">معرفة علوم الحديث</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/mftah-aljnt.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/mftah-aljnt.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/mqdmt-abn-alslah-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/mqdmt-abn-alslah-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">مقدمة ابن الصلاح</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/rsalt-abi-dawd.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/rsalt-abi-dawd.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"> أبو داود سليمان بن الأشعث</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">رسالة أبي داود</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/shrwt-alaemt.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/shrwt-alaemt.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن إسحاق بن محمد بن منده</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">فضل الأخبار وشرح مذاهب أهل الآثار</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/siant-shih-mslm.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/siant-shih-mslm.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">صيانة صحيح مسلم</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/tdrib-alrawi-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/tdrib-alrawi-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">تدريب الراوي في شرح تقريب النووي</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/thmrat-alndhr.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/thmrat-alndhr.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن إسماعيل الأميرالصنعاني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ثمرات النظر في علم الأثر</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/twdhih-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/twdhih-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن إسماعيل الأميرالصنعاني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/twjih-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alum/twjih-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">طاهر الجزائري الدمشقي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">توجيه النظر إلى أصول الأثر</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><span style="color: #990000;">متون
الحديث</span></span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/aladb-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/aladb-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الأدب المفرد</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alahad-walmthani-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/alahad-walmthani-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">أحمد بن عمرو بن الضحاك الشيباني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الآحاد والمثاني</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/aldaa-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/aldaa-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">سليمان بن أحمد الطبراني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الدعاء</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/aliiman-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/aliiman-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإيمان</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almajm-alawst-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almajm-alawst-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المعجم الأوسط</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almajm-alkbir-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almajm-alkbir-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المعجم الكبير</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almajm-alsgir-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almajm-alsgir-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المعجم الصغير</span></span></td>
</tr>
<tr>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almstdrk-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almstdrk-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">ابوعبدالله الحاكم</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">المستدرك على الصحيحين</span></span></td>
</tr>
<tr class="odd">
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almwta-rwait-ihia-.pdf"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/page_white_acrobat.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/almwta-rwait-ihia-001.html"><img src="http://www.islamicbook.ws/hadeth/book_open.gif" /></a></span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الإمام مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِي</span></span></td>
<td><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">الْمُوَطَّأ رواية يَحيى بن يَحيى اللَّيثيِّ
الأَنْدَلُسِيِّ</span></span></td>
</tr>
</tbody>
</table>
<span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span>
<span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span>
<span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;"><span class="ca"><a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/hadeth2.html">الصفحة
التالية</a> <a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/index.html">1</a>
<a href="http://www.islamicbook.ws/hadeth/hadeth2.html">2</a></span></span></span>
</div><p style="margin-right: 40px; text-align: right;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: large;">====== <br /></span></span></p>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-63167098894668362982022-04-16T22:37:00.005-07:002022-04-16T22:37:44.939-07:00حمل ما تريد من كتب <div style="text-align: center;"><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;">من مشكاة</span></span><br /><span style="font-family: Abril Fatface;"></span></div><span style="font-family: Abril Fatface;"><span style="font-size: x-large;"> <a href="https://www.almeshkat.net/book/7455"> تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي - ط. بيت الأفكار</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A3%D8%A8%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%81%D9%88%D8%B1%D9%89">أبو العلا عبد الرحمن المباركفورى</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/13762"> الإمام علم الدين السخاوي وجهوده في التفسير وعلوم القرآن</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%20%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D9%8A">مختار بن حسين قديري</a><br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/13862"> تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي - ط دار الفيحاء</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A3%D8%A8%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%81%D9%88%D8%B1%D9%89">أبو العلا عبد الرحمن المباركفورى</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/8123"> معجم اللغة العربية المعاصرة ( كتاب الكتروني مفهرس )</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/11400"> كتاب التنبيه والإيضاح عما وقع في الصحاح - مجمع اللغة العربية</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A3%D8%A8%D9%8A%20%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D8%A8%D9%86%20%D8%A8%D8%B1%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A">أبي محمد عبد الله بن بري المصري</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/596"> قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث - ط. الرسالة</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%8A">جمال الدين القاسمي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/2943"> شرح رسالة أبي داود لأهل مكة</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B6%D9%8A%D8%B1">الشيخ عبدالكريم الخضير</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/3465"> منهاج التفسير بين أهل السُّـنة والشيعة الاثني عشرية</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF%20%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1%D9%8A">السيد مختار العصري</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/13365"> الدر المنثور في التفسير المأثور - ط دار الفكر</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%88%D8%B7%D9%8A">جلال الدين السيوطي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/5132"> معجم اللغة العربية المعاصرة - عالم الكتب</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%AF.%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%B9%D9%85%D8%B1">د.احمد مختار عمر</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/6947"> سنن الترمذي (مع أحكام الألباني) ت مشهور- ط المعارف</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A">الإمام الترمذي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/8626"> سنن الترمذي (الجامع الكبير) ت شعيب الأرنؤوط - دار الرسالة العالمية</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A">الإمام الترمذي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/8695"> سنن الترمذي - طبعة دار التأصيل</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A">الإمام الترمذي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/13463"> سنن الترمذي " الجامع الصحيح " ط.دار الكتاب العربي</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A">الإمام الترمذي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/7426"> الجامع لشعب الإيمان - ط مكتبة الرشد</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D9%87%D9%82%D9%8A">الإمام البيهقي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/13096"> سنن الترمذي - ت بن أبي علفة - ط.دار الحضارة</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A">الإمام الترمذي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/440"> تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف - ت بشار معروف - دار الغرب الإسلامي</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B2%D9%8A">الحافظ المزي</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/7945"> هؤلاء هم الشيعة يا دعاة التقريب</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF%20%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1%D9%8A">السيد مختار العصري</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/6944"> سنن الترمذي (الجامع الكبير) ت معروف - دار الغرب الإسلامي</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A">الإمام الترمذي</a> <br /> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/5870"> الإفصاح عن معاني الصحاح - ط دار الوطن</a> <br /><a href="https://www.almeshkat.net/book/author/%D8%A7%D8%A8%D9%86%20%D9%87%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A9">ابن هبيرة</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=1">«</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=3">‹</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=1">1</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=2">2</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=3">3</a> <br />4<br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=5">5</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=6">6</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=7">7</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=5">›</a> <br /> <a href="https://www.almeshkat.net/book/search?q=%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%AD&page=7">»</a> <br /><br />=========== <br /></span></span>bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-20709244849585580852020-12-11T14:07:00.004-08:002020-12-11T14:11:37.137-08:00النظم الفهرسية الموسوعية الببلوجرافية للأحاديث النبوية وأهميتها <p>
</p><div class="navbar section" id="navbar" name="Navbar"><div class="widget Navbar" data-version="1" id="Navbar1">
</div></div>
<div class="body-fauxcolumns">
<div class="fauxcolumn-outer body-fauxcolumn-outer">
<div class="cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left">
<div class="fauxcolumn-inner">
</div>
</div>
<div class="cap-bottom">
</div>
</div>
</div>
<div class="content">
<div class="content-fauxcolumns">
<div class="fauxcolumn-outer content-fauxcolumn-outer">
<div class="cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left">
<div class="fauxcolumn-inner">
</div>
</div>
<div class="cap-bottom">
</div>
</div>
</div>
<div class="content-outer">
<div class="content-cap-top cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left content-fauxborder-left">
<div class="content-inner">
<header>
<div class="header-outer">
<div class="header-cap-top cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left header-fauxborder-left">
<div class="region-inner header-inner">
<div class="header section" id="header" name="Header"><div class="widget Header" data-version="1" id="Header1">
<div id="header-inner" style="_height: 333px; background-image: url("https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh0abRebmuBWKolfanvqiT34hfiSpZ5XkfgeHkfRHkKJ4LhFPi2Fndir3N39RjUHLiOX5A-YWFOZs0-RoS-pyRlrFaxcQym9cv6c4fDJayJmguRcF-8hm_N9YgpZ0KYPGn206pW0Na7yUk/s1600/314-9.jpg"); background-position: right center; background-repeat: no-repeat; min-height: 333px; width: 1471px;">
<div class="titlewrapper" style="background: transparent none repeat scroll 0% 0%;">
<h1 class="title" style="background: transparent none repeat scroll 0% 0%; border-width: 0px;">
<a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/">
<span style="background-color: #f4cccc;">النظم الفهرسية الموسوعية الببلوجرافية للأحاديث النبوية وأهميتها
</span></a>
</h1>
</div>
<div class="descriptionwrapper">
<p class="description"><span>
</span></p>
</div>
</div>
</div></div>
</div>
</div>
<div class="header-cap-bottom cap-bottom">
</div>
</div>
</header>
<div class="tabs-outer">
<div class="tabs-cap-top cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left tabs-fauxborder-left">
<div class="region-inner tabs-inner">
<div class="tabs section" id="crosscol" name="عبر الأعمدة"><div class="widget HTML" data-version="1" id="HTML2">
<div class="widget-content">
<div style="background: white none repeat scroll 0% 0%; border: 12pt double rgb(0, 176, 80); mso-background-themecolor: background1; mso-border-alt: thin-thick-medium-gap #00B050 12.0pt; mso-border-shadow: yes; mso-element: para-border-div; padding: 1pt 4pt;"><b><span lang="AR-SA" style="font-family: "Aref Ruqaa"; font-size: 14pt; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";">روابط</span></b><span dir="LTR" style="font-family: "Aref Ruqaa"; font-size: 14pt; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"></span> <p class="MsoNormal" dir="RTL" style="background: white none repeat scroll 0% 0%; border: medium none; line-height: normal; margin-bottom: 0cm; mso-background-themecolor: background1; mso-border-alt: thin-thick-medium-gap #00B050 12.0pt; mso-border-shadow: yes; mso-padding-alt: 1.0pt 4.0pt 1.0pt 4.0pt; padding: 0cm; text-align: justify;"><b><span style="color: white; font-family: "Aref Ruqaa"; font-size: 14pt; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"><span lang="AR-SA" style="color: blue;">علي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: blue;"><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-SA" style="color: blue;">بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a></span></b><b><span dir="LTR" style="color: white; font-family: "Aref Ruqaa"; font-size: 14pt; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";">/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;"><span dir="RTL"></span>٢</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>.</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">تابع قانون الحق الجزء [</span><span dir="RTL" lang="FA" style="color: blue; mso-bidi-language: FA;">۳] </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إلي بيان ما هو الحق</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">ب</span></a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">رامج كتابة سيجما</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الخلود ورؤية الناس </span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">من مات لا يشرك بالله شيئا</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html"><span style="color: blue;">/ </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>..</span></a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html"><span style="color: blue;">/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html"><span style="color: blue;">/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">عرض منسق لحديث </span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html"><span style="color: blue;">/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">صاحب البطاقة يوم القيامة</span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html"><span style="color: blue;">/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"><span style="color: blue;"> /</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>) </span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html"><span style="color: blue;">/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html"><span style="color: blue;">/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">من مات لا يشرك بالله شيئا</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>..</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html"><span style="color: blue;">*</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue; font-family: "MS Mincho"; mso-ascii-font-family: "Aref Ruqaa"; mso-bidi-font-family: "MS Mincho"; mso-hansi-font-family: "Aref Ruqaa";">✿</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span> ...</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html"><span style="color: blue;">/</span><span style="color: blue; font-family: "MS Mincho"; mso-ascii-font-family: "Aref Ruqaa";">✿</span><span style="color: blue;">></span><span style="color: blue; font-family: "MS Mincho"; mso-ascii-font-family: "Aref Ruqaa";">✿</span><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>.</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;"><span dir="RTL"></span>٢</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>.</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">تابع قانون الحق الجزء [</span><span dir="RTL" lang="FA" style="color: blue; mso-bidi-language: FA;">۳] </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إلي بيان ما هو الحق</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</span></a><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>//<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/48.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>...</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_800.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">أقوال النووي في المتأولات</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/saif-alasri.html"><span style="color: blue;">*</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>.</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_38.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادو</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_911.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">لتوبة هي كل الاسلام</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_153.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">فاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_626.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_37.html"><span style="color: blue;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_89.html"><span style="color: blue;">*</span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">التوبة هي كل الإسلام</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_77.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">هل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قال</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_67.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">لماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة </span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_14.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_45.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">من قانون الحق الالهي</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_13.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>.</span></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_56.html"><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="color: blue;">الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا</span><span dir="LTR"></span><span style="color: blue;"><span dir="LTR"></span>..</span></a>/ </span></b><span dir="LTR" style="font-family: "Aref Ruqaa"; font-size: 14pt; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"></span></p> </div>
</div>
<span class="widget-item-control">
<span class="item-control blog-admin">
<a class="quickedit" href="https://www.blogger.com/rearrange?blogID=2722460840102960299&widgetType=HTML&widgetId=HTML2&action=editWidget&sectionId=crosscol" rel="nofollow" target="configHTML2" title="تعديل">
</a>
</span>
</span>
</div></div>
</div>
</div>
<div class="tabs-cap-bottom cap-bottom">
</div>
</div>
<div class="main-outer">
<div class="main-cap-top cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left main-fauxborder-left">
<div class="region-inner main-inner">
<div class="columns fauxcolumns">
<div class="fauxcolumn-outer fauxcolumn-center-outer">
<div class="cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left">
<div class="fauxcolumn-inner">
</div>
</div>
<div class="cap-bottom">
</div>
</div>
<div class="fauxcolumn-outer fauxcolumn-left-outer">
<div class="cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left">
<div class="fauxcolumn-inner">
</div>
</div>
<div class="cap-bottom">
</div>
</div>
<div class="fauxcolumn-outer fauxcolumn-right-outer">
<div class="cap-top">
</div>
<div class="fauxborder-left">
<div class="fauxcolumn-inner">
</div>
</div>
<div class="cap-bottom">
</div>
</div>
<div class="columns-inner">
<div class="column-center-outer">
<div class="column-center-inner">
<div class="main section" id="main" name="رئيسي"><div class="widget Blog" data-version="1" id="Blog1">
<div class="blog-posts hfeed">
<div class="date-outer">
<h2 class="date-header"><span>الاثنين، 4 مايو 2020</span></h2>
<div class="date-posts">
<div class="post-outer">
<div class="post hentry uncustomized-post-template" itemprop="blogPost" itemscope="itemscope" itemtype="http://schema.org/BlogPosting">
<a name="1462231910018585376"></a>
<div class="post-header">
</div>
<div class="post-body entry-content" id="post-body-1462231910018585376" itemprop="description articleBody">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br />
<span><br /></span>
</span><div color="accent2" style="background: rgb(242, 219, 219) none repeat scroll 0% 0%; border: 6pt solid rgb(0, 176, 80); mso-background-themetint: 51; mso-element: para-border-div; padding: 1pt 4pt;"><span style="font-size: large;">
<span> </span></span><div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: large;"><b><span style="background-color: white;"><span style="color: white;"><br /><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">علي</a></span><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"> بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>/<a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">ب</a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">رامج كتابة سيجما</a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html">الخلود ورؤية الناس </a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html">/ كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول..</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html">/الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/عرض منسق لحديث </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/صاحب البطاقة يوم القيامة</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html">/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"> /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html">/المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html">/النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</a>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا..</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html">*الخلود
خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن
الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html">/✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده...</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني.</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"> الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>//<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/48.html">إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_800.html"> أقوال النووي في المتأولات</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/saif-alasri.html">*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_38.html">نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادو</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_911.html">لتوبة هي كل الاسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_153.html">فاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_626.html"> الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_37.html"> التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_89.html">*التوبة هي كل الإسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_77.html">هل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_67.html">لماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_14.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_45.html">من قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_13.html">عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_56.html">الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا..</a>/ </span></b></span></div>
</div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"></span></span><br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"></span></span><br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"></span></span><br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"><br /><b> </b></span></span><br />
<br />
<br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"><b><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>/<a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">ب</a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">رامج كتابة سيجما</a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html">الخلود ورؤية الناس </a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html">/ كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول..</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html">/الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/عرض منسق لحديث </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/صاحب البطاقة يوم القيامة</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html">/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"> /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html">/المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html">/النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</a>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا..</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html">*الخلود
خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن
الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html">/✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده...</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني.</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"> الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>//<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/48.html">إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_800.html"> أقوال النووي في المتأولات</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/saif-alasri.html">*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_38.html">نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادو</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_911.html">لتوبة هي كل الاسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_153.html">فاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_626.html"> الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_37.html"> التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_89.html">*التوبة هي كل الإسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_77.html">هل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_67.html">لماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_14.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_45.html">من قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_13.html">عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_56.html">الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا..</a>/ </b></span></span></div>
</div>
</div> </div></div></div></div></div></div></div>
</div>
</div>
<div class="column-left-outer">
<div class="column-left-inner">
<aside>
</aside>
</div>
</div>
<div class="column-right-outer">
<div class="column-right-inner">
<aside>
<div class="sidebar section" id="sidebar-right-1"><div class="widget Stats" data-version="1" id="Stats1">
<h2>إجمالي مرات مشاهدة الصفحة <br /></h2></div></div></aside></div></div></div></div></div></div></div></div></div></div></div><div class="content"><div class="content-outer"><div class="fauxborder-left content-fauxborder-left"><div class="content-inner"><div class="main-outer"><div class="fauxborder-left main-fauxborder-left"><div class="region-inner main-inner"><div class="columns fauxcolumns"><div class="columns-inner"><div class="column-right-outer"><div class="column-right-inner"><aside><div class="sidebar section" id="sidebar-right-1"><div class="widget BlogArchive" data-version="1" id="BlogArchive1">
<h2>أرشيفbad-8/77 المدونة الإلكترونية</h2><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><div class="widget-content">
<div id="ArchiveList">
<div id="BlogArchive1_ArchiveList">
<ul class="hierarchy"><li class="archivedate expanded"><span style="font-size: medium;"><b><span class="post-count" dir="ltr">(3)</span></b></span>
<ul class="hierarchy"><li class="archivedate expanded"><ul class="posts"><li><span style="font-size: medium;"><b><a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2015/10/blog-post.html">من صفحة 1لي71.دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث ال...</a></b></span></li><li><span style="font-size: medium;"><b><a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2015/10/blog-post_15.html">* دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع...</a></b></span></li><li><span style="font-size: medium;"><b><a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2015/10/blog-post_22.html">مصحف الشمرلي كله *-*</a></b></span></li></ul></li></ul></li></ul><ul class="hierarchy"><li class="archivedate expanded"><ul class="hierarchy"><li class="archivedate expanded"><ul class="posts"><li><span style="font-size: medium;"><b><a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2020/03/blog-post.html">روابط مدونة الحق الالهي</a></b></span></li></ul></li></ul>
<ul class="hierarchy"><li class="archivedate expanded">
<span style="font-size: medium;"><b><a class="toggle">
<span class="zippy toggle-open">
▼
</span>
</a>
<a class="post-count-link" href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2020/05/">
مايو
</a>
<span class="post-count" dir="ltr">(1)</span></b></span>
<ul class="posts"><li><span style="font-size: medium;"><b><a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2020/05/blog-post.html">
علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع.../شروط الش...</a></b></span></li></ul>
</li></ul>
<ul class="hierarchy"><li class="archivedate expanded">
<span style="font-size: medium;"><b><a class="toggle">
<span class="zippy toggle-open">▼ </span>
</a>
<a class="post-count-link" href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2020/12/">
ديسمبر
</a>
<span class="post-count" dir="ltr">(1)</span></b></span>
<ul class="posts"><li><span style="font-size: medium;"><b><a href="https://bibliographicindexingsystems.blogspot.com/2020/12/blog-post.html">المناعة <br /></a></b></span></li></ul></li></ul></li></ul></div></div></div></div></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></aside><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><div class="main-cap-bottom cap-bottom">
</div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span></div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><footer><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><div class="footer-outer"><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><div class="footer-cap-top cap-top">
</div><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><div class="fauxborder-left footer-fauxborder-left"><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><div class="region-inner footer-inner"><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><table border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" class="section-columns columns-2"><tbody><tr><td class="first columns-cell">
<span style="font-size: medium;"><b><br /></b></span></td><td class="columns-cell"><span style="font-size: medium;"><b>
</b></span><br /></td>
</tr>
</tbody>
</table>
<div class="foot section" id="footer-3" name="التذييل"><div class="widget Attribution" data-version="1" id="Attribution1">
<div class="widget-content" style="text-align: center;">
bady-8-77-g. المظهر: Awesome Inc.. صور المظاهر بواسطة <a href="http://www.istockphoto.com/portfolio/zxcynosure?platform=blogger" target="_blank">zxcynosure</a>. يتم التشغيل بواسطة <a href="https://www.blogger.com" target="_blank">Blogger</a>.
</div><span class="widget-item-control"><span class="item-control blog-admin"><a class="quickedit" href="https://www.blogger.com/rearrange?blogID=2722460840102960299&widgetType=Attribution&widgetId=Attribution1&action=editWidget&sectionId=footer-3" rel="nofollow" target="configAttribution1" title="تعديل"> </a></span></span></div></div>
</div>
</div>
<div class="footer-cap-bottom cap-bottom">
</div>
</div>
</footer>
</div>
</div>
<div class="content-cap-bottom cap-bottom">
</div>
</div>
</div>
bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-10600769848161394952020-12-11T14:02:00.002-08:002020-12-11T14:02:50.692-08:00المناعة<p> المناعة</p><iframe height="480" src="https://drive.google.com/file/d/1z5puHle4vzPrWtBFJycYSn0fyU064B4f/preview" width="640"></iframe>
..........................bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-14622319100185853762020-05-04T17:22:00.002-07:002020-05-04T17:34:03.197-07:00<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<br />
<span style="font-size: small;"><br /></span>
<div color="accent2" style="background: #F2DBDB; border: solid #00B050 6.0pt; mso-background-themetint: 51; mso-element: para-border-div; padding: 1.0pt 4.0pt 1.0pt 4.0pt;">
<span style="font-size: small;"> </span><div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: small;"><b><span style="background-color: white;"><span style="color: white;"><br /><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">علي</a></span><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"> بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>/<a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">ب</a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">رامج كتابة سيجما</a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html">الخلود ورؤية الناس </a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html">/ كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول..</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html">/الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/عرض منسق لحديث </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/صاحب البطاقة يوم القيامة</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html">/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"> /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html">/المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html">/النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</a>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا..</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html">*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html">/✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده...</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني.</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"> الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>//<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/48.html">إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_800.html"> أقوال النووي في المتأولات</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/saif-alasri.html">*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_38.html">نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادو</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_911.html">لتوبة هي كل الاسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_153.html">فاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_626.html"> الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_37.html"> التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_89.html">*التوبة هي كل الإسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_77.html">هل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_67.html">لماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_14.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_45.html">من قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_13.html">عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_56.html">الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا..</a>/ </span></b></span></div>
</div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"></span></span><br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"></span></span><br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"></span></span><br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"><br /><b> </b></span></span><br />
<br />
<br />
<span style="font-size: x-large;"><span style="background-color: white;"><b><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>/<a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">ب</a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">رامج كتابة سيجما</a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html">الخلود ورؤية الناس </a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html">/ كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول..</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html">/الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/عرض منسق لحديث </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/صاحب البطاقة يوم القيامة</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html">/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"> /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html">/المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html">/النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</a>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا..</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html">*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html">/✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده...</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني.</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"> الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>//<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/48.html">إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_800.html"> أقوال النووي في المتأولات</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/saif-alasri.html">*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_38.html">نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادو</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_911.html">لتوبة هي كل الاسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_153.html">فاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_626.html"> الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_37.html"> التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_89.html">*التوبة هي كل الإسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_77.html">هل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_67.html">لماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_14.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_45.html">من قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_13.html">عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_56.html">الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا..</a>/ </b></span></span></div>
</div>
bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-78430099883263070772020-03-25T17:14:00.002-07:002020-03-25T17:14:20.380-07:00روابط مدونة الحق الالهي<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<span style="font-size: x-large;"><b><br /></b></span><div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: x-large;"><b><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">ب</a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">رامج كتابة سيجما</a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html">الخلود ورؤية الناس </a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html">/ كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول..</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html">/الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/عرض منسق لحديث </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/صاحب البطاقة يوم القيامة</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html">/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"> /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html">/المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html">/النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</a>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا..</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html">*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html">/✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده...</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني.</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"> الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">الادلة المستيقنة </a><span style="background-color: #660000;"><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html"></a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>/<a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">ب</a><a href="https://sigma4pc.com/759/office-2007-enterprise-arabic-full">رامج كتابة سيجما</a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html">الخلود ورؤية الناس </a>/<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/blog-post_11.html">/ كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول..</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>///<a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/1.html">فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_73.html">/الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/عرض منسق لحديث </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_52.html">/صاحب البطاقة يوم القيامة</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93_13.html">/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/93.html"> /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) </a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_71.html">/المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب...</a><a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_81.html">/النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا</a>/ <a href="https://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_16.html">من مات لا يشرك بالله شيئا</a> /<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/09/31.html">كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_24.html">حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا..</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_21.html">*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_78.html">/✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_15.html">مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده...</a>/<a href="https://thelawofdivinetruth1.blogspot.com/2018/12/blog-post_7.html">شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_93.html">تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/06/blog-post_63.html">تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح...</a>/<a href="https://download.tvquran.com/download/recitations/archives/2-mp3.zip">تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_7.html">كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني.</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post_6.html"> الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/10/blog-post.html">الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_29.html">كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_17.html">حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/09/blog-post_1.html">الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع...</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_16.html">شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي </a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_25.html">جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_94.html">ما هي الشفاعة ولمن تستحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_70.html">في مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_98.html">٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء ال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_81.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_97.html">سمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/18.html">إن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا ل</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/92.html">من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل</a>/<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/17.html"> إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_88.html">تابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحق</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_22.html">الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a>//<a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/blog-post_51.html"> الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/08/48.html">إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ...</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_800.html"> أقوال النووي في المتأولات</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/saif-alasri.html">*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_38.html">نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادو</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_911.html">لتوبة هي كل الاسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_153.html">فاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_626.html"> الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_37.html"> التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_89.html">*التوبة هي كل الإسلام</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_77.html">هل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قال</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_67.html">لماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة </a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_14.html">فهرست مدونة قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_45.html">من قانون الحق الالهي</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_13.html">عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.</a><a href="http://thelowofalhak.blogspot.com/2018/07/blog-post_56.html">الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا..</a>/ </span></b></span></div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: x-large;"><b><br /><br /><br /></b></span></div>
<span style="font-size: x-large;"><b> </b></span></div>
bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-85740030535777795352015-10-15T16:31:00.001-07:002019-07-21T06:50:21.925-07:00مصحف الشمرلي كله *-*-<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div style="text-align: center;">
<b><span style="font-size: x-large;">يمكنك أن تعمل كليك يمين وتختار إعادة تحميل الصورة مع الانتظار قليلا </span></b></div>
<div style="text-align: center;">
<b><span style="font-size: x-large;">مصحف الشمرلي كله</span></b></div>
<div style="text-align: center;">
<br />
<b><span style="font-size: x-large;">مصحف الشمرلي</span></b><br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6LGDBQc-k5bHoEZAjm4h2VENR-HIQzjcZbD7rFgooj6ttf7SQRgdy_SDVNzPqN52AcFz_FtD5sd_KhycD3zz2ZvDXnQpbAR68BjO-qcMY4_-RjFK-LQUQHJC3ZXijOeaXuT2kY_w_Ot3W/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00001.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6LGDBQc-k5bHoEZAjm4h2VENR-HIQzjcZbD7rFgooj6ttf7SQRgdy_SDVNzPqN52AcFz_FtD5sd_KhycD3zz2ZvDXnQpbAR68BjO-qcMY4_-RjFK-LQUQHJC3ZXijOeaXuT2kY_w_Ot3W/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00001.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjRHMzXhHn7E7YVKu0d7q_Xno-LfZjGYV62L-te-3tJM9OdUo6UxMADiJo9VeUYeS_NcrEuxwTq3qTrGTpfgsRg8Hy9h8HSSrLMfJPDXC5Tum8AU8ZZ_5HRDJ_3P29XsZnFLRX8oaR8yLvc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00002.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjRHMzXhHn7E7YVKu0d7q_Xno-LfZjGYV62L-te-3tJM9OdUo6UxMADiJo9VeUYeS_NcrEuxwTq3qTrGTpfgsRg8Hy9h8HSSrLMfJPDXC5Tum8AU8ZZ_5HRDJ_3P29XsZnFLRX8oaR8yLvc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00002.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjU5n6whHRVkc0MeS3ZvOdKJXQ3okVyBjqZSL7mVQefnbLScS1-4si1qokzktYOYE8pOnMJX1aXWZn50VuGhyLnuspzTTijvHPWs8_1ieF4gK3VMnOrNTEVbjftxALHvui1F8XN08Iz8kzv/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00003.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjU5n6whHRVkc0MeS3ZvOdKJXQ3okVyBjqZSL7mVQefnbLScS1-4si1qokzktYOYE8pOnMJX1aXWZn50VuGhyLnuspzTTijvHPWs8_1ieF4gK3VMnOrNTEVbjftxALHvui1F8XN08Iz8kzv/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00003.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjQbFI-Nk57yFzKwae-2a2-YJXWF69SdCdbFagUwOMSVUdqIGs949pqIB5apEs-8uaVaMT1jokLdmU2PibBcFAinG7AU5MVYS1Mj9_ETHxjnb8rnUPTPQa0it7LI6px6KhIAdpeSvhvmzRP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00004.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjQbFI-Nk57yFzKwae-2a2-YJXWF69SdCdbFagUwOMSVUdqIGs949pqIB5apEs-8uaVaMT1jokLdmU2PibBcFAinG7AU5MVYS1Mj9_ETHxjnb8rnUPTPQa0it7LI6px6KhIAdpeSvhvmzRP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00004.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh82z1E-rhQl0QypsNvDoGS0_rj5U8to8ze_2_sNskWrAvcxe1BdNrlg1Y_78av11a0eRZsTRvA9_4sKPeObJPMcX6t-gTcBtifJHx2zhvDWv4q_neDx-o7BNa09UvCYrZ-8FuqM_ceRncb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00005.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh82z1E-rhQl0QypsNvDoGS0_rj5U8to8ze_2_sNskWrAvcxe1BdNrlg1Y_78av11a0eRZsTRvA9_4sKPeObJPMcX6t-gTcBtifJHx2zhvDWv4q_neDx-o7BNa09UvCYrZ-8FuqM_ceRncb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00005.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjJ2gKDmKAvYMpNduTgFj6lYijgDMjs-6mzJO5YG7Yz1Gs0SeQNxRfdF3QzoMz5cticU8sXns7NUdNbmBcoGiaqxQIt1MTTthxz9P8nmdtm5FXltpuojQDCFxd5l9XkisqFaS-k0d-EWo7S/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00006.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjJ2gKDmKAvYMpNduTgFj6lYijgDMjs-6mzJO5YG7Yz1Gs0SeQNxRfdF3QzoMz5cticU8sXns7NUdNbmBcoGiaqxQIt1MTTthxz9P8nmdtm5FXltpuojQDCFxd5l9XkisqFaS-k0d-EWo7S/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00006.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjNvpTm-yM_s2veugghdFTDNhoVQ0c2vo6M7B0cJQ60LVxUtAPN3MzTWVprcMNFRjFDKcNMh_XwYGtY0rM8blEX8mGBhgBBQzSloR1BcvQ5VOBRfpuKf5zfE6nxA4xOD2BC551XGWi2T0Pr/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00007.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjNvpTm-yM_s2veugghdFTDNhoVQ0c2vo6M7B0cJQ60LVxUtAPN3MzTWVprcMNFRjFDKcNMh_XwYGtY0rM8blEX8mGBhgBBQzSloR1BcvQ5VOBRfpuKf5zfE6nxA4xOD2BC551XGWi2T0Pr/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00007.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXFdQ0AdfUTLuV83CQhL1QWvGetrYVWeBnJ3Bc7tBNxhAkGILcuIjanvmqlVVDsYRUHstzSx4_NpIImptLeLzfXhV17_tLf6PLeF_AQk6R78amlB5m3QWokDsvA29Wobt8DNgt8q0C0ODs/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00008.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXFdQ0AdfUTLuV83CQhL1QWvGetrYVWeBnJ3Bc7tBNxhAkGILcuIjanvmqlVVDsYRUHstzSx4_NpIImptLeLzfXhV17_tLf6PLeF_AQk6R78amlB5m3QWokDsvA29Wobt8DNgt8q0C0ODs/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00008.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiE061YDpmL5XpODnlWSUhCfIcc0KShX_l3ady8aWEtfQ4cihK2yA535x8qYk_rRjWMpLWTyGJqPHEBcUVgFuh7_HDuPnPQ8GcVggLdz5aj8N6KohapzIzH7tR5Mv7LWY9g3hX2sNyL62S1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00009.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiE061YDpmL5XpODnlWSUhCfIcc0KShX_l3ady8aWEtfQ4cihK2yA535x8qYk_rRjWMpLWTyGJqPHEBcUVgFuh7_HDuPnPQ8GcVggLdz5aj8N6KohapzIzH7tR5Mv7LWY9g3hX2sNyL62S1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00009.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6Hllc9YIGKwx7NjuPg6NvK-nAS_we7eUAiIhge-bDJkwcaNpe0Wn5Fxr4jPvNYG4eEub30kwqWmExpUXPyEdSre4vMRVsHkErelfs9ev6PUp6aJ_wfJiHIGqSNncvD9srzbxLf-zF7_X6/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00010.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6Hllc9YIGKwx7NjuPg6NvK-nAS_we7eUAiIhge-bDJkwcaNpe0Wn5Fxr4jPvNYG4eEub30kwqWmExpUXPyEdSre4vMRVsHkErelfs9ev6PUp6aJ_wfJiHIGqSNncvD9srzbxLf-zF7_X6/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00010.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjr-_VSwM1IbZBawNH8SR60xYY9T9av5v3k6-MYK2I010KuX3v9TISAn1vtknH14D6cjylpAeB6FnTdI8RlbeeHFxaVFuPf3fTcnznSAnkdk1pfq97Ax_LAni7SJFDjupGSnEqmCB8kG8qA/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00011.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjr-_VSwM1IbZBawNH8SR60xYY9T9av5v3k6-MYK2I010KuX3v9TISAn1vtknH14D6cjylpAeB6FnTdI8RlbeeHFxaVFuPf3fTcnznSAnkdk1pfq97Ax_LAni7SJFDjupGSnEqmCB8kG8qA/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00011.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEip7EEfuXUjzmHbFC9c-XjgT7oDWenZGbXaRDCxVfQG5ZN2ZLiQs1jQK7a57WXuz7DuLK4zA4-vzw3S_5yFAgOBXoZ73XGWawxqt_YZcO4hsoi_tC7JVktmUJlqzmOGzKjabYLJQu9-yeBA/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00012.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEip7EEfuXUjzmHbFC9c-XjgT7oDWenZGbXaRDCxVfQG5ZN2ZLiQs1jQK7a57WXuz7DuLK4zA4-vzw3S_5yFAgOBXoZ73XGWawxqt_YZcO4hsoi_tC7JVktmUJlqzmOGzKjabYLJQu9-yeBA/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00012.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtL2FSqcxVm0HEymfwLzbmZNLPqnsvdrFGGc-lEVWnSvdSfJdb0vAtFX6TnLliA5h6RrkHMGNsZV_UsyvHQGzgfbHorBPiwzeK8p-R9UeSiP30TlaVCh85ePiYPIBPubXORmS6IzzAHPUy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00013.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtL2FSqcxVm0HEymfwLzbmZNLPqnsvdrFGGc-lEVWnSvdSfJdb0vAtFX6TnLliA5h6RrkHMGNsZV_UsyvHQGzgfbHorBPiwzeK8p-R9UeSiP30TlaVCh85ePiYPIBPubXORmS6IzzAHPUy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00013.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj40VI69xMCMJnr6ZLahKW1F3LqbXNJtCiU6mKi18r80WElvbLGGxyq7l29qtio3wpI5fdGwWM9w8IsTxPDg0PC3cjHJ_fQOEyawthL1ScOBVpo8ZISUrp7kEx219K52dpxBlZqme4CTu9w/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00014.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj40VI69xMCMJnr6ZLahKW1F3LqbXNJtCiU6mKi18r80WElvbLGGxyq7l29qtio3wpI5fdGwWM9w8IsTxPDg0PC3cjHJ_fQOEyawthL1ScOBVpo8ZISUrp7kEx219K52dpxBlZqme4CTu9w/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00014.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBLC-1Dn4KBtwTUZUCVSJsFwBVSYmTH9lUFmmGrv-JwDsAEGnvQQFsRN_mSAyDsmsW84b3KZIPw7KWg0UsmUXfwuruaN-Q5z2lnjuik-2kL-KpZMguJ5MRPPbYyGK9fQP55X_475UVD1gI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00015.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBLC-1Dn4KBtwTUZUCVSJsFwBVSYmTH9lUFmmGrv-JwDsAEGnvQQFsRN_mSAyDsmsW84b3KZIPw7KWg0UsmUXfwuruaN-Q5z2lnjuik-2kL-KpZMguJ5MRPPbYyGK9fQP55X_475UVD1gI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00015.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6-Ww1SAvp2D18O3aR9VSqYxelMXJmQNRoFNZ4srNnKE_dnccaDwyZgjTq-U9axj4ddahs_IVkPR1jwY7HFHRxw0fEgqq33UbSkKev1TJ5z1gvY-xpahZNa-OaqMMwKk1zpdrKHTX6J82r/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00016.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6-Ww1SAvp2D18O3aR9VSqYxelMXJmQNRoFNZ4srNnKE_dnccaDwyZgjTq-U9axj4ddahs_IVkPR1jwY7HFHRxw0fEgqq33UbSkKev1TJ5z1gvY-xpahZNa-OaqMMwKk1zpdrKHTX6J82r/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00016.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUWi02WYH24nCnPs_Y4Cc9ozieAczAYSMVdA2LAUpE55d2xZXFp2YQFwK-uD_qCeWEUH2GX00f4j1bxNktnVFcgG7-yZnEUAZjmYygTlLDQ0VNJcv7BYlKie5Df55_UTIH0XJV8M_vYc3J/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00017.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUWi02WYH24nCnPs_Y4Cc9ozieAczAYSMVdA2LAUpE55d2xZXFp2YQFwK-uD_qCeWEUH2GX00f4j1bxNktnVFcgG7-yZnEUAZjmYygTlLDQ0VNJcv7BYlKie5Df55_UTIH0XJV8M_vYc3J/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00017.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjWk5sF-KNsIvmfnRlFJDv8SXlPNqz-tw75gsWXFdWJ7S0uguAtKS6jG0Llu-2HYVzCP7tcbl5N6qZBh8oT7_6zZd7A5uIWrhRPXShCu9nSpXgTP_3fMSX8jWKd8oACc3Q2cud41_hBW331/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00018.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjWk5sF-KNsIvmfnRlFJDv8SXlPNqz-tw75gsWXFdWJ7S0uguAtKS6jG0Llu-2HYVzCP7tcbl5N6qZBh8oT7_6zZd7A5uIWrhRPXShCu9nSpXgTP_3fMSX8jWKd8oACc3Q2cud41_hBW331/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00018.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiHrXBu5RWEdlgz45EbAXwBFMNAgrSEPpaBVL2DOngzYqN_Qm8rKwmtNoGsJQ6_Geylh01YzqjpXt5QfmqQuj7Km-2EIxTnfOOGVC-A5ufM_nh7UY7iqBrafcMznVDtMLBPzcqtDpIhIzJt/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00019.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiHrXBu5RWEdlgz45EbAXwBFMNAgrSEPpaBVL2DOngzYqN_Qm8rKwmtNoGsJQ6_Geylh01YzqjpXt5QfmqQuj7Km-2EIxTnfOOGVC-A5ufM_nh7UY7iqBrafcMznVDtMLBPzcqtDpIhIzJt/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00019.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBtADeqQWT0QzJHaNdna7DjtnZ7tRmRNEla6CKsCjdW42sR3yiJ4u3pZgSj0B_pjfGLvxM3FWwm8I_5ybSAo1x1nQU5WYA21BZqFSIPvCPMkPbsv5yQlEprnTeZ4c3MGOIMAJsqgITTNZ5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00020.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBtADeqQWT0QzJHaNdna7DjtnZ7tRmRNEla6CKsCjdW42sR3yiJ4u3pZgSj0B_pjfGLvxM3FWwm8I_5ybSAo1x1nQU5WYA21BZqFSIPvCPMkPbsv5yQlEprnTeZ4c3MGOIMAJsqgITTNZ5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00020.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEii9JmG0CAE-Pq7IqesGiB6vOyz7vRMnoAdZqKvBFYA5e8M0fvfsYZAxjZ3EXdapCqAEQOBZhYR3TjG8Kx0b8uTaiWr2HEpfhz2bUtuv6CkIN4PiQ5nt2x322nNP81yun7ivNVk840O5q0N/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00021.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEii9JmG0CAE-Pq7IqesGiB6vOyz7vRMnoAdZqKvBFYA5e8M0fvfsYZAxjZ3EXdapCqAEQOBZhYR3TjG8Kx0b8uTaiWr2HEpfhz2bUtuv6CkIN4PiQ5nt2x322nNP81yun7ivNVk840O5q0N/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00021.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhvpYw6Jm0WUKC3XXDbh4seXPAryzK73JhQJQVR-ynHucSyZJZBR0XkQpHggrRT0q1tn_R0FQeKqRU8Zg0woKzAom4Inm1oZRNXcpv9vHxZhdc6ujJFEnxKDynRV6WY4O_LdMPJwQ6WTiDD/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00022.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhvpYw6Jm0WUKC3XXDbh4seXPAryzK73JhQJQVR-ynHucSyZJZBR0XkQpHggrRT0q1tn_R0FQeKqRU8Zg0woKzAom4Inm1oZRNXcpv9vHxZhdc6ujJFEnxKDynRV6WY4O_LdMPJwQ6WTiDD/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00022.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDItZjr25SR1S8gbarqwGGRQpn58dSdkwu1p79Q4bOY7B6b5Zhuyjegg02AbGghWerbKGrxMhVLvppfbpSaSm6KNvqRIGpBREbn33NpQWfRRbA92EWMNGIGYfhBvBdFJD3KkRnAGhjoC0g/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00023.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDItZjr25SR1S8gbarqwGGRQpn58dSdkwu1p79Q4bOY7B6b5Zhuyjegg02AbGghWerbKGrxMhVLvppfbpSaSm6KNvqRIGpBREbn33NpQWfRRbA92EWMNGIGYfhBvBdFJD3KkRnAGhjoC0g/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00023.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhegncvImsLkjjCtWwa2LHigjjPsITcp-osYKlZfhMpJObfLn65xVJLMhk3umJgOS0prrRGtPjCKEYewTyw2aK8izpaMMJwcpmVansORfH2W62nBpcKeZXoTqEgxdUp-Hu_PL8Y-uwHv4Ir/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00024.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhegncvImsLkjjCtWwa2LHigjjPsITcp-osYKlZfhMpJObfLn65xVJLMhk3umJgOS0prrRGtPjCKEYewTyw2aK8izpaMMJwcpmVansORfH2W62nBpcKeZXoTqEgxdUp-Hu_PL8Y-uwHv4Ir/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00024.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCe3EKLVssblCm3wAFzG6VLkner0Tsy5husfNT6-XdkgEnioJLJD3AE6RIgjH0EwdbUz2bdhy4mbzuaWrbXtxfwdsvEsIak0ZAW_yZYJH4TlanxLzVKxqimT0-2-HWzJxiACwAT-IS3yCv/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00025.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCe3EKLVssblCm3wAFzG6VLkner0Tsy5husfNT6-XdkgEnioJLJD3AE6RIgjH0EwdbUz2bdhy4mbzuaWrbXtxfwdsvEsIak0ZAW_yZYJH4TlanxLzVKxqimT0-2-HWzJxiACwAT-IS3yCv/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00025.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXjjSWSjNZJOLd79-LdyZUQDnbaq6YWQI29GelTNDQ98Ylg6oGZSFuiYj-6jsMv9-fQ_jD6kPtIR1pmSwimZt6YFtE9qzpIf1jFFVdZLoWuSPizrD_ce2_A6D7D9z2HLYr31kNgr7Rh9wd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00026.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXjjSWSjNZJOLd79-LdyZUQDnbaq6YWQI29GelTNDQ98Ylg6oGZSFuiYj-6jsMv9-fQ_jD6kPtIR1pmSwimZt6YFtE9qzpIf1jFFVdZLoWuSPizrD_ce2_A6D7D9z2HLYr31kNgr7Rh9wd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00026.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDZQcTqrOWgta6E79pKPszDRHR6wG-BxtW2Mk8q9KKLI3fXp3n0ske7QVmY05qolkEw5WpfJtV3Yy7Ah1HeinLqQGTPvHKL0iLXRb3KaWJ0NmLgB3V6vpSv4spHeqMNLgApm2eXItx7wbY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00027.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDZQcTqrOWgta6E79pKPszDRHR6wG-BxtW2Mk8q9KKLI3fXp3n0ske7QVmY05qolkEw5WpfJtV3Yy7Ah1HeinLqQGTPvHKL0iLXRb3KaWJ0NmLgB3V6vpSv4spHeqMNLgApm2eXItx7wbY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00027.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwVBkWHNZEDkQdh7k8injyrNQkdjloJaRi5KHf1fzD8rB5ashF5JIIY3nMVT9i3HX0WShWzjRG6LR3kVpiV7NXcBG72wsevAQ6LB8xH1wNrlJe6Az0MojsOYE0m37f2smQ7c7p238DDYLO/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00028.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwVBkWHNZEDkQdh7k8injyrNQkdjloJaRi5KHf1fzD8rB5ashF5JIIY3nMVT9i3HX0WShWzjRG6LR3kVpiV7NXcBG72wsevAQ6LB8xH1wNrlJe6Az0MojsOYE0m37f2smQ7c7p238DDYLO/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00028.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhc1YSeTOUxQ5z5PXA0WPaA0trn9aKadySEE8j2m0WyW0UUZkjnUcfBmVFKLCegzg9cDWl1eNY3SqHZzBLma-O78PaqrNiKMoirJT4vz2MOrpdbosjwOwC9M430A56iksTsXLfz8QJrBdLq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00029.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhc1YSeTOUxQ5z5PXA0WPaA0trn9aKadySEE8j2m0WyW0UUZkjnUcfBmVFKLCegzg9cDWl1eNY3SqHZzBLma-O78PaqrNiKMoirJT4vz2MOrpdbosjwOwC9M430A56iksTsXLfz8QJrBdLq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00029.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgH-iF_izhjs3ES0aS6qqFMubIniuvH2xUVh4sw6-FkQ0J78HTF1lkKeo5xO5OHoAiYaUf-HHlLdTAL8NxvFxHxk_uuIY9nij96T7CDz7L0WXnF8NRCIhAzfJGcJzqTTe_eaXnDIxtqhqk1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00030.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgH-iF_izhjs3ES0aS6qqFMubIniuvH2xUVh4sw6-FkQ0J78HTF1lkKeo5xO5OHoAiYaUf-HHlLdTAL8NxvFxHxk_uuIY9nij96T7CDz7L0WXnF8NRCIhAzfJGcJzqTTe_eaXnDIxtqhqk1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00030.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjC2PJ53XBYcgKm2dsXMV0CX-4R00rPx6RhKkTDXIgcsSt-DXdgcEGcgdsogQnjaxHXKclw_fj0FnkVH14Z669Ojw5s6lxHV62IvYChlRtqfD5qK-V7-vXkkNfyfVLrC95mEmpM3mst6cgx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00031.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjC2PJ53XBYcgKm2dsXMV0CX-4R00rPx6RhKkTDXIgcsSt-DXdgcEGcgdsogQnjaxHXKclw_fj0FnkVH14Z669Ojw5s6lxHV62IvYChlRtqfD5qK-V7-vXkkNfyfVLrC95mEmpM3mst6cgx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00031.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhIjoQpDwOQnqWfH3QUYmErq7DVMJ7xOVtNuSUPM131IZJ-vI47oXEhZqUqV9weQoFmW4ls1iOFnKsmRfivtwPJEIOejrQJYljC7sTMjdVYWrJlaZsN5bwuizLEcKxVaty2NmhIJgRctMAQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00032.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhIjoQpDwOQnqWfH3QUYmErq7DVMJ7xOVtNuSUPM131IZJ-vI47oXEhZqUqV9weQoFmW4ls1iOFnKsmRfivtwPJEIOejrQJYljC7sTMjdVYWrJlaZsN5bwuizLEcKxVaty2NmhIJgRctMAQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00032.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhPvhKOAf5yUAlYrW-UlcalkRYEMKibjxKH29esekDjElDcvYFELw4W5O_cSMr1lELuAQbo5yw4AcugM72IYpWYpRry66JiKNoI_c6Lq50gxLsGqX77pUbbFQBN47xOUV6yuRrQwaRyf2Uc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00033.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhPvhKOAf5yUAlYrW-UlcalkRYEMKibjxKH29esekDjElDcvYFELw4W5O_cSMr1lELuAQbo5yw4AcugM72IYpWYpRry66JiKNoI_c6Lq50gxLsGqX77pUbbFQBN47xOUV6yuRrQwaRyf2Uc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00033.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh7BgYfkHdVuhHjymFLUpr1TBANSsMD2mM2l-NRiIHs4H3x8U5GVgnVk1eOlIRpbbjK8MC77KRNzTc9lW_jaJV0ylpctJvPis9qkD54R1hop6OcpX2plnJAcC20Hr0DqWuZEAEivvP0ijmo/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00034.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh7BgYfkHdVuhHjymFLUpr1TBANSsMD2mM2l-NRiIHs4H3x8U5GVgnVk1eOlIRpbbjK8MC77KRNzTc9lW_jaJV0ylpctJvPis9qkD54R1hop6OcpX2plnJAcC20Hr0DqWuZEAEivvP0ijmo/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00034.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEickoyCBebnW9K6g_Bw9qoOCIejbguAZP5CT9J76e_VSMF_Y0ClH-ubWqFx7C0q6gTqJyZ5WUihlNZxD9We6uVsd2lIfyZRKcHghX2kmCjm5KqD9R8AZI9Vf-eYq77TPhyuh-u9PQ32hpHL/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00035.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEickoyCBebnW9K6g_Bw9qoOCIejbguAZP5CT9J76e_VSMF_Y0ClH-ubWqFx7C0q6gTqJyZ5WUihlNZxD9We6uVsd2lIfyZRKcHghX2kmCjm5KqD9R8AZI9Vf-eYq77TPhyuh-u9PQ32hpHL/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00035.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiguoUD9n8DpvtSSv7yG1or67fHFMmKCJZ7pmQi2k7XtBIAwMXn5DMYUjviexLMHx4_3zxD91VUWa1AKctBEK6-5dYGA6Gekdx5PsJqq0S3talMIcLdSziYAY0IeaMwO7pYTnFGfXn6Jjp5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00036.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiguoUD9n8DpvtSSv7yG1or67fHFMmKCJZ7pmQi2k7XtBIAwMXn5DMYUjviexLMHx4_3zxD91VUWa1AKctBEK6-5dYGA6Gekdx5PsJqq0S3talMIcLdSziYAY0IeaMwO7pYTnFGfXn6Jjp5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00036.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgpc09z3mplKv7kDeiP5qlY5hH4Hg8HmzLBC_u02LJVFikHti1zbqPbrZrWYsS67hU1dzc9pmtjAKZu4Jhxq5n-td_XkoDzJrT5XiTwxBD_fC7jxB54nK-ZFT4BFfuAYGdDn6RemC9dGx8B/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00037.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgpc09z3mplKv7kDeiP5qlY5hH4Hg8HmzLBC_u02LJVFikHti1zbqPbrZrWYsS67hU1dzc9pmtjAKZu4Jhxq5n-td_XkoDzJrT5XiTwxBD_fC7jxB54nK-ZFT4BFfuAYGdDn6RemC9dGx8B/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00037.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZlIfsoyhiN4zqMmfHwOLCZYgxtYE6OMT-HPNMA-LqmZVoEVEuvHRCV5qYJAeNZpppzIK4fTekN6rn4qAg7pPOhyxNaQTEhuaGQIKkjYHUbLht3tQikCj8n4dAVGgaqQXEU489jgSsClp_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00038.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZlIfsoyhiN4zqMmfHwOLCZYgxtYE6OMT-HPNMA-LqmZVoEVEuvHRCV5qYJAeNZpppzIK4fTekN6rn4qAg7pPOhyxNaQTEhuaGQIKkjYHUbLht3tQikCj8n4dAVGgaqQXEU489jgSsClp_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00038.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQCB8De5ws_-I326v30lJTiDKheReMAQRpx_QmixP_TF_SjjzDX-7zCW17ZXN1-u-h8brBsiO7WyIR9QThyphenhyphenAs8a8CoHA4PJ9xysknke3wB-YXViEf0k-B-Q_3Vf9au0BB3WIiX9fcS4Q_H/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00039.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQCB8De5ws_-I326v30lJTiDKheReMAQRpx_QmixP_TF_SjjzDX-7zCW17ZXN1-u-h8brBsiO7WyIR9QThyphenhyphenAs8a8CoHA4PJ9xysknke3wB-YXViEf0k-B-Q_3Vf9au0BB3WIiX9fcS4Q_H/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00039.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhByeAyR0QQRRDCFzlEDzMBLS-QusfhUf4h0sJOIhQPAi7BXX-T_RcYYbz_rZeXVYu6veLQczxlr22TSTKSq-x1xlsxXiZdAKRqI-BKBcskffRDwXKdWyaYiIVudBSt-XXlhcLV0CuKi1rI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00040.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhByeAyR0QQRRDCFzlEDzMBLS-QusfhUf4h0sJOIhQPAi7BXX-T_RcYYbz_rZeXVYu6veLQczxlr22TSTKSq-x1xlsxXiZdAKRqI-BKBcskffRDwXKdWyaYiIVudBSt-XXlhcLV0CuKi1rI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00040.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEivRWP_DWPKPhFaQDIOQF-dvXMUo0Z1SQJvPp_LqURbfHl9Kt8Twl3kywXB7J3WvpfXHrX_62_ti99lnROGACMwtP-Z82SlBhDQ4iFrYBkp2NlljeNtbdrJsz8hLZFzIF0HQx9UxlGUAKIw/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00041.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEivRWP_DWPKPhFaQDIOQF-dvXMUo0Z1SQJvPp_LqURbfHl9Kt8Twl3kywXB7J3WvpfXHrX_62_ti99lnROGACMwtP-Z82SlBhDQ4iFrYBkp2NlljeNtbdrJsz8hLZFzIF0HQx9UxlGUAKIw/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00041.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEig4arrpQ_-eFL09Ss4tCvLJg1Rk4HoShQHuIGc7A3kLPk0ymvQtOT12BT5T_2leJgSJCbnE_liid6Wn3X9UcI7i1BMwIEFTJuN873L4GRl0SZQ8ceZ3gQXlaZysnesx9XXN7KQMK42S4bI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00042.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEig4arrpQ_-eFL09Ss4tCvLJg1Rk4HoShQHuIGc7A3kLPk0ymvQtOT12BT5T_2leJgSJCbnE_liid6Wn3X9UcI7i1BMwIEFTJuN873L4GRl0SZQ8ceZ3gQXlaZysnesx9XXN7KQMK42S4bI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00042.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1l0ezfW1twiG24UuQvmUrwH2tsywwAXFAn2498Fl3CQkc2e9hbzIaoCGKpra_yJE85KYirA5aZ9ZWpJpf595-NhL9FMiRdvosbnecZdmCQYcrVNCfdmdN9JZ7-02ri4TRQAp65h9ukH2Z/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00043.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1l0ezfW1twiG24UuQvmUrwH2tsywwAXFAn2498Fl3CQkc2e9hbzIaoCGKpra_yJE85KYirA5aZ9ZWpJpf595-NhL9FMiRdvosbnecZdmCQYcrVNCfdmdN9JZ7-02ri4TRQAp65h9ukH2Z/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00043.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPF3Tbp9J5KxSYK4J-8rWFD9uz-xEqey8Z_J-5KIZeqnJUTJUmbsRswiVf040j_na68xLg6ex7zOfS38YLcF7AZX9O7SKEgqWIJJqvt3u1O48RIsu0wX-FFsV0JwKG7LA6VoQDEMOtIrpx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00044.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPF3Tbp9J5KxSYK4J-8rWFD9uz-xEqey8Z_J-5KIZeqnJUTJUmbsRswiVf040j_na68xLg6ex7zOfS38YLcF7AZX9O7SKEgqWIJJqvt3u1O48RIsu0wX-FFsV0JwKG7LA6VoQDEMOtIrpx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00044.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh9Wps09jk0iV7h1TMiWB0LUpMy6ZBlF6wp36WaovLMBi-6eW_rRkX8zAU75rkwW6MhGxKA2o-6kD1IneGsr1q0mdnhmLNW3tD3jJONfsF9d36SCZsVVNHinW-fLibgmzyTj0wr5xRL2j9G/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00045.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh9Wps09jk0iV7h1TMiWB0LUpMy6ZBlF6wp36WaovLMBi-6eW_rRkX8zAU75rkwW6MhGxKA2o-6kD1IneGsr1q0mdnhmLNW3tD3jJONfsF9d36SCZsVVNHinW-fLibgmzyTj0wr5xRL2j9G/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00045.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDd8NvbU-6fs635j3i04oetF_29_MeWshMBbNMRtUXeWDXyYIxBKvI9gpFpuLhGfaRDWibAeT0W6IzA-RoX1kxXlOTXPlRcGJtd9MCtc6KKbKC-yJtQbOqm4HriiF1MdcF-I1Wzi3ufKWf/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00046.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDd8NvbU-6fs635j3i04oetF_29_MeWshMBbNMRtUXeWDXyYIxBKvI9gpFpuLhGfaRDWibAeT0W6IzA-RoX1kxXlOTXPlRcGJtd9MCtc6KKbKC-yJtQbOqm4HriiF1MdcF-I1Wzi3ufKWf/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00046.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgBHjh5NaEUYWrB1zaNPiWtNG7hJj3aAvd1HJNYT308YcRpMItuQ8YXf_K9p8ybfgHvLo_gJaka2WOwWywcnVBUCm2RutdrAPMkWSNpH8RSBWwyhsTvk5DZEJ7ePTOvI5R70KEuFeNylqx2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00047.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgBHjh5NaEUYWrB1zaNPiWtNG7hJj3aAvd1HJNYT308YcRpMItuQ8YXf_K9p8ybfgHvLo_gJaka2WOwWywcnVBUCm2RutdrAPMkWSNpH8RSBWwyhsTvk5DZEJ7ePTOvI5R70KEuFeNylqx2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00047.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtLiZicbaBFoqw2YKxi7cVjHMCixRWLpBKslINg2lX_MqtN9v-IcLT2Z6gEVEokiIE-0UObiQajNBtBOjozf-8RGnvWResrG4jdffWDwd4vIFhbQidFELeoQT_RwrY3EseowzHr7qgseGa/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00048.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtLiZicbaBFoqw2YKxi7cVjHMCixRWLpBKslINg2lX_MqtN9v-IcLT2Z6gEVEokiIE-0UObiQajNBtBOjozf-8RGnvWResrG4jdffWDwd4vIFhbQidFELeoQT_RwrY3EseowzHr7qgseGa/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00048.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4chyphenhyphenRUGjDA2WAu2WRN8aRBcM0HhCgK_TXSomK-xASOqldYhMQOFEh-JqEwvNWyi1mg8tqOh7hUky4M3QyPGBnhGRJzMojeGmlImplJFLmMgPcx-mvCeEEXtJLDA109fOuHOHHyxZ0in5o/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00049.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4chyphenhyphenRUGjDA2WAu2WRN8aRBcM0HhCgK_TXSomK-xASOqldYhMQOFEh-JqEwvNWyi1mg8tqOh7hUky4M3QyPGBnhGRJzMojeGmlImplJFLmMgPcx-mvCeEEXtJLDA109fOuHOHHyxZ0in5o/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00049.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhzr2EpvbWiGGnSYyUbaEdt6-5DKl8uJLM9_ssJ9SdyIBmRwZcu1d3NyunlbwYzzP1WwgrLznR1XSZum1Hy8kfjqq7IUCWHzBnh0h9X9ZJEZhp_JmUxDCUqsHN7IzjoDeZtR_TKXvDOxm-0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00050.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhzr2EpvbWiGGnSYyUbaEdt6-5DKl8uJLM9_ssJ9SdyIBmRwZcu1d3NyunlbwYzzP1WwgrLznR1XSZum1Hy8kfjqq7IUCWHzBnh0h9X9ZJEZhp_JmUxDCUqsHN7IzjoDeZtR_TKXvDOxm-0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00050.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhypbR53tl5kbzVOERaUV3TWSej9FQcxK3DfgC8a9Jxx7HitiGdOaBsxhdL01zTYha8Oyme60CmndiTQJU9e0PM0OrD5dN6GMXSUPs8SQyjNlLN7fP2yZ8MQYiFWd8fk560A8UyjzBQFCB5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00051.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhypbR53tl5kbzVOERaUV3TWSej9FQcxK3DfgC8a9Jxx7HitiGdOaBsxhdL01zTYha8Oyme60CmndiTQJU9e0PM0OrD5dN6GMXSUPs8SQyjNlLN7fP2yZ8MQYiFWd8fk560A8UyjzBQFCB5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00051.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEijo4vQy6ip7Wl8X5Hs7rv32HBNFDe8JAvqCeq_zYlq5xjLkk2Pyso2yvrcVbDxPf9zqLlWhUaieLl-IsJz7oHj9dy85e7Zy5XDpjPqdSnqlvINE2fH57L9LZmO2CAj3zl8AeoSi0plmfM2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00052.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEijo4vQy6ip7Wl8X5Hs7rv32HBNFDe8JAvqCeq_zYlq5xjLkk2Pyso2yvrcVbDxPf9zqLlWhUaieLl-IsJz7oHj9dy85e7Zy5XDpjPqdSnqlvINE2fH57L9LZmO2CAj3zl8AeoSi0plmfM2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00052.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiwILzmViSqYeirQvdB8wmeNuz6uIuWVYt-UOKmIFB7orovr8WKUdpsbDjD0stZ2dp__wuASWiwDKAELy0jT54G7FQxF0nqeXeGShx3E7pMb-BJ435WA23N72Llca6UVPL5mAYPcKPgreoQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00053.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiwILzmViSqYeirQvdB8wmeNuz6uIuWVYt-UOKmIFB7orovr8WKUdpsbDjD0stZ2dp__wuASWiwDKAELy0jT54G7FQxF0nqeXeGShx3E7pMb-BJ435WA23N72Llca6UVPL5mAYPcKPgreoQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00053.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhG_9OxBXSU15Gne_S4Mh26AvuKdWwQNjje4FcyrCAfspT9__y8xwNnIWNVoTefXKTT_21eZgeGkqU8s0Tib1I91STX4ZQnKHnnmuG5BmUj8gMyVqVJIf3O8ML_0lET_pC0qelK1nLTZeMx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00054.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhG_9OxBXSU15Gne_S4Mh26AvuKdWwQNjje4FcyrCAfspT9__y8xwNnIWNVoTefXKTT_21eZgeGkqU8s0Tib1I91STX4ZQnKHnnmuG5BmUj8gMyVqVJIf3O8ML_0lET_pC0qelK1nLTZeMx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00054.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTiOSuH6db43fISOLyVBPk51nrVFNpoKjLb21yRd2UzRUrYgEKYqjO_VaEYsia9z8O2AAg0Uxl0ecgpD1EP-0jR_tfPMXopkQUr0brhs_E0xRLaxvOxQ2nNx-RG_4SOHQrkWmH-X95ANQR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00055.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTiOSuH6db43fISOLyVBPk51nrVFNpoKjLb21yRd2UzRUrYgEKYqjO_VaEYsia9z8O2AAg0Uxl0ecgpD1EP-0jR_tfPMXopkQUr0brhs_E0xRLaxvOxQ2nNx-RG_4SOHQrkWmH-X95ANQR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00055.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbJ0e6EMAUiGz-4W9ioYHv1_A5ERh5yCYRuuKKwYkHJM4m-LB2jmlxZV0kBrJgU8n76974kXvQLhmIa3iLPz32oc3Ocb39pThc4bcPcAOI5NDY8FXRLKXG9gyfWOdIFth3YFdWoH2NED8G/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00056.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbJ0e6EMAUiGz-4W9ioYHv1_A5ERh5yCYRuuKKwYkHJM4m-LB2jmlxZV0kBrJgU8n76974kXvQLhmIa3iLPz32oc3Ocb39pThc4bcPcAOI5NDY8FXRLKXG9gyfWOdIFth3YFdWoH2NED8G/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00056.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgE25Wxle6X3Xo0DLKD2uQeYgwYMbj_zsFQtJdA3LAPqr4v5qSW4JRRjJQxXEN7vt_C5hqKT2iMPWXfTD5yFcnr4pMgAm3oQHd3jcAXEPEwESL2FC8DEWExJMcEgSojCx3Oq-LvXhyphenhyphenOMaz2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00057.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgE25Wxle6X3Xo0DLKD2uQeYgwYMbj_zsFQtJdA3LAPqr4v5qSW4JRRjJQxXEN7vt_C5hqKT2iMPWXfTD5yFcnr4pMgAm3oQHd3jcAXEPEwESL2FC8DEWExJMcEgSojCx3Oq-LvXhyphenhyphenOMaz2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00057.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdTd91WO-z34uiIlEsba2L8hWN9iBPqWOxlv2IFmDlHJFT_7XbxBDyOUkh8KxyzUTrLW4xtCzJSuO_v32HFyZAYDnRcIjpwUp9sP9R8MCgEMfle0ESHrxGtyJyI3HnMVP81pT9V2miXX3g/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00058.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdTd91WO-z34uiIlEsba2L8hWN9iBPqWOxlv2IFmDlHJFT_7XbxBDyOUkh8KxyzUTrLW4xtCzJSuO_v32HFyZAYDnRcIjpwUp9sP9R8MCgEMfle0ESHrxGtyJyI3HnMVP81pT9V2miXX3g/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00058.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMr52qSgottt15384IyPqSUDOrWRk1_TEnNLv0UbyznIYRC-XYId8DY4-ZOF9U6PaQaDlyTw__g91-SotkgtlUdmeCtOb-p9CsVZUZ7xqjo3d2m9kQlP9UGO6TxkzhhHQAHoL4GFSBZSx-/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00059.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMr52qSgottt15384IyPqSUDOrWRk1_TEnNLv0UbyznIYRC-XYId8DY4-ZOF9U6PaQaDlyTw__g91-SotkgtlUdmeCtOb-p9CsVZUZ7xqjo3d2m9kQlP9UGO6TxkzhhHQAHoL4GFSBZSx-/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00059.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgUFbv0pFeKycf14jkeDIm5sZcXFKX4nyWQ_lyuX6dX5wb9kmaqUkFxV9B9cgkUX3jyHfazPHDkBYyUazekp8q6hG1p14C-iFHxgexkU15lvNpb8TD8xbZFiBwIFlTkaiOGpFPcKWdGGena/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00060.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgUFbv0pFeKycf14jkeDIm5sZcXFKX4nyWQ_lyuX6dX5wb9kmaqUkFxV9B9cgkUX3jyHfazPHDkBYyUazekp8q6hG1p14C-iFHxgexkU15lvNpb8TD8xbZFiBwIFlTkaiOGpFPcKWdGGena/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00060.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiMRMQCiOIIUdOprmaH6_ayuBLRGzWlO61kEF4B3gxpfDXWmynapPyjF8IYNdq8U4OhpLrUdcMhEp8Oxc2y4sfUZTLNibYfhn3Ypn6j-SEnAXR-ZEPWruNjTQyTv1O3unoH0E3dFQTAkpUS/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00061.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiMRMQCiOIIUdOprmaH6_ayuBLRGzWlO61kEF4B3gxpfDXWmynapPyjF8IYNdq8U4OhpLrUdcMhEp8Oxc2y4sfUZTLNibYfhn3Ypn6j-SEnAXR-ZEPWruNjTQyTv1O3unoH0E3dFQTAkpUS/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00061.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh8FM3omvnIP3erbeJS1ksQ7_NLkLV_Mg36bumDgJrR5iyImsgjBjAT6Mq82S2hMmuO2oHgGw6hPoAjIY1z4IvgeTdJTxkW8xo4iLcDgZyCs3ogGJI4EyYzkiwHNYWVsiWatK3Z4Eg6WwpC/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00062.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh8FM3omvnIP3erbeJS1ksQ7_NLkLV_Mg36bumDgJrR5iyImsgjBjAT6Mq82S2hMmuO2oHgGw6hPoAjIY1z4IvgeTdJTxkW8xo4iLcDgZyCs3ogGJI4EyYzkiwHNYWVsiWatK3Z4Eg6WwpC/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00062.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6sqjL5LwcW8f_jzZsaJ77J6epynGjR_68vY4goQoj83gfjaIBTi8NJd4CAvlJYuLpt-Q5neGVSAz6Po-4cHBKzdpe9KK9ba5u226ofXUZubCIjmGCoKAVhT_N09QsuRfYzBrwp1Z2PKfg/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00063.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6sqjL5LwcW8f_jzZsaJ77J6epynGjR_68vY4goQoj83gfjaIBTi8NJd4CAvlJYuLpt-Q5neGVSAz6Po-4cHBKzdpe9KK9ba5u226ofXUZubCIjmGCoKAVhT_N09QsuRfYzBrwp1Z2PKfg/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00063.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjywiVrPcf7H48t6siKWQWKr3jEV9wXFOg4oYEVwNNGzQwFtVxANxMCNljrkCyiA3-AKFvJhyphenhyphenhWcxRb2LmmqUqpw8fKz5RoExsLXAJBRinxBk0y3K7BX0UwyldE4jf2Z-rtmwMVeISWS_J4/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00064.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjywiVrPcf7H48t6siKWQWKr3jEV9wXFOg4oYEVwNNGzQwFtVxANxMCNljrkCyiA3-AKFvJhyphenhyphenhWcxRb2LmmqUqpw8fKz5RoExsLXAJBRinxBk0y3K7BX0UwyldE4jf2Z-rtmwMVeISWS_J4/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00064.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgK6DhRbVyU_-r05jBzfvs1tgT13YK8dT8qx9eHW2RN3_vAIM7IOe1uEEnRIEDRwXM2JUCutM_2LNwKG4xzF8Y_GRQEEGpQsYXF9uKIY8GZJAgrcpSDvy0S5WlJRYrNiIyQS-2gG6nFYw0D/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00065.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgK6DhRbVyU_-r05jBzfvs1tgT13YK8dT8qx9eHW2RN3_vAIM7IOe1uEEnRIEDRwXM2JUCutM_2LNwKG4xzF8Y_GRQEEGpQsYXF9uKIY8GZJAgrcpSDvy0S5WlJRYrNiIyQS-2gG6nFYw0D/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00065.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgm-gZdvMXxZAwBl5S2FPiy74pU5LXYVHMQQHJ50op0BTJuT0uV9tvk0X_OWrL2cOG1LHOT-zERRew7EVLgn7uX7GGtdEMjv3rpIt4sotoI4EtcV2QfeerYRQmc0RV_eVy8BrmoByfY6sOI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00066.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgm-gZdvMXxZAwBl5S2FPiy74pU5LXYVHMQQHJ50op0BTJuT0uV9tvk0X_OWrL2cOG1LHOT-zERRew7EVLgn7uX7GGtdEMjv3rpIt4sotoI4EtcV2QfeerYRQmc0RV_eVy8BrmoByfY6sOI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00066.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSNa32mZxxiSOG_S0ieJPx20eQQPcSh1Ef09zCQ6VVb9mhANXIPgrSCrWl02QyAiLZRpuUWsRUqiSaRhwB4e4v1DsmthQYaOOCB2lw6Rre9tJQwuMBgHL1Bl7w5gK9kv_rCacmw9eAfJGx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00067.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSNa32mZxxiSOG_S0ieJPx20eQQPcSh1Ef09zCQ6VVb9mhANXIPgrSCrWl02QyAiLZRpuUWsRUqiSaRhwB4e4v1DsmthQYaOOCB2lw6Rre9tJQwuMBgHL1Bl7w5gK9kv_rCacmw9eAfJGx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00067.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdPGcclG4eH2qVu24Nz-Vz4FNv9YwdY3oVmgZijk7e7nQ9krco7hgzaVLIrV1wB1QDtav_crPVmbfyGuVwqve0U2w0VhDI4jB8liTRllnUwPlZU9U1cVlZ6-k1aCdCwBndl8ni90Y2KOxD/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00068.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdPGcclG4eH2qVu24Nz-Vz4FNv9YwdY3oVmgZijk7e7nQ9krco7hgzaVLIrV1wB1QDtav_crPVmbfyGuVwqve0U2w0VhDI4jB8liTRllnUwPlZU9U1cVlZ6-k1aCdCwBndl8ni90Y2KOxD/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00068.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjamVnAaBD_RHiAJbB1ucGnBELdQA5IlxvHeusoYZabnY3wNRKc6oamcAFqYlalyqI1lxIU8krGD049-Lbhyqz7ds3M8kNxgQnchpmnQDOGBn7tDEJ_AE5dZpvnyHsTwHDrr5Nkym-lLYmy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00069.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjamVnAaBD_RHiAJbB1ucGnBELdQA5IlxvHeusoYZabnY3wNRKc6oamcAFqYlalyqI1lxIU8krGD049-Lbhyqz7ds3M8kNxgQnchpmnQDOGBn7tDEJ_AE5dZpvnyHsTwHDrr5Nkym-lLYmy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00069.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiVcSL3CuO5j7dw2LkAagJmB3wCWlcEidwE4tODI9nsGEPxB1Wf78ujzaYvD3Ids3CBIjqQ9tUbsIUSn-sSkuJPgvA73-16TIME29hN1247d-0us5j_8xENdSZbkEUY4wZOz3Wwbfk0AG3j/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00070.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiVcSL3CuO5j7dw2LkAagJmB3wCWlcEidwE4tODI9nsGEPxB1Wf78ujzaYvD3Ids3CBIjqQ9tUbsIUSn-sSkuJPgvA73-16TIME29hN1247d-0us5j_8xENdSZbkEUY4wZOz3Wwbfk0AG3j/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00070.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgr5o02ktPhlpysZhJXUVE6XQoOuN2pdRLfB8iLPILZ4o4AGpCnlrj_Gb_gDLLwll59e-iVjLc2UTM5N8r75sq-z1dBAWYXodSU5Z_L0iC0o3nqxMsA3zPd4Y60UhVUrstQlPh4y1qToAI3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00071.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgr5o02ktPhlpysZhJXUVE6XQoOuN2pdRLfB8iLPILZ4o4AGpCnlrj_Gb_gDLLwll59e-iVjLc2UTM5N8r75sq-z1dBAWYXodSU5Z_L0iC0o3nqxMsA3zPd4Y60UhVUrstQlPh4y1qToAI3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00071.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhmIVeou3FHDv_DVvsQUzmUndvQPAd6dxwMTviUMs4ZlRnpMN5dFDfiR2eqYllzVGMN9sbifbmWSHVcGJho8Ck5i0rcbKWb05Rgq32VkBKI1VLXt-8FHc5Uz26gMTQqsGy-kRKQza6hgz4h/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00072.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhmIVeou3FHDv_DVvsQUzmUndvQPAd6dxwMTviUMs4ZlRnpMN5dFDfiR2eqYllzVGMN9sbifbmWSHVcGJho8Ck5i0rcbKWb05Rgq32VkBKI1VLXt-8FHc5Uz26gMTQqsGy-kRKQza6hgz4h/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00072.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBc9tkd7BqBHi4bnVQJzkYrxuNC_YfRFj3kT5Vkuvn2eOsFY0iZikpcNZIOZd4Tn4zJdhvh4T5aThi8n-6LWkDhL2K6rN94yqhUXgUaM5K3kY1Ro5R8K0VoALaUnkMUiieh8SXdCUl4AQH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00073.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBc9tkd7BqBHi4bnVQJzkYrxuNC_YfRFj3kT5Vkuvn2eOsFY0iZikpcNZIOZd4Tn4zJdhvh4T5aThi8n-6LWkDhL2K6rN94yqhUXgUaM5K3kY1Ro5R8K0VoALaUnkMUiieh8SXdCUl4AQH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00073.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjNqLFAFQ7Ubn-780TBaFKOmnDVmVbWZ8-MAu3DpEsvIKgm8Uk-TwakUwLZ2rMR5Kqa0nuKn6UaXPzYBQdbg4YIhRnoNieTHNtOanjoIf4G7kfHnnAsabvoLMXR0hGT_qJjkWjSON14LOA2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00074.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjNqLFAFQ7Ubn-780TBaFKOmnDVmVbWZ8-MAu3DpEsvIKgm8Uk-TwakUwLZ2rMR5Kqa0nuKn6UaXPzYBQdbg4YIhRnoNieTHNtOanjoIf4G7kfHnnAsabvoLMXR0hGT_qJjkWjSON14LOA2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00074.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjP3YpAhpNKyvTUOU5OFI7v9U69-K1svJmbLA0ZLtoXi5es0kOELFmW7uorRQA76HbZyjMuqbKeLVJU-BWMRNs-WsNjPRrhcZRhIP2sIVO4aEIKncmjXwoqRCBq01N2mOu0cAHiIMdIYiqL/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00075.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjP3YpAhpNKyvTUOU5OFI7v9U69-K1svJmbLA0ZLtoXi5es0kOELFmW7uorRQA76HbZyjMuqbKeLVJU-BWMRNs-WsNjPRrhcZRhIP2sIVO4aEIKncmjXwoqRCBq01N2mOu0cAHiIMdIYiqL/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00075.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzIVuTQsTXAmj3euoTQvKQQi_XzgcyRxgbVECTdT_tI7MWfaQzUNaHqiV2mRacORjg2NEeKPswhbZu9bndjsqi193WopV_9jOO2VCYR3Q6jCU1SJmwxCTmG8SXNhVn0UYVUqse6MdIircz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00076.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzIVuTQsTXAmj3euoTQvKQQi_XzgcyRxgbVECTdT_tI7MWfaQzUNaHqiV2mRacORjg2NEeKPswhbZu9bndjsqi193WopV_9jOO2VCYR3Q6jCU1SJmwxCTmG8SXNhVn0UYVUqse6MdIircz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00076.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgE5C_oeJ_B-QX2rbomruvsm0lDAUFQI6oRobQEs9sOzZ-ukHhbUGoSjKcITjPA6WSqjqmlStcS3P7wevWnpgI7mhDyrAGo0SBSxo11LL0NcN3wMeC2XGzh3qFHTraCYt04d9zfp89k_NsA/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00077.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgE5C_oeJ_B-QX2rbomruvsm0lDAUFQI6oRobQEs9sOzZ-ukHhbUGoSjKcITjPA6WSqjqmlStcS3P7wevWnpgI7mhDyrAGo0SBSxo11LL0NcN3wMeC2XGzh3qFHTraCYt04d9zfp89k_NsA/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00077.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhEfuWjomM4456YS6fzIAJbMAh01Kkn7a6CSWKjqRtXJT-sanMi1LrU92Yjn0ags0DUbQmJoaqJQR5Ki-hVFqH8c03IiGufpivxBP10lOvXspKb2KanhldLC1K7KjGb-DDvaQFf88rnzGGQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00078.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhEfuWjomM4456YS6fzIAJbMAh01Kkn7a6CSWKjqRtXJT-sanMi1LrU92Yjn0ags0DUbQmJoaqJQR5Ki-hVFqH8c03IiGufpivxBP10lOvXspKb2KanhldLC1K7KjGb-DDvaQFf88rnzGGQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00078.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghyBi5vtbL3nI0lFviYu_yqmWN8142QX_HWUZEv6MsLRosFRR1WS28guxpQYTY8GbLA7sr8BHm6kEfcMvE-fu6W2aCD-yfVoe5COiv83iLBqB4-66aCDzPuH6xZcQ2baY6e5Igp8tzYE38/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00079.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghyBi5vtbL3nI0lFviYu_yqmWN8142QX_HWUZEv6MsLRosFRR1WS28guxpQYTY8GbLA7sr8BHm6kEfcMvE-fu6W2aCD-yfVoe5COiv83iLBqB4-66aCDzPuH6xZcQ2baY6e5Igp8tzYE38/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00079.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgOMPfDWe9dAzBeH5SV23m6aVx6E083iSbPcZDN7tQyB4DPeLWXStT2Ezqt9d_VAixQTjrB3wjEFE86qEzTYb7Gq-K-Wqj5sKpmFE0AsvJ5Q04gvCamHQJ7anctjEorX5WgN3U8T3ZJ0sfM/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00080.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgOMPfDWe9dAzBeH5SV23m6aVx6E083iSbPcZDN7tQyB4DPeLWXStT2Ezqt9d_VAixQTjrB3wjEFE86qEzTYb7Gq-K-Wqj5sKpmFE0AsvJ5Q04gvCamHQJ7anctjEorX5WgN3U8T3ZJ0sfM/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00080.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjj_29Z_CUyjtAYNZSv19CYMHRKcYjqEhMLuKVRLf35DqcPsusb4mulq_1tbbhslanWA-b1XLbY-1ezRocAYO_28GAouI7CtL0smomSzpYCZ_iiM9-030tGfOJDc6aEmDFk8n1KHkJCJiEy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00081.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjj_29Z_CUyjtAYNZSv19CYMHRKcYjqEhMLuKVRLf35DqcPsusb4mulq_1tbbhslanWA-b1XLbY-1ezRocAYO_28GAouI7CtL0smomSzpYCZ_iiM9-030tGfOJDc6aEmDFk8n1KHkJCJiEy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00081.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicuJ2nimGtYCd6azcYqs5TnNfo8HDivZjsCJsHkNs-pKJMAStbkrqiap4cyrLZG2V0eJyXkwi49NAKTkw9iL01Q6ZcoUwgznZSZ6nFGDb3dFd-8PPKr05rTxW4NZvmUmqhyphenhyphen5cYq8cqGIBa/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00082.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicuJ2nimGtYCd6azcYqs5TnNfo8HDivZjsCJsHkNs-pKJMAStbkrqiap4cyrLZG2V0eJyXkwi49NAKTkw9iL01Q6ZcoUwgznZSZ6nFGDb3dFd-8PPKr05rTxW4NZvmUmqhyphenhyphen5cYq8cqGIBa/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00082.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcmsvqakBRUyWIGKnghk3F8XA_Tl0o2wm-JRCPJl74DV985Er0Sm6A3XJRsBoG4WJaO5kYj719AAwEfPT32O3QL81Q4xsCU1Rt2n-j1jsn5NcNcUDEzuI_dzO5StxnZEu0I2IdBF-6pA-G/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00083.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcmsvqakBRUyWIGKnghk3F8XA_Tl0o2wm-JRCPJl74DV985Er0Sm6A3XJRsBoG4WJaO5kYj719AAwEfPT32O3QL81Q4xsCU1Rt2n-j1jsn5NcNcUDEzuI_dzO5StxnZEu0I2IdBF-6pA-G/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00083.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEia4i9tviIR26zw-0ksuIDmwnWFs_cmjU3zS0whZTO-KON8mygIXyUs9-bduHWF9nsM4jrk-Rj5u_EbZqc1S1kCi0FCCkg2kCKGeZRTjBZ2UMzcfb7nl0AQdrTMx-WPsz7zsu_pMaDu1K8I/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00084.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEia4i9tviIR26zw-0ksuIDmwnWFs_cmjU3zS0whZTO-KON8mygIXyUs9-bduHWF9nsM4jrk-Rj5u_EbZqc1S1kCi0FCCkg2kCKGeZRTjBZ2UMzcfb7nl0AQdrTMx-WPsz7zsu_pMaDu1K8I/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00084.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg5jJhcznQ-9wmnavZpL0d3Wjx2S1Rfg8Y__Je9Q7ouq0kp_0WeLBc1bvBR3JsWOQ-ZMldE0Oe5FwSUSmueFxIiyHZn9Flzp6S-zGcZlOtin6GhtHmjbrNVlKn7BAdYG2OP_CGyghGj68yj/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00085.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg5jJhcznQ-9wmnavZpL0d3Wjx2S1Rfg8Y__Je9Q7ouq0kp_0WeLBc1bvBR3JsWOQ-ZMldE0Oe5FwSUSmueFxIiyHZn9Flzp6S-zGcZlOtin6GhtHmjbrNVlKn7BAdYG2OP_CGyghGj68yj/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00085.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqNMeG8b3MWXMxMMqUZmEQxpQaCqqqTKwOagOJXi3mMJMxnA9JPQv-Vy1hM41Xqc23WqAJJV0Qq-XVWr-c8_3GADKNcDdcGydWYYd6edRqIO37UI3SLwdJEb__5_5qXgGv9nwBRKwJ623B/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00086.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqNMeG8b3MWXMxMMqUZmEQxpQaCqqqTKwOagOJXi3mMJMxnA9JPQv-Vy1hM41Xqc23WqAJJV0Qq-XVWr-c8_3GADKNcDdcGydWYYd6edRqIO37UI3SLwdJEb__5_5qXgGv9nwBRKwJ623B/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00086.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj3Tu1_ojA3oDb2nBVGdYLKP2eZ94u788jerJRJtQH5T5WJsWVbKM9TgmtlhzIp35CDhTeoHAPr-cfbtBLdbXlAbbgVGlIAltfuEX4NZJ3Rcqzq7R3ypt5L0LFKnWdVIEKKK5xOvfnulcmp/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00087.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj3Tu1_ojA3oDb2nBVGdYLKP2eZ94u788jerJRJtQH5T5WJsWVbKM9TgmtlhzIp35CDhTeoHAPr-cfbtBLdbXlAbbgVGlIAltfuEX4NZJ3Rcqzq7R3ypt5L0LFKnWdVIEKKK5xOvfnulcmp/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00087.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiaiitWbiGJD8xVsTt_0UvyZQpGhzf1f0ljSpDtBcek4Qvq32yvOTKOqR4ARyGqPBmAAJFPjeEwMifsrIdvceCK3Xwof8iSgXKkV2DIqulFVUB_RE_pLYiv-InfBqJkTg63fc6y1Eg55j1l/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00088.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiaiitWbiGJD8xVsTt_0UvyZQpGhzf1f0ljSpDtBcek4Qvq32yvOTKOqR4ARyGqPBmAAJFPjeEwMifsrIdvceCK3Xwof8iSgXKkV2DIqulFVUB_RE_pLYiv-InfBqJkTg63fc6y1Eg55j1l/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00088.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhA65MWK7NJx3pexgVjqw1TPl9_-NczkU21DyLoR43kWe_fYwGP8NwKtJK5aT-pV1WxEjNKSW6l3aqXKiaazzQAXx-1ytjFivqdH5-cv8C6LMpkFvPoTh8Tu1Ahig9_pTpV9jEj2nFLw1Ip/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00089.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhA65MWK7NJx3pexgVjqw1TPl9_-NczkU21DyLoR43kWe_fYwGP8NwKtJK5aT-pV1WxEjNKSW6l3aqXKiaazzQAXx-1ytjFivqdH5-cv8C6LMpkFvPoTh8Tu1Ahig9_pTpV9jEj2nFLw1Ip/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00089.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhnGdTLitr9wrY5Z9oDkhtxBPbhyuZ1XVGAXrGs3SWbgykfbORPDe-RhD0AXdti4wpPqSMt0TKJIht4_X82Vmtau3xA-7HPsSkYs5lwtBcM8wt5c11OHGcYFsIyg3OkpPZErQ_SZPa3URm3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00090.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhnGdTLitr9wrY5Z9oDkhtxBPbhyuZ1XVGAXrGs3SWbgykfbORPDe-RhD0AXdti4wpPqSMt0TKJIht4_X82Vmtau3xA-7HPsSkYs5lwtBcM8wt5c11OHGcYFsIyg3OkpPZErQ_SZPa3URm3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00090.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-gViHMPQG_KzCCIrva7Z5ZMxE7cmGBldlT2zDs8tvUHRPjxUuN0ZG5DRzWB1DGufS77OlxVJy1adPtArYTWgBHdUCgI3yzunExt-cNl82bUq5sa5U8sbgDyJr_0GywF07ejv_BsHKacwu/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00091.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-gViHMPQG_KzCCIrva7Z5ZMxE7cmGBldlT2zDs8tvUHRPjxUuN0ZG5DRzWB1DGufS77OlxVJy1adPtArYTWgBHdUCgI3yzunExt-cNl82bUq5sa5U8sbgDyJr_0GywF07ejv_BsHKacwu/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00091.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBw23_aHsz5AdAZ1J4tjMAsVdEdAQMYd1JlLBjVjIwsve2MmIq2eyR6lHscG5xrsWlVjc7RYPdv2A2bI8wyoEekwraMc6hrydI-ZVxJPiPFAsHUAJjG6YRVQkY9hBQhOiYFchrdbGNtCCF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00092.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBw23_aHsz5AdAZ1J4tjMAsVdEdAQMYd1JlLBjVjIwsve2MmIq2eyR6lHscG5xrsWlVjc7RYPdv2A2bI8wyoEekwraMc6hrydI-ZVxJPiPFAsHUAJjG6YRVQkY9hBQhOiYFchrdbGNtCCF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00092.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiULixbkws4Fzz2abvlI5wv7tAne7zcZKX7rNPagGBm1dE-NvRWvVz2OeInIdcV6OkaHgJNCynFs-OlonfNYRJ_noVfZ6JlfZSkhWiikDWscI7GU36BjluWKfN3XiVfZUAddzxSfSTr2gaR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00093.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiULixbkws4Fzz2abvlI5wv7tAne7zcZKX7rNPagGBm1dE-NvRWvVz2OeInIdcV6OkaHgJNCynFs-OlonfNYRJ_noVfZ6JlfZSkhWiikDWscI7GU36BjluWKfN3XiVfZUAddzxSfSTr2gaR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00093.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiokTMR-gE1ZSSP4zllWPknUa1B9535jwIk4PppQ-f-YeqgLbxG-krZC7XlL67HbCKw_HUXu6CtVD5f-U2kvKujmGCjHle3fVLHuNDunmUmpzbkT5qcV7mEwBH2a8gCfhVIaV9PPMGH1WqW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00094.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiokTMR-gE1ZSSP4zllWPknUa1B9535jwIk4PppQ-f-YeqgLbxG-krZC7XlL67HbCKw_HUXu6CtVD5f-U2kvKujmGCjHle3fVLHuNDunmUmpzbkT5qcV7mEwBH2a8gCfhVIaV9PPMGH1WqW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00094.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqAbOlXLfLvEQ_1X1QXD0o7PRx5F9fJwF3cv8z4q4ygNBvxBvCNXJO49evQbmJuuKqZajZnpoTNub7ScQEDVfgmMwsqtxYGHaqmlzVbISVa2Y3jOYE4MW-axzL6oAE-kFFD22pR0xTNN5y/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00095.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqAbOlXLfLvEQ_1X1QXD0o7PRx5F9fJwF3cv8z4q4ygNBvxBvCNXJO49evQbmJuuKqZajZnpoTNub7ScQEDVfgmMwsqtxYGHaqmlzVbISVa2Y3jOYE4MW-axzL6oAE-kFFD22pR0xTNN5y/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00095.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicPh_kGg4vGELvaZr4Dr8F2TXfd3eIvWVC40k_PHNQmu_obmRooJosL_UXiux4KHcIoO736tcMaV3bqP_DS0Yq_upLF7PGCtc-BwAHIZqhAVkSwmOmvwAOv0_ca1E2Kt9qBuhG7lpYjiLP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00096.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicPh_kGg4vGELvaZr4Dr8F2TXfd3eIvWVC40k_PHNQmu_obmRooJosL_UXiux4KHcIoO736tcMaV3bqP_DS0Yq_upLF7PGCtc-BwAHIZqhAVkSwmOmvwAOv0_ca1E2Kt9qBuhG7lpYjiLP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00096.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiUXZOXbwI-aHbam5pfXJErq85dtf6dIjKCqqjHDYDhJB9ziPinC0pNymzoaMijxU2hCt_seotMiunBOfHXLU_p2oxs5uV2x4kul6Rns33wBjtwZW1BLvZgbr5SAYmee773RDkIb2qp_UHr/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00097.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiUXZOXbwI-aHbam5pfXJErq85dtf6dIjKCqqjHDYDhJB9ziPinC0pNymzoaMijxU2hCt_seotMiunBOfHXLU_p2oxs5uV2x4kul6Rns33wBjtwZW1BLvZgbr5SAYmee773RDkIb2qp_UHr/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00097.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgHs5FQKRX_Csu-hZbZFVWkD5nUm5wiP4wct5xmhTME7xdJxEvLy90cRTvfL6rj34vibXAOemf_Hktn0kKyoEMFmY8B2NBL5qFsiPCN8gMdIVf3n_JTFYHmn1BR1_L8Xy1wDiDSHoHCYvU9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00098.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgHs5FQKRX_Csu-hZbZFVWkD5nUm5wiP4wct5xmhTME7xdJxEvLy90cRTvfL6rj34vibXAOemf_Hktn0kKyoEMFmY8B2NBL5qFsiPCN8gMdIVf3n_JTFYHmn1BR1_L8Xy1wDiDSHoHCYvU9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00098.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkosEheDkWoUKHB5p6gGBiW4kGCxhQZDsWvE3nUPAZsR_sMIDVPc7v9WJG8epv1JZyIbGufg5oGruqixA2bCk46qXOEglooieG7mXkbcu5EMJggl4h5QZ2Ww2x0ILP2-jsiHVpIFM1ACIt/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00099.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkosEheDkWoUKHB5p6gGBiW4kGCxhQZDsWvE3nUPAZsR_sMIDVPc7v9WJG8epv1JZyIbGufg5oGruqixA2bCk46qXOEglooieG7mXkbcu5EMJggl4h5QZ2Ww2x0ILP2-jsiHVpIFM1ACIt/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00099.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZLYoZzYP8MFQI1Gdp6goxMijWllGcY0xUysn_PfcgjafYvJcxog0i8JsPTVUDSYELdd3s5TksXfmn7OoEDvMxhyphenhyphenfmYjEDOf3FHNP3TrUqSVtrUo6WvIHWtBlUXEyd21RPSaCvty5gn7Sd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00100.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZLYoZzYP8MFQI1Gdp6goxMijWllGcY0xUysn_PfcgjafYvJcxog0i8JsPTVUDSYELdd3s5TksXfmn7OoEDvMxhyphenhyphenfmYjEDOf3FHNP3TrUqSVtrUo6WvIHWtBlUXEyd21RPSaCvty5gn7Sd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00100.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjoEzzTuQpCALbJSJi2XXwhrK6DW_yRcqIfjaPUHsHwK8BZ8F1t8eIXSP_xl6WrnwJzFNJ0KRvYWTQgxf5xnofgUuheb4gdfAx51iBOZ4q3fF08_P8QT5tfBRw7l53_RkZruUCDassBUMjX/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00101.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjoEzzTuQpCALbJSJi2XXwhrK6DW_yRcqIfjaPUHsHwK8BZ8F1t8eIXSP_xl6WrnwJzFNJ0KRvYWTQgxf5xnofgUuheb4gdfAx51iBOZ4q3fF08_P8QT5tfBRw7l53_RkZruUCDassBUMjX/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00101.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhV2amJNyY06pobsLmKMFdq1guDLo0ViS1HaKsnbWM3j6NfdEcORwY-kMEZ2ClbuflEpj77HRXEhb4N7tpwN3jc2uWxvpHc7dyzURvHj_gL1yeUxy5b1d5HDdF5toTh9LxYPURvWWk3rBH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00102.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhV2amJNyY06pobsLmKMFdq1guDLo0ViS1HaKsnbWM3j6NfdEcORwY-kMEZ2ClbuflEpj77HRXEhb4N7tpwN3jc2uWxvpHc7dyzURvHj_gL1yeUxy5b1d5HDdF5toTh9LxYPURvWWk3rBH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00102.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjXXq9HbyW-G_1NUwKeB9nyXKRv_3Cp72tKTo4ISluVjIk4klQOsr9aEZ6oLflREN08ZIyQ2BWDp2tyJcBpI399cFvkoSMONOkYK3cRYY8Z9ASpN-WcYrE-2-KLzNYaCN9wNJ-1uQFjs6uo/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00103.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjXXq9HbyW-G_1NUwKeB9nyXKRv_3Cp72tKTo4ISluVjIk4klQOsr9aEZ6oLflREN08ZIyQ2BWDp2tyJcBpI399cFvkoSMONOkYK3cRYY8Z9ASpN-WcYrE-2-KLzNYaCN9wNJ-1uQFjs6uo/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00103.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhez7lheaipkClqD6X9gXm475e0-LKiGj3efEQfXQGnsTlZzWrI_-TJXlzgnMEQLdepBc6v-Fjk_sgDzSDJpvP3L7gMYbykR8ni3sNBepBrXRcDSW2o1xSCTw7mw1QmIAxZU6XDUbRtCdFb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00104.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhez7lheaipkClqD6X9gXm475e0-LKiGj3efEQfXQGnsTlZzWrI_-TJXlzgnMEQLdepBc6v-Fjk_sgDzSDJpvP3L7gMYbykR8ni3sNBepBrXRcDSW2o1xSCTw7mw1QmIAxZU6XDUbRtCdFb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00104.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEggnggvcxSziI1SKu4ML6qjH1xTudDoc1EE_F7JNuwcXFHTTsbrKD8NQSvRKZ7pS8l1HcTNoMMRU1VJ6bzv0xJGJTGMKxgoYWyeV346dhO2n4yaY9WR2RiHNoEX_HK4OGYfIOyyiwZD-AOz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00105.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEggnggvcxSziI1SKu4ML6qjH1xTudDoc1EE_F7JNuwcXFHTTsbrKD8NQSvRKZ7pS8l1HcTNoMMRU1VJ6bzv0xJGJTGMKxgoYWyeV346dhO2n4yaY9WR2RiHNoEX_HK4OGYfIOyyiwZD-AOz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00105.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiyHbUETg8A73L0iX7vKu3hPYHidXISpFfPJ8DEOCDCA3vLklS1MUr4XFxWNIVNkybHg1WYvWnrosUUvZFm6StdKMWeEpXrN3cEIxdvoFU4WPoW1TmjzDIalKYh95ipeJEO0SCNc0wibPAp/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00106.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiyHbUETg8A73L0iX7vKu3hPYHidXISpFfPJ8DEOCDCA3vLklS1MUr4XFxWNIVNkybHg1WYvWnrosUUvZFm6StdKMWeEpXrN3cEIxdvoFU4WPoW1TmjzDIalKYh95ipeJEO0SCNc0wibPAp/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00106.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRkCpKGwdL_Nx7-s6ie517Taa3ggRvr91j5I2K2sKyRTCJRtW0GsdlNCEy0ko6GrMQGv4wIMl3NvxqGkptnb2GCZhceeW96enh3ECdtpIE2iMVlrI9iSKldKZsDENwQvdiFTNJd8WJ1TFz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00107.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRkCpKGwdL_Nx7-s6ie517Taa3ggRvr91j5I2K2sKyRTCJRtW0GsdlNCEy0ko6GrMQGv4wIMl3NvxqGkptnb2GCZhceeW96enh3ECdtpIE2iMVlrI9iSKldKZsDENwQvdiFTNJd8WJ1TFz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00107.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh7mznurlf6orXScJvOtfXP1U8NQj01pZzErMLYkS0K9ciZ4J7n1SzmUPtegQ3-6qHZfLDsfM4_zDcXAEopk0UA0eoHh8dDwAgp9LvT44602wAXtKQ6eM1akqHyluafOUrKiVskoi-ZdJoe/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00108.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh7mznurlf6orXScJvOtfXP1U8NQj01pZzErMLYkS0K9ciZ4J7n1SzmUPtegQ3-6qHZfLDsfM4_zDcXAEopk0UA0eoHh8dDwAgp9LvT44602wAXtKQ6eM1akqHyluafOUrKiVskoi-ZdJoe/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00108.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxI-4977l2knfTfRieihyNUkW_Gf6sZCP3LjW1zFZryEapGi0w3XIMVKFzrXPa6dfhwK_u9HBx0O5zWbn4eMz0SG7u51i3tdB9atgjNn06tCq7wn1TM7y699iBXk_Bu0BThtdYIphqEg-_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00109.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxI-4977l2knfTfRieihyNUkW_Gf6sZCP3LjW1zFZryEapGi0w3XIMVKFzrXPa6dfhwK_u9HBx0O5zWbn4eMz0SG7u51i3tdB9atgjNn06tCq7wn1TM7y699iBXk_Bu0BThtdYIphqEg-_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00109.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4u6o_KlSzznO1wlzJp5rZ7sBiRlLfWCU3zlxkq2HJRRME6V2r9asjRnNm-uf27X9R1p_W0foao4mND4OVFOY4OppnSMozBtQfo7L6BiIeeE9uaEq1jVOaSaVYXpWbISLFsDOX3he4JpMT/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00110.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4u6o_KlSzznO1wlzJp5rZ7sBiRlLfWCU3zlxkq2HJRRME6V2r9asjRnNm-uf27X9R1p_W0foao4mND4OVFOY4OppnSMozBtQfo7L6BiIeeE9uaEq1jVOaSaVYXpWbISLFsDOX3he4JpMT/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00110.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4TbSvofWkfYI8Gkil8VCsX7DYRrJBVWwYLyB0fVYqBw_gqLdsvlEqIDA42OpcGybIwkjMsXpOIy08YR7fIVUOKbEDWej4FA03DF0CzHRkHuHop-IdJJpWTJxaKuGoIFq1AZDCE3X2AQXc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00111.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4TbSvofWkfYI8Gkil8VCsX7DYRrJBVWwYLyB0fVYqBw_gqLdsvlEqIDA42OpcGybIwkjMsXpOIy08YR7fIVUOKbEDWej4FA03DF0CzHRkHuHop-IdJJpWTJxaKuGoIFq1AZDCE3X2AQXc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00111.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqYlBAzrbxL6NQwU0UlVji2b-GM1kfZsCYSYUHrX4PC_cfG2Tst-EvuxEmhf_Rbp9D7myzOQbviWI8ItkJcSSJrcDwUp2tVlq8Sv1DhkGkMxUmYGaSFoMmurbCqTSBx42JKKxVqIXua0K3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00112.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqYlBAzrbxL6NQwU0UlVji2b-GM1kfZsCYSYUHrX4PC_cfG2Tst-EvuxEmhf_Rbp9D7myzOQbviWI8ItkJcSSJrcDwUp2tVlq8Sv1DhkGkMxUmYGaSFoMmurbCqTSBx42JKKxVqIXua0K3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00112.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiI5B2_uwx6HPn4uu3WeRbp822WiboxJRsnu73SVifKgC93Lip-_lPw0fCdqwVNI3B5z63gH5OxACnrKBF5_CGUgZYjs4_dmY_wzHc8usvZRxV31hjdB0cdkpVmibwhDZnjF7ZMyBjQyCQQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00113.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiI5B2_uwx6HPn4uu3WeRbp822WiboxJRsnu73SVifKgC93Lip-_lPw0fCdqwVNI3B5z63gH5OxACnrKBF5_CGUgZYjs4_dmY_wzHc8usvZRxV31hjdB0cdkpVmibwhDZnjF7ZMyBjQyCQQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00113.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhKxUB9Usz6Q1YwMwCB8rABslsgpJsMKgvVL3Wv1rmdlvItOiGkXh3lpP5bKpCfGD6-LxyWnUGVZexiSideJAndURqR9r95IN1alqcsxxTd2Lx3GWpH9QJVoJIeousT4E1XFg6bjYLhtMR2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00114.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhKxUB9Usz6Q1YwMwCB8rABslsgpJsMKgvVL3Wv1rmdlvItOiGkXh3lpP5bKpCfGD6-LxyWnUGVZexiSideJAndURqR9r95IN1alqcsxxTd2Lx3GWpH9QJVoJIeousT4E1XFg6bjYLhtMR2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00114.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJsqzbKdPfuphKzjIx3xR_4He4RF5Gz0b7wilgA-8i6aFk3ePD8b35GlFCWcG8Xn9P0FveBzF9ZXR836FiSsV8Q-6aiZ4YC_8uZdFtKs_jkc_zpsamMDbyCczv7HfbbOgov6iNi334w1rd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00115.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJsqzbKdPfuphKzjIx3xR_4He4RF5Gz0b7wilgA-8i6aFk3ePD8b35GlFCWcG8Xn9P0FveBzF9ZXR836FiSsV8Q-6aiZ4YC_8uZdFtKs_jkc_zpsamMDbyCczv7HfbbOgov6iNi334w1rd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00115.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhUK0bz64GfATo-Gb9V2H15ppck-BBwiRrNR0ycPZcHWxCPt0eSPu9odviv1mawjM7eJMdpK5SbaIPG8HytPnZpqb_xafMhfafvxxHMrTet_5DWCGAHh_G5Femx8IlFNYB2uVefkVkQLFI7/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00116.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhUK0bz64GfATo-Gb9V2H15ppck-BBwiRrNR0ycPZcHWxCPt0eSPu9odviv1mawjM7eJMdpK5SbaIPG8HytPnZpqb_xafMhfafvxxHMrTet_5DWCGAHh_G5Femx8IlFNYB2uVefkVkQLFI7/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00116.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg538ZQunHvnj90pfGDQY5DUdeG-VbpVWnf2JxSGcDkwMeTGRASpIapE67MKt94GtkxoQxkVc69NBt8ddpj_IxtaeFdk8fWNCb85ZNrrLD2-8qNqmURi_I1JMk-e2sjLqEdHKh_AUykAkm2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00117.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg538ZQunHvnj90pfGDQY5DUdeG-VbpVWnf2JxSGcDkwMeTGRASpIapE67MKt94GtkxoQxkVc69NBt8ddpj_IxtaeFdk8fWNCb85ZNrrLD2-8qNqmURi_I1JMk-e2sjLqEdHKh_AUykAkm2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00117.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhh4KEFVXSgSc1s1Bux14UeT5QLVIhwnSMiJHxJYYt-5LiouvSL4zM76MnwiqJE2Ezhrb356PQLq6EENrgrauSuduhFRGwa42CR1pykzDmLa2cXvvYLidhBxPgEdc_O8UgDh-79N8A3MhME/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00118.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhh4KEFVXSgSc1s1Bux14UeT5QLVIhwnSMiJHxJYYt-5LiouvSL4zM76MnwiqJE2Ezhrb356PQLq6EENrgrauSuduhFRGwa42CR1pykzDmLa2cXvvYLidhBxPgEdc_O8UgDh-79N8A3MhME/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00118.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkeCW-CtFyR-FhOZ0AUasCxp149TT1sHeGunZ8uVWsnfOpTsaOeiKB-wzodT7FlzpDh7etzbPtv3wHA_QxsRuOCzBuy0mWSkNT6tL1BraCVL0x4ZbCA-C8goRNGrrMKfV0VXdpCreQvbAW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00119.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkeCW-CtFyR-FhOZ0AUasCxp149TT1sHeGunZ8uVWsnfOpTsaOeiKB-wzodT7FlzpDh7etzbPtv3wHA_QxsRuOCzBuy0mWSkNT6tL1BraCVL0x4ZbCA-C8goRNGrrMKfV0VXdpCreQvbAW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00119.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgOoXiIq36VvjKdAFog4Iwlb3yUQS_tESyp3ahlcALq0shRo_-cmNpkG5RBS7heFSfd9YBgTNuA2kastJIucKkZa-dqeYOgkLsHUJk_-HfyBOHp9GKJmvInT7vDcHPNfFww22TlojpUzKb_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00120.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgOoXiIq36VvjKdAFog4Iwlb3yUQS_tESyp3ahlcALq0shRo_-cmNpkG5RBS7heFSfd9YBgTNuA2kastJIucKkZa-dqeYOgkLsHUJk_-HfyBOHp9GKJmvInT7vDcHPNfFww22TlojpUzKb_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00120.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhocZEFJcgVAjWF-M2baqkLygiO7doQbpW4c0MGa7NDlM1gzC6V9-ybQFDtTHrOWxRJfF9W_q-xiu-VZDxXdThOct3nBCqTLtQk1DWBRVKGpzksi0nBWpzlK09gZKgfa0SPHKERv8RCuD-l/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00121.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhocZEFJcgVAjWF-M2baqkLygiO7doQbpW4c0MGa7NDlM1gzC6V9-ybQFDtTHrOWxRJfF9W_q-xiu-VZDxXdThOct3nBCqTLtQk1DWBRVKGpzksi0nBWpzlK09gZKgfa0SPHKERv8RCuD-l/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00121.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNrB0Jz-cZoRnvrGxrE6n6QVIxEoojzTz2V5m9peu2diyhXm6lFwa2EalVviPMxsfaor6nLviIS4ctw1UO4tWd7GkucJfAuP7AcPvQ77iRkjRN9QxEsrzbvvr3Ir_yxnRYFaNy7CYJvcEd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00122.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNrB0Jz-cZoRnvrGxrE6n6QVIxEoojzTz2V5m9peu2diyhXm6lFwa2EalVviPMxsfaor6nLviIS4ctw1UO4tWd7GkucJfAuP7AcPvQ77iRkjRN9QxEsrzbvvr3Ir_yxnRYFaNy7CYJvcEd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00122.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhPbgCk4XpWsg63Q8xXFqgzI3RLzqYV8I-JCRaLWWONE0KeCVXTS3PGE-6W4YIkwA_FmH72YJZjRPd-osHi_4GEfa28W2JcnkC4vzBWRO9tSKwOy1qSUelY2F25OenorQafwOCS2d_jpfyd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00123.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhPbgCk4XpWsg63Q8xXFqgzI3RLzqYV8I-JCRaLWWONE0KeCVXTS3PGE-6W4YIkwA_FmH72YJZjRPd-osHi_4GEfa28W2JcnkC4vzBWRO9tSKwOy1qSUelY2F25OenorQafwOCS2d_jpfyd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00123.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiXxhGUzKEZgsbZnLwYXczFNh8Cjf-brm7n911mibRjsdgynJ6TPy8kcPpKL_WySl7nHAY4vGtOOBx46aZJhJgRSHyeV3W5nm2CYdBLZy2e42xLD31eBIeW2PNckGwZ1vmIJB1WlYuPMPs0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00124.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiXxhGUzKEZgsbZnLwYXczFNh8Cjf-brm7n911mibRjsdgynJ6TPy8kcPpKL_WySl7nHAY4vGtOOBx46aZJhJgRSHyeV3W5nm2CYdBLZy2e42xLD31eBIeW2PNckGwZ1vmIJB1WlYuPMPs0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00124.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj81Xw5vI2_qWu1jQ_qVowv_9WIl7i5Zwoo9MQPss1e_VMT4N3HuV9l0CnCBbm0dL3RFJ35fDZxYc9qZofV8iGYElrwm6LKCAZ_Q7Ivx-CdisGB2BhR5lef62IU3a6MHK4naGwgpBC6cl0z/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00125.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj81Xw5vI2_qWu1jQ_qVowv_9WIl7i5Zwoo9MQPss1e_VMT4N3HuV9l0CnCBbm0dL3RFJ35fDZxYc9qZofV8iGYElrwm6LKCAZ_Q7Ivx-CdisGB2BhR5lef62IU3a6MHK4naGwgpBC6cl0z/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00125.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdBMzxIDVAbElpbac0cHhnWBEPR9uwfVzVOCJZ7k_o6dUDqTeQkKBfqy5Kbrkjosr2IaKx1berbHUEVroBNdNu01dxRN1DYnVEygEjLHtyyiMjzaXJHCZUE_EVwuAkYBmnCNKCTbLO9rib/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00126.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdBMzxIDVAbElpbac0cHhnWBEPR9uwfVzVOCJZ7k_o6dUDqTeQkKBfqy5Kbrkjosr2IaKx1berbHUEVroBNdNu01dxRN1DYnVEygEjLHtyyiMjzaXJHCZUE_EVwuAkYBmnCNKCTbLO9rib/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00126.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6-0sL5QIOIxzopbf44SY4Ofvb9MyeLW1gBsBOdRfiMSGyxGJF7DZa7YmII35j9BWUMLh4a4Or2UNPfDU8_Ebc4RGKxgo_kN6Cxdd-YYaukcmUwMUFRjVjghwHLMTNcdgs5IjCILFdkhaG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00127.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6-0sL5QIOIxzopbf44SY4Ofvb9MyeLW1gBsBOdRfiMSGyxGJF7DZa7YmII35j9BWUMLh4a4Or2UNPfDU8_Ebc4RGKxgo_kN6Cxdd-YYaukcmUwMUFRjVjghwHLMTNcdgs5IjCILFdkhaG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00127.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiHwmjSjOFeyadfQTpQ-Dd0wvCAc0RBjXSLhzRNzhAOsz6I3erskRFvwx-eoYiIRSyIDtf6zWteZZ2LkDbQFJiPTWjRTfaH11B1HMYgu5mBu-glfedUwFir4iavmRNHgIepZ8bPMMpbD95P/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00128.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiHwmjSjOFeyadfQTpQ-Dd0wvCAc0RBjXSLhzRNzhAOsz6I3erskRFvwx-eoYiIRSyIDtf6zWteZZ2LkDbQFJiPTWjRTfaH11B1HMYgu5mBu-glfedUwFir4iavmRNHgIepZ8bPMMpbD95P/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00128.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj1M2tIw8yKCrmjgvVhUnWzvsYRN7zyd0Fa8gor75b3LLqs6wYdLl_fV1_BihIIHqM1H9jyGThPHT_CaFZXseVn-R2LAnWyw6h0UPnvSkZ2svq58LFvjhseDy8tPNjcFla9uYC9UnaWZfgi/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00129.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj1M2tIw8yKCrmjgvVhUnWzvsYRN7zyd0Fa8gor75b3LLqs6wYdLl_fV1_BihIIHqM1H9jyGThPHT_CaFZXseVn-R2LAnWyw6h0UPnvSkZ2svq58LFvjhseDy8tPNjcFla9uYC9UnaWZfgi/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00129.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjsXCY2iut-SDRIkN5uI2JwijrgsGzLmrZVaZ426eS3BTJ7XSRmZknG1TYD-TjIMFVGspksFglVkF9JlakyGpfHsEnyf0XbSnwUqNk5ZRJk8bnWmb9C7dNSlE9P6jkoBxEM_d7-QzkmXNzp/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00130.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjsXCY2iut-SDRIkN5uI2JwijrgsGzLmrZVaZ426eS3BTJ7XSRmZknG1TYD-TjIMFVGspksFglVkF9JlakyGpfHsEnyf0XbSnwUqNk5ZRJk8bnWmb9C7dNSlE9P6jkoBxEM_d7-QzkmXNzp/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00130.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhepQoXEVTDkN5PedEIhkwn78MpFyxviOpPgOJ7iJfv7EcwUShKybG87ZSn1ybS84h2Uiyt2pi2PxVw0nHp602RsMjg3yf6cMnOqKgetm4FXwVkCMTrDYeA9Edb2OlP7-GsEQLSoiSco6Xl/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00131.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhepQoXEVTDkN5PedEIhkwn78MpFyxviOpPgOJ7iJfv7EcwUShKybG87ZSn1ybS84h2Uiyt2pi2PxVw0nHp602RsMjg3yf6cMnOqKgetm4FXwVkCMTrDYeA9Edb2OlP7-GsEQLSoiSco6Xl/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00131.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5D4-RQdOzuqxHfoC5WXL4yjEg5uquhph8Bo2U3kn45U4EWXB8gi7w-Xk_RVJuIqSZdqrzg3p7xtNgWTqdpD-U9ImdES-D2Fo7SigUt2dlxx5MezTPiW2wDZuuACSjBa4cHXgwSX8GHuNW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00132.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5D4-RQdOzuqxHfoC5WXL4yjEg5uquhph8Bo2U3kn45U4EWXB8gi7w-Xk_RVJuIqSZdqrzg3p7xtNgWTqdpD-U9ImdES-D2Fo7SigUt2dlxx5MezTPiW2wDZuuACSjBa4cHXgwSX8GHuNW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00132.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi_Cx8BxfNdvHVFWB4szgb5Mwt7OHi0myJ22LDGC6NVD_qnt2kHXZWo2Kkrt7Vl7xkuGNcz2YmQ8r4upKNoa2E2CTNpHy11D2xglpqWf8j9_yX6P6ohsS9n_9nIrf6WienxdK7hgw_NzEwF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00133.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi_Cx8BxfNdvHVFWB4szgb5Mwt7OHi0myJ22LDGC6NVD_qnt2kHXZWo2Kkrt7Vl7xkuGNcz2YmQ8r4upKNoa2E2CTNpHy11D2xglpqWf8j9_yX6P6ohsS9n_9nIrf6WienxdK7hgw_NzEwF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00133.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicnTwT5-0VdysFDIQSTAuRQOxACwFyFC-J0osxaugpULrER-BVSQbBjzWyWFp1OlqatnKdTMQC7iWgT2ila3G0P5Kt1N8UTipisdgFzSq_TQIq1qZKeBFPNxR0ZGbrOdBpEgF1SUXcdlhn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00134.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicnTwT5-0VdysFDIQSTAuRQOxACwFyFC-J0osxaugpULrER-BVSQbBjzWyWFp1OlqatnKdTMQC7iWgT2ila3G0P5Kt1N8UTipisdgFzSq_TQIq1qZKeBFPNxR0ZGbrOdBpEgF1SUXcdlhn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00134.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTuIOdABIw7D0qWyOT9ciUZtmqFfzYn66Q3TsOAxJck-NHG0BnkClwQIG4Il9zcQ6BghVBn5K2brbfcW-UdGhAAYlgZP4Ppt4FfNT6AXsvuQdGy_fvh-Y749Qtk12QiMtPSmNTjeKbK8vc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00135.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTuIOdABIw7D0qWyOT9ciUZtmqFfzYn66Q3TsOAxJck-NHG0BnkClwQIG4Il9zcQ6BghVBn5K2brbfcW-UdGhAAYlgZP4Ppt4FfNT6AXsvuQdGy_fvh-Y749Qtk12QiMtPSmNTjeKbK8vc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00135.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgICB8Lf3iW0tFoDfUc-iuIw3k9mDRJXrhLLQRPD-9xlPEb0jcp4f1xhCEaWBegPC_-1w_k9L_qVVZ2GcNK0nEEGSLIXgfuRa2US_WSgWqmAFNZ6TNWr1w5fc7fENJp0wE_uj7kKQSmsDV6/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00136.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgICB8Lf3iW0tFoDfUc-iuIw3k9mDRJXrhLLQRPD-9xlPEb0jcp4f1xhCEaWBegPC_-1w_k9L_qVVZ2GcNK0nEEGSLIXgfuRa2US_WSgWqmAFNZ6TNWr1w5fc7fENJp0wE_uj7kKQSmsDV6/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00136.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgASbGjkGpXp8SVk3jZmk2T-F1Lqu2pnTnLsRmjTPDjup_ATh70AQNMl3w_kDGsMlcVBh57btwi1cO4Xh_TmUqVZCbmXD_1vA-I9Sr1ZUZynuV-WONfj4rnYEWW7SewGYdTXvyN290QAhJQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00137.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgASbGjkGpXp8SVk3jZmk2T-F1Lqu2pnTnLsRmjTPDjup_ATh70AQNMl3w_kDGsMlcVBh57btwi1cO4Xh_TmUqVZCbmXD_1vA-I9Sr1ZUZynuV-WONfj4rnYEWW7SewGYdTXvyN290QAhJQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00137.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGRt78nYCRbVU1GeAoL0_nE_h4PZGdedoZlB3JNz9Nj-4kj8tMQQOmFSX-h_Ai6brbErsxvfjOGcSjeSrxuN23Z-FI71EneopTdDE_PBHYNGboehBRohh0ja2DVpv_MZWi6UHlRPR4Zqe7/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00138.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGRt78nYCRbVU1GeAoL0_nE_h4PZGdedoZlB3JNz9Nj-4kj8tMQQOmFSX-h_Ai6brbErsxvfjOGcSjeSrxuN23Z-FI71EneopTdDE_PBHYNGboehBRohh0ja2DVpv_MZWi6UHlRPR4Zqe7/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00138.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhPU9d0CsFqQ0jgmPYdapICXgd0V9sReAt-K28OJk5o2y0eTBcPlCX-78_pIDdNopRgeURtWs3AnywDxQZce-bKhb2tfadeQ-LCx9iyfaThdITFHvAiTIE4esDiltyvzIMx1LJOSSI8YlGh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00139.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhPU9d0CsFqQ0jgmPYdapICXgd0V9sReAt-K28OJk5o2y0eTBcPlCX-78_pIDdNopRgeURtWs3AnywDxQZce-bKhb2tfadeQ-LCx9iyfaThdITFHvAiTIE4esDiltyvzIMx1LJOSSI8YlGh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00139.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRqT_pSYd1JYyA9MET50hcj1D5G7k8N2iIEuAsIhoTuWva4MbGQ_-0ayHxja34dhewv88WwkCqrlb6MVy8Wvyl98p3o67pYRu-UOeO3598lNqKk_iLFaJ_fxc_frskV4iU_7Ggp3IYaA4r/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00140.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRqT_pSYd1JYyA9MET50hcj1D5G7k8N2iIEuAsIhoTuWva4MbGQ_-0ayHxja34dhewv88WwkCqrlb6MVy8Wvyl98p3o67pYRu-UOeO3598lNqKk_iLFaJ_fxc_frskV4iU_7Ggp3IYaA4r/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00140.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgZdvO7elwwntMrOIXOnlf1-wa54HzdqynQ7NjeexZGTawhDLz5ZtDj2j0qPnZL-UVRrwcLtSq3ZyPU5FuMIgZjtn-7fNfrIZ6KrCpfP3_fWTSSYXmc-fGSdrjuQo5Wl6IIxDpZ88mBmnBt/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00141.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgZdvO7elwwntMrOIXOnlf1-wa54HzdqynQ7NjeexZGTawhDLz5ZtDj2j0qPnZL-UVRrwcLtSq3ZyPU5FuMIgZjtn-7fNfrIZ6KrCpfP3_fWTSSYXmc-fGSdrjuQo5Wl6IIxDpZ88mBmnBt/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00141.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgK4Oisq1vR26ldmJ-r7AK10q2K7zH1AbfnG83rR2d29GlCQ_B-6FllO6nnwlH1ipRlHU4vwYT0yaB5MurjQDUcfcykoqFh5EvfheOqj8e8tUElxhv6n9FOBESxoGo-kIP-kyc83EqRH-1i/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00142.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgK4Oisq1vR26ldmJ-r7AK10q2K7zH1AbfnG83rR2d29GlCQ_B-6FllO6nnwlH1ipRlHU4vwYT0yaB5MurjQDUcfcykoqFh5EvfheOqj8e8tUElxhv6n9FOBESxoGo-kIP-kyc83EqRH-1i/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00142.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFqPb4AQeLaT98v5tSIiPfi7kQKJ99wB5TYFqVGlaXDdrgMilh4Q7Ttew88EHsBL7Y_a06JH202F-xlpaxZ7xBwFz3uXrnjUGNd-58ay9_lPDud5-FkGZlxH6Hd1IfK2wl0Jg4anbDZmyK/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00143.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFqPb4AQeLaT98v5tSIiPfi7kQKJ99wB5TYFqVGlaXDdrgMilh4Q7Ttew88EHsBL7Y_a06JH202F-xlpaxZ7xBwFz3uXrnjUGNd-58ay9_lPDud5-FkGZlxH6Hd1IfK2wl0Jg4anbDZmyK/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00143.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1rEvgl33PZe7gACBbpOio_cJI9zIXXKLQjjrgSN16tSwhmf92TTf9x4RfvtxN2aB9HqS6XJK7ga2LkZ6Jag0tA_3by4UagoESNJ_t11tVD0mtVMrwh59HUEdKNbsmct-yxUWa7XYyUTjG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00144.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1rEvgl33PZe7gACBbpOio_cJI9zIXXKLQjjrgSN16tSwhmf92TTf9x4RfvtxN2aB9HqS6XJK7ga2LkZ6Jag0tA_3by4UagoESNJ_t11tVD0mtVMrwh59HUEdKNbsmct-yxUWa7XYyUTjG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00144.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjMhTcKW0eHULeLOe_Ax5SQGjt3dqW60W0BAUpYf6RZ4rlzXRQCPln7VWAba8RgH3cst-FfD2KyO15D4bzSZk0qQtjzsw2XXG65KMsWSWciazUQ2c6uI7x1XapuB03MsNlbenBkSduN8ER/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00145.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjMhTcKW0eHULeLOe_Ax5SQGjt3dqW60W0BAUpYf6RZ4rlzXRQCPln7VWAba8RgH3cst-FfD2KyO15D4bzSZk0qQtjzsw2XXG65KMsWSWciazUQ2c6uI7x1XapuB03MsNlbenBkSduN8ER/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00145.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEigw-bSg_SxWvnTvEZ99HqJ_fLry7_GfJhlNP6HzePpIvG4Fo8mc0Gz_Q-eogC4OLL7cwFiVz8CvIrnBVpThR4xjgGgThR1Y5Q6sLjD7w6too1rgKqt0Lj7GoDEsC1uCUoXTmywDn4U4xxb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00146.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEigw-bSg_SxWvnTvEZ99HqJ_fLry7_GfJhlNP6HzePpIvG4Fo8mc0Gz_Q-eogC4OLL7cwFiVz8CvIrnBVpThR4xjgGgThR1Y5Q6sLjD7w6too1rgKqt0Lj7GoDEsC1uCUoXTmywDn4U4xxb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00146.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwDjHAQAoBacULeOukd_UxqAM1TN5LwxtbxkENKQySRNm2UKv1_pVCgBrV_LaOGprV-jdcUOfj2uSimM8lAJ3n4LWM_CK9WSdUKL69x6W3fy7wSmeeqX5MZC8Id2wCQkjuA473zSVHfWkK/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00147.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwDjHAQAoBacULeOukd_UxqAM1TN5LwxtbxkENKQySRNm2UKv1_pVCgBrV_LaOGprV-jdcUOfj2uSimM8lAJ3n4LWM_CK9WSdUKL69x6W3fy7wSmeeqX5MZC8Id2wCQkjuA473zSVHfWkK/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00147.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjOZ2oTcQ0vWWzckNkO_pxMmeq8pLKT_mW0XwmJlPqbvd_HMSq7b9zp1j2xfqw_yA6Y32ASD4uxjB8Q_gxcTJJI-6MxoCBi0MHN_JevRS4qtm7SlTLIj5e7z7I2sL6EqF-Uk_GsMs685U7y/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00148.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjOZ2oTcQ0vWWzckNkO_pxMmeq8pLKT_mW0XwmJlPqbvd_HMSq7b9zp1j2xfqw_yA6Y32ASD4uxjB8Q_gxcTJJI-6MxoCBi0MHN_JevRS4qtm7SlTLIj5e7z7I2sL6EqF-Uk_GsMs685U7y/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00148.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgral5AAnoLSln3CnXm1oOVXPAQIH29SR9OHpDnJQBcAyFfTZjMTIDjjoa2etV-WbvY3aCDjkdO44psOKFV9eKDYHvmWx5fANoMXu20bnSYCDliEuZ_ok884LnZLYtOndQfUUWENWIIoyFH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00149.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgral5AAnoLSln3CnXm1oOVXPAQIH29SR9OHpDnJQBcAyFfTZjMTIDjjoa2etV-WbvY3aCDjkdO44psOKFV9eKDYHvmWx5fANoMXu20bnSYCDliEuZ_ok884LnZLYtOndQfUUWENWIIoyFH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00149.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgvzSLV0KE9Tn4hc4FUayi7zVVkheEZaugY2WYA-8F0E-CpLRUEbofQF3-WnIMOwDkbsDajTxRwzDelY1S0858z1SvnP4TzElXtnemYkvrLSDgJ9XlVVWY2zfrGfobj1jWtBxwvgsBQ2R_o/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00150.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgvzSLV0KE9Tn4hc4FUayi7zVVkheEZaugY2WYA-8F0E-CpLRUEbofQF3-WnIMOwDkbsDajTxRwzDelY1S0858z1SvnP4TzElXtnemYkvrLSDgJ9XlVVWY2zfrGfobj1jWtBxwvgsBQ2R_o/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00150.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhzIsRXxsD0PI8pU8PJ3BuesgunjIJJKGz71tDQHHHaAgeYUiW6t_GCZCEIU2pzhpSORX6Jk3tSMUsf6yQ4s3nrbooBE71s6KFSiSIym_ti___qmhhAbHvSv8U_D2IvOIYQDDFNcM7MKNVD/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00151.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhzIsRXxsD0PI8pU8PJ3BuesgunjIJJKGz71tDQHHHaAgeYUiW6t_GCZCEIU2pzhpSORX6Jk3tSMUsf6yQ4s3nrbooBE71s6KFSiSIym_ti___qmhhAbHvSv8U_D2IvOIYQDDFNcM7MKNVD/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00151.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhkwzpy8voRGTv2-JFOAgPpvYsYt8cP3Ssu7sY11BYFmlbSb7M-kvZYWyUmt-G1ON3E2Ja89aPdbUr67scBfnIzo0hsn_bYFodZydxEFOel3YFj-tq5lxKCzxsKvbsQhbHVTmzO6WaFdGG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00152.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhkwzpy8voRGTv2-JFOAgPpvYsYt8cP3Ssu7sY11BYFmlbSb7M-kvZYWyUmt-G1ON3E2Ja89aPdbUr67scBfnIzo0hsn_bYFodZydxEFOel3YFj-tq5lxKCzxsKvbsQhbHVTmzO6WaFdGG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00152.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhcZSCo0TohaoEnMGqy_fes8r4gpErnkBoPIfFYohoD5s-nRJqi910fwo_Ik4cxVw_VNjjSBPSxZzsWcYXIPlYRwBo17iKEG7uwvJpryArH1aQ-nx7YtmOkVNEAvfRcuGLGiTYUSQD61qBZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00153.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhcZSCo0TohaoEnMGqy_fes8r4gpErnkBoPIfFYohoD5s-nRJqi910fwo_Ik4cxVw_VNjjSBPSxZzsWcYXIPlYRwBo17iKEG7uwvJpryArH1aQ-nx7YtmOkVNEAvfRcuGLGiTYUSQD61qBZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00153.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOv1RrXCwpoDhtOjnrub-O36LQfeUT3II9pNVcZ1ZQPx-5WT1xScoAE0Nln6f4KFhwnvs51XziwvGjxkJt72i11O76Wg-cF1WYZeKHdTTsLCRfbtq-iMcHWZoKUC1EmVRKKcnf8BN2IsT-/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00154.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOv1RrXCwpoDhtOjnrub-O36LQfeUT3II9pNVcZ1ZQPx-5WT1xScoAE0Nln6f4KFhwnvs51XziwvGjxkJt72i11O76Wg-cF1WYZeKHdTTsLCRfbtq-iMcHWZoKUC1EmVRKKcnf8BN2IsT-/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00154.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1ozvZpOLZLSG3VxWMY9X_iiq0r5AhSEfA1XH7H7xL-jkoksu2vDr4VS5sp0HbDHeJYLxbu82wjf77tFcfduj8C0QRFqOno2zEpnBX0S9LvUqsTU8HZbrbn3sJ_kPBHIVB1YkYwknhpyLo/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00155.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1ozvZpOLZLSG3VxWMY9X_iiq0r5AhSEfA1XH7H7xL-jkoksu2vDr4VS5sp0HbDHeJYLxbu82wjf77tFcfduj8C0QRFqOno2zEpnBX0S9LvUqsTU8HZbrbn3sJ_kPBHIVB1YkYwknhpyLo/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00155.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEioFuVOXyzcKcfEDffzqjWsUpVgmkuqhCB4U4Lk8P1YjULznuLXNXbAmIjuilQJONFpM_mGaeptuVIr9V24IAoXtle23S5bJl5eLLoRjKQtckYCuO0Ga4zVBRrMIYN-Nddxz6juY7BS7-77/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00156.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEioFuVOXyzcKcfEDffzqjWsUpVgmkuqhCB4U4Lk8P1YjULznuLXNXbAmIjuilQJONFpM_mGaeptuVIr9V24IAoXtle23S5bJl5eLLoRjKQtckYCuO0Ga4zVBRrMIYN-Nddxz6juY7BS7-77/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00156.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHkNnZSVldF2SmGEJKbO7wMTolSI02TjmB2UkrRDaSwVehprOhtJalXXSOYt97HPJZY_SILZjwBicXyaVaK-LGT_gbHwvppeU1rjZB9i8XDaEqiPcKrmDIBnA9BEPEdd08yeNhEqqJaDL0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00157.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHkNnZSVldF2SmGEJKbO7wMTolSI02TjmB2UkrRDaSwVehprOhtJalXXSOYt97HPJZY_SILZjwBicXyaVaK-LGT_gbHwvppeU1rjZB9i8XDaEqiPcKrmDIBnA9BEPEdd08yeNhEqqJaDL0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00157.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhmE-qhUYX8kRDdW1BYX0UYURCq8dzoXde4Y6j4k2-YQrYLF0uPWG-3QCAWd50sMOwVIGQmzn0J2VANDTaMsyODFOT55EB1A4rPz2xUWDYSVxXtxUELux-qLBK4u1RTkUhI_s5oR3aiqX9Q/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00158.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhmE-qhUYX8kRDdW1BYX0UYURCq8dzoXde4Y6j4k2-YQrYLF0uPWG-3QCAWd50sMOwVIGQmzn0J2VANDTaMsyODFOT55EB1A4rPz2xUWDYSVxXtxUELux-qLBK4u1RTkUhI_s5oR3aiqX9Q/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00158.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhx8L9IwzrQk1AROtMuyyAOzzsLHF6HAMB1lWg-sL3yDv7tWx1VZ4A92JVM8JjGrKVgnUkuX2sE45xUZI_zpoXoxHiu5d5jy3aXeKB2Tjh4HKt2f5UEIi_U8G5z0vr-eyTSotSUgVRrpkpW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00159.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhx8L9IwzrQk1AROtMuyyAOzzsLHF6HAMB1lWg-sL3yDv7tWx1VZ4A92JVM8JjGrKVgnUkuX2sE45xUZI_zpoXoxHiu5d5jy3aXeKB2Tjh4HKt2f5UEIi_U8G5z0vr-eyTSotSUgVRrpkpW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00159.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1OxJ4PGKsbvp9neuSs7kugXQAalG_2vNXqxqQ_fvLyPyTTgoxI3lpy2jesIuWxom7yUDtXISJvq62Wu9dBwdgRrhDVrcpL_QiSKbKKr0Eys-i_rckJunwSyiHeHE5YJY9Tx0vV2TxydAw/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00160.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1OxJ4PGKsbvp9neuSs7kugXQAalG_2vNXqxqQ_fvLyPyTTgoxI3lpy2jesIuWxom7yUDtXISJvq62Wu9dBwdgRrhDVrcpL_QiSKbKKr0Eys-i_rckJunwSyiHeHE5YJY9Tx0vV2TxydAw/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00160.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj8TJwQ8hn27Qc05ZsjZwk5lKrHuNGz6-fX317xUF0AG2uleFWz1-ySWLmwcDMEAa46FnMplQlOeW6Hk1AZba44rWwIen1xvvCRHjCDwfyh3MwpswRZNwyLeJPV_OPanDi8ODOLAdXi279k/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00161.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj8TJwQ8hn27Qc05ZsjZwk5lKrHuNGz6-fX317xUF0AG2uleFWz1-ySWLmwcDMEAa46FnMplQlOeW6Hk1AZba44rWwIen1xvvCRHjCDwfyh3MwpswRZNwyLeJPV_OPanDi8ODOLAdXi279k/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00161.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjpxZEMpA4LL3EDaQ8tXAN8ta5jgH3czp4U5A5stUH_p1Ub2dUgFXiZN33RyF0VqtYheEUt_a3eF1FvvXd-gYh0G8UNDk9b8-qe9tWrR_8dXH2CtMXOjDrl9I6CpUQL_tZjaX4fwaEmzbf5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00162.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjpxZEMpA4LL3EDaQ8tXAN8ta5jgH3czp4U5A5stUH_p1Ub2dUgFXiZN33RyF0VqtYheEUt_a3eF1FvvXd-gYh0G8UNDk9b8-qe9tWrR_8dXH2CtMXOjDrl9I6CpUQL_tZjaX4fwaEmzbf5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00162.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEinnCYKwRLUjTTt0yp2QxZt0GE2CQkmsBdBVxKRuEMjyV4evkRjPdc7_KB7Wf0cgfiECNUAetWNhEJPrTmOOuqn9BBAZlF6tbCXd6IUnjgbYey_ywZmd9nzaNpmJ_cdh3cMFYOLZtGMcZAZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00163.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEinnCYKwRLUjTTt0yp2QxZt0GE2CQkmsBdBVxKRuEMjyV4evkRjPdc7_KB7Wf0cgfiECNUAetWNhEJPrTmOOuqn9BBAZlF6tbCXd6IUnjgbYey_ywZmd9nzaNpmJ_cdh3cMFYOLZtGMcZAZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00163.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjO76V90wLBnwdPZeQhqcNk2-i9UTb1-gkdyKmVr0X98EPBCkth_YI_MkhzsBgT9L6KP47wlVAR683VlkotTaEJ6UbvxrmWNp8FXLFYiMN_mpyagWoik72ocjqevtIjBcy3yhA8hbwPw6lb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00164.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjO76V90wLBnwdPZeQhqcNk2-i9UTb1-gkdyKmVr0X98EPBCkth_YI_MkhzsBgT9L6KP47wlVAR683VlkotTaEJ6UbvxrmWNp8FXLFYiMN_mpyagWoik72ocjqevtIjBcy3yhA8hbwPw6lb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00164.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjo_IliWghg39jcfu0bgBOnpdpEEbPqZ7tvRho6B6MSvjezMNYRB7Tut0pJCSIZSgcv3c9qw5ZoOccJ3KyJluN09l5tP4wtz4r3p_k6MU_WkJblKuUrPXQmsWWxGAW95or_OfBPJtbCcxlq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00165.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjo_IliWghg39jcfu0bgBOnpdpEEbPqZ7tvRho6B6MSvjezMNYRB7Tut0pJCSIZSgcv3c9qw5ZoOccJ3KyJluN09l5tP4wtz4r3p_k6MU_WkJblKuUrPXQmsWWxGAW95or_OfBPJtbCcxlq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00165.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh38SCFzyZSgyPsUm04FfrprQaG7n3OXJ-vjkeI9L5pfRbOGWLvNz5Z0xNFDnsF-n2OljwUvWW2GbM7TBKPxu8NcUPTw6CwDfvwg7BDajegfxwBVf_VYpjS3H_ZfzARdHhHRF-x4WTZXYAh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00166.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh38SCFzyZSgyPsUm04FfrprQaG7n3OXJ-vjkeI9L5pfRbOGWLvNz5Z0xNFDnsF-n2OljwUvWW2GbM7TBKPxu8NcUPTw6CwDfvwg7BDajegfxwBVf_VYpjS3H_ZfzARdHhHRF-x4WTZXYAh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00166.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkmOw22iMW1qzlwsk0IkavCALwuQZ76mgPil9_82n2HfPoQ6xR7OlvnBYV-oVTHDtdv9sGDVsy5VU9_XalbznPjY7Yu2iLl5uSyALj72HGqWZO56tRm34XY5PFp47Jiw8BEJ0GuZp94ZFF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00167.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkmOw22iMW1qzlwsk0IkavCALwuQZ76mgPil9_82n2HfPoQ6xR7OlvnBYV-oVTHDtdv9sGDVsy5VU9_XalbznPjY7Yu2iLl5uSyALj72HGqWZO56tRm34XY5PFp47Jiw8BEJ0GuZp94ZFF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00167.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjFn4gas42TzbbU5U6fjlPjEWHMzNQXvt_ndehrlXrE83sedbhufdazEGm2m46e-1ktYZGHOW8K5Sn9ueKE9i4WHOqB0trTOWxki3Ajp49QOxzkYydZZcduJt9yPMAZW8y4aPJWGLPL47C/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00168.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjFn4gas42TzbbU5U6fjlPjEWHMzNQXvt_ndehrlXrE83sedbhufdazEGm2m46e-1ktYZGHOW8K5Sn9ueKE9i4WHOqB0trTOWxki3Ajp49QOxzkYydZZcduJt9yPMAZW8y4aPJWGLPL47C/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00168.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfA-y0yZ43TjyPW4y4cF2-QXL7fcPv6nFzmwq3AQXBK3kkNQyeDuVaSv-e84kn-3O0seNFQ-FXoEZGS_KagE2hxMwJEM31F1Cr9XnMJVi5hIu4Y6OOr4tWWU2DzDpfQ0IvoeGQJv_IC0kG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00169.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfA-y0yZ43TjyPW4y4cF2-QXL7fcPv6nFzmwq3AQXBK3kkNQyeDuVaSv-e84kn-3O0seNFQ-FXoEZGS_KagE2hxMwJEM31F1Cr9XnMJVi5hIu4Y6OOr4tWWU2DzDpfQ0IvoeGQJv_IC0kG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00169.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhsO5BytZH-B0Syf8latk64PSXImYNyKHs2tUSbPN2VK4GK5M8iLZElUQQDYeOOruNzuI0Zi-R72G3RzBdjO-2WmML6S1XsnYPfNJpZySfZ68jEQfjNf5j4aC1KZPxbqT0181RieeCw8FQc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00170.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhsO5BytZH-B0Syf8latk64PSXImYNyKHs2tUSbPN2VK4GK5M8iLZElUQQDYeOOruNzuI0Zi-R72G3RzBdjO-2WmML6S1XsnYPfNJpZySfZ68jEQfjNf5j4aC1KZPxbqT0181RieeCw8FQc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00170.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxqmGcS2soXbKMevMAQpZ_wtYxkUwPxXYW2DN0AbiHVioE8ET_3c292F8QTDXfhwqRXAIqrqLfhbHECzJCJXgx4FEfb8lgwzCZHjmICwi-_byRV78izmSYxcHxjOu6Zuk6QL3ISCMvB9pk/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00171.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxqmGcS2soXbKMevMAQpZ_wtYxkUwPxXYW2DN0AbiHVioE8ET_3c292F8QTDXfhwqRXAIqrqLfhbHECzJCJXgx4FEfb8lgwzCZHjmICwi-_byRV78izmSYxcHxjOu6Zuk6QL3ISCMvB9pk/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00171.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMR5JHUVGllEnXDPMUPA8PfBbEXfCBZDyVWFLBauliDM0UiBATOCa0mhAaGW9IoxuwEitdnma8GTAl_lcmgt6DPQ1WfPRoZhvCD1xssB2tCIxN_PxqiDG73_dVYTDNYz6g9g2V09a4Ax8Z/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00172.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMR5JHUVGllEnXDPMUPA8PfBbEXfCBZDyVWFLBauliDM0UiBATOCa0mhAaGW9IoxuwEitdnma8GTAl_lcmgt6DPQ1WfPRoZhvCD1xssB2tCIxN_PxqiDG73_dVYTDNYz6g9g2V09a4Ax8Z/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00172.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgV1m3NuUsxFc7wL6SuybkBEK_P5Popk08ay-PUPImxImXhF27ddiQEIPJuOtez4zy0otc8NsV2wJ7nBPD0GYcIrsveRqCfcyjnVtHpH5aMqv2dlLKXpmQd-xwKZkry3owSYr10qbDD0lJM/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00173.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgV1m3NuUsxFc7wL6SuybkBEK_P5Popk08ay-PUPImxImXhF27ddiQEIPJuOtez4zy0otc8NsV2wJ7nBPD0GYcIrsveRqCfcyjnVtHpH5aMqv2dlLKXpmQd-xwKZkry3owSYr10qbDD0lJM/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00173.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjkt8V_IRRN8fDpQ0gO7iSURQfX6sqLzGFc6HRxTS17hhD5k5MK3FWVkzOOTy_oqKZ_GgqQlu8E3i5pPd7PTO3eXpxrinKVsQl33ime7DJ3LjQ865PKaJzywSWhtR_X-nWCGeesg7OoW5Xd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00174.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjkt8V_IRRN8fDpQ0gO7iSURQfX6sqLzGFc6HRxTS17hhD5k5MK3FWVkzOOTy_oqKZ_GgqQlu8E3i5pPd7PTO3eXpxrinKVsQl33ime7DJ3LjQ865PKaJzywSWhtR_X-nWCGeesg7OoW5Xd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00174.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjPcNoScZyntpoP9Zw8h02dRX40Tilmi9HEQlcwySqfwkzeRG7S-vlljNk6IZXKMq3Rt0WLbv4rI-V7oIBqnonlslT0AT1OulpzhSv3rqbX6Z-9kDaK1dPNPXX1cKfFGRa-8IrAtC6v570M/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00175.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjPcNoScZyntpoP9Zw8h02dRX40Tilmi9HEQlcwySqfwkzeRG7S-vlljNk6IZXKMq3Rt0WLbv4rI-V7oIBqnonlslT0AT1OulpzhSv3rqbX6Z-9kDaK1dPNPXX1cKfFGRa-8IrAtC6v570M/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00175.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSV8iK5pgKZl8Zrp_Ff56uWp2px9iGxQTlpV92GeqEOKIfbiOlkcVZizcYqnfiH_oUmsddAmbjw-6lpGWZivHNZN7cKMMp8oe5gMTgdHbE3p_eha52qt300UfyGtbg8vxRgnmemhrBWaJM/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00176.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSV8iK5pgKZl8Zrp_Ff56uWp2px9iGxQTlpV92GeqEOKIfbiOlkcVZizcYqnfiH_oUmsddAmbjw-6lpGWZivHNZN7cKMMp8oe5gMTgdHbE3p_eha52qt300UfyGtbg8vxRgnmemhrBWaJM/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00176.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgHXf-QC9sEu9iG_rIZrlFTuuxP5zUv4FVBwvU_mRUhj2eQFW6-zDvjxOInA1Np-_hDECkF9WWXDZYd7oK-zNaJj7Kydqo6fsda1NckJIwPWjMOftJBS-30h_57yyqhBr2882Utyvo2Ag86/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00177.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgHXf-QC9sEu9iG_rIZrlFTuuxP5zUv4FVBwvU_mRUhj2eQFW6-zDvjxOInA1Np-_hDECkF9WWXDZYd7oK-zNaJj7Kydqo6fsda1NckJIwPWjMOftJBS-30h_57yyqhBr2882Utyvo2Ag86/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00177.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkyeCxXJfztARIvD0QAaUDUcIApH8ZSSb8f3HJonurAQmbxL1sf2A4tIixo8LJraldvIYg0P65mtSWBjuynVa-hQGjqpCdxcAYTCxBLYAxY1vjpNdfs-jMHb7pPGfW-dEP-XDlxzjSrKDe/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00178.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkyeCxXJfztARIvD0QAaUDUcIApH8ZSSb8f3HJonurAQmbxL1sf2A4tIixo8LJraldvIYg0P65mtSWBjuynVa-hQGjqpCdxcAYTCxBLYAxY1vjpNdfs-jMHb7pPGfW-dEP-XDlxzjSrKDe/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00178.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtnSMHoTmOvRZnHm6A1Xj6gb-BuBzCROwTNKbfBEIHk6RDke-w-7ghz57ax58fXPeiUK2ydbou20Fgiup_woIyt5i-L_FWpZCbcy9jnTMMNufyoTnd5TgPvpRFQctfzfsOLgePMY8byuPh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00179.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtnSMHoTmOvRZnHm6A1Xj6gb-BuBzCROwTNKbfBEIHk6RDke-w-7ghz57ax58fXPeiUK2ydbou20Fgiup_woIyt5i-L_FWpZCbcy9jnTMMNufyoTnd5TgPvpRFQctfzfsOLgePMY8byuPh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00179.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrjEYr0JE1A3uqk3ayldGnlUG1H0uZDTKV9SHrYoQSPKaP23Bw3QvBcwLipim6TQiimx_Wo4e5q1nCFVJpVtFkeKlpI3wzb6lYl0gFtSi6c5H5yR4zy7yw0dop2K1LTD8XNXFHDiOMTBDl/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00180.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrjEYr0JE1A3uqk3ayldGnlUG1H0uZDTKV9SHrYoQSPKaP23Bw3QvBcwLipim6TQiimx_Wo4e5q1nCFVJpVtFkeKlpI3wzb6lYl0gFtSi6c5H5yR4zy7yw0dop2K1LTD8XNXFHDiOMTBDl/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00180.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiFHSEZeb9BU51LttLR3bKsDJaHV4dpe54qCTys1bPHbeukL8OFm-jHEWxgFwVGf650S4g6hCOj2G8qAYEw3x9aLWPLQLfYT6xioavXGY0i1mhT30cwhXTGvNxDyOsbzbg5TFBz3y8aDZ7b/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00181.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiFHSEZeb9BU51LttLR3bKsDJaHV4dpe54qCTys1bPHbeukL8OFm-jHEWxgFwVGf650S4g6hCOj2G8qAYEw3x9aLWPLQLfYT6xioavXGY0i1mhT30cwhXTGvNxDyOsbzbg5TFBz3y8aDZ7b/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00181.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiysg6LHWa1ZVja3PIbeu7iZRd993xTprxzaxKqosS7LccSQ3C4VB-jBVj8RI644E0nwvGgjsGSo47KP25Wkjm3bYFE5COSgtFXfj_dCxggbvlUVdYwrlNdiU4mBjewDuS3hM5ATOAk_9eI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00182.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiysg6LHWa1ZVja3PIbeu7iZRd993xTprxzaxKqosS7LccSQ3C4VB-jBVj8RI644E0nwvGgjsGSo47KP25Wkjm3bYFE5COSgtFXfj_dCxggbvlUVdYwrlNdiU4mBjewDuS3hM5ATOAk_9eI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00182.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgK2Y2s30LOoBKnt3iO18e3M9orPi1kBO2lynAH0UR544A-nltvePcUc0Mhzzw3osVlhEO48sJH_x1SXPdp359MzBZDdM9ZUjXcqRuSzL9NFgGwHYu4uOzLLI2ZjIE6-sZvP32eB_P987GR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00183.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgK2Y2s30LOoBKnt3iO18e3M9orPi1kBO2lynAH0UR544A-nltvePcUc0Mhzzw3osVlhEO48sJH_x1SXPdp359MzBZDdM9ZUjXcqRuSzL9NFgGwHYu4uOzLLI2ZjIE6-sZvP32eB_P987GR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00183.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjGTlT7DNVR7Kbx0I-rtwvNTieE7TRyLyxY8tXSIC_O8PM6QT3BO2iX6zFFLTvGpVPZdlXlBUJ3Ps7VK9YH5Z5oUiBETPMss9dIOI5RkuRgd2D17s2GlZq2e_3GQMNem0vVytFpCHO7EONz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00184.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjGTlT7DNVR7Kbx0I-rtwvNTieE7TRyLyxY8tXSIC_O8PM6QT3BO2iX6zFFLTvGpVPZdlXlBUJ3Ps7VK9YH5Z5oUiBETPMss9dIOI5RkuRgd2D17s2GlZq2e_3GQMNem0vVytFpCHO7EONz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00184.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi90FRSSU4jXVPzsIx1Gq4xtYlVKVL_Voj4WraYPcEeafOcrlpjP88FGtQfdM4CO84m8yA6tXo1z6iC9BwFHg-rG8rTpexq_hJs8U9bPG0jvJozxqvETxlDYzq8HFmDd4mNvmUKldMJnkq4/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00185.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi90FRSSU4jXVPzsIx1Gq4xtYlVKVL_Voj4WraYPcEeafOcrlpjP88FGtQfdM4CO84m8yA6tXo1z6iC9BwFHg-rG8rTpexq_hJs8U9bPG0jvJozxqvETxlDYzq8HFmDd4mNvmUKldMJnkq4/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00185.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjmPeJ-cLR1flJ9kwY78EJr19Um4dFVyOE_jvZjTZNHwxY1HW3EJuvkS8W6iDhDBXdG3ImYEc395YwYrZrN7qoVTDBnKT27KwMocd7sjU9uO_Z4Hp8qFd6iVeQhkFPjAML3tewER5RX0ctT/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00186.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjmPeJ-cLR1flJ9kwY78EJr19Um4dFVyOE_jvZjTZNHwxY1HW3EJuvkS8W6iDhDBXdG3ImYEc395YwYrZrN7qoVTDBnKT27KwMocd7sjU9uO_Z4Hp8qFd6iVeQhkFPjAML3tewER5RX0ctT/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00186.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgRJVkQLgp-L6VEUBcFb3suLjnSuFg0lp0dDWZOU3RaEzwt9N5dFA-AgBJSDXbqb8ripx841AGlONSPMcpBBFyj4IrkaqIArBb-WmndkEHkIllcLENM2uiCa7Be9jHpWunn3dewfZbosgRR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00187.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgRJVkQLgp-L6VEUBcFb3suLjnSuFg0lp0dDWZOU3RaEzwt9N5dFA-AgBJSDXbqb8ripx841AGlONSPMcpBBFyj4IrkaqIArBb-WmndkEHkIllcLENM2uiCa7Be9jHpWunn3dewfZbosgRR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00187.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhaeIAKOWUmTmPT34VMHqQdCyqAnQIzaOZH-T3fyVCic4UMcxkYpoCk4jPj-uBUd7bmjiKHCHGHKD4JTzXOUK5FlZlSz0JGpKJqUUEbAhOxo2C5dx_gSp977xBEshF98h7wotlRt2tW5FQG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00188.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhaeIAKOWUmTmPT34VMHqQdCyqAnQIzaOZH-T3fyVCic4UMcxkYpoCk4jPj-uBUd7bmjiKHCHGHKD4JTzXOUK5FlZlSz0JGpKJqUUEbAhOxo2C5dx_gSp977xBEshF98h7wotlRt2tW5FQG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00188.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicgNY7mdzOahYaReMS13os55QudXR5REr6F9CcgL6jiIp1p1ZF8GGCyKM8Z_vtAGeLZZEE19zFBbFMYhVKqT5mPQ6bLFO_xaigvqXfpJOAIRXlZrzyLv9XZByH-Bv0N79vRJXTeK27haJR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00189.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEicgNY7mdzOahYaReMS13os55QudXR5REr6F9CcgL6jiIp1p1ZF8GGCyKM8Z_vtAGeLZZEE19zFBbFMYhVKqT5mPQ6bLFO_xaigvqXfpJOAIRXlZrzyLv9XZByH-Bv0N79vRJXTeK27haJR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00189.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhV9pbPD5Hd2tdh4tOQfy7UjmPtCr_TwWDZVSwOK4tDUmeIZcjShKn5RQZLoP_TjdhN_y8TSbsPtCQmNhHYGqQMb4Mmr0M5IQIgdkazHxLuH050MKTl6gqotbVZi5541DDX8GbSwgAMQAWa/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00190.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhV9pbPD5Hd2tdh4tOQfy7UjmPtCr_TwWDZVSwOK4tDUmeIZcjShKn5RQZLoP_TjdhN_y8TSbsPtCQmNhHYGqQMb4Mmr0M5IQIgdkazHxLuH050MKTl6gqotbVZi5541DDX8GbSwgAMQAWa/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00190.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgaCju12VhZMW2iiYDyewJFnikIbHsa4A1BVJRAARyf_fN5WmlnCWbYI9WzheygYAkhQD7mZjn2d1lnTVTzxupmm593-QeBRjlJzCjwN3696ishQT1qWDEqcFzegq8zH85pBuU99P6IloSH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00191.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgaCju12VhZMW2iiYDyewJFnikIbHsa4A1BVJRAARyf_fN5WmlnCWbYI9WzheygYAkhQD7mZjn2d1lnTVTzxupmm593-QeBRjlJzCjwN3696ishQT1qWDEqcFzegq8zH85pBuU99P6IloSH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00191.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtHki1zJDbnlgyM68BBsrHwFpqLTFYkpMr0avf5GkE6PZ1oaY-nLRbcly2s35qvh_bWAEJ8DqieRrh9RWYykYaqHxbTTi9gzvoUpkFD6km25Xa7488b4PmiwmkQXOHdS3HNI03uTb91snJ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00192.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtHki1zJDbnlgyM68BBsrHwFpqLTFYkpMr0avf5GkE6PZ1oaY-nLRbcly2s35qvh_bWAEJ8DqieRrh9RWYykYaqHxbTTi9gzvoUpkFD6km25Xa7488b4PmiwmkQXOHdS3HNI03uTb91snJ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00192.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhF7Bg5neatxYMgjWr-ffT72VkZ0F-a7ngDmptWpniuvNgUo9HFyvC6b3al-mcc2r6JVZ3CBOnN3Ze28gEZGpIXkHxFQKnFyzHUwOAWA3T9CI6Uf1DliUSSe2ArjebXRsSoUxIoQlYdG62b/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00193.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhF7Bg5neatxYMgjWr-ffT72VkZ0F-a7ngDmptWpniuvNgUo9HFyvC6b3al-mcc2r6JVZ3CBOnN3Ze28gEZGpIXkHxFQKnFyzHUwOAWA3T9CI6Uf1DliUSSe2ArjebXRsSoUxIoQlYdG62b/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00193.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjh4BStqUszNIjlCiZOAo0g1wHsBV2lyszME5IGZLF5V5ByOOMh9AySbgjl8C45MbmPSfbPF0YNu3sWnk4n_fmvYE1nLph1QNX8VkwHNBUKh4_33jfdKRblliXcjPdRyECCTJ7-Hj2m4o1A/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00194.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjh4BStqUszNIjlCiZOAo0g1wHsBV2lyszME5IGZLF5V5ByOOMh9AySbgjl8C45MbmPSfbPF0YNu3sWnk4n_fmvYE1nLph1QNX8VkwHNBUKh4_33jfdKRblliXcjPdRyECCTJ7-Hj2m4o1A/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00194.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgDeZax1z93S74DNjw_d3a6M-fXAheYAVcuwN2QmNbGxrXyGCkyoRfXCv1CAL5Ot4Khwu1apvcQ1GnnDtRxWBpUyLnfF28fEM9r8BHqEhLIHZfPwZTkaq5CvqbJtpbb5ZmS2GXkzGiI2i4W/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00195.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgDeZax1z93S74DNjw_d3a6M-fXAheYAVcuwN2QmNbGxrXyGCkyoRfXCv1CAL5Ot4Khwu1apvcQ1GnnDtRxWBpUyLnfF28fEM9r8BHqEhLIHZfPwZTkaq5CvqbJtpbb5ZmS2GXkzGiI2i4W/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00195.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRnPZ3NkX3W-OtuUd8gxTFQfmRulZYaRufg8_eOiYH1BdUyayzIvkKraaw4IzssKRDwaN-z7St3YNsFfKMqL_Pt1aThmvXNDIzgF6q3gff8n0ck7wYWgpltp9YiCysWKpe473bfek-crKk/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00196.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRnPZ3NkX3W-OtuUd8gxTFQfmRulZYaRufg8_eOiYH1BdUyayzIvkKraaw4IzssKRDwaN-z7St3YNsFfKMqL_Pt1aThmvXNDIzgF6q3gff8n0ck7wYWgpltp9YiCysWKpe473bfek-crKk/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00196.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjSVmTg7AUyLgrT2lEaFrLokuc6dLu5Z88uqrZp2MEwQUtJpdy4KBRZjaxalOJduosxN3cmQ9EV1l_ISWV_lK2NPfhCs2GMtFZMm0fGA3HcOxOJtZ5ofpiH9F5PysYtl-u47r79bBHOvMcd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00197.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjSVmTg7AUyLgrT2lEaFrLokuc6dLu5Z88uqrZp2MEwQUtJpdy4KBRZjaxalOJduosxN3cmQ9EV1l_ISWV_lK2NPfhCs2GMtFZMm0fGA3HcOxOJtZ5ofpiH9F5PysYtl-u47r79bBHOvMcd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00197.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYnSTjqPywWnTl3ke1o47AEbF1xeuySPEr1ZFckmBsi8U4j2dkSTAtRE0ufzED7S-aFHLC_T2RRgxaCp-uZtHPgTvffUUAU6YUf606VC32NctPGhivYeRZrBlxbMlglyiTeQiozCM4r_Ku/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00198.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYnSTjqPywWnTl3ke1o47AEbF1xeuySPEr1ZFckmBsi8U4j2dkSTAtRE0ufzED7S-aFHLC_T2RRgxaCp-uZtHPgTvffUUAU6YUf606VC32NctPGhivYeRZrBlxbMlglyiTeQiozCM4r_Ku/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00198.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEilcFAYDtFq5yBOTusBtnxOFmIDXXkAXoRZlIoymQ0nkJl5JitwwLu6KE_yjK8yMo4tL4qTuA0_5s_YjOKxV9GT0b9YYbgW6g6ya5g2onoXvMzwVg17wXRhXEKqoFiqpellEiA8GxbXm2iA/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00199.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEilcFAYDtFq5yBOTusBtnxOFmIDXXkAXoRZlIoymQ0nkJl5JitwwLu6KE_yjK8yMo4tL4qTuA0_5s_YjOKxV9GT0b9YYbgW6g6ya5g2onoXvMzwVg17wXRhXEKqoFiqpellEiA8GxbXm2iA/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00199.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOu4WLCQ9hDZfVub1ZcOsrU4pTmWH0e2rNc-pom2HzYDq3aIx_Vt0VbqSELSAW3zKSOFgneUq9bN91wznOG2znv-5kExClTgu09ySAW_cubEqBSbYFVqp0uCcmc-Ela8NcUb0qdUg7jRI0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00200.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOu4WLCQ9hDZfVub1ZcOsrU4pTmWH0e2rNc-pom2HzYDq3aIx_Vt0VbqSELSAW3zKSOFgneUq9bN91wznOG2znv-5kExClTgu09ySAW_cubEqBSbYFVqp0uCcmc-Ela8NcUb0qdUg7jRI0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00200.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjcN5nHBAIhKe7qgJzOsk41v11682_1_u0LIgx3Y78ra1RKjuHlwh0-1DGaWzjkNF4x3JejubyXmOh1fPUuOWGpIgJSS92pOzgVSH28rpKeRdnONhw_8zw0JCnGNI5Ycw4DsKzxt53fWdmY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00201.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjcN5nHBAIhKe7qgJzOsk41v11682_1_u0LIgx3Y78ra1RKjuHlwh0-1DGaWzjkNF4x3JejubyXmOh1fPUuOWGpIgJSS92pOzgVSH28rpKeRdnONhw_8zw0JCnGNI5Ycw4DsKzxt53fWdmY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00201.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtIi-siZt4Nj5gM9c6WZ7P2B30lySE80H2rfAYvkPddeL498BPrTTzahpOEGRmBxBYSEFqd5HijdULvU3LjLhkg6f-T0_c6x0Pe6fUKkXmrDC4Utf7bL4ft7lddrBvN-RcBm_YmJsP7FFS/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00202.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtIi-siZt4Nj5gM9c6WZ7P2B30lySE80H2rfAYvkPddeL498BPrTTzahpOEGRmBxBYSEFqd5HijdULvU3LjLhkg6f-T0_c6x0Pe6fUKkXmrDC4Utf7bL4ft7lddrBvN-RcBm_YmJsP7FFS/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00202.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEikcc7J-jmFQn8HPmt8yL1Ft9KApzw1ftdxI1VRZMs5UFYJgWnUTyUO_395TdB41ovnsYkHXoMBboeK8R7oDE3s54GH3QXU8JLHa5nUk2hmjuURKs7NdTGrPe5XCEer3gLiczlwjPmbND5z/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00203.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEikcc7J-jmFQn8HPmt8yL1Ft9KApzw1ftdxI1VRZMs5UFYJgWnUTyUO_395TdB41ovnsYkHXoMBboeK8R7oDE3s54GH3QXU8JLHa5nUk2hmjuURKs7NdTGrPe5XCEer3gLiczlwjPmbND5z/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00203.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimPxKNCB-7tOXkn5fEmdw0PXw-aO6I0tQcMbrgZSjaulYgKsJZN8G-R70sV9Xvc8oqeWZZi9SzTNBCOt8TEUbcyubjtx-XeYDen664AbipueHm-QE4awbDp8uibIG8qsV32GdAXH7TpIE2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00204.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimPxKNCB-7tOXkn5fEmdw0PXw-aO6I0tQcMbrgZSjaulYgKsJZN8G-R70sV9Xvc8oqeWZZi9SzTNBCOt8TEUbcyubjtx-XeYDen664AbipueHm-QE4awbDp8uibIG8qsV32GdAXH7TpIE2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00204.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgN2XY9Z72N4wL8EEfvUC3BYr97d_mUBEMQlcQG2y5nDF8aMkA56QjBvWygf2dtRyIjPHTtzNBcTNRvN5PjGTCRDKaOE9ZyHkwFLlAey7xvZUi9W85aHizGFp2lM9VGBWlTHCbv-JfQwTRZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00205.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgN2XY9Z72N4wL8EEfvUC3BYr97d_mUBEMQlcQG2y5nDF8aMkA56QjBvWygf2dtRyIjPHTtzNBcTNRvN5PjGTCRDKaOE9ZyHkwFLlAey7xvZUi9W85aHizGFp2lM9VGBWlTHCbv-JfQwTRZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00205.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi217h5VCQQSvp_gn0_zLAZxzHoDMSFfvu0WbCJdQQX3JoTKGfFDC_9ZPTy-9CdzwWZiA3F-EMc9jIQC0gk71AxSTx8wS8iLyJ93SGaGuYnWx9nTUdn9-NTSSCVjKOmKHFjkywVKYWwiA22/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00206.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi217h5VCQQSvp_gn0_zLAZxzHoDMSFfvu0WbCJdQQX3JoTKGfFDC_9ZPTy-9CdzwWZiA3F-EMc9jIQC0gk71AxSTx8wS8iLyJ93SGaGuYnWx9nTUdn9-NTSSCVjKOmKHFjkywVKYWwiA22/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00206.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh6ZGdv3GMEwsRi3pIZv9AMpMVsbocXEoOW_g0w4fyFj9fWS4VC1tAeHj4cZijHe8gG_514FLhmweWvZlW4Mg_cPkNpj8VNowLTWnYyVRl6A36fU2-lh72jYJD69WFGH4szxexUUm5pYmAG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00207.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh6ZGdv3GMEwsRi3pIZv9AMpMVsbocXEoOW_g0w4fyFj9fWS4VC1tAeHj4cZijHe8gG_514FLhmweWvZlW4Mg_cPkNpj8VNowLTWnYyVRl6A36fU2-lh72jYJD69WFGH4szxexUUm5pYmAG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00207.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjaLGAmHi4yGNB_v6ZU41-J2A97buYPYMWZXa5g0I9yuuaQu6RGKStg92pdq_0nr_rACltu1_p67njpyCYdiJmK3CJczq8zOMjOlM4CcU_ceJfnuqCjFI3PQRobc2KhFhrqGmM-cd9WjToJ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00208.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjaLGAmHi4yGNB_v6ZU41-J2A97buYPYMWZXa5g0I9yuuaQu6RGKStg92pdq_0nr_rACltu1_p67njpyCYdiJmK3CJczq8zOMjOlM4CcU_ceJfnuqCjFI3PQRobc2KhFhrqGmM-cd9WjToJ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00208.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYr-ey0OaFvaEzprZaHK_nkBPHb_35vmDoHNrN2ETZBqBDoIl_-r8kmcZaefaCHZ_ok9Jt_U0PIOZUDt4OB4YmPNXaAfbpYd6oyHDKrJIwCYQ2lKz2vKO2I7D3DQU0ECh_-lRojVbRZYga/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00209.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYr-ey0OaFvaEzprZaHK_nkBPHb_35vmDoHNrN2ETZBqBDoIl_-r8kmcZaefaCHZ_ok9Jt_U0PIOZUDt4OB4YmPNXaAfbpYd6oyHDKrJIwCYQ2lKz2vKO2I7D3DQU0ECh_-lRojVbRZYga/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00209.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWwoALTFoXL-LiMBk4YkgfK-cm_CeyQpa7a8yoU6w_6BdM9kBsmnuY1yjPJP-dPODQOA6jyOq_accQnmQQLIF3HEi1hux61e1HBwRBXYX_z_b8w7y0XflARrVg-SwD8zL-uR2nJBcsg10-/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00210.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWwoALTFoXL-LiMBk4YkgfK-cm_CeyQpa7a8yoU6w_6BdM9kBsmnuY1yjPJP-dPODQOA6jyOq_accQnmQQLIF3HEi1hux61e1HBwRBXYX_z_b8w7y0XflARrVg-SwD8zL-uR2nJBcsg10-/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00210.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgbolQhC08AnhfDGsv_yuBi8C9ykMsS4jYkSpwalKeCj4L7PYeiZRzgg2CwXE0tzjkVb4i2PQFPBNIBZjuTxpW_YjYwn9zJpo0GruKkSWBmcngOHIlxNbMOJnl8Ts0bDQvOpvAEEQy_e4n/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00211.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgbolQhC08AnhfDGsv_yuBi8C9ykMsS4jYkSpwalKeCj4L7PYeiZRzgg2CwXE0tzjkVb4i2PQFPBNIBZjuTxpW_YjYwn9zJpo0GruKkSWBmcngOHIlxNbMOJnl8Ts0bDQvOpvAEEQy_e4n/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00211.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgiDAuGsUohlL_ocCNms35RB2qb9VjGZNINCjknSA2Hpqj5TAq0cZx1WerZMQajTV5AKGvZQxe0bsTTn7tbDasZJlYVcoCM3vzDBx8oEdFKU8XA1ccwXxUZI-rOd8iqrPkX2W3l8N8skjVN/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00212.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgiDAuGsUohlL_ocCNms35RB2qb9VjGZNINCjknSA2Hpqj5TAq0cZx1WerZMQajTV5AKGvZQxe0bsTTn7tbDasZJlYVcoCM3vzDBx8oEdFKU8XA1ccwXxUZI-rOd8iqrPkX2W3l8N8skjVN/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00212.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgV4AnAJG77iLGueTi3ZvBTtUy95OJU06G4-g2g6PoNpSGAQShyX2MK31uEqJSjNEnvfERj8XBNC8212_E537x_JqT_prBnLObYSgUobZjIPEAKRJxSROw3CpNFVOF8bx3BEl4vpYu-L5oL/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00213.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgV4AnAJG77iLGueTi3ZvBTtUy95OJU06G4-g2g6PoNpSGAQShyX2MK31uEqJSjNEnvfERj8XBNC8212_E537x_JqT_prBnLObYSgUobZjIPEAKRJxSROw3CpNFVOF8bx3BEl4vpYu-L5oL/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00213.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiKWC6kzf41L_E0gYFRQWMiYRVZIprgN55vsFhOEX5VyMvPfH3leo9tl0ounobwzuNlfHwtPmV_sCBT6MlI7LRKDjq9UahFAbu4FL-NZfhewGbG0y_O_CwdwNMgW_L8no8Y4UfFHD4WYvoq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00214.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiKWC6kzf41L_E0gYFRQWMiYRVZIprgN55vsFhOEX5VyMvPfH3leo9tl0ounobwzuNlfHwtPmV_sCBT6MlI7LRKDjq9UahFAbu4FL-NZfhewGbG0y_O_CwdwNMgW_L8no8Y4UfFHD4WYvoq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00214.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEioDViByjfYkUhgMZEC54cfISmfwVD_EBpiX9bWEyVZhjiNqx7qseb32q-uCUgzXqNblUD2AWSBAq0ZI0xjA36HDYj1xAqzqNV3JvtSDqnayhx64YuyIKNWlMLAH4BpOJTnvQ09vyw3EM0u/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00215.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEioDViByjfYkUhgMZEC54cfISmfwVD_EBpiX9bWEyVZhjiNqx7qseb32q-uCUgzXqNblUD2AWSBAq0ZI0xjA36HDYj1xAqzqNV3JvtSDqnayhx64YuyIKNWlMLAH4BpOJTnvQ09vyw3EM0u/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00215.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpHv0s78ssGmIIrXk6aqoNiQR77QcUoxPhudWf8cSklz9jxOFBz41FQzQeRBMHa-b7JanonZVh2U7nWDgTlWoRStLeKBnUawyZ9VtJ0rvMiTdlS-zf5vLJnAFTQLqj3RYVI4lnPWvqBrOK/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00216.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpHv0s78ssGmIIrXk6aqoNiQR77QcUoxPhudWf8cSklz9jxOFBz41FQzQeRBMHa-b7JanonZVh2U7nWDgTlWoRStLeKBnUawyZ9VtJ0rvMiTdlS-zf5vLJnAFTQLqj3RYVI4lnPWvqBrOK/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00216.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjCtxYkDsBrYN9z3pnyTre286OpH1LOhGdp9Vs7kBl5PKmHnfZ6v6s6czK6RQtOCQz8zwQZszhTwIdqoIaw5RNhVUz6vjATXvyBMJ_5i6bYjtGJlKT-HOSmwTiS8PkupiH_CQeJyqBwMH1C/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00217.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjCtxYkDsBrYN9z3pnyTre286OpH1LOhGdp9Vs7kBl5PKmHnfZ6v6s6czK6RQtOCQz8zwQZszhTwIdqoIaw5RNhVUz6vjATXvyBMJ_5i6bYjtGJlKT-HOSmwTiS8PkupiH_CQeJyqBwMH1C/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00217.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfUWWDF9BnA0AoiCZyWjaoUI6fkIa7rhoKGP_so7MYFUMd3WhoonxTafCdhi0Hsj3Gt2PBfT-iA2hLc68zNkTx2-Xf3OQLgStI9OM8j4lF-WvUoV3vWDqZaxFM6x1dZIp7_nDJkgDxwQPN/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00218.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfUWWDF9BnA0AoiCZyWjaoUI6fkIa7rhoKGP_so7MYFUMd3WhoonxTafCdhi0Hsj3Gt2PBfT-iA2hLc68zNkTx2-Xf3OQLgStI9OM8j4lF-WvUoV3vWDqZaxFM6x1dZIp7_nDJkgDxwQPN/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00218.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjClOYgwrnmQx8eWFjDkDd1NPOif2NiafV5qODlUXd-gY4Z8oxU9Php2Ud6hwarKiWwh9-HpZpu_xAZlsxmk36ztn70R-x_irqHhRP4fSyGTaJpGqOFJfPg7kBacSqJcgbWXgC1JKigZjo/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00219.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjClOYgwrnmQx8eWFjDkDd1NPOif2NiafV5qODlUXd-gY4Z8oxU9Php2Ud6hwarKiWwh9-HpZpu_xAZlsxmk36ztn70R-x_irqHhRP4fSyGTaJpGqOFJfPg7kBacSqJcgbWXgC1JKigZjo/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00219.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiCoE6KUkO_IiySpryQqHnaim7F7aSZZcRIcNOLHfcWfK_GCEPDufpvgaViKHM132gJerOyDieWW-R7G4aTSnI8mnCwngy1RR39h8ZL3Iqq-z-y8yew8ZiXZEnomr8DMDYJ5knuWcFBolir/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00220.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiCoE6KUkO_IiySpryQqHnaim7F7aSZZcRIcNOLHfcWfK_GCEPDufpvgaViKHM132gJerOyDieWW-R7G4aTSnI8mnCwngy1RR39h8ZL3Iqq-z-y8yew8ZiXZEnomr8DMDYJ5knuWcFBolir/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00220.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQZp8iiTsHS3DlqKCk9lpp1Zsk78wIMRDl8rqXryT_H1cEX7N-KD-JwL-LU4wzrn7aXx5xtzpLQCpwSCGbGWyl3GwAgjtSyvQzt_83IEFR3vqJKpILBc-GEL5R3gIvIfROdc6air4OY_Wn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00221.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQZp8iiTsHS3DlqKCk9lpp1Zsk78wIMRDl8rqXryT_H1cEX7N-KD-JwL-LU4wzrn7aXx5xtzpLQCpwSCGbGWyl3GwAgjtSyvQzt_83IEFR3vqJKpILBc-GEL5R3gIvIfROdc6air4OY_Wn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00221.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCpBgKscbl6RkrOAAE3tiv3w4YFg7ZRPZNzFLcAEq4btXr7mFVlpFzjGXqkN5l2g1LXtbcVBJ0lLb5xDv07NYf-HMYEKHpG6ABsE5-NQgOxokkYgFaXjHGoQ8JibGwj2cWFtHcT4qL5Q1M/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00222.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCpBgKscbl6RkrOAAE3tiv3w4YFg7ZRPZNzFLcAEq4btXr7mFVlpFzjGXqkN5l2g1LXtbcVBJ0lLb5xDv07NYf-HMYEKHpG6ABsE5-NQgOxokkYgFaXjHGoQ8JibGwj2cWFtHcT4qL5Q1M/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00222.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg5DxauJ44keBHdrxvdAK0JCWKO2dcoGqzu5cLZc5mAAPzwr2iKt7nKtetXqL3B3vFRMl80NhADd32x704yHTfspB8NgBIJsB2miMsOdhgslmKKcB-ut6SBv10wKYgUR_5D88eWUFryrtWR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00223.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg5DxauJ44keBHdrxvdAK0JCWKO2dcoGqzu5cLZc5mAAPzwr2iKt7nKtetXqL3B3vFRMl80NhADd32x704yHTfspB8NgBIJsB2miMsOdhgslmKKcB-ut6SBv10wKYgUR_5D88eWUFryrtWR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00223.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiERBWOodO18EN-3IhCsLaFjxBwq6Fk0wzVD0KmOqIoDVnKnUeeLTk90CvQbxdDvudG7kEZPUpLIlzRJFZfMrHBpMjYzZ5i_wjoFlBrzLAWRlNa3HPbI1KXQUqMdKmVX55SYgYovwJTo_kQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00224.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiERBWOodO18EN-3IhCsLaFjxBwq6Fk0wzVD0KmOqIoDVnKnUeeLTk90CvQbxdDvudG7kEZPUpLIlzRJFZfMrHBpMjYzZ5i_wjoFlBrzLAWRlNa3HPbI1KXQUqMdKmVX55SYgYovwJTo_kQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00224.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF7FFZMOQbGKCcUn53hUL_XjWGhtIE4Ec_wQrXvHsdagl66TLOGagARhWmAf_bg1J8Xd2U92zg4w-iH1bZSz3J-fOc-T5LD-i7wbOk3JrJre0ICpel2ycta4Xt46KSF-iv-d8zKawqlT2K/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00225.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF7FFZMOQbGKCcUn53hUL_XjWGhtIE4Ec_wQrXvHsdagl66TLOGagARhWmAf_bg1J8Xd2U92zg4w-iH1bZSz3J-fOc-T5LD-i7wbOk3JrJre0ICpel2ycta4Xt46KSF-iv-d8zKawqlT2K/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00225.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPT0QN7hQvyjba5WBsqIVeC-625gS1sOh9YFRBSA6LzMq7MFR2eDkfLy52mx_gPVfIqTv3YS5Fkjp4vHAwi1wnEBm88s8jQVMzTBtzfdxkZjx6BSHBLTNO4v-jw_um5g6Sr4q714U36ldD/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00226.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPT0QN7hQvyjba5WBsqIVeC-625gS1sOh9YFRBSA6LzMq7MFR2eDkfLy52mx_gPVfIqTv3YS5Fkjp4vHAwi1wnEBm88s8jQVMzTBtzfdxkZjx6BSHBLTNO4v-jw_um5g6Sr4q714U36ldD/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00226.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMs7f4Up5DmmI64ZrSk_ruabBzmJAoJpxoPHEQF853Dah5bzBn5usP7XMy3khdR3icBLbOGoA5cDznqDR3FAqMPfyjDa2JQ5s-0F-5VavOvuLKhyMHdpJ1cIqI_aEHVmaAqGafyJOjPvJn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00227.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMs7f4Up5DmmI64ZrSk_ruabBzmJAoJpxoPHEQF853Dah5bzBn5usP7XMy3khdR3icBLbOGoA5cDznqDR3FAqMPfyjDa2JQ5s-0F-5VavOvuLKhyMHdpJ1cIqI_aEHVmaAqGafyJOjPvJn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00227.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWIhYnUAtFxGdMM9xYnlzpiqNxlzDj_irsY7JF0A_YCRYXrxj6E4ZDfRyrlPjVqlQxfknRDVQY6Vqxh_8KUhdPLKE4gbNHQG0zKY2QPXSCOtWD10g0gZoeRAlIcXS9omz3fqcUwEqurdR3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00228.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWIhYnUAtFxGdMM9xYnlzpiqNxlzDj_irsY7JF0A_YCRYXrxj6E4ZDfRyrlPjVqlQxfknRDVQY6Vqxh_8KUhdPLKE4gbNHQG0zKY2QPXSCOtWD10g0gZoeRAlIcXS9omz3fqcUwEqurdR3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00228.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj56rzftSDR1YqqwWlJuzUg5OFIqJ3oWelIsZno-FUa4dxDoo46lvvVmA7wVQPJkGvx2jHiKLGSaUJjmK22QrUHWxDvhTZVPR8y3jjmS2sezYJEHVEe3SDb1OFtzuBNhlYtYtZJkVr2MW-S/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00229.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj56rzftSDR1YqqwWlJuzUg5OFIqJ3oWelIsZno-FUa4dxDoo46lvvVmA7wVQPJkGvx2jHiKLGSaUJjmK22QrUHWxDvhTZVPR8y3jjmS2sezYJEHVEe3SDb1OFtzuBNhlYtYtZJkVr2MW-S/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00229.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhhamfFtVdNmgTfcKRtuqFgAjbNOxDc0F2dvD1GJHLYyEapFSpqqRNpLfw9Sjw-rFLrcy-MzW-zOi5BJa8dduTp9DDVY7TTGh_wjFHq7QvVHQ8gsH-ZFCDdHeqV9OAwbQJsDAu8_PiKeiXC/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00230.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhhamfFtVdNmgTfcKRtuqFgAjbNOxDc0F2dvD1GJHLYyEapFSpqqRNpLfw9Sjw-rFLrcy-MzW-zOi5BJa8dduTp9DDVY7TTGh_wjFHq7QvVHQ8gsH-ZFCDdHeqV9OAwbQJsDAu8_PiKeiXC/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00230.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEju8PUiP_k0cjE8Z1BZxRPuXIKOelfnlaBKdwSO1M3jxTqthvNrhNA_3M-AsBhe2-qCtqsGIKkmXU2yhBOFMOsqRTlzjoFqxyC8icG_Ks1NsqSHKFuy6dTU1xIgkznhtAV-VNK8pTahlzYL/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00231.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEju8PUiP_k0cjE8Z1BZxRPuXIKOelfnlaBKdwSO1M3jxTqthvNrhNA_3M-AsBhe2-qCtqsGIKkmXU2yhBOFMOsqRTlzjoFqxyC8icG_Ks1NsqSHKFuy6dTU1xIgkznhtAV-VNK8pTahlzYL/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00231.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0IBcs4zs5gh1fzOHEK7_gSxyRbfoYd0VSqTs1N_O_Oq-KJeXw-L-kFBz6JOlhKyjomi9yjOkb667p99eLlfV9EfhEByxIs0htTHS9Yg-gk8bWfJ21bTeIavQQ-fjk73e_k93JiVytDRew/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00232.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0IBcs4zs5gh1fzOHEK7_gSxyRbfoYd0VSqTs1N_O_Oq-KJeXw-L-kFBz6JOlhKyjomi9yjOkb667p99eLlfV9EfhEByxIs0htTHS9Yg-gk8bWfJ21bTeIavQQ-fjk73e_k93JiVytDRew/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00232.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi2yvZ6UfmTWbtJj_JCpRfsb-8PL0SqXnOZspEKQmGul43WM2P2muNzAl-bQR5ZNgOg2veToRF6p6A9s4WFX3_BctlySSGjMu1KQEkHRRgDehd-RCcaQzSdNv_6EIlB8uL0oYOIKr9T7yub/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00233.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi2yvZ6UfmTWbtJj_JCpRfsb-8PL0SqXnOZspEKQmGul43WM2P2muNzAl-bQR5ZNgOg2veToRF6p6A9s4WFX3_BctlySSGjMu1KQEkHRRgDehd-RCcaQzSdNv_6EIlB8uL0oYOIKr9T7yub/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00233.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiC3clIIFjsu_gu-mYD6Z1eAXEba_mAJBgXkScwIxlyvrd-LXGuDUb2F5_TUdlMFXgOfxqLyID5BE5qZYeLOz-1eg3sb7d7YaCX8qvtlOEmdvZ-1KblMLfy4GqhrjdWXwx3n5q7agyW6wKV/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00234.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiC3clIIFjsu_gu-mYD6Z1eAXEba_mAJBgXkScwIxlyvrd-LXGuDUb2F5_TUdlMFXgOfxqLyID5BE5qZYeLOz-1eg3sb7d7YaCX8qvtlOEmdvZ-1KblMLfy4GqhrjdWXwx3n5q7agyW6wKV/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00234.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnI_pv7vIhkKT5X1orjgU9glp1If96cFV9Xx-25Akm_SQAXsYHRRgsKh99PWffvg6uQgpi2CPDEEvPpWuX2O4715jXJFNz50DgrONYYwRIOoZTw2kexgsAwdaluMMkvE70eF0TW5GetBpI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00235.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnI_pv7vIhkKT5X1orjgU9glp1If96cFV9Xx-25Akm_SQAXsYHRRgsKh99PWffvg6uQgpi2CPDEEvPpWuX2O4715jXJFNz50DgrONYYwRIOoZTw2kexgsAwdaluMMkvE70eF0TW5GetBpI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00235.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj3GeF7mKBvC72JjM6Rvx0nxevWprk0c3ZOztL1VbQoSV1hAvCGYIwhDWoz7atbcO6DyRcT8O4vTUb504mjZm01nRuOJbj1bTpgP21i3eu6wcEbeD4giFspp7HCWNx9X6d5W_H1__lC1JSi/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00236.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj3GeF7mKBvC72JjM6Rvx0nxevWprk0c3ZOztL1VbQoSV1hAvCGYIwhDWoz7atbcO6DyRcT8O4vTUb504mjZm01nRuOJbj1bTpgP21i3eu6wcEbeD4giFspp7HCWNx9X6d5W_H1__lC1JSi/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00236.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4zSILYLKi96hUYqO67x-z8ZriZRHLBYlljBw5gT3BdCms7snwFan2me77oDxN1hhkY5077Jvjo80ahwufCSLhLzpcR-bpbCcb2zDbNRgNl39pMnBbvoOd-3UhCctVA0GLFXRHOB8hd8SF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00237.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi4zSILYLKi96hUYqO67x-z8ZriZRHLBYlljBw5gT3BdCms7snwFan2me77oDxN1hhkY5077Jvjo80ahwufCSLhLzpcR-bpbCcb2zDbNRgNl39pMnBbvoOd-3UhCctVA0GLFXRHOB8hd8SF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00237.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6FfcLmYUOfSVRVchEi7_YIGw-79l9ir5dG2xjbxaaQnV5iepbzyekZtQcgjiDq2Eq8pV0iM5mQ-sItZjMHtQhyphenhyphenr-ftHKWM30E4xY98qtGvQeQp8Ctr2M2evkpRk8VbJHnNhEmD5cLwV73/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00238.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6FfcLmYUOfSVRVchEi7_YIGw-79l9ir5dG2xjbxaaQnV5iepbzyekZtQcgjiDq2Eq8pV0iM5mQ-sItZjMHtQhyphenhyphenr-ftHKWM30E4xY98qtGvQeQp8Ctr2M2evkpRk8VbJHnNhEmD5cLwV73/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00238.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgk7MIBLF7TxiP_shXSyIs6CyvADQwh3f5Vmh-PQzB-5tBSDb1uA1uv4T0dxYUwpcTDYHEGJUu0Gel7A42KxCVvHhC01Y4SJMVjSj_6ZG8Nf00QDaMiVvKe3FiEtqzKpyCYaHRUtiN2hAYE/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00239.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgk7MIBLF7TxiP_shXSyIs6CyvADQwh3f5Vmh-PQzB-5tBSDb1uA1uv4T0dxYUwpcTDYHEGJUu0Gel7A42KxCVvHhC01Y4SJMVjSj_6ZG8Nf00QDaMiVvKe3FiEtqzKpyCYaHRUtiN2hAYE/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00239.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWnjZ8UAl5PWHvebKtKX38re5Qk8c8NvJytbC7UL-WqLUdDtadU25WyEfgSMEoGmv2fCCCtJtV4Ml6Z2l-SsHcdtVNFuA8tzygt6ZGjWx8NDgTTbZO-IIh1vWwS8SzWcV29mCFoSAnmCqC/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00240.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWnjZ8UAl5PWHvebKtKX38re5Qk8c8NvJytbC7UL-WqLUdDtadU25WyEfgSMEoGmv2fCCCtJtV4Ml6Z2l-SsHcdtVNFuA8tzygt6ZGjWx8NDgTTbZO-IIh1vWwS8SzWcV29mCFoSAnmCqC/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00240.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzVNIvkChyphenhyphenckTW6qhWFD3lv3tLAiiD0jlxK7vPuU2MMxEDSVVtoy7RCjn0qBFwTZiwx4KMAUrwWV9XM0dUmT9cCdmqUUnRTWPzAhYGLfIF7Mqi-5gz7Uscuh_ppI5S_OR3wApoIbV9qncV/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00241.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzVNIvkChyphenhyphenckTW6qhWFD3lv3tLAiiD0jlxK7vPuU2MMxEDSVVtoy7RCjn0qBFwTZiwx4KMAUrwWV9XM0dUmT9cCdmqUUnRTWPzAhYGLfIF7Mqi-5gz7Uscuh_ppI5S_OR3wApoIbV9qncV/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00241.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgztXEOpeBWGLLn4EVab1BnF7FDmewlcGc63y-5acX4KAWoik_WL9Gnu-Q0q0FI2n_yDiRFtt86ZXuBiIdrtjFfBw1iw3x5iKTzBdS-P3LozQo2LcedSBt5QPNX2g0Hd2ZUoI7xBtZeD5zg/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00242.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgztXEOpeBWGLLn4EVab1BnF7FDmewlcGc63y-5acX4KAWoik_WL9Gnu-Q0q0FI2n_yDiRFtt86ZXuBiIdrtjFfBw1iw3x5iKTzBdS-P3LozQo2LcedSBt5QPNX2g0Hd2ZUoI7xBtZeD5zg/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00242.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgw5dChiMm9Am9Qwn6QRufnWGPzfHAhwlPDiuOSHd5QTqGOO9woHxrVhxx4FYMnLH1sttEKXpIbbnSNi4XjUnV1yj7TrseR2UfHCDHYOR0mlscNqNM-kFVyJGlvL9fOxekizGf9r3nDqQLr/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00243.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgw5dChiMm9Am9Qwn6QRufnWGPzfHAhwlPDiuOSHd5QTqGOO9woHxrVhxx4FYMnLH1sttEKXpIbbnSNi4XjUnV1yj7TrseR2UfHCDHYOR0mlscNqNM-kFVyJGlvL9fOxekizGf9r3nDqQLr/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00243.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjaIV1FfBp6qUPhmNkDnTvD0VOBYR-PwA_JnGG0k4E-p9vqlI3OMhKnNIlbK1pJDZILPYnzT2E98MsRWJP6PiPsFjMkuSHaf5ItQnc2qRu5GYw_RWvrCZJiBuWOy5ulEkXWvhm9CGUbv1g/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00244.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjaIV1FfBp6qUPhmNkDnTvD0VOBYR-PwA_JnGG0k4E-p9vqlI3OMhKnNIlbK1pJDZILPYnzT2E98MsRWJP6PiPsFjMkuSHaf5ItQnc2qRu5GYw_RWvrCZJiBuWOy5ulEkXWvhm9CGUbv1g/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00244.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEinF2QeHAIs4sDWn3LqIFEU1vI0zNqv8YkuzxvJNweIa29qc4mxjcAyocj_O_KpR7vYWHtpjN5R9JyUVSVeEFDjKoMoPS5DiMb8ArnV7vAs7z0B6lMBFKylgc3mJTz7LN9jmvDDp69g5MgT/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00245.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEinF2QeHAIs4sDWn3LqIFEU1vI0zNqv8YkuzxvJNweIa29qc4mxjcAyocj_O_KpR7vYWHtpjN5R9JyUVSVeEFDjKoMoPS5DiMb8ArnV7vAs7z0B6lMBFKylgc3mJTz7LN9jmvDDp69g5MgT/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00245.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTCJPNKu-GrmdDa7iT34JB09ekmToznonBTYTW-DYqdfDGhMZokB9qcvzbLoJIWLdqQ5rUOlFsT83SdgevONHHpo48fpKIngtsLU_bQH1XzhA-z2FA-8bSFlM08dwDpL9mJEUzr2TkujLV/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00246.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTCJPNKu-GrmdDa7iT34JB09ekmToznonBTYTW-DYqdfDGhMZokB9qcvzbLoJIWLdqQ5rUOlFsT83SdgevONHHpo48fpKIngtsLU_bQH1XzhA-z2FA-8bSFlM08dwDpL9mJEUzr2TkujLV/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00246.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjWzbTF_e6HvUXuVEvD3nvliswN0OJsYuDdQdoszVPwUV7JfbXbd9aBtMaAqm0-d8Tm_SDzXg5HUm_D6jqklVwGG-BtZAlPyAwOvOKJEMruVot1FgWGQxRctplk5Q6nrOfsybu0hnq0TAGF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00247.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjWzbTF_e6HvUXuVEvD3nvliswN0OJsYuDdQdoszVPwUV7JfbXbd9aBtMaAqm0-d8Tm_SDzXg5HUm_D6jqklVwGG-BtZAlPyAwOvOKJEMruVot1FgWGQxRctplk5Q6nrOfsybu0hnq0TAGF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00247.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwqzKTJoXG-kay-GmM5NgVdq-TAasVrfBhcxtKJYeKWbRjkss6sEZwf2Nto0OzPUE6f5if71q2hgBkc-JWMKCsoANI3PD_OeSEmVdDmIIN5F0_emziJpL9QPzv51tQxtxyk1_PLtcl4vdQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00248.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwqzKTJoXG-kay-GmM5NgVdq-TAasVrfBhcxtKJYeKWbRjkss6sEZwf2Nto0OzPUE6f5if71q2hgBkc-JWMKCsoANI3PD_OeSEmVdDmIIN5F0_emziJpL9QPzv51tQxtxyk1_PLtcl4vdQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00248.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgVoZZA0YKaAoW2e_enSqtLx25q-Y6tsznZI0TefMud8FD-AunVnTheMMbGk4Rv2O4MEfyueq6_5TJG9dkt_eSEPvDS5hRxypIsCWr_3nzy0etahz_9GSb9Y6Wfs-JNfCQiXO7Xdps5DDRX/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00249.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgVoZZA0YKaAoW2e_enSqtLx25q-Y6tsznZI0TefMud8FD-AunVnTheMMbGk4Rv2O4MEfyueq6_5TJG9dkt_eSEPvDS5hRxypIsCWr_3nzy0etahz_9GSb9Y6Wfs-JNfCQiXO7Xdps5DDRX/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00249.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcU-kHozO0sM4VGV4L71yNrKiQOCfOY_vSM0bQAa9hURtEhqe4v809Hc1CRAQ4EbLyYZrM_vhGU6ISlf1oTKdaWk7NNCBPRzW2oe88rHQtRfBwwP0k-WQ7Ri_lCpkjCZiR2mO4ykR6viwj/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00250.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcU-kHozO0sM4VGV4L71yNrKiQOCfOY_vSM0bQAa9hURtEhqe4v809Hc1CRAQ4EbLyYZrM_vhGU6ISlf1oTKdaWk7NNCBPRzW2oe88rHQtRfBwwP0k-WQ7Ri_lCpkjCZiR2mO4ykR6viwj/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00250.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjz0_V8udWf-3odRzAI0_TppgAjR5tHH3uZRhlJPyCla0qj_RICg7dC8c5p9W777NFK__UP_lf_HmdEySeFJhJsNx39SFD3wXr7XmtZ1E55v8qF7L17N0uWnHIVicyqwCkFLjWqJrVYsPcj/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00251.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjz0_V8udWf-3odRzAI0_TppgAjR5tHH3uZRhlJPyCla0qj_RICg7dC8c5p9W777NFK__UP_lf_HmdEySeFJhJsNx39SFD3wXr7XmtZ1E55v8qF7L17N0uWnHIVicyqwCkFLjWqJrVYsPcj/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00251.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJ0sZdVGOlwhV55W5uasSdmczKDrYIp74fxAICVRms8oE1qcTnAQ-CwcKRxrnOZkQij5rWRyRrY-NTm2Ufw4JUNtPBFaE5A3va9X22zxCDSCgicVhl17ploua31UIZGcCQWP2u0CBW2ePp/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00252.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJ0sZdVGOlwhV55W5uasSdmczKDrYIp74fxAICVRms8oE1qcTnAQ-CwcKRxrnOZkQij5rWRyRrY-NTm2Ufw4JUNtPBFaE5A3va9X22zxCDSCgicVhl17ploua31UIZGcCQWP2u0CBW2ePp/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00252.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgIum1mcpKWBaVSybkTwxjgvyG2cm4WxA1kVWlcx1VH9bV7jIElFeF68ZZGy9hPcxoLtNkjkPABjPpN23pnUDuPnjQxrnxoCcFRGBne6KMRxDL5m1VNbtUFDNv8hy8oniFyjAzxpnoYsjfH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00253.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgIum1mcpKWBaVSybkTwxjgvyG2cm4WxA1kVWlcx1VH9bV7jIElFeF68ZZGy9hPcxoLtNkjkPABjPpN23pnUDuPnjQxrnxoCcFRGBne6KMRxDL5m1VNbtUFDNv8hy8oniFyjAzxpnoYsjfH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00253.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi6keYQ_QgoQI3-LIFhLDJI0DOMPD6XQ8Cx3qq7r5Hf_MW8tbuLz81Q4wep71X6_wU3LDamdpE3E0K4Ula8YnjQOnDcjtWcX_cBPaAPvxGdhahkMS9N68cI_kvzrpzExIwNPC96EU0cPWl6/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00254.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi6keYQ_QgoQI3-LIFhLDJI0DOMPD6XQ8Cx3qq7r5Hf_MW8tbuLz81Q4wep71X6_wU3LDamdpE3E0K4Ula8YnjQOnDcjtWcX_cBPaAPvxGdhahkMS9N68cI_kvzrpzExIwNPC96EU0cPWl6/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00254.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiqAHLVyRqFsUbO4kwlZgxlh-Gndzb0pDNPo589o1ogV___KeY84-ebJwf-jWQTDQCgpC7ZO0M9x0SnltUvJFHcwRZK1xCQUII3ZgkA4OH4QbG9001ySHggD4Qwzceruj_qZKN_9MWKMreo/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00255.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiqAHLVyRqFsUbO4kwlZgxlh-Gndzb0pDNPo589o1ogV___KeY84-ebJwf-jWQTDQCgpC7ZO0M9x0SnltUvJFHcwRZK1xCQUII3ZgkA4OH4QbG9001ySHggD4Qwzceruj_qZKN_9MWKMreo/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00255.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj_tvgfiCOnDNbgPEvYo_n91PcOLQUE2zyRjWEV1SALVrticKuyVQKXBOEzMvvk009epwFZXc0FQpSp-DuBr1eFgqz-B6Nbh6kU8OgFix07hXxG7KtzCjH9dIpKsmfYKKzQ5fRDSy5sdyR6/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00256.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj_tvgfiCOnDNbgPEvYo_n91PcOLQUE2zyRjWEV1SALVrticKuyVQKXBOEzMvvk009epwFZXc0FQpSp-DuBr1eFgqz-B6Nbh6kU8OgFix07hXxG7KtzCjH9dIpKsmfYKKzQ5fRDSy5sdyR6/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00256.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtsntzAvKseEWvT8mZRzYzdl0JtuNRRCHy7ViDrK5fj6lnCAwmISr5mzZ-bc7IIsqfeP-KcJ_nN4ek2JFWvGu0I4yUnkv6rkAeUMchx6m8klYf22XeesvQlrDmaDTh3KJIYe7kTNNS15nE/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00257.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtsntzAvKseEWvT8mZRzYzdl0JtuNRRCHy7ViDrK5fj6lnCAwmISr5mzZ-bc7IIsqfeP-KcJ_nN4ek2JFWvGu0I4yUnkv6rkAeUMchx6m8klYf22XeesvQlrDmaDTh3KJIYe7kTNNS15nE/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00257.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhmboTBUbzjDU3SLvvcjnqomQesibU1bOYU3uHCSPzTE1dwThxEkiTpw2ltQNwnBHO_chIFTRu7vIpjLjGQXYUacgR6awSgqEi4xa5-4Eawxehd_rYukfOyVOsgGSiHJqAQRscEc7bnXz5y/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00258.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhmboTBUbzjDU3SLvvcjnqomQesibU1bOYU3uHCSPzTE1dwThxEkiTpw2ltQNwnBHO_chIFTRu7vIpjLjGQXYUacgR6awSgqEi4xa5-4Eawxehd_rYukfOyVOsgGSiHJqAQRscEc7bnXz5y/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00258.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDK9t3O1LuZoRfW2Y_UvQD9Xx2an4r_GKKj5tEwxHJ7QtJ4QvEarsuH2qB120dKj45Pi2M1KKujK2LcWyx3PJ473cxIkl9RiSFmLAe2kHB_M6-ig0aTgPi68IBKeAzO1L-UhisOz8sKDVr/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00259.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDK9t3O1LuZoRfW2Y_UvQD9Xx2an4r_GKKj5tEwxHJ7QtJ4QvEarsuH2qB120dKj45Pi2M1KKujK2LcWyx3PJ473cxIkl9RiSFmLAe2kHB_M6-ig0aTgPi68IBKeAzO1L-UhisOz8sKDVr/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00259.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvHou8cMrFmfHfWxr8F3E6mqO0ueaLAeKIcXN3RIa2KcnQ0AFzRAyRvGY2uVMwf0Yb5hRXIT3UIrTwcunuvRhe1LF3E0rP1l7wetTuN6ooYo9RiuvZ6O-C-bYCDfEftisB8Jq4TohL3la5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00260.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvHou8cMrFmfHfWxr8F3E6mqO0ueaLAeKIcXN3RIa2KcnQ0AFzRAyRvGY2uVMwf0Yb5hRXIT3UIrTwcunuvRhe1LF3E0rP1l7wetTuN6ooYo9RiuvZ6O-C-bYCDfEftisB8Jq4TohL3la5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00260.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDVdm3BhyphenhyphensONZiymyl26JgNisJfgyGhjAHr_LX9fwim8vCTUKV7Hxc3QcGDf1rj8PeBWjwo0Ii2E8J52pwfScmvLTce0qNXHCgnkO2QCSW6mOhn4W9LnY_QZTE36ata6h6qh0cqGgIfUMR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00261.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDVdm3BhyphenhyphensONZiymyl26JgNisJfgyGhjAHr_LX9fwim8vCTUKV7Hxc3QcGDf1rj8PeBWjwo0Ii2E8J52pwfScmvLTce0qNXHCgnkO2QCSW6mOhn4W9LnY_QZTE36ata6h6qh0cqGgIfUMR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00261.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjEwHBs2iDtnksCWKoiFannl1qua2pWO_wXjaaz4tB9TKlkPXU-uS7eTrp3cHWUH4JFV7C8rCYwjZ10V8m28gFLVRA7fL6QVWI8hJ7vabjcQ1Od1zFxHWrNBJzbjtZTNaHFzV_ly42Bnq7F/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00262.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjEwHBs2iDtnksCWKoiFannl1qua2pWO_wXjaaz4tB9TKlkPXU-uS7eTrp3cHWUH4JFV7C8rCYwjZ10V8m28gFLVRA7fL6QVWI8hJ7vabjcQ1Od1zFxHWrNBJzbjtZTNaHFzV_ly42Bnq7F/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00262.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUS2V15V4BE9Qh2C1HwQ48mFBeYqfpMHos52HQE2Gp18SqV1A6ChzF5C2_YU-Q2kG9tkZrw5qJZW2Jn1SMGd0PgTfFNGm0NroQ3ENDtG6iazZEbAPp-bKxCN3BwUH5LNHXOLaidturCk9h/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00263.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUS2V15V4BE9Qh2C1HwQ48mFBeYqfpMHos52HQE2Gp18SqV1A6ChzF5C2_YU-Q2kG9tkZrw5qJZW2Jn1SMGd0PgTfFNGm0NroQ3ENDtG6iazZEbAPp-bKxCN3BwUH5LNHXOLaidturCk9h/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00263.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEijMtqkU2qf7W_o1YlzJT_Yl8H7mEfEnoxyWxGSs4ZNMnr4t7CwWLcFZYULCT0CD6mFe4bBZ2qxAJU60vjRi63E3u49NUQwXqAvRdvVVNFYvDqIIqhKEjdPT8-eMm4ZYXnEYmqcvHKGExpt/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00264.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEijMtqkU2qf7W_o1YlzJT_Yl8H7mEfEnoxyWxGSs4ZNMnr4t7CwWLcFZYULCT0CD6mFe4bBZ2qxAJU60vjRi63E3u49NUQwXqAvRdvVVNFYvDqIIqhKEjdPT8-eMm4ZYXnEYmqcvHKGExpt/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00264.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjx0SlorOKNv7JieYvbzSulDF1yaHGthHKCb73ZxeDDs2T79EkkDUABekpaCjz94T2vU3ZoBYd_MfbQeITP-WsJyAXCeBF2UvnJ50uI4WRrPrN0bQudD-L1DOAF3O0yMPYHMbziOf5K_AU1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00265.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjx0SlorOKNv7JieYvbzSulDF1yaHGthHKCb73ZxeDDs2T79EkkDUABekpaCjz94T2vU3ZoBYd_MfbQeITP-WsJyAXCeBF2UvnJ50uI4WRrPrN0bQudD-L1DOAF3O0yMPYHMbziOf5K_AU1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00265.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjsIISRcZWGCK0dKxO6doVMtn1Nu6XpfNdEULXOSMEYp_n7dIh7Fpn6NsECUoEdIOX0QYt93etnu-ay-QuD1Qu8_2MwbS9idvjFFKQKyDhrQdoFgN66qo-tiGrL85o1qw5bC4-qArCnGkTf/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00266.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjsIISRcZWGCK0dKxO6doVMtn1Nu6XpfNdEULXOSMEYp_n7dIh7Fpn6NsECUoEdIOX0QYt93etnu-ay-QuD1Qu8_2MwbS9idvjFFKQKyDhrQdoFgN66qo-tiGrL85o1qw5bC4-qArCnGkTf/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00266.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEin7UvmMe9W-HqCHTFCOltOS_dcXkFdt39U1rPkFP3MV9VRYyQH4jUfCxjhF9qONGbBZUWHKVSkNhF_F96XpkOK_tKWpGyZ1OvzFa9Jy-b8MsEHStY2Q2XG_1KPuvIvtmzSgzFPRa_b-WLR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00267.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEin7UvmMe9W-HqCHTFCOltOS_dcXkFdt39U1rPkFP3MV9VRYyQH4jUfCxjhF9qONGbBZUWHKVSkNhF_F96XpkOK_tKWpGyZ1OvzFa9Jy-b8MsEHStY2Q2XG_1KPuvIvtmzSgzFPRa_b-WLR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00267.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh2ozfP5RrD02DLXjqYgz9TN8AmJ26llm4WppKc8hueGBCNkg_ONeleC1Vxi6q5RY572X9FuGo0zSO5ETevEPcjwiJ84wboYuqDL1EYMIRlgCNq9f8Feh3yVjcJQWhAxg3pW6M9Tyj9txIB/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00268.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh2ozfP5RrD02DLXjqYgz9TN8AmJ26llm4WppKc8hueGBCNkg_ONeleC1Vxi6q5RY572X9FuGo0zSO5ETevEPcjwiJ84wboYuqDL1EYMIRlgCNq9f8Feh3yVjcJQWhAxg3pW6M9Tyj9txIB/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00268.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhj4jPoEHgngR6bxXJ8lxUGC4R6qPloIHtjvYcsAJzZrAKlGb5Vumj19nryPpvjE3i8zTHVkFmAazmKjUF2dmyy8-l_q69FLcIM1Sshj818lNBebIW23dEXgKDO0K5bXyGZgJNOypslh_Em/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00269.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhj4jPoEHgngR6bxXJ8lxUGC4R6qPloIHtjvYcsAJzZrAKlGb5Vumj19nryPpvjE3i8zTHVkFmAazmKjUF2dmyy8-l_q69FLcIM1Sshj818lNBebIW23dEXgKDO0K5bXyGZgJNOypslh_Em/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00269.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhv-xQ56yetxm8nQI7XP1cbc8DVihFXhhYUUi8ILdqXVhHJZnlKERPzeaEa0cChHSJLmACxn123J8Fk6tQQSiDwG5CbKMC3KIECmkJGKFwbiWE2dPGipclbOQQTpUPO3DOBW_ZnjuHdJAuh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00270.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhv-xQ56yetxm8nQI7XP1cbc8DVihFXhhYUUi8ILdqXVhHJZnlKERPzeaEa0cChHSJLmACxn123J8Fk6tQQSiDwG5CbKMC3KIECmkJGKFwbiWE2dPGipclbOQQTpUPO3DOBW_ZnjuHdJAuh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00270.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEio5IjaJSqwXEMIRHnfO6yIw9Ua-EQ9MjuNFDJdbCBxLIZSZLIp9vLVaSRairYjRKlrdnGzl6tpYxvqm3yxjy01Dxa2N8XX5rzxenVF20pdHwCF8Xsia_9rmGWGr4GZ-s1EloBnHjziS-39/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00271.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEio5IjaJSqwXEMIRHnfO6yIw9Ua-EQ9MjuNFDJdbCBxLIZSZLIp9vLVaSRairYjRKlrdnGzl6tpYxvqm3yxjy01Dxa2N8XX5rzxenVF20pdHwCF8Xsia_9rmGWGr4GZ-s1EloBnHjziS-39/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00271.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhGXQCK9tiVhmj3AIVWPoe66SG8S9XdToXABo2ZMtoadRV4L5FPNeP_EUmxMGQTjLBntEd0hhWElfTMOH38GXo8xk5_2cKrccPuVTQa5Unw6xIjBRZ1Iep7rHhdWzNdFkMepw5SdkV83Z_0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00272.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhGXQCK9tiVhmj3AIVWPoe66SG8S9XdToXABo2ZMtoadRV4L5FPNeP_EUmxMGQTjLBntEd0hhWElfTMOH38GXo8xk5_2cKrccPuVTQa5Unw6xIjBRZ1Iep7rHhdWzNdFkMepw5SdkV83Z_0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00272.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi3ShmFwmagdfkFqYVcfMwEkaFRCJmKtO7K37HDcdtI0zPD9GR5LaZiEUK7T84-3IJvpv9BdbaJdaGHYY7IH7uiKwNXP9GGianvabSizmjA-FJ17r5qUQ_VKAIW36Rgj0YZskmejtweCUC_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00273.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi3ShmFwmagdfkFqYVcfMwEkaFRCJmKtO7K37HDcdtI0zPD9GR5LaZiEUK7T84-3IJvpv9BdbaJdaGHYY7IH7uiKwNXP9GGianvabSizmjA-FJ17r5qUQ_VKAIW36Rgj0YZskmejtweCUC_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00273.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiBCRGeb9YBEEKZXVU08Q9Ygs2Y9IHvHaR2u1zLpbIOzRubJB8xym2F2_o3nWZH90rvcD08dslyAYUCTFarqbL0nGwkrohPbd3H8oOchR-FripzNXTqZdinpT36S1qnYSixQX050mp3kgcD/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00274.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiBCRGeb9YBEEKZXVU08Q9Ygs2Y9IHvHaR2u1zLpbIOzRubJB8xym2F2_o3nWZH90rvcD08dslyAYUCTFarqbL0nGwkrohPbd3H8oOchR-FripzNXTqZdinpT36S1qnYSixQX050mp3kgcD/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00274.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjEwBbRpIIJZ5fxxKAUILG2dNTPfnskPHc6x61kOL3IgHRlUW0s0FZdFXJt1igVXtV6sspAvs6U8U-vNQUW1xNPiH5x_ObtzRD2c3SBg4JBbmgtE7K0vd1Mg6r4FEc1aitSqh-EV-6R1l4Y/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00275.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjEwBbRpIIJZ5fxxKAUILG2dNTPfnskPHc6x61kOL3IgHRlUW0s0FZdFXJt1igVXtV6sspAvs6U8U-vNQUW1xNPiH5x_ObtzRD2c3SBg4JBbmgtE7K0vd1Mg6r4FEc1aitSqh-EV-6R1l4Y/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00275.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2WCVPg7DxAqpbov-YqrP9ZUqxCXx-q-XsPge8nB7JqDJoW_Y_uEwOGqRu-eS2ZnLsY3cVYhxDCzUDSPSP2FeU5HFCGTLUN9F62ZugX2KDNFyzjt4kRXtXM05aJgG0ZI-xFHCbq2EbXcNB/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00276.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2WCVPg7DxAqpbov-YqrP9ZUqxCXx-q-XsPge8nB7JqDJoW_Y_uEwOGqRu-eS2ZnLsY3cVYhxDCzUDSPSP2FeU5HFCGTLUN9F62ZugX2KDNFyzjt4kRXtXM05aJgG0ZI-xFHCbq2EbXcNB/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00276.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhCPCdhewdDQO-fPLFJ1eIY4sjvy40SatKBEzhTJvJZ6Bg7FL7CQmFetuJ8P-oojRG1WbD1iiEziTiy5q6twhgJTKJFO0uU9lKbQHGpanHDQZDwynTt0eUBhJuBFImxNBS6DtR3IdVZrdgt/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00277.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhCPCdhewdDQO-fPLFJ1eIY4sjvy40SatKBEzhTJvJZ6Bg7FL7CQmFetuJ8P-oojRG1WbD1iiEziTiy5q6twhgJTKJFO0uU9lKbQHGpanHDQZDwynTt0eUBhJuBFImxNBS6DtR3IdVZrdgt/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00277.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRBymzysFHf8CJYMbnXGpCLzARwKHcStqkJKl51CGXD8UTOGPpQFdeyS7zlKZ_e6YkJaacJ0_fr46-QW2p0jbGt3RNwVyocq1pzunJsav1leNL52R-Yk21NDy7RZVfsLEUpfuKXE0XQmQj/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00278.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRBymzysFHf8CJYMbnXGpCLzARwKHcStqkJKl51CGXD8UTOGPpQFdeyS7zlKZ_e6YkJaacJ0_fr46-QW2p0jbGt3RNwVyocq1pzunJsav1leNL52R-Yk21NDy7RZVfsLEUpfuKXE0XQmQj/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00278.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg3zKKPlh493j66NaLurI8V2c4EFEXkP9MKWgPU0jf1QGJkHdIuPhJ1N-LpCW5P7uJrteM17-wOSRbWzwbgeMAR0DYxEio7gSUpDRN-GzNc4xeuRqFTskpHvTt4lWy8jUguVRyHW6Nbzb4o/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00279.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg3zKKPlh493j66NaLurI8V2c4EFEXkP9MKWgPU0jf1QGJkHdIuPhJ1N-LpCW5P7uJrteM17-wOSRbWzwbgeMAR0DYxEio7gSUpDRN-GzNc4xeuRqFTskpHvTt4lWy8jUguVRyHW6Nbzb4o/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00279.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhk_Hv0eZQR_bUglwZtow1iu5t_LmE9I9kwfVGW1aj9L-TyBZ1BixA_t_xzbULVR2PT_syISo8DwVJodLb4B8rGZ1ZAAsi21NbeM0J-_TgZqNQSdxJCSIel9-BYl4vqtQtlpvpw2BMVh2Yh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00280.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhk_Hv0eZQR_bUglwZtow1iu5t_LmE9I9kwfVGW1aj9L-TyBZ1BixA_t_xzbULVR2PT_syISo8DwVJodLb4B8rGZ1ZAAsi21NbeM0J-_TgZqNQSdxJCSIel9-BYl4vqtQtlpvpw2BMVh2Yh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00280.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi9GswHNthTMaNVbqPZoPg9FlbHs8PZnEDz8gJnl6NWPF-1SXZC9b69M3TAx6BZjkMfBZ_Q_H1j8Z0olC4Dm42AeXxAusCws5hQWCedr-1CnvWwMsT17oc94dvD1BY_JbpfnMu84DhRtZO5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00281.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi9GswHNthTMaNVbqPZoPg9FlbHs8PZnEDz8gJnl6NWPF-1SXZC9b69M3TAx6BZjkMfBZ_Q_H1j8Z0olC4Dm42AeXxAusCws5hQWCedr-1CnvWwMsT17oc94dvD1BY_JbpfnMu84DhRtZO5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00281.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgjufcyCzCc0BMdLQafulYHHx7aUhRVdH_arltgo_dBtg3ltwyYySNp0wrCbELLC9yK8r-EvgcsGWS9_bj0zUFGm7HG2N_mWR_37T3DGLCSjXu3YkAxFY5KTkUvgzvpbJxxGXCcmg53Knjz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00282.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgjufcyCzCc0BMdLQafulYHHx7aUhRVdH_arltgo_dBtg3ltwyYySNp0wrCbELLC9yK8r-EvgcsGWS9_bj0zUFGm7HG2N_mWR_37T3DGLCSjXu3YkAxFY5KTkUvgzvpbJxxGXCcmg53Knjz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00282.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhSKuPzR26kC7Rq7Y7qgsF5Ts5VrFynCoSbf7bewxWVh1Dkf2zVr8pjbUcgZ8Zqa68kQwWY2Tpvryc5IeZ9Rc0NfnyY_RLBRtrscr3Xm7mRkVLr0Q4TRAaZBG4tOhpwmHcwFe_PDAk620-/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00283.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhSKuPzR26kC7Rq7Y7qgsF5Ts5VrFynCoSbf7bewxWVh1Dkf2zVr8pjbUcgZ8Zqa68kQwWY2Tpvryc5IeZ9Rc0NfnyY_RLBRtrscr3Xm7mRkVLr0Q4TRAaZBG4tOhpwmHcwFe_PDAk620-/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00283.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfDuOGG3eP1UXj1dF01T9JYY3pkyN1Xq42LhOy_ooNwpJAM7Uhm0IdZWi9jl2NAeyqmbHUoswXgKrVG6i1AHodwq9eSW6mn7ghf9meAlg65yMH7vMN1hqC_Io5e8DXrC_Qd9j72EjBnOUX/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00284.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfDuOGG3eP1UXj1dF01T9JYY3pkyN1Xq42LhOy_ooNwpJAM7Uhm0IdZWi9jl2NAeyqmbHUoswXgKrVG6i1AHodwq9eSW6mn7ghf9meAlg65yMH7vMN1hqC_Io5e8DXrC_Qd9j72EjBnOUX/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00284.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXKm_W5-2rCBWswvRvSUn1EoB9xAq9cBvqcjejRd_kvuztAlKWgC5nMSyVMn9OHWyL50Y68Up98xh65LL9zpnCObkmhxAQbEk21CeB2PWaNHtB8AXBkaBRmSx2n8dfBYxyFUvPqG8F-1X9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00285.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXKm_W5-2rCBWswvRvSUn1EoB9xAq9cBvqcjejRd_kvuztAlKWgC5nMSyVMn9OHWyL50Y68Up98xh65LL9zpnCObkmhxAQbEk21CeB2PWaNHtB8AXBkaBRmSx2n8dfBYxyFUvPqG8F-1X9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00285.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGYJaG6_n5KuWuIknvVXBCc-znWOmt5BCpa5eOOdASZ6hTeG7BZzNZwSY47jUpwoRimF4JQICB4D8Y0xq_2KjZZB8PJrX6_TJCw9u3Ew8URz4t4Myygjw6EbuAOud4gz59qN8bZdRCoRjH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00286.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGYJaG6_n5KuWuIknvVXBCc-znWOmt5BCpa5eOOdASZ6hTeG7BZzNZwSY47jUpwoRimF4JQICB4D8Y0xq_2KjZZB8PJrX6_TJCw9u3Ew8URz4t4Myygjw6EbuAOud4gz59qN8bZdRCoRjH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00286.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRvflxbS_F-e5a_waUxmFbk-zAM5y3VoljO3aIQbeQ8ErCjMQBjs67Zy_qTh6V2oihKirliQSPGgobpQWb_V5kqrZ2_jmb-9q2CzNaL3Xr3h0pQff_0rNjh4tnLpLasHYLbxsVLrqqs6gb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00287.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRvflxbS_F-e5a_waUxmFbk-zAM5y3VoljO3aIQbeQ8ErCjMQBjs67Zy_qTh6V2oihKirliQSPGgobpQWb_V5kqrZ2_jmb-9q2CzNaL3Xr3h0pQff_0rNjh4tnLpLasHYLbxsVLrqqs6gb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00287.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjeYgLX3-RY746ltYN_yqrvcTHz3EOCW_HRtbRwoex2qbt3NU_qR2A1MToKbKrnVBYUJWbFjYLl-CmOxECyKhyphenhyphenlyksvpuM563L70wAkpqLqIiOxJmUn3Cl4N8-3nJEnX04hS1ob_CRgbk96/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00288.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjeYgLX3-RY746ltYN_yqrvcTHz3EOCW_HRtbRwoex2qbt3NU_qR2A1MToKbKrnVBYUJWbFjYLl-CmOxECyKhyphenhyphenlyksvpuM563L70wAkpqLqIiOxJmUn3Cl4N8-3nJEnX04hS1ob_CRgbk96/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00288.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiH6hKpjFdkWET5I9YIsLqCrmJTGBaxvP7QjEiZic4DkyZNiL5nT5lN8mjki6JTz9gEf1Ew3kndzNjcg0cnuptpGwXI8bGYhIlEtCVLDQA-D2GhV4IffLTwpq_KYHDBFKW8EFqM2IeshRj5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00289.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiH6hKpjFdkWET5I9YIsLqCrmJTGBaxvP7QjEiZic4DkyZNiL5nT5lN8mjki6JTz9gEf1Ew3kndzNjcg0cnuptpGwXI8bGYhIlEtCVLDQA-D2GhV4IffLTwpq_KYHDBFKW8EFqM2IeshRj5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00289.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg46e3w3ybdEiBYD2GARYkQuAOi9fKjigCt0I07kDnptr2sJi8fynJnsEiNuJeLdV8udIUHoUr3xKydTJWSBdXAgQA_yfzldHBM3lkmNUw5lrKtF4G2_yVU0YmfA15ozsNXqYb-tuY2_NBP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00290.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg46e3w3ybdEiBYD2GARYkQuAOi9fKjigCt0I07kDnptr2sJi8fynJnsEiNuJeLdV8udIUHoUr3xKydTJWSBdXAgQA_yfzldHBM3lkmNUw5lrKtF4G2_yVU0YmfA15ozsNXqYb-tuY2_NBP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00290.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpN_J5NcV680Q-KUsrpFbSEwmL1CLJdqA48Hu2L2-RIyYf3hHpKuiiAZsUd2ejuV6BIuZw5L9kCxUqhfToved7yolRbQI6sPWi2jPd4izhAhhu3lPJ5HnKMoY2ycJlPqH-eVp4kGsNGPbZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00291.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpN_J5NcV680Q-KUsrpFbSEwmL1CLJdqA48Hu2L2-RIyYf3hHpKuiiAZsUd2ejuV6BIuZw5L9kCxUqhfToved7yolRbQI6sPWi2jPd4izhAhhu3lPJ5HnKMoY2ycJlPqH-eVp4kGsNGPbZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00291.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjv0c4nNnqx23LgXeoGN_jQ0ksBoQgcXuqEM6rlsffWZrxmqx3P_vfb3SYkd6or-xG-X8VrqZeLl64Gg4riFbIcIkd4Hhu0lAJUrj8G8RkIcCab94rUgYs0DpNHVFoXNdA6BEfJhfkKgoqY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00292.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjv0c4nNnqx23LgXeoGN_jQ0ksBoQgcXuqEM6rlsffWZrxmqx3P_vfb3SYkd6or-xG-X8VrqZeLl64Gg4riFbIcIkd4Hhu0lAJUrj8G8RkIcCab94rUgYs0DpNHVFoXNdA6BEfJhfkKgoqY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00292.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjDAjFYgTk83zErwdin_4VtxLE8T3qU-29gSKA4g8oHfDuB713rdak1PE7jXgO-FioOwI5L2blgbAsrjKjNdy9KTnqnih_PLm_TnPJWQZtcIj3vB35wd0PhU2D0DmdeUH8xjKWEot5F2WSy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00293.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjDAjFYgTk83zErwdin_4VtxLE8T3qU-29gSKA4g8oHfDuB713rdak1PE7jXgO-FioOwI5L2blgbAsrjKjNdy9KTnqnih_PLm_TnPJWQZtcIj3vB35wd0PhU2D0DmdeUH8xjKWEot5F2WSy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00293.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNa1Ph5Oocjxg8DX7jsxtVXJPWjc_HLDFGBOsWfYi9TCtP-m1gKPcu-YE6njFw24sqdeFP18fQdjk-L3I1Xaro8h-eWByFqPjrWynWykgMpOwp0U9loUoLoszrChTGyArE968FnO9_OTBv/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00294.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNa1Ph5Oocjxg8DX7jsxtVXJPWjc_HLDFGBOsWfYi9TCtP-m1gKPcu-YE6njFw24sqdeFP18fQdjk-L3I1Xaro8h-eWByFqPjrWynWykgMpOwp0U9loUoLoszrChTGyArE968FnO9_OTBv/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00294.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDlNb_Rc00fqx_uPaxX5q65gnN19d-1vymfSJm5T2gpTlZac6MkX73h5xaaeZ5qASzOZ2eCj73HIu3FrmgURcMRG64eZqzYIfhTCcj4aJTr9EWVm0RViUk8rnZwGpSfpNQhJaBNSjOU3cl/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00295.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDlNb_Rc00fqx_uPaxX5q65gnN19d-1vymfSJm5T2gpTlZac6MkX73h5xaaeZ5qASzOZ2eCj73HIu3FrmgURcMRG64eZqzYIfhTCcj4aJTr9EWVm0RViUk8rnZwGpSfpNQhJaBNSjOU3cl/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00295.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYV1KdGsyCDqaLHdHKKm8QYQ-hIZbmrEZJJri8syDm8hsNMlyiXfzL4_zbZSjmJtOcJ9P1WwZYfuy8rwTppmRyj47SAmrnNFP9QcEl30xdhghFZ_8jcPj9b4LpjxYe4LFGiBJaRxe3OLc6/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00296.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYV1KdGsyCDqaLHdHKKm8QYQ-hIZbmrEZJJri8syDm8hsNMlyiXfzL4_zbZSjmJtOcJ9P1WwZYfuy8rwTppmRyj47SAmrnNFP9QcEl30xdhghFZ_8jcPj9b4LpjxYe4LFGiBJaRxe3OLc6/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00296.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiZ1O29_jczmRoXpe_ff_OLlcNlKHQ6U_ne82ehNP-5-z_D79nMleuLi1vCKuxkXRLavztz5eDidyy0F6jsRjBfidzM6A3cRbhtpXAQz3RefiwX1J0DptyVsONr1vgvwxXiUAv5Xnmgk7oh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00297.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiZ1O29_jczmRoXpe_ff_OLlcNlKHQ6U_ne82ehNP-5-z_D79nMleuLi1vCKuxkXRLavztz5eDidyy0F6jsRjBfidzM6A3cRbhtpXAQz3RefiwX1J0DptyVsONr1vgvwxXiUAv5Xnmgk7oh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00297.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPk8byYhzQPIz6y1PI5SAnl0gM4bcvwp2iPLMQeIAy8q8y_J98_B3bwBs-PPHwN2wKIIXJQ6EiWyDsB91Fi5SPzzBTBMF02Du4w1TAzcQwsIAGDg-uY_pP4EPgyH75VnqHAHpZL-mXOn_T/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00298.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPk8byYhzQPIz6y1PI5SAnl0gM4bcvwp2iPLMQeIAy8q8y_J98_B3bwBs-PPHwN2wKIIXJQ6EiWyDsB91Fi5SPzzBTBMF02Du4w1TAzcQwsIAGDg-uY_pP4EPgyH75VnqHAHpZL-mXOn_T/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00298.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbOAnvYRw4QPNtQlDMw-Xe6rR5FyJLoFE_Rgn9D-vzHK8mo7cZQfFtUKU1VFuK8kdrYQRTqQaamaXFTY9QJnFv9ddavbY53FdLGnQUfn71hNqQbHYP0UP1uyMe4Cn5zSKYfeK2FijWj8mu/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00299.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbOAnvYRw4QPNtQlDMw-Xe6rR5FyJLoFE_Rgn9D-vzHK8mo7cZQfFtUKU1VFuK8kdrYQRTqQaamaXFTY9QJnFv9ddavbY53FdLGnQUfn71hNqQbHYP0UP1uyMe4Cn5zSKYfeK2FijWj8mu/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00299.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhxU0dx55czx9CmPnkyfpy4goLdF9FZe9qbQ9wlXdwxD70NXoUgQUIjBeo784qUlim0zkDpvaEHMHh8G2otmkluQABSVpEXFvSH3xgrgXSndbJ4qGYBOJQMtjLdZydCJmLTCw6UFYrCcjK_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00300.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhxU0dx55czx9CmPnkyfpy4goLdF9FZe9qbQ9wlXdwxD70NXoUgQUIjBeo784qUlim0zkDpvaEHMHh8G2otmkluQABSVpEXFvSH3xgrgXSndbJ4qGYBOJQMtjLdZydCJmLTCw6UFYrCcjK_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00300.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBTPMRADNfi_sN1jhwY1IzKwhDkGMmUDYukYXjX7AT-wem-k2gkhb6SHCVtYnBkvS64qeJ7fMZ7Ytvw_pGY6S9ikUnYDDsi5HevjiV8PY5B6L9bIk_Vh-r_-HgRPFzIqGRJLvfLIhT7dh0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00301.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBTPMRADNfi_sN1jhwY1IzKwhDkGMmUDYukYXjX7AT-wem-k2gkhb6SHCVtYnBkvS64qeJ7fMZ7Ytvw_pGY6S9ikUnYDDsi5HevjiV8PY5B6L9bIk_Vh-r_-HgRPFzIqGRJLvfLIhT7dh0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00301.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjKpxc5fOvroskJcnHTZGZkPH_sz-AST3J-sPQNfQbc9DjLWxk_hI0Ndqp7fD4CrZjQ-f_aW3bUqXInqoCjX1sw_CHMiXUhJU-pRrr0WK7m947MWpd-9N-65Mx-_u9qGK0oyYITW9iDIzwP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00302.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjKpxc5fOvroskJcnHTZGZkPH_sz-AST3J-sPQNfQbc9DjLWxk_hI0Ndqp7fD4CrZjQ-f_aW3bUqXInqoCjX1sw_CHMiXUhJU-pRrr0WK7m947MWpd-9N-65Mx-_u9qGK0oyYITW9iDIzwP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00302.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWMnE6NOcNqXBS6V71F_bA9EpImEXhLFcwzywPNFkOMNNGzNCE9d8X7ohwYIu41EXM1TR2qja7FzghuYEtBO-ZikIjFtGaX3jzTqowiju613dmwn99qjIbHvGOaPeTLqc-yxJNso7T8VRc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00303.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWMnE6NOcNqXBS6V71F_bA9EpImEXhLFcwzywPNFkOMNNGzNCE9d8X7ohwYIu41EXM1TR2qja7FzghuYEtBO-ZikIjFtGaX3jzTqowiju613dmwn99qjIbHvGOaPeTLqc-yxJNso7T8VRc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00303.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgWV2Pv0e_ilKHrhofwIlWpLCAamFvPAVKH7_ZylfClfZuIIz1mYRikQngMLQxAqrI9qIXJruuSI2XwUsu2cj5AjQkSP3pFE3pkzU9nbTQ6P6ZK74ku511ZwClIpMNChYccUJio5Y_fdhZ8/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00304.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgWV2Pv0e_ilKHrhofwIlWpLCAamFvPAVKH7_ZylfClfZuIIz1mYRikQngMLQxAqrI9qIXJruuSI2XwUsu2cj5AjQkSP3pFE3pkzU9nbTQ6P6ZK74ku511ZwClIpMNChYccUJio5Y_fdhZ8/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00304.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjjrNnRmdZOQYUfSuAD2yLzpAwfK7OmPT_VLq9_uNhlZG9Gc2Cpza_25h7pYyyi3YCflk8fBTkZrQZC7wK-Nknk1GyNu08xBQ2HdB_83qfw4WWkc0joqu5ig71QFDMtHPnji_Rokt_dXygI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00305.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjjrNnRmdZOQYUfSuAD2yLzpAwfK7OmPT_VLq9_uNhlZG9Gc2Cpza_25h7pYyyi3YCflk8fBTkZrQZC7wK-Nknk1GyNu08xBQ2HdB_83qfw4WWkc0joqu5ig71QFDMtHPnji_Rokt_dXygI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00305.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhyI7XL6bm_JFinNokjORD1edcpg6SPlam8HjHFO6kaPk4yaXztKaqO7cRYsGQBZhsFZe4AS9MWQij4njagCt-uAJP0SDgj-fpor7L6Z5K3VgJRh4Ify1PkZ7lOrPt3FxM0NgavWDPFvSni/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00306.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhyI7XL6bm_JFinNokjORD1edcpg6SPlam8HjHFO6kaPk4yaXztKaqO7cRYsGQBZhsFZe4AS9MWQij4njagCt-uAJP0SDgj-fpor7L6Z5K3VgJRh4Ify1PkZ7lOrPt3FxM0NgavWDPFvSni/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00306.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi3zx3UstBSlmrExMroHQT-sVxMATeNKIE1pRx081rcdHzO-LQxi7AN3_uXnmoNMvlBvjcP8NKuyUaETMzuEUC1liLoBBuk-9xOKl3fb-RKLw82RnG6y9xiW3hdbf7tGStyvCSsmLR5Veef/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00307.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi3zx3UstBSlmrExMroHQT-sVxMATeNKIE1pRx081rcdHzO-LQxi7AN3_uXnmoNMvlBvjcP8NKuyUaETMzuEUC1liLoBBuk-9xOKl3fb-RKLw82RnG6y9xiW3hdbf7tGStyvCSsmLR5Veef/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00307.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQEOxyHQ6M_cCmrtYUEdLH9KnFZ6IG0brvqKTSEB0L1VD59hIwi7vu3GI0UzbAINRAxq_Y9g8tnCnaSAHNQZPZXJInFb-nnrKdygSxPyfcf0IRo2GWACJs_8vTkTMtZviT1kmRNNGRi6OR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00308.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhQEOxyHQ6M_cCmrtYUEdLH9KnFZ6IG0brvqKTSEB0L1VD59hIwi7vu3GI0UzbAINRAxq_Y9g8tnCnaSAHNQZPZXJInFb-nnrKdygSxPyfcf0IRo2GWACJs_8vTkTMtZviT1kmRNNGRi6OR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00308.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJIWYhHmOMrKe7ndu_PUy2AqpLXGfacdA2MuXGJjzEifkkWOX11sxsE0fog1WLi7soTvB0nUx4fCyz_in-WqB2r0oA4PEGgwnsoFfmDiCrH3WtYI_RdbzyKJONj0MADv4w0Rza_qPXatSs/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00309.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJIWYhHmOMrKe7ndu_PUy2AqpLXGfacdA2MuXGJjzEifkkWOX11sxsE0fog1WLi7soTvB0nUx4fCyz_in-WqB2r0oA4PEGgwnsoFfmDiCrH3WtYI_RdbzyKJONj0MADv4w0Rza_qPXatSs/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00309.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTVBfsAFWlWF8MKI1HaXhm1X5x73fLrbPmXiIayahq08-t4UWCK4LY24nbuD5AZLyNH9V5Knj-JelAVZW-DJBNV6GUrJyafRozScQOZGSCDAjMipVS75hlUqpdfTkevvxg9D9RjSkScoqk/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00310.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTVBfsAFWlWF8MKI1HaXhm1X5x73fLrbPmXiIayahq08-t4UWCK4LY24nbuD5AZLyNH9V5Knj-JelAVZW-DJBNV6GUrJyafRozScQOZGSCDAjMipVS75hlUqpdfTkevvxg9D9RjSkScoqk/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00310.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgIeVgI3Rznd3uoDaLVnE9kdfNtt7IuzgQWl4OG2tdrMB9OglqoMd-lFSNt3Rtc8aBeQtbcYbQI8K8ND3fZNgu0VyohIO2hQeFJ64xgt4XCJJkbZSpGiw-57aPKCYygaATGnaWtr4xM1N45/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00311.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgIeVgI3Rznd3uoDaLVnE9kdfNtt7IuzgQWl4OG2tdrMB9OglqoMd-lFSNt3Rtc8aBeQtbcYbQI8K8ND3fZNgu0VyohIO2hQeFJ64xgt4XCJJkbZSpGiw-57aPKCYygaATGnaWtr4xM1N45/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00311.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJ2ShxHMsp_85YpXOuug3_lk7l5VKYpQ2PGHVp_KvA5VtxK0MPzSpx8EFRb83p83Ia_4eByoufhBNdTkkUYyu91aZxde5w0C1zJE0LKQQCcda90BwB83WtdNB_DqXUbUhohDWSCEnHbmGJ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00312.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJ2ShxHMsp_85YpXOuug3_lk7l5VKYpQ2PGHVp_KvA5VtxK0MPzSpx8EFRb83p83Ia_4eByoufhBNdTkkUYyu91aZxde5w0C1zJE0LKQQCcda90BwB83WtdNB_DqXUbUhohDWSCEnHbmGJ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00312.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcT58eO0I1Glr-7lh-Zo5GsVrbrpuryR8E9Gw4g7arh4DnTUaLs680MrqwJ6_zdHNceSHSy4hx9vgSIaJwpPQ7vP1cCIkL-HWI8VyX_eKjTU2-Vo-zYXP8KicKegKG9hNpQUta171o3MLY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00313.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcT58eO0I1Glr-7lh-Zo5GsVrbrpuryR8E9Gw4g7arh4DnTUaLs680MrqwJ6_zdHNceSHSy4hx9vgSIaJwpPQ7vP1cCIkL-HWI8VyX_eKjTU2-Vo-zYXP8KicKegKG9hNpQUta171o3MLY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00313.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhfIxwVLsD3RfMsbz9L17v-6czNdh7zDfk7wq8yKji1X4p6071vGYy1bINevyaSlSWLKWnnbIag_UReLc6MXgaxOLIXeihxTNiyK1QjZA0i92v0xwr5ATt_Mxx4Mx57pHE4l0JnXabXeG4E/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00314.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhfIxwVLsD3RfMsbz9L17v-6czNdh7zDfk7wq8yKji1X4p6071vGYy1bINevyaSlSWLKWnnbIag_UReLc6MXgaxOLIXeihxTNiyK1QjZA0i92v0xwr5ATt_Mxx4Mx57pHE4l0JnXabXeG4E/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00314.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhj6LUA2ursh15vvnizxEYeTbd3KmrN7EU_ZheQg07yKiP8TkxN3FLI0tQIzb8hYJhIcEWBHrskWY49cJNS8L6oHoGjpxgWuxwCdlEyIoNt0xbjGvJ_N7SfqzopIMy6Kqte25mvthKD-aau/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00315.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhj6LUA2ursh15vvnizxEYeTbd3KmrN7EU_ZheQg07yKiP8TkxN3FLI0tQIzb8hYJhIcEWBHrskWY49cJNS8L6oHoGjpxgWuxwCdlEyIoNt0xbjGvJ_N7SfqzopIMy6Kqte25mvthKD-aau/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00315.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhFCh3LzzqTvDL9xmFr3vajNXwWqzi8vZVHlMrqacnN8yEfGwitrMR81L4CT7n5JXW_gaioRBCv887CKCMSDfF_Yr-xe_PnDxlPfcuy65smCu_gsypqAFkmbq_g3IPANSeMN5hlybY2NDD3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00316.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhFCh3LzzqTvDL9xmFr3vajNXwWqzi8vZVHlMrqacnN8yEfGwitrMR81L4CT7n5JXW_gaioRBCv887CKCMSDfF_Yr-xe_PnDxlPfcuy65smCu_gsypqAFkmbq_g3IPANSeMN5hlybY2NDD3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00316.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHUe7ArJUP8QFELhsypx6-JicoFV1u6mB-tEEUN0_xvHz9PCtl-yNUqKyeh8tG5ggTu3Q2i2h_fHkVAmLN2rh_kDFl23DKjCqzOiE8zeiDya3g1UO5ZrEWk3c-lp2t5AgEkJQRn6tUtlpE/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00317.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHUe7ArJUP8QFELhsypx6-JicoFV1u6mB-tEEUN0_xvHz9PCtl-yNUqKyeh8tG5ggTu3Q2i2h_fHkVAmLN2rh_kDFl23DKjCqzOiE8zeiDya3g1UO5ZrEWk3c-lp2t5AgEkJQRn6tUtlpE/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00317.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWD-B4oKTC8LhIbgSF80tkVz01PXbSycLxIPH5SYz7z1pSU4qqyRh-m5gQUmv3H8M1KhFNSaYXrkqCusv_jUafhytMLbgqkp3CPWEihmJEdX9Y_KUaFJzeWx6nEKEqsIuIRhsGUtX7ttRD/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00318.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWD-B4oKTC8LhIbgSF80tkVz01PXbSycLxIPH5SYz7z1pSU4qqyRh-m5gQUmv3H8M1KhFNSaYXrkqCusv_jUafhytMLbgqkp3CPWEihmJEdX9Y_KUaFJzeWx6nEKEqsIuIRhsGUtX7ttRD/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00318.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgasDCGkeK9thLUW2SFCj1Kgfpz1SLPlZq_LtgEYFuz6wilRi_iSwGqACPVUNqlFhDd_H-VDi1VkTjrV587B0SjSwkmS3WKnz_echLBFDlO1fy72OTzMj4ndjM_vOB_t2EeymTRU8XjWyxL/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00319.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgasDCGkeK9thLUW2SFCj1Kgfpz1SLPlZq_LtgEYFuz6wilRi_iSwGqACPVUNqlFhDd_H-VDi1VkTjrV587B0SjSwkmS3WKnz_echLBFDlO1fy72OTzMj4ndjM_vOB_t2EeymTRU8XjWyxL/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00319.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimvt-kXF854aIhbHgaG76tMn-6OolyYFX9mQ28dOQelsX8RFc_jqvV8jDS3P6nPcFIuTs_6RhYHMVVSOEOCUScsqDjTWcsBwn5f6jZ2Li-yx_9NPkNWdjeoSsRlbhy66NWXvloa_xXxAUw/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00320.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimvt-kXF854aIhbHgaG76tMn-6OolyYFX9mQ28dOQelsX8RFc_jqvV8jDS3P6nPcFIuTs_6RhYHMVVSOEOCUScsqDjTWcsBwn5f6jZ2Li-yx_9NPkNWdjeoSsRlbhy66NWXvloa_xXxAUw/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00320.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjSXpcKqsRA527FMAqpQw_rwjvEd8DKSq9GvEUt6XFGSKP7-3qTK6bfLGGPOxIGQ3SGaTwukrrms3BNPR1UN8_GwGIVmTdxjeNCH8GJ8QE3gy6cKiZJ0dLMZH3WygwPRDl1wBG0af6HHg82/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00321.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjSXpcKqsRA527FMAqpQw_rwjvEd8DKSq9GvEUt6XFGSKP7-3qTK6bfLGGPOxIGQ3SGaTwukrrms3BNPR1UN8_GwGIVmTdxjeNCH8GJ8QE3gy6cKiZJ0dLMZH3WygwPRDl1wBG0af6HHg82/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00321.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgrhpsnF3Fzkui242Py4ZO9uq6W61tiat1sdfYx56fdctjntqOCZPOcWm2HMSdyKxB3ZB8FFes376i-qKfArDsjzNIFxtpDeW0RALmesWYTBa5TnkUm2LNEQ6p-pFCsMyiQ7wENk67jK2aE/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00322.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgrhpsnF3Fzkui242Py4ZO9uq6W61tiat1sdfYx56fdctjntqOCZPOcWm2HMSdyKxB3ZB8FFes376i-qKfArDsjzNIFxtpDeW0RALmesWYTBa5TnkUm2LNEQ6p-pFCsMyiQ7wENk67jK2aE/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00322.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiEkfsPajy8srtGZCG3FihUcmyUk_XgC_jLfJxWeAqy9YMu8BwZJ3w0dbRy2u20A1KdYTS5vPabpiq4tKMO190eus9pRI5QHpNQ2GNhZ5GdKlOwmXt2arWcJKoGoRFWh-BdWRJvR2zlRU9I/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00323.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiEkfsPajy8srtGZCG3FihUcmyUk_XgC_jLfJxWeAqy9YMu8BwZJ3w0dbRy2u20A1KdYTS5vPabpiq4tKMO190eus9pRI5QHpNQ2GNhZ5GdKlOwmXt2arWcJKoGoRFWh-BdWRJvR2zlRU9I/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00323.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRdZ64Bxk6C3sKIB-U5v4-PO28fN2w_p51iVHz0yfZe869n5jY8TAjzfKYodtDf-KzRXHe7YGk-iEYYWipyxRiujUVoCbkm0N02mtxARy15Ac8pj4dPePmhiVnqOnfZpW3BPi6d17sHhvA/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00324.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRdZ64Bxk6C3sKIB-U5v4-PO28fN2w_p51iVHz0yfZe869n5jY8TAjzfKYodtDf-KzRXHe7YGk-iEYYWipyxRiujUVoCbkm0N02mtxARy15Ac8pj4dPePmhiVnqOnfZpW3BPi6d17sHhvA/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00324.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjF7GgpKLcdumoZHKnCYw69UXlxX6u8EFHiaCgPoXkEGbrvXWDRdkkg3VxNOtrltWDJ7n6PgP-er0nxwxBu0RB1tfOepj8iXPzjEYZA8-Q0C2idPJ7dcs8ZKMar36sMPrv0yAnIXBS65sN4/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00325.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjF7GgpKLcdumoZHKnCYw69UXlxX6u8EFHiaCgPoXkEGbrvXWDRdkkg3VxNOtrltWDJ7n6PgP-er0nxwxBu0RB1tfOepj8iXPzjEYZA8-Q0C2idPJ7dcs8ZKMar36sMPrv0yAnIXBS65sN4/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00325.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkMHv3c55bwxlnAJ9oAIRMJMmfPvoqstmdnLTgNjRvi3wxIRNm0L1rUH0HiMjsZwb6OZXQyNNXNtlU9dh5AIC-rKe7JYtKoNE6fxUPSKGTu6by4_lEPDcs-49ZZfhZSXMJgg-K5gF69D5w/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00326.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkMHv3c55bwxlnAJ9oAIRMJMmfPvoqstmdnLTgNjRvi3wxIRNm0L1rUH0HiMjsZwb6OZXQyNNXNtlU9dh5AIC-rKe7JYtKoNE6fxUPSKGTu6by4_lEPDcs-49ZZfhZSXMJgg-K5gF69D5w/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00326.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgw_N4vM5VTQCwvlV_vuOe6UvUoDlG8a1G1hsWVHaySfhOq10WLauDidOxfOPuXIHXIHTwbvjmmVlO3IJvpgfeckzoWpufWv5oDEveloqPMcPcvbmaLpJ4uey_vezO44Lvjyk4rsdQ_awXO/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00327.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgw_N4vM5VTQCwvlV_vuOe6UvUoDlG8a1G1hsWVHaySfhOq10WLauDidOxfOPuXIHXIHTwbvjmmVlO3IJvpgfeckzoWpufWv5oDEveloqPMcPcvbmaLpJ4uey_vezO44Lvjyk4rsdQ_awXO/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00327.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtI2sNZz0Dcnka5yCB4Ho4wdSPVPsa8H14GckWTekLoZ4p4lwWZQXWBjdSpaY7hkvv0CW5AOT_aWxx8hzpVI6O6dhd3UJIpSDVoOyeIdItp2FhyCPMSkLyoOWHiJKFgFGfjJ-tQ8iEIqZa/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00328.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtI2sNZz0Dcnka5yCB4Ho4wdSPVPsa8H14GckWTekLoZ4p4lwWZQXWBjdSpaY7hkvv0CW5AOT_aWxx8hzpVI6O6dhd3UJIpSDVoOyeIdItp2FhyCPMSkLyoOWHiJKFgFGfjJ-tQ8iEIqZa/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00328.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiO5_azCVZobmk0fyjtw2_CXA7xifwC5-I7RHNHHY1TPmIFs8VxsKlqKoB99E5d3uaGwXoUOnBpmsi2Pa4SMEL_ExZAJcsvx4xMa7WJ_sLd5njfVlUdScjom-xjbJCtvadwvxZbJLTa5yF9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00329.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiO5_azCVZobmk0fyjtw2_CXA7xifwC5-I7RHNHHY1TPmIFs8VxsKlqKoB99E5d3uaGwXoUOnBpmsi2Pa4SMEL_ExZAJcsvx4xMa7WJ_sLd5njfVlUdScjom-xjbJCtvadwvxZbJLTa5yF9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00329.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1BclgbP3SoNJm3MWf_hau1cis1yP6SKHVtTUVvtbub7Bipp3LZAVxuD4wc4HHWSN8pcrD4Ddi4Sy1N5qgryuh3kcwHE94cfnQMdnlAnSrUmro1za8RgF7Lsnac7PyFMycP6Fltf3ReGpU/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00330.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1BclgbP3SoNJm3MWf_hau1cis1yP6SKHVtTUVvtbub7Bipp3LZAVxuD4wc4HHWSN8pcrD4Ddi4Sy1N5qgryuh3kcwHE94cfnQMdnlAnSrUmro1za8RgF7Lsnac7PyFMycP6Fltf3ReGpU/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00330.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEidRfngm6XSn-SdSwDgQZonp-EJTo0XCBcwSkQ4OHFNrFDko7ltv3cl3XSWXzvtWtCA1XXHjWGclLFqrCek6EQqs3zFmjrwbWha1w8aTRVC9EHKG_T0et4cVFFGUXkthnXCAH86RcK91C0o/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00331.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEidRfngm6XSn-SdSwDgQZonp-EJTo0XCBcwSkQ4OHFNrFDko7ltv3cl3XSWXzvtWtCA1XXHjWGclLFqrCek6EQqs3zFmjrwbWha1w8aTRVC9EHKG_T0et4cVFFGUXkthnXCAH86RcK91C0o/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00331.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRKO-JC8UwClOAaaf9YnBPla-ullVgzDeQvL2PZQ5uYnwSx_x-Qq0wlEb74uidnoIBlflXkdkjUCyVkQO974zEhwqSAlRBlk4N6_8TI92Nxz05jcwOo2X0iUhmpQDkfLwdSjEoZzE4se6p/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00332.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRKO-JC8UwClOAaaf9YnBPla-ullVgzDeQvL2PZQ5uYnwSx_x-Qq0wlEb74uidnoIBlflXkdkjUCyVkQO974zEhwqSAlRBlk4N6_8TI92Nxz05jcwOo2X0iUhmpQDkfLwdSjEoZzE4se6p/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00332.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgy0zDYlyuITbFWWGiU5EEMVm8c6_UDFFkXGxCbMkc7MOffnz2jZrjtt0ZoftLa7EeE7j5Liv_NOVWUA3xyynCtQolzGbgj9DSOth0PWylVsWcYNoW6sAxx7eKhr6ra7BheaCX7KVLM4CBF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00333.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgy0zDYlyuITbFWWGiU5EEMVm8c6_UDFFkXGxCbMkc7MOffnz2jZrjtt0ZoftLa7EeE7j5Liv_NOVWUA3xyynCtQolzGbgj9DSOth0PWylVsWcYNoW6sAxx7eKhr6ra7BheaCX7KVLM4CBF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00333.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjNh5S6XCOhgqw6m6vhjk8qUxkR-NjuSkXP9VvbA0PJq-CAdQ2XHLrkBNMMvxZ6UocoN4Y7pFib2j-HmfCe8ZspHy9JV3DdswzGQIizY2IwibvRAOEZm_H-FUkLHWmwTXoFSPrLoiDfHTe1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00334.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjNh5S6XCOhgqw6m6vhjk8qUxkR-NjuSkXP9VvbA0PJq-CAdQ2XHLrkBNMMvxZ6UocoN4Y7pFib2j-HmfCe8ZspHy9JV3DdswzGQIizY2IwibvRAOEZm_H-FUkLHWmwTXoFSPrLoiDfHTe1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00334.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjKABG3AIKrbAs1dO9EA_O5qIK3Wp49h7ZBa39YXDRH-N8XMv7HCMNIN-5VmKtjP4p_M8b-aUSyNHJldx0oCddrMU17QGFCrVPmeBFdWfuLz0IP2YNwzKqWadHNEzp-thckgAVuHpxy0jnK/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00335.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjKABG3AIKrbAs1dO9EA_O5qIK3Wp49h7ZBa39YXDRH-N8XMv7HCMNIN-5VmKtjP4p_M8b-aUSyNHJldx0oCddrMU17QGFCrVPmeBFdWfuLz0IP2YNwzKqWadHNEzp-thckgAVuHpxy0jnK/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00335.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdA3OxM_DDOxYohKe2QUgqUhMbH-go7yyGFI2IFVM5kpvmk50uWVrpbzDUa-u0VRk4TUN3VmF9zkPcoNz_VawCg-LsdmYFeUKv4CqIzpw9UHMtlB_HL8u1gJFL-Mt1B7FhuvUg_URfUuMX/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00336.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdA3OxM_DDOxYohKe2QUgqUhMbH-go7yyGFI2IFVM5kpvmk50uWVrpbzDUa-u0VRk4TUN3VmF9zkPcoNz_VawCg-LsdmYFeUKv4CqIzpw9UHMtlB_HL8u1gJFL-Mt1B7FhuvUg_URfUuMX/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00336.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1e6MeautGUuA2YzZ4Kg00O1lz9sumzieKs2-AnTk_605rNM4x4ZSvYn_WNo1GTywBYoU5Ej55OxFVy2ItcpjQ7DSamo7wZa7eJHbXpeG1Izd4jfCi2GkvqgLDpoh84s8ybZibwcTCCROk/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00337.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1e6MeautGUuA2YzZ4Kg00O1lz9sumzieKs2-AnTk_605rNM4x4ZSvYn_WNo1GTywBYoU5Ej55OxFVy2ItcpjQ7DSamo7wZa7eJHbXpeG1Izd4jfCi2GkvqgLDpoh84s8ybZibwcTCCROk/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00337.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgofZqROsthuO-1r9kD8DCJiPOGoaYRFwfgpq0RmZaAopdx463ay7Y4SkPuvIzNth9PgoRMsIoTkScUrrwZZc1ljirDb7I7iXjUnV3FiP9caeESkCYohDQlnIgKPIW1QYI5ARELUWJVEEW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00338.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhgofZqROsthuO-1r9kD8DCJiPOGoaYRFwfgpq0RmZaAopdx463ay7Y4SkPuvIzNth9PgoRMsIoTkScUrrwZZc1ljirDb7I7iXjUnV3FiP9caeESkCYohDQlnIgKPIW1QYI5ARELUWJVEEW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00338.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjiK3sQFQoZy1OPAPL16JkXlap-mP7VLlyc8HO3YdV2G7BehL5TZKS-TQOd4poaU2dU-6GXhMmAGtlPT-CZI7Kh87_DVYwt_rCJHCFpYwF9t1iItT0Kjs9ySXj9f3UrmWNTqVWRPsF0jU9-/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00339.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjiK3sQFQoZy1OPAPL16JkXlap-mP7VLlyc8HO3YdV2G7BehL5TZKS-TQOd4poaU2dU-6GXhMmAGtlPT-CZI7Kh87_DVYwt_rCJHCFpYwF9t1iItT0Kjs9ySXj9f3UrmWNTqVWRPsF0jU9-/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00339.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhnSrvDyedA6o3ilF0JzOEmMYqMSGz95LtzS9qAZz2H88cnNdbYgu1zyY4LLoUm-CfI7ITb9xAMQWAWCBQ7ULZFymSjwNouOrM2foAGjL4pQr78SUGIPr0oJZ2ziZCc0pUHWFC5ZO_8KqQe/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00340.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhnSrvDyedA6o3ilF0JzOEmMYqMSGz95LtzS9qAZz2H88cnNdbYgu1zyY4LLoUm-CfI7ITb9xAMQWAWCBQ7ULZFymSjwNouOrM2foAGjL4pQr78SUGIPr0oJZ2ziZCc0pUHWFC5ZO_8KqQe/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00340.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiN-1bSXWOotSSgx_4PJLQnb72WQ-J9nC-kK9LJ328vek3psEfamXeQqtHxlMJZg9cebdsYeBi1g2QUiNIt689gEoc1tIW4snYoJxYuh75R7kDufZWfh40LfB1xWmz-b_5d__WrrQ_JH2ZM/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00341.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiN-1bSXWOotSSgx_4PJLQnb72WQ-J9nC-kK9LJ328vek3psEfamXeQqtHxlMJZg9cebdsYeBi1g2QUiNIt689gEoc1tIW4snYoJxYuh75R7kDufZWfh40LfB1xWmz-b_5d__WrrQ_JH2ZM/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00341.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnBo6e-_tHzgzYTFg-1oAauK1iDgr1G2wkitYxqK3wlBY9UoYnoIvx-uZXUX-O35UNl4ILnbhpscvYlL_3FlgU2X35Ndxjk-Zro4SIKs1nOa-ia9zi3Gc4mC9FAF4Cs68IClK5_CpC3HPk/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00342.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnBo6e-_tHzgzYTFg-1oAauK1iDgr1G2wkitYxqK3wlBY9UoYnoIvx-uZXUX-O35UNl4ILnbhpscvYlL_3FlgU2X35Ndxjk-Zro4SIKs1nOa-ia9zi3Gc4mC9FAF4Cs68IClK5_CpC3HPk/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00342.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSMm6weYtJ4hI5FUlAMADOOwug1kU77-VC2-D4RLbIyn7dA7vEeK0GwOg2T1dTQltq5KbOBDcW6-rOw0N3X7YOCzp8ep7zdKX3Yp7mYG1EGRBeosuDe_Cx6Uyhu1PMC5-CMNJ1eKWmgqqF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00343.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSMm6weYtJ4hI5FUlAMADOOwug1kU77-VC2-D4RLbIyn7dA7vEeK0GwOg2T1dTQltq5KbOBDcW6-rOw0N3X7YOCzp8ep7zdKX3Yp7mYG1EGRBeosuDe_Cx6Uyhu1PMC5-CMNJ1eKWmgqqF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00343.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgRWyycRHDluTKh9CwtVJjqh1ieLRcsASK_YjH1OG0gpIFSlA0QlthuRVbfQszKt5Y99Y16QI0sbWjke4OZpYw01pGBSJL2QFWXuzmCl-fVsRuK1do0BpuJSltqfzCuGpJmBmvr8XuG6P78/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00344.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgRWyycRHDluTKh9CwtVJjqh1ieLRcsASK_YjH1OG0gpIFSlA0QlthuRVbfQszKt5Y99Y16QI0sbWjke4OZpYw01pGBSJL2QFWXuzmCl-fVsRuK1do0BpuJSltqfzCuGpJmBmvr8XuG6P78/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00344.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh6nXjluunBumOq_D65_SFYrfSB8HEmpxGvBGlBbGtqRV4-sRPEU5Da4nqfd-50ecapC-YNKqp81aHphSQjzjoaBe_hcKmMGUD0CGmSaENYGtoTZJM8_yvKacwB6WqA4itM6q3Ufp17Lhsy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00345.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh6nXjluunBumOq_D65_SFYrfSB8HEmpxGvBGlBbGtqRV4-sRPEU5Da4nqfd-50ecapC-YNKqp81aHphSQjzjoaBe_hcKmMGUD0CGmSaENYGtoTZJM8_yvKacwB6WqA4itM6q3Ufp17Lhsy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00345.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBTNA4aL_a2Ul82GQKVJ6li9T8GB2krdCv_QlUCXlNPIvAtTuqSL9i6XHEG487nm-khr8Oo04WXASTLFiNnPnizOddprbMNt-bQwJOzCuChrXgixgizegXOaSe6xYAwxYDP3oNTQPR4KN1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00346.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBTNA4aL_a2Ul82GQKVJ6li9T8GB2krdCv_QlUCXlNPIvAtTuqSL9i6XHEG487nm-khr8Oo04WXASTLFiNnPnizOddprbMNt-bQwJOzCuChrXgixgizegXOaSe6xYAwxYDP3oNTQPR4KN1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00346.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhO7Ph1Eu2fwV8JvAsu7wOL5ux83IQxoX6oNbwupHcc2_yLCuRni9M7WOwrYoAHog0v81JjyAYeOYDVks1v-iD-vtibPqKe9whKc9FSAsiW9rLzkLMy7LFr0-6sHo1F_TkxS9cIpULQhMk5/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00347.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhO7Ph1Eu2fwV8JvAsu7wOL5ux83IQxoX6oNbwupHcc2_yLCuRni9M7WOwrYoAHog0v81JjyAYeOYDVks1v-iD-vtibPqKe9whKc9FSAsiW9rLzkLMy7LFr0-6sHo1F_TkxS9cIpULQhMk5/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00347.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgpMN7P2skVQX9fVmmmC66yfBnaheLsWdUmShNtYGvTU8Qv4oht2Ke1Mr-I4IpauX5JTDOVTIvgvAh8IZ2dBoh6Ju70ATI92fSzzBGMNTFo10Eqa9f3ucNLCsiApf_eSiiAs3_RGLlrwFQg/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00348.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgpMN7P2skVQX9fVmmmC66yfBnaheLsWdUmShNtYGvTU8Qv4oht2Ke1Mr-I4IpauX5JTDOVTIvgvAh8IZ2dBoh6Ju70ATI92fSzzBGMNTFo10Eqa9f3ucNLCsiApf_eSiiAs3_RGLlrwFQg/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00348.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXxA1xJGnaWOshU3bpeit5SuVEUEIVOtW28AzFXP7M6wW4p3tYZ02w3Qab7Ic-jPMRej-n39HRrVR7RgHHzNsC39r4IKql7LhH4q1x0YAY5U9vuxYqhOZtuRNBbzekGiou_AgvW5M88rpm/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00349.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXxA1xJGnaWOshU3bpeit5SuVEUEIVOtW28AzFXP7M6wW4p3tYZ02w3Qab7Ic-jPMRej-n39HRrVR7RgHHzNsC39r4IKql7LhH4q1x0YAY5U9vuxYqhOZtuRNBbzekGiou_AgvW5M88rpm/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00349.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbZCi8lI1qOJukUdcawqG_81BXpwR1Td6lV2VZLkgXY22tcaJvpcDGfYhSy8JnC8xjPF-ARuy6L-xuVZeT4nioHDaGGgTU6kEFJOEZrdIu5JL1KAuVBmmgKsD0c6nCEAYcXZxAG7ZUyKjX/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00350.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbZCi8lI1qOJukUdcawqG_81BXpwR1Td6lV2VZLkgXY22tcaJvpcDGfYhSy8JnC8xjPF-ARuy6L-xuVZeT4nioHDaGGgTU6kEFJOEZrdIu5JL1KAuVBmmgKsD0c6nCEAYcXZxAG7ZUyKjX/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00350.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhg9C064TZXpnNq3MPK44MAMJ5NmgUfojEbhWMdcEN7CDG5BQ7AoxUdWPMRzoQNrXJAcISlXdpmQHtnykvJklY-Qh4y92chJJZELYKjLqNT0DBUiHlqiscoNl1vqHFg-L_n9HEzZw5GKP0S/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00351.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhg9C064TZXpnNq3MPK44MAMJ5NmgUfojEbhWMdcEN7CDG5BQ7AoxUdWPMRzoQNrXJAcISlXdpmQHtnykvJklY-Qh4y92chJJZELYKjLqNT0DBUiHlqiscoNl1vqHFg-L_n9HEzZw5GKP0S/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00351.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizRapSOo5N5gYCmBRMIs2mnWugHDI342OiewxUvhGbscotqkZu18hIrMSbPpqcc0wtGTSbc5nrb9p-ol8DHVegc3U8Vvx61mazQCtsPoV6NA1I-Sz6KanKqBKfTMPiz-KqPNAj8vwuSzq0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00352.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizRapSOo5N5gYCmBRMIs2mnWugHDI342OiewxUvhGbscotqkZu18hIrMSbPpqcc0wtGTSbc5nrb9p-ol8DHVegc3U8Vvx61mazQCtsPoV6NA1I-Sz6KanKqBKfTMPiz-KqPNAj8vwuSzq0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00352.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj_2yJOtGe6Aom3uDaGLATg0EVmjNKNkt0eUj6VrMlgF_-kYa0ZnKipM0nC-lHrp9qaIM8ask7DLOSIq-jv3duhPFv-BKOGygt29ElakIJlTHOtV_PZaqODGDHhA1660ZMwMXA1HpPUhb8W/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00353.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj_2yJOtGe6Aom3uDaGLATg0EVmjNKNkt0eUj6VrMlgF_-kYa0ZnKipM0nC-lHrp9qaIM8ask7DLOSIq-jv3duhPFv-BKOGygt29ElakIJlTHOtV_PZaqODGDHhA1660ZMwMXA1HpPUhb8W/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00353.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi0F39w_dqNWSouz5dDv-JvvMKV4GNmGi6xjbpCuQWFKAXHylMx5rUhvlfyKZ66ZVMgNT2Ov3ugWjyHVIOLb45D2pM7fXUWvkh6PQgo8P2cFo5mFiFloyD5cQDbNnQllAo94z4mxBIIhSjs/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00354.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi0F39w_dqNWSouz5dDv-JvvMKV4GNmGi6xjbpCuQWFKAXHylMx5rUhvlfyKZ66ZVMgNT2Ov3ugWjyHVIOLb45D2pM7fXUWvkh6PQgo8P2cFo5mFiFloyD5cQDbNnQllAo94z4mxBIIhSjs/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00354.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdPlWH5nNdgSyCGqdPZBy_AB8VeGhDk-YK_705FHU27r98EsWm6ZokTer-RfMkjxJBOo_DMHb6buKasx8sxmBkuWkfUfd5Wwvvsno3cHNXjYwNWo_7yU1ryhoGH0ORebLk7YryjalmBK59/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00355.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdPlWH5nNdgSyCGqdPZBy_AB8VeGhDk-YK_705FHU27r98EsWm6ZokTer-RfMkjxJBOo_DMHb6buKasx8sxmBkuWkfUfd5Wwvvsno3cHNXjYwNWo_7yU1ryhoGH0ORebLk7YryjalmBK59/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00355.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh4TwnYUzHtRH7rTtqt1DE7I2DKhWA3v4H3YiOU-aSGfYPtKdqbJK5Ltqgr2l5GLPGm-YXADbkahd1olK-DWqV7eI4NueU1UATBWSzZdwjB_p1cxrB9RRTxBta_717VJkCB7si-b_2zvmCY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00356.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh4TwnYUzHtRH7rTtqt1DE7I2DKhWA3v4H3YiOU-aSGfYPtKdqbJK5Ltqgr2l5GLPGm-YXADbkahd1olK-DWqV7eI4NueU1UATBWSzZdwjB_p1cxrB9RRTxBta_717VJkCB7si-b_2zvmCY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00356.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgf-os2rpkqgQ2wPMW4_FZaqQPJ_zJxzx337laDDTMT5AuE95nvG5arYBfVt-0WjnBSEKohcvIjNoBJmwkJK1lHSp4IU9-de2dKtaYf36bbutImwPmQDVRk9fUPjN3VZtqe5z86NH9DXe68/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00357.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgf-os2rpkqgQ2wPMW4_FZaqQPJ_zJxzx337laDDTMT5AuE95nvG5arYBfVt-0WjnBSEKohcvIjNoBJmwkJK1lHSp4IU9-de2dKtaYf36bbutImwPmQDVRk9fUPjN3VZtqe5z86NH9DXe68/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00357.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhd2YXJN9cl_NbQCkYqRq4uu3u1kcMSU0Oe7ClIkX3nArHsAn5jV2Q_mt_vD65CvNHAaVa92SxyZnL7mhS2-piBWG3vHylG5iqHZrOgKBb0oUECZDKHVBAh707h9RX8GFD8LWdZAOrlpvyn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00358.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhd2YXJN9cl_NbQCkYqRq4uu3u1kcMSU0Oe7ClIkX3nArHsAn5jV2Q_mt_vD65CvNHAaVa92SxyZnL7mhS2-piBWG3vHylG5iqHZrOgKBb0oUECZDKHVBAh707h9RX8GFD8LWdZAOrlpvyn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00358.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkOjA1ss8uX8RJgaCMxvsAUD9tD7_JhGulYWUq6Q6XWWmTmyI71Exo-H3B5TsHo4OeJo9KOCVajykb977YiYUWdiCVKm0cyFzYF-BylJbzsFLPWcDf7PFXq5-OXwsQCKicSWD7-fx3_5Ek/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00359.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhkOjA1ss8uX8RJgaCMxvsAUD9tD7_JhGulYWUq6Q6XWWmTmyI71Exo-H3B5TsHo4OeJo9KOCVajykb977YiYUWdiCVKm0cyFzYF-BylJbzsFLPWcDf7PFXq5-OXwsQCKicSWD7-fx3_5Ek/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00359.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj71Y4AIxtFwM4iREVaZ8LUqPTfKZWICmdAkL4TOYjDUIpHxXWEOtblikxR9_9ucUauwtZnSLxTeHMzm48swNCb65bZhzVGLJ02PcHhAS7cu_hIzHJnXkc-JI64fQdX_eUuxumpPrOolEGL/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00360.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj71Y4AIxtFwM4iREVaZ8LUqPTfKZWICmdAkL4TOYjDUIpHxXWEOtblikxR9_9ucUauwtZnSLxTeHMzm48swNCb65bZhzVGLJ02PcHhAS7cu_hIzHJnXkc-JI64fQdX_eUuxumpPrOolEGL/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00360.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTwYjU2_GzHpGp4s8PaS7lvv6Yq93yLjzwTkBnE4M44cwlUpdDZi3x5fbHy54tZSZTVHetpUukg-hVgGC4phuV-Ftg3YjHPD10ajabzrAqzNcpxXnhX7KeNCpx5QnfL1sB34NgwPYB0wzl/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00361.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjTwYjU2_GzHpGp4s8PaS7lvv6Yq93yLjzwTkBnE4M44cwlUpdDZi3x5fbHy54tZSZTVHetpUukg-hVgGC4phuV-Ftg3YjHPD10ajabzrAqzNcpxXnhX7KeNCpx5QnfL1sB34NgwPYB0wzl/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00361.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPGfBM4vSMvqmnoYveUaD8TqNsKJShPISHbucKrAEP-zVh9lM_ocJNbhOiiNj8XjRw-Xz21mkOg3BIyx2TlkB1sNpRwBbDiVVGQdmtud85x-Bi9lRHrMcPkAqlhHEK_HTeoGHYWnCUXBei/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00362.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPGfBM4vSMvqmnoYveUaD8TqNsKJShPISHbucKrAEP-zVh9lM_ocJNbhOiiNj8XjRw-Xz21mkOg3BIyx2TlkB1sNpRwBbDiVVGQdmtud85x-Bi9lRHrMcPkAqlhHEK_HTeoGHYWnCUXBei/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00362.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6caUIt9xjobCb85W4o7gY_NM9HaMntla7xQW370Tw4NguxfhlrbySJb_2pf7mu_CBXew-nBDspYjWRN5HkLiY3uyVNG-1gb4pVdUadz2PpV0bFkwyMyGrIrUk-p1KC48qDXDuLqGw2HVy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00363.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6caUIt9xjobCb85W4o7gY_NM9HaMntla7xQW370Tw4NguxfhlrbySJb_2pf7mu_CBXew-nBDspYjWRN5HkLiY3uyVNG-1gb4pVdUadz2PpV0bFkwyMyGrIrUk-p1KC48qDXDuLqGw2HVy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00363.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7eloE4ytEEfOZ5J_zN4qm1RjQ987gfNMds-SqwQ5JVwoXLkxIUOGSoQ5UJ0IOF9kgqWmQfpoW5nDMxdp_tXmbvXKJLviwQM_OIq1wXmRbvetlggkBSxwMTCKENLmk2tmlKZZ0BsaT4Xm0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00364.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7eloE4ytEEfOZ5J_zN4qm1RjQ987gfNMds-SqwQ5JVwoXLkxIUOGSoQ5UJ0IOF9kgqWmQfpoW5nDMxdp_tXmbvXKJLviwQM_OIq1wXmRbvetlggkBSxwMTCKENLmk2tmlKZZ0BsaT4Xm0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00364.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFrDbcqhbvmNLfjPl18uGKfCFZBZ9anLW1VjdO6dS0dP7n8pmeTMojdNOMtaXkUtMVRzFFyvH5huBpwad2EPpnz_NsDLkc436AxrYUzheUpba3DTr6VraruTAvQyyrCrJR3lpaQcIP1dT4/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00365.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFrDbcqhbvmNLfjPl18uGKfCFZBZ9anLW1VjdO6dS0dP7n8pmeTMojdNOMtaXkUtMVRzFFyvH5huBpwad2EPpnz_NsDLkc436AxrYUzheUpba3DTr6VraruTAvQyyrCrJR3lpaQcIP1dT4/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00365.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLytXJLRaDHGJJ5-xaXN6IWn5_q6B-beKJ-mEjmuer7JJ9npVUumd1jLdcV2XeCwU-n5nC_elCMU-nX85kcrhbXJtWZEmAsDHoQS8vwSpU41V38kI36GOSArvNoDYgJKaMt5OrG08_JiQe/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00366.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLytXJLRaDHGJJ5-xaXN6IWn5_q6B-beKJ-mEjmuer7JJ9npVUumd1jLdcV2XeCwU-n5nC_elCMU-nX85kcrhbXJtWZEmAsDHoQS8vwSpU41V38kI36GOSArvNoDYgJKaMt5OrG08_JiQe/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00366.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhGweReyOb9FI1-OC2eBiozvVhZ-ROu9BzGwZPJUvuM3-PEolq4ix3-6jG3L_73cp-p21xrP1IGm1swYUwyDddDHH_tHEhA_PJ6UuD3d5XwISxebWUxb_ws4wt2Oy71a83g0LTAuZz29O0x/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00367.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhGweReyOb9FI1-OC2eBiozvVhZ-ROu9BzGwZPJUvuM3-PEolq4ix3-6jG3L_73cp-p21xrP1IGm1swYUwyDddDHH_tHEhA_PJ6UuD3d5XwISxebWUxb_ws4wt2Oy71a83g0LTAuZz29O0x/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00367.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiysudsmAwsHLPhT-Dex_3-QYWHaqJOjVr-nA5nRigZcgs-SSp1FcaqfH7jm7w1S5Zn0F-qqMaTWh2YkRG5sUW5-jS1REYj2cWSnwjveV294h-X-1iFFOc44sZlBYS5_z3N28y6ss7C14H9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00368.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiysudsmAwsHLPhT-Dex_3-QYWHaqJOjVr-nA5nRigZcgs-SSp1FcaqfH7jm7w1S5Zn0F-qqMaTWh2YkRG5sUW5-jS1REYj2cWSnwjveV294h-X-1iFFOc44sZlBYS5_z3N28y6ss7C14H9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00368.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhros1ROjPsrKXan4kZ_vG2AOfqj304UFgNJeMIKOPdMjChqqfp46AAZfquZuZPOjdAnCs2n8P9AUQrqmQqEFPEvSlmqj4e8tol9-ymGgyeOgZj-LAcSV-ANHbgbb0X81rrWUCyd7hOSYZn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00369.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhros1ROjPsrKXan4kZ_vG2AOfqj304UFgNJeMIKOPdMjChqqfp46AAZfquZuZPOjdAnCs2n8P9AUQrqmQqEFPEvSlmqj4e8tol9-ymGgyeOgZj-LAcSV-ANHbgbb0X81rrWUCyd7hOSYZn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00369.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgocLAH0cvoPF-B6DfW2MBDAIy7S8KL92eAo-YB3-nMSu1A01B8cj2AM47HI_lRnj7HiXeYjc8Ff_x7Vy9Si64AFOYDObBtp2nMZLGSXmsj3YSoU30W1hoD9p0KDXpjJOh4RJjGcFetKA_-/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00370.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgocLAH0cvoPF-B6DfW2MBDAIy7S8KL92eAo-YB3-nMSu1A01B8cj2AM47HI_lRnj7HiXeYjc8Ff_x7Vy9Si64AFOYDObBtp2nMZLGSXmsj3YSoU30W1hoD9p0KDXpjJOh4RJjGcFetKA_-/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00370.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRkSdJwaR-vf-Km1wLK4LLGsBJw-K-spepj4k1KumFPOe7936z3WUcB79ILM6Z0hJEmZBGR_IGy-P51b_HiHAlgBf2pt2Rx2oowma60sJmR-s-vdE1lwfro7fkKjnJXTlDC7S4lnmbtZkO/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00371.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiRkSdJwaR-vf-Km1wLK4LLGsBJw-K-spepj4k1KumFPOe7936z3WUcB79ILM6Z0hJEmZBGR_IGy-P51b_HiHAlgBf2pt2Rx2oowma60sJmR-s-vdE1lwfro7fkKjnJXTlDC7S4lnmbtZkO/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00371.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEihsw7LG5bAyXyJIyojNMc4r08xgHUbwmuLra-hmIGjzsQS8vL7TF7Jy2c_8oaTmcEA061sNhPYXsc6crg9s8QrHCSsvH4pp6WvlSyt_HtCjQ51J3xJiiMMU3FUMOH5MwXsFiIi44R04kcm/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00372.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEihsw7LG5bAyXyJIyojNMc4r08xgHUbwmuLra-hmIGjzsQS8vL7TF7Jy2c_8oaTmcEA061sNhPYXsc6crg9s8QrHCSsvH4pp6WvlSyt_HtCjQ51J3xJiiMMU3FUMOH5MwXsFiIi44R04kcm/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00372.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjOwuIhKkxhlTq0dNUABVMHylsvpdjpCufzh0tv21GbGShnyFH3dbkebXq4mn53iWfIDsO_hP7EgM9fO_pZRnE0mSqYdCPc5O1sL5xWhDq0jHTuKZjZDWW9HYM3Rn0TYN7IdH0grn_0SHLG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00373.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjOwuIhKkxhlTq0dNUABVMHylsvpdjpCufzh0tv21GbGShnyFH3dbkebXq4mn53iWfIDsO_hP7EgM9fO_pZRnE0mSqYdCPc5O1sL5xWhDq0jHTuKZjZDWW9HYM3Rn0TYN7IdH0grn_0SHLG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00373.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi3ANBX6Niqs0V5b84Y1ruqAU9zsABjVd2erkxXzBVd8RmLSIXO5Q_wp9Mq9bTnC69Czod_mSjfXbILOIsItRFfl9ylrVaAEL3UdGtM7tyKi_oOHdb1yPhGkqG-7Jhk2y5kmlXEmdlXXxVd/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00374.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi3ANBX6Niqs0V5b84Y1ruqAU9zsABjVd2erkxXzBVd8RmLSIXO5Q_wp9Mq9bTnC69Czod_mSjfXbILOIsItRFfl9ylrVaAEL3UdGtM7tyKi_oOHdb1yPhGkqG-7Jhk2y5kmlXEmdlXXxVd/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00374.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxG6ocZZJHZpYLdu7jsEK4gtoXZoEHQxNKEY8tArI9dOL2JgYC4jJUVkXcWwXbv1STLZLVOiGhragXc8ZLmvKOPuBqg4Oe7hS6yKrKXWU1xHOh_L2sgdNSdMnFmglhm5vBEtKGAdrQR9W1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00375.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxG6ocZZJHZpYLdu7jsEK4gtoXZoEHQxNKEY8tArI9dOL2JgYC4jJUVkXcWwXbv1STLZLVOiGhragXc8ZLmvKOPuBqg4Oe7hS6yKrKXWU1xHOh_L2sgdNSdMnFmglhm5vBEtKGAdrQR9W1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00375.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSglAtLA5Dbd0ybFm9oZEO0XSq1vrquUfOkir2IdRPAMVMroYzAheYgxUMuwgzDRNUXUGb7Z86iDBDpfRhAigNG9Ph4tuMpyEqT0URDH0nAFnZDAIwa1tcWMVLLCDqer-a_vGphXqKgN9U/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00376.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgSglAtLA5Dbd0ybFm9oZEO0XSq1vrquUfOkir2IdRPAMVMroYzAheYgxUMuwgzDRNUXUGb7Z86iDBDpfRhAigNG9Ph4tuMpyEqT0URDH0nAFnZDAIwa1tcWMVLLCDqer-a_vGphXqKgN9U/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00376.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEglnt_mYO2Ec8e6xYxRbdBThFpkaFwtiZZVhoUUk8KkaamK0KLsOiUIj9UQ2Wrj_wifwWMGoqTodVe1l6blmIgY7QUV8RQ7psDLyKJywhuB38J2D_C9FKVbpwlAzqFKs2F5umfaUFy3jAHG/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00377.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEglnt_mYO2Ec8e6xYxRbdBThFpkaFwtiZZVhoUUk8KkaamK0KLsOiUIj9UQ2Wrj_wifwWMGoqTodVe1l6blmIgY7QUV8RQ7psDLyKJywhuB38J2D_C9FKVbpwlAzqFKs2F5umfaUFy3jAHG/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00377.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiqU24VTwaO7zByqdrdA_ooqId97ZvIsuWBBrYxaLAmEU3f5O2xMHGAe2ZHHjYfMPFVJUE6V4YZvF2l5nWeQh3-duHn_4aLRANkWafIvt1I2NmfJ7KxU0GKuCdneWhnE6UyoxkLObuhCm8w/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00378.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiqU24VTwaO7zByqdrdA_ooqId97ZvIsuWBBrYxaLAmEU3f5O2xMHGAe2ZHHjYfMPFVJUE6V4YZvF2l5nWeQh3-duHn_4aLRANkWafIvt1I2NmfJ7KxU0GKuCdneWhnE6UyoxkLObuhCm8w/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00378.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgDHMpYTJAzhhOlZBqrEQosjcD4vNZsK7lb0eI2U9G9zILEi68WZX01dcxvr5RiXVmGxfizAxU4cgURXr9QIOfsE0UQv-AeLnYhCtwg6oq13a1oQiHq6O2sOkbNOnDhDA_Xq2Cxt-wGYj95/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00379.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgDHMpYTJAzhhOlZBqrEQosjcD4vNZsK7lb0eI2U9G9zILEi68WZX01dcxvr5RiXVmGxfizAxU4cgURXr9QIOfsE0UQv-AeLnYhCtwg6oq13a1oQiHq6O2sOkbNOnDhDA_Xq2Cxt-wGYj95/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00379.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi0dkfoThOG83Ko-_QA-PoSHTSAIc0ULrUEnKJls9AjG8k7t4_DjGiRMG2d2P6xhMxhScmhyOr4-YhvWyYmgPQ9td3qaowvv6atDGLg8a7Ptk0cWd9XGyJmKA3m0nBwzvx5nW71SrSqjyqm/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00380.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi0dkfoThOG83Ko-_QA-PoSHTSAIc0ULrUEnKJls9AjG8k7t4_DjGiRMG2d2P6xhMxhScmhyOr4-YhvWyYmgPQ9td3qaowvv6atDGLg8a7Ptk0cWd9XGyJmKA3m0nBwzvx5nW71SrSqjyqm/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00380.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhz3lPTmn0FO2NmJYH9FsfLikwV_yb54u7MIl6ghU9f2JLzqDUPonXE5Wgv12VjM5zil4LC4p7YIGAn3l1RutsoKWOP_C2T_zz_hfXnwDBOJNyaD1LgB8jxUheFx6l6aXkndUstlBdUhBjx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00381.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhz3lPTmn0FO2NmJYH9FsfLikwV_yb54u7MIl6ghU9f2JLzqDUPonXE5Wgv12VjM5zil4LC4p7YIGAn3l1RutsoKWOP_C2T_zz_hfXnwDBOJNyaD1LgB8jxUheFx6l6aXkndUstlBdUhBjx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00381.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMdNh3S7th9EcxiIoqlkXJT-9nftgDcJqRYy_WHYEHIiDPLb_5nKXrOZHM92B_F-3-jp_Sjd0tZTUYwHkEQvyuHObPpGAg3v6CNwF5hSL4m8Q-1_215caow0pbWwZrbMP8okM0KOlhTOLS/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00382.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMdNh3S7th9EcxiIoqlkXJT-9nftgDcJqRYy_WHYEHIiDPLb_5nKXrOZHM92B_F-3-jp_Sjd0tZTUYwHkEQvyuHObPpGAg3v6CNwF5hSL4m8Q-1_215caow0pbWwZrbMP8okM0KOlhTOLS/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00382.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1pgHOo0AhpJNMR41aQ7X6RHvseS7rQbRLTgyxemHK3jwe2u2SkU4ZyaW_bdzV1rw7j0c0uI14A4RYx3Rua4TVbSjUCmDKXCxmVe6V5yLOkE-kS-n9MQ9vfnxUcnTTM_hLZzki4Jk9TD7v/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00383.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1pgHOo0AhpJNMR41aQ7X6RHvseS7rQbRLTgyxemHK3jwe2u2SkU4ZyaW_bdzV1rw7j0c0uI14A4RYx3Rua4TVbSjUCmDKXCxmVe6V5yLOkE-kS-n9MQ9vfnxUcnTTM_hLZzki4Jk9TD7v/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00383.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjPGemQJXWyqPOmo50WS4M4H1929lSFHd4PA5QtWd4x__QhBnXtGNZtiXpO57h_GrmezcunmY43RmyWdXy8R6nGQdsqMACwCQxo_znRj8m0_ADcR6UW0HBYnpGXSrMQcReGby7V-fgvqW4N/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00384.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjPGemQJXWyqPOmo50WS4M4H1929lSFHd4PA5QtWd4x__QhBnXtGNZtiXpO57h_GrmezcunmY43RmyWdXy8R6nGQdsqMACwCQxo_znRj8m0_ADcR6UW0HBYnpGXSrMQcReGby7V-fgvqW4N/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00384.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0ITdHwZaRbUFTi-WOa78NLR67j-yTNX3PUb68IOcnmSC4r7L8YwnboqYV1Bb7qkHAuSUKmIpPsY2VCirvyoQoVihgkhVWOZ4c1akIvrVQDpyBHx8gscSJR4kJfijrgKlhsoquqgMJRpr3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00385.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0ITdHwZaRbUFTi-WOa78NLR67j-yTNX3PUb68IOcnmSC4r7L8YwnboqYV1Bb7qkHAuSUKmIpPsY2VCirvyoQoVihgkhVWOZ4c1akIvrVQDpyBHx8gscSJR4kJfijrgKlhsoquqgMJRpr3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00385.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhTq5p-fQz4PgCSuhHuqUa70EcLl4uGrcHm93OGz9u144D2kVJPaG5M1O8uwqL65syScyHiiR8ZeGdsla-KTSlmztYGOzykQtsLvFbqtHiR6GZvzAK7nAK9XGYI6eMZ0Jay2NiMPeoZog2h/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00386.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhTq5p-fQz4PgCSuhHuqUa70EcLl4uGrcHm93OGz9u144D2kVJPaG5M1O8uwqL65syScyHiiR8ZeGdsla-KTSlmztYGOzykQtsLvFbqtHiR6GZvzAK7nAK9XGYI6eMZ0Jay2NiMPeoZog2h/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00386.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj4KOkfR2ifM5Xn2I6kWUZ_KBHmnPrX-4kmn0sUVzxtdxZxbFrKFHJifQD1JyuaWsH9Q5COI7LAeRQM9_5T_UW4PdrsB-W14zbWUTACF4HRMcKKOqOm2QybPq2_os0EnYPIRR0fUlUvZ13t/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00387.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj4KOkfR2ifM5Xn2I6kWUZ_KBHmnPrX-4kmn0sUVzxtdxZxbFrKFHJifQD1JyuaWsH9Q5COI7LAeRQM9_5T_UW4PdrsB-W14zbWUTACF4HRMcKKOqOm2QybPq2_os0EnYPIRR0fUlUvZ13t/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00387.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjGdhAz87311uipWB4OXCwoSLvghbTdTuJ4Bjz6CSE-oi8-DNeV8g6Vu8H7ejhrzjnsgINuotiVuNLmZ0Hy34BvTNl6qSB_bvmVPBq6hqD5WI3f3_5cNfZQaZxSwp0SHhBjyQZJfDaG4Drs/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00388.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjGdhAz87311uipWB4OXCwoSLvghbTdTuJ4Bjz6CSE-oi8-DNeV8g6Vu8H7ejhrzjnsgINuotiVuNLmZ0Hy34BvTNl6qSB_bvmVPBq6hqD5WI3f3_5cNfZQaZxSwp0SHhBjyQZJfDaG4Drs/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00388.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgEtlBZN4ql00dRuEktgo1L3uL_HY3f6xyI9qIrd-GlyXkIsUPJzOqU1YWAj1yjaX8mT9o8nQkZ5y6P9V0N1jHjFD2q_KJ-9EYXVpA_YSBzjs4oxEOitx93Ocj_vgKEr7Qf4hhx9Ye3dMFF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00389.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgEtlBZN4ql00dRuEktgo1L3uL_HY3f6xyI9qIrd-GlyXkIsUPJzOqU1YWAj1yjaX8mT9o8nQkZ5y6P9V0N1jHjFD2q_KJ-9EYXVpA_YSBzjs4oxEOitx93Ocj_vgKEr7Qf4hhx9Ye3dMFF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00389.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi9gH888kx48NIOtbsHsRpsVdIMEi8NsqfXi8sQVk7BcMs3wKPzKBD0we5A2ee8lBNa-HMsgtaBHR5MNiZs-49yv_vpa_u4KhwWp95rByEKlXOvR1DcEhPWmF7Vz3Zx3fRfXiEG-6wuYWGi/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00390.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi9gH888kx48NIOtbsHsRpsVdIMEi8NsqfXi8sQVk7BcMs3wKPzKBD0we5A2ee8lBNa-HMsgtaBHR5MNiZs-49yv_vpa_u4KhwWp95rByEKlXOvR1DcEhPWmF7Vz3Zx3fRfXiEG-6wuYWGi/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00390.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEijBYkd6g-zc4jXWUc5apnFKZ7w0Gni1UFh7m0IfpoAu5b5NR8NLx2bSbY5qsj87FKwYMwiglKNX_iLCZnww8APRuJdwUE8IIaW_yzOFbZNB4lUlKvyu8wIa3A50hF_cMO76tCBIwqNc6hV/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00391.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEijBYkd6g-zc4jXWUc5apnFKZ7w0Gni1UFh7m0IfpoAu5b5NR8NLx2bSbY5qsj87FKwYMwiglKNX_iLCZnww8APRuJdwUE8IIaW_yzOFbZNB4lUlKvyu8wIa3A50hF_cMO76tCBIwqNc6hV/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00391.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiB3ForJgM0-dqUrH5-4q7PQMFWza6vRgcSLW_4NYwoblt836UzcG0NTmdc0Q1MgGaKfpndN8uIBhgGqfq3umsWLlWoGGeBMa82ZldTgNJlb3yjIkIQ7GwlLvaR74V4ZtDRK3HGd2d35Knn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00392.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiB3ForJgM0-dqUrH5-4q7PQMFWza6vRgcSLW_4NYwoblt836UzcG0NTmdc0Q1MgGaKfpndN8uIBhgGqfq3umsWLlWoGGeBMa82ZldTgNJlb3yjIkIQ7GwlLvaR74V4ZtDRK3HGd2d35Knn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00392.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjGVLpF_vrM4n5IrmsN5-dTR86gnFLHGapox4oqCPZXBPTWRFBoRRjxbdDWV5b8kLibdDcLTFKxlWDIaBMQHDuYTk5Koo9uC-n5yKQCw-wV-n8GFCmR7sv2SDmO4fLc6vD2qoRvk2YjZ-vl/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00393.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjGVLpF_vrM4n5IrmsN5-dTR86gnFLHGapox4oqCPZXBPTWRFBoRRjxbdDWV5b8kLibdDcLTFKxlWDIaBMQHDuYTk5Koo9uC-n5yKQCw-wV-n8GFCmR7sv2SDmO4fLc6vD2qoRvk2YjZ-vl/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00393.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7phoxkRu1nFVnDFsedRqT1iT1_VFWI-eWqefOM9sLqxGce65xUBDnXpxew_phPn4S2qhfVdUpUz06CRvMaqV0upAo2crcyLy1Kx_E8AxOHj0LAlxef9-0PTcEBLI0BorxDW9R639T-jrq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00394.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7phoxkRu1nFVnDFsedRqT1iT1_VFWI-eWqefOM9sLqxGce65xUBDnXpxew_phPn4S2qhfVdUpUz06CRvMaqV0upAo2crcyLy1Kx_E8AxOHj0LAlxef9-0PTcEBLI0BorxDW9R639T-jrq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00394.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgZjy_VHmVKb2lMBUs3JFxmy2uPGdlbhkI2jdOm90yDlONtH5DPzStm4XZK2LlXspVTDcARh2-SnMxj9_8jTy5_95zeqTNEwFPCiu_RDOQmQrvMNthDvNorBsV-FDjSOR_srGHBYmjv-BoC/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00395.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgZjy_VHmVKb2lMBUs3JFxmy2uPGdlbhkI2jdOm90yDlONtH5DPzStm4XZK2LlXspVTDcARh2-SnMxj9_8jTy5_95zeqTNEwFPCiu_RDOQmQrvMNthDvNorBsV-FDjSOR_srGHBYmjv-BoC/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00395.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhb8hXfq0spEvMrt35Dsfh-dw6aBeC4C1npyeFy17rgtbznKg8fcb3uzjmKfgLGRrQLoLvRU4RptuPt1lME_jB9Rhv9vAlTm3Ehvrr6MU5ORQiOFwZuzT_7Zu_sLzI-JQRVW0pFyCsCc-a3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00396.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhb8hXfq0spEvMrt35Dsfh-dw6aBeC4C1npyeFy17rgtbznKg8fcb3uzjmKfgLGRrQLoLvRU4RptuPt1lME_jB9Rhv9vAlTm3Ehvrr6MU5ORQiOFwZuzT_7Zu_sLzI-JQRVW0pFyCsCc-a3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00396.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqNiMgUG7BS2s4QNKgMB_esOph_hoHX-SKi8r50bnwyxcGnSU2UogL-gdrFobVPFywQVD0ahu6mM7gcoxtTvSj8zktNOm9cY6E02LQhJU4ZviNv5nGIKa5kzJKou-t2XzXB0rPf0_AC0SF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00397.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqNiMgUG7BS2s4QNKgMB_esOph_hoHX-SKi8r50bnwyxcGnSU2UogL-gdrFobVPFywQVD0ahu6mM7gcoxtTvSj8zktNOm9cY6E02LQhJU4ZviNv5nGIKa5kzJKou-t2XzXB0rPf0_AC0SF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00397.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgc0VYBTjUtMJYKr4E1Ucnlv40UFyztdsx6_RL0aDluHCwLbeKFQtQwn8cGwVr5IinWvEeyYy6TfL_Y_Ms_sbXtVSXkIW3MRHB79ouQPE9zscnb0TxHhnG3jBeS2J3NvCqEcuwsQVojWR_T/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00398.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgc0VYBTjUtMJYKr4E1Ucnlv40UFyztdsx6_RL0aDluHCwLbeKFQtQwn8cGwVr5IinWvEeyYy6TfL_Y_Ms_sbXtVSXkIW3MRHB79ouQPE9zscnb0TxHhnG3jBeS2J3NvCqEcuwsQVojWR_T/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00398.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizgA46ySmDUrrHneFewfzFpmnfosKdNjmdjg6VGkld9uwDHCkEr3BEMEsA8fOcgH27_3BiYR_Me58nKxFefgHMWVvZU5hXHlsPpt98oyR-MJCgO0kVW1Hj8h9zZg5WvAUuqVXRJeQQk764/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00399.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizgA46ySmDUrrHneFewfzFpmnfosKdNjmdjg6VGkld9uwDHCkEr3BEMEsA8fOcgH27_3BiYR_Me58nKxFefgHMWVvZU5hXHlsPpt98oyR-MJCgO0kVW1Hj8h9zZg5WvAUuqVXRJeQQk764/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00399.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEik5rETjX_7nZ48ppcx0O_oDYsuwq3OoYegpwC531HSv-GN6aDnlfLLCwWhNo34sQb5jkfoEBqxlXBJFMGvoqzads5o_iX_h9Tg1EmW8VIZfBlOtznZPKpsKPYmxoJBrlxpuF5DjTLpbuJy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00400.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEik5rETjX_7nZ48ppcx0O_oDYsuwq3OoYegpwC531HSv-GN6aDnlfLLCwWhNo34sQb5jkfoEBqxlXBJFMGvoqzads5o_iX_h9Tg1EmW8VIZfBlOtznZPKpsKPYmxoJBrlxpuF5DjTLpbuJy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00400.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhC92sAEIWlNBzy3496yyGrPLriDuYUxa5cOvAIa_iRtIzRkJrZTktCqlr8HcYQg4VUAoSbU_zMxsvuIeVBaWA8Q4ObCkgmFKp4wBG16qky5XyJq6MOcg2pLAckZuzCrluE-Ev9sJj7-bvW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00401.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhC92sAEIWlNBzy3496yyGrPLriDuYUxa5cOvAIa_iRtIzRkJrZTktCqlr8HcYQg4VUAoSbU_zMxsvuIeVBaWA8Q4ObCkgmFKp4wBG16qky5XyJq6MOcg2pLAckZuzCrluE-Ev9sJj7-bvW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00401.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhW1CxrjzgCYKeNSYLb5BEwqQPIU5Ts3xecitEsEpPkKbeVpNxdYJDvHzhskd9xHb9isgFZUOXQMjN7Rr8-xk_FOaQNKAPeHC7TE0qJL7EAO0__Qc1gReE7GL-gby7QtLCkM7QisEGptOS3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00402.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhW1CxrjzgCYKeNSYLb5BEwqQPIU5Ts3xecitEsEpPkKbeVpNxdYJDvHzhskd9xHb9isgFZUOXQMjN7Rr8-xk_FOaQNKAPeHC7TE0qJL7EAO0__Qc1gReE7GL-gby7QtLCkM7QisEGptOS3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00402.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgd7gGO0sPqJoRBqGsvVruUhSiET90rYSMVgbt_ZuHch_bTAoZGBXJkQHQR0_3gC3xVpgV5OvU082JkwHe6cJW48o_lcsrKu0Tn0PBOX0zSPdFSQPxCxqufqf6Ni2cfmPoFMVUoXY_EPEXT/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00403.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgd7gGO0sPqJoRBqGsvVruUhSiET90rYSMVgbt_ZuHch_bTAoZGBXJkQHQR0_3gC3xVpgV5OvU082JkwHe6cJW48o_lcsrKu0Tn0PBOX0zSPdFSQPxCxqufqf6Ni2cfmPoFMVUoXY_EPEXT/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00403.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYI9sKT0Zw1tHgQY80hGglLWQ_sZDwXe-Xfys9Q26urKXiJDRDjUEZrHX4U2Lqpg_6N3UlV8k1TIJIxgFXv4-zQlkVnaoGsMduvomBUet8OgK0urg94SrfN0DEcTPLCOnIZDD72rLNlAzR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00404.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYI9sKT0Zw1tHgQY80hGglLWQ_sZDwXe-Xfys9Q26urKXiJDRDjUEZrHX4U2Lqpg_6N3UlV8k1TIJIxgFXv4-zQlkVnaoGsMduvomBUet8OgK0urg94SrfN0DEcTPLCOnIZDD72rLNlAzR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00404.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-LBQwIMCc4Qtcb8Z-G92WXHIYMEAVLsalBcNDFKChvnwj2vGkuIuCrAIfy82sBrPNyFKaynWiS8v8yz1hOiKQb4S0PiqkRuZVMfJmxMF-arkRUjJXPV-FtRy4ir6ze_pgn1FhghSXY39k/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00405.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-LBQwIMCc4Qtcb8Z-G92WXHIYMEAVLsalBcNDFKChvnwj2vGkuIuCrAIfy82sBrPNyFKaynWiS8v8yz1hOiKQb4S0PiqkRuZVMfJmxMF-arkRUjJXPV-FtRy4ir6ze_pgn1FhghSXY39k/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00405.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgjq_RSQixXgDIGKAUfP7i-OqHZuJ6WhI8yEy4dIpo89s5f0-tpj5tisEU3s_fcaoKUpOhjjhWg6FqI1p0f-nb4ZJZ45xA6_DSwpp4Pna39xxCQkPn4e6B7-itejQGO8n0JLi54-mwXmAzx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00406.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgjq_RSQixXgDIGKAUfP7i-OqHZuJ6WhI8yEy4dIpo89s5f0-tpj5tisEU3s_fcaoKUpOhjjhWg6FqI1p0f-nb4ZJZ45xA6_DSwpp4Pna39xxCQkPn4e6B7-itejQGO8n0JLi54-mwXmAzx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00406.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYE2A99SdIPx20HpINVZ2IXF34aa-xCgxhucHReEPDrCaStr89aMrAjNvOHXp46YD2G2hwwF9UZ2N21gm5CSmpZ16RS0gHpei3zIgs65UidljvGO-YURmZSpDB9tuhmNaD5ThJBrXZywK_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00407.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgYE2A99SdIPx20HpINVZ2IXF34aa-xCgxhucHReEPDrCaStr89aMrAjNvOHXp46YD2G2hwwF9UZ2N21gm5CSmpZ16RS0gHpei3zIgs65UidljvGO-YURmZSpDB9tuhmNaD5ThJBrXZywK_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00407.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZAdr8SO-BzoIvmAw3TbRUh-AjfaLxpeRhFGEL7PzIdKKN6c0r_5oxJBsoAdhFjMsy6bhryaJW6fUTnROu29BIsJsCt_u7cLsda_3spyUqjOJrpj_juPbnBvBsf-XwB4ISj7eJylZSQqaP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00408.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZAdr8SO-BzoIvmAw3TbRUh-AjfaLxpeRhFGEL7PzIdKKN6c0r_5oxJBsoAdhFjMsy6bhryaJW6fUTnROu29BIsJsCt_u7cLsda_3spyUqjOJrpj_juPbnBvBsf-XwB4ISj7eJylZSQqaP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00408.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhUJAsOKjTWNmKTnpH6WL3eN2WtsYJZoJICm4_psWIXc1X5_6j-_vAXzzT8_obgeDlBQhDADcug8PFiV69jA35zLylDfOCHcK0mn2jwckwlfc-dFRjOsn5unYkoIFwvdJ_iVxzrw3JFq2ee/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00409.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhUJAsOKjTWNmKTnpH6WL3eN2WtsYJZoJICm4_psWIXc1X5_6j-_vAXzzT8_obgeDlBQhDADcug8PFiV69jA35zLylDfOCHcK0mn2jwckwlfc-dFRjOsn5unYkoIFwvdJ_iVxzrw3JFq2ee/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00409.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiZgi0trDPoPe8K1LycoWYoCh8b5MM8N-_pVJN8EK3qbzinVCV0WAnWNxPEPbDz3jDc8EExAvDU1yMS4jHCc7uQgp43xenndVuVnpf3MKT7n2hmDRd5FsIe5NTPfG-k_zTHKhvkEokLXxSK/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00410.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiZgi0trDPoPe8K1LycoWYoCh8b5MM8N-_pVJN8EK3qbzinVCV0WAnWNxPEPbDz3jDc8EExAvDU1yMS4jHCc7uQgp43xenndVuVnpf3MKT7n2hmDRd5FsIe5NTPfG-k_zTHKhvkEokLXxSK/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00410.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhONK8vNfP9FVIdPy2kKhO4yO8BEFPubNyVqOEx4DLvwc72OKQ-os_kaZNQAdCqJGoRFPi6E8RrvLyM1zRcAPPa_MmcRi24ACQIL9M9kzyCD9Lwhn9BctLMbh5ekNYWBeOQWBKuIKdhfZ3x/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00411.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhONK8vNfP9FVIdPy2kKhO4yO8BEFPubNyVqOEx4DLvwc72OKQ-os_kaZNQAdCqJGoRFPi6E8RrvLyM1zRcAPPa_MmcRi24ACQIL9M9kzyCD9Lwhn9BctLMbh5ekNYWBeOQWBKuIKdhfZ3x/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00411.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBOnJeOECtV1D77DXr4aRs7Wd9FP5nqihO_9o2DNIGN-U-tooyT7P43E8YOEERpfcX5HTf8NAn5qXCkSODbKsQMcsGLOpOJVp5VqW-k8CJx9LAJzLcyT9VbTMR6NLYR9sJ3EaRwqiuw9K1/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00412.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBOnJeOECtV1D77DXr4aRs7Wd9FP5nqihO_9o2DNIGN-U-tooyT7P43E8YOEERpfcX5HTf8NAn5qXCkSODbKsQMcsGLOpOJVp5VqW-k8CJx9LAJzLcyT9VbTMR6NLYR9sJ3EaRwqiuw9K1/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00412.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiyvOR3jF2_I9RME36xDHwQt3LUNQgqFyX4FNrzU7YvJPb3kuNuRnvDipAxLOKOqSNBl-MzTjj3xzlt4odoTQv63FbAlR14pGjLZhavNgFN0kIbCClJXjIFARRIaK5N7ocFsDacu4-xRaa0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00413.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiyvOR3jF2_I9RME36xDHwQt3LUNQgqFyX4FNrzU7YvJPb3kuNuRnvDipAxLOKOqSNBl-MzTjj3xzlt4odoTQv63FbAlR14pGjLZhavNgFN0kIbCClJXjIFARRIaK5N7ocFsDacu4-xRaa0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00413.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi6xJoBB15eBZQZqtkjjzRwcdX7-6ePRyKuwu941VvYYCRHnElPcpPxWwzfPrZD4p235ZMiD2ANXj1-mCCRsS__JOqGsTodalBwGhdbTSTg8PqDjp_0L3sl6SEqvEvb97a-1HloX2kqbeJ3/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00414.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi6xJoBB15eBZQZqtkjjzRwcdX7-6ePRyKuwu941VvYYCRHnElPcpPxWwzfPrZD4p235ZMiD2ANXj1-mCCRsS__JOqGsTodalBwGhdbTSTg8PqDjp_0L3sl6SEqvEvb97a-1HloX2kqbeJ3/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00414.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwL176Gpy3BPa7cASPltyExGqG7P-3Id8KplI-UPj_wXxI6caPhvnSAscUBE8cENSK97JjQEXzGHvxix5OYx403eGtPxav7FAZ4K0BEmiyTQEbub7Q_VmgYdwDptMD8QMhdUpUxIkUjCRz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00415.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwL176Gpy3BPa7cASPltyExGqG7P-3Id8KplI-UPj_wXxI6caPhvnSAscUBE8cENSK97JjQEXzGHvxix5OYx403eGtPxav7FAZ4K0BEmiyTQEbub7Q_VmgYdwDptMD8QMhdUpUxIkUjCRz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00415.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEihIqwkqKnQjdOHVS82tfofeXtOl3fxPPRbQK4RRvP39eGG0lEa3cWpMF6UcAYK_JDOee5-FVsO5beU65L7pRZGxhCwW7ojAxGg4Y4il-WgAcAMnx6uSZ3U2ZAMmYH_A41wILsr5VPruYRC/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00416.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEihIqwkqKnQjdOHVS82tfofeXtOl3fxPPRbQK4RRvP39eGG0lEa3cWpMF6UcAYK_JDOee5-FVsO5beU65L7pRZGxhCwW7ojAxGg4Y4il-WgAcAMnx6uSZ3U2ZAMmYH_A41wILsr5VPruYRC/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00416.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgS4gFgbFp8vOyIPK9mEhyphenhyphenC5KHMFAnyGM1-mQEI7yMbWZK7fNqrX96vI6vNc4uCAT4cDkWiLlOSsp3156x_1H1ysc-PuXhgwOIfAC0VYMP2-OoEuxQgcmH1qH6GhsT6-cvRY6HwsKMDLKO0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00417.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgS4gFgbFp8vOyIPK9mEhyphenhyphenC5KHMFAnyGM1-mQEI7yMbWZK7fNqrX96vI6vNc4uCAT4cDkWiLlOSsp3156x_1H1ysc-PuXhgwOIfAC0VYMP2-OoEuxQgcmH1qH6GhsT6-cvRY6HwsKMDLKO0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00417.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj9M_E6SLW2Nwu-_FdJRWBmKyO0fRBqH__M4gxlLrJMjfR0Xr08P02YnJhKZsqjITlyyLV7kCokWjs2X7vOqeaivaBWfI8GgfpOv2Q-eTFAQFn3og9eHsubkD0tBF1tCD5n_LlA_94in-wZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00418.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj9M_E6SLW2Nwu-_FdJRWBmKyO0fRBqH__M4gxlLrJMjfR0Xr08P02YnJhKZsqjITlyyLV7kCokWjs2X7vOqeaivaBWfI8GgfpOv2Q-eTFAQFn3og9eHsubkD0tBF1tCD5n_LlA_94in-wZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00418.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_zTuwY5srdN_N-r_nAHJTXa1ktWC-w7byLMfXWnYGywUIo-VEdsK34DCjNOfw3X3ptNNYEoKaYNjEojxgYZorJ-YHhizwy0L6FTeCwZETjh0w7cIZzjaQIfs8J163ZDCr56mYVPbVj-_X/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00419.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_zTuwY5srdN_N-r_nAHJTXa1ktWC-w7byLMfXWnYGywUIo-VEdsK34DCjNOfw3X3ptNNYEoKaYNjEojxgYZorJ-YHhizwy0L6FTeCwZETjh0w7cIZzjaQIfs8J163ZDCr56mYVPbVj-_X/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00419.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcgGDqglw0QWtXDto3QjCh7Hb7QiD7eSvRA0QNhjWuDutnWujgmYqA6ueSOyAaooBaaV9X50QGqVWdrDD0zPimF93uFNnV1kq4TKdSnwvDFRJksB_7Zm0waIbGwcLIIUbZ7XN-l2BXu1Mb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00420.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcgGDqglw0QWtXDto3QjCh7Hb7QiD7eSvRA0QNhjWuDutnWujgmYqA6ueSOyAaooBaaV9X50QGqVWdrDD0zPimF93uFNnV1kq4TKdSnwvDFRJksB_7Zm0waIbGwcLIIUbZ7XN-l2BXu1Mb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00420.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWdWMLnzMUi-B_sSciODpiDrkZvptLkzQG7wSWp4xMamEsXj3_JRsFRF9XtAzvwG5ZFscBd5QL-wTTYI7IAaUrXZamArV9zg4HKdZBuOsY1hUr6DkZ3kaV570vKBiC3v4et88xJJmM6W7D/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00421.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWdWMLnzMUi-B_sSciODpiDrkZvptLkzQG7wSWp4xMamEsXj3_JRsFRF9XtAzvwG5ZFscBd5QL-wTTYI7IAaUrXZamArV9zg4HKdZBuOsY1hUr6DkZ3kaV570vKBiC3v4et88xJJmM6W7D/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00421.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiZyjKvwwZ8gElAIKeI8JG8OWWQeOHv5cKqY4oEriCpPmwfylFjMdfXMgdVQyzd2j7ZwOy0cMaFwUW-6pksqWLu5oZpjwxxpQiZgCImUCUJXoLNPAhPLAJszKEZf84Xw2kiFkEfUfWO3_R6/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00422.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiZyjKvwwZ8gElAIKeI8JG8OWWQeOHv5cKqY4oEriCpPmwfylFjMdfXMgdVQyzd2j7ZwOy0cMaFwUW-6pksqWLu5oZpjwxxpQiZgCImUCUJXoLNPAhPLAJszKEZf84Xw2kiFkEfUfWO3_R6/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00422.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjkTTOH6rvuAwg7ACpuH_X5nsnOB5iLfjJJduk2YNx39y38yoPdpDTa6mGQJcIj6mDouGkS2rUQrhxcUEgiG7xwbAoqOpKgvN4a9VBLiK7JIfU9Ez3sOr5tFSCAuDHDhHchnZ6Lzi1gGRKY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00423.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjkTTOH6rvuAwg7ACpuH_X5nsnOB5iLfjJJduk2YNx39y38yoPdpDTa6mGQJcIj6mDouGkS2rUQrhxcUEgiG7xwbAoqOpKgvN4a9VBLiK7JIfU9Ez3sOr5tFSCAuDHDhHchnZ6Lzi1gGRKY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00423.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEikej4d5gG0fWIXXqMChNZSIEuNK9WFsAXTNElQAzgO6_reSTLBf3RkpGzH88cY40PN_FqPiiFQxaY11s_EG1Ltu04of3UT9wVZTxEZzgBOXahHvw0HCRJ0ObDPuCOc3_PgExl_AmtNc7ur/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00424.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEikej4d5gG0fWIXXqMChNZSIEuNK9WFsAXTNElQAzgO6_reSTLBf3RkpGzH88cY40PN_FqPiiFQxaY11s_EG1Ltu04of3UT9wVZTxEZzgBOXahHvw0HCRJ0ObDPuCOc3_PgExl_AmtNc7ur/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00424.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiVViPCfDURbwcfv4wDuxdPrUYcgPdib6qhL1EvOS1ZuzcoLegCXA1aW_KKCyxo4o2b3iy23xcT9RsbHGN9LK88jiCeBvmo4JdW_jQFQ1GgT0vKVrNSi4y3ddsYidEHEPyQzRY9aCfTyZQX/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00425.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiVViPCfDURbwcfv4wDuxdPrUYcgPdib6qhL1EvOS1ZuzcoLegCXA1aW_KKCyxo4o2b3iy23xcT9RsbHGN9LK88jiCeBvmo4JdW_jQFQ1GgT0vKVrNSi4y3ddsYidEHEPyQzRY9aCfTyZQX/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00425.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRwV-QEm5Kg-f3MB9wfpUleWIYvfE5K-rIF3XX5jcXd_7tTwjvCsrudvHu1voeseyydIwX6Tmmn09A_qLGWmoCHt50AtbFxjuEt0vGG3QVskjIqYlPrcKLRn6OfMReuYmBB_LGUEjS_c_v/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00426.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRwV-QEm5Kg-f3MB9wfpUleWIYvfE5K-rIF3XX5jcXd_7tTwjvCsrudvHu1voeseyydIwX6Tmmn09A_qLGWmoCHt50AtbFxjuEt0vGG3QVskjIqYlPrcKLRn6OfMReuYmBB_LGUEjS_c_v/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00426.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhNQqv5NArv8q248a0Ug4-ze2BZSyej5K8oYQxNtlTs4PaPut3bvpje5c7JL9qBRaOPQ_ufzuUuGIIdsoCJvwds_3in4IXuoTHQt2zhronXpaJCiG5480-JJp11nSp03eJ6Qfh7puQAQYU2/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00427.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhNQqv5NArv8q248a0Ug4-ze2BZSyej5K8oYQxNtlTs4PaPut3bvpje5c7JL9qBRaOPQ_ufzuUuGIIdsoCJvwds_3in4IXuoTHQt2zhronXpaJCiG5480-JJp11nSp03eJ6Qfh7puQAQYU2/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00427.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqfsmts77eiNIcXMqDOyeIt6hGZq97Q8cYIrb6cFg0MMXkikclKTtntGfbxo9m6XxbgauW4UPNquV55WsnHpEOGLYzgW5keY0dBGZkn5GB-hOouIUwjrAOMg3-UnDiEVeOYcEh0re7Eh9o/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00428.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqfsmts77eiNIcXMqDOyeIt6hGZq97Q8cYIrb6cFg0MMXkikclKTtntGfbxo9m6XxbgauW4UPNquV55WsnHpEOGLYzgW5keY0dBGZkn5GB-hOouIUwjrAOMg3-UnDiEVeOYcEh0re7Eh9o/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00428.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFNJIIzmv8QMn2wGhToahuM4G_SfyEEllvaTckB4IacCOfNcQgjytjhWHsXGqIUsyYZfYNEF5dZlGZH3TQQnzNpf5uG3MoagGMRENvKzZHEYQjYMoxODLWks1xFzNrrXGv8_XdBB-Lx991/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00429.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFNJIIzmv8QMn2wGhToahuM4G_SfyEEllvaTckB4IacCOfNcQgjytjhWHsXGqIUsyYZfYNEF5dZlGZH3TQQnzNpf5uG3MoagGMRENvKzZHEYQjYMoxODLWks1xFzNrrXGv8_XdBB-Lx991/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00429.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhTSP8lO0aHOEAcSvYddEw_suGcfcYlbCrzZwdUA5zKIBqsO4H4JgygB-KGSYGc8wbBOHxXXzWeo9hyphenhyphenQC4yEZUvnQLHSF3MrZHWXUO9ITP8H80VrK-CCtTGMQW3YBsBWF5JQyTgCXpFTgsK/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00430.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhTSP8lO0aHOEAcSvYddEw_suGcfcYlbCrzZwdUA5zKIBqsO4H4JgygB-KGSYGc8wbBOHxXXzWeo9hyphenhyphenQC4yEZUvnQLHSF3MrZHWXUO9ITP8H80VrK-CCtTGMQW3YBsBWF5JQyTgCXpFTgsK/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00430.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcNidXhnD7I3om1MNkMKyoBdi54yjZm2z0SB-6RIJxWaSri9zS8GOBwzEVP-s9-ME8ZJJenyMdtfzyztTZ6X7OH4oF49xv3dvCwVEpMIhpwkyQh4tpdTi9EsZF_6J4ukxSJncU-Ubj2ZHq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00431.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcNidXhnD7I3om1MNkMKyoBdi54yjZm2z0SB-6RIJxWaSri9zS8GOBwzEVP-s9-ME8ZJJenyMdtfzyztTZ6X7OH4oF49xv3dvCwVEpMIhpwkyQh4tpdTi9EsZF_6J4ukxSJncU-Ubj2ZHq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00431.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdtBDJe7g8aiaCcsyWQznZmLcEV_C08uS8UTv4-8czTYqpKXXXUgba9fq_kJ6NeQuaaNTyxo4aL6EQRNWQsQHgcjN_DC4h5I7ey0R0rtsrFCjz0BZCLbf0qgjGEAa4nqAtrUnRlvkzGUYF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00432.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdtBDJe7g8aiaCcsyWQznZmLcEV_C08uS8UTv4-8czTYqpKXXXUgba9fq_kJ6NeQuaaNTyxo4aL6EQRNWQsQHgcjN_DC4h5I7ey0R0rtsrFCjz0BZCLbf0qgjGEAa4nqAtrUnRlvkzGUYF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00432.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjS4Rqc-bIXh-MTW8BKqHOWvh2KcFzzTd9zyTYKExffTkTXXr7wmuhEOUt4KpfGKaJQkU5gY-6P0JvV-hUuFDiR7som016gW85hN0xaL5IZPeRsFdPljcd01xbF0ibI1iYQK-vDqvllleo9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00433.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjS4Rqc-bIXh-MTW8BKqHOWvh2KcFzzTd9zyTYKExffTkTXXr7wmuhEOUt4KpfGKaJQkU5gY-6P0JvV-hUuFDiR7som016gW85hN0xaL5IZPeRsFdPljcd01xbF0ibI1iYQK-vDqvllleo9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00433.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhUf4mCz2P9btp5oya0x8kuztQJdW-VYa6DdLnC-YoHjq9lvuH7jBRAX3w3dfIkCW4fEmgML6vwFvgvh6Q9H3bq4MXSEVpOIHNkHbAP6yLia7fXbwud_EK7p2PygFOz-UnZzO_jHFsNVk7w/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00434.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhUf4mCz2P9btp5oya0x8kuztQJdW-VYa6DdLnC-YoHjq9lvuH7jBRAX3w3dfIkCW4fEmgML6vwFvgvh6Q9H3bq4MXSEVpOIHNkHbAP6yLia7fXbwud_EK7p2PygFOz-UnZzO_jHFsNVk7w/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00434.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh0g58GSw1xYj5cXycH8CQoBTwhJYxmyjKACNAqbQXlIYl1zmn6g_fZVStj_jsPemZ-OT5PL5iAO5V3r5wzXa-04bPnymtL5iQmZsqSS8Q2sGY3Wd4Tp3pqeGd39uSKyyFpJ-ekb0MKbC1d/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00435.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh0g58GSw1xYj5cXycH8CQoBTwhJYxmyjKACNAqbQXlIYl1zmn6g_fZVStj_jsPemZ-OT5PL5iAO5V3r5wzXa-04bPnymtL5iQmZsqSS8Q2sGY3Wd4Tp3pqeGd39uSKyyFpJ-ekb0MKbC1d/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00435.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg73jqfwbRYWebJLKt3pJWWgHzqUrarjnPUgyFv01HZWlod2wZduhknqN0tZd5iaXoMPPw_pYuRbNtopXRwnF1O0HxXdrlbIE-yETICIF1t-MEigYVmCq-mWbVx0MDzIsOkLNxZX4DGXYw7/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00436.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg73jqfwbRYWebJLKt3pJWWgHzqUrarjnPUgyFv01HZWlod2wZduhknqN0tZd5iaXoMPPw_pYuRbNtopXRwnF1O0HxXdrlbIE-yETICIF1t-MEigYVmCq-mWbVx0MDzIsOkLNxZX4DGXYw7/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00436.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7sljcncSsSljg5o7t-lFvseysde8494fiEYOaDALrqsznWmCzICdPK6lzMFPR40QkHNm3GFp7qOK6bcU-7pzcPh0i6SkJ7D_NKUz3QP5kbWibgB96aX3xgpSC-pQHDYDLwms3shr6MQir/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00437.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7sljcncSsSljg5o7t-lFvseysde8494fiEYOaDALrqsznWmCzICdPK6lzMFPR40QkHNm3GFp7qOK6bcU-7pzcPh0i6SkJ7D_NKUz3QP5kbWibgB96aX3xgpSC-pQHDYDLwms3shr6MQir/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00437.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiB77NPMrhdvF-TtbgVXQnT0dyNnIG8m31bIu9rNVgljoyhatf9FgywuubK0RSQvKfz46VpwcBtH-12XE9DmZ3Pc5Wb1ZxDUNftMI7GA4p1uKncrh9X2VGNUA5I6f5WJpEH7TUb3pDgr0nH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00438.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiB77NPMrhdvF-TtbgVXQnT0dyNnIG8m31bIu9rNVgljoyhatf9FgywuubK0RSQvKfz46VpwcBtH-12XE9DmZ3Pc5Wb1ZxDUNftMI7GA4p1uKncrh9X2VGNUA5I6f5WJpEH7TUb3pDgr0nH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00438.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_QcyDre3CfKJZKWwQhqMwz5zs30wrleGNZuM5e57o2sz5ixEybtk7fKz9ZAq-rnGIxWLcJT5bcgwZECAk7OJ4XEk97RQ-Dd0sN8xk-8vVaEKi-ButhbctWks7vX-fyM7DWCIF-9lH64Qr/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00439.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_QcyDre3CfKJZKWwQhqMwz5zs30wrleGNZuM5e57o2sz5ixEybtk7fKz9ZAq-rnGIxWLcJT5bcgwZECAk7OJ4XEk97RQ-Dd0sN8xk-8vVaEKi-ButhbctWks7vX-fyM7DWCIF-9lH64Qr/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00439.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrHyNA-aB7R3B6LstHtmFbGa2bJOe69HSwL0n648cQ4NnxaCeNnZ9K4cpfxuwBfUBC22ZYXpMJhqBxjR054IPuC5OaS9GXE08Ik4VeOaAY2Xxjgu1-dupZpVi6l7yHOmd6IDiyPzNvJnOJ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00440.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrHyNA-aB7R3B6LstHtmFbGa2bJOe69HSwL0n648cQ4NnxaCeNnZ9K4cpfxuwBfUBC22ZYXpMJhqBxjR054IPuC5OaS9GXE08Ik4VeOaAY2Xxjgu1-dupZpVi6l7yHOmd6IDiyPzNvJnOJ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00440.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj06pY0UjeOF8843DT6icJsjrQPZ_wifZGIpx3Og8_bk871ruMhQRRkFsahJ_svk1RafT5wspXJfbQpFZ6nZVfDTcJtJQBmKToYGoprgpBkl7lQpPV5XeJG73cLSpCpaLwb1o_whZ3nFchY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00441.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj06pY0UjeOF8843DT6icJsjrQPZ_wifZGIpx3Og8_bk871ruMhQRRkFsahJ_svk1RafT5wspXJfbQpFZ6nZVfDTcJtJQBmKToYGoprgpBkl7lQpPV5XeJG73cLSpCpaLwb1o_whZ3nFchY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00441.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi5tBLqIQEUL60EpvejYYsESO_mfU0MI68SZPaF2m5pd0_J6a3jq2llVnVZXqrxiWT0CSk10UeXeqQQ34WRRt3S07SCgfU8WkAJn6XP_WUtBKzTggoSy2Vj7U_EHcOuQPCXS4xE7d1AjxSh/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00442.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi5tBLqIQEUL60EpvejYYsESO_mfU0MI68SZPaF2m5pd0_J6a3jq2llVnVZXqrxiWT0CSk10UeXeqQQ34WRRt3S07SCgfU8WkAJn6XP_WUtBKzTggoSy2Vj7U_EHcOuQPCXS4xE7d1AjxSh/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00442.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg2qR5ANMgy18fxNa4Su_Qax2eSNbcr8IuIw5OUkV2WIC9J99FAfuvb9iYanEDimJBah2Oi4Wg_VpnX38jHF05jammzQd2fUYTfixsvA55f3f9QTYm-ffNFikoSaC7oHsTp5b9wwlqxmsAu/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00443.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg2qR5ANMgy18fxNa4Su_Qax2eSNbcr8IuIw5OUkV2WIC9J99FAfuvb9iYanEDimJBah2Oi4Wg_VpnX38jHF05jammzQd2fUYTfixsvA55f3f9QTYm-ffNFikoSaC7oHsTp5b9wwlqxmsAu/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00443.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjkDcLVOVcmNPvXtznR_rqxg8hgHhT5mXQGpsU8OH02sgSqVL4JFOywZq0kRJwtK4lyl72Aeisz0WYhyphenhyphenl0HzF7x5nXQ9mHlqfngYIxBpfwGPAjMDydESqk-9nVUc8cgt8UZuxocaxg3hmo0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00444.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjkDcLVOVcmNPvXtznR_rqxg8hgHhT5mXQGpsU8OH02sgSqVL4JFOywZq0kRJwtK4lyl72Aeisz0WYhyphenhyphenl0HzF7x5nXQ9mHlqfngYIxBpfwGPAjMDydESqk-9nVUc8cgt8UZuxocaxg3hmo0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00444.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHktPBtUp-5N3kBDvMapl-O72v0r8HuGfjwzFyOLx6UhD-usH1JkQ2m9LuFgyBa1hrLZXjEvVbrjyXliPydSH7dqc2G3pMmmYXDqROu1pIXablJJbs1befvHEYn6aFiKRiOtyycmKsF8va/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00445.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHktPBtUp-5N3kBDvMapl-O72v0r8HuGfjwzFyOLx6UhD-usH1JkQ2m9LuFgyBa1hrLZXjEvVbrjyXliPydSH7dqc2G3pMmmYXDqROu1pIXablJJbs1befvHEYn6aFiKRiOtyycmKsF8va/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00445.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgD-ApljDRnPA80zlDa5sVcI-K7jTZPIAAKHQ2GcfHAwuxyYv7vTnBCmbVqWdol_Yh7ZCatkx6XBHdyLPKMuKEHBoLAXGOH8i6ExBXsoaDsjTI_bLsmFrTFr7UdNVT40KVctHTN97rG3-aP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00446.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgD-ApljDRnPA80zlDa5sVcI-K7jTZPIAAKHQ2GcfHAwuxyYv7vTnBCmbVqWdol_Yh7ZCatkx6XBHdyLPKMuKEHBoLAXGOH8i6ExBXsoaDsjTI_bLsmFrTFr7UdNVT40KVctHTN97rG3-aP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00446.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQLRhtsmt5CVioI4SLz8qmnnULPChyphenhyphen8OHrKDXwUQ-Qd_8V7qB64xUf8hkHVEE0x87s8f6tDvwsgfOwDDqAtaNg9txu1N2ayJKlooSUbDt6dA5W7oNTzajuhsO5-pYyERWqFwyPAXMkTJXQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00447.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQLRhtsmt5CVioI4SLz8qmnnULPChyphenhyphen8OHrKDXwUQ-Qd_8V7qB64xUf8hkHVEE0x87s8f6tDvwsgfOwDDqAtaNg9txu1N2ayJKlooSUbDt6dA5W7oNTzajuhsO5-pYyERWqFwyPAXMkTJXQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00447.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhe0OZtIiPyxU9W7q38pHu9trhqXXULWaXBek2tWnHQOTMtFtgZpTwoGG3ABWtnlIbao6qDYvQw4wnHAn7fFZ2jdxOXSqyizpGUVX54VeHeXZt98RhHPxQYoY62OUecGDPk22qliLUtBhFq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00448.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhe0OZtIiPyxU9W7q38pHu9trhqXXULWaXBek2tWnHQOTMtFtgZpTwoGG3ABWtnlIbao6qDYvQw4wnHAn7fFZ2jdxOXSqyizpGUVX54VeHeXZt98RhHPxQYoY62OUecGDPk22qliLUtBhFq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00448.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjDd6uTqvGaMT8j-Xv0eVEkZqtkSQIwZgRl0mEmParXu99M9ulxoMkGqDO2obHZgT15LtSjLhhhy3muTRVhaz5tB9vYKZ5_5mFNpbKk3NFoK7wfh5mO60hOA2XtPfod_kdkr39D5begNyIc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00449.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjDd6uTqvGaMT8j-Xv0eVEkZqtkSQIwZgRl0mEmParXu99M9ulxoMkGqDO2obHZgT15LtSjLhhhy3muTRVhaz5tB9vYKZ5_5mFNpbKk3NFoK7wfh5mO60hOA2XtPfod_kdkr39D5begNyIc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00449.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh6pRmVWa6A6Lm4Qua7ZUE224o5EQmv4nER3SaNr0xIgt-d-ZbQq1DDF9Txb8gcKjQMAGjeeiOv_9Hcl8dD78jMjmdpokbPKdmCVbRhUQVVh1FUIUmDkT6ZRA_goMSUEvzBiGRRpORunfCH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00450.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh6pRmVWa6A6Lm4Qua7ZUE224o5EQmv4nER3SaNr0xIgt-d-ZbQq1DDF9Txb8gcKjQMAGjeeiOv_9Hcl8dD78jMjmdpokbPKdmCVbRhUQVVh1FUIUmDkT6ZRA_goMSUEvzBiGRRpORunfCH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00450.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg5-MezFO5tUdV1VXbHmuHm2t3grZV9GvJxKvBjIb1PzbeVGVXXCVlPoggFWfhV64_yJ9gRlxO3ppzmyfr_rnXkEJSwMrTn8h-mrZ-t5xdnIsfl9zRwHOSLSz-U9qanp0THX7mEW_BMvgXU/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00451.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg5-MezFO5tUdV1VXbHmuHm2t3grZV9GvJxKvBjIb1PzbeVGVXXCVlPoggFWfhV64_yJ9gRlxO3ppzmyfr_rnXkEJSwMrTn8h-mrZ-t5xdnIsfl9zRwHOSLSz-U9qanp0THX7mEW_BMvgXU/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00451.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgTWkO8HYslW6UQ1nI-KGME7l2aDRpMuBPGFx5OFIetQcqtrhSdhmijIfp655mxdglBtDhKcK0S9o7Jc3j8gw5J7h3s_G8xGU18JgYt0NeidWD0b7D7gJZlIGsafdZK7fR3ppKpTpMncJRk/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00452.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgTWkO8HYslW6UQ1nI-KGME7l2aDRpMuBPGFx5OFIetQcqtrhSdhmijIfp655mxdglBtDhKcK0S9o7Jc3j8gw5J7h3s_G8xGU18JgYt0NeidWD0b7D7gJZlIGsafdZK7fR3ppKpTpMncJRk/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00452.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjX-0lXi3o7yiLKMXJ_mt6YXxqlMAWWuq7p0UXj1u_csX5qggreUZo2YoFvgij5C3emoxlgDypIpYPn-guxMc2TYz02CmgXOSULVwo2EcydVaxToqDo1FcY83mN49fQnYNQXXqsS9Z0ti7W/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00453.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjX-0lXi3o7yiLKMXJ_mt6YXxqlMAWWuq7p0UXj1u_csX5qggreUZo2YoFvgij5C3emoxlgDypIpYPn-guxMc2TYz02CmgXOSULVwo2EcydVaxToqDo1FcY83mN49fQnYNQXXqsS9Z0ti7W/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00453.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhxBdU9r8ytPAV1LVrTFFedjxEddeetB_R3uD6qx6V9LRx6iZ0FXE_fhZgKRQON0K2GSaHfRx0RcO-mxoy8T58_DpK8vZrVrxyh2QvAdzetlB0A7j4PeRUmbkdxiqI4vYwjLpYGQuw8weIr/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00454.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhxBdU9r8ytPAV1LVrTFFedjxEddeetB_R3uD6qx6V9LRx6iZ0FXE_fhZgKRQON0K2GSaHfRx0RcO-mxoy8T58_DpK8vZrVrxyh2QvAdzetlB0A7j4PeRUmbkdxiqI4vYwjLpYGQuw8weIr/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00454.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgWFDzsOcxuXti5gQkDichQBK494BhZzRzec8LNQ2FDkvwBhqIiFTRFZw-h14SXE4tKyPbl3GZMqYti_FOuru08bFSBcsYp9ZptTfcay7AMrcVByixfAG4w3N9pK6UpBv-qKByYOlnaWa-p/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00455.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgWFDzsOcxuXti5gQkDichQBK494BhZzRzec8LNQ2FDkvwBhqIiFTRFZw-h14SXE4tKyPbl3GZMqYti_FOuru08bFSBcsYp9ZptTfcay7AMrcVByixfAG4w3N9pK6UpBv-qKByYOlnaWa-p/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00455.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhyv-CJabYgIUrRxhFmztYpYDnJSR-1R1bDTLEXBX5zTpXoe6gYKUBO_eF2xiloXC8w-TZVrFJCOfGGgythiADyiZw1DMZOXQ6UhMIw-75oWj-suHnIQ3RMYhe0z_wIln6AftGTArZSEAmZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00456.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhyv-CJabYgIUrRxhFmztYpYDnJSR-1R1bDTLEXBX5zTpXoe6gYKUBO_eF2xiloXC8w-TZVrFJCOfGGgythiADyiZw1DMZOXQ6UhMIw-75oWj-suHnIQ3RMYhe0z_wIln6AftGTArZSEAmZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00456.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjDnKLbWjxHD1KxOpBo-x2B-4cZUJpNT-AMQ9ByFa0Y_7BGV7OFrju40Cz8Gz2EmEO7NCmcLakYySavrZXoZMnASw2vhQ5hJ3cRd5HoH4GLhawcFSfcuvqvW0x0G9o1PMYhIKn2WMjDa82q/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00457.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjDnKLbWjxHD1KxOpBo-x2B-4cZUJpNT-AMQ9ByFa0Y_7BGV7OFrju40Cz8Gz2EmEO7NCmcLakYySavrZXoZMnASw2vhQ5hJ3cRd5HoH4GLhawcFSfcuvqvW0x0G9o1PMYhIKn2WMjDa82q/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00457.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjub5h7X-6Sbe_zHPU6nBzVzK2i3OSi_soaT9L2w5aNjuWY_opKaitxCp6D2T-ZIKbeFM5Y7FSLu7I4rtJsKcVS5fKaPwKGG1IFeVQ1CO-KgI4fmQ4WKEGXBHVXJL7MrOaUyZmJ3J7sarcm/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00458.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjub5h7X-6Sbe_zHPU6nBzVzK2i3OSi_soaT9L2w5aNjuWY_opKaitxCp6D2T-ZIKbeFM5Y7FSLu7I4rtJsKcVS5fKaPwKGG1IFeVQ1CO-KgI4fmQ4WKEGXBHVXJL7MrOaUyZmJ3J7sarcm/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00458.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhEGfvaz035dkbkQnjaqFBBpXnuZueRtCwDMiwJbz0sChbFzCfxyXfRCjSReSNEKnToQyh-3CGh0q51xcJzWXptDRweZFrUW1ZY5BC7d1F3UFdMs47YL0HtpuU7ghCu-es0u6h0-vwgSdva/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00459.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhEGfvaz035dkbkQnjaqFBBpXnuZueRtCwDMiwJbz0sChbFzCfxyXfRCjSReSNEKnToQyh-3CGh0q51xcJzWXptDRweZFrUW1ZY5BC7d1F3UFdMs47YL0HtpuU7ghCu-es0u6h0-vwgSdva/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00459.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2oSFVKiqLlw2ebXj_MQ3IaPdJdCj0qyaW0zw8rAMWWG55k6GcA5WASJTdeOwYIbM0rnLpShjYuOS5vR2vro8jyUO7WKGaGvxVUgIf6unWu325K71jW83xcQlAKEavbkE1_xk396RqXcpc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00460.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2oSFVKiqLlw2ebXj_MQ3IaPdJdCj0qyaW0zw8rAMWWG55k6GcA5WASJTdeOwYIbM0rnLpShjYuOS5vR2vro8jyUO7WKGaGvxVUgIf6unWu325K71jW83xcQlAKEavbkE1_xk396RqXcpc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00460.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEho3kiy8xwvGgq8_72EgxtzHfeCVX_hlyIh0Odrpcc3gklUhHvyaTuQkwqPdCGzovkxk_IXNkiqY2I8nHPHefRaQmqEU9JQMUZtolmAj1_N_eCDGRg_c4Gc_51H6IwRyYHfh09D8tYNXgHa/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00461.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEho3kiy8xwvGgq8_72EgxtzHfeCVX_hlyIh0Odrpcc3gklUhHvyaTuQkwqPdCGzovkxk_IXNkiqY2I8nHPHefRaQmqEU9JQMUZtolmAj1_N_eCDGRg_c4Gc_51H6IwRyYHfh09D8tYNXgHa/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00461.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhLBalFPBd9mhiuXm_1kudvB98sR9360OHePDxG8Dy02_U6TEN-D6_fYMOoaxpRS97wxeN0sayrp9NeQwx9ARIUBdTGmq6yoZggubWay1Bbdj2AE-Kjy7UctEkvV6tAJ06XuE31-OolERir/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00462.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhLBalFPBd9mhiuXm_1kudvB98sR9360OHePDxG8Dy02_U6TEN-D6_fYMOoaxpRS97wxeN0sayrp9NeQwx9ARIUBdTGmq6yoZggubWay1Bbdj2AE-Kjy7UctEkvV6tAJ06XuE31-OolERir/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00462.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEip7C2hPodiRUuK0LACDd7hYMDrZ0jTyvifmT9P8sSVX9_Liw91rEZ-2jU8uu_fzjMky7djWDfopmVnqBJ3-QTNRqHYOF8BWNei8kGUNvhpztNuuJnp80y13p7w-8XRsLYScX-RUE7IATXz/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00463.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEip7C2hPodiRUuK0LACDd7hYMDrZ0jTyvifmT9P8sSVX9_Liw91rEZ-2jU8uu_fzjMky7djWDfopmVnqBJ3-QTNRqHYOF8BWNei8kGUNvhpztNuuJnp80y13p7w-8XRsLYScX-RUE7IATXz/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00463.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh80WUME75BiOG4nHw996Vg-KovUf2cMPKVd4La61dWpOg2BM8wwZxWPUcGj61_-2FUYz-ApeabOnmw1spT_WYgiY91MlGtfkmEsQjJRKXVohCfzn4Spq2GzeeglU40Tup0qB-fVnwpI7-W/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00464.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh80WUME75BiOG4nHw996Vg-KovUf2cMPKVd4La61dWpOg2BM8wwZxWPUcGj61_-2FUYz-ApeabOnmw1spT_WYgiY91MlGtfkmEsQjJRKXVohCfzn4Spq2GzeeglU40Tup0qB-fVnwpI7-W/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00464.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhf7wrsKYnXfCmOpfhYudKO7UsJDNQlJGuKAsxCe-1O9Km7yqiFiHJbAzf7g6ZwUT7tSIYsajZrmFbcAaL6kXSngTl7es6YT6Egz8vpGDE30DgDpe3MGvhRifjqSlx3j7i78_uryCRoxtQm/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00465.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhf7wrsKYnXfCmOpfhYudKO7UsJDNQlJGuKAsxCe-1O9Km7yqiFiHJbAzf7g6ZwUT7tSIYsajZrmFbcAaL6kXSngTl7es6YT6Egz8vpGDE30DgDpe3MGvhRifjqSlx3j7i78_uryCRoxtQm/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00465.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiN2G7zg2rBV2amn1hSMEXMLRx7Oq4xY-Nd-YLfDfcmW0GuEFTHTwTjq7OOAUJHZY59zK8Tzrzr4VdY-_VHIN041_7iO1J92gHNL1FCuJ_y8SI7Za5e6Fbx_bxNMK5-NxV17Hz5lez2Ykgb/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00466.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiN2G7zg2rBV2amn1hSMEXMLRx7Oq4xY-Nd-YLfDfcmW0GuEFTHTwTjq7OOAUJHZY59zK8Tzrzr4VdY-_VHIN041_7iO1J92gHNL1FCuJ_y8SI7Za5e6Fbx_bxNMK5-NxV17Hz5lez2Ykgb/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00466.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5p0Zg30pgFo5lT3H04b_ori6qJxL0K3JsUni5rkOS6qb5ESPijVgF026I1axtDH6eG7F6_qKFHymlFUWaCjmJwK1n6dd6FdC5Hz_-zzx1HOZWiKCt_mxdMc-6r7wzSqHYoufHvgw3hmzP/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00467.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5p0Zg30pgFo5lT3H04b_ori6qJxL0K3JsUni5rkOS6qb5ESPijVgF026I1axtDH6eG7F6_qKFHymlFUWaCjmJwK1n6dd6FdC5Hz_-zzx1HOZWiKCt_mxdMc-6r7wzSqHYoufHvgw3hmzP/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00467.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfXbJOHHJmcTZsnj5I4s57Np7nhzFesCtuG2U7rZR3hqV-aSoHlntb945JnR9BLE9LvCUjQAFXHeuUBvIgu7n7dzHljoPAh6RzGELClJYoPK1qwV31l-eQcXcGHuStAu8cz9HtWgyNwkFW/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00468.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfXbJOHHJmcTZsnj5I4s57Np7nhzFesCtuG2U7rZR3hqV-aSoHlntb945JnR9BLE9LvCUjQAFXHeuUBvIgu7n7dzHljoPAh6RzGELClJYoPK1qwV31l-eQcXcGHuStAu8cz9HtWgyNwkFW/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00468.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhN1W-dQ2avktGHdOAl9lsz1sFbiq0BjfXNHbCaI4NYD9nTo96QyTE9240qMbD-svHHv1QREg_jHgHyCj5ekwOQNaFJpI2uO6HlYepxLSHAXFmrZaVmRpWk4u8ha2l8PzloLstrwQisog5v/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00469.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhN1W-dQ2avktGHdOAl9lsz1sFbiq0BjfXNHbCaI4NYD9nTo96QyTE9240qMbD-svHHv1QREg_jHgHyCj5ekwOQNaFJpI2uO6HlYepxLSHAXFmrZaVmRpWk4u8ha2l8PzloLstrwQisog5v/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00469.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgV0Ia-huUFI0bNJJgfIdRyTZW2t8feZboL30dgZkHBzAG5TVpNlODdtMUhFiYQSEFmL6ibYNz0jynryPcEi4gcMcf7FyYlxALKaSFUIqg0ntni5G3Iu0MPmbke9x5PabImnWPGoBzmjTB7/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00470.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgV0Ia-huUFI0bNJJgfIdRyTZW2t8feZboL30dgZkHBzAG5TVpNlODdtMUhFiYQSEFmL6ibYNz0jynryPcEi4gcMcf7FyYlxALKaSFUIqg0ntni5G3Iu0MPmbke9x5PabImnWPGoBzmjTB7/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00470.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjgxbnPfpbeLQkUQm3jfhipAz92IOXCJdWxk2aFIK6wZ1ky369owu3JE13kTw43GMIEHN6IiPxeTvCUngH7kdtD_YfQlP_cSsajvdCSe73rp1-usUVWnWObYQ4qrRjaSIg9QIpg7a36c_vx/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00471.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjgxbnPfpbeLQkUQm3jfhipAz92IOXCJdWxk2aFIK6wZ1ky369owu3JE13kTw43GMIEHN6IiPxeTvCUngH7kdtD_YfQlP_cSsajvdCSe73rp1-usUVWnWObYQ4qrRjaSIg9QIpg7a36c_vx/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00471.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7gxzBAVl5kTBn97oPY44CSLGXpgPoVCIPnfrAg3rm40Dzng44xwneebZsWvhKiAwPspD5DGOXdGY2QjpM7z1gq8jc2YEY1c93fkya3jw7f1gjDKTwT6mw32_QLyweutRUk3BgMVJ2zyw8/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00472.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg7gxzBAVl5kTBn97oPY44CSLGXpgPoVCIPnfrAg3rm40Dzng44xwneebZsWvhKiAwPspD5DGOXdGY2QjpM7z1gq8jc2YEY1c93fkya3jw7f1gjDKTwT6mw32_QLyweutRUk3BgMVJ2zyw8/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00472.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgDr4saTDS9xiJwYZWsJds_3hbYITVrsuaxWrqLw-cVyykN1BWGfofiSruvAO47cIBCGsLCzIk7O56QRbUEL1wCL_so_gxZ7RI5or6wha2-mRtm_h93DspvHaaB4biqI3bvcP3omI6ycy1q/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00473.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgDr4saTDS9xiJwYZWsJds_3hbYITVrsuaxWrqLw-cVyykN1BWGfofiSruvAO47cIBCGsLCzIk7O56QRbUEL1wCL_so_gxZ7RI5or6wha2-mRtm_h93DspvHaaB4biqI3bvcP3omI6ycy1q/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00473.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiSxxbZDBJcS1mxh18KR8KLTrgmO4vYKXQi0SrMxDsGG9s9WbEtoQmL-n3W4oRR8VTAm1h6USJKxYZp5v8Cou4_J32m1CBQjteFGjNYkmn0E4BaA6cFoUYSqJtffehrfhHTmYvOmaAUOvkF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00474.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiSxxbZDBJcS1mxh18KR8KLTrgmO4vYKXQi0SrMxDsGG9s9WbEtoQmL-n3W4oRR8VTAm1h6USJKxYZp5v8Cou4_J32m1CBQjteFGjNYkmn0E4BaA6cFoUYSqJtffehrfhHTmYvOmaAUOvkF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00474.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjq595k5tQRSJEd7no_O0_vsVWJWNQAAnY3nxKWcWjy24OEHEXADoPA1Pnm5epJXk38GB9ObvKjRhon3W66lhbRVlSSUMfiLw11eCznhkUm0aHLWULXZNaEANZCmxoRHq35d6Qv31YwjOYy/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00475.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjq595k5tQRSJEd7no_O0_vsVWJWNQAAnY3nxKWcWjy24OEHEXADoPA1Pnm5epJXk38GB9ObvKjRhon3W66lhbRVlSSUMfiLw11eCznhkUm0aHLWULXZNaEANZCmxoRHq35d6Qv31YwjOYy/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00475.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEirXtWor5o1r7f3BlxbNEx3GVH4bJ3MzTVKF78xegjju2ARkp2XT9iae_n7cqDuKYZV6XXqTdcH_e7jzn1EK8FXWHfZFka0eY4VSaS_9__cMjE34sFD4nEth8M2pelHPw-8Sb3u1J2GqMRv/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00476.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEirXtWor5o1r7f3BlxbNEx3GVH4bJ3MzTVKF78xegjju2ARkp2XT9iae_n7cqDuKYZV6XXqTdcH_e7jzn1EK8FXWHfZFka0eY4VSaS_9__cMjE34sFD4nEth8M2pelHPw-8Sb3u1J2GqMRv/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00476.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjemk1ivvcIomX9jfPWd45tsYpzbC1yi5kHObPpNCWBCA3Co0NetgEDh7PBlOXekmftmYVfPnAteh5yOp1xfEATtt4v2P_gTR1L4DmZNrbMqtCyEZN0FSa-_C0J3vJCIEssY3NCzZg8Z6Lq/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00477.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjemk1ivvcIomX9jfPWd45tsYpzbC1yi5kHObPpNCWBCA3Co0NetgEDh7PBlOXekmftmYVfPnAteh5yOp1xfEATtt4v2P_gTR1L4DmZNrbMqtCyEZN0FSa-_C0J3vJCIEssY3NCzZg8Z6Lq/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00477.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjYDoFLcbyIVIAIc8FL2Y4789eXZ_v11pqhs5nGB7ytB-RjRwemej62z6kNgPh6jwVgKKIGP6ishAOplzzqnTDbsxbK4VHIhYkzqndhnRrCgQAkyflNWi0Q3GrGw0hyphenhyphenrfFfscfwPgQWYCSE/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00478.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjYDoFLcbyIVIAIc8FL2Y4789eXZ_v11pqhs5nGB7ytB-RjRwemej62z6kNgPh6jwVgKKIGP6ishAOplzzqnTDbsxbK4VHIhYkzqndhnRrCgQAkyflNWi0Q3GrGw0hyphenhyphenrfFfscfwPgQWYCSE/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00478.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_ieC93i2DGKxnJPEoy7G2RgHzhiCKB7T2AaYIILmrCAj_hAY0sO5aK5kFztfTgZTryM4Z2WC0YbTMUpci64KvuSnoyzyCnAzI_yBdvZELaCfaLp2S0dZhlB6c34c68YNkrSk5xHK10-aH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00479.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_ieC93i2DGKxnJPEoy7G2RgHzhiCKB7T2AaYIILmrCAj_hAY0sO5aK5kFztfTgZTryM4Z2WC0YbTMUpci64KvuSnoyzyCnAzI_yBdvZELaCfaLp2S0dZhlB6c34c68YNkrSk5xHK10-aH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00479.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpoonx4OFtywxCghEJAECCIv9D_6Ksh5prUyPR3o_oy7Z6ay95W4t3UpW68MvAVSL0N_w446vm-xx8_oRN3fkK8-VwJx-VsENshPIjszGqs8elgp7ISWAmKLNqop1HtcWQ-C-bsjTHpepE/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00480.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpoonx4OFtywxCghEJAECCIv9D_6Ksh5prUyPR3o_oy7Z6ay95W4t3UpW68MvAVSL0N_w446vm-xx8_oRN3fkK8-VwJx-VsENshPIjszGqs8elgp7ISWAmKLNqop1HtcWQ-C-bsjTHpepE/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00480.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBi_Qk18vev0buWHNe6Pf_Kya7fbLFhw91vc4H2_geL_Gb0Gef2OvQB0HgZ2L6PEVQHrrd2SvXEG-f30tZ2tSFhOsbRAdG3Nsn9OII_pdq28IclnZXcYzYCZMAy4h_VTO3hNtL2xRLeStF/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00481.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBi_Qk18vev0buWHNe6Pf_Kya7fbLFhw91vc4H2_geL_Gb0Gef2OvQB0HgZ2L6PEVQHrrd2SvXEG-f30tZ2tSFhOsbRAdG3Nsn9OII_pdq28IclnZXcYzYCZMAy4h_VTO3hNtL2xRLeStF/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00481.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg-ohxlETUCrwFT3_BBxOJ3FeJj6zUoKEbA4bq9PB8ZXYOwZceoqoXFIvVyJKwGQnQ1hjEaGfr_J4122C0UcM5vMHFkzOtWE6EPpN6QPp4vbSzwg65fZAPbW-W76JJGC5as-firf_mehDqJ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00482.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg-ohxlETUCrwFT3_BBxOJ3FeJj6zUoKEbA4bq9PB8ZXYOwZceoqoXFIvVyJKwGQnQ1hjEaGfr_J4122C0UcM5vMHFkzOtWE6EPpN6QPp4vbSzwg65fZAPbW-W76JJGC5as-firf_mehDqJ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00482.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdYuxOYvhaclumiFfekHWs0kbRagTjdTIFTvRhFnWrnSAFJ-pBTsZSO_ivPW1tjkibWcE2X7SxgueFS77It180FRKgupi2sG4JxLHlYcvCWHjkC11j_YoBLWVmRvMRkv0uQX9_lGZi-QpQ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00483.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdYuxOYvhaclumiFfekHWs0kbRagTjdTIFTvRhFnWrnSAFJ-pBTsZSO_ivPW1tjkibWcE2X7SxgueFS77It180FRKgupi2sG4JxLHlYcvCWHjkC11j_YoBLWVmRvMRkv0uQX9_lGZi-QpQ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00483.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi7eyClJcdHXUxQ0IY9ABXdW89W_joU5gyPGItfGpukfdsWIjvtMCI-Pm_q6XJ4wil-DkKt3p9EpKOb8vjcwhVcCX-q3fUc7HAHNljnNz8YtBkvNomWdZjgblGIyQBAqXJ-rPLRQc86PhtS/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00484.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi7eyClJcdHXUxQ0IY9ABXdW89W_joU5gyPGItfGpukfdsWIjvtMCI-Pm_q6XJ4wil-DkKt3p9EpKOb8vjcwhVcCX-q3fUc7HAHNljnNz8YtBkvNomWdZjgblGIyQBAqXJ-rPLRQc86PhtS/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00484.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFGS7SxnApRmE7QBmvtLr-Yv9e4DKiBXeV8uMi8GLkSeN5PUP8hXGvv0ycQOFb9Ocl9dbAvfgH7jq6Rlzej3m6Dfs1LUAQ8ZXJqPB-v_2dXnPqOpP_BwdnoBSS3oxvpveiNzVZwE4VKLYH/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00485.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjFGS7SxnApRmE7QBmvtLr-Yv9e4DKiBXeV8uMi8GLkSeN5PUP8hXGvv0ycQOFb9Ocl9dbAvfgH7jq6Rlzej3m6Dfs1LUAQ8ZXJqPB-v_2dXnPqOpP_BwdnoBSS3oxvpveiNzVZwE4VKLYH/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00485.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfywNii6nyG-MHXZ2Ez5puN-8TI3ZyIOc-d6SoQOExRMaPbznyf_mgo82H0BWZHio2Bg5QNTuc54ixAuB7aCwXy_dkqn2EGx2lVEF0m2gtuMKPwa6YmJ4VxbCbenkbW8JG4ouxWD4SyC9Y/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00486.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfywNii6nyG-MHXZ2Ez5puN-8TI3ZyIOc-d6SoQOExRMaPbznyf_mgo82H0BWZHio2Bg5QNTuc54ixAuB7aCwXy_dkqn2EGx2lVEF0m2gtuMKPwa6YmJ4VxbCbenkbW8JG4ouxWD4SyC9Y/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00486.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj5-Uq29D0lNCzmM01v9ih9J7hIWwT-8UQAEhWBfpT8QYsTBWHZUqOg4VCoqnvgaY0fiGCRdrkJu0sxDzpvUuMw2-Yu49Y3KHNf8qNljMf54GQrHv-JDsWM5-GywHRlkTl_iPmWw-KKsiPM/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00487.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj5-Uq29D0lNCzmM01v9ih9J7hIWwT-8UQAEhWBfpT8QYsTBWHZUqOg4VCoqnvgaY0fiGCRdrkJu0sxDzpvUuMw2-Yu49Y3KHNf8qNljMf54GQrHv-JDsWM5-GywHRlkTl_iPmWw-KKsiPM/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00487.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiBlCner02pGkOQ-E5OC076vTthoWI9HfvUg43xJskQh0Of6kQpOAwTD_RfGbrPcvK0UwSeJWcn3zmAHckp2lonJc-rOvgJ8CaLHIb3YnDec61mEgH9S2Cs4yDSte25Jhygjxzx0J30XQxg/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00488.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiBlCner02pGkOQ-E5OC076vTthoWI9HfvUg43xJskQh0Of6kQpOAwTD_RfGbrPcvK0UwSeJWcn3zmAHckp2lonJc-rOvgJ8CaLHIb3YnDec61mEgH9S2Cs4yDSte25Jhygjxzx0J30XQxg/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00488.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjgHAaIcr0x-Xx_bC27F980L3wRzCu1rJOHH14VgYLxQeY9x-Zl_UN5BH-LJrMMleuJtZAHBWH2p37z4C0aJsqQClq2WUy9Itegm-HPo3Lf2pXId1NQ_TcdENIdWijdCeUPajI59JEt8w2u/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00489.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjgHAaIcr0x-Xx_bC27F980L3wRzCu1rJOHH14VgYLxQeY9x-Zl_UN5BH-LJrMMleuJtZAHBWH2p37z4C0aJsqQClq2WUy9Itegm-HPo3Lf2pXId1NQ_TcdENIdWijdCeUPajI59JEt8w2u/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00489.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfkX26I8KLT3uos20DKY5Hp2nWepvg7x0S-XTLraebDceYY5gxTUGafQCXy49P5G01r9pIqoSKrbVwiq0VV83x2OdOZaNAbyKB2vpXG6SE2d_smZraKYNBIQLuOLYWq1ZhmNYBk2-XYh7b/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00490.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfkX26I8KLT3uos20DKY5Hp2nWepvg7x0S-XTLraebDceYY5gxTUGafQCXy49P5G01r9pIqoSKrbVwiq0VV83x2OdOZaNAbyKB2vpXG6SE2d_smZraKYNBIQLuOLYWq1ZhmNYBk2-XYh7b/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00490.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiOPza3l7jpd7h_FVqb348nMJrTggjOVh324LaQjKtEdtv0LGdkMKDwNxcreWvB0FmmIGfAsgsNn3SwXe3S12IS-K3G_vMOtRI4S5z-W4uVmTlUc3wlrXj7lXburukmOROQGp6FmEOfgX1M/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00491.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiOPza3l7jpd7h_FVqb348nMJrTggjOVh324LaQjKtEdtv0LGdkMKDwNxcreWvB0FmmIGfAsgsNn3SwXe3S12IS-K3G_vMOtRI4S5z-W4uVmTlUc3wlrXj7lXburukmOROQGp6FmEOfgX1M/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00491.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwgH35ZqgracjPG6YXlZau10Tn-rRpflEdNNOoPZHj4lELMlp4lCxATJBfmWgKuuMuJhMVh2WuG5kTlr3Z-SNYfp9YWXPrE35duZrazt5RLyT7zKCTBP-aFmLFp_fxXVoJfgVHxjO0yDqS/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00492.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwgH35ZqgracjPG6YXlZau10Tn-rRpflEdNNOoPZHj4lELMlp4lCxATJBfmWgKuuMuJhMVh2WuG5kTlr3Z-SNYfp9YWXPrE35duZrazt5RLyT7zKCTBP-aFmLFp_fxXVoJfgVHxjO0yDqS/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00492.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPbLKlUxSMLCWCCE-uyuSM1Ty4Nqrw-HlB1jDh3P0yHjf3WOHNJ91h8b35Q-ZLAm7vRezz-BiS4oQMRvEbqBVp99uCH32dfaAV8E2CZr44smSOIBqYVZdhq61vWYxEsOiZFKqQJyC2Y1ml/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00493.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPbLKlUxSMLCWCCE-uyuSM1Ty4Nqrw-HlB1jDh3P0yHjf3WOHNJ91h8b35Q-ZLAm7vRezz-BiS4oQMRvEbqBVp99uCH32dfaAV8E2CZr44smSOIBqYVZdhq61vWYxEsOiZFKqQJyC2Y1ml/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00493.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDbxWySrlwadlw4k1yallekYKM-OIU6Pv0HBgnXdhzkjY-thB6Vigch6bJCDHSmxSQBvYjYLOpNrkPOXUPDYt_X3YbVbkBQUYpKUMrWf0G-KuvMh_j4p8OeUewdB-I3JK6FCA5fDq-qU3N/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00494.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhDbxWySrlwadlw4k1yallekYKM-OIU6Pv0HBgnXdhzkjY-thB6Vigch6bJCDHSmxSQBvYjYLOpNrkPOXUPDYt_X3YbVbkBQUYpKUMrWf0G-KuvMh_j4p8OeUewdB-I3JK6FCA5fDq-qU3N/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00494.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhfN4-CdwwhVrHapSUFdZOSSNkAwY7srgrsft_OzG8dR5mwauL0f2Glz9W-krS5I7Rh4Qb7JnI3x24-VYC2ciatnjYwHZFKCnwt-w_34mnNE19hFMES_bG5J83R5xbA1Oe_bsvfmujVnP0a/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00495.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhfN4-CdwwhVrHapSUFdZOSSNkAwY7srgrsft_OzG8dR5mwauL0f2Glz9W-krS5I7Rh4Qb7JnI3x24-VYC2ciatnjYwHZFKCnwt-w_34mnNE19hFMES_bG5J83R5xbA1Oe_bsvfmujVnP0a/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00495.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBwYYwhyCZKh2u_B0nCKQbVfwUC6TiG0RbvM9GHWBq9foohYG7UAFNw5V7vtWT4VoiZSnKsZXsRMhRrrjJD_mdbv5f8qQqKjvwzcXnKpkDTJL92QriUnv8JNM3cttvC0M0Jj2JE0MYuX-9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00496.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBwYYwhyCZKh2u_B0nCKQbVfwUC6TiG0RbvM9GHWBq9foohYG7UAFNw5V7vtWT4VoiZSnKsZXsRMhRrrjJD_mdbv5f8qQqKjvwzcXnKpkDTJL92QriUnv8JNM3cttvC0M0Jj2JE0MYuX-9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00496.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEigsQVqEVYJC89MiLk9J3gZ2HeIgo5Ox4XZd20KwNZ7jAjmuWLaZ6uuxgOwaUlbIufoY183shKJ6Nw4sotSsdLVdSVC5H62-k_ZjcqwSFuOQmyqR8NGW_vo_Wd5mdBkAjrLh_BhmelxI7eZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00497.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEigsQVqEVYJC89MiLk9J3gZ2HeIgo5Ox4XZd20KwNZ7jAjmuWLaZ6uuxgOwaUlbIufoY183shKJ6Nw4sotSsdLVdSVC5H62-k_ZjcqwSFuOQmyqR8NGW_vo_Wd5mdBkAjrLh_BhmelxI7eZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00497.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg8FnlD2Fv_JTkZBljWNJmXZJgm8S-6VPJ1EffaF9P2ZaFxtKYS3-WpXU0byFatD_2doecTF14Bghj1SZtXWUiRt1DfjCSlqneDUAtEnGGMeJX8mzDOoCLqruEkKbRvRBi453ShmnttT8kI/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00498.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg8FnlD2Fv_JTkZBljWNJmXZJgm8S-6VPJ1EffaF9P2ZaFxtKYS3-WpXU0byFatD_2doecTF14Bghj1SZtXWUiRt1DfjCSlqneDUAtEnGGMeJX8mzDOoCLqruEkKbRvRBi453ShmnttT8kI/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00498.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiLpe_M2ARgpm7a3iFFvmZZWf6DWGP6hezgAa4DnFLZDjbFOS5aj3_GG33j1q8lhJbCu35osDeOZj3xqgbwQbr1H4KvBtaGS1fcCtSyerlOPtMudPxbPbdnSK2PtTFL_6iVTt2WZGL9286J/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00499.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiLpe_M2ARgpm7a3iFFvmZZWf6DWGP6hezgAa4DnFLZDjbFOS5aj3_GG33j1q8lhJbCu35osDeOZj3xqgbwQbr1H4KvBtaGS1fcCtSyerlOPtMudPxbPbdnSK2PtTFL_6iVTt2WZGL9286J/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00499.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhEnAOGwOF6bqMg6r_bARqd98TgImcnhKq3LAsqKbt1LHUXljFNbufIJHBaO5IKnFGDxgBCZt44Yqp2mVviI8b9tRqcAwFPO34ZJg6O6WcW7A_YGt8R-Fq1HiBGnGFKQir2ZdWgVM5PBWvN/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00500.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhEnAOGwOF6bqMg6r_bARqd98TgImcnhKq3LAsqKbt1LHUXljFNbufIJHBaO5IKnFGDxgBCZt44Yqp2mVviI8b9tRqcAwFPO34ZJg6O6WcW7A_YGt8R-Fq1HiBGnGFKQir2ZdWgVM5PBWvN/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00500.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEglwP8ioBkhGIa5OEZftuNO5kz-GQXA6pkU4sM_f8Jqgd6LTWe4TRHhDhjjYYkXbgrJNzVsG6tysr12eSYzYZ0-Vhb8JUKXKaaA3odiIUcQplhK9LdNvbjLFMOHfLny8QG-PAcrLRrauIiZ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00501.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEglwP8ioBkhGIa5OEZftuNO5kz-GQXA6pkU4sM_f8Jqgd6LTWe4TRHhDhjjYYkXbgrJNzVsG6tysr12eSYzYZ0-Vhb8JUKXKaaA3odiIUcQplhK9LdNvbjLFMOHfLny8QG-PAcrLRrauIiZ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00501.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUxQnrhNMbkU0EuS32kd2IwZINf8OG6at12OV1SDknzyw3p-avvv5D7dIuoIOo89VnZLeygXEyIO1cwHl_FR3lztPjrlVlEnNqsSivOy-tLVho_MjZPf6w2cYrMtFAbwwB-QCLRjRwhd4B/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00502.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUxQnrhNMbkU0EuS32kd2IwZINf8OG6at12OV1SDknzyw3p-avvv5D7dIuoIOo89VnZLeygXEyIO1cwHl_FR3lztPjrlVlEnNqsSivOy-tLVho_MjZPf6w2cYrMtFAbwwB-QCLRjRwhd4B/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00502.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjalTo8AuCkCtnMkEYgNutkUNKfTF2mXakz2drBRu360eP_vAk7SVURQogtpXlOsw5fBs2OBVph12z6wcXshHmBK5ySyFoGvKIHNn9LyLDRY4k1e9iG2fLYmCI2pvl8oDQF4yDyQ0A6CFW8/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00503.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjalTo8AuCkCtnMkEYgNutkUNKfTF2mXakz2drBRu360eP_vAk7SVURQogtpXlOsw5fBs2OBVph12z6wcXshHmBK5ySyFoGvKIHNn9LyLDRY4k1e9iG2fLYmCI2pvl8oDQF4yDyQ0A6CFW8/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00503.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsYIt2glWv6vyadinrNt1olBzc5aF03o6RqVwdXlwlt6aPyoq7VcEWZBtFz0PPh2XppYDofw-ze81qQTlETYRaBvGxWJu218MO2LcO4xL7wmO0yqqoOAX5M32ghJU2EaIxghCxep-f2xQ0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00504.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsYIt2glWv6vyadinrNt1olBzc5aF03o6RqVwdXlwlt6aPyoq7VcEWZBtFz0PPh2XppYDofw-ze81qQTlETYRaBvGxWJu218MO2LcO4xL7wmO0yqqoOAX5M32ghJU2EaIxghCxep-f2xQ0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00504.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh58KBgCadMJEFpkKUWQntBxGWGCquw_QfoLv-yfPmKyEkafO-YrWpJvox2ykLL4GdQvxiU-B4jKABwWZwPsGYTGKZ3SuypxXSF-Wr6Dull_4NyeG8btGLO_yn_fAAVsu1S6sQB10ZgU8JR/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00505.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh58KBgCadMJEFpkKUWQntBxGWGCquw_QfoLv-yfPmKyEkafO-YrWpJvox2ykLL4GdQvxiU-B4jKABwWZwPsGYTGKZ3SuypxXSF-Wr6Dull_4NyeG8btGLO_yn_fAAVsu1S6sQB10ZgU8JR/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00505.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-OZk-UheRaJsV6KdLgOSy6X35ELShs300kt3xybupVIm_AoFt-1fhzqDVlwv46AKmOnsFgSnwB9xbc6jucfiNwhlQMEZALa4pYMS3ZipvMF2oWemZ21UiN442ignSsPr6PjUhJ-Dy3dQ_/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00506.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-OZk-UheRaJsV6KdLgOSy6X35ELShs300kt3xybupVIm_AoFt-1fhzqDVlwv46AKmOnsFgSnwB9xbc6jucfiNwhlQMEZALa4pYMS3ZipvMF2oWemZ21UiN442ignSsPr6PjUhJ-Dy3dQ_/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00506.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjOuqE8vT3tXrwg5x0nIYaNUfzHl8bp7ynU2edSQo309XL-wPIWvQXhSfiJ9zaKOItP0qLNMbT3sC1OKfjTBNQLuXzWsyrZFZEyUemjL7qCzCFhzmCSEZKdI1PuC6x5aurYFNTzI7FQ0YtA/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00507.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjOuqE8vT3tXrwg5x0nIYaNUfzHl8bp7ynU2edSQo309XL-wPIWvQXhSfiJ9zaKOItP0qLNMbT3sC1OKfjTBNQLuXzWsyrZFZEyUemjL7qCzCFhzmCSEZKdI1PuC6x5aurYFNTzI7FQ0YtA/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00507.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEinr-r8aBvASNOq0E1DdRmALBHj4WgA5NitGT_f_tktw9ZosYrthcYdu2RDoaJlybW58-wor9B4yZiH0UCkQCb6KyYSMQCyb3wXSioKYwf-7oJUwizLWS-5f-nyeQu6MRXZWx4nyfvbPEUn/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00508.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEinr-r8aBvASNOq0E1DdRmALBHj4WgA5NitGT_f_tktw9ZosYrthcYdu2RDoaJlybW58-wor9B4yZiH0UCkQCb6KyYSMQCyb3wXSioKYwf-7oJUwizLWS-5f-nyeQu6MRXZWx4nyfvbPEUn/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00508.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhKrAH2NB8e745Essrynyfs3whkNgRzfQ1DT8JHYV-G4t2mATucy6aP9sasLUKb2-xWm8DapXAkXb8YFjjSvd28ipTBoCZRtulRSu_5aablBoUC38a4GLLo93WkE5-pR-s9EI2iAxHfWLx9/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00509.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhKrAH2NB8e745Essrynyfs3whkNgRzfQ1DT8JHYV-G4t2mATucy6aP9sasLUKb2-xWm8DapXAkXb8YFjjSvd28ipTBoCZRtulRSu_5aablBoUC38a4GLLo93WkE5-pR-s9EI2iAxHfWLx9/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00509.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWsA5_BB8NVoeBAJoMfE7COuNBQQ4nplWPBCkioFsfyEsgBRxYz9ctkPraG7uC6sQfBpPipCRhgLX5iclRldELaO06YG3qlq83kHwNIJtpzf30hjkNmtFHRQAhncH2Ome0b3YQu4HbFcw7/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00510.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhWsA5_BB8NVoeBAJoMfE7COuNBQQ4nplWPBCkioFsfyEsgBRxYz9ctkPraG7uC6sQfBpPipCRhgLX5iclRldELaO06YG3qlq83kHwNIJtpzf30hjkNmtFHRQAhncH2Ome0b3YQu4HbFcw7/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00510.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqvwjfCXB9OJqwS6DEHulAokj9kbKd-ABH3DpoSfQHBk5eVu0EvATBbTtbGdodPJe_E9KuUTQ_NIEVwlr6O8Vl9HwhSwUfmgoN474zcaBgWbBbLRa4JedkA-lmCDYhyphenhyphenYhaUiXvI8ZJagJc/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00511.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqvwjfCXB9OJqwS6DEHulAokj9kbKd-ABH3DpoSfQHBk5eVu0EvATBbTtbGdodPJe_E9KuUTQ_NIEVwlr6O8Vl9HwhSwUfmgoN474zcaBgWbBbLRa4JedkA-lmCDYhyphenhyphenYhaUiXvI8ZJagJc/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00511.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh9yFIB4nnipmqbBTmTe-S4QpogPOPHhLKVpkX9_r1ql3QTE1g39TD3EeJd1Kc9R_5cPOKKRWJ2ayd6GJANnRJIy4aeBBGUfQjaf4G_yvUYnLN_qEx8tpJXJ6wVRYkqFQMOqBvRUfiFke8i/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00512.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh9yFIB4nnipmqbBTmTe-S4QpogPOPHhLKVpkX9_r1ql3QTE1g39TD3EeJd1Kc9R_5cPOKKRWJ2ayd6GJANnRJIy4aeBBGUfQjaf4G_yvUYnLN_qEx8tpJXJ6wVRYkqFQMOqBvRUfiFke8i/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00512.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2T6RxvCtbQ38S2rdQPcg9nvPxcVJAvvr6MvCxtHYC96pZANJZYR2AeuYHF4dGU_t2JwyKXHo4mk4uMykE6xw46cNcc1YGlVdraoMrMk7HkED0QVsmSHIWuDJmMKA06yoJl0rS5vatMUsT/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00513.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2T6RxvCtbQ38S2rdQPcg9nvPxcVJAvvr6MvCxtHYC96pZANJZYR2AeuYHF4dGU_t2JwyKXHo4mk4uMykE6xw46cNcc1YGlVdraoMrMk7HkED0QVsmSHIWuDJmMKA06yoJl0rS5vatMUsT/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00513.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtrW3MJdzUnE_e__tTvHJWSpbSL5J0p3YINaWrrXkfi9xOPQKqdTCzPfgaOrd5N2x9EGqkcnFHdcmVWJHUxuhSYNGwyGYMsIxTrR7OA0vP4HhoC17vghtj3l4Wwhp9775FKCbHKbNBh4ar/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00514.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjtrW3MJdzUnE_e__tTvHJWSpbSL5J0p3YINaWrrXkfi9xOPQKqdTCzPfgaOrd5N2x9EGqkcnFHdcmVWJHUxuhSYNGwyGYMsIxTrR7OA0vP4HhoC17vghtj3l4Wwhp9775FKCbHKbNBh4ar/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00514.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFC973G4znHZP9AUad06RKX9iirWKfq19dNWnaAgD9N4VAGPSHUC4nXQvzsDxoSx44pVEIZafU_QpKGecA-neFR0zJLUR25c8flBEJwsLkSIdlPZ_YeFSn7YW8tCoOc8bBeHU4FeOqcR5A/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00515.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFC973G4znHZP9AUad06RKX9iirWKfq19dNWnaAgD9N4VAGPSHUC4nXQvzsDxoSx44pVEIZafU_QpKGecA-neFR0zJLUR25c8flBEJwsLkSIdlPZ_YeFSn7YW8tCoOc8bBeHU4FeOqcR5A/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00515.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi0SBg6S37i-okAWiY0qh1lGC0m4_CqtyjstuKIlEhh16H9Mrv8kp_dhNpU8MJVkgMvGWxFsrI9CsByRD9WtfY5LzzC-ew5Lvtq1471P6hCj2D0kiHG8tkUSoqV1dLg41RvwCXpW1qjV3tp/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00516.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi0SBg6S37i-okAWiY0qh1lGC0m4_CqtyjstuKIlEhh16H9Mrv8kp_dhNpU8MJVkgMvGWxFsrI9CsByRD9WtfY5LzzC-ew5Lvtq1471P6hCj2D0kiHG8tkUSoqV1dLg41RvwCXpW1qjV3tp/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00516.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhXUaanburLMvWKqZ-DYsZ6oqYbZUqFbqG04qSSO0MiIOZaGSgElsm4eaqUJ_YEWRHlmHJVGwnb-j1uz9ZA7okYjodjBagoEXvdZ6NSUrLc_zqP_AJVGvuIWp9iP_KBdytW2lx173iPM5QM/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00517.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhXUaanburLMvWKqZ-DYsZ6oqYbZUqFbqG04qSSO0MiIOZaGSgElsm4eaqUJ_YEWRHlmHJVGwnb-j1uz9ZA7okYjodjBagoEXvdZ6NSUrLc_zqP_AJVGvuIWp9iP_KBdytW2lx173iPM5QM/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00517.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEglSMFgmP-L2OlZcsbhyphenhyphenmcmkedhBO_XzbsAEu4aYT66kJ7LIv0AqPxRLG3vIV6_IibMXfCoR0pPuLxswvww-ImNHWMls9IWe-SUsADXXpPRCHEzPRKp1HgLm3ZylzvLlFnjOuGX3NCm9-C0/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00518.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEglSMFgmP-L2OlZcsbhyphenhyphenmcmkedhBO_XzbsAEu4aYT66kJ7LIv0AqPxRLG3vIV6_IibMXfCoR0pPuLxswvww-ImNHWMls9IWe-SUsADXXpPRCHEzPRKp1HgLm3ZylzvLlFnjOuGX3NCm9-C0/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00518.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfXjBOlOo1syJwlsHOO9H3j3MsD_l1VsdlSQ98gSULZXfPk0VouKaxMQD78GX2p7cp2P3hTdZFVyZBOj7z1nK2p_h8TO35iBKwufMRbl1akRpBxKBG3Km1nhn4zT3EYFUGOP17D4brzDPl/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00519.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgfXjBOlOo1syJwlsHOO9H3j3MsD_l1VsdlSQ98gSULZXfPk0VouKaxMQD78GX2p7cp2P3hTdZFVyZBOj7z1nK2p_h8TO35iBKwufMRbl1akRpBxKBG3Km1nhn4zT3EYFUGOP17D4brzDPl/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00519.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEga7Oc8GRLErzdrSZb6hf8WkZ-nFqtNhCDNP8gWsBgF_VxVFqRBSeI8CfBqnzbChuZ__f20yYsPz-bTmrm4v1uv_FHpH7GdI7ZKouYEbRWwegBxnKCx7fKuSwimgpmtCiI5ClSPYJ96klzY/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00520.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEga7Oc8GRLErzdrSZb6hf8WkZ-nFqtNhCDNP8gWsBgF_VxVFqRBSeI8CfBqnzbChuZ__f20yYsPz-bTmrm4v1uv_FHpH7GdI7ZKouYEbRWwegBxnKCx7fKuSwimgpmtCiI5ClSPYJ96klzY/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00520.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiz-mAeEQEc_aAvhpqt3kn6u2aTgu6u1_DJ9WIhYcpR1b-N63lXooqURAjOTCtIzHBxvGfemw-w4QK36icRKyMZ0J4gJXtVv2a9ZP2LMOh8oNVJUHW10DbYdK-U4JgXA38W07Hzjts_8wOa/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00521.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiz-mAeEQEc_aAvhpqt3kn6u2aTgu6u1_DJ9WIhYcpR1b-N63lXooqURAjOTCtIzHBxvGfemw-w4QK36icRKyMZ0J4gJXtVv2a9ZP2LMOh8oNVJUHW10DbYdK-U4JgXA38W07Hzjts_8wOa/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00521.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh2Hffa_UmLIuFGUBjlzw8MF9M2pNyoZKJN4vSgEzTqedLH7PbpTdA3wdqDucQNCctTrzTWGfONCIY38SzKDAQ0t82SAITuHJWoVEUcx21aipEG3GUEKNMRg8tGjMf-oTKC44lcszI1eaCJ/s1600/Mushaf-Shamarly+V2_2-00522.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh2Hffa_UmLIuFGUBjlzw8MF9M2pNyoZKJN4vSgEzTqedLH7PbpTdA3wdqDucQNCctTrzTWGfONCIY38SzKDAQ0t82SAITuHJWoVEUcx21aipEG3GUEKNMRg8tGjMf-oTKC44lcszI1eaCJ/s640/Mushaf-Shamarly+V2_2-00522.jpg" /></a></span></b><br />
<br />
<br />
<b><span style="font-size: x-large;">آخر المصحف والحمد لله رب العالمين</span></b></div>
</div>
bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-65436614507441467972015-10-15T07:04:00.000-07:002019-07-21T06:54:04.411-07:00* دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سعيد زغلول<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div style="text-align: justify;">
<b><span style="font-size: x-large;">ملحوظة هذه الصفحة قمت بعرضها بحجمها الطبيعي وعليك أيها القارئ الكريم توسيط الصفحة من البار السفلي المتحكم في تحريك الصفحة يمينا أو يشارا لكي تظهر لك الصفحة بكامل عرضها مكبرة كما أن الضغط علي أحد صفحاتها الفرعية يظهر لك عرض كل الصور المتضمنة في الصفحة الأصلية ويمكن الانتقال لامن صفحة فرعية الي صفحة فرعية أخري<br />---------------------<br />دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سعيد زغلول</span></b><span style="background-color: #ffe599;"><br /></span></div>
<span style="background-color: #ffe599;"><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1PWXLxwBXHDjRAolp_oZgZFMPTruNHv0vGgD4HwSEdtabXi62HT83r-OXNfuc8G1sPdst3m9ZST7WKd08QKwe_QzyUqBTLu8Jp0ybWJajylMJgBNxQ80nccnpIFl8CRWWolfscZyQOlg/s1600/1.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1PWXLxwBXHDjRAolp_oZgZFMPTruNHv0vGgD4HwSEdtabXi62HT83r-OXNfuc8G1sPdst3m9ZST7WKd08QKwe_QzyUqBTLu8Jp0ybWJajylMJgBNxQ80nccnpIFl8CRWWolfscZyQOlg/s1600/1.jpg" /></a><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjX-t0y5D5DR7H_TXXgMkaVDUrNKvX6sNyUAHVYeyNxAPSsZpfTZHUUpz0od7zVEHCHBqihivMjDfatH2bBUC8knksOYOc5jYcg7-Rj6hyg2OVts1TdreZuXmiwQd-QozFhZ4BVTevyCQ0/s1600/3.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjX-t0y5D5DR7H_TXXgMkaVDUrNKvX6sNyUAHVYeyNxAPSsZpfTZHUUpz0od7zVEHCHBqihivMjDfatH2bBUC8knksOYOc5jYcg7-Rj6hyg2OVts1TdreZuXmiwQd-QozFhZ4BVTevyCQ0/s1600/3.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-W_SHcsCm307HTCOeREmYKQTACPlshYBZbx5bZ4b5nqFvOKNgLtwWUgUdYI4kdjvs8dGjbwhyphenhyphenbGN-mgm2ZlF5rET-7iQWAipFSl0CDzdEjNTZRnQ1qxpVmvzU_LFicxB-nSMqf2d_BoA/s1600/4+%25281%2529-----------%2540%2540.JPG"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-W_SHcsCm307HTCOeREmYKQTACPlshYBZbx5bZ4b5nqFvOKNgLtwWUgUdYI4kdjvs8dGjbwhyphenhyphenbGN-mgm2ZlF5rET-7iQWAipFSl0CDzdEjNTZRnQ1qxpVmvzU_LFicxB-nSMqf2d_BoA/s1600/4+%25281%2529-----------%2540%2540.JPG" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLT87C1Dkn7yoj1amtoZBK6rXTjEnyqWfZnES7TLIj5jGULFu6efEN-NwCJSo-SSQYMw8pfs96kwLqpowAeciPVPOm6lgt5Qq9vEj_33WhkLgb6Qu22C0wYuEeOW_LaDA6xpzYQt1KzeI/s1600/5.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLT87C1Dkn7yoj1amtoZBK6rXTjEnyqWfZnES7TLIj5jGULFu6efEN-NwCJSo-SSQYMw8pfs96kwLqpowAeciPVPOm6lgt5Qq9vEj_33WhkLgb6Qu22C0wYuEeOW_LaDA6xpzYQt1KzeI/s1600/5.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpn5TeRIz0IyDziAlEBSHohRmyOKsIp3y0zh0wYkEW_4IMo93LtbvSGDFuFpKv6MyxRX39pDkm4BaX3MC4d2cU07Oqim5FnNNU0FFQ2a8qMzEBQHa1j4grFeAF99rwwRZgel58F8d5erI/s1600/6.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpn5TeRIz0IyDziAlEBSHohRmyOKsIp3y0zh0wYkEW_4IMo93LtbvSGDFuFpKv6MyxRX39pDkm4BaX3MC4d2cU07Oqim5FnNNU0FFQ2a8qMzEBQHa1j4grFeAF99rwwRZgel58F8d5erI/s1600/6.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGDqoNTXjEwNFN2ybXVeFrD0If3qQv2w3W1PTe02iQvV6CoCnBMOY0OlhVflhI4y9znIamVPfWPyP-DwE9gSraI7_Ag90sesyk2JAOTKR4jVR68CWWPoygOAqJEcc4B57kT_lrWv4wQWI/s1600/7.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGDqoNTXjEwNFN2ybXVeFrD0If3qQv2w3W1PTe02iQvV6CoCnBMOY0OlhVflhI4y9znIamVPfWPyP-DwE9gSraI7_Ag90sesyk2JAOTKR4jVR68CWWPoygOAqJEcc4B57kT_lrWv4wQWI/s1600/7.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhf3jVvP-PMcHziJWOiMmkaAsyKKOaBbDVl3jNCYVLjuExWxX6Tyk1UpEj9Cl87VOhHOjEZl8nls1qA12Mv-3tEkPXZ3JHqWwFkEbinFTDDmcZAyWxXVTwhfKBsgmCDkZALWZVTV6MFCzk/s1600/8.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhf3jVvP-PMcHziJWOiMmkaAsyKKOaBbDVl3jNCYVLjuExWxX6Tyk1UpEj9Cl87VOhHOjEZl8nls1qA12Mv-3tEkPXZ3JHqWwFkEbinFTDDmcZAyWxXVTwhfKBsgmCDkZALWZVTV6MFCzk/s1600/8.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJm_UFlv4FbQA-OjkYXgIwzyMypqTw_1miaxNUuicFa-64u8FIA4_IdAiUQ4qLFmP1U057z0_uJw4VY3XqLHh9ushQwcFWMUWziJ2R6dsJGWq9QhApgkRW9TPa8xrMS8BvxXER88ob5Lw/s1600/9.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJm_UFlv4FbQA-OjkYXgIwzyMypqTw_1miaxNUuicFa-64u8FIA4_IdAiUQ4qLFmP1U057z0_uJw4VY3XqLHh9ushQwcFWMUWziJ2R6dsJGWq9QhApgkRW9TPa8xrMS8BvxXER88ob5Lw/s1600/9.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1GxBfAcH1Co88H6ypxJbt1tFidRBDzw6IagIbBmWTy4zx-QqjAcpwkU-LuZSFB5Ct4bzqXvN3g2G1A0QPrh1XHEXGB56U0XsjMyO5k2OmOdGnABWZjhifAq16SLdyWHymYR6N8Eu-wZ4/s1600/10.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1GxBfAcH1Co88H6ypxJbt1tFidRBDzw6IagIbBmWTy4zx-QqjAcpwkU-LuZSFB5Ct4bzqXvN3g2G1A0QPrh1XHEXGB56U0XsjMyO5k2OmOdGnABWZjhifAq16SLdyWHymYR6N8Eu-wZ4/s1600/10.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgO1MyLgpiEpDhuO2VpewBqYvcJ-oEny7kHFG8UJIgIkrDZgeoNjdJMfEma_0ThS2Yw3liZ0jmr0NUVwYVp3aBo-spl57egbXs-aFNfSwY328f6f0WqBrEZ_4n5Da7PHZUTLlLfK6b-Dt0/s1600/11.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgO1MyLgpiEpDhuO2VpewBqYvcJ-oEny7kHFG8UJIgIkrDZgeoNjdJMfEma_0ThS2Yw3liZ0jmr0NUVwYVp3aBo-spl57egbXs-aFNfSwY328f6f0WqBrEZ_4n5Da7PHZUTLlLfK6b-Dt0/s1600/11.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvdZgaFuc2cW5_IgJS2CcHsav6WkUAZ1iZNRDeu53yIATZ08kkDnVD19JwiQw-F8EosiDKkdRPhd-MCvRP5joWb2sksCFHhp6d3XGP2bOrShNxa6EnYofmgZhjcGipsEQfe5GqQ6_xf8k/s1600/12.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvdZgaFuc2cW5_IgJS2CcHsav6WkUAZ1iZNRDeu53yIATZ08kkDnVD19JwiQw-F8EosiDKkdRPhd-MCvRP5joWb2sksCFHhp6d3XGP2bOrShNxa6EnYofmgZhjcGipsEQfe5GqQ6_xf8k/s1600/12.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2YEdBqk_HOhhie_7iNwq1c75syfhE-EeH5MPTNwJWvOnMN51uefnlKDNyugxIuRxhZhYxZpFBefoCRGbKfMJtHjB_6UAEqN9kYP07tpilBDY1dXAfgc6fR_c_QDVVY2xbMDMtRxWbZKU/s1600/13.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2YEdBqk_HOhhie_7iNwq1c75syfhE-EeH5MPTNwJWvOnMN51uefnlKDNyugxIuRxhZhYxZpFBefoCRGbKfMJtHjB_6UAEqN9kYP07tpilBDY1dXAfgc6fR_c_QDVVY2xbMDMtRxWbZKU/s1600/13.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj7f94Z1PaX3upIsPj1aHreYlRPW4V3cXaLtLs7XKiAvf7dEd6jQnB_aDzXbG73ONGkOzClsv4vbiPoMghk2xQv8p3_Iegts7Z-NJ6GG8TckTjeaIm0oSa2YUWqpVrtJeyKw1Fm8vvfQgs/s1600/14.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj7f94Z1PaX3upIsPj1aHreYlRPW4V3cXaLtLs7XKiAvf7dEd6jQnB_aDzXbG73ONGkOzClsv4vbiPoMghk2xQv8p3_Iegts7Z-NJ6GG8TckTjeaIm0oSa2YUWqpVrtJeyKw1Fm8vvfQgs/s1600/14.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjINYnulPUQQjStUsDxVQkzvHgT4QKkIuo0jAxMJFpwi07ODt_Vhaf0SVJK1aIvsjJvKcpQLyLkQ4x9-Md_T7qpTqvhhyphenhyphena8RVCY90iTZIWJBZLtVBV5ytbE9RzIPlgMwGhISwvpDv_b7YQ/s1600/15.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjINYnulPUQQjStUsDxVQkzvHgT4QKkIuo0jAxMJFpwi07ODt_Vhaf0SVJK1aIvsjJvKcpQLyLkQ4x9-Md_T7qpTqvhhyphenhyphena8RVCY90iTZIWJBZLtVBV5ytbE9RzIPlgMwGhISwvpDv_b7YQ/s1600/15.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvMaYCJAvyQl-GzizuHAmNX916t8b1h_yUV_kVUmOQQ2U6u8E_OgtolP-ciekydZwTgZyQxQCVuNA1uLKJvMtdOqLZWgDbMF9ZeTUMzRaFW4qFCxlxG69dWw_cIc_YUZaEAyuqObd2cac/s1600/16.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvMaYCJAvyQl-GzizuHAmNX916t8b1h_yUV_kVUmOQQ2U6u8E_OgtolP-ciekydZwTgZyQxQCVuNA1uLKJvMtdOqLZWgDbMF9ZeTUMzRaFW4qFCxlxG69dWw_cIc_YUZaEAyuqObd2cac/s1600/16.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfIV9jQN9oNanfsr51zBq3_nyBdMyp79Av2yAxZOFuA5wd5cWqONbK3JuYQOI-qRaFJ8EtKE5KxQ4IGSuXAxJt-Dxek85C7PjhkaFcmfh2SISATAiRgdzSfZg49gUdyOC9UkOxldAjMjY/s1600/17.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfIV9jQN9oNanfsr51zBq3_nyBdMyp79Av2yAxZOFuA5wd5cWqONbK3JuYQOI-qRaFJ8EtKE5KxQ4IGSuXAxJt-Dxek85C7PjhkaFcmfh2SISATAiRgdzSfZg49gUdyOC9UkOxldAjMjY/s1600/17.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTZ3ZsY17bVCdIxomA9Y2DWbeEw0sTncHgBvwi4yUqwpXFWtul1jhd5zdHHynujtqqqH_wNoH3j-btUmbUZQ2Xwv3tEeM3jnwG0xnk0oKYhppxRsIlbRdPgBw8m0gtVwSSTbZeuYubtEY/s1600/19.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTZ3ZsY17bVCdIxomA9Y2DWbeEw0sTncHgBvwi4yUqwpXFWtul1jhd5zdHHynujtqqqH_wNoH3j-btUmbUZQ2Xwv3tEeM3jnwG0xnk0oKYhppxRsIlbRdPgBw8m0gtVwSSTbZeuYubtEY/s1600/19.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi39p5N9blZgK0uv8QnkuY5K8srOjKUCDzBV9n2R44E4_91pXwaOULEu7vz34ePqBmguYDdINHWvbxsGaIObFDxDnyO7aHHV9tQMWDn13PUmvjMrWzhrAEX7lttzsSuXZRANWLIMZSUkX4/s1600/18.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi39p5N9blZgK0uv8QnkuY5K8srOjKUCDzBV9n2R44E4_91pXwaOULEu7vz34ePqBmguYDdINHWvbxsGaIObFDxDnyO7aHHV9tQMWDn13PUmvjMrWzhrAEX7lttzsSuXZRANWLIMZSUkX4/s1600/18.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgil51hqdXYJZV1LU1KL9fGCnec8os_qP1QHRqYUFxyP5d0_uPN67ICoCbNQPYI1DYadm7XOu-fS8DJPHbIa9B0sILcsyRPYNKJY5PQEO-RQB-x7XDdMjIyPK62pJDDE2TVpSXhUma2BXc/s1600/20.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgil51hqdXYJZV1LU1KL9fGCnec8os_qP1QHRqYUFxyP5d0_uPN67ICoCbNQPYI1DYadm7XOu-fS8DJPHbIa9B0sILcsyRPYNKJY5PQEO-RQB-x7XDdMjIyPK62pJDDE2TVpSXhUma2BXc/s1600/20.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjmZunNN6fI5YwlemG4baa364zIng43Eq9-8MR2uGH1h4hyYBPOslw4mcq60a-gFOvSACgZZASMg7vv9uPktjYqm1eLAGGmEcG5Y-pmILS2cMAZrNJ9dMme6Wzrxf-1tPXQ18JvDTMcTio/s1600/21.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjmZunNN6fI5YwlemG4baa364zIng43Eq9-8MR2uGH1h4hyYBPOslw4mcq60a-gFOvSACgZZASMg7vv9uPktjYqm1eLAGGmEcG5Y-pmILS2cMAZrNJ9dMme6Wzrxf-1tPXQ18JvDTMcTio/s1600/21.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXXw-Q8_F_NnZlzdraeV9guMgiAE_CaWGxHi_vLORLUcw5i3cjal34NanX6_tUqTlSI15UCTH_5d5lwkooZpMA2lXo5TGW61uXgyjdKOPkVOR5bEd29dRQ_lxVEzsnSbjxoztfNrTsRoI/s1600/22.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXXw-Q8_F_NnZlzdraeV9guMgiAE_CaWGxHi_vLORLUcw5i3cjal34NanX6_tUqTlSI15UCTH_5d5lwkooZpMA2lXo5TGW61uXgyjdKOPkVOR5bEd29dRQ_lxVEzsnSbjxoztfNrTsRoI/s1600/22.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgyWXmviySh557jn0nlIthIWapk7FjaGt4QRCxqQWIU3bmKlojxtAWpyeoUNTNEDydnvmNxP0sLaHaql5J-x9XdGphrA9bidHZ3HF7sFwOA_69SKaoIRrMGGUwhYhyphenhyphenewMQdxzaZ2z3iCaA/s1600/23.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgyWXmviySh557jn0nlIthIWapk7FjaGt4QRCxqQWIU3bmKlojxtAWpyeoUNTNEDydnvmNxP0sLaHaql5J-x9XdGphrA9bidHZ3HF7sFwOA_69SKaoIRrMGGUwhYhyphenhyphenewMQdxzaZ2z3iCaA/s1600/23.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgzd5Ivh2MzQtC9uJUGKVnuM1RDQ_gMwJxKdOgkkyWIGJZeUH3RXpRozIWo5gzYVDnmeuCVS95H3pvZWWZIAZ8fkfs5Lji5U3QeydXm_iNn3ZhX-dJnKXpZZh1regTFeiPwiKPxpjz6Qr4/s1600/24.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgzd5Ivh2MzQtC9uJUGKVnuM1RDQ_gMwJxKdOgkkyWIGJZeUH3RXpRozIWo5gzYVDnmeuCVS95H3pvZWWZIAZ8fkfs5Lji5U3QeydXm_iNn3ZhX-dJnKXpZZh1regTFeiPwiKPxpjz6Qr4/s1600/24.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1__mAMMRbjgxpNExqwtJh232js-eFIRi11xFlwnB_J7T3LuxQoCLZsHRlICSzjIXHOBdHk5YYaQylYs4qCjEITNdpYXaU-WYbIjsyMQOAB-j_UgTMhnfzSApiC-RZqKLXJ_ONsiBBaQ4/s1600/25.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1__mAMMRbjgxpNExqwtJh232js-eFIRi11xFlwnB_J7T3LuxQoCLZsHRlICSzjIXHOBdHk5YYaQylYs4qCjEITNdpYXaU-WYbIjsyMQOAB-j_UgTMhnfzSApiC-RZqKLXJ_ONsiBBaQ4/s1600/25.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiv2Z6X_nLSWuolco4eqc-BkGHIgEIXDRp1I3DgwPT3ApKmGjLBsaL7pLuINPkA0cJGLbAzh6BEa1kOv8Jx8DyxCXCZrrhNc1zCwAFOxhqQwCN0z_O-lftNeOQ0Z0BudbWQOK0KAEC3vLs/s1600/26.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiv2Z6X_nLSWuolco4eqc-BkGHIgEIXDRp1I3DgwPT3ApKmGjLBsaL7pLuINPkA0cJGLbAzh6BEa1kOv8Jx8DyxCXCZrrhNc1zCwAFOxhqQwCN0z_O-lftNeOQ0Z0BudbWQOK0KAEC3vLs/s1600/26.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhp6WiO3dJPAjlDn08jJ_UbQwc4bPYl0mZx5TYU4fzHoWpVRtS9lET_hP-NfaRddFtlKqRWSVQI9wOQDATHrZGzxu52ssHSKgAjoWkFwZ_Tme77Aisu-1ozkaT704L6YTUy2Zx8Gn0S8pQ/s1600/27.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhp6WiO3dJPAjlDn08jJ_UbQwc4bPYl0mZx5TYU4fzHoWpVRtS9lET_hP-NfaRddFtlKqRWSVQI9wOQDATHrZGzxu52ssHSKgAjoWkFwZ_Tme77Aisu-1ozkaT704L6YTUy2Zx8Gn0S8pQ/s1600/27.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiCDxN5DklWavaqzKlJMRzzU2LAx5WUIM1Jgb9qngTMAG5j2E7JaHiWHH59MQnGseaBCtJEaBmdQ-1x_Qdn44Ty8C6IVFVLTLeANYsUo7gjHCLGQsAtZlRE2QJuVt2J_dxnv5PWtAqAWcA/s1600/28.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiCDxN5DklWavaqzKlJMRzzU2LAx5WUIM1Jgb9qngTMAG5j2E7JaHiWHH59MQnGseaBCtJEaBmdQ-1x_Qdn44Ty8C6IVFVLTLeANYsUo7gjHCLGQsAtZlRE2QJuVt2J_dxnv5PWtAqAWcA/s1600/28.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEivGrP68FmzrFU1gv9P6eJHtIHjBK6wB9GILWejs5n4F-KYly2ZmGgJq8SgtYljHOPYXbffyp8clp081gPF4jKcjRX0RSQcqlaitxOYS5DPXzdZ3LOp_v22eLM6LLEx0M12IKnBYtCbOag/s1600/29.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEivGrP68FmzrFU1gv9P6eJHtIHjBK6wB9GILWejs5n4F-KYly2ZmGgJq8SgtYljHOPYXbffyp8clp081gPF4jKcjRX0RSQcqlaitxOYS5DPXzdZ3LOp_v22eLM6LLEx0M12IKnBYtCbOag/s1600/29.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg-PhzzW3Mv4f4rKsamtQTD7gqOTIlC8OR9WaOcUyRAT2DcOCEnLrXQrqNUeCOn6xUqqGRMFOqov-LVMgdsPeUpkje8bvh4SaCfcLb_00AUvVhQPhYr-oCsILnnTGWkxlOK99_cwJgqXok/s1600/30.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg-PhzzW3Mv4f4rKsamtQTD7gqOTIlC8OR9WaOcUyRAT2DcOCEnLrXQrqNUeCOn6xUqqGRMFOqov-LVMgdsPeUpkje8bvh4SaCfcLb_00AUvVhQPhYr-oCsILnnTGWkxlOK99_cwJgqXok/s1600/30.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-w3HHUjzcfycc7aXnwImbtkFnNlfkI73Y5iNugiPlI3VZ_W0umvnlkL1thQmPEUQLccYk1XmzXGtORO9HEWIsDx9x3vtD4S-QM-faj_v1_fi1m4PlmLqKkHcQU2mhpR63DUSr9TAce3E/s1600/31.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-w3HHUjzcfycc7aXnwImbtkFnNlfkI73Y5iNugiPlI3VZ_W0umvnlkL1thQmPEUQLccYk1XmzXGtORO9HEWIsDx9x3vtD4S-QM-faj_v1_fi1m4PlmLqKkHcQU2mhpR63DUSr9TAce3E/s1600/31.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi641ePYBjpa04M9ze94EitVA9O4OiLxOic2uEAdLdx9gXyAbUOY5e0I2O2zAeHVK5h-KuzELKFi-Eli9DRnM2HYoHsGSBSBLeF_hNy4cyETPmlyaHO9d_jrvBLkY4vTKB2hBy90bHyr24/s1600/32.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi641ePYBjpa04M9ze94EitVA9O4OiLxOic2uEAdLdx9gXyAbUOY5e0I2O2zAeHVK5h-KuzELKFi-Eli9DRnM2HYoHsGSBSBLeF_hNy4cyETPmlyaHO9d_jrvBLkY4vTKB2hBy90bHyr24/s1600/32.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjMRjh050Z_d-e1SzCQ_hgbxzXYeo-5Kc2-VJzAUC8d0zuefdn5md0tKbOJqUFGIQBbNUmwOXonvCk3FjDDvl5XXxMTxILIRBN1ZMzQdHd6hxfTqJYtvo33P_tGizIuq2Rki15DRTYJtU8/s1600/33.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjMRjh050Z_d-e1SzCQ_hgbxzXYeo-5Kc2-VJzAUC8d0zuefdn5md0tKbOJqUFGIQBbNUmwOXonvCk3FjDDvl5XXxMTxILIRBN1ZMzQdHd6hxfTqJYtvo33P_tGizIuq2Rki15DRTYJtU8/s1600/33.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzMxZUDis3GPqP1psmXOG1gxXyq2g-gdZdOEZeQGgXEMLhwLOzyoUwbx8VKv5hUX2xPRDQDtVZrXh0LD93nRSjoRYJKZi7uU6iQ-rG3UmCsfILrsDVWxGcu8ym5I3ED8e4Vlyw7XIs1Lo/s1600/34.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzMxZUDis3GPqP1psmXOG1gxXyq2g-gdZdOEZeQGgXEMLhwLOzyoUwbx8VKv5hUX2xPRDQDtVZrXh0LD93nRSjoRYJKZi7uU6iQ-rG3UmCsfILrsDVWxGcu8ym5I3ED8e4Vlyw7XIs1Lo/s1600/34.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimrJYC5T2No0eV2o6OOwv_6oZ-8DwYs5BWb9A3vsZKB-oAsy5vMQnKTofwuM-yUh1zfUsXTozGRWM4uI6_b7UiWWBaXgpgzaxYLMYwxVzUMnk5JxKjvlkMudMfIpWkfumveEBP6MmepQ0/s1600/35.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimrJYC5T2No0eV2o6OOwv_6oZ-8DwYs5BWb9A3vsZKB-oAsy5vMQnKTofwuM-yUh1zfUsXTozGRWM4uI6_b7UiWWBaXgpgzaxYLMYwxVzUMnk5JxKjvlkMudMfIpWkfumveEBP6MmepQ0/s1600/35.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0cHbAQTFfYOlJYT5c_ko1kxcSjXUu5bIIpgqc0-x80qIkdr9fJJRuMz8V-bJxIJAywZFvq-ehtTgr1BMOsaFfPQKkGem3nBkr-8bnoAE_hCasD3fIzvmicsSl5cq9X04F7_ePhrKnmZM/s1600/36.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0cHbAQTFfYOlJYT5c_ko1kxcSjXUu5bIIpgqc0-x80qIkdr9fJJRuMz8V-bJxIJAywZFvq-ehtTgr1BMOsaFfPQKkGem3nBkr-8bnoAE_hCasD3fIzvmicsSl5cq9X04F7_ePhrKnmZM/s1600/36.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5Ymhn7oIYCOCPcGvU66xHHZRW-WWSmgpxETCtW9rlzObDTsSNKIdwQq8E8ElTcl_3qPFAPRT_BhEfoZ-zktYRONgHbNX82NSuVWaUeWZtRO7bNQDwNUWk84QlE4RNFnwCXK6oDc33LqE/s1600/37.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5Ymhn7oIYCOCPcGvU66xHHZRW-WWSmgpxETCtW9rlzObDTsSNKIdwQq8E8ElTcl_3qPFAPRT_BhEfoZ-zktYRONgHbNX82NSuVWaUeWZtRO7bNQDwNUWk84QlE4RNFnwCXK6oDc33LqE/s1600/37.jpg" /></a><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-dHsBby82ins-Xia8YZlrufWrE03YN7URwXmiOto1MrKBwtXH82zOAcraZ4WuAjuvVEY66DhxZnE9qiTgEPnsGTeh6kb2KUJiAAdSkR5mg5tp_hLYKfwOn2QBpNTM1n7OEd_Ex_31pjE/s1600/38.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-dHsBby82ins-Xia8YZlrufWrE03YN7URwXmiOto1MrKBwtXH82zOAcraZ4WuAjuvVEY66DhxZnE9qiTgEPnsGTeh6kb2KUJiAAdSkR5mg5tp_hLYKfwOn2QBpNTM1n7OEd_Ex_31pjE/s1600/38.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdqVk2LJ8xmxUGbgd_SMIokJK34PIp5OFwCllfTr54kedGYi1gotHHtBoIyLdUJ1WNL6SkylKjzjPc8ySnC2GnH8q2JCfOmFGQ6rO7Uq5DxlQOk7feeg9w0dPxLifcYnrC_SKEBVslx34/s1600/39.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdqVk2LJ8xmxUGbgd_SMIokJK34PIp5OFwCllfTr54kedGYi1gotHHtBoIyLdUJ1WNL6SkylKjzjPc8ySnC2GnH8q2JCfOmFGQ6rO7Uq5DxlQOk7feeg9w0dPxLifcYnrC_SKEBVslx34/s1600/39.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiIL_Y7O88rTscOBPDgQr9w3nQteiU8XzxAgMUq8ZMjqDNG-dJ_s8OcXvIKLn6bApHLPlN3D_8twh_MPGvuuVw_h544cG5jPow0jgT7SuWLRn1F7zI_eufpx5hBRA9zGJm7qY1TPKcM230/s1600/40.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiIL_Y7O88rTscOBPDgQr9w3nQteiU8XzxAgMUq8ZMjqDNG-dJ_s8OcXvIKLn6bApHLPlN3D_8twh_MPGvuuVw_h544cG5jPow0jgT7SuWLRn1F7zI_eufpx5hBRA9zGJm7qY1TPKcM230/s1600/40.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi8S4UsJxjGV7qin8Cu2bw1kfFmXA1EM4kpdj0HG9eKjK3PpDdh6vIr6jB-3h9FGZxRDCqiz8LOMvvkscOgZKyUFCQFdaezdUDgFXSpb7sP3x-BJb9uK-qYoMEqVfOakmvGyz-rUrq7RV0/s1600/41.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi8S4UsJxjGV7qin8Cu2bw1kfFmXA1EM4kpdj0HG9eKjK3PpDdh6vIr6jB-3h9FGZxRDCqiz8LOMvvkscOgZKyUFCQFdaezdUDgFXSpb7sP3x-BJb9uK-qYoMEqVfOakmvGyz-rUrq7RV0/s1600/41.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhh1P9OWJW2l7-a0cOLCBkl-WUMBkrvT-uGbgA8T9jUb9LhGiOEblIWd6MegKRbTkP8nAMxzvNW-ZgfpG0Az1gWOp43B5IwVo48aslhAm-X0qUpKY0WyCo7kT-EpitUajcPksLtSza71kk/s1600/42.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhh1P9OWJW2l7-a0cOLCBkl-WUMBkrvT-uGbgA8T9jUb9LhGiOEblIWd6MegKRbTkP8nAMxzvNW-ZgfpG0Az1gWOp43B5IwVo48aslhAm-X0qUpKY0WyCo7kT-EpitUajcPksLtSza71kk/s1600/42.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMnh1_-NKBU1QKLGYMqvPuzo8MEfmeNSkOXpGOZ686SBfvAVoU-a3EYboE5r6OZbhPQeQqz2_zOzi3AioFq1xVvsv5JOpu-KtZV6KvRSNXbhTrM_cmR4TjecjXQ4rnicNNxNMkfYsY3yY/s1600/43.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMnh1_-NKBU1QKLGYMqvPuzo8MEfmeNSkOXpGOZ686SBfvAVoU-a3EYboE5r6OZbhPQeQqz2_zOzi3AioFq1xVvsv5JOpu-KtZV6KvRSNXbhTrM_cmR4TjecjXQ4rnicNNxNMkfYsY3yY/s1600/43.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizNVhi_JhfimR9wS8TxGR8lAbpFhH8JeRmfGpdcTwiBV7FWtEJp_LoIauIvoEr6UBl5IWhX1o111zO66ETViSGqVdw51JtNzLuG-kxXNltKE8lg79rqGrtNEmo8IuE_sZxVbrxWzTzZs8/s1600/44.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizNVhi_JhfimR9wS8TxGR8lAbpFhH8JeRmfGpdcTwiBV7FWtEJp_LoIauIvoEr6UBl5IWhX1o111zO66ETViSGqVdw51JtNzLuG-kxXNltKE8lg79rqGrtNEmo8IuE_sZxVbrxWzTzZs8/s1600/44.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhFKY-l1iJwaXtH-JHd0VXWDpnoI4RI1OYbnUv9QcxG_VV39Rln6n9BVxSvn4Tds81AHQQR5QbOB41ARWuqPe1HgmfM-z8WrHwGEvwy1mdGu9xCkVFIKBhQ7GW5iV-y-Kaqr-zXIKYfIc/s1600/45.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhFKY-l1iJwaXtH-JHd0VXWDpnoI4RI1OYbnUv9QcxG_VV39Rln6n9BVxSvn4Tds81AHQQR5QbOB41ARWuqPe1HgmfM-z8WrHwGEvwy1mdGu9xCkVFIKBhQ7GW5iV-y-Kaqr-zXIKYfIc/s1600/45.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkBordZxbz_-1bVQe7K6cIXMyD4FH0NNCUC_WRmKx1HMFJ7xIc4r_WJY2Sp5jMa1Jrn2tk42yBQKTl31NfW2qgQzCYPS1VBMWOe0wB6hyphenhyphen7hWtbSgI8sR0uMw4kJqBrrHkLc5uKkz6aQ7I/s1600/46.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkBordZxbz_-1bVQe7K6cIXMyD4FH0NNCUC_WRmKx1HMFJ7xIc4r_WJY2Sp5jMa1Jrn2tk42yBQKTl31NfW2qgQzCYPS1VBMWOe0wB6hyphenhyphen7hWtbSgI8sR0uMw4kJqBrrHkLc5uKkz6aQ7I/s1600/46.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiKMDA0NL1Ok_SqRTme_WlggeuM97hliUh2MkqvdBIKrlkjeI6ic2_ojuQui0PMJlN3YvYvdRnLAA426Mp4GDH1Uar9Wvm0WxUxbFVDqxmAtaRPv6aKLMqoThs71YsDYkASFS77q2a79uU/s1600/47.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiKMDA0NL1Ok_SqRTme_WlggeuM97hliUh2MkqvdBIKrlkjeI6ic2_ojuQui0PMJlN3YvYvdRnLAA426Mp4GDH1Uar9Wvm0WxUxbFVDqxmAtaRPv6aKLMqoThs71YsDYkASFS77q2a79uU/s1600/47.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCft3ozHggepX6O_tGNqShcUzzi1h0vKY-u7FoCObYm3jr-4nFSTgYMxVv4bSEoIFpKtKkkHTIENnimtJ-DAII1ZcldLihMaA5cL6LkkQEwwTuErNkSPg4sk1p3CKyBsATOgP7nifcQpk/s1600/48.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCft3ozHggepX6O_tGNqShcUzzi1h0vKY-u7FoCObYm3jr-4nFSTgYMxVv4bSEoIFpKtKkkHTIENnimtJ-DAII1ZcldLihMaA5cL6LkkQEwwTuErNkSPg4sk1p3CKyBsATOgP7nifcQpk/s1600/48.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1vpEOBzyFGOuuQ6BdzYw6op_JMhcyx0t2M_igg5MeyrmFq0TaMxEtsujXUcstTx7YdF1ztuvDqStwvKYfPZ_nhGRtVLX9Y-WTFjfodixSoCMLZMo6JWR9uWICiEIPVuHnZfnPGXlZU3U/s1600/49.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1vpEOBzyFGOuuQ6BdzYw6op_JMhcyx0t2M_igg5MeyrmFq0TaMxEtsujXUcstTx7YdF1ztuvDqStwvKYfPZ_nhGRtVLX9Y-WTFjfodixSoCMLZMo6JWR9uWICiEIPVuHnZfnPGXlZU3U/s1600/49.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi_i-MHAQkbT1bhNLilH0jSwLjlo0sZqdq2fRPUoWUeFfSiHSVl_vUItaoeQFghlHfN6DHzwlXnNvWmvksFr5GLZIxlmu0D7AKzLocqH90pUnuufKJcFMthFGTGbJS4qQmaaB1JWnw7OfI/s1600/50.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi_i-MHAQkbT1bhNLilH0jSwLjlo0sZqdq2fRPUoWUeFfSiHSVl_vUItaoeQFghlHfN6DHzwlXnNvWmvksFr5GLZIxlmu0D7AKzLocqH90pUnuufKJcFMthFGTGbJS4qQmaaB1JWnw7OfI/s1600/50.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGShPKiKabEdOX5LMhrLuf6yRo2Et1mLp6g3mgN8OyT7qZe0iacfEKr6ishw2NvYh1Sj3dz-QVagvnrLzeMe2VOyTcLSdB8dCDSUCf-3i-SYNNhJENl2J8ZQMsP2yOJ3QEGKEwnhwbap8/s1600/51.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGShPKiKabEdOX5LMhrLuf6yRo2Et1mLp6g3mgN8OyT7qZe0iacfEKr6ishw2NvYh1Sj3dz-QVagvnrLzeMe2VOyTcLSdB8dCDSUCf-3i-SYNNhJENl2J8ZQMsP2yOJ3QEGKEwnhwbap8/s1600/51.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZrx_C2MeV_AfIIx04XnJSmYRyO7CLnlwj1gtubu1ZNq25DwgPuV9F6GuGT-TfQA3LdGo_DHwg-TcropMEG3BYhhk9goSsmIWrHxZzFOWIowEwp2lwRbN_MXKX-e9FnV8hSCWkLBTeT3Q/s1600/52.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZrx_C2MeV_AfIIx04XnJSmYRyO7CLnlwj1gtubu1ZNq25DwgPuV9F6GuGT-TfQA3LdGo_DHwg-TcropMEG3BYhhk9goSsmIWrHxZzFOWIowEwp2lwRbN_MXKX-e9FnV8hSCWkLBTeT3Q/s1600/52.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhbQveEfYC1hU_n1OXs1zQgRSWfYqYizCjNlpl0XWWUzYDw2B6ymdcmZ7NNYXGJats3n0OXed-4RsA0h8SyxVnViguk2W63KTPjLjD2da8ZwMEGfzlnuDeBsn0zMWWkUDt1fkJX12aXpI4/s1600/53.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhbQveEfYC1hU_n1OXs1zQgRSWfYqYizCjNlpl0XWWUzYDw2B6ymdcmZ7NNYXGJats3n0OXed-4RsA0h8SyxVnViguk2W63KTPjLjD2da8ZwMEGfzlnuDeBsn0zMWWkUDt1fkJX12aXpI4/s1600/53.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjXsapi5akMPGuZjODsiIoNnSup_Bk3qgPdOgbbcPAXp9LMLJ4kbe440D3RU5f9wOzkq09O8E_pwmIs9MkC-FO62Hxvx3IboeXIU7Gs-jRSm9DXrrb_XcvjaqVzpEc5No-6csxcnzVPdBo/s1600/54.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjXsapi5akMPGuZjODsiIoNnSup_Bk3qgPdOgbbcPAXp9LMLJ4kbe440D3RU5f9wOzkq09O8E_pwmIs9MkC-FO62Hxvx3IboeXIU7Gs-jRSm9DXrrb_XcvjaqVzpEc5No-6csxcnzVPdBo/s1600/54.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZUwDpjC0qboBzfg4N57hQiu9ya0spJOSVmfTTDnh_oU_BN7PgI6_4nN9xTtDzB2QnD8DN1njUd-1StF8wEnNJDnCoboqmALMRpUxbV0zUjK066JXNucX9wDlxkUeYzMKgxYV20DIj8OQ/s1600/55.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZUwDpjC0qboBzfg4N57hQiu9ya0spJOSVmfTTDnh_oU_BN7PgI6_4nN9xTtDzB2QnD8DN1njUd-1StF8wEnNJDnCoboqmALMRpUxbV0zUjK066JXNucX9wDlxkUeYzMKgxYV20DIj8OQ/s1600/55.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZI4mQLcvouWQcAh_GhukgUareDOWZnzgUjYF-nuAganjaSikUMozkh9fZRIvSYCCwomksdrV3oTsEVUWnHT5Aq1qkFzUfoLICVf7MtS90jvxYBNwVuj9nvvfrEwDdoQpVUVHnnCCL3fA/s1600/56.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZI4mQLcvouWQcAh_GhukgUareDOWZnzgUjYF-nuAganjaSikUMozkh9fZRIvSYCCwomksdrV3oTsEVUWnHT5Aq1qkFzUfoLICVf7MtS90jvxYBNwVuj9nvvfrEwDdoQpVUVHnnCCL3fA/s1600/56.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdc3GXXkjr-yRWVQPoEp-_nkKGHx2PC8slNz0VIKgkBMWrLkG5k3A-gssz73qCsUQUM70Vv66Aaqr0oq_wiTfGEKHMm9a3e7PwsKIZrOoAju5zGY7ShHqVw_zmYzDw1n5GBozNK1pS-GU/s1600/57.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdc3GXXkjr-yRWVQPoEp-_nkKGHx2PC8slNz0VIKgkBMWrLkG5k3A-gssz73qCsUQUM70Vv66Aaqr0oq_wiTfGEKHMm9a3e7PwsKIZrOoAju5zGY7ShHqVw_zmYzDw1n5GBozNK1pS-GU/s1600/57.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFvuASlNW5bZ82NYa9z_YXQe2fCT9q1ExNaJ2jmUPHW44vwQtYIBDTDPO1sjB2SOHBkkHKf4LX_E_HuvGtCLZE846gE0ROGmP5R01JbF1tpb9rvQyWiYNlVafsZLRp-tIz4TqzPTNj2WY/s1600/58.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFvuASlNW5bZ82NYa9z_YXQe2fCT9q1ExNaJ2jmUPHW44vwQtYIBDTDPO1sjB2SOHBkkHKf4LX_E_HuvGtCLZE846gE0ROGmP5R01JbF1tpb9rvQyWiYNlVafsZLRp-tIz4TqzPTNj2WY/s1600/58.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGgqbGHNc__5B5D5tiaNLxZs7KkLrkxC6IsgaV6Kn0hTi_fxEcZoG7l4mE3hBne1Q3Yx9wo9cZIVYDwoRbDPw_gV8N1PJQFpGHQ6ApAZ-ctLoi6S8OFmHlx1SzCsBvVVGgLw_LeKEf-xM/s1600/59.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGgqbGHNc__5B5D5tiaNLxZs7KkLrkxC6IsgaV6Kn0hTi_fxEcZoG7l4mE3hBne1Q3Yx9wo9cZIVYDwoRbDPw_gV8N1PJQFpGHQ6ApAZ-ctLoi6S8OFmHlx1SzCsBvVVGgLw_LeKEf-xM/s1600/59.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsv9Z6RFesuhe17BPO8sxhV71qlYXksoFBmothpjUTHW4vUsJsQ1-JEeuQ-izu_WGRcmyhbJEq7NUMFuBWv-MRWTcFNtOaFkJNstq0j2ztuGqMprYaBMyyaTVgzX9PCdMl52zhYi1D6bo/s1600/60.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsv9Z6RFesuhe17BPO8sxhV71qlYXksoFBmothpjUTHW4vUsJsQ1-JEeuQ-izu_WGRcmyhbJEq7NUMFuBWv-MRWTcFNtOaFkJNstq0j2ztuGqMprYaBMyyaTVgzX9PCdMl52zhYi1D6bo/s640/60.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzPLdKToRUV72DiMkis2X6ESR0tgluigSlFSE44dP7r0zsPzQrDa_2RNMy4o4IKu31shiHifekgrAC0TSmaI0QSIG2QnrE2aYh_EKFe0PaNq35Zb9Avbwtb6GT0TVShthrQReiMgAq_E0/s1600/61.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzPLdKToRUV72DiMkis2X6ESR0tgluigSlFSE44dP7r0zsPzQrDa_2RNMy4o4IKu31shiHifekgrAC0TSmaI0QSIG2QnrE2aYh_EKFe0PaNq35Zb9Avbwtb6GT0TVShthrQReiMgAq_E0/s1600/61.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOPpegcrKy7VZ9ZoelcouJbNc0yIbSLbqqlsY45C-F4PdACPsOBbMXS7izxH3ih-8G7zuhM-tTTNqODnnN6EJ69sVlQz0RlfAyf3UjuKwa7KRnXAaY2gJfWBogGOAHAvBSFevS_jn02Mc/s1600/62.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOPpegcrKy7VZ9ZoelcouJbNc0yIbSLbqqlsY45C-F4PdACPsOBbMXS7izxH3ih-8G7zuhM-tTTNqODnnN6EJ69sVlQz0RlfAyf3UjuKwa7KRnXAaY2gJfWBogGOAHAvBSFevS_jn02Mc/s640/62.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqv0fKqCLKoXQ1vA9cY4zCbpuRpIyF1FQE2ru56FOyK0xcQIwsvODMSrq4pHi7rHpDC5ltZs6qlwBgF3GVSomiP_VQc1fRCiOsry9L7Txr3B2eUhDZ2TMSj9Sqx4cGNp6HLkIeLv9macQ/s1600/63.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqv0fKqCLKoXQ1vA9cY4zCbpuRpIyF1FQE2ru56FOyK0xcQIwsvODMSrq4pHi7rHpDC5ltZs6qlwBgF3GVSomiP_VQc1fRCiOsry9L7Txr3B2eUhDZ2TMSj9Sqx4cGNp6HLkIeLv9macQ/s1600/63.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwEG7dU_KnN29dELxcIDQyXRScZ7NGWtK_KKF6EwRaqb7SMhfSziahpaeBRQUF9_4cNK_3lBvYasCQf6MhjHnMEivOt1AOIQYECVlORWoVDsOytDQyq5ulkklDdsJLsZ-BoRv4TFBBdto/s1600/64.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwEG7dU_KnN29dELxcIDQyXRScZ7NGWtK_KKF6EwRaqb7SMhfSziahpaeBRQUF9_4cNK_3lBvYasCQf6MhjHnMEivOt1AOIQYECVlORWoVDsOytDQyq5ulkklDdsJLsZ-BoRv4TFBBdto/s1600/64.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBOUValtViaTIg9FmTsjR9-bADBNQ4KhVea4EKcpZTU5vtrUlgFUXdT4j8z-47Jq2-a75X3m5keRCCq4yvuR3oEFRKvMU-4GtkwhpuXeituVTAg8bWzDsU93rvx1FrI1ApzxprJSLtzNo/s1600/65.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBOUValtViaTIg9FmTsjR9-bADBNQ4KhVea4EKcpZTU5vtrUlgFUXdT4j8z-47Jq2-a75X3m5keRCCq4yvuR3oEFRKvMU-4GtkwhpuXeituVTAg8bWzDsU93rvx1FrI1ApzxprJSLtzNo/s1600/65.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhIa1pruI8feoaXIKuP23-ogRiIrgMBAPhWmT9VK1d3LBlA7Iv-90ix4LBvi5Ukek08tmAN8fbUI1rJtv0d4Pvs8DUpmFbOVUQk_HZGMw_AsTCHLk_e9nGI09bhClr-u-uuwnNEIAByPkY/s1600/66.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhIa1pruI8feoaXIKuP23-ogRiIrgMBAPhWmT9VK1d3LBlA7Iv-90ix4LBvi5Ukek08tmAN8fbUI1rJtv0d4Pvs8DUpmFbOVUQk_HZGMw_AsTCHLk_e9nGI09bhClr-u-uuwnNEIAByPkY/s1600/66.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrWv43-TqlABCvu1UqHny1_8H2AGIoliFfSsHeiiHXVdyRUPtA1QEgA53tRni3NNvEeUDTNu1eH-aGwJGibletl8Nc1WI2dl1DrPPLALdhkFLzG97t_5k5WwHjNCjn_Qu6Ft-cOuCL_vw/s1600/67.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrWv43-TqlABCvu1UqHny1_8H2AGIoliFfSsHeiiHXVdyRUPtA1QEgA53tRni3NNvEeUDTNu1eH-aGwJGibletl8Nc1WI2dl1DrPPLALdhkFLzG97t_5k5WwHjNCjn_Qu6Ft-cOuCL_vw/s1600/67.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj4R7J3xDzTfMGAQD60D_jbyw81IXCYm7Z8iu8YEORddbszCmS7ks1os4SKgTGjSaGRBCHbnGCq3n1mrrXxtGj90M2c8GUMxgaKyn02SGTVq9ccqpphBOKr0jIlH-VCL45O5P54S-qAzTs/s1600/68.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj4R7J3xDzTfMGAQD60D_jbyw81IXCYm7Z8iu8YEORddbszCmS7ks1os4SKgTGjSaGRBCHbnGCq3n1mrrXxtGj90M2c8GUMxgaKyn02SGTVq9ccqpphBOKr0jIlH-VCL45O5P54S-qAzTs/s1600/68.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhw5omZYrBVHb-c1oNHce7EYoHqxoe_lwQSGjLGiMChBs2QaVac2pBfk24ELaOssBz5gfTecuEIFsCjG3MgrbApp2uPWtuCQCDRvNODbusoRzqKy-GUz8T-raBnVQaGT-4idAuM4cLMZTI/s1600/69.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhw5omZYrBVHb-c1oNHce7EYoHqxoe_lwQSGjLGiMChBs2QaVac2pBfk24ELaOssBz5gfTecuEIFsCjG3MgrbApp2uPWtuCQCDRvNODbusoRzqKy-GUz8T-raBnVQaGT-4idAuM4cLMZTI/s1600/69.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghZAx6beXm6Ex8eeaqyJV94gKfrz_a0TwNTdRMQLJA5sh8hBPuyjWXMpiioh-eoG7ofTq0-zaXIDlSexzr5ddrUGfWA23Us7KiMCG3zCKm8ZEtUXmmIj7BqMpSfe8SAHMeOklwDGph9lQ/s1600/70.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghZAx6beXm6Ex8eeaqyJV94gKfrz_a0TwNTdRMQLJA5sh8hBPuyjWXMpiioh-eoG7ofTq0-zaXIDlSexzr5ddrUGfWA23Us7KiMCG3zCKm8ZEtUXmmIj7BqMpSfe8SAHMeOklwDGph9lQ/s1600/70.jpg" /></a><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhojC2k560i0GGemwVFMFhpwgWdbguHseGVff87kNFOHeWX74DhjsVvqr0GU5-j9D3nQf6s_lLXEH-hA7E9aBs9oDyUKWzWysp9wj4YCbh4qZD2uIG2DvbPjIvY0a_E6Cq9pRV0HAFj3ng/s1600/71.jpg"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhojC2k560i0GGemwVFMFhpwgWdbguHseGVff87kNFOHeWX74DhjsVvqr0GU5-j9D3nQf6s_lLXEH-hA7E9aBs9oDyUKWzWysp9wj4YCbh4qZD2uIG2DvbPjIvY0a_E6Cq9pRV0HAFj3ng/s1600/71.jpg" /></a><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /></span></div>
bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2722460840102960299.post-86307322343679281232015-10-15T05:49:00.002-07:002017-05-03T01:42:56.285-07:00من صفحة 1لي71.دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سعيد زغلول <div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<b><span style="font-size: x-large;"><span style="font-family: "georgia" , "times new roman" , serif;">دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سعيد زغلول</span></span></b></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1PWXLxwBXHDjRAolp_oZgZFMPTruNHv0vGgD4HwSEdtabXi62HT83r-OXNfuc8G1sPdst3m9ZST7WKd08QKwe_QzyUqBTLu8Jp0ybWJajylMJgBNxQ80nccnpIFl8CRWWolfscZyQOlg/s1600/1.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1PWXLxwBXHDjRAolp_oZgZFMPTruNHv0vGgD4HwSEdtabXi62HT83r-OXNfuc8G1sPdst3m9ZST7WKd08QKwe_QzyUqBTLu8Jp0ybWJajylMJgBNxQ80nccnpIFl8CRWWolfscZyQOlg/s1600/1.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjX-t0y5D5DR7H_TXXgMkaVDUrNKvX6sNyUAHVYeyNxAPSsZpfTZHUUpz0od7zVEHCHBqihivMjDfatH2bBUC8knksOYOc5jYcg7-Rj6hyg2OVts1TdreZuXmiwQd-QozFhZ4BVTevyCQ0/s1600/3.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjX-t0y5D5DR7H_TXXgMkaVDUrNKvX6sNyUAHVYeyNxAPSsZpfTZHUUpz0od7zVEHCHBqihivMjDfatH2bBUC8knksOYOc5jYcg7-Rj6hyg2OVts1TdreZuXmiwQd-QozFhZ4BVTevyCQ0/s1600/3.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhAWURCM7wyitR90C3DsO-RbVUSu39RB-AUDnGPzIPPD_lIibwzjMzgUEDm-kIymrzLd54vo6_Kiv8lcfe1Tya1QNmw0IPMDIERoc5Fw1-59ImqMDff_u1Lt3v1v-UAmE8hOmsGrRZ0JEc/s1600/untitled.JPG" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhAWURCM7wyitR90C3DsO-RbVUSu39RB-AUDnGPzIPPD_lIibwzjMzgUEDm-kIymrzLd54vo6_Kiv8lcfe1Tya1QNmw0IPMDIERoc5Fw1-59ImqMDff_u1Lt3v1v-UAmE8hOmsGrRZ0JEc/s1600/untitled.JPG" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLT87C1Dkn7yoj1amtoZBK6rXTjEnyqWfZnES7TLIj5jGULFu6efEN-NwCJSo-SSQYMw8pfs96kwLqpowAeciPVPOm6lgt5Qq9vEj_33WhkLgb6Qu22C0wYuEeOW_LaDA6xpzYQt1KzeI/s1600/5.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLT87C1Dkn7yoj1amtoZBK6rXTjEnyqWfZnES7TLIj5jGULFu6efEN-NwCJSo-SSQYMw8pfs96kwLqpowAeciPVPOm6lgt5Qq9vEj_33WhkLgb6Qu22C0wYuEeOW_LaDA6xpzYQt1KzeI/s1600/5.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpn5TeRIz0IyDziAlEBSHohRmyOKsIp3y0zh0wYkEW_4IMo93LtbvSGDFuFpKv6MyxRX39pDkm4BaX3MC4d2cU07Oqim5FnNNU0FFQ2a8qMzEBQHa1j4grFeAF99rwwRZgel58F8d5erI/s1600/6.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhpn5TeRIz0IyDziAlEBSHohRmyOKsIp3y0zh0wYkEW_4IMo93LtbvSGDFuFpKv6MyxRX39pDkm4BaX3MC4d2cU07Oqim5FnNNU0FFQ2a8qMzEBQHa1j4grFeAF99rwwRZgel58F8d5erI/s1600/6.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGDqoNTXjEwNFN2ybXVeFrD0If3qQv2w3W1PTe02iQvV6CoCnBMOY0OlhVflhI4y9znIamVPfWPyP-DwE9gSraI7_Ag90sesyk2JAOTKR4jVR68CWWPoygOAqJEcc4B57kT_lrWv4wQWI/s1600/7.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGDqoNTXjEwNFN2ybXVeFrD0If3qQv2w3W1PTe02iQvV6CoCnBMOY0OlhVflhI4y9znIamVPfWPyP-DwE9gSraI7_Ag90sesyk2JAOTKR4jVR68CWWPoygOAqJEcc4B57kT_lrWv4wQWI/s1600/7.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhf3jVvP-PMcHziJWOiMmkaAsyKKOaBbDVl3jNCYVLjuExWxX6Tyk1UpEj9Cl87VOhHOjEZl8nls1qA12Mv-3tEkPXZ3JHqWwFkEbinFTDDmcZAyWxXVTwhfKBsgmCDkZALWZVTV6MFCzk/s1600/8.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhf3jVvP-PMcHziJWOiMmkaAsyKKOaBbDVl3jNCYVLjuExWxX6Tyk1UpEj9Cl87VOhHOjEZl8nls1qA12Mv-3tEkPXZ3JHqWwFkEbinFTDDmcZAyWxXVTwhfKBsgmCDkZALWZVTV6MFCzk/s1600/8.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJm_UFlv4FbQA-OjkYXgIwzyMypqTw_1miaxNUuicFa-64u8FIA4_IdAiUQ4qLFmP1U057z0_uJw4VY3XqLHh9ushQwcFWMUWziJ2R6dsJGWq9QhApgkRW9TPa8xrMS8BvxXER88ob5Lw/s1600/9.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhJm_UFlv4FbQA-OjkYXgIwzyMypqTw_1miaxNUuicFa-64u8FIA4_IdAiUQ4qLFmP1U057z0_uJw4VY3XqLHh9ushQwcFWMUWziJ2R6dsJGWq9QhApgkRW9TPa8xrMS8BvxXER88ob5Lw/s1600/9.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1GxBfAcH1Co88H6ypxJbt1tFidRBDzw6IagIbBmWTy4zx-QqjAcpwkU-LuZSFB5Ct4bzqXvN3g2G1A0QPrh1XHEXGB56U0XsjMyO5k2OmOdGnABWZjhifAq16SLdyWHymYR6N8Eu-wZ4/s1600/10.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1GxBfAcH1Co88H6ypxJbt1tFidRBDzw6IagIbBmWTy4zx-QqjAcpwkU-LuZSFB5Ct4bzqXvN3g2G1A0QPrh1XHEXGB56U0XsjMyO5k2OmOdGnABWZjhifAq16SLdyWHymYR6N8Eu-wZ4/s1600/10.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgO1MyLgpiEpDhuO2VpewBqYvcJ-oEny7kHFG8UJIgIkrDZgeoNjdJMfEma_0ThS2Yw3liZ0jmr0NUVwYVp3aBo-spl57egbXs-aFNfSwY328f6f0WqBrEZ_4n5Da7PHZUTLlLfK6b-Dt0/s1600/11.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" height="346" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgO1MyLgpiEpDhuO2VpewBqYvcJ-oEny7kHFG8UJIgIkrDZgeoNjdJMfEma_0ThS2Yw3liZ0jmr0NUVwYVp3aBo-spl57egbXs-aFNfSwY328f6f0WqBrEZ_4n5Da7PHZUTLlLfK6b-Dt0/s640/11.jpg" width="640" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvdZgaFuc2cW5_IgJS2CcHsav6WkUAZ1iZNRDeu53yIATZ08kkDnVD19JwiQw-F8EosiDKkdRPhd-MCvRP5joWb2sksCFHhp6d3XGP2bOrShNxa6EnYofmgZhjcGipsEQfe5GqQ6_xf8k/s1600/12.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvdZgaFuc2cW5_IgJS2CcHsav6WkUAZ1iZNRDeu53yIATZ08kkDnVD19JwiQw-F8EosiDKkdRPhd-MCvRP5joWb2sksCFHhp6d3XGP2bOrShNxa6EnYofmgZhjcGipsEQfe5GqQ6_xf8k/s1600/12.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2YEdBqk_HOhhie_7iNwq1c75syfhE-EeH5MPTNwJWvOnMN51uefnlKDNyugxIuRxhZhYxZpFBefoCRGbKfMJtHjB_6UAEqN9kYP07tpilBDY1dXAfgc6fR_c_QDVVY2xbMDMtRxWbZKU/s1600/13.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj2YEdBqk_HOhhie_7iNwq1c75syfhE-EeH5MPTNwJWvOnMN51uefnlKDNyugxIuRxhZhYxZpFBefoCRGbKfMJtHjB_6UAEqN9kYP07tpilBDY1dXAfgc6fR_c_QDVVY2xbMDMtRxWbZKU/s1600/13.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj7f94Z1PaX3upIsPj1aHreYlRPW4V3cXaLtLs7XKiAvf7dEd6jQnB_aDzXbG73ONGkOzClsv4vbiPoMghk2xQv8p3_Iegts7Z-NJ6GG8TckTjeaIm0oSa2YUWqpVrtJeyKw1Fm8vvfQgs/s1600/14.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj7f94Z1PaX3upIsPj1aHreYlRPW4V3cXaLtLs7XKiAvf7dEd6jQnB_aDzXbG73ONGkOzClsv4vbiPoMghk2xQv8p3_Iegts7Z-NJ6GG8TckTjeaIm0oSa2YUWqpVrtJeyKw1Fm8vvfQgs/s1600/14.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjINYnulPUQQjStUsDxVQkzvHgT4QKkIuo0jAxMJFpwi07ODt_Vhaf0SVJK1aIvsjJvKcpQLyLkQ4x9-Md_T7qpTqvhhyphenhyphena8RVCY90iTZIWJBZLtVBV5ytbE9RzIPlgMwGhISwvpDv_b7YQ/s1600/15.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjINYnulPUQQjStUsDxVQkzvHgT4QKkIuo0jAxMJFpwi07ODt_Vhaf0SVJK1aIvsjJvKcpQLyLkQ4x9-Md_T7qpTqvhhyphenhyphena8RVCY90iTZIWJBZLtVBV5ytbE9RzIPlgMwGhISwvpDv_b7YQ/s1600/15.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvMaYCJAvyQl-GzizuHAmNX916t8b1h_yUV_kVUmOQQ2U6u8E_OgtolP-ciekydZwTgZyQxQCVuNA1uLKJvMtdOqLZWgDbMF9ZeTUMzRaFW4qFCxlxG69dWw_cIc_YUZaEAyuqObd2cac/s1600/16.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjvMaYCJAvyQl-GzizuHAmNX916t8b1h_yUV_kVUmOQQ2U6u8E_OgtolP-ciekydZwTgZyQxQCVuNA1uLKJvMtdOqLZWgDbMF9ZeTUMzRaFW4qFCxlxG69dWw_cIc_YUZaEAyuqObd2cac/s1600/16.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfIV9jQN9oNanfsr51zBq3_nyBdMyp79Av2yAxZOFuA5wd5cWqONbK3JuYQOI-qRaFJ8EtKE5KxQ4IGSuXAxJt-Dxek85C7PjhkaFcmfh2SISATAiRgdzSfZg49gUdyOC9UkOxldAjMjY/s1600/17.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfIV9jQN9oNanfsr51zBq3_nyBdMyp79Av2yAxZOFuA5wd5cWqONbK3JuYQOI-qRaFJ8EtKE5KxQ4IGSuXAxJt-Dxek85C7PjhkaFcmfh2SISATAiRgdzSfZg49gUdyOC9UkOxldAjMjY/s1600/17.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTZ3ZsY17bVCdIxomA9Y2DWbeEw0sTncHgBvwi4yUqwpXFWtul1jhd5zdHHynujtqqqH_wNoH3j-btUmbUZQ2Xwv3tEeM3jnwG0xnk0oKYhppxRsIlbRdPgBw8m0gtVwSSTbZeuYubtEY/s1600/19.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiTZ3ZsY17bVCdIxomA9Y2DWbeEw0sTncHgBvwi4yUqwpXFWtul1jhd5zdHHynujtqqqH_wNoH3j-btUmbUZQ2Xwv3tEeM3jnwG0xnk0oKYhppxRsIlbRdPgBw8m0gtVwSSTbZeuYubtEY/s1600/19.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi39p5N9blZgK0uv8QnkuY5K8srOjKUCDzBV9n2R44E4_91pXwaOULEu7vz34ePqBmguYDdINHWvbxsGaIObFDxDnyO7aHHV9tQMWDn13PUmvjMrWzhrAEX7lttzsSuXZRANWLIMZSUkX4/s1600/18.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi39p5N9blZgK0uv8QnkuY5K8srOjKUCDzBV9n2R44E4_91pXwaOULEu7vz34ePqBmguYDdINHWvbxsGaIObFDxDnyO7aHHV9tQMWDn13PUmvjMrWzhrAEX7lttzsSuXZRANWLIMZSUkX4/s1600/18.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgil51hqdXYJZV1LU1KL9fGCnec8os_qP1QHRqYUFxyP5d0_uPN67ICoCbNQPYI1DYadm7XOu-fS8DJPHbIa9B0sILcsyRPYNKJY5PQEO-RQB-x7XDdMjIyPK62pJDDE2TVpSXhUma2BXc/s1600/20.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgil51hqdXYJZV1LU1KL9fGCnec8os_qP1QHRqYUFxyP5d0_uPN67ICoCbNQPYI1DYadm7XOu-fS8DJPHbIa9B0sILcsyRPYNKJY5PQEO-RQB-x7XDdMjIyPK62pJDDE2TVpSXhUma2BXc/s1600/20.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjmZunNN6fI5YwlemG4baa364zIng43Eq9-8MR2uGH1h4hyYBPOslw4mcq60a-gFOvSACgZZASMg7vv9uPktjYqm1eLAGGmEcG5Y-pmILS2cMAZrNJ9dMme6Wzrxf-1tPXQ18JvDTMcTio/s1600/21.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjmZunNN6fI5YwlemG4baa364zIng43Eq9-8MR2uGH1h4hyYBPOslw4mcq60a-gFOvSACgZZASMg7vv9uPktjYqm1eLAGGmEcG5Y-pmILS2cMAZrNJ9dMme6Wzrxf-1tPXQ18JvDTMcTio/s1600/21.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXXw-Q8_F_NnZlzdraeV9guMgiAE_CaWGxHi_vLORLUcw5i3cjal34NanX6_tUqTlSI15UCTH_5d5lwkooZpMA2lXo5TGW61uXgyjdKOPkVOR5bEd29dRQ_lxVEzsnSbjxoztfNrTsRoI/s1600/22.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXXw-Q8_F_NnZlzdraeV9guMgiAE_CaWGxHi_vLORLUcw5i3cjal34NanX6_tUqTlSI15UCTH_5d5lwkooZpMA2lXo5TGW61uXgyjdKOPkVOR5bEd29dRQ_lxVEzsnSbjxoztfNrTsRoI/s1600/22.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgyWXmviySh557jn0nlIthIWapk7FjaGt4QRCxqQWIU3bmKlojxtAWpyeoUNTNEDydnvmNxP0sLaHaql5J-x9XdGphrA9bidHZ3HF7sFwOA_69SKaoIRrMGGUwhYhyphenhyphenewMQdxzaZ2z3iCaA/s1600/23.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgyWXmviySh557jn0nlIthIWapk7FjaGt4QRCxqQWIU3bmKlojxtAWpyeoUNTNEDydnvmNxP0sLaHaql5J-x9XdGphrA9bidHZ3HF7sFwOA_69SKaoIRrMGGUwhYhyphenhyphenewMQdxzaZ2z3iCaA/s1600/23.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgzd5Ivh2MzQtC9uJUGKVnuM1RDQ_gMwJxKdOgkkyWIGJZeUH3RXpRozIWo5gzYVDnmeuCVS95H3pvZWWZIAZ8fkfs5Lji5U3QeydXm_iNn3ZhX-dJnKXpZZh1regTFeiPwiKPxpjz6Qr4/s1600/24.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgzd5Ivh2MzQtC9uJUGKVnuM1RDQ_gMwJxKdOgkkyWIGJZeUH3RXpRozIWo5gzYVDnmeuCVS95H3pvZWWZIAZ8fkfs5Lji5U3QeydXm_iNn3ZhX-dJnKXpZZh1regTFeiPwiKPxpjz6Qr4/s1600/24.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1__mAMMRbjgxpNExqwtJh232js-eFIRi11xFlwnB_J7T3LuxQoCLZsHRlICSzjIXHOBdHk5YYaQylYs4qCjEITNdpYXaU-WYbIjsyMQOAB-j_UgTMhnfzSApiC-RZqKLXJ_ONsiBBaQ4/s1600/25.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg1__mAMMRbjgxpNExqwtJh232js-eFIRi11xFlwnB_J7T3LuxQoCLZsHRlICSzjIXHOBdHk5YYaQylYs4qCjEITNdpYXaU-WYbIjsyMQOAB-j_UgTMhnfzSApiC-RZqKLXJ_ONsiBBaQ4/s1600/25.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiv2Z6X_nLSWuolco4eqc-BkGHIgEIXDRp1I3DgwPT3ApKmGjLBsaL7pLuINPkA0cJGLbAzh6BEa1kOv8Jx8DyxCXCZrrhNc1zCwAFOxhqQwCN0z_O-lftNeOQ0Z0BudbWQOK0KAEC3vLs/s1600/26.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiv2Z6X_nLSWuolco4eqc-BkGHIgEIXDRp1I3DgwPT3ApKmGjLBsaL7pLuINPkA0cJGLbAzh6BEa1kOv8Jx8DyxCXCZrrhNc1zCwAFOxhqQwCN0z_O-lftNeOQ0Z0BudbWQOK0KAEC3vLs/s1600/26.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhp6WiO3dJPAjlDn08jJ_UbQwc4bPYl0mZx5TYU4fzHoWpVRtS9lET_hP-NfaRddFtlKqRWSVQI9wOQDATHrZGzxu52ssHSKgAjoWkFwZ_Tme77Aisu-1ozkaT704L6YTUy2Zx8Gn0S8pQ/s1600/27.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhp6WiO3dJPAjlDn08jJ_UbQwc4bPYl0mZx5TYU4fzHoWpVRtS9lET_hP-NfaRddFtlKqRWSVQI9wOQDATHrZGzxu52ssHSKgAjoWkFwZ_Tme77Aisu-1ozkaT704L6YTUy2Zx8Gn0S8pQ/s1600/27.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiCDxN5DklWavaqzKlJMRzzU2LAx5WUIM1Jgb9qngTMAG5j2E7JaHiWHH59MQnGseaBCtJEaBmdQ-1x_Qdn44Ty8C6IVFVLTLeANYsUo7gjHCLGQsAtZlRE2QJuVt2J_dxnv5PWtAqAWcA/s1600/28.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiCDxN5DklWavaqzKlJMRzzU2LAx5WUIM1Jgb9qngTMAG5j2E7JaHiWHH59MQnGseaBCtJEaBmdQ-1x_Qdn44Ty8C6IVFVLTLeANYsUo7gjHCLGQsAtZlRE2QJuVt2J_dxnv5PWtAqAWcA/s1600/28.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEivGrP68FmzrFU1gv9P6eJHtIHjBK6wB9GILWejs5n4F-KYly2ZmGgJq8SgtYljHOPYXbffyp8clp081gPF4jKcjRX0RSQcqlaitxOYS5DPXzdZ3LOp_v22eLM6LLEx0M12IKnBYtCbOag/s1600/29.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEivGrP68FmzrFU1gv9P6eJHtIHjBK6wB9GILWejs5n4F-KYly2ZmGgJq8SgtYljHOPYXbffyp8clp081gPF4jKcjRX0RSQcqlaitxOYS5DPXzdZ3LOp_v22eLM6LLEx0M12IKnBYtCbOag/s1600/29.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg-PhzzW3Mv4f4rKsamtQTD7gqOTIlC8OR9WaOcUyRAT2DcOCEnLrXQrqNUeCOn6xUqqGRMFOqov-LVMgdsPeUpkje8bvh4SaCfcLb_00AUvVhQPhYr-oCsILnnTGWkxlOK99_cwJgqXok/s1600/30.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg-PhzzW3Mv4f4rKsamtQTD7gqOTIlC8OR9WaOcUyRAT2DcOCEnLrXQrqNUeCOn6xUqqGRMFOqov-LVMgdsPeUpkje8bvh4SaCfcLb_00AUvVhQPhYr-oCsILnnTGWkxlOK99_cwJgqXok/s1600/30.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-w3HHUjzcfycc7aXnwImbtkFnNlfkI73Y5iNugiPlI3VZ_W0umvnlkL1thQmPEUQLccYk1XmzXGtORO9HEWIsDx9x3vtD4S-QM-faj_v1_fi1m4PlmLqKkHcQU2mhpR63DUSr9TAce3E/s1600/31.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-w3HHUjzcfycc7aXnwImbtkFnNlfkI73Y5iNugiPlI3VZ_W0umvnlkL1thQmPEUQLccYk1XmzXGtORO9HEWIsDx9x3vtD4S-QM-faj_v1_fi1m4PlmLqKkHcQU2mhpR63DUSr9TAce3E/s1600/31.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi641ePYBjpa04M9ze94EitVA9O4OiLxOic2uEAdLdx9gXyAbUOY5e0I2O2zAeHVK5h-KuzELKFi-Eli9DRnM2HYoHsGSBSBLeF_hNy4cyETPmlyaHO9d_jrvBLkY4vTKB2hBy90bHyr24/s1600/32.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi641ePYBjpa04M9ze94EitVA9O4OiLxOic2uEAdLdx9gXyAbUOY5e0I2O2zAeHVK5h-KuzELKFi-Eli9DRnM2HYoHsGSBSBLeF_hNy4cyETPmlyaHO9d_jrvBLkY4vTKB2hBy90bHyr24/s1600/32.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjMRjh050Z_d-e1SzCQ_hgbxzXYeo-5Kc2-VJzAUC8d0zuefdn5md0tKbOJqUFGIQBbNUmwOXonvCk3FjDDvl5XXxMTxILIRBN1ZMzQdHd6hxfTqJYtvo33P_tGizIuq2Rki15DRTYJtU8/s1600/33.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjMRjh050Z_d-e1SzCQ_hgbxzXYeo-5Kc2-VJzAUC8d0zuefdn5md0tKbOJqUFGIQBbNUmwOXonvCk3FjDDvl5XXxMTxILIRBN1ZMzQdHd6hxfTqJYtvo33P_tGizIuq2Rki15DRTYJtU8/s1600/33.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzMxZUDis3GPqP1psmXOG1gxXyq2g-gdZdOEZeQGgXEMLhwLOzyoUwbx8VKv5hUX2xPRDQDtVZrXh0LD93nRSjoRYJKZi7uU6iQ-rG3UmCsfILrsDVWxGcu8ym5I3ED8e4Vlyw7XIs1Lo/s1600/34.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzMxZUDis3GPqP1psmXOG1gxXyq2g-gdZdOEZeQGgXEMLhwLOzyoUwbx8VKv5hUX2xPRDQDtVZrXh0LD93nRSjoRYJKZi7uU6iQ-rG3UmCsfILrsDVWxGcu8ym5I3ED8e4Vlyw7XIs1Lo/s1600/34.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimrJYC5T2No0eV2o6OOwv_6oZ-8DwYs5BWb9A3vsZKB-oAsy5vMQnKTofwuM-yUh1zfUsXTozGRWM4uI6_b7UiWWBaXgpgzaxYLMYwxVzUMnk5JxKjvlkMudMfIpWkfumveEBP6MmepQ0/s1600/35.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEimrJYC5T2No0eV2o6OOwv_6oZ-8DwYs5BWb9A3vsZKB-oAsy5vMQnKTofwuM-yUh1zfUsXTozGRWM4uI6_b7UiWWBaXgpgzaxYLMYwxVzUMnk5JxKjvlkMudMfIpWkfumveEBP6MmepQ0/s1600/35.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0cHbAQTFfYOlJYT5c_ko1kxcSjXUu5bIIpgqc0-x80qIkdr9fJJRuMz8V-bJxIJAywZFvq-ehtTgr1BMOsaFfPQKkGem3nBkr-8bnoAE_hCasD3fIzvmicsSl5cq9X04F7_ePhrKnmZM/s1600/36.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg0cHbAQTFfYOlJYT5c_ko1kxcSjXUu5bIIpgqc0-x80qIkdr9fJJRuMz8V-bJxIJAywZFvq-ehtTgr1BMOsaFfPQKkGem3nBkr-8bnoAE_hCasD3fIzvmicsSl5cq9X04F7_ePhrKnmZM/s1600/36.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5Ymhn7oIYCOCPcGvU66xHHZRW-WWSmgpxETCtW9rlzObDTsSNKIdwQq8E8ElTcl_3qPFAPRT_BhEfoZ-zktYRONgHbNX82NSuVWaUeWZtRO7bNQDwNUWk84QlE4RNFnwCXK6oDc33LqE/s1600/37.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5Ymhn7oIYCOCPcGvU66xHHZRW-WWSmgpxETCtW9rlzObDTsSNKIdwQq8E8ElTcl_3qPFAPRT_BhEfoZ-zktYRONgHbNX82NSuVWaUeWZtRO7bNQDwNUWk84QlE4RNFnwCXK6oDc33LqE/s1600/37.jpg" /></a></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-dHsBby82ins-Xia8YZlrufWrE03YN7URwXmiOto1MrKBwtXH82zOAcraZ4WuAjuvVEY66DhxZnE9qiTgEPnsGTeh6kb2KUJiAAdSkR5mg5tp_hLYKfwOn2QBpNTM1n7OEd_Ex_31pjE/s1600/38.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj-dHsBby82ins-Xia8YZlrufWrE03YN7URwXmiOto1MrKBwtXH82zOAcraZ4WuAjuvVEY66DhxZnE9qiTgEPnsGTeh6kb2KUJiAAdSkR5mg5tp_hLYKfwOn2QBpNTM1n7OEd_Ex_31pjE/s1600/38.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdqVk2LJ8xmxUGbgd_SMIokJK34PIp5OFwCllfTr54kedGYi1gotHHtBoIyLdUJ1WNL6SkylKjzjPc8ySnC2GnH8q2JCfOmFGQ6rO7Uq5DxlQOk7feeg9w0dPxLifcYnrC_SKEBVslx34/s1600/39.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdqVk2LJ8xmxUGbgd_SMIokJK34PIp5OFwCllfTr54kedGYi1gotHHtBoIyLdUJ1WNL6SkylKjzjPc8ySnC2GnH8q2JCfOmFGQ6rO7Uq5DxlQOk7feeg9w0dPxLifcYnrC_SKEBVslx34/s1600/39.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiIL_Y7O88rTscOBPDgQr9w3nQteiU8XzxAgMUq8ZMjqDNG-dJ_s8OcXvIKLn6bApHLPlN3D_8twh_MPGvuuVw_h544cG5jPow0jgT7SuWLRn1F7zI_eufpx5hBRA9zGJm7qY1TPKcM230/s1600/40.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiIL_Y7O88rTscOBPDgQr9w3nQteiU8XzxAgMUq8ZMjqDNG-dJ_s8OcXvIKLn6bApHLPlN3D_8twh_MPGvuuVw_h544cG5jPow0jgT7SuWLRn1F7zI_eufpx5hBRA9zGJm7qY1TPKcM230/s1600/40.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi8S4UsJxjGV7qin8Cu2bw1kfFmXA1EM4kpdj0HG9eKjK3PpDdh6vIr6jB-3h9FGZxRDCqiz8LOMvvkscOgZKyUFCQFdaezdUDgFXSpb7sP3x-BJb9uK-qYoMEqVfOakmvGyz-rUrq7RV0/s1600/41.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi8S4UsJxjGV7qin8Cu2bw1kfFmXA1EM4kpdj0HG9eKjK3PpDdh6vIr6jB-3h9FGZxRDCqiz8LOMvvkscOgZKyUFCQFdaezdUDgFXSpb7sP3x-BJb9uK-qYoMEqVfOakmvGyz-rUrq7RV0/s1600/41.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhh1P9OWJW2l7-a0cOLCBkl-WUMBkrvT-uGbgA8T9jUb9LhGiOEblIWd6MegKRbTkP8nAMxzvNW-ZgfpG0Az1gWOp43B5IwVo48aslhAm-X0qUpKY0WyCo7kT-EpitUajcPksLtSza71kk/s1600/42.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhh1P9OWJW2l7-a0cOLCBkl-WUMBkrvT-uGbgA8T9jUb9LhGiOEblIWd6MegKRbTkP8nAMxzvNW-ZgfpG0Az1gWOp43B5IwVo48aslhAm-X0qUpKY0WyCo7kT-EpitUajcPksLtSza71kk/s1600/42.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMnh1_-NKBU1QKLGYMqvPuzo8MEfmeNSkOXpGOZ686SBfvAVoU-a3EYboE5r6OZbhPQeQqz2_zOzi3AioFq1xVvsv5JOpu-KtZV6KvRSNXbhTrM_cmR4TjecjXQ4rnicNNxNMkfYsY3yY/s1600/43.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgMnh1_-NKBU1QKLGYMqvPuzo8MEfmeNSkOXpGOZ686SBfvAVoU-a3EYboE5r6OZbhPQeQqz2_zOzi3AioFq1xVvsv5JOpu-KtZV6KvRSNXbhTrM_cmR4TjecjXQ4rnicNNxNMkfYsY3yY/s1600/43.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizNVhi_JhfimR9wS8TxGR8lAbpFhH8JeRmfGpdcTwiBV7FWtEJp_LoIauIvoEr6UBl5IWhX1o111zO66ETViSGqVdw51JtNzLuG-kxXNltKE8lg79rqGrtNEmo8IuE_sZxVbrxWzTzZs8/s1600/44.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEizNVhi_JhfimR9wS8TxGR8lAbpFhH8JeRmfGpdcTwiBV7FWtEJp_LoIauIvoEr6UBl5IWhX1o111zO66ETViSGqVdw51JtNzLuG-kxXNltKE8lg79rqGrtNEmo8IuE_sZxVbrxWzTzZs8/s1600/44.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhFKY-l1iJwaXtH-JHd0VXWDpnoI4RI1OYbnUv9QcxG_VV39Rln6n9BVxSvn4Tds81AHQQR5QbOB41ARWuqPe1HgmfM-z8WrHwGEvwy1mdGu9xCkVFIKBhQ7GW5iV-y-Kaqr-zXIKYfIc/s1600/45.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjhFKY-l1iJwaXtH-JHd0VXWDpnoI4RI1OYbnUv9QcxG_VV39Rln6n9BVxSvn4Tds81AHQQR5QbOB41ARWuqPe1HgmfM-z8WrHwGEvwy1mdGu9xCkVFIKBhQ7GW5iV-y-Kaqr-zXIKYfIc/s1600/45.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkBordZxbz_-1bVQe7K6cIXMyD4FH0NNCUC_WRmKx1HMFJ7xIc4r_WJY2Sp5jMa1Jrn2tk42yBQKTl31NfW2qgQzCYPS1VBMWOe0wB6hyphenhyphen7hWtbSgI8sR0uMw4kJqBrrHkLc5uKkz6aQ7I/s1600/46.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgkBordZxbz_-1bVQe7K6cIXMyD4FH0NNCUC_WRmKx1HMFJ7xIc4r_WJY2Sp5jMa1Jrn2tk42yBQKTl31NfW2qgQzCYPS1VBMWOe0wB6hyphenhyphen7hWtbSgI8sR0uMw4kJqBrrHkLc5uKkz6aQ7I/s1600/46.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiKMDA0NL1Ok_SqRTme_WlggeuM97hliUh2MkqvdBIKrlkjeI6ic2_ojuQui0PMJlN3YvYvdRnLAA426Mp4GDH1Uar9Wvm0WxUxbFVDqxmAtaRPv6aKLMqoThs71YsDYkASFS77q2a79uU/s1600/47.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiKMDA0NL1Ok_SqRTme_WlggeuM97hliUh2MkqvdBIKrlkjeI6ic2_ojuQui0PMJlN3YvYvdRnLAA426Mp4GDH1Uar9Wvm0WxUxbFVDqxmAtaRPv6aKLMqoThs71YsDYkASFS77q2a79uU/s1600/47.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCft3ozHggepX6O_tGNqShcUzzi1h0vKY-u7FoCObYm3jr-4nFSTgYMxVv4bSEoIFpKtKkkHTIENnimtJ-DAII1ZcldLihMaA5cL6LkkQEwwTuErNkSPg4sk1p3CKyBsATOgP7nifcQpk/s1600/48.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgCft3ozHggepX6O_tGNqShcUzzi1h0vKY-u7FoCObYm3jr-4nFSTgYMxVv4bSEoIFpKtKkkHTIENnimtJ-DAII1ZcldLihMaA5cL6LkkQEwwTuErNkSPg4sk1p3CKyBsATOgP7nifcQpk/s1600/48.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1vpEOBzyFGOuuQ6BdzYw6op_JMhcyx0t2M_igg5MeyrmFq0TaMxEtsujXUcstTx7YdF1ztuvDqStwvKYfPZ_nhGRtVLX9Y-WTFjfodixSoCMLZMo6JWR9uWICiEIPVuHnZfnPGXlZU3U/s1600/49.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1vpEOBzyFGOuuQ6BdzYw6op_JMhcyx0t2M_igg5MeyrmFq0TaMxEtsujXUcstTx7YdF1ztuvDqStwvKYfPZ_nhGRtVLX9Y-WTFjfodixSoCMLZMo6JWR9uWICiEIPVuHnZfnPGXlZU3U/s1600/49.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi_i-MHAQkbT1bhNLilH0jSwLjlo0sZqdq2fRPUoWUeFfSiHSVl_vUItaoeQFghlHfN6DHzwlXnNvWmvksFr5GLZIxlmu0D7AKzLocqH90pUnuufKJcFMthFGTGbJS4qQmaaB1JWnw7OfI/s1600/50.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi_i-MHAQkbT1bhNLilH0jSwLjlo0sZqdq2fRPUoWUeFfSiHSVl_vUItaoeQFghlHfN6DHzwlXnNvWmvksFr5GLZIxlmu0D7AKzLocqH90pUnuufKJcFMthFGTGbJS4qQmaaB1JWnw7OfI/s1600/50.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGShPKiKabEdOX5LMhrLuf6yRo2Et1mLp6g3mgN8OyT7qZe0iacfEKr6ishw2NvYh1Sj3dz-QVagvnrLzeMe2VOyTcLSdB8dCDSUCf-3i-SYNNhJENl2J8ZQMsP2yOJ3QEGKEwnhwbap8/s1600/51.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGShPKiKabEdOX5LMhrLuf6yRo2Et1mLp6g3mgN8OyT7qZe0iacfEKr6ishw2NvYh1Sj3dz-QVagvnrLzeMe2VOyTcLSdB8dCDSUCf-3i-SYNNhJENl2J8ZQMsP2yOJ3QEGKEwnhwbap8/s1600/51.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZrx_C2MeV_AfIIx04XnJSmYRyO7CLnlwj1gtubu1ZNq25DwgPuV9F6GuGT-TfQA3LdGo_DHwg-TcropMEG3BYhhk9goSsmIWrHxZzFOWIowEwp2lwRbN_MXKX-e9FnV8hSCWkLBTeT3Q/s1600/52.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZrx_C2MeV_AfIIx04XnJSmYRyO7CLnlwj1gtubu1ZNq25DwgPuV9F6GuGT-TfQA3LdGo_DHwg-TcropMEG3BYhhk9goSsmIWrHxZzFOWIowEwp2lwRbN_MXKX-e9FnV8hSCWkLBTeT3Q/s1600/52.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhbQveEfYC1hU_n1OXs1zQgRSWfYqYizCjNlpl0XWWUzYDw2B6ymdcmZ7NNYXGJats3n0OXed-4RsA0h8SyxVnViguk2W63KTPjLjD2da8ZwMEGfzlnuDeBsn0zMWWkUDt1fkJX12aXpI4/s1600/53.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhbQveEfYC1hU_n1OXs1zQgRSWfYqYizCjNlpl0XWWUzYDw2B6ymdcmZ7NNYXGJats3n0OXed-4RsA0h8SyxVnViguk2W63KTPjLjD2da8ZwMEGfzlnuDeBsn0zMWWkUDt1fkJX12aXpI4/s1600/53.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjXsapi5akMPGuZjODsiIoNnSup_Bk3qgPdOgbbcPAXp9LMLJ4kbe440D3RU5f9wOzkq09O8E_pwmIs9MkC-FO62Hxvx3IboeXIU7Gs-jRSm9DXrrb_XcvjaqVzpEc5No-6csxcnzVPdBo/s1600/54.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjXsapi5akMPGuZjODsiIoNnSup_Bk3qgPdOgbbcPAXp9LMLJ4kbe440D3RU5f9wOzkq09O8E_pwmIs9MkC-FO62Hxvx3IboeXIU7Gs-jRSm9DXrrb_XcvjaqVzpEc5No-6csxcnzVPdBo/s1600/54.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZUwDpjC0qboBzfg4N57hQiu9ya0spJOSVmfTTDnh_oU_BN7PgI6_4nN9xTtDzB2QnD8DN1njUd-1StF8wEnNJDnCoboqmALMRpUxbV0zUjK066JXNucX9wDlxkUeYzMKgxYV20DIj8OQ/s1600/55.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZUwDpjC0qboBzfg4N57hQiu9ya0spJOSVmfTTDnh_oU_BN7PgI6_4nN9xTtDzB2QnD8DN1njUd-1StF8wEnNJDnCoboqmALMRpUxbV0zUjK066JXNucX9wDlxkUeYzMKgxYV20DIj8OQ/s1600/55.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZI4mQLcvouWQcAh_GhukgUareDOWZnzgUjYF-nuAganjaSikUMozkh9fZRIvSYCCwomksdrV3oTsEVUWnHT5Aq1qkFzUfoLICVf7MtS90jvxYBNwVuj9nvvfrEwDdoQpVUVHnnCCL3fA/s1600/56.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhZI4mQLcvouWQcAh_GhukgUareDOWZnzgUjYF-nuAganjaSikUMozkh9fZRIvSYCCwomksdrV3oTsEVUWnHT5Aq1qkFzUfoLICVf7MtS90jvxYBNwVuj9nvvfrEwDdoQpVUVHnnCCL3fA/s1600/56.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdc3GXXkjr-yRWVQPoEp-_nkKGHx2PC8slNz0VIKgkBMWrLkG5k3A-gssz73qCsUQUM70Vv66Aaqr0oq_wiTfGEKHMm9a3e7PwsKIZrOoAju5zGY7ShHqVw_zmYzDw1n5GBozNK1pS-GU/s1600/57.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhdc3GXXkjr-yRWVQPoEp-_nkKGHx2PC8slNz0VIKgkBMWrLkG5k3A-gssz73qCsUQUM70Vv66Aaqr0oq_wiTfGEKHMm9a3e7PwsKIZrOoAju5zGY7ShHqVw_zmYzDw1n5GBozNK1pS-GU/s1600/57.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFvuASlNW5bZ82NYa9z_YXQe2fCT9q1ExNaJ2jmUPHW44vwQtYIBDTDPO1sjB2SOHBkkHKf4LX_E_HuvGtCLZE846gE0ROGmP5R01JbF1tpb9rvQyWiYNlVafsZLRp-tIz4TqzPTNj2WY/s1600/58.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFvuASlNW5bZ82NYa9z_YXQe2fCT9q1ExNaJ2jmUPHW44vwQtYIBDTDPO1sjB2SOHBkkHKf4LX_E_HuvGtCLZE846gE0ROGmP5R01JbF1tpb9rvQyWiYNlVafsZLRp-tIz4TqzPTNj2WY/s1600/58.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGgqbGHNc__5B5D5tiaNLxZs7KkLrkxC6IsgaV6Kn0hTi_fxEcZoG7l4mE3hBne1Q3Yx9wo9cZIVYDwoRbDPw_gV8N1PJQFpGHQ6ApAZ-ctLoi6S8OFmHlx1SzCsBvVVGgLw_LeKEf-xM/s1600/59.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGgqbGHNc__5B5D5tiaNLxZs7KkLrkxC6IsgaV6Kn0hTi_fxEcZoG7l4mE3hBne1Q3Yx9wo9cZIVYDwoRbDPw_gV8N1PJQFpGHQ6ApAZ-ctLoi6S8OFmHlx1SzCsBvVVGgLw_LeKEf-xM/s1600/59.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsv9Z6RFesuhe17BPO8sxhV71qlYXksoFBmothpjUTHW4vUsJsQ1-JEeuQ-izu_WGRcmyhbJEq7NUMFuBWv-MRWTcFNtOaFkJNstq0j2ztuGqMprYaBMyyaTVgzX9PCdMl52zhYi1D6bo/s1600/60.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsv9Z6RFesuhe17BPO8sxhV71qlYXksoFBmothpjUTHW4vUsJsQ1-JEeuQ-izu_WGRcmyhbJEq7NUMFuBWv-MRWTcFNtOaFkJNstq0j2ztuGqMprYaBMyyaTVgzX9PCdMl52zhYi1D6bo/s1600/60.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzPLdKToRUV72DiMkis2X6ESR0tgluigSlFSE44dP7r0zsPzQrDa_2RNMy4o4IKu31shiHifekgrAC0TSmaI0QSIG2QnrE2aYh_EKFe0PaNq35Zb9Avbwtb6GT0TVShthrQReiMgAq_E0/s1600/61.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzPLdKToRUV72DiMkis2X6ESR0tgluigSlFSE44dP7r0zsPzQrDa_2RNMy4o4IKu31shiHifekgrAC0TSmaI0QSIG2QnrE2aYh_EKFe0PaNq35Zb9Avbwtb6GT0TVShthrQReiMgAq_E0/s1600/61.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOPpegcrKy7VZ9ZoelcouJbNc0yIbSLbqqlsY45C-F4PdACPsOBbMXS7izxH3ih-8G7zuhM-tTTNqODnnN6EJ69sVlQz0RlfAyf3UjuKwa7KRnXAaY2gJfWBogGOAHAvBSFevS_jn02Mc/s1600/62.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhOPpegcrKy7VZ9ZoelcouJbNc0yIbSLbqqlsY45C-F4PdACPsOBbMXS7izxH3ih-8G7zuhM-tTTNqODnnN6EJ69sVlQz0RlfAyf3UjuKwa7KRnXAaY2gJfWBogGOAHAvBSFevS_jn02Mc/s1600/62.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqv0fKqCLKoXQ1vA9cY4zCbpuRpIyF1FQE2ru56FOyK0xcQIwsvODMSrq4pHi7rHpDC5ltZs6qlwBgF3GVSomiP_VQc1fRCiOsry9L7Txr3B2eUhDZ2TMSj9Sqx4cGNp6HLkIeLv9macQ/s1600/63.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqv0fKqCLKoXQ1vA9cY4zCbpuRpIyF1FQE2ru56FOyK0xcQIwsvODMSrq4pHi7rHpDC5ltZs6qlwBgF3GVSomiP_VQc1fRCiOsry9L7Txr3B2eUhDZ2TMSj9Sqx4cGNp6HLkIeLv9macQ/s1600/63.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwEG7dU_KnN29dELxcIDQyXRScZ7NGWtK_KKF6EwRaqb7SMhfSziahpaeBRQUF9_4cNK_3lBvYasCQf6MhjHnMEivOt1AOIQYECVlORWoVDsOytDQyq5ulkklDdsJLsZ-BoRv4TFBBdto/s1600/64.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhwEG7dU_KnN29dELxcIDQyXRScZ7NGWtK_KKF6EwRaqb7SMhfSziahpaeBRQUF9_4cNK_3lBvYasCQf6MhjHnMEivOt1AOIQYECVlORWoVDsOytDQyq5ulkklDdsJLsZ-BoRv4TFBBdto/s1600/64.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBOUValtViaTIg9FmTsjR9-bADBNQ4KhVea4EKcpZTU5vtrUlgFUXdT4j8z-47Jq2-a75X3m5keRCCq4yvuR3oEFRKvMU-4GtkwhpuXeituVTAg8bWzDsU93rvx1FrI1ApzxprJSLtzNo/s1600/65.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhBOUValtViaTIg9FmTsjR9-bADBNQ4KhVea4EKcpZTU5vtrUlgFUXdT4j8z-47Jq2-a75X3m5keRCCq4yvuR3oEFRKvMU-4GtkwhpuXeituVTAg8bWzDsU93rvx1FrI1ApzxprJSLtzNo/s1600/65.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhIa1pruI8feoaXIKuP23-ogRiIrgMBAPhWmT9VK1d3LBlA7Iv-90ix4LBvi5Ukek08tmAN8fbUI1rJtv0d4Pvs8DUpmFbOVUQk_HZGMw_AsTCHLk_e9nGI09bhClr-u-uuwnNEIAByPkY/s1600/66.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhIa1pruI8feoaXIKuP23-ogRiIrgMBAPhWmT9VK1d3LBlA7Iv-90ix4LBvi5Ukek08tmAN8fbUI1rJtv0d4Pvs8DUpmFbOVUQk_HZGMw_AsTCHLk_e9nGI09bhClr-u-uuwnNEIAByPkY/s1600/66.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrWv43-TqlABCvu1UqHny1_8H2AGIoliFfSsHeiiHXVdyRUPtA1QEgA53tRni3NNvEeUDTNu1eH-aGwJGibletl8Nc1WI2dl1DrPPLALdhkFLzG97t_5k5WwHjNCjn_Qu6Ft-cOuCL_vw/s1600/67.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjrWv43-TqlABCvu1UqHny1_8H2AGIoliFfSsHeiiHXVdyRUPtA1QEgA53tRni3NNvEeUDTNu1eH-aGwJGibletl8Nc1WI2dl1DrPPLALdhkFLzG97t_5k5WwHjNCjn_Qu6Ft-cOuCL_vw/s1600/67.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj4R7J3xDzTfMGAQD60D_jbyw81IXCYm7Z8iu8YEORddbszCmS7ks1os4SKgTGjSaGRBCHbnGCq3n1mrrXxtGj90M2c8GUMxgaKyn02SGTVq9ccqpphBOKr0jIlH-VCL45O5P54S-qAzTs/s1600/68.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj4R7J3xDzTfMGAQD60D_jbyw81IXCYm7Z8iu8YEORddbszCmS7ks1os4SKgTGjSaGRBCHbnGCq3n1mrrXxtGj90M2c8GUMxgaKyn02SGTVq9ccqpphBOKr0jIlH-VCL45O5P54S-qAzTs/s1600/68.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhw5omZYrBVHb-c1oNHce7EYoHqxoe_lwQSGjLGiMChBs2QaVac2pBfk24ELaOssBz5gfTecuEIFsCjG3MgrbApp2uPWtuCQCDRvNODbusoRzqKy-GUz8T-raBnVQaGT-4idAuM4cLMZTI/s1600/69.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhw5omZYrBVHb-c1oNHce7EYoHqxoe_lwQSGjLGiMChBs2QaVac2pBfk24ELaOssBz5gfTecuEIFsCjG3MgrbApp2uPWtuCQCDRvNODbusoRzqKy-GUz8T-raBnVQaGT-4idAuM4cLMZTI/s1600/69.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghZAx6beXm6Ex8eeaqyJV94gKfrz_a0TwNTdRMQLJA5sh8hBPuyjWXMpiioh-eoG7ofTq0-zaXIDlSexzr5ddrUGfWA23Us7KiMCG3zCKm8ZEtUXmmIj7BqMpSfe8SAHMeOklwDGph9lQ/s1600/70.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEghZAx6beXm6Ex8eeaqyJV94gKfrz_a0TwNTdRMQLJA5sh8hBPuyjWXMpiioh-eoG7ofTq0-zaXIDlSexzr5ddrUGfWA23Us7KiMCG3zCKm8ZEtUXmmIj7BqMpSfe8SAHMeOklwDGph9lQ/s1600/70.jpg" /></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhojC2k560i0GGemwVFMFhpwgWdbguHseGVff87kNFOHeWX74DhjsVvqr0GU5-j9D3nQf6s_lLXEH-hA7E9aBs9oDyUKWzWysp9wj4YCbh4qZD2uIG2DvbPjIvY0a_E6Cq9pRV0HAFj3ng/s1600/71.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhojC2k560i0GGemwVFMFhpwgWdbguHseGVff87kNFOHeWX74DhjsVvqr0GU5-j9D3nQf6s_lLXEH-hA7E9aBs9oDyUKWzWysp9wj4YCbh4qZD2uIG2DvbPjIvY0a_E6Cq9pRV0HAFj3ng/s1600/71.jpg" /></a></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
--------------------</div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
</div>
bady27_8http://www.blogger.com/profile/15064478383057388662noreply@blogger.com0